أخوتي الاعزاء
السلام عليكم و رحمة الله
في هذه الحلقة أعرض عليكم لمحات و محطات من تاريخ الكرد و كردستان منذ فجر التاريخ و حتى عصر الفتوحات الاسلامية، و في الحلقة القادمة نكمل استعراض التاريخ المعاصر للكرد و كردستان حتى عصرنا الراهن.
تقبلوا مني فائق المحبة و التقدير و دمتم في رعاية الله تعالى.
__________________________________________________ ___________
يعتبر تاريخ كردستان تاريخا متنوعا من حيث المساهمين فيه ومتكررا من حيث احداثه. ان الطبيعة الجغرافية لها الاثر الكبير في تاريخ كردستان فمن الناحية العسكرية كانت الوقائع والحروب محكومة بجغرافية البلد فمثلا كانت الحروب تتميز بانها حروب التجاء الى القلاع والجبال وكانت المعارك المفتوحة قليلة مما ادى الى ضعف التنظيم العسكرى الخاص بالجيوش النظامية وهو احد معالم الدولة. كما ان وعورة المنطقة القت بظلها على الفعاليات التجارية فعلى الرغم من حقيقة ان كردستان هي احد المعابر القليلة الواصلة بين الهند والصين وايران واسيا الوسطى من جهة الشرق والعراق والشام وافريقيا من جهة الغرب فان كردستان لم تتحول الى طريق تجاري ذي شأن بل كانت بالاحرى معبرا للجيوش وهجرات الشعوب مما اضفى عليها حالة عدم الاستقرار، تلك الحالة التي كانت موجودة اصلا بسبب تجزئة البلد الى عدد من الامارات والتي بدورها كانت احدى نتائج الطبيعة الجغرافية.
نستطيع أن نلخص ادوار كردستان التاريخية وما قبل التاريخية بما يلي:
1- العصور الحجرية
2- العصور التاريخية ونقسمها الى دورين:
اولا- دور الشعوب القفقاسية : وهذه تسمية توضيحية ليس الا ونقصد بها ان شعوب كردستان في ذلك الدور كانت تتكلم لغات لاتنتمي الى اي من المجموعات اللغوية المعروفة.
وقد اصطلح على تسمية تلك المجموعة المجهولة باسم اللغات القفقاسية او الاسيانية Asiatic . وتعود التسمية الاولى الى حقيقة ان بعض شعوب القفقاس تتكلم بلغات تعود بدورها الى مجموعة مجهولة كما ان من المحتمل ان تكون هجرات شعوب كردستان الاولى قد جاءت من القفقاس.
ان الحيز التاريخى الذي شغلته تلك الاقوام يمتد من حوالي 2500 قبل الميلاد او احدث من ذلك بقرنين او ثلاث ولغاية منتصف الالف الاول قبل الميلاد او مايقرب من 500 او 400 قبل الميلاد مع تفاوت بين كل شعب واخر حيث اندثرت بعضها قبل الاخرى .
وتنتمي الى تلك المجموعة العرقية شعوب اللوللو Lullu او اللوللوبيين Lullubi التي كانت تسكن المنطقة المحصورة بين نهري الزاب الاسفل و سيروان (ديالى) او ما يطابق الى حد كبير محافظة السليمانية الحالية.
ثانيا - دور الشعوب الهندو اوربية: وتبدأ مع هجرات الاقوام الهندواروربية التي شهدتها اسيا واوربا والتي يحتمل انها جاءت من اسيا الوسطى.
الميديون:
الميديون شعب كان يتكلم بلغة هندو- أوربية وقد هاجرت الشعوب الهندو- أوربية من بداية الالف الثاني قبل الميلاد إلى المناطق الممتدة من كردستان الى الهند وان كان نزوحهم للهند مؤرخاً بنحو 1600 قبل الميلاد. الا ان اول ذكر للميديين يرد في السجلات الآشورية كان ايام الملك الاشوري شلنمنصر الثالث (تحديدا 835 قبل الميلاد) حيث كان هذا اول احتكاك بين الميديين و الآشوريين الذين كانوا يوسعون إمبراطوريتهم في جميع الجهات.
لقد كان الملوك الآشوريين يصفون الميديين بالأقوياء وقد نجحوا في اقصاء البعض منهم وعقدوا المحالفات مع بعض الاخر فيما بقت اقسام منهم غير خاضعة للآشوريين.
استمرت الحملات الآشورية على بلاد الميديين الا اننا نرى تراخى قبضتهم عليها بالتدريج حيث نرى الملك الاشوري اسرحدون (681-669 قبل الميلاد) يعقد اتفاقا مع احد حكامهم المدعو راماتايا يتعهد بموجبه بمساعدة ابن الملك الاشوري عندما يعتلى العرش ضد أى تهديد.
هذا وقد تحول الميديون الى الهجوم ايام ملكهم فرائورت حيث اغار على البلاد الخاضعة لاشور عام 634 قبل الميلاد من غير ان يتمكن من تحقيق أمله، أما سلفه هوفارخشاثرا الذي يدعوه لأغريق بكياكسارس فقد تمكن بالتعاون مع البابليين من تحطيم اشور نهائيا.
هذا وقام الملك الميدى ببناء جيش قوي غزا به البلاد التي كانت تحكمها اشور حتى اذا كانت سنة 612 قبل الميلاد قام بالاستيلاء على مدينة اشور ، العاصمة لقديمة و المركز الديني.
توجه الجيش الاشوري بعد ذلك نحو حران ووصلت معونة من المصريين لكن بعد فوات الاوان حيث احتلت حران و زالت الدولة الاشورية نهائيات من الوجود.
زالت الدولة الميدية حوالى 550 قبل الميلاد على يد الفرس وهم الشعب الذي كان يسكن في أقصى جنوب إيران الحالية وذلك زمن الملك الميدى الذي يسميه الاغريق (استياغس) ويسميه الملك البابلي وبـ (اشتوميكو) وكان سقوطه على يد كورش و انشأت على يدي الاخير الإمبراطورية ألاخمينية والتي استولت ايامه على بلاد بابل واحتلت ايام اسلافه مصر و دخلت في نزاع مع الدويلات ألاغريقية غرب اسيا الصغرى وكانت بداية الصراع اليونانى -الفارسي.
الغزو المقدوني:
بعد انتصار الاسكندر المقدوني وجيشه المؤلف من المقدونيين و الاغريق على الملك الاخميني وقعت كردستان تحت السيطرة المقدونية الاغريقة و بعد وفاة الاسكندر سنة 323 قبل الميلاد كانت كردستان و العراق وسوريا وايران من حصة احد قادته المدعو سلوقس.
وعندما ظهر الفرثيون بعد ذلك في منطقة خراسان و دخلوا في صراع مع السلوقيين كان من الطبيعى ان تنتقل كردستان الى السيطرة الفريثية كما شهدت كردستان قبل ذلك غزو المملكة الأرمنية.
ثم انتقل الصراع القديم الاخمينى - اليونانى الى صراع فرثي - روماني كانت كردستان اثناءه مسرحاً لصراع القوتين العالميتين و كابدت من ويلاته كثيراً وبعد اكثر من اربعة قرون من الحكم الفرثي سقط أولئك امام السلالة الساسانية (224 ميلادية) التي استمرت حتى الفتوحات الاسلامية، وكالسابق كانت كردستان مسرحاً للحروب بين، الساسانيين و الرومان ثم بين الساسانين و بيزنطة مما يطول سرده.
و في سنة 627 ميلادية تعرضت كردستان خصوصا شهرزور إلى دمار كبير على يد الإمبراطور البيزنطي هرقل وبقيت شهرزور في ايدى الروم لغاية سنة 18 هجرية (639 ميلادية) فجاءت الفتوحات الاسلامية التى صارت بعد ذلك سبباً في انهاء تقسيم كردستان بين دولتين هذا التقسيم الذي حولها الى مسرح للحروب جلب عليها الدمار و الويلات.
__________________________________________________ ___________
في الحلقة القادمة نبدأ من بداية الفتوحات الاسلامية و حتى عصرنا الحاضر.
لمطالعة الحلقات السابقة:
الحلقة الاولى:
http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=29636
الحلقة الثانية:
http://www.yahosein.com/vb/showthrea...526#post238526
السلام عليكم و رحمة الله
في هذه الحلقة أعرض عليكم لمحات و محطات من تاريخ الكرد و كردستان منذ فجر التاريخ و حتى عصر الفتوحات الاسلامية، و في الحلقة القادمة نكمل استعراض التاريخ المعاصر للكرد و كردستان حتى عصرنا الراهن.
تقبلوا مني فائق المحبة و التقدير و دمتم في رعاية الله تعالى.
__________________________________________________ ___________
القضية الكردية (3) : لمحات من التاريخ القديم للكرد و كردستان
يعتبر تاريخ كردستان تاريخا متنوعا من حيث المساهمين فيه ومتكررا من حيث احداثه. ان الطبيعة الجغرافية لها الاثر الكبير في تاريخ كردستان فمن الناحية العسكرية كانت الوقائع والحروب محكومة بجغرافية البلد فمثلا كانت الحروب تتميز بانها حروب التجاء الى القلاع والجبال وكانت المعارك المفتوحة قليلة مما ادى الى ضعف التنظيم العسكرى الخاص بالجيوش النظامية وهو احد معالم الدولة. كما ان وعورة المنطقة القت بظلها على الفعاليات التجارية فعلى الرغم من حقيقة ان كردستان هي احد المعابر القليلة الواصلة بين الهند والصين وايران واسيا الوسطى من جهة الشرق والعراق والشام وافريقيا من جهة الغرب فان كردستان لم تتحول الى طريق تجاري ذي شأن بل كانت بالاحرى معبرا للجيوش وهجرات الشعوب مما اضفى عليها حالة عدم الاستقرار، تلك الحالة التي كانت موجودة اصلا بسبب تجزئة البلد الى عدد من الامارات والتي بدورها كانت احدى نتائج الطبيعة الجغرافية.
نستطيع أن نلخص ادوار كردستان التاريخية وما قبل التاريخية بما يلي:
1- العصور الحجرية
2- العصور التاريخية ونقسمها الى دورين:
اولا- دور الشعوب القفقاسية : وهذه تسمية توضيحية ليس الا ونقصد بها ان شعوب كردستان في ذلك الدور كانت تتكلم لغات لاتنتمي الى اي من المجموعات اللغوية المعروفة.
وقد اصطلح على تسمية تلك المجموعة المجهولة باسم اللغات القفقاسية او الاسيانية Asiatic . وتعود التسمية الاولى الى حقيقة ان بعض شعوب القفقاس تتكلم بلغات تعود بدورها الى مجموعة مجهولة كما ان من المحتمل ان تكون هجرات شعوب كردستان الاولى قد جاءت من القفقاس.
ان الحيز التاريخى الذي شغلته تلك الاقوام يمتد من حوالي 2500 قبل الميلاد او احدث من ذلك بقرنين او ثلاث ولغاية منتصف الالف الاول قبل الميلاد او مايقرب من 500 او 400 قبل الميلاد مع تفاوت بين كل شعب واخر حيث اندثرت بعضها قبل الاخرى .
وتنتمي الى تلك المجموعة العرقية شعوب اللوللو Lullu او اللوللوبيين Lullubi التي كانت تسكن المنطقة المحصورة بين نهري الزاب الاسفل و سيروان (ديالى) او ما يطابق الى حد كبير محافظة السليمانية الحالية.
ثانيا - دور الشعوب الهندو اوربية: وتبدأ مع هجرات الاقوام الهندواروربية التي شهدتها اسيا واوربا والتي يحتمل انها جاءت من اسيا الوسطى.
الميديون:
الميديون شعب كان يتكلم بلغة هندو- أوربية وقد هاجرت الشعوب الهندو- أوربية من بداية الالف الثاني قبل الميلاد إلى المناطق الممتدة من كردستان الى الهند وان كان نزوحهم للهند مؤرخاً بنحو 1600 قبل الميلاد. الا ان اول ذكر للميديين يرد في السجلات الآشورية كان ايام الملك الاشوري شلنمنصر الثالث (تحديدا 835 قبل الميلاد) حيث كان هذا اول احتكاك بين الميديين و الآشوريين الذين كانوا يوسعون إمبراطوريتهم في جميع الجهات.
لقد كان الملوك الآشوريين يصفون الميديين بالأقوياء وقد نجحوا في اقصاء البعض منهم وعقدوا المحالفات مع بعض الاخر فيما بقت اقسام منهم غير خاضعة للآشوريين.
استمرت الحملات الآشورية على بلاد الميديين الا اننا نرى تراخى قبضتهم عليها بالتدريج حيث نرى الملك الاشوري اسرحدون (681-669 قبل الميلاد) يعقد اتفاقا مع احد حكامهم المدعو راماتايا يتعهد بموجبه بمساعدة ابن الملك الاشوري عندما يعتلى العرش ضد أى تهديد.
هذا وقد تحول الميديون الى الهجوم ايام ملكهم فرائورت حيث اغار على البلاد الخاضعة لاشور عام 634 قبل الميلاد من غير ان يتمكن من تحقيق أمله، أما سلفه هوفارخشاثرا الذي يدعوه لأغريق بكياكسارس فقد تمكن بالتعاون مع البابليين من تحطيم اشور نهائيا.
هذا وقام الملك الميدى ببناء جيش قوي غزا به البلاد التي كانت تحكمها اشور حتى اذا كانت سنة 612 قبل الميلاد قام بالاستيلاء على مدينة اشور ، العاصمة لقديمة و المركز الديني.
توجه الجيش الاشوري بعد ذلك نحو حران ووصلت معونة من المصريين لكن بعد فوات الاوان حيث احتلت حران و زالت الدولة الاشورية نهائيات من الوجود.
زالت الدولة الميدية حوالى 550 قبل الميلاد على يد الفرس وهم الشعب الذي كان يسكن في أقصى جنوب إيران الحالية وذلك زمن الملك الميدى الذي يسميه الاغريق (استياغس) ويسميه الملك البابلي وبـ (اشتوميكو) وكان سقوطه على يد كورش و انشأت على يدي الاخير الإمبراطورية ألاخمينية والتي استولت ايامه على بلاد بابل واحتلت ايام اسلافه مصر و دخلت في نزاع مع الدويلات ألاغريقية غرب اسيا الصغرى وكانت بداية الصراع اليونانى -الفارسي.
الغزو المقدوني:
بعد انتصار الاسكندر المقدوني وجيشه المؤلف من المقدونيين و الاغريق على الملك الاخميني وقعت كردستان تحت السيطرة المقدونية الاغريقة و بعد وفاة الاسكندر سنة 323 قبل الميلاد كانت كردستان و العراق وسوريا وايران من حصة احد قادته المدعو سلوقس.
وعندما ظهر الفرثيون بعد ذلك في منطقة خراسان و دخلوا في صراع مع السلوقيين كان من الطبيعى ان تنتقل كردستان الى السيطرة الفريثية كما شهدت كردستان قبل ذلك غزو المملكة الأرمنية.
ثم انتقل الصراع القديم الاخمينى - اليونانى الى صراع فرثي - روماني كانت كردستان اثناءه مسرحاً لصراع القوتين العالميتين و كابدت من ويلاته كثيراً وبعد اكثر من اربعة قرون من الحكم الفرثي سقط أولئك امام السلالة الساسانية (224 ميلادية) التي استمرت حتى الفتوحات الاسلامية، وكالسابق كانت كردستان مسرحاً للحروب بين، الساسانيين و الرومان ثم بين الساسانين و بيزنطة مما يطول سرده.
و في سنة 627 ميلادية تعرضت كردستان خصوصا شهرزور إلى دمار كبير على يد الإمبراطور البيزنطي هرقل وبقيت شهرزور في ايدى الروم لغاية سنة 18 هجرية (639 ميلادية) فجاءت الفتوحات الاسلامية التى صارت بعد ذلك سبباً في انهاء تقسيم كردستان بين دولتين هذا التقسيم الذي حولها الى مسرح للحروب جلب عليها الدمار و الويلات.
__________________________________________________ ___________
في الحلقة القادمة نبدأ من بداية الفتوحات الاسلامية و حتى عصرنا الحاضر.
لمطالعة الحلقات السابقة:
الحلقة الاولى:
http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=29636
الحلقة الثانية:
http://www.yahosein.com/vb/showthrea...526#post238526
تعليق