السلام عليكم ..
أغاني .. موسيقى .. طرب .. وكل ما لا تستطيع سماعه من محرمات الان متوفر بأغلفة إسلامية وعناوين شرعية .. حسب الامزجة والاذواق المختلفة .. ومعايير العرض والطلب ..
شهر ربيع الأول والثاني .. ورجب وشعبان .. موسم حفلات أعراس وأفراح وأعياد ومواليد ..
يتسابق فيها " رواديد " البحرين وغيرهم .. لإخراج " كاسيت أناشيد " ..
وما أن أفتى بعض المراجع بحلية " الموسيقى الكلاسيكية " حتى تسابق أولئك إلى تضمين إصداراتهم بكل أنواع الموسيقى ..
تلك التي كان الشباب الموسوم بالألتزام والتقوى .. يصم آذانه خشية أن تسمع الباطل واللهو المحرم .
حتى أصبحوا ( الرواديد ) خبراء في تحديد ماهية تلك الموسيقى " كلاسيكية أو رومانسية " " كلاسيكة أو جاز " ، " كلاسيكية أو رووك " .. كما برعوا في تمييز الألحان .. وفرقوا بين اللحن الحرام المتناسب مع ألحان أهل الفجور والعصيان .. واللحن المباح المناسب لأهل الورع والإيمان ..
ولا أدري إن كان خبراؤنا متخصصين في هذا المجال أم مجرد هواة !! .. ما أعرفه هو أن اللحية وأثر السجود والانتساب إلى المرجعية الدينية وحدها تكفي لاضفاء الشرعية على كل عمل يقومون به ..
هذه حقيقة وإن تنكر لها الجميع وبرروها بشتى الاعذار .. أو اوجدوا لها من المخارج الشرعية ما لا تحتمله جمال أبي سفيان .
كنا نسمع سابقا ً عن حرمة استخدام آلات اللهو والغناء في غير الأعراس .. من قبل مراجعنا العظام .
وكان إحضار الطبل والطارات لحفل زفاف في منطقتنا ( مثلا ) يعد هتكا ً لحرمة الدين والدينيين .. وإيذاءا لمشاعر المؤمنين .
وعلى أثر ذلك تقوم صراعات وتجاذبات وشد وعنف بمختلف الوسائل .. وخناقات بالألسن والأيدي .. تهدّ أعراس .. وتفكرش زيجات .. لوجود " آلة موسيقية محرمة أثناء الحفل " .
كنت بنفسي قد شهدت في الثمانينات .. امتعاض أهل حيّنا من وجود " طبل " و " طارة " .. في إحدى حفلات الزواج .. و وُصِفَ أصحاب الزواج من قبل الملتزمين - حينها - بمختلف نعوت الفسق والعصيان . وسارع البعض لشكواهم عند أهل العلم في المنطقة .
كما شهدت مفارقة أخرى .. وهي : أن رجال الدين في بداية التسعين أقاموا الدنيا وأقعدوها .. لأن رادودا من " رأس رمان " ضمّن شريط عزاءه .. بموسيقى ( كلاسيكية جدا جدا بمقاييس اليوم ) .. وطالب " المعممون " اصحاب التسجيلات بسحب شريطه من السوق .. وإلا ( ..... ) .. بعدما خطب الشيخ عيسى أحمد قاسم .. خطبته العصماء .. في هذا الصدد .. وعلى إثر ذلك .. تم استدعاء الرادود " الغلبان " .. والتحدث معه وكأنه هدّ ركنا من أركان الدين .. حتى اضطر مرغما ً أو راغبا ً في سحب شريطه .. والتوبة لله الواحد الصمد .
ربما.. مقاييس اليوم اختلفت ؟؟!!.. ربما .. دين محمد " ص " يتغير حلاله وحرامه ؟؟!! .. ربما .. فهم الدين يتغير ويتطور حسب الزمان والمكان ؟؟!! .. ربما اصبح للموسيقى طعم أجمل وأحلى من السابق ؟؟!! ..
لا أدري ! .. لا أستطيع أن أمتلك أجابة واضحة !! .. كيف ورجال الدين يسمعون ما نسمع ؟ .. وحين سؤالهم .. يلقون علينا نصوصا ً ويتركون لنا حرية التفسير والتقدير .. حسب الأمزجة والاذواق .. ثم يحملونا الآثام والأوزار .. دون توضيح أو بيان .
يقولون لنا : إن كان يعد من آلات اللهو فهو حرام .. وإن تناسب اللحن مع لحن أهل الفجور والعصيان فهو حرام ..
وهكذا يأتي السياق .. بأداة شرط .. تنتهي بفتح باب التشخيص على مصراعيه للمكلف .. الذي يدور رأسه ويدور .. حتى يصاب بهلوسة .. دون أن يكون هناك تشخيص دقيق للمادة أو الآلة المسموعة ..
كيف يكون ؟؟ والحال أن التشخيص في معظمه لا يتأتى إلا من قبل " أهل الفسوق والعصيان " أهل " الطرب والغناء المتخصصين " , ممن لا نعترف بشهاداتهم .. ولا يجوز أن نحكّمهم في ما نطلق عليه زورا وبهتانا " أناشيدنا الإسلامية " ..
من منكم سمع أن رادودا إسلاميا ً .. ذهب ليشخص لحنه عند خبير أو متخصص ؟؟ .. من منكم قرأ أو شهد سحب شريطا من السوق دون ضغط أو فرض من مجتمع العلماء ؟؟
وحين ينزل شريط الرادود ( اناشيد أو عزاء ) .. ويستمع إليه مجتمعنا .. يبدأ الناس بلعبة المقارنة .. بين لحن النشيدة .. ولحن الأغنية .. مستثيرا بتقريره أو بشكه .. كل أنواع السخرية والضحك على هذه النشيدة أو تلك ..
فهذه النشيدة .. هي أصلا على طريقة اغنية " فطومة " .. وتلك النشيدة لحنها لمغني كويتي .. واخرى موسيقاها لأغنية لبنانية ..
ويبدأ بعدها صراع الايديولوجيا الحزبية .. بين أنصار هذا الرادود وذاك الآخر .. ويدخل الصراع المرجعي من أضيق أبوابه .. لنصرة أحدهما على الآخر .. وتستخدم كل أنواع الاسلحة في هذه الحرب المهووسة .
كما تشهد المنتديات الالكترونية حملات الترويج والدعاية والإعلان .. المؤيدة والمضادة ..
ويتسابق المراهقون فكريا في حملات التصويت على ( أفضل " رادود " .. وأفضل " شريط " .. وأفضل " لحن " وأفضل " موسيقى " .. وأفضل " بوستر " )
لنشهد أكبرها " مبيعات " .. وأكثرها " انتشارا " ..
هكذا يختلط ما نسميه بـ ( الدين ) بالعادات والتقاليد .. وتضيع تقاليدنا وموروثاتنا القديمة ( ديننا القديم ) بتقاليدنا وموروثاتنا " الجديدة " .. هو دين .. أو تدين ؟؟ .. هو دين أم موروثات ؟؟ .. هو دين أم مزاج وذوق ؟؟ ..
لا أدري ..
فعندهم .. يعد كل ذلك خدمة لأهل البيت عليهم السلام .. ونصرة لهم .. واي طريق يؤدي إليهم حلال ومشروع ..
منقول
تعليق