عمار بن ياسر
عمار بن ياسر
تفسير الإمام العسكري (عليهِ السَّلام) 599 – 600، ضمن ح356: قال عمار بن ياسر:إني قصدت النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) يوماً وأنا فيه شاكٌّ.
فقلت: يا مُحَمَّد لا سبيل إلى التصديق بك مع استيلاء الشك فيك على قلبي، فهل من دلالة؟
قال: بلى.
قلت: ما هي؟
قال: إذا رجعت إلى منزلك فاسأل عني ما لقيتَ من الأحجار والأشجار تصدِّقني برسالتي، وتشهد عندك بنبوَّتي.
فرجعتُ فما من حجر لقيته ولا شجر رأيته إلا ناديته: يا أيها الحجر، يا أيها الشجر، إنَّ مُحَمَّداً يدَّعي شهادتك بنبوَّته وتصديقك له برسالته، فبماذا تشهد له؟ فنطق الحجر والشجر: أشهد أنَّ مُحَمَّداً (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) رسول ربِّنا.
بحار الأنوار 32/266 ح202: عن موسى بن عبد الله الأسدي لما انهزم أهل البصرة أمر عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليهِ السَّلام) أنْ تنزل عائشة قصر ابن أبي خلف، فلمَّا نزلت جاءها عمار بن ياسر رضي الله عنه فقال:
يا أمَّه كيف رأيتِ ضرب بنيكِ دون دينهم بالسيف؟ فقالت: استبصرت يا عمار من أنك غلبت؟ فقال: أنا أشدُّ استبصاراً من ذلك أما والله لو ضربتمونا حتَّى تبلغونا سعفات هجر لعلمنا أنَّا على الحق وأنكم على الباطل.
فقالت له عائشة: هكذا يخيل إليك، اتَّقِ الله يا عمار، فإنَّ سنَّك قد كبرت ودقَّ عظمك وفني أجلك وأذهبتَ دينك لابن أبي طالب!!
فقال عمار رحمه الله: إني والله اخترتُ لنفسي في أصحاب رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) فرأيتُ علياً أقرأهم لكتاب الله عزَّ وجلَّ، وأعلمهم بتأويله، وأشدهم تعظيماً لحرمته، وأعرفهم بالسُّنَّة، مع قرابته من رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وعظم عنائه وبلائه في الإسلام. فسكتت.
كفاية الأثر 120 – 122:عن عمار رضوان الله تعالى عليه
كنتُ مع رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) في بعض غزواته، وقَتَلَ عليٌّ (عليهِ السَّلام) أصحاب الألوية وفرَّق جمعهم، وقتَلَ عمرو بن عبد الله الجمحي، وقتل شيبة بن نافع، أتيت رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) فقلت له: يا رسول الله إنَّ علياً قد جاهد في الله حق جهاده. فقال: لأنه مني وأنا منه، وارث علمي، وقاضي ديني، ومنجز وعدي، والخليفة بعدي، ولولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي، حربه حربي، وحربي حرب الله، وسلمه سلمي، وسلمي سلم الله، ألا إنَّه أبو سبطيَّ والأئمة بعدي من صلبه، يخرج الله تعالى الأئمة الراشدين، ومنهم مهدي هذه الأمة. فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا المهدي؟ قال: يا عمار إنَّ الله تبارك وتعالى عهد إليَّ أنَّه يخرج من صلب الحسين أئمة تسعة والتاسع من ولده يغيب عنهم وذلك قوله عزَّ وجلَّ: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاْؤُكُمْ غَوْرَاً فَمَنْ يَأْتِيْكُمْ بِمَاْءٍ مَعِيْنٍ) يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم ويثبت عليها آخرون، فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً، ويقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل، وهو سميي وأشبه الناس بي.
يا عمار ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فاتَّبع علياً وحزبه، فإنَّه مع الحق والحق معه.
يا عمار إنك ستقاتل بعدي مع علي صنفين: الناكثين والقاسطين، ثُمَّ تقتلك الفئة الباغية.
قلت: يا رسول الله أليس ذلك على رضا الله ورضاك؟
قال: نعم على رضا الله ورضاي، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه.
فضائل ابن شاذان 94:عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال:
كنتُ عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهِ السَّلام) في بعض غزواته، فمررنا بواد مملوء نملاً.
فقلت: يا أمير المؤمنين ترى يكون أحد من خلق الله تعالى يعلم كم عدد هذا النمل؟
قال: نعم يا عمار. أنا أعرف رجلاً يعلم عدده وكم فيه ذكر وكم فيه أنثى.
فقلت: من ذلك الرجل يا مولاي؟
فقال: يا عمار أما قرأت في سورة يس: (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاْهُ فِيْ إِمَاْمٍ مُبِيْنٍ) ؟
فقلت: بلى يا مولاي.
فقال: أنا ذلك الإمام المبين.
بحار الأنوار 42/56: عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال:
كنتُ عند أمير المؤمنين جالساً بمسجد الكوفة ولم يكن سواي أحد فيه، وإذا هو يقول: صدِّقيه صدِّقيه. فالتفتُّ يميناً وشمالاً فلم أرَ أحداً فبقيت متعجِّباً.
فقال لي: يا عمار كأني بك تقول: لمن يكلِّم علي؟
فقلت: هو كذلك يا أمير المؤمنين.
فقال: ارفع رأسك. فرفعت رأسي وإذا بحمامتين يتجاوبان.
فقال لي: يا عمار أتدري ما تقول إحداهما للأخرى؟
فقلت: لا وعيشك يا أمير المؤمنين.
قال: تقول الأنثى للذكر: أنت استبدلت بي غيري وهجرتني وأخذت سواي، وهو يحلف لها ويقول: ما فعلت ذلك، وهي تقول: ما أصدِّقك، فقال لها: وحق هذا القاعد في هذا الجامع ما استبدلت بك سواك ولا أخذت غيرك، فهمَّت أنْ تكذِّبه، فقلت لها: صدِّقيه صدِّقيه.
قال عمار: يا أمير المؤمنين ما علمتُ أحداً يعلم منطق الطير إلا سليمان بن داود (عليهِ السَّلام).
فقال له: يا عمار والله إنَّ سليمان بن داود (عليهِ السَّلام) سأل الله تعالى بنا أهل البيت حتَّى عُلِّمَ منطق الطير.
عيون المعجزات 54: روي عن حارثة بن قدامة قال: حدَّثني سلمان قال: حدَّثني عمار وقال: أخبرك عجباً؟
قلت: حدَّثني يا عمار.
قال: نعم، شهدت علي بن أبي طالب (عليهِ السَّلام) وقد ولج على فاطمة (عليها السَّلام) فلمَّا بصرَتْ به نادت: ادنُ لأحدِّثك بما كان وبما هو كائن وبما لم يكن إلى يوم القيامة حين تقوم الساعة. قال عمار: فرأيت أمير المؤمنين يرجع القهقرى فرجعت برجوعه إذ دخل على النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) فقال له: ادنُ يا أبا الحسن. فدنا فلما اطمأنَّ به المجلس قال له: تحدِّثني أم أحدِّثك؟ فقال: الحديث منك أحسن يا رسول الله. فقال: كأني بك وقد دخلت على فاطمة وقالت لك: كيت وكيت فرجعت فقال علي (عليهِ السَّلام): نور فاطمة من نورنا؟ فقال (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): أولا تعلم؟ فسجد عليٌّ شكراً لله تعالى.
قال عمار: فخرج أمير المؤمنين (عليهِ السَّلام) وخرجتُ بخروجه فولج على فاطمة (عليها السَّلام) وولجتُ معه، فقالت: كأنَّك رجعت إلى أبي صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ فأخبرته بما قلتُ لك؟ قال: كان كذلك يا فاطمة. فقالت: اعلم يا أبا الحسن أنَّ الله تعالى خلق نوري وكان يسبِّح الله جلَّ جلاله، ثُمَّ أودعه شجرة من شجر الجنة فأضاءت، فلما دخل أبي الجنة أوحى الله تعالى إليه إلهاماً أنِ اقتطف الثمرة من تلك الشجرة وأدرها في لهواتك، ففعل، فأودعني الله صلب أبي صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ ثُمَّ أودعني خديجة بنت خويلد فوضعتني وأنا من ذلك النور، أعلم ما كان وما يكون وما لم يكن، يا أبا الحسن المؤمن ينظر بنور الله تعالى.
أمالي الشيخ الطوسي 1/155 – 156 ج6 ح10: عن مُحَمَّد بن عمار بن ياسر، عن أبيه عمار، قال: لَمَّا مرضت فاطمة (عليهِا السَّلام) مرضتها التي توفيت فيها وثقلت، جاءها العباس بن عبد المطلب عائداً، فقيل له: إنها ثقيلة وليس يدخل عليها أحد. فانصرف إلى داره، فأرسل إلى علي (عليهِ السَّلام) فقال لرسوله: قل له: يا ابن أخ، عمك يقرئك السلام ويقول لك: قد فجأني من الغمِّ بشكاة حبيبة رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وقرَّة عينه وعيني فاطمة ما هدَّني، وإني لأظنها أولنا لحوقاً برسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) والله يختار لها ويحبوها ويزلفها لديه، فإنْ كان من أمرها ما لا بدَّ منه، فاجمع – أنا لك الفداء – المهاجرين والأنصار حتَّى يصيبوا الأجر في حضورها والصلاة عليها، وفي ذلك جمال للدين.
فقال عليٌّ (عليهِ السَّلام) لرسوله وأنا حاضر عنده: أبلغ عمي السلام وقل: لا عدمت إشفاقك وتحننك، وقد عرفت مشورتك، ولرأيك فضله، إنَّ فاطمة بنت رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) لم تزل مظلومة، من حقها ممنوعة، وعن ميراثها مدفوعة، لم تحفظ فيها وصية رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)، ولا رُعي فيها حقه، ولا حق الله عزَّ وجلَّ، وكفى بالله حاكماً، ومن الظالمين منتقماً، وإني أسألك يا عم أنْ تسمح لي بترك ما أشرت به، فإنَّها وصَّتني بستر أمرها.
قال: فلما أتى العباس رسوله بما قاله علي (عليهِ السَّلام) قال: يغفر الله لابن أخي، فإنه لمغفور له، إنَّ رأي ابن أخي لا يطعن فيه، إنَّه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم بركة من عليٍّ إلا النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)، إنَّ علياً لم يزل أسبقهم إلى كل مكرمة، وأعلمهم بكل قضية، وأشجعهم في الكريهة، وأشدهم جهاداً للأعداء في نصرة الحنيفية، وأول من آمن بالله ورسوله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ).
وللرجال بقية رحم الله من ذكر القائم من آل محمد .
عمار بن ياسر
الحجر والشجر يشهدان
تفسير الإمام العسكري (عليهِ السَّلام) 599 – 600، ضمن ح356: قال عمار بن ياسر:إني قصدت النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) يوماً وأنا فيه شاكٌّ.
فقلت: يا مُحَمَّد لا سبيل إلى التصديق بك مع استيلاء الشك فيك على قلبي، فهل من دلالة؟
قال: بلى.
قلت: ما هي؟
قال: إذا رجعت إلى منزلك فاسأل عني ما لقيتَ من الأحجار والأشجار تصدِّقني برسالتي، وتشهد عندك بنبوَّتي.
فرجعتُ فما من حجر لقيته ولا شجر رأيته إلا ناديته: يا أيها الحجر، يا أيها الشجر، إنَّ مُحَمَّداً يدَّعي شهادتك بنبوَّته وتصديقك له برسالته، فبماذا تشهد له؟ فنطق الحجر والشجر: أشهد أنَّ مُحَمَّداً (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) رسول ربِّنا.
اخترتُ لنفسي
بحار الأنوار 32/266 ح202: عن موسى بن عبد الله الأسدي لما انهزم أهل البصرة أمر عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليهِ السَّلام) أنْ تنزل عائشة قصر ابن أبي خلف، فلمَّا نزلت جاءها عمار بن ياسر رضي الله عنه فقال:
يا أمَّه كيف رأيتِ ضرب بنيكِ دون دينهم بالسيف؟ فقالت: استبصرت يا عمار من أنك غلبت؟ فقال: أنا أشدُّ استبصاراً من ذلك أما والله لو ضربتمونا حتَّى تبلغونا سعفات هجر لعلمنا أنَّا على الحق وأنكم على الباطل.
فقالت له عائشة: هكذا يخيل إليك، اتَّقِ الله يا عمار، فإنَّ سنَّك قد كبرت ودقَّ عظمك وفني أجلك وأذهبتَ دينك لابن أبي طالب!!
فقال عمار رحمه الله: إني والله اخترتُ لنفسي في أصحاب رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) فرأيتُ علياً أقرأهم لكتاب الله عزَّ وجلَّ، وأعلمهم بتأويله، وأشدهم تعظيماً لحرمته، وأعرفهم بالسُّنَّة، مع قرابته من رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وعظم عنائه وبلائه في الإسلام. فسكتت.
اتبع علياً
كفاية الأثر 120 – 122:عن عمار رضوان الله تعالى عليه
كنتُ مع رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) في بعض غزواته، وقَتَلَ عليٌّ (عليهِ السَّلام) أصحاب الألوية وفرَّق جمعهم، وقتَلَ عمرو بن عبد الله الجمحي، وقتل شيبة بن نافع، أتيت رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) فقلت له: يا رسول الله إنَّ علياً قد جاهد في الله حق جهاده. فقال: لأنه مني وأنا منه، وارث علمي، وقاضي ديني، ومنجز وعدي، والخليفة بعدي، ولولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي، حربه حربي، وحربي حرب الله، وسلمه سلمي، وسلمي سلم الله، ألا إنَّه أبو سبطيَّ والأئمة بعدي من صلبه، يخرج الله تعالى الأئمة الراشدين، ومنهم مهدي هذه الأمة. فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا المهدي؟ قال: يا عمار إنَّ الله تبارك وتعالى عهد إليَّ أنَّه يخرج من صلب الحسين أئمة تسعة والتاسع من ولده يغيب عنهم وذلك قوله عزَّ وجلَّ: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاْؤُكُمْ غَوْرَاً فَمَنْ يَأْتِيْكُمْ بِمَاْءٍ مَعِيْنٍ) يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم ويثبت عليها آخرون، فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً، ويقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل، وهو سميي وأشبه الناس بي.
يا عمار ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فاتَّبع علياً وحزبه، فإنَّه مع الحق والحق معه.
يا عمار إنك ستقاتل بعدي مع علي صنفين: الناكثين والقاسطين، ثُمَّ تقتلك الفئة الباغية.
قلت: يا رسول الله أليس ذلك على رضا الله ورضاك؟
قال: نعم على رضا الله ورضاي، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه.
الإمام المبين
فضائل ابن شاذان 94:عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال:
كنتُ عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهِ السَّلام) في بعض غزواته، فمررنا بواد مملوء نملاً.
فقلت: يا أمير المؤمنين ترى يكون أحد من خلق الله تعالى يعلم كم عدد هذا النمل؟
قال: نعم يا عمار. أنا أعرف رجلاً يعلم عدده وكم فيه ذكر وكم فيه أنثى.
فقلت: من ذلك الرجل يا مولاي؟
فقال: يا عمار أما قرأت في سورة يس: (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاْهُ فِيْ إِمَاْمٍ مُبِيْنٍ) ؟
فقلت: بلى يا مولاي.
فقال: أنا ذلك الإمام المبين.
منطق الطير
بحار الأنوار 42/56: عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال:
كنتُ عند أمير المؤمنين جالساً بمسجد الكوفة ولم يكن سواي أحد فيه، وإذا هو يقول: صدِّقيه صدِّقيه. فالتفتُّ يميناً وشمالاً فلم أرَ أحداً فبقيت متعجِّباً.
فقال لي: يا عمار كأني بك تقول: لمن يكلِّم علي؟
فقلت: هو كذلك يا أمير المؤمنين.
فقال: ارفع رأسك. فرفعت رأسي وإذا بحمامتين يتجاوبان.
فقال لي: يا عمار أتدري ما تقول إحداهما للأخرى؟
فقلت: لا وعيشك يا أمير المؤمنين.
قال: تقول الأنثى للذكر: أنت استبدلت بي غيري وهجرتني وأخذت سواي، وهو يحلف لها ويقول: ما فعلت ذلك، وهي تقول: ما أصدِّقك، فقال لها: وحق هذا القاعد في هذا الجامع ما استبدلت بك سواك ولا أخذت غيرك، فهمَّت أنْ تكذِّبه، فقلت لها: صدِّقيه صدِّقيه.
قال عمار: يا أمير المؤمنين ما علمتُ أحداً يعلم منطق الطير إلا سليمان بن داود (عليهِ السَّلام).
فقال له: يا عمار والله إنَّ سليمان بن داود (عليهِ السَّلام) سأل الله تعالى بنا أهل البيت حتَّى عُلِّمَ منطق الطير.
إنَّها من ذلك النور
عيون المعجزات 54: روي عن حارثة بن قدامة قال: حدَّثني سلمان قال: حدَّثني عمار وقال: أخبرك عجباً؟
قلت: حدَّثني يا عمار.
قال: نعم، شهدت علي بن أبي طالب (عليهِ السَّلام) وقد ولج على فاطمة (عليها السَّلام) فلمَّا بصرَتْ به نادت: ادنُ لأحدِّثك بما كان وبما هو كائن وبما لم يكن إلى يوم القيامة حين تقوم الساعة. قال عمار: فرأيت أمير المؤمنين يرجع القهقرى فرجعت برجوعه إذ دخل على النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) فقال له: ادنُ يا أبا الحسن. فدنا فلما اطمأنَّ به المجلس قال له: تحدِّثني أم أحدِّثك؟ فقال: الحديث منك أحسن يا رسول الله. فقال: كأني بك وقد دخلت على فاطمة وقالت لك: كيت وكيت فرجعت فقال علي (عليهِ السَّلام): نور فاطمة من نورنا؟ فقال (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): أولا تعلم؟ فسجد عليٌّ شكراً لله تعالى.
قال عمار: فخرج أمير المؤمنين (عليهِ السَّلام) وخرجتُ بخروجه فولج على فاطمة (عليها السَّلام) وولجتُ معه، فقالت: كأنَّك رجعت إلى أبي صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ فأخبرته بما قلتُ لك؟ قال: كان كذلك يا فاطمة. فقالت: اعلم يا أبا الحسن أنَّ الله تعالى خلق نوري وكان يسبِّح الله جلَّ جلاله، ثُمَّ أودعه شجرة من شجر الجنة فأضاءت، فلما دخل أبي الجنة أوحى الله تعالى إليه إلهاماً أنِ اقتطف الثمرة من تلك الشجرة وأدرها في لهواتك، ففعل، فأودعني الله صلب أبي صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ ثُمَّ أودعني خديجة بنت خويلد فوضعتني وأنا من ذلك النور، أعلم ما كان وما يكون وما لم يكن، يا أبا الحسن المؤمن ينظر بنور الله تعالى.
تنفيذ الوصية
أمالي الشيخ الطوسي 1/155 – 156 ج6 ح10: عن مُحَمَّد بن عمار بن ياسر، عن أبيه عمار، قال: لَمَّا مرضت فاطمة (عليهِا السَّلام) مرضتها التي توفيت فيها وثقلت، جاءها العباس بن عبد المطلب عائداً، فقيل له: إنها ثقيلة وليس يدخل عليها أحد. فانصرف إلى داره، فأرسل إلى علي (عليهِ السَّلام) فقال لرسوله: قل له: يا ابن أخ، عمك يقرئك السلام ويقول لك: قد فجأني من الغمِّ بشكاة حبيبة رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وقرَّة عينه وعيني فاطمة ما هدَّني، وإني لأظنها أولنا لحوقاً برسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) والله يختار لها ويحبوها ويزلفها لديه، فإنْ كان من أمرها ما لا بدَّ منه، فاجمع – أنا لك الفداء – المهاجرين والأنصار حتَّى يصيبوا الأجر في حضورها والصلاة عليها، وفي ذلك جمال للدين.
فقال عليٌّ (عليهِ السَّلام) لرسوله وأنا حاضر عنده: أبلغ عمي السلام وقل: لا عدمت إشفاقك وتحننك، وقد عرفت مشورتك، ولرأيك فضله، إنَّ فاطمة بنت رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) لم تزل مظلومة، من حقها ممنوعة، وعن ميراثها مدفوعة، لم تحفظ فيها وصية رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)، ولا رُعي فيها حقه، ولا حق الله عزَّ وجلَّ، وكفى بالله حاكماً، ومن الظالمين منتقماً، وإني أسألك يا عم أنْ تسمح لي بترك ما أشرت به، فإنَّها وصَّتني بستر أمرها.
قال: فلما أتى العباس رسوله بما قاله علي (عليهِ السَّلام) قال: يغفر الله لابن أخي، فإنه لمغفور له، إنَّ رأي ابن أخي لا يطعن فيه، إنَّه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم بركة من عليٍّ إلا النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)، إنَّ علياً لم يزل أسبقهم إلى كل مكرمة، وأعلمهم بكل قضية، وأشجعهم في الكريهة، وأشدهم جهاداً للأعداء في نصرة الحنيفية، وأول من آمن بالله ورسوله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ).
وللرجال بقية رحم الله من ذكر القائم من آل محمد .
تعليق