حوارات
حوار مع فضيلة الدكتور محمد التيجاني السماوي
إباء-الوكالة الشيعية للانباء
اجرى الحوار: عصام شغليل
عدسة: محمد الحائري
إن حجم التحديات التي تواجه الفكر الإسلامي اليوم يستوجب قراءة اصول العقائد (قراءة مجددة) تحاول أن تستجب لمافهيم العصر و روح النص في وقت واحد، فمن الغبن (لمقولاتنا العقائدية) أن نغرقها في التجريد الفلسفي و الجدل الكلامي بمعزل عن الابعاد الاجتماعية للعقيدة و دورها في تعبئة الجماهير و رسالتها في التغيير الاجتماعي في اتجاه الاهداف و الغايات البعيدة لحركة الانسان في التاريخ، خاصة و ان النص القرآني أكد أن الدين في جوهره هو ثورة تحررية، و أن الدين في عمق رسالته هو حياة للفرد و المجتمع.
يقول عز وجل في كتابه المحكم ( يا ايها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم) الانفال اية 24
و الانسان بحكم طبيعة جهازه الادراكي، حسي أكثر منه عقلي، فهو ينفعل بالمحسوس أكثر من أي شيء آخر، بل إن المحسوسات كل مدركاته، و لعل الحضارة الغربية و (بعض المذاهب) تمثل المصداقية الأوضح لذلك، بعد أن همشت الحقيقة محاولة طمسها و تضييعها عبر سياسات الضياع و التجاهل التي استنها المخالفون منذ مؤتمر السقيفة الأول.
في عالم يتيه بأمجاد الماضي، و يتخبط بالأحداث المتلاحقة، و الأخبار المتناقضة، و الإعلام المتحارب، و ألوان متنوعة من الأفكار المتطرفة.... لا يجد الانسان الحر من يسمع صوته و يجيب نداءه، و لن يسمع للحوار المزمع بين الحضارات و الاديان غير التضليل و فحيح الافاعي باشتهاء لابتلاع الاخر.... في هكذا عالم تصبح للكلمة الصادقة الحرة قيمتها التي تستمدها من الثلة... و هذا هو واقع العالم الراهن، الذي مابرح يموج بالاضطرابات السياسية و الدينية و الفتن الدنيوية و الصراعات الفكرية.
من هنا كان الاصغاء للكلمة الحرة التي اعتدنا سماعها أوقات المحن و المصائب من أفواه الرجال الأحرار و العلماء الابرار، الذابين عن إسلامهم المغتصَب الذي عاد كما بدأ غريبا و هم غرباء ... و طوبى لهم... مع كل التقدير و الاحترام ايضاً.
فإلى حرية الكلمة، و الكلمة الحرة، و حب الإصغاء عبر حوارنا الهادف التالي مع داعية مذهب آل محمد (صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين) فضيلة الدكتور محمد التيجاني السماوي.
يسعدنا و يشرفنا أن نلتقيكم اليوم على صفحات موقعنا موقع المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) فأهلا و سهلا بفضيلتكم و لتكن بداية حديثنا:
· من هو محمد التيجاني السماوي؟
بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على سيدنا محمد سيد الأولين و الآخرين و على أله المعصومين...
و السلام عليكم جميعا و رحمة الله و بركاته و على كل المستمعين و المستمعات في كل انحاء العالم...
أولا أحب أن أشكر هذا الموقع على اتاحة هذه الفرصة للتخاطب مع المؤمنين و المؤمنات من خلال هذه الشبكة المباركة، و إذا أردت تقديم نفسي فأقول:
محمد التيجاني السماوي من مواليد 1943.. في الجنوب التونسي، و كل ما يخصني و يلوذ بي يعرفه اكثر الناس، و لكن بايجاز أقول: بعد الدراسة الابتدائية و الثانوية انتدبت لأدرّس في المعاهد التونسية، ثم خرجت لمواصلة التعليم في فرنسا ( في جامعة السوربون ـ جامعة باريس الأولى) ابتدأت دراستي في دبلوم الدراسات المعمقة في المقارنة بين الأديان، ثم اطروحة الدكتوراة لمرحلة ثالثة، تلتها دكتوراة دولية.. و لقد اصدرت عدة مؤلفات أولها و أشهرها ( ثم اهتديت) و آخرها (اجيب داعي الله) و بينهما عشر كتب ... ترجم منها (ثم اهتديت) إلى (24) لغة و الحمد لله.. و من خلال السفريات التقي بالكثير من الذين يحاولون ايضاً فهم الحقيقة، و نحن من هذا الميدان نتحدث انشاء الله.
· رحلة البحث عن الحقيقة... من اين و متى و كيف انطلقت... و من كان وراءها؟
هذا شرح يطول، ولكن الرحلة الموفقة التي ذكرتها في كتابي (ثم اهتديت) رحلة بدأت في البحر من الاسكندرية إلى بيروت و من هناك انطلقت إلى دمشق ثم إلى بغداد و منها إلى النجف الاشرف، و الجلوس مع العلماء الأفاضل و المراجع الكبار الذين أثروا في نفسي من خلال سلوكهم الجيد و بعض معتقداتهم التي لامست قلبي، و من هنا بدأت البحث عن الحقيقة... و استغرق هذا البحث ثلاث سنوات، على كل حال الشرح موجود، فعلى من يريد الاطلاع على تلك المراجع تفصيلا عليه مراجعة (الكتب الأربعة) أو ( ثم اهتديت) في أقل القليل ليقف على هذه التساؤلات بحذافيرها إنشاء الله.
· ما هي الكتب الشيعية التي أثرت فيكم و ساهمت في تبيان الحقيقة المغيبة؟
أذكر في بداية البحث أنه استوقفني كثيراً كتاب ( المراجعات) أولا ثم بعده (النص و الاجتهاد) لنفس المؤلف المرحوم شرف الدين الموسوي (قدس الله سره) وبعده الشيخ الأميني في (الغدير)، و من ثم (السقيفة) للشيخ المظفر، و (عقائد الإمامية) لآل كاشف الغطاء.. و بعدها قرأت الكثيرمن كتب الشيعة بدون تمييز، و أذكر من جملتها كتاب يعتبر مثل ثم اهتديت للشيخ محمد أمين الانطاكي و أخوه ( لماذا اخترت مذهب أهل البيت عليهم السلام) كل هذه الكتب أعطتني فكرة واضحة جلية عن مذهب آل البيت عليهم السلام حيث اجتمعت كل العناصر التي أريدها و أعانتني في كثير من تخطي العقبات و التساؤلات التي كنت اجهلها، و بحمد الله أصبحت قارئا ناقدا ثم قارئا بتمحص و بتدبر، و لم اعد مثل قبل أقرأ بعيون مفتوحة و لكن لا تبصر.
· برايكم ما هي النقطة الأكثر جدلا بين الشيعة و السنة؟
أصل الخلاف هو الإمامة، التي يعدها الشيعة من أصول الدين، بينما أهل السنة لا يعدونها لا من الأصول و لا من الفروع، و من هنا نشأت الإختلافات لأن الإمامة هي مشكلة المشاكل بين المسلمين، و بها يعرف الواقع الإسلامي، و منها ايضاً يعرف الخلاف السحيق الذي وقع في شرخ صدر الامة الإسلامية و الذي لم يلتئم بعد.. لأن الأخطاء التي نجمت عنه كثرت و تعددت.
· ما رايكم بالشورى في السقيفة، و الشورى العمرية؟
عندما أتكلم عن الشورى ببحث منطقي و بعقل واع و بدون تعصب و بنظرة حقيقية أقول: إن الشورى لم تقع في السقيفة، لم تكن هناك شورى أبدا، لأن الأحداث كما يصفها المؤرخون من الشيعة و السنة و جل المحدثين.. الانسان المطلع و الثابت لا يمكن ان يصفها أنها شورى.. لأن أبي بكر اختار (كما يقول هو) أحد هذين الرجلين و هما عمر بن الخطاب و عبد الرحمن بن عوف و يقال أبو عبيدة بن الجراح ليختار الانصار أحدهما، و لكنهما امتنعا و قالا لابي بكر أنت أولنا إسلاما و أقربنا و لا يمكننا أن نتقدم عليك، و حسب راي عمر في البيعة أنه يكفي أن يبايع أحد المسلمين فيتبعه الآخرون، و من خرج عليهم يعتبر شق عصا المسلمين.. وجب قتله!
و لذلك أعتقد أن الإمام علي عليه السلام تفطّن إلى هذا و لم يدلِ برايه، و إنما احتج على أبي بكر و عمر بهذين البيتين و لم يصفها شورى يقول:
إن كنت بالقربى حاججت خصيمهم فغيرك أولى بالـرسول و أقرب
و إن كنت بالشورى ملكت أمورهم فاين الشورى و المشورين غُيَب
و هذا أكبر دليل على أنها لم تكن شورى، لأن أبي بكر حسب حجته على الانصار قال: لا ترضى قريش أن يكون رسول الله منهم و خليفته من غيرهم! .. و لذلك الإمام لم يصمت عن الأمر.. إن كانت نسبة قرابة، فأنا أقرب منك من أي الجهات، و إن كانت شورى كما تدعي لم تحضر لتستشيرنا في الأمر.. فلم تكن هناك شورى أصلا، أما الشورى العمرية فهي اختراع ذكي و في نفس الوقت.. فيه ما يقال "دهاء".. و لا أريد كما يقول البعض "خبث".. و لذلك دعنا نقول دهاء لانه يعرف مسبقا بأن الذين اختارهم لا يريدون أن يكون الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" خليفة أو أميراً عليهم أو بالأحرى كان يعلم مسبقا أن الأمر سيؤول إلى عثمان بن عفان.. و لهذا كان الشرط المشروط.. عندما اختاروا عليا "عليه السلام" بصفة ربما نَصفُها بانها تلقائية.. لكن الشرط أن تحكم فينا بكتاب الله و سنة رسوله و سنة الخليفتين ـ يقصدون أبا بكر و عمر اللذان سبقوه ـ فامتنع أمير المؤمنين "عليه السلام" و قال:
أحكم بكتاب الله و سنة رسوله.. ـ بعضهم يتفلسف و يقول قال: و اجتهد برايي ـ و لكن الإمام عليه السلام لم يكن يجتهد برايه في الأحكام التشريعية، لأن المشهور عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام عندما سئل، ما رايك؟ قال: ويحك أتقول ما رايي؟ ليست لنا آراء في الدين، إنما حديثي عن أبي عن جدي عن رسول الله عن جبرائيل عن الباري عزوجل.. لو قلنا في دين الله بآرائنا لهلكنا كما هلك الذين من قبلنا.. فالدين لا يؤخذ بالآراء، الدين يؤخذ بالنصوص و الأحكام.
· اختلاف ائمة المذاهب السنية، هل تقوم على أدلة علمية أم هي وليدة الظروف السياسية؟
بالتأكيد هي ظروف سياسية و ايضاً ظروف اجتهادية، لانه عندما يغيب النص لابد من أن يتدبروا في أمر الاجتهاد، فيجتهدون بآرائهم، فيقع الخطأ بالرأي أحيانا، و مصيب في آحايين اخرى، و لهذا جاءت الآراء مختلفة، بعضها موافقة لأهل البيت عليهم السلام و بعضها مخالفة.. لماذا؟ لأنهم لا يملكون النصوص، لأن النصوص بالجملة كانت بيد باب مدينة العلم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، فأبي بكر و عمر و عثمان يعترفون بذلك.. و هناك طرفة نذكرها في هذه المناسبة.. قال لي عالم تونسي مشهور اسمه ابن عرفة: ثبتت عندي إمامة علي بن أبي طالب على الجميع..
قلت له: و كيف؟ قال: لأن الكل سألوه و لم يسأل احد..
إذاً احتياج الكل اليه و استغناؤه عن الكل دل على أنه إمام الكل "عليه السلام"
· ما هو المعنى الأقرب إلى واقع الاشاعرة في تعريف الضروري، و إنكار ما هو معلوم بالضرورة، و هل يوجب الكفر؟ أو الخروج عن الإسلام؟
المعروف بالضرورة، هو تطبيق أحكام الإسلام، و هو معلوم كالصلاة و الصوم و الزكاة و الحج و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فكل من خالف هذه الأحكام يوجب الكفر، لأن الله سبحانه و تعالى صريح في كتابه العزيز يقول:
(( بسم الله الرحمن الرحيم .. و من لم يحكم بما أنزل الله أولئك هم الكافرون... و من لم يحكم بما أنزل الله فهم الظالمون... و من لم يحكم بما أنزل الله هم الفاسقون)).
فكل من أنكر حكما أو أبدل هذا الحكم و هو يعلم أنه من أحكام الله و رسوله فقد كفر، و هذه المواقف " المؤسفة" في العصر الأول بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" لأن الأحكام أصبحت مقابل كتاب الله و مقابل سنة رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم"، و المشهور قول عمر ابن الخطاب: متعتان كانتا على عهد رسول الله و أنا أنهى عنهما و أعاقب عليهما! و كذلك يقال أن المأمون بن هارون الرشيد، " في بعض الروايات التي أخرجها ابن عبد ربه المالكي في كتابه العقد الفريد" كان يقول عندما يقرأ هذا القول.. من أنت حتى تحرّم ما أحل الله و رسوله " صلى الله عليه وآله وسلم" ! و لذلك قالوا عنه انه يحب الشيعة أو تشيع في عهد الإمام الثامن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه و على آبائه السلام).
· من المؤكد أنكم خضتم الاحتجاج و المناظرات مع علماء السنة و الوهابية السلفية بعد تشيعكم للجعفرية.. فما هو الانطباع الذي خرجتم به؟
كل هذه المناظرات والمجادلات نقلتها في العديد من كتبي و لا سيما " سيروا في الأرض و انظروا" و قد نوهت.. أنهم لم يتعمقوا في الدين، و لا يعلموا منه إلا الأشياء السطحية، التي تحتمل وجهان مثلا، فلذلك نرى دائما عندما يُسأل الشيخ منهم يقول: في المسألة قولان أو ثلاثة أقوال، و من هذه الإجابة نعلم أنه لا يملك اليقين في الحكم؛ و عندما لا يوجد اليقين في الحكم يتخبط المتأول و المفسر والمحدث وبالتالي يتخبط السائل ويدخل في متاهات الظن و الشك، " و اعتقادي في المسألة".. لأنه لا يملك العلم الراسخ (و الراسخون في العلم) الذي لم يقوله إلا الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في نهج البلاغة.. و له خبطة مشهورة يقول فيها: (( اين الذين يزعمون أنهم الراسخون في العلم دوننا، أن أعطانا الله و حرمهم، و أدخلنا و أخرجهم، و رفعنا و وضعهم.. إلى آخر الخطبة ـ عليه السلام)).
· هل أوجد إنتقالكم إلى مذهب الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام) مذهب الحق أي تأثير في محيطكم الاجتماعي؟ و هل تسببتم بضرر ما؟
لاشك أن انتقالي إلى المذهب الجعفري أوجد تأثيرا كبيرا في مجتمعي الخاص، و في مجتمعي العام أيضاً، مجتمعي الخاص في بلادي تونس، و مجتمعي العام في العالم.. و بالنسبة إلى الضرر نعم تضررت، و لكنه قد يكون طفيفا و بسيطا نسبة للفائدة و الحقيقة التي توصلت اليها.. لاننا إذا قسنا الضرر إلى الفائدة التي حققناها نجد أنفسنا بحمد الله تعالى لم يصبنا بأساً أو ضرراً سوى الشتائم و اللعن و الاشاعات و الدعايات الفارغة.. " حتى محاولات الإعتداء عليّ في بعض الأوقات".. و لكن الفوائد و المعرفة و الحق لا تقاس بهذه الإفتراءات، لأن السابقون قبلنا كانوا يذبحون و تقطع ألسنتهم و تسمل عيونم و يصلبون على جذوع النخل بمجرد إتباعهم لأهل البيت ( عليهم السلام) أو لمجرد امتداحهم (سلام الله عليهم) حتى في قصيدة.. و أنتم تعلمون أن دعبل الخزاعي ـ مثلا ـ كان يحمل خشبة على ظهره.. ـ بارك الله فيك ـ إذ أعدت لي ذاكرتي.. عندما تشيعت.. لاقيت ما لاقيت من عشيرتي و قومي من جفاء و عداء و طعن في ديني و عقيدتي فتألمت.. و سافرت بعدها إلى النجف الأشرف و أعلمت السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) عن حالي.. فابتسم و قال: اصبر.. فان الذي تلقاه لا شيء يذكر أمام ما كان يقاسيه شيعة النبي و عترته الطاهرة، كانوا يذبحون و يقتلون.. و قوله شجعني، و استصغرت هذه الأضرار لأنها تافهة، لا أثر لها.. لأنني أخيرا قطفت ثمار هذه الأضرار و حصلت على الحقيقة المغيبة و الحمد لله رب العالمين.
· كما ذكرتم قمتم بطبع و نشر أكثر من كتاب " بارك الله فيكم" و لكن ماهو الجديد في جعبتكم المملوءة بالانوار المحمدية؟
منذ تعرفت على مذهب أهل البيت ( عليهم السلام) كل شيء جديد.. لأن حياتي و حياة عائلتي تغيرت كليا، و لايمكن في هذه العجالة أن أسرد لكم كل المكنونات، لأن المسألة مسألة لقطات، و أنت تعلم أنه في أمثلتنا الشعبية يقولون: مواسم عتب و في ساعات ذرية و لتفسير ذلك.. هو أن يصيب الانسان مكروها ما.. فيقبل على الزواج فيجد أن سعادته بدأت من هنا، و أن الطرائق قد فتحت أمامه، و انجلت كافة الصعاب و الأمور العالقة.. و أمثلة ذلك كثيرة، منها يوم أمس كنت مع السيد رياض علي ديب في زيارة إلى اللاذقية، و اجتمعنا مع صديق له، و خلال الحديث قال: ابتعت ناقلة صغيرة للتحميل، و بعد فترة وجيزة من العمل، أعطاني ربي كل الخيرات، و حصلت على منزل و أثاث و مزرعة و سيارة شحن كبيرة ، و لم أبعها لأنها أعطتني أكثر من ثمنها عشرين ألف مرة و لن ابيعها بمال الدنيا..
و بالمقابل عندما وصلت إلى حقيقة آل البيت (عليهم السلام) و انتهجت منهجهم منهج الحق، انفتحت أمامي كافة السبل، و تخلصت من كل المشاكل، فكل شيء جديد بالنسبة إليّ، أما الجديد فيما أقدمه من فكر أيضاً، هو تجديد للفكر السني و الشيعي، لأن الذي يقرأ كتابي كل الحلول عند أهل الرسول يستنبط من الأحكام التي يقول بها النبي و عترته الطاهرة، و يجد كل الحلول لكل المسلمين من يوم بعث المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم) إلى قيام الساعة، و الان كُثر من المسلمين عندما اجالسهم و أجد لديهم مشاكل، أقول لهم: لماذا لا تتبعون أهل البيت (عليهم السلام) فإن عندهم كافة الحلول؟ فيستغربون!
فأنا تطرفت إلى مواضيع كثيرة، مثلا في الصلاة تجد حلاً، لأن في الصلاة يروون عن جدهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله و سلم) أنه جمع الصلاتين لكي لا يحرج أمته، على سبيل المثال؛ و هذه المسألة حل للشباب و حل للمجتمع اليوم، و حل لمشاكل الموظفين العمومين الذين لا يجدون وقتا كافيا لأداء الصلوات الخمس في أوقاتها.. فالرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله و سلم) جمع صلاتي الظهر و العصر و سماهما الظهرين، و جمع صلاتي المغرب و العشاء و سماهما العشائين لكي يرفع هذا الحرج، و بالطبع هذا حل، و كذلك بالنسبة إلى الزنى المتفشي في المجتمعات العربية و الإسلامية فأهل البيت (عليهم السلام) يقولون إن الله العلي القدير أنزل زواج المتعة ليحل مشاكل الشباب و النساء و الرجال، حتى أن الإمام علي (عليه السلام) له قول في ذلك: إن المتعة رحمة رحم الله بها عباده، و لولا نهي عمر ما زنى الا شقا أو شقي في بعض الروايات.. و هناك دليل أيضاً في الحالة الاقتصادية.. فأهل البيت (عليهم السلام) يقدمون خمس الأموال و ليس ربع العشر كما يفعل أهل السنة.. و خمس الأموال فيها ما فيها من حلول لمشاكل البشرية من الفقر المتقع و التخلف الخ.. و الان الدول الغربية تأخذ بالضبط خمس الأموال للضرائب من كل إنسان عامل، ليتمكن المجتمع من الاستفادة من خلال المرافق الصحية و المشافي و المصحات و المدارس و الطرقات المعبدة الخ، كذلك تجد مشاكل الحج محلولة عند أهل البيت (عليهم السلام).
اذاً تجد أن المشاكل الاقتصادية و المشاكل الاجتماعية بل كل شيء تجد له حلا عند أهل البيت (عليهم السلام) لأنهم يأخذون من المنبع الحقيقي و هو رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) الذي تعلمه من الله مباشرة بدون زيادة أو نقصان.
و من هذا المنطلق كل شيء جديد لنا، لأن الله سبحانه و تعالى يقول في كتابه الكريم: كل يوم هو في شأن.
· نحن نعلم أن الخمس هو حق على كل مسلم، و كما هو معلوم على دور الإمام الصادق (عليه السلام) قيل أنه تجسد للاستغناء عن الدولة الحاكمة بغير الحق؟
الخمس ليس الإمام الصادق (عليه السلام) الذين استنبط الحكم، لكنه (سلام الله عليه) صحح ما تأول عليه، لأنه حكمٌ من الله نزل في القرآن الكريم، و لكن [تأوله] معاوية بن أبي سفيان على أنه لا يجوز إلا بعد الحرب، لأن الايات التي قبل( واعلموا انما غنمتم من شيء فلله خمسه و للرسول...) تتكلم عن الحرب، و بعدها تتكلم عن الحرب، فمعاوية [تأول] أن هذه الاية تخص الحرب فقط! و تمسك بالذهب و الفضة و لم ينفقهما في سبيل الله و لم يخرج منهما الخمس لحاجة في نفس يعقوب، لانه بالاصل كان ينوي الاستيلاء على الدولة الإسلامية، فكان من شيمه أن يشتري ضمائر الناس و الناس تميل لمن عنده الذهب و الفضة..
رايت الناس قد مالوا إلى من عنده المال و من ليس عنده مال فعنه الناس قد مالوا
و تتالت الحكام على تأويله.. و هذا الحكم كتبته في كتابي (مع الصادقين) و قلت أنه باطل أولا: لأن أهل البيت (عليهم السلام) يقولون بعكسه.. و كل ما خالف قول أهل البيت، الاثني عشر إماماً.. قولا واحدا .. باطل، وعدم اختلاف الإمام عن الثاني هو حجة، ليس كقول مالك و أبوحنيفة و الشافعي و ابن حنبل الذي يختلف الواحد منهم عن الآخر، و يختلف بعضهم على بعض.
ثانيا: نحن نقدم أقوال أهل البيت (عليهم السلام) على غيرهم لأنهم ينطقون عقليا كما أراد الله الذي زكاهم في القرآن الكريم قائلا جل و علا (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيراً).
ثالثا: لإنني أخرجت من صحيح البخاري أن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) يقول: الخمس يجب في الركاز و في غوص البحر و في الكنز.. يعني الذي يجد كنزاً و في حفر بئر و ذلك يعني من يجد نفطاً أو فوسفاتًا أو معدناً و هذا ليس بدار حرب في شيء ماللحرب في هذا؟
· من خلال حديثكم قلتم إن الائمة الاثني عشر لا يختلف الإمام الواحد منهم عن الآخر.. و نحن نعلم أن أهل الكساء و المباهله كان الرسول و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم اجمعين) فكيف تعللون ذلك؟
نعم المعصومين هم الأربعة عشر كما تقول أولهم سيدنا محمد(صلى الله عليه و آله و سلم) و آخرهم الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) و ندخل معهم فاطمة الزهراء ( سلام الله عليها) لأنها المرأة الوحيدة التي ذهبت إلى المباهلة.. دون نساء المسلمين قاطبة، كما هي الوحيدة التي أدخلها الرسول تحت الكساء لما نزلت الاية الشريفة دون نسائه (صلى الله عليه و آله و سلم) فهي معصومة و حتى لايتوهم أهل السنة أن فاطمة إمامة كالائمة، نقول أن الائمة الاثني عشر المعصومين بعد سيدنا محمد(صلىالله عليه واله وسلم) هم علي ثم الحسن ثم الحسين ... إلى آخر امام و هو المهدي ( عليهم الصلاة و السلام أجمعين)
اما فاطمة سيدة نساء العالمين فهي معصومة و أحاديث الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) كافية و شافية و قد أخرجها صحاح أهل السنة، و يكفي هذه المرأة من العصمة ( أن الله يغضب لغضبها و يرضى لرضاها) و لم يقل رسول الله في أحد من الائمة هذا القول، فهي أكثر من أن تكون معصومة.. بل أكثر بكثير.
· كم هي نسبة الشيعة في تونس الخضراء لا على سبيل الاحصاء .. بل التقدير؟
في الحقيقة ليست لدينا أية احصاءات، و لم نحقق في هذا الميدان، و ما جاز يعود إلى العام 1970 و أصبحت داعية ( و لا أقول من 1967 أي منذ أن تشيعت) و قد تشيع معي كثر من الأصدقاء الذين هم اصبحوا دعاة، بدأنا بعشرات و أصبحنا الآفا مؤلفة بل تفوق مئات الألوف، و هذا ما يثلج الصدر و كذلك في الجزائر يوجد الكثير من المتشيعين و هذا فضل من الله، و اتذكر قول الشهيد السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) عندما لقبني ببذرة التشيع، أي نبتة غرست في تونس فكانت مباركة و أتت أكلها كل حين بإذن ربها، و هذا مهم لأن الشيعة انقرضت منذ عهد الفاطميين في تونس و لم يعد لها أثر، و من ثم ظهرت من جديد، و لكن ليس بالطريقة الفاطمية التي كانت اسماعيلية باطنية، انما بالطريقة الحقيقية لمذهب الإمامية الاثني عشرية الجعفرية، كما قلت في كتبي إنها الفرقة الناجية و المذهب الحق.
· هل يوجد صحيفة ما ناطقة بإسم الشيعة أو مسجد أو حسينية في تونس؟
لا.. لا يوجد في تونس أية صحيفة ناطقة بإسم الشيعة، كما لا يوجد أي مسجد أو حسينية، و لكن نحن بحمد الله نتواصل مع و على المذهب الحق في تونس، كما نحمده تعالى أنه لا يوجد في تونس أي تعصب سياسي أو ديني، لأن الدولة أعطت الحرية لكل إنسان، بأن يكون شيعياً أو سنياً أو حتى شيوعياً، و أن يكون ما يكون.. الحرية مسموحة بشكل مطلق و لا إعتراض من قبل الدولة و هذا فيه ما فيه من الخير العميم.. بعض الناس يرونه ربما مساً بالدين، و لكن في الحقيقة ليس له أي مس في الدين.. لماذا؟ لأن الانسان حر في ما يعتنق و أنا أقول بهذه المناسبة و أرجو من الناس أن يصغوا و يعوا الحقيقة أن الناس اليوم في الباكستان يفجرون أنفسهم بإخوانهم المسلمين في بيت من بيوت الله و يقتلون أكثر من خمسين شخصاً ساجدين لله العلي القدير بإسم الدين! فماذا يعني هذا؟ أن هناك لازال تعصب مقيت، امثال الصحابة الذين أفتوا بأن الشيعي الذي يسب الصحابة يجب قتله!
اذاً التعصب الديني لازال له ذلك التأثير الكبير لقتل الأبرياء، و نحن نقول كما قال الله سبحانه و تعالى ( لا إكراه في الدين) كما نقول كما قال الله جل جلاله لرسوله الكريم: ( ذكّر إنما أنت مذكر ليست عليهم بمسيطر) فنحن لا نريد هذا التطرف و التعصب في الدين لأن الله تعالى ترك حرية الفرد بان يعتقد ما يبغي و ما يريد فلذلك الحاكم في تونس، و كذلك الحاكم في كثير من الدول العربية إذا ترك الحرية للناس فهو نعم الحاكم، أما إذا ضغط عليهم و أجبرهم على شيء لا يريدونه فهو بئس الحاكم، و نحن لا نطالب لا بمسجد و لا حسينية و لا صحيفة لأن الأمور تجري رويدا رويدا.. كما أننا لسنا على عجلة من أمرنا و لا نحب العجلة و هنا استذكر قول الشهيد الصدر (رضوان الله عليه) اياك أن تتدخل في مشاكل الحكام أو تنتقد الحكومات و تؤيد معارضة أو تقوم بمؤامرة على الحكومة أنت دورك الان داع و هو أن تكشف الحقائق للناس كما هو دور أهل البيت (عليهم السلام) و واجب عليك إيصال هذا الفكر لمن يريد الجنة.
و هل أريد اكثر من هذا؟ لذا فأنا لا أتدخل في شؤون الحكم أو الحكام و لدي مهمة أسمى من ذلك بكثير ألا و هي تقديم النصيحة و كشف الحقيقة و بهذا الفهم الواقعي و اللاعنف، يعني بدون تخريب أو قتل أو كما يقال (ارهاب)، لا تجد من يعارضك أو ينتقدك، أما الذي يحمل السلاح ضد الدولة و ضد اخوانه المسلمين بإسم الدين فهو ليس من الإسلام بشيء.
· كيف تنظرون إلى حركة التشيع في العالم اليوم.. و ما هي أسبابها؟
إن التشيع يزداد يوما بعد يوم، و البشر باتوا يعون حقيقة أهل البيت (عليهم السلام) لقد كنا نعيش في الظلمة إلا أن الله أنار عقولنا، و رب قائل يقول: ها إن الشيعة المستقيمون لا يعملون وفق عمل أهل البيت (عليهم السلام) نقول نعم هناك أقلية و الشيعة لا تقاس بالأقلية.
· هل وفقتم لمشاهدة كرامة ما لأهل البيت (عليهم السلام) بعد انتقالكم لمذهب الحق و الرشاد؟
نعم و الحمد لله و ذكرت ذلك في كتابي (سيروا في الارض و انظروا) عندما تعذبت عذاب الهدهد في سجن القلعة في مصر، صدّق أنني يئست من الحياة، و ايقنت بأنني مقتول لا محالة، في تلك اللية رايت الإمام علي (عليه السلام) يبشرني بالخروج من السجن، و تذكرت الحلم المشابه الذي رايته في تونس في بداية تشيعي، عندما أوقفت من قبل وزارة الداخلية آنذاك و كان الحلمين متشابهان.
و هذه اعتبرها كرامة من كرامات أهل البيت عليهم السلام لأنني كلما التجأ اليهم و أتوسل إلى الله بهم أجد الفرج و يذهب الكرب عني و الحمد لله رب العالمين.
· البعض يتهمكم بإثارة النعرات الطائفية و المذهبية؛ فكيف تواجهون هذه التهمة؟
أكثر من مرة أكدت في المحاضرات و سأعيد نفس القول: أنا لم أجد المسلمون يوما ما موحدون حتى أخشى عليهم التفريق منذ فتحت عيني وجدت نفسي مالكيا و وجدت أحناف و حنابلة و شافعية، و بعد ذلك اكتشفت الاسماعيلية و الشيعة الجعفرية و الزيدية و الإباضية و الدروز و الأحباش و الوهابية و السلفية سمي و لا حرج أمة متفرقة لماذا نخشى عليها التفرقة؟ على العكس تماماً.
عندما أتكلم بالحق اُتهم بأنني أثير الطائفية نعم أثيرها للاستبصار و عندما تستبصر ستعود إلى مظلة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي قال: (تركت فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله و عترتي آل بيتي).
أنا أحب أظهر طريق الهدى و الرشاد و الحق، طريق العترة الطاهرة (عليهم السلام) و أكشف عن أنوارهم للتائهين الذين يتبعون معاوية و عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة و اليزيد بن معاوية هؤلاء الاذلاء الذين كانوا يحاربون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و الإسلام و سماهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أبناء الطلقاء، و جاء لعنهم في القرآن الكريم و لعنهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في العديد من المناسبات و مع كل هذا نجدهم أصبحوا أمراء للمسلمين للأسف و أخذوا يشرعون لهم الأحكام التي أغلبها تشريعات ليست من الله في كتابه و لا من سنة رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، و من هذا المنطق أقول و بكل جرأة و وضوح: إن همي و مطلبي أن يصل المسلمون إلى الحقيقة و يعودوا إلى الحق و الرشاد بدلا من التية الذي يسيرون فيه هذا ما أبغيه ليس إلا .. ليس هم الشيعة أن تعيد الخلافة للإمام علي (عليه السلام) فالإمام (عليه السلام) كان الافضل والأجدر و الأولى، و هذا معروف و جلي للجميع إلا عند المكابر المعاند.. له الحرية بذلك .. و كما له مطلق الحرية..، فأنا لي ملء الحرية بأن أعبر و أنطق بالحق ليعتبر من يعتبر لكي يعود إلى كتاب الله و سنة رسوله حسب ما روته العترة الطاهرة (عليهم السلام) فإذا كان هذا تفريق وطائفية، أقول (مع الأسف) أن هؤلاء لم يفهموا من الدين شيئاً، و أدعو الله أن يهديهم كما هداني و كشف بصيرتي للنور المحمدي الذي يتمثل بالعترة الطاهرة (عليهم الصلاة و السلام).
و نحن اليوم بأمس الحاجة إلى أن يعود الإسلام إلى ما كان في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و إعادة المسلمين إلى الحق، و الرجوع إلى الحق فضيلة، و هذا ما طلبه الله في كتابه العزيز: ( بسم الله الرحمن الرحيم إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العلي العظيم. فربنا لم يطلب منا التغيير السياسي و لا التغيير المسلح، لأن التغيير المسلح لا نستطيع مقاومته، الناس تطالب بأشياء لم يقرها الله سبحانه و تعالى في القرآن الكريم..
تخرج فئة قليلة من الناس لتشكل حكومة، و تقف في وجه جيش من الدبابات و الطائرات و الصواريخ و الجنود و الشرطة، و تقوم بالتخريب، و عندما يمسك أحدهم و يُضرب ينادي أحد.. أحد، يمثل قول بلال هذا ليس من الإسلام بشيء نحن نعيش في زمان يجب أن تكون الحقائق الإسلامية واضحة و الحقائق الإسلامية تطلب منا أن نغير ما بأنفسنا كما قال الله سبحانه و تعالى و الله يريد منا أن نغير الافكار الأموية و العباسية بأفكار ربانية محمدية علوية منفتحة.. عندها سيغير الله سبحانه و تعالى مابنا من تخلف و تأخر و اضطهاد و ظلم و ينصرنا و يعزنا و يكرمنا هذا هو التغيير الذي نستطيع فعله، أما الأول ليست لدينا القدرة عليه و إلا نقول: ربنا لمَ كلفتنا بما لا نقدر عليه بأن نحارب جيشاً و نحن عزل من السلاح، و هذا قرآنياً مرفوض لأن الله جل و علا حتى في حروب الامم يقول: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة.) اين قوتنا الان؟ نعم قوة البيان قوة البلاغة قوة العقل قوة البصيرة هذه هي القوة المطلوبة الان لذلك ربِّ قال في كتابه العزيز: ( الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا). فالجهاد هنا هو جهاد العقل ـ الفكر، و إذا جاهد الانسان فكريا و عقليا خير من حبه القيادة ليس إلا..
· أهل السنة يقولون عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن و السنة، و الشيعة تقول القرآن الكريم و العترة الطاهرة، فما الفرق بين القولين؟ و ما الاستدلال على ذلك؟
الفرق واضح و بيّن، إذ ليس كل انسان بعالم، و القارئ البسيط و متوسط الثقافة يعلم أن القرآن لا ينطق، ويعلم أيضاً أنه حمال أوجه، و من الممكن أن يقرأ الإنسان آية و يفسرها، و يأتي آخر و يفسرها بغير ما فسرها الأول، و كلٌ يتمسك برأيه و يقول أنه على حق، و هذا ما وقع بالضبط في المدارس الإسلامية الكلامية، والسنة نفس الشيء، كافة الفرق الإسلامية تعلم يقينا أن القرآن الكريم معصوم من الله جل جلاله و ليس فيه اختلاف يقول عزوجل: ( إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون).
فكيف بالسنة التي يشك فيها صاحبها نفسه (صلى الله عليه و آله وسلم) الذي يقول: كَثُرت علي الكذابة! و هو حي كذبوا عليه، و أغلب الكتب المتواجده سنية أو شيعية( حتى أكون منصفا) لا يمكن الاعتماد عليها فإذا اعتمدنا على الصحيح منها فسوف نتأول و نفسر على أهوائنا و نقول قال الرسول عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين من بعدي و هم أبوبكر و عمر و عثمان و علي، لا، هم علي و الحسن و الحسين و التسعة من ذرية الحسين (عليهم السلام)، هنا كل فرقة تتأول ما تريد فاين الحقيقة؟ الحديث الصحيح ( و عترتي أهل بيتي) لماذا؟ لأن العترة الطاهرة بشر و البشر عقول ثم أن هذه العقول عالمة "أولاً" و معصومة "ثانياً" أولاً: عالمة لأنها تستنبط الاحكام الحقيقية و تعي ما يقول الله و رسوله (صلى الله عليه و آله وسلم)؛ ثانياً: لا تكذب لانها معصومة عن الخطأ لأن الله أذهب عنها الرجس و طهرها تطهيراً لذلك الرسول الكريم (صلى الله عليه و آله وسلم) صريح في قوله ( ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابداً كتاب الله و عترتي أهل بيتي) فكيف نتمسك بالقرآن و السنة؟.
خذ مثالاً.. امسك بيدك القرآن الكريم، و بالاخرى كتاب البخاري (اقسم بالله لا يعصمك من الضلالة لماذا؟) تقرأ في كتاب الله مثلا الصلاة سراً أم جهراً لا تعرف!
اثنتين أم ثلاث أم أربع ايضاً لا تعرف! الزكاة، مقدارها لا تلقى دليلاً و هكذا ترجع إلى كتاب السنة فتجد اكثر من عشرين حديثا متناقضا ايهما تأخذ! هذا يقول الرسول اغسل رجليك و الآخر، لا.. امسح رجليك و هذا يقول اسبل يديك و ذاك يقول تكتف..، فاختلاف كبير، و لذلك قال ربِّ: لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً و من هنا يتبين لنا صحة الحديث ( و عترتي) لأن العقول هي التي توضح تفسير الايات الصحيحة، و تدل على الأحاديث الصحيحة ايضاً و تفسرها بصدق و أمانة و هذا واضح في قوله تعالى ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) و أهل الذكر عقول معصومة وليسوا صحفا مكتوبة.
· ما الذي يوحيه اليكم كبار الشخصيات الإسلامية، و ما رايكم بالتعددية و الشورى التي طرحها الإمام الراحل آية الله السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) الذي يعد من كبار المجتهدين المجددين فقها و أصولاً و بماذا امتاز منهجه التجديدي بنظركم؟
يا عزيزي.. أنا من الاشخاص الذين يعشقون التجديد، كما إنني ضد الجمود الفكري و ضد الجمود الذي يموت على فكر كان سائدا في قرون خلت و يريد ان يتشبث به اليوم.. و هو ليس بنص قرآني و لا بنص نبوي.. لماذا؟ لأن الاسلاف كانوا عليه لذلك أنا أمقت السلفية.. ما معنى السلفية؟ هو الرجوع إلى السلف ( الصالح) و لكن الرجوع الىالسلف (الصالح) من حيث الحق، فإن تمسكوا بالحق فنحن معهم، و لكن إن وجدنا السلف (الصالح) قد تأولوا فتلك مصيبة لأنهم ضلوا و أضلوا و سيضلوا.
و بالنسبة لاية الله الراحل المجدد السيد الشيرازي (قده) و غيره من العلماء الأفاضل و المجتهدين أنا أحييهم و أكبرهم و أنا من صفهم لأنني أريد التجديد و أنقم كثيرا على من يجمد فكره و يعلبه و لا يريد أن ينفتح على غيره و لا يريد أن يكون هذا الإسلام متطوراً إلى أبعد الحدود و أن يواكب العصور في كل ميادين الاختراع و التكنولوجيا و التقنية، على سبيل المثال ـ أنا في امريكا قدمت اقتراحا ( على نحو من التجديد) و قلت: اعطوا الدماء في عاشورا ء إلى المشافي..
فجاء احدهم و انتقدني قائلا: أنت مرجع من مراجع الدين كيف تقول هذا الكلام؟ هذه الدماء حق من حقوق المسلمين.. لماذا نعطيها لليهود و النصارى؟
فأجبته: قال الله سبحانه و تعالى في القرآن الكريم: ( من أحيا نفسا كأنما أحيا الناس جميعا..) لم يقل مسلما أو مؤمنا و إنما قال : (نفسا) و الإمام علي (عليه السلام) إمامنا يقول: ( الناس اثنان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)
فنحن نريد أن نثبت للنصارى و اليهود أننا أولا: لسنا بمتعصبين.. ثانياً: لسنا بإرهابيين، ثالثاً: لسنا بحاقدين ـ نحن على العكس ـ نحب الناس و قلوبنا منفتحة على العالم، و ننظر إلى الناس كأنهم إخوان لنا فنحن إذا حاربنا إسرائيل ليس من باب أننا نكره إسرائيل، إذا خرجت إسرائيل من أراضينا فسنشاطرها السلام، و من ثم ستكون صديقتنا، أما أن نقول أن المسلمين يريدون محاربة اسرائيل تعصباً ـ فهذا هراء ـ اعطونا أرضنا و خذوا سلاماً.. هذا هو التجديد في نظري.
· بذكركم أميركا كيف تقرؤون الواقع الإسلامي في المهجر عموما؟ و كيف ترون نشاط المذهب الحق في ارجاء العالم؟
الواقع الإسلامي فيه ما فيه من الأمور.. نعم هناك مكاسب مادية، و لكن فيه انزواء و عدم الرغبة في الدعوة الصريحة للإسلام، و لا يعطون شيئاً من وقتهم و لا من أموالهم و جهودهم لكي ينتقل هؤلاء إلى الإسلام و الاميركيون في أرض خصبة و الناس فارغين، يبحثون عن أي شيء يتمسكون به، و هذه هي فرصتنا في الحقيقة فيجب على الشيعة أن تتضافر جهودهم و تتحد حتى يكونوا دعاة صادقين من أجل التأثير على الآخرين، سواء كانوا في أميركا أو فرنسا أو ألمانيا أو إيطاليا أو أي بلد أجنبي لأن الرسول يبشرنا ( بأن الدين بدأ غريبا و سيعود غريبا كما بدأ أول مرة.. و طوبى للغرباء) فكل غريب مثلي في أميركا يجب أن يكون داعية للإسلام.. لا يجب عليه فقط أن يفكر بجمع ثروة و العودة إلى بلده، ليطمئن على مستقبله، و هذا ربما سيحاسبنا الله سبحانه و تعالى عليه لأننا أهملنا الدين و اكتفينا بمتع الدنيا.
· العولمة الغربية حتمية و هي قادمة إلينا شئنا أم ابينا، فكيف نواجه ذلك؟
سمعت الكثيرين يقولون أنها حتمية و لابد منها، و أنا أميل إلى هذا الراي، لأن الاختراع المتطور دائماً و أبدا سباق للتكنولوجيا و الأحداث، يكفينا أنهم أحدثوا عندنا ثورة في الهواتف المحمولة و المنقولة و الفاكس و الانترنيت و غيرها، فالعولمة من الأشياء المبتكرة الجديدة، و في المقابل أنا أعتقد أنها فائدة للإسلام و المسلمين، لأن دعوة الحق التي كانت مكبوته و محدودة ستستغل هذه الوسائل لتصل إلى قلوب الناس انشاء الله.
· من خلال حديثكم وصفتم العولمة أنها ذات فائدة على كافة الصعد، فهل هي كذلك؟
نحن كمسلمين يجب علينا أن ننتقي، فنأخذ الصالح، و ندع الطالح، فالانتقاء لابد منه، و أن نتبع كما وصف لنا القرآن الكريم في اية الخمر ( بسم الله الرحمن الرحيم... يسألونك عن الخمر، قل فيه إثم كبير و منافع للناس، و لكن إثمهماأكبر من نفعهما) فان كان الإثم أكبر فليترك، و إن كان النفع أكبر فليؤخذ.
فنحن في مسألة العولمة أو أي تقنية أخرى أو أي اختراع لا نتأثر بالغرب إلا فيما هو في صالحنا، و ما يستفاد منه، أما ما يُدمر الأخلاق خصوصا و يمس شرفنا فذلك مرفوض خذ مثلا الانترنيت في كل مكان، ألقي خطبة في قم، يسمعني كل العالم، و هناك صلاة سنية و شيعية في الانترنيت أكثر من أي وقت مضى، و هذا جيد، و لكن يجب أن نحرص على أولادنا من أن يتحولوا من غرفة الغدير إلى موقع عراة أو أي موقع فيه فساد، و هذا يقع على عاتقنا نحن، حيث نبين فساد هذه و مثالية تلك... خذ مثالا: الافلام الخلاعية و الجنسية في أميركا مشفرة حيث لا يمكن الوصول اليها الا بكود خاص يشتريه الأب فيسيء لابنائه إن هم اطلعوا عليها.
· ما هو رأيكم بالبرامج التي تبثها الفضائيات حول الإختلاف بين السنة و الشيعة؟
رأيي إيجابي لأنني شاركت فيها و لا يمكن أن أقول سلبية، لانني إن قلت سلبية فقد حكمت على نفسي بالإدانة.
أقول إنه حان الوقت لأن تكون هذه البرامج مكثفة، يكفينا أربعة عشر قرنا و الشيعة و السنة يعيشون و كأنهم في كوكب غير كوكبهم، كل مذهب في كوكب بعيد عن الثاني، الشيعة منعزلون، و السنة يتهمونهم بالكفر و ما إلى ذلك حتى وصل الأمر إلى أن يقولوا أن الشيعي له ذنب.. مثلا؛ و أغرب ما سمعت أخيرا من أحد الفلسطينيين في أميركا يقول لي: ( و لا يعلم أني شيعي) هل تعلم ماذا يفعل الشيعة في عاشوراء؟ قلت لا.. ماذا يفعلون؟ قال: يجتمعون و يطفؤون الأنوار و يدخل الأب بإبنته و الأخ في أخته و يزنون ببعضهم و كل من يتوّلد من تلك الليلة يسمونه علي أو الحسين!!! و هذه أحد الأمثلة..
و الواجب علينا الان أن نضع حدا لهذه الافتراءات، و نتباحث في هذه المسائل و نفتح باب الحوار و النقاش، حتى ينبثق النور من الحوار و يعرف حتى المجتمعين و المتعاونين. حتى ان لم يستفيدوا من بعضهم بعضا، فليستفد المجتمع العالمي كله، لأن المجتمع حر في تفكيره، و لا يمكن أن يتأثر بهذا و ذاك، و لكن يمكن أن يأخذ من الاثنين الحقيقة.
· إذا كنتم من المؤمنين بالوحدة الإسلامية، فما هي الشروط لقيامها بإعتبارها مطلبا لجميع المسلمين؟
مع الأسف هذا المطلب لن يتحقق، أنا قلتها في أكثر من مناسبة، و أكررها لأسباب عديدة، منها: أن الجمهورية الإسلامية بعد نجاحها في ايران عقدت لذلك في كل عام أربع مؤتمرات و صرفت عليها ملايين الدولارات، يكفيك أن تعلم أن طائرات جامبو / 747/ تنقل المؤتمرين من أوروبا و من أفريقيا و من مناطق أخرى، أربعة أو خمسة طائرات مملوءة بالناس المؤتمرين، فيأكلون و يشربون و يهدى لهم السجاد و الفستق الايراني و الكافيار، و يخرجون من طهران و هم يسبون الثورة و قائدها و الشيعة!!، فهمت بعد ذلك أنه لا مجال للوحدة الإسلامية في هذا الوقت، على هذا المنوال، و لن تتحقق وحدة المسلمين إلا بظهور صاحب الزمان الحجة المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) و كأن الله سبحانه و تعالى إدخره لهذا الغرض، لأن الأمة الإسلامية اختلفت بعد رحيل نبيها و تفرقت فلا يمكن أنت تجتمع إلا بشبيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)إمام معصوم، و هذا ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ( لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يظهر المهدي من ولدي اسمه كإسمي يملأ الأرض قسطاً و عدلاً كما ملئت ظلماً و جوراً) و الذي يملأ الارض قسطاً و عدلاً هو المهدي ( سلام الله عليه و على آبائه الطاهرين) عند ذلك يتوحد المسلمون، و يقاتلوا اليهود، حتى اذا اختبأ اليهودي وراء شجر أو حجر لنطق، و قال يا مسلم ورائي يهودي هاهنا تعال و اقتله، و أنا أضمن ذلك، أما الوحدة اليوم مستحيلة نعم بمرور الزمن و باهتداء المسلمين إلى الحقيقة و الرجوع إلى أهل البيت (عليهم السلام) ستكون إرهاصات أو تمهيدات لظهور المهدي ( عليه السلام) لأن عند ظهوره سوف يظهر الحق للمعاندين، و أنا قلت لبعض المعاندين ذلك، فقالوا نعم نحن معك ننتظر المهدي، إذا جاء المهدي و قال لنا: ( و نحن نعرف أنه من أهل البيت) كما يقول أهل الشيعة أنه مخفي.. عند ذلك نتشيع!.
· الأزهر يرفض (الحسين شهيداً) بحجة عدم إثارة النعرات الطائفية و الفتن! و يوافق على ( عمرو بن العاص) بماذا تعلقون على ذلك؟
أنا لا أعتقد أن الأزهر لا يوافق على ( الحسين شهيدا) إنما هي نفثات من بعض المتعصبين، الأزهر لا يخلو من المتعصبين، كما لا يخلو من العلماء الأفاضل الذين يقولون كلمة الحق و تخرج من حين لآخر في أقوالهم و كتبهم، لما كتب الشرقاوي كتابه عن إمام المتقين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قام عليه علماء الأزهر و قالوا له: إذا وصفت علي إمام المتقين فأين وضعت محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ هذا هو الجهل و التعصب!!.
و بالنسبة إلى عمرو بن العاص و كثير من أمثالة الذين يعدوا من الصحابة، و هم من المؤكد أنهم صحابة، و لكن الصحابة كما تعلم و يعلم الجميع درجات متفاوتة و طبقات أيضاً متفاوتة، و يكفي نحن أن نأخذ بالقرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة التي تكشف نفاق بعضهم و فسق بعضهم و كفر بعضهم و ارتداد بعضهم، و السنة النبوية الشريفة شاهدة على ذلك...
فنحن نقول لإخواننا العلماء في الأزهر و لإخواننا العلماء من الشيعة و من كل الطوائف أن يتقوا الله سبحانه و تعالى في دينهم و أن يكونوا أحرارا في عقيدتهم لا تأخذهم في الله لومة لائم كلفهم ذلك ما كلفهم لأن الأمر اليوم، قد يجنون منه فوائد مادية، و لكن عند الوقوف بين يدي الله سبحانه سوف تكون الحسرة و الندامة.
· بماذا تمثلت جهودكم الإعلامية لدعم الشعب العراقي المسلم؟
ألقيت العديد من المحاضرات، و خصوصا خطب صلاة الجمعة في"ديربورن هايت"، دار الحكمة الإسلامية، التي كان لها صدى كبير و مردود عظيم، لأننا أثرنا حفيظة المسلمين، و أن يتقوا الله سبحانه و تعالى في إخوانهم العراقيين، لأن الكثير من الناس تأخذهم الدعايات البعثية الصدامية و يدافعون عن صدام و يصورونه كبطل للعروبة و الإسلام، و أنه الوحيد الذي ضرب اسرائيل و من هذه الخزعبلات الشيء الكثير، و لكننا وقفنا بالتصدي لهذا التيار المنحرف و كشفنا زيفه، و أفهمنا المسلمين و غيرهم أن العراقيين هم ضحايا هذا النظام الجائر.
في عام 1984 اجتمعت مع السيد مهدي الحكيم في لندن و قلت له: مولانا صدام انتهى.. التفت اليّ و قال: و الله لا أصدق لأن صدام سينهينا كلنا قبل أن يسقط، و بعد ستة أشهر إغتالوه في السودان (رحمة الله عليه)، عندها أيقنت خطورة هذا النظام النازي، و الحمد لله الذي أعطانا الحياة و رأينا سقوط صدام و زبانيته، و هذا فضل من الله تعالى، و نتمنى عليه جل جلاله أن يعود العراقييون لوطنهم سالمين و يديروا حكومتهم الإسلامية، و يعيشوا في أمن واستقرار و سلام و ديموقراطية و أن يعطوا المثل الأعلى للسلام لأن كل الأنظار الآن متوجهة إليهم كأتباع لأهل البيت (عليهم السلام).
· ما أحب مؤلفاتك إلى نفسك؟
أحب مؤلفاتي لنفسي ( ثم اهتديت) لأنه نفحة من نفحات أهل البيت (عليهم السلام) كما قال لي السيد علي الخامنئي، و اعتبره كما يعتبر الوالد بإبنه البار و يعتز به لأنه ذكي و فطن و نشيط و يلبي دعوة أبيه، أنا كذلك أنظر إلى كتاب ( ثم اهتديت) الذي ترجم إلى أربع و عشرين لغة و طُبع أكثر من مائة مرة، فأقول الحمد لله.. و الفضل كله لله العلي القدير.
· هل من الممكن ان تحدثونا عن الشعائر الحسينية مالها و ما عليها في نظركم؟
الشعائر الحسينية لابد منها، لأن ( من يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) و هذه اعتبرها من شعائر الله، لأن الحسين (عليه السلام) ركن من أركان هذا الدين السمح الحنيف.. و الإمام الحسين (عليه السلام) أعطى بموقفه المثل الأعلى في الثبات و الصمود و الحق و ليس فقط هذا، بل في اعطاء النفس الطويل بانتصار الدم على السيف و انتصار الحق على امتداد الزمن و يكفينا أن ا لخميني كان يقول لولا ثورة الحسين (عليه السلام) لما عرفنا لهذه الثورة طعما و لا انتصارا، و كان شعاره كل أرض كربلاء و كل يوم عاشوراء و جميع الأحرار في العالم ينادون بشعار الحسين (عليه السلام) و يأخذونه مثلا أعلى يحتذي به، حتى قيل أن غاندي كان يأخذ من ثورة الحسين هذا المدد.
من وجهة نظري، ان هذه الشعائر يجب أن تكون إسلامية بحتة، أي لا يكون فيها الشغب، حتى لا يستغله الأعداء ضدنا لأنني رأيت أهل الغرب بصورة خاصة، لا يصورون الشعائر الحسينية على حقيقتها، إنما يهتمون فقط بالسيف و الضرب و الدماء التي تسيل، و يخرجونها ألوان حمراء في أكفان بيضاء، و يهتموا بالأطفال الصغار، في أميركا مثلا الأب الذي يضرب إبنه براحة يده على وجنته، يأخذونه منه و لا يعد يراه أبداً، فمابالك و هم يرون الآباء يضربون الأبناء بالسيف لتسيل دماؤهم فماذا يقولون علينا!!
بالله عليك كيف نفهمهم أن الإسلام حضارة؟ و وجهة أهل البيت (عليهم السلام) وجهة الحق؟ بعضهم يقول لا يهمنا إن العدو تأثر، أم لم يتأثر، كيف لا يهمنا أمر الآخرين أصدقاء أم أعداء؟ إن الإسلام دين رحمة لكل البشر و ليس للمسلمين فقط ( إنما أرسلناك رحمة للعالمين) فالله سبحانه و تعالى أرسل محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) رحمة للعالمين للإنس و الجن، أما إذا اعتبرنا الرسول جاء لفئة واحدة نكون حجمنا الإسلام و حددناه و بالتالي قيدناه إلى قفص، بينما الله سبحانه و تعالى ( نور السموات و الارض) يريد أن يشع نوره في كل مكان، و هذا الاشعاع ليس مقتصرا عليّ و عليك إذا عملنا، كما يقول الإمام الصادق (عليه السلام) ( كونوا زيناً لنا و لا تكونوا شيناً علينا) (كونوا لنا دعاة بأعمالكم لا بأقوالكم).
قبل أن أتشيع انتقدت هذه الأفعال و قلت للشهيد الصدر لماذا هذه الأفعال؟
اجابني: أفعال جهلة و العلماء يحاولون بكل جهودهم أن يغيروا هذه الأفعال و الزمن كفيل بإزالتها و مع كل هذا سئلت هذا السؤال في قم المقدسة هذه الايام، فأجبتهم أنا لست بمرجع و أقولها ها هنا أيضاً حتى لا يؤخذ علي أي موقف، إنني أريد أن أكون داعية لأهل البيت ( عليهم السلام) دون أن أكون منتسباً لأحد أو أكون تابعاً لأي إنسان أو لأي إتجاه أو لأي خط و أحب أن أقول: كما قلت لكمال خرازي أنت وزير خارجية الجمهورية الإسلامية أليس كذلك؟ قال نعم، قلت أنا وزير خارجية أهل البيت (عليهم السلام)، قال: أنت أفضل مني، إذاً لابد أن نعطي هذا الإسلام الحقيقي حقه حتى يؤثر في الناس تأثيراً بالغاً و يدخلون في دين الله أفواجاً.
لا لننفر الناس منه، و لكنني أعود و أكرر لست بمرجع ديني و لا أفتي من عندي، فبعض المراجع يحرم ذلك و البعض الآخر يجيزه فعلى المسلمين المقلدين أن يرجعوا إلى مقلديهم. و لا أريد أن أحمل نفسي فوق طاقتها و يجب أن أقف عند حدي و الحمد لله رب العالمين.
· هل من موقف طريف وقع لكم عند انتهاجكم سبيل النور المحمدي؟
المواقف الطريفة كثيرة جدا، أذكر على سبيل المثال لا الحصر أنني كنت شخصية وهمية مع الكتاب الذي ترجم إلى أربعة و عشرين لغة و طُبع أكثر من مائة مرة، يعدون التيجاني السماوي شخصية وهمية لا وجود له عند أغلب الناس المعاندين، و شاء القدر أن يأتي ابني شرف الذي يدرس في الحوزة العلمية بقم المقدسة إلى دمشق و يجتمع مع مجموعة من السوريين و الحديث ذو شجون، و جاء على ذكري و الناس معجبة بثم اهتديت، فقال أحدهم إن علماء الشيعة هم الذين ألفوا الكتاب و نسبوه إلى التيجاني السماوي الذي هو شخصية وهمية فقال لهم ابني: إذا كان التيجاني السماوي شخصية وهمية! فأنا الان الذي أقف بينكم شخصاً وهمياً، قالوا له كيف؟ قال لأن التيجاني السماوي والدي.. فبهت الجميع!
· إذاً تجدون المواقع الالكترونية على الانترنيت بشكل عام للأفضل بعد الانتقاء، و السؤال هل تجدون لموقع المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) أي صدى يذكر في العالمين الدولي و العربي و خصوصا في تونس الخضراء؟
بكل صراحة، و بكل تجرد أقول، و ما شهدنا إلا بما علمنا، أنا حتى الآن لم أشاهد هذا الموقع و لم استمع اليه و لكن اعتقد جازما بأن هذا الاسم العظيم المبارك و هو الأربعة عشر المعصومين له من الدلالة ما له في قلوب محبي آل البيت (عليهم السلام) في العالم، لأن كل الشيعة في العالم لا يختلفون على هذا ـ و هذا فضل من الله تعالى ـ قد يختلفون في عاشوراء، في التطبير و اللطم، و لكن في هذه الاسماء الأربعة عشر و لله الحمد اجماع كامل.
· هل من رؤى و خططاً مستقبلية أو آلية ما تقترحونها لتطوير عمل الدعوة أو التبليغ من وجهة نظركم؟
على الشيعة أن يتحركوا في أرجاء العمورة، و أنا ألومهم على هذا التقصير و خاصة، التجار الكبار الذين يملكون الكثير من الثروات التي تمكنهم من فتح محطات فضائية و لكن للأسف ليس للشيعة أية فضائية تنشر مذهب أهل البيت (عليهم السلام) نعم أقيم في لندن محطة اسمها( القائم)، و لكنها خدمت ستة اشهر و توقفت قل لي بربك لماذا؟ اين الشيعة؟!!
بينما تصرف المليارات من أعداء الشيعة لتكفير و سب و لعن الشيعة، و طبع الكتب و المجلات و النشرات و بث الدعايات و الاعلانات ضد أهل الشيعة، أهل الحق لذلك يحز في قلبي هذا الصمت!
فالهاشمي التونسي بإمكانيات فردية استطاع أن يؤمن محطة فضائية اسمها المستقلة، يقول الله عزوجل( الفتنة اشد من القتل) هذه الاية الان يفسرونها بالإعلام.. الاعلام يمكن أن يحدث ثورة، كما يمكن أن يحدث حربا إعلامية كاملة دون أن يخسر طلقة، و من دون أن يهدر نقطة دم واحدة، و الإعلام وسيلة من الو سائل الكبرى منها السلبية و منها الإيجابية، و نحن كوسائل ايجابية هدفنا التعريف بأهل البيت (عليهم السلام) و ايصال الحق للمتعطشين لهذه المعرفة.
يجب ان لا ننتظر حتى يأتي كتاب(ثم اهتديت) من أقصى البلاد و يتكلف الشخص عبء ثمنه، و قد لا يجده، الان الناس مولعون بالفضائيات التي قضت على كل الكتب و النشرات، لأن الكتاب الذين يطبع يراه الآخر في برنامج خلال عشر دقائق و يتأثر به أكثر من الكتاب الذي يقرأه على مدى أكثر من شهر.
و من هذا الموقع المبارك أدعو المراجع و علماء الشيعة و التجار الكبار أن يفكروا في فتح محطة فضائية أو فضائيات في كل مناطق العالم سواءً في باريس أو لندن أو في اية عاصمة غربية لأنني أعلم ( مع الأسف الشديد) أن العرب لا يسمحون لهم بفتح هكذا فضائية ـ لذا يمكنهم فتحها في دول الغرب المسموح فيها بالفضائيات، حيث هناك حرية كاملة للانسان المنفتح ـ تنتابني الدهشة- عندما أرى انسان بمفردة ينشىء محطة فضائية و نحن مجموعة كبرى لا نفكر في إنشاء أكثر من محطة فضائية! و قد قلت في الرياض: لو تفتح محطة فضائية فأنا على استعداد لادارتها باستدعاء علمائها ليعرف الناس أين الحق، بدون إثارة بغض أو إثارة فتنة و بدون سب أو لعن، آه.. لو علم الناس محاسن أعمالنا لأتبعونا و نحن نحب أن نريهم محاسن أهل البيت أهل الحق (عليهم الصلاة والسلام)
· من خلال حديثكم الشيق أنتم تعزون فشل الأمة الإسلامية لعدم وعيها لدورها و عدم معرفة الأساليب و إستغلالها؟
بارك الله فيك.. نعم أعزوها لعدم معرفة الأساليب و من الجائز أنها تعرف الأساليب بجهود المؤمنين لاستغلالها، و لكن هناك عائق ثان.. و هو أن أعداء الشيعة كُثر و متمكنون ماديا و لديهم امكانيات هائلة و طائلة مما يعرقل هكذا مشاريع، لانهم لا يريدون لها أن ترى النور.. لذلك يجب على الشيعة أن يفكروا و يخططوا لكي يصلوا الىتحقيق هذا الهدف السامي النبيل.
· في نهاية هذا المقال.. اترك لكم كلمة تخصون بها العاملين بموقعنا موقع المعصومين الأربعة عشر( عليهم السلام) و كذلك زواره الأكارم؟
أقول لكل من يعمل و يقضي بعضا من وقته في هذه المحطة المباركة بارك الله فيكم، و أرجو من الله العلي القدير أن يكافئكم و يعطيكم الأجر العظيم، كما أدعوه جل و علا أن يوفقكم في كل أعمالكم و أن يأخذ بأيديكم لما فيه خير و صلاح الأمة الإسلامية و تبيان الحق و الحقيقة، و أنا من المشجعين لكم، لأنني أعلم مسبقاً أنكم تعملون لوجه الله و لا تريدون من الناس جزاءً و لا شكوراً و إنما تخدمون بذلك دينكم و مبدؤكم و إظهار حقائق المعصومين الأربعة عشر (صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين) و كونوا على يقين أنهم من ورائكم سيؤازرونكم و ينيروا بصيرتكم، و تجدونهم كما وجدتهم أنا في كل عقبة و في كل كربة، عوناً و فرجاً و شفاءً انشاء الله تعالى.
و أخص كل المستمعين و المسلمين في كل أنحاء العالم أن يتجردوا للحق و أن يتركوا التعصب جانبا لأن الموقف هو موقف خطير، فيه جنة نعيم، أو و العياذ بالله جحيم و سقر.
و على المسلم ان يكون فطنا كيساً كما يريده الله و رسوله الكريم( صلى الله عليه و آله وسلم) و أن يتبع الحق و لا يخشى في الله لومة لائم.
بسم الله الرحمن الرحيم...( و بشر عبادي الذين يستعمون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله و أولئك هم أولوا الالباب) و أقول قولي هذا و استغفر الله لي و لكم و لوالدي و لوالديكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
و السلام عليكم جميعاً و رحمة الله و بركاته .
أرسل ملاحظاتك حول اللقاء
حوار مع فضيلة الدكتور محمد التيجاني السماوي
إباء-الوكالة الشيعية للانباء
اجرى الحوار: عصام شغليل
عدسة: محمد الحائري
إن حجم التحديات التي تواجه الفكر الإسلامي اليوم يستوجب قراءة اصول العقائد (قراءة مجددة) تحاول أن تستجب لمافهيم العصر و روح النص في وقت واحد، فمن الغبن (لمقولاتنا العقائدية) أن نغرقها في التجريد الفلسفي و الجدل الكلامي بمعزل عن الابعاد الاجتماعية للعقيدة و دورها في تعبئة الجماهير و رسالتها في التغيير الاجتماعي في اتجاه الاهداف و الغايات البعيدة لحركة الانسان في التاريخ، خاصة و ان النص القرآني أكد أن الدين في جوهره هو ثورة تحررية، و أن الدين في عمق رسالته هو حياة للفرد و المجتمع.
يقول عز وجل في كتابه المحكم ( يا ايها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم) الانفال اية 24
و الانسان بحكم طبيعة جهازه الادراكي، حسي أكثر منه عقلي، فهو ينفعل بالمحسوس أكثر من أي شيء آخر، بل إن المحسوسات كل مدركاته، و لعل الحضارة الغربية و (بعض المذاهب) تمثل المصداقية الأوضح لذلك، بعد أن همشت الحقيقة محاولة طمسها و تضييعها عبر سياسات الضياع و التجاهل التي استنها المخالفون منذ مؤتمر السقيفة الأول.
في عالم يتيه بأمجاد الماضي، و يتخبط بالأحداث المتلاحقة، و الأخبار المتناقضة، و الإعلام المتحارب، و ألوان متنوعة من الأفكار المتطرفة.... لا يجد الانسان الحر من يسمع صوته و يجيب نداءه، و لن يسمع للحوار المزمع بين الحضارات و الاديان غير التضليل و فحيح الافاعي باشتهاء لابتلاع الاخر.... في هكذا عالم تصبح للكلمة الصادقة الحرة قيمتها التي تستمدها من الثلة... و هذا هو واقع العالم الراهن، الذي مابرح يموج بالاضطرابات السياسية و الدينية و الفتن الدنيوية و الصراعات الفكرية.
من هنا كان الاصغاء للكلمة الحرة التي اعتدنا سماعها أوقات المحن و المصائب من أفواه الرجال الأحرار و العلماء الابرار، الذابين عن إسلامهم المغتصَب الذي عاد كما بدأ غريبا و هم غرباء ... و طوبى لهم... مع كل التقدير و الاحترام ايضاً.
فإلى حرية الكلمة، و الكلمة الحرة، و حب الإصغاء عبر حوارنا الهادف التالي مع داعية مذهب آل محمد (صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين) فضيلة الدكتور محمد التيجاني السماوي.
يسعدنا و يشرفنا أن نلتقيكم اليوم على صفحات موقعنا موقع المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) فأهلا و سهلا بفضيلتكم و لتكن بداية حديثنا:
· من هو محمد التيجاني السماوي؟
بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على سيدنا محمد سيد الأولين و الآخرين و على أله المعصومين...
و السلام عليكم جميعا و رحمة الله و بركاته و على كل المستمعين و المستمعات في كل انحاء العالم...
أولا أحب أن أشكر هذا الموقع على اتاحة هذه الفرصة للتخاطب مع المؤمنين و المؤمنات من خلال هذه الشبكة المباركة، و إذا أردت تقديم نفسي فأقول:
محمد التيجاني السماوي من مواليد 1943.. في الجنوب التونسي، و كل ما يخصني و يلوذ بي يعرفه اكثر الناس، و لكن بايجاز أقول: بعد الدراسة الابتدائية و الثانوية انتدبت لأدرّس في المعاهد التونسية، ثم خرجت لمواصلة التعليم في فرنسا ( في جامعة السوربون ـ جامعة باريس الأولى) ابتدأت دراستي في دبلوم الدراسات المعمقة في المقارنة بين الأديان، ثم اطروحة الدكتوراة لمرحلة ثالثة، تلتها دكتوراة دولية.. و لقد اصدرت عدة مؤلفات أولها و أشهرها ( ثم اهتديت) و آخرها (اجيب داعي الله) و بينهما عشر كتب ... ترجم منها (ثم اهتديت) إلى (24) لغة و الحمد لله.. و من خلال السفريات التقي بالكثير من الذين يحاولون ايضاً فهم الحقيقة، و نحن من هذا الميدان نتحدث انشاء الله.
· رحلة البحث عن الحقيقة... من اين و متى و كيف انطلقت... و من كان وراءها؟
هذا شرح يطول، ولكن الرحلة الموفقة التي ذكرتها في كتابي (ثم اهتديت) رحلة بدأت في البحر من الاسكندرية إلى بيروت و من هناك انطلقت إلى دمشق ثم إلى بغداد و منها إلى النجف الاشرف، و الجلوس مع العلماء الأفاضل و المراجع الكبار الذين أثروا في نفسي من خلال سلوكهم الجيد و بعض معتقداتهم التي لامست قلبي، و من هنا بدأت البحث عن الحقيقة... و استغرق هذا البحث ثلاث سنوات، على كل حال الشرح موجود، فعلى من يريد الاطلاع على تلك المراجع تفصيلا عليه مراجعة (الكتب الأربعة) أو ( ثم اهتديت) في أقل القليل ليقف على هذه التساؤلات بحذافيرها إنشاء الله.
· ما هي الكتب الشيعية التي أثرت فيكم و ساهمت في تبيان الحقيقة المغيبة؟
أذكر في بداية البحث أنه استوقفني كثيراً كتاب ( المراجعات) أولا ثم بعده (النص و الاجتهاد) لنفس المؤلف المرحوم شرف الدين الموسوي (قدس الله سره) وبعده الشيخ الأميني في (الغدير)، و من ثم (السقيفة) للشيخ المظفر، و (عقائد الإمامية) لآل كاشف الغطاء.. و بعدها قرأت الكثيرمن كتب الشيعة بدون تمييز، و أذكر من جملتها كتاب يعتبر مثل ثم اهتديت للشيخ محمد أمين الانطاكي و أخوه ( لماذا اخترت مذهب أهل البيت عليهم السلام) كل هذه الكتب أعطتني فكرة واضحة جلية عن مذهب آل البيت عليهم السلام حيث اجتمعت كل العناصر التي أريدها و أعانتني في كثير من تخطي العقبات و التساؤلات التي كنت اجهلها، و بحمد الله أصبحت قارئا ناقدا ثم قارئا بتمحص و بتدبر، و لم اعد مثل قبل أقرأ بعيون مفتوحة و لكن لا تبصر.
· برايكم ما هي النقطة الأكثر جدلا بين الشيعة و السنة؟
أصل الخلاف هو الإمامة، التي يعدها الشيعة من أصول الدين، بينما أهل السنة لا يعدونها لا من الأصول و لا من الفروع، و من هنا نشأت الإختلافات لأن الإمامة هي مشكلة المشاكل بين المسلمين، و بها يعرف الواقع الإسلامي، و منها ايضاً يعرف الخلاف السحيق الذي وقع في شرخ صدر الامة الإسلامية و الذي لم يلتئم بعد.. لأن الأخطاء التي نجمت عنه كثرت و تعددت.
· ما رايكم بالشورى في السقيفة، و الشورى العمرية؟
عندما أتكلم عن الشورى ببحث منطقي و بعقل واع و بدون تعصب و بنظرة حقيقية أقول: إن الشورى لم تقع في السقيفة، لم تكن هناك شورى أبدا، لأن الأحداث كما يصفها المؤرخون من الشيعة و السنة و جل المحدثين.. الانسان المطلع و الثابت لا يمكن ان يصفها أنها شورى.. لأن أبي بكر اختار (كما يقول هو) أحد هذين الرجلين و هما عمر بن الخطاب و عبد الرحمن بن عوف و يقال أبو عبيدة بن الجراح ليختار الانصار أحدهما، و لكنهما امتنعا و قالا لابي بكر أنت أولنا إسلاما و أقربنا و لا يمكننا أن نتقدم عليك، و حسب راي عمر في البيعة أنه يكفي أن يبايع أحد المسلمين فيتبعه الآخرون، و من خرج عليهم يعتبر شق عصا المسلمين.. وجب قتله!
و لذلك أعتقد أن الإمام علي عليه السلام تفطّن إلى هذا و لم يدلِ برايه، و إنما احتج على أبي بكر و عمر بهذين البيتين و لم يصفها شورى يقول:
إن كنت بالقربى حاججت خصيمهم فغيرك أولى بالـرسول و أقرب
و إن كنت بالشورى ملكت أمورهم فاين الشورى و المشورين غُيَب
و هذا أكبر دليل على أنها لم تكن شورى، لأن أبي بكر حسب حجته على الانصار قال: لا ترضى قريش أن يكون رسول الله منهم و خليفته من غيرهم! .. و لذلك الإمام لم يصمت عن الأمر.. إن كانت نسبة قرابة، فأنا أقرب منك من أي الجهات، و إن كانت شورى كما تدعي لم تحضر لتستشيرنا في الأمر.. فلم تكن هناك شورى أصلا، أما الشورى العمرية فهي اختراع ذكي و في نفس الوقت.. فيه ما يقال "دهاء".. و لا أريد كما يقول البعض "خبث".. و لذلك دعنا نقول دهاء لانه يعرف مسبقا بأن الذين اختارهم لا يريدون أن يكون الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" خليفة أو أميراً عليهم أو بالأحرى كان يعلم مسبقا أن الأمر سيؤول إلى عثمان بن عفان.. و لهذا كان الشرط المشروط.. عندما اختاروا عليا "عليه السلام" بصفة ربما نَصفُها بانها تلقائية.. لكن الشرط أن تحكم فينا بكتاب الله و سنة رسوله و سنة الخليفتين ـ يقصدون أبا بكر و عمر اللذان سبقوه ـ فامتنع أمير المؤمنين "عليه السلام" و قال:
أحكم بكتاب الله و سنة رسوله.. ـ بعضهم يتفلسف و يقول قال: و اجتهد برايي ـ و لكن الإمام عليه السلام لم يكن يجتهد برايه في الأحكام التشريعية، لأن المشهور عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام عندما سئل، ما رايك؟ قال: ويحك أتقول ما رايي؟ ليست لنا آراء في الدين، إنما حديثي عن أبي عن جدي عن رسول الله عن جبرائيل عن الباري عزوجل.. لو قلنا في دين الله بآرائنا لهلكنا كما هلك الذين من قبلنا.. فالدين لا يؤخذ بالآراء، الدين يؤخذ بالنصوص و الأحكام.
· اختلاف ائمة المذاهب السنية، هل تقوم على أدلة علمية أم هي وليدة الظروف السياسية؟
بالتأكيد هي ظروف سياسية و ايضاً ظروف اجتهادية، لانه عندما يغيب النص لابد من أن يتدبروا في أمر الاجتهاد، فيجتهدون بآرائهم، فيقع الخطأ بالرأي أحيانا، و مصيب في آحايين اخرى، و لهذا جاءت الآراء مختلفة، بعضها موافقة لأهل البيت عليهم السلام و بعضها مخالفة.. لماذا؟ لأنهم لا يملكون النصوص، لأن النصوص بالجملة كانت بيد باب مدينة العلم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، فأبي بكر و عمر و عثمان يعترفون بذلك.. و هناك طرفة نذكرها في هذه المناسبة.. قال لي عالم تونسي مشهور اسمه ابن عرفة: ثبتت عندي إمامة علي بن أبي طالب على الجميع..
قلت له: و كيف؟ قال: لأن الكل سألوه و لم يسأل احد..
إذاً احتياج الكل اليه و استغناؤه عن الكل دل على أنه إمام الكل "عليه السلام"
· ما هو المعنى الأقرب إلى واقع الاشاعرة في تعريف الضروري، و إنكار ما هو معلوم بالضرورة، و هل يوجب الكفر؟ أو الخروج عن الإسلام؟
المعروف بالضرورة، هو تطبيق أحكام الإسلام، و هو معلوم كالصلاة و الصوم و الزكاة و الحج و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فكل من خالف هذه الأحكام يوجب الكفر، لأن الله سبحانه و تعالى صريح في كتابه العزيز يقول:
(( بسم الله الرحمن الرحيم .. و من لم يحكم بما أنزل الله أولئك هم الكافرون... و من لم يحكم بما أنزل الله فهم الظالمون... و من لم يحكم بما أنزل الله هم الفاسقون)).
فكل من أنكر حكما أو أبدل هذا الحكم و هو يعلم أنه من أحكام الله و رسوله فقد كفر، و هذه المواقف " المؤسفة" في العصر الأول بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" لأن الأحكام أصبحت مقابل كتاب الله و مقابل سنة رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم"، و المشهور قول عمر ابن الخطاب: متعتان كانتا على عهد رسول الله و أنا أنهى عنهما و أعاقب عليهما! و كذلك يقال أن المأمون بن هارون الرشيد، " في بعض الروايات التي أخرجها ابن عبد ربه المالكي في كتابه العقد الفريد" كان يقول عندما يقرأ هذا القول.. من أنت حتى تحرّم ما أحل الله و رسوله " صلى الله عليه وآله وسلم" ! و لذلك قالوا عنه انه يحب الشيعة أو تشيع في عهد الإمام الثامن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه و على آبائه السلام).
· من المؤكد أنكم خضتم الاحتجاج و المناظرات مع علماء السنة و الوهابية السلفية بعد تشيعكم للجعفرية.. فما هو الانطباع الذي خرجتم به؟
كل هذه المناظرات والمجادلات نقلتها في العديد من كتبي و لا سيما " سيروا في الأرض و انظروا" و قد نوهت.. أنهم لم يتعمقوا في الدين، و لا يعلموا منه إلا الأشياء السطحية، التي تحتمل وجهان مثلا، فلذلك نرى دائما عندما يُسأل الشيخ منهم يقول: في المسألة قولان أو ثلاثة أقوال، و من هذه الإجابة نعلم أنه لا يملك اليقين في الحكم؛ و عندما لا يوجد اليقين في الحكم يتخبط المتأول و المفسر والمحدث وبالتالي يتخبط السائل ويدخل في متاهات الظن و الشك، " و اعتقادي في المسألة".. لأنه لا يملك العلم الراسخ (و الراسخون في العلم) الذي لم يقوله إلا الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في نهج البلاغة.. و له خبطة مشهورة يقول فيها: (( اين الذين يزعمون أنهم الراسخون في العلم دوننا، أن أعطانا الله و حرمهم، و أدخلنا و أخرجهم، و رفعنا و وضعهم.. إلى آخر الخطبة ـ عليه السلام)).
· هل أوجد إنتقالكم إلى مذهب الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام) مذهب الحق أي تأثير في محيطكم الاجتماعي؟ و هل تسببتم بضرر ما؟
لاشك أن انتقالي إلى المذهب الجعفري أوجد تأثيرا كبيرا في مجتمعي الخاص، و في مجتمعي العام أيضاً، مجتمعي الخاص في بلادي تونس، و مجتمعي العام في العالم.. و بالنسبة إلى الضرر نعم تضررت، و لكنه قد يكون طفيفا و بسيطا نسبة للفائدة و الحقيقة التي توصلت اليها.. لاننا إذا قسنا الضرر إلى الفائدة التي حققناها نجد أنفسنا بحمد الله تعالى لم يصبنا بأساً أو ضرراً سوى الشتائم و اللعن و الاشاعات و الدعايات الفارغة.. " حتى محاولات الإعتداء عليّ في بعض الأوقات".. و لكن الفوائد و المعرفة و الحق لا تقاس بهذه الإفتراءات، لأن السابقون قبلنا كانوا يذبحون و تقطع ألسنتهم و تسمل عيونم و يصلبون على جذوع النخل بمجرد إتباعهم لأهل البيت ( عليهم السلام) أو لمجرد امتداحهم (سلام الله عليهم) حتى في قصيدة.. و أنتم تعلمون أن دعبل الخزاعي ـ مثلا ـ كان يحمل خشبة على ظهره.. ـ بارك الله فيك ـ إذ أعدت لي ذاكرتي.. عندما تشيعت.. لاقيت ما لاقيت من عشيرتي و قومي من جفاء و عداء و طعن في ديني و عقيدتي فتألمت.. و سافرت بعدها إلى النجف الأشرف و أعلمت السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) عن حالي.. فابتسم و قال: اصبر.. فان الذي تلقاه لا شيء يذكر أمام ما كان يقاسيه شيعة النبي و عترته الطاهرة، كانوا يذبحون و يقتلون.. و قوله شجعني، و استصغرت هذه الأضرار لأنها تافهة، لا أثر لها.. لأنني أخيرا قطفت ثمار هذه الأضرار و حصلت على الحقيقة المغيبة و الحمد لله رب العالمين.
· كما ذكرتم قمتم بطبع و نشر أكثر من كتاب " بارك الله فيكم" و لكن ماهو الجديد في جعبتكم المملوءة بالانوار المحمدية؟
منذ تعرفت على مذهب أهل البيت ( عليهم السلام) كل شيء جديد.. لأن حياتي و حياة عائلتي تغيرت كليا، و لايمكن في هذه العجالة أن أسرد لكم كل المكنونات، لأن المسألة مسألة لقطات، و أنت تعلم أنه في أمثلتنا الشعبية يقولون: مواسم عتب و في ساعات ذرية و لتفسير ذلك.. هو أن يصيب الانسان مكروها ما.. فيقبل على الزواج فيجد أن سعادته بدأت من هنا، و أن الطرائق قد فتحت أمامه، و انجلت كافة الصعاب و الأمور العالقة.. و أمثلة ذلك كثيرة، منها يوم أمس كنت مع السيد رياض علي ديب في زيارة إلى اللاذقية، و اجتمعنا مع صديق له، و خلال الحديث قال: ابتعت ناقلة صغيرة للتحميل، و بعد فترة وجيزة من العمل، أعطاني ربي كل الخيرات، و حصلت على منزل و أثاث و مزرعة و سيارة شحن كبيرة ، و لم أبعها لأنها أعطتني أكثر من ثمنها عشرين ألف مرة و لن ابيعها بمال الدنيا..
و بالمقابل عندما وصلت إلى حقيقة آل البيت (عليهم السلام) و انتهجت منهجهم منهج الحق، انفتحت أمامي كافة السبل، و تخلصت من كل المشاكل، فكل شيء جديد بالنسبة إليّ، أما الجديد فيما أقدمه من فكر أيضاً، هو تجديد للفكر السني و الشيعي، لأن الذي يقرأ كتابي كل الحلول عند أهل الرسول يستنبط من الأحكام التي يقول بها النبي و عترته الطاهرة، و يجد كل الحلول لكل المسلمين من يوم بعث المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم) إلى قيام الساعة، و الان كُثر من المسلمين عندما اجالسهم و أجد لديهم مشاكل، أقول لهم: لماذا لا تتبعون أهل البيت (عليهم السلام) فإن عندهم كافة الحلول؟ فيستغربون!
فأنا تطرفت إلى مواضيع كثيرة، مثلا في الصلاة تجد حلاً، لأن في الصلاة يروون عن جدهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله و سلم) أنه جمع الصلاتين لكي لا يحرج أمته، على سبيل المثال؛ و هذه المسألة حل للشباب و حل للمجتمع اليوم، و حل لمشاكل الموظفين العمومين الذين لا يجدون وقتا كافيا لأداء الصلوات الخمس في أوقاتها.. فالرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله و سلم) جمع صلاتي الظهر و العصر و سماهما الظهرين، و جمع صلاتي المغرب و العشاء و سماهما العشائين لكي يرفع هذا الحرج، و بالطبع هذا حل، و كذلك بالنسبة إلى الزنى المتفشي في المجتمعات العربية و الإسلامية فأهل البيت (عليهم السلام) يقولون إن الله العلي القدير أنزل زواج المتعة ليحل مشاكل الشباب و النساء و الرجال، حتى أن الإمام علي (عليه السلام) له قول في ذلك: إن المتعة رحمة رحم الله بها عباده، و لولا نهي عمر ما زنى الا شقا أو شقي في بعض الروايات.. و هناك دليل أيضاً في الحالة الاقتصادية.. فأهل البيت (عليهم السلام) يقدمون خمس الأموال و ليس ربع العشر كما يفعل أهل السنة.. و خمس الأموال فيها ما فيها من حلول لمشاكل البشرية من الفقر المتقع و التخلف الخ.. و الان الدول الغربية تأخذ بالضبط خمس الأموال للضرائب من كل إنسان عامل، ليتمكن المجتمع من الاستفادة من خلال المرافق الصحية و المشافي و المصحات و المدارس و الطرقات المعبدة الخ، كذلك تجد مشاكل الحج محلولة عند أهل البيت (عليهم السلام).
اذاً تجد أن المشاكل الاقتصادية و المشاكل الاجتماعية بل كل شيء تجد له حلا عند أهل البيت (عليهم السلام) لأنهم يأخذون من المنبع الحقيقي و هو رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) الذي تعلمه من الله مباشرة بدون زيادة أو نقصان.
و من هذا المنطلق كل شيء جديد لنا، لأن الله سبحانه و تعالى يقول في كتابه الكريم: كل يوم هو في شأن.
· نحن نعلم أن الخمس هو حق على كل مسلم، و كما هو معلوم على دور الإمام الصادق (عليه السلام) قيل أنه تجسد للاستغناء عن الدولة الحاكمة بغير الحق؟
الخمس ليس الإمام الصادق (عليه السلام) الذين استنبط الحكم، لكنه (سلام الله عليه) صحح ما تأول عليه، لأنه حكمٌ من الله نزل في القرآن الكريم، و لكن [تأوله] معاوية بن أبي سفيان على أنه لا يجوز إلا بعد الحرب، لأن الايات التي قبل( واعلموا انما غنمتم من شيء فلله خمسه و للرسول...) تتكلم عن الحرب، و بعدها تتكلم عن الحرب، فمعاوية [تأول] أن هذه الاية تخص الحرب فقط! و تمسك بالذهب و الفضة و لم ينفقهما في سبيل الله و لم يخرج منهما الخمس لحاجة في نفس يعقوب، لانه بالاصل كان ينوي الاستيلاء على الدولة الإسلامية، فكان من شيمه أن يشتري ضمائر الناس و الناس تميل لمن عنده الذهب و الفضة..
رايت الناس قد مالوا إلى من عنده المال و من ليس عنده مال فعنه الناس قد مالوا
و تتالت الحكام على تأويله.. و هذا الحكم كتبته في كتابي (مع الصادقين) و قلت أنه باطل أولا: لأن أهل البيت (عليهم السلام) يقولون بعكسه.. و كل ما خالف قول أهل البيت، الاثني عشر إماماً.. قولا واحدا .. باطل، وعدم اختلاف الإمام عن الثاني هو حجة، ليس كقول مالك و أبوحنيفة و الشافعي و ابن حنبل الذي يختلف الواحد منهم عن الآخر، و يختلف بعضهم على بعض.
ثانيا: نحن نقدم أقوال أهل البيت (عليهم السلام) على غيرهم لأنهم ينطقون عقليا كما أراد الله الذي زكاهم في القرآن الكريم قائلا جل و علا (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيراً).
ثالثا: لإنني أخرجت من صحيح البخاري أن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) يقول: الخمس يجب في الركاز و في غوص البحر و في الكنز.. يعني الذي يجد كنزاً و في حفر بئر و ذلك يعني من يجد نفطاً أو فوسفاتًا أو معدناً و هذا ليس بدار حرب في شيء ماللحرب في هذا؟
· من خلال حديثكم قلتم إن الائمة الاثني عشر لا يختلف الإمام الواحد منهم عن الآخر.. و نحن نعلم أن أهل الكساء و المباهله كان الرسول و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (صلوات الله عليهم اجمعين) فكيف تعللون ذلك؟
نعم المعصومين هم الأربعة عشر كما تقول أولهم سيدنا محمد(صلى الله عليه و آله و سلم) و آخرهم الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) و ندخل معهم فاطمة الزهراء ( سلام الله عليها) لأنها المرأة الوحيدة التي ذهبت إلى المباهلة.. دون نساء المسلمين قاطبة، كما هي الوحيدة التي أدخلها الرسول تحت الكساء لما نزلت الاية الشريفة دون نسائه (صلى الله عليه و آله و سلم) فهي معصومة و حتى لايتوهم أهل السنة أن فاطمة إمامة كالائمة، نقول أن الائمة الاثني عشر المعصومين بعد سيدنا محمد(صلىالله عليه واله وسلم) هم علي ثم الحسن ثم الحسين ... إلى آخر امام و هو المهدي ( عليهم الصلاة و السلام أجمعين)
اما فاطمة سيدة نساء العالمين فهي معصومة و أحاديث الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) كافية و شافية و قد أخرجها صحاح أهل السنة، و يكفي هذه المرأة من العصمة ( أن الله يغضب لغضبها و يرضى لرضاها) و لم يقل رسول الله في أحد من الائمة هذا القول، فهي أكثر من أن تكون معصومة.. بل أكثر بكثير.
· كم هي نسبة الشيعة في تونس الخضراء لا على سبيل الاحصاء .. بل التقدير؟
في الحقيقة ليست لدينا أية احصاءات، و لم نحقق في هذا الميدان، و ما جاز يعود إلى العام 1970 و أصبحت داعية ( و لا أقول من 1967 أي منذ أن تشيعت) و قد تشيع معي كثر من الأصدقاء الذين هم اصبحوا دعاة، بدأنا بعشرات و أصبحنا الآفا مؤلفة بل تفوق مئات الألوف، و هذا ما يثلج الصدر و كذلك في الجزائر يوجد الكثير من المتشيعين و هذا فضل من الله، و اتذكر قول الشهيد السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) عندما لقبني ببذرة التشيع، أي نبتة غرست في تونس فكانت مباركة و أتت أكلها كل حين بإذن ربها، و هذا مهم لأن الشيعة انقرضت منذ عهد الفاطميين في تونس و لم يعد لها أثر، و من ثم ظهرت من جديد، و لكن ليس بالطريقة الفاطمية التي كانت اسماعيلية باطنية، انما بالطريقة الحقيقية لمذهب الإمامية الاثني عشرية الجعفرية، كما قلت في كتبي إنها الفرقة الناجية و المذهب الحق.
· هل يوجد صحيفة ما ناطقة بإسم الشيعة أو مسجد أو حسينية في تونس؟
لا.. لا يوجد في تونس أية صحيفة ناطقة بإسم الشيعة، كما لا يوجد أي مسجد أو حسينية، و لكن نحن بحمد الله نتواصل مع و على المذهب الحق في تونس، كما نحمده تعالى أنه لا يوجد في تونس أي تعصب سياسي أو ديني، لأن الدولة أعطت الحرية لكل إنسان، بأن يكون شيعياً أو سنياً أو حتى شيوعياً، و أن يكون ما يكون.. الحرية مسموحة بشكل مطلق و لا إعتراض من قبل الدولة و هذا فيه ما فيه من الخير العميم.. بعض الناس يرونه ربما مساً بالدين، و لكن في الحقيقة ليس له أي مس في الدين.. لماذا؟ لأن الانسان حر في ما يعتنق و أنا أقول بهذه المناسبة و أرجو من الناس أن يصغوا و يعوا الحقيقة أن الناس اليوم في الباكستان يفجرون أنفسهم بإخوانهم المسلمين في بيت من بيوت الله و يقتلون أكثر من خمسين شخصاً ساجدين لله العلي القدير بإسم الدين! فماذا يعني هذا؟ أن هناك لازال تعصب مقيت، امثال الصحابة الذين أفتوا بأن الشيعي الذي يسب الصحابة يجب قتله!
اذاً التعصب الديني لازال له ذلك التأثير الكبير لقتل الأبرياء، و نحن نقول كما قال الله سبحانه و تعالى ( لا إكراه في الدين) كما نقول كما قال الله جل جلاله لرسوله الكريم: ( ذكّر إنما أنت مذكر ليست عليهم بمسيطر) فنحن لا نريد هذا التطرف و التعصب في الدين لأن الله تعالى ترك حرية الفرد بان يعتقد ما يبغي و ما يريد فلذلك الحاكم في تونس، و كذلك الحاكم في كثير من الدول العربية إذا ترك الحرية للناس فهو نعم الحاكم، أما إذا ضغط عليهم و أجبرهم على شيء لا يريدونه فهو بئس الحاكم، و نحن لا نطالب لا بمسجد و لا حسينية و لا صحيفة لأن الأمور تجري رويدا رويدا.. كما أننا لسنا على عجلة من أمرنا و لا نحب العجلة و هنا استذكر قول الشهيد الصدر (رضوان الله عليه) اياك أن تتدخل في مشاكل الحكام أو تنتقد الحكومات و تؤيد معارضة أو تقوم بمؤامرة على الحكومة أنت دورك الان داع و هو أن تكشف الحقائق للناس كما هو دور أهل البيت (عليهم السلام) و واجب عليك إيصال هذا الفكر لمن يريد الجنة.
و هل أريد اكثر من هذا؟ لذا فأنا لا أتدخل في شؤون الحكم أو الحكام و لدي مهمة أسمى من ذلك بكثير ألا و هي تقديم النصيحة و كشف الحقيقة و بهذا الفهم الواقعي و اللاعنف، يعني بدون تخريب أو قتل أو كما يقال (ارهاب)، لا تجد من يعارضك أو ينتقدك، أما الذي يحمل السلاح ضد الدولة و ضد اخوانه المسلمين بإسم الدين فهو ليس من الإسلام بشيء.
· كيف تنظرون إلى حركة التشيع في العالم اليوم.. و ما هي أسبابها؟
إن التشيع يزداد يوما بعد يوم، و البشر باتوا يعون حقيقة أهل البيت (عليهم السلام) لقد كنا نعيش في الظلمة إلا أن الله أنار عقولنا، و رب قائل يقول: ها إن الشيعة المستقيمون لا يعملون وفق عمل أهل البيت (عليهم السلام) نقول نعم هناك أقلية و الشيعة لا تقاس بالأقلية.
· هل وفقتم لمشاهدة كرامة ما لأهل البيت (عليهم السلام) بعد انتقالكم لمذهب الحق و الرشاد؟
نعم و الحمد لله و ذكرت ذلك في كتابي (سيروا في الارض و انظروا) عندما تعذبت عذاب الهدهد في سجن القلعة في مصر، صدّق أنني يئست من الحياة، و ايقنت بأنني مقتول لا محالة، في تلك اللية رايت الإمام علي (عليه السلام) يبشرني بالخروج من السجن، و تذكرت الحلم المشابه الذي رايته في تونس في بداية تشيعي، عندما أوقفت من قبل وزارة الداخلية آنذاك و كان الحلمين متشابهان.
و هذه اعتبرها كرامة من كرامات أهل البيت عليهم السلام لأنني كلما التجأ اليهم و أتوسل إلى الله بهم أجد الفرج و يذهب الكرب عني و الحمد لله رب العالمين.
· البعض يتهمكم بإثارة النعرات الطائفية و المذهبية؛ فكيف تواجهون هذه التهمة؟
أكثر من مرة أكدت في المحاضرات و سأعيد نفس القول: أنا لم أجد المسلمون يوما ما موحدون حتى أخشى عليهم التفريق منذ فتحت عيني وجدت نفسي مالكيا و وجدت أحناف و حنابلة و شافعية، و بعد ذلك اكتشفت الاسماعيلية و الشيعة الجعفرية و الزيدية و الإباضية و الدروز و الأحباش و الوهابية و السلفية سمي و لا حرج أمة متفرقة لماذا نخشى عليها التفرقة؟ على العكس تماماً.
عندما أتكلم بالحق اُتهم بأنني أثير الطائفية نعم أثيرها للاستبصار و عندما تستبصر ستعود إلى مظلة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي قال: (تركت فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله و عترتي آل بيتي).
أنا أحب أظهر طريق الهدى و الرشاد و الحق، طريق العترة الطاهرة (عليهم السلام) و أكشف عن أنوارهم للتائهين الذين يتبعون معاوية و عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة و اليزيد بن معاوية هؤلاء الاذلاء الذين كانوا يحاربون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و الإسلام و سماهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أبناء الطلقاء، و جاء لعنهم في القرآن الكريم و لعنهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في العديد من المناسبات و مع كل هذا نجدهم أصبحوا أمراء للمسلمين للأسف و أخذوا يشرعون لهم الأحكام التي أغلبها تشريعات ليست من الله في كتابه و لا من سنة رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، و من هذا المنطق أقول و بكل جرأة و وضوح: إن همي و مطلبي أن يصل المسلمون إلى الحقيقة و يعودوا إلى الحق و الرشاد بدلا من التية الذي يسيرون فيه هذا ما أبغيه ليس إلا .. ليس هم الشيعة أن تعيد الخلافة للإمام علي (عليه السلام) فالإمام (عليه السلام) كان الافضل والأجدر و الأولى، و هذا معروف و جلي للجميع إلا عند المكابر المعاند.. له الحرية بذلك .. و كما له مطلق الحرية..، فأنا لي ملء الحرية بأن أعبر و أنطق بالحق ليعتبر من يعتبر لكي يعود إلى كتاب الله و سنة رسوله حسب ما روته العترة الطاهرة (عليهم السلام) فإذا كان هذا تفريق وطائفية، أقول (مع الأسف) أن هؤلاء لم يفهموا من الدين شيئاً، و أدعو الله أن يهديهم كما هداني و كشف بصيرتي للنور المحمدي الذي يتمثل بالعترة الطاهرة (عليهم الصلاة و السلام).
و نحن اليوم بأمس الحاجة إلى أن يعود الإسلام إلى ما كان في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و إعادة المسلمين إلى الحق، و الرجوع إلى الحق فضيلة، و هذا ما طلبه الله في كتابه العزيز: ( بسم الله الرحمن الرحيم إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العلي العظيم. فربنا لم يطلب منا التغيير السياسي و لا التغيير المسلح، لأن التغيير المسلح لا نستطيع مقاومته، الناس تطالب بأشياء لم يقرها الله سبحانه و تعالى في القرآن الكريم..
تخرج فئة قليلة من الناس لتشكل حكومة، و تقف في وجه جيش من الدبابات و الطائرات و الصواريخ و الجنود و الشرطة، و تقوم بالتخريب، و عندما يمسك أحدهم و يُضرب ينادي أحد.. أحد، يمثل قول بلال هذا ليس من الإسلام بشيء نحن نعيش في زمان يجب أن تكون الحقائق الإسلامية واضحة و الحقائق الإسلامية تطلب منا أن نغير ما بأنفسنا كما قال الله سبحانه و تعالى و الله يريد منا أن نغير الافكار الأموية و العباسية بأفكار ربانية محمدية علوية منفتحة.. عندها سيغير الله سبحانه و تعالى مابنا من تخلف و تأخر و اضطهاد و ظلم و ينصرنا و يعزنا و يكرمنا هذا هو التغيير الذي نستطيع فعله، أما الأول ليست لدينا القدرة عليه و إلا نقول: ربنا لمَ كلفتنا بما لا نقدر عليه بأن نحارب جيشاً و نحن عزل من السلاح، و هذا قرآنياً مرفوض لأن الله جل و علا حتى في حروب الامم يقول: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة.) اين قوتنا الان؟ نعم قوة البيان قوة البلاغة قوة العقل قوة البصيرة هذه هي القوة المطلوبة الان لذلك ربِّ قال في كتابه العزيز: ( الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا). فالجهاد هنا هو جهاد العقل ـ الفكر، و إذا جاهد الانسان فكريا و عقليا خير من حبه القيادة ليس إلا..
· أهل السنة يقولون عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن و السنة، و الشيعة تقول القرآن الكريم و العترة الطاهرة، فما الفرق بين القولين؟ و ما الاستدلال على ذلك؟
الفرق واضح و بيّن، إذ ليس كل انسان بعالم، و القارئ البسيط و متوسط الثقافة يعلم أن القرآن لا ينطق، ويعلم أيضاً أنه حمال أوجه، و من الممكن أن يقرأ الإنسان آية و يفسرها، و يأتي آخر و يفسرها بغير ما فسرها الأول، و كلٌ يتمسك برأيه و يقول أنه على حق، و هذا ما وقع بالضبط في المدارس الإسلامية الكلامية، والسنة نفس الشيء، كافة الفرق الإسلامية تعلم يقينا أن القرآن الكريم معصوم من الله جل جلاله و ليس فيه اختلاف يقول عزوجل: ( إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون).
فكيف بالسنة التي يشك فيها صاحبها نفسه (صلى الله عليه و آله وسلم) الذي يقول: كَثُرت علي الكذابة! و هو حي كذبوا عليه، و أغلب الكتب المتواجده سنية أو شيعية( حتى أكون منصفا) لا يمكن الاعتماد عليها فإذا اعتمدنا على الصحيح منها فسوف نتأول و نفسر على أهوائنا و نقول قال الرسول عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين من بعدي و هم أبوبكر و عمر و عثمان و علي، لا، هم علي و الحسن و الحسين و التسعة من ذرية الحسين (عليهم السلام)، هنا كل فرقة تتأول ما تريد فاين الحقيقة؟ الحديث الصحيح ( و عترتي أهل بيتي) لماذا؟ لأن العترة الطاهرة بشر و البشر عقول ثم أن هذه العقول عالمة "أولاً" و معصومة "ثانياً" أولاً: عالمة لأنها تستنبط الاحكام الحقيقية و تعي ما يقول الله و رسوله (صلى الله عليه و آله وسلم)؛ ثانياً: لا تكذب لانها معصومة عن الخطأ لأن الله أذهب عنها الرجس و طهرها تطهيراً لذلك الرسول الكريم (صلى الله عليه و آله وسلم) صريح في قوله ( ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابداً كتاب الله و عترتي أهل بيتي) فكيف نتمسك بالقرآن و السنة؟.
خذ مثالاً.. امسك بيدك القرآن الكريم، و بالاخرى كتاب البخاري (اقسم بالله لا يعصمك من الضلالة لماذا؟) تقرأ في كتاب الله مثلا الصلاة سراً أم جهراً لا تعرف!
اثنتين أم ثلاث أم أربع ايضاً لا تعرف! الزكاة، مقدارها لا تلقى دليلاً و هكذا ترجع إلى كتاب السنة فتجد اكثر من عشرين حديثا متناقضا ايهما تأخذ! هذا يقول الرسول اغسل رجليك و الآخر، لا.. امسح رجليك و هذا يقول اسبل يديك و ذاك يقول تكتف..، فاختلاف كبير، و لذلك قال ربِّ: لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً و من هنا يتبين لنا صحة الحديث ( و عترتي) لأن العقول هي التي توضح تفسير الايات الصحيحة، و تدل على الأحاديث الصحيحة ايضاً و تفسرها بصدق و أمانة و هذا واضح في قوله تعالى ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) و أهل الذكر عقول معصومة وليسوا صحفا مكتوبة.
· ما الذي يوحيه اليكم كبار الشخصيات الإسلامية، و ما رايكم بالتعددية و الشورى التي طرحها الإمام الراحل آية الله السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) الذي يعد من كبار المجتهدين المجددين فقها و أصولاً و بماذا امتاز منهجه التجديدي بنظركم؟
يا عزيزي.. أنا من الاشخاص الذين يعشقون التجديد، كما إنني ضد الجمود الفكري و ضد الجمود الذي يموت على فكر كان سائدا في قرون خلت و يريد ان يتشبث به اليوم.. و هو ليس بنص قرآني و لا بنص نبوي.. لماذا؟ لأن الاسلاف كانوا عليه لذلك أنا أمقت السلفية.. ما معنى السلفية؟ هو الرجوع إلى السلف ( الصالح) و لكن الرجوع الىالسلف (الصالح) من حيث الحق، فإن تمسكوا بالحق فنحن معهم، و لكن إن وجدنا السلف (الصالح) قد تأولوا فتلك مصيبة لأنهم ضلوا و أضلوا و سيضلوا.
و بالنسبة لاية الله الراحل المجدد السيد الشيرازي (قده) و غيره من العلماء الأفاضل و المجتهدين أنا أحييهم و أكبرهم و أنا من صفهم لأنني أريد التجديد و أنقم كثيرا على من يجمد فكره و يعلبه و لا يريد أن ينفتح على غيره و لا يريد أن يكون هذا الإسلام متطوراً إلى أبعد الحدود و أن يواكب العصور في كل ميادين الاختراع و التكنولوجيا و التقنية، على سبيل المثال ـ أنا في امريكا قدمت اقتراحا ( على نحو من التجديد) و قلت: اعطوا الدماء في عاشورا ء إلى المشافي..
فجاء احدهم و انتقدني قائلا: أنت مرجع من مراجع الدين كيف تقول هذا الكلام؟ هذه الدماء حق من حقوق المسلمين.. لماذا نعطيها لليهود و النصارى؟
فأجبته: قال الله سبحانه و تعالى في القرآن الكريم: ( من أحيا نفسا كأنما أحيا الناس جميعا..) لم يقل مسلما أو مؤمنا و إنما قال : (نفسا) و الإمام علي (عليه السلام) إمامنا يقول: ( الناس اثنان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)
فنحن نريد أن نثبت للنصارى و اليهود أننا أولا: لسنا بمتعصبين.. ثانياً: لسنا بإرهابيين، ثالثاً: لسنا بحاقدين ـ نحن على العكس ـ نحب الناس و قلوبنا منفتحة على العالم، و ننظر إلى الناس كأنهم إخوان لنا فنحن إذا حاربنا إسرائيل ليس من باب أننا نكره إسرائيل، إذا خرجت إسرائيل من أراضينا فسنشاطرها السلام، و من ثم ستكون صديقتنا، أما أن نقول أن المسلمين يريدون محاربة اسرائيل تعصباً ـ فهذا هراء ـ اعطونا أرضنا و خذوا سلاماً.. هذا هو التجديد في نظري.
· بذكركم أميركا كيف تقرؤون الواقع الإسلامي في المهجر عموما؟ و كيف ترون نشاط المذهب الحق في ارجاء العالم؟
الواقع الإسلامي فيه ما فيه من الأمور.. نعم هناك مكاسب مادية، و لكن فيه انزواء و عدم الرغبة في الدعوة الصريحة للإسلام، و لا يعطون شيئاً من وقتهم و لا من أموالهم و جهودهم لكي ينتقل هؤلاء إلى الإسلام و الاميركيون في أرض خصبة و الناس فارغين، يبحثون عن أي شيء يتمسكون به، و هذه هي فرصتنا في الحقيقة فيجب على الشيعة أن تتضافر جهودهم و تتحد حتى يكونوا دعاة صادقين من أجل التأثير على الآخرين، سواء كانوا في أميركا أو فرنسا أو ألمانيا أو إيطاليا أو أي بلد أجنبي لأن الرسول يبشرنا ( بأن الدين بدأ غريبا و سيعود غريبا كما بدأ أول مرة.. و طوبى للغرباء) فكل غريب مثلي في أميركا يجب أن يكون داعية للإسلام.. لا يجب عليه فقط أن يفكر بجمع ثروة و العودة إلى بلده، ليطمئن على مستقبله، و هذا ربما سيحاسبنا الله سبحانه و تعالى عليه لأننا أهملنا الدين و اكتفينا بمتع الدنيا.
· العولمة الغربية حتمية و هي قادمة إلينا شئنا أم ابينا، فكيف نواجه ذلك؟
سمعت الكثيرين يقولون أنها حتمية و لابد منها، و أنا أميل إلى هذا الراي، لأن الاختراع المتطور دائماً و أبدا سباق للتكنولوجيا و الأحداث، يكفينا أنهم أحدثوا عندنا ثورة في الهواتف المحمولة و المنقولة و الفاكس و الانترنيت و غيرها، فالعولمة من الأشياء المبتكرة الجديدة، و في المقابل أنا أعتقد أنها فائدة للإسلام و المسلمين، لأن دعوة الحق التي كانت مكبوته و محدودة ستستغل هذه الوسائل لتصل إلى قلوب الناس انشاء الله.
· من خلال حديثكم وصفتم العولمة أنها ذات فائدة على كافة الصعد، فهل هي كذلك؟
نحن كمسلمين يجب علينا أن ننتقي، فنأخذ الصالح، و ندع الطالح، فالانتقاء لابد منه، و أن نتبع كما وصف لنا القرآن الكريم في اية الخمر ( بسم الله الرحمن الرحيم... يسألونك عن الخمر، قل فيه إثم كبير و منافع للناس، و لكن إثمهماأكبر من نفعهما) فان كان الإثم أكبر فليترك، و إن كان النفع أكبر فليؤخذ.
فنحن في مسألة العولمة أو أي تقنية أخرى أو أي اختراع لا نتأثر بالغرب إلا فيما هو في صالحنا، و ما يستفاد منه، أما ما يُدمر الأخلاق خصوصا و يمس شرفنا فذلك مرفوض خذ مثلا الانترنيت في كل مكان، ألقي خطبة في قم، يسمعني كل العالم، و هناك صلاة سنية و شيعية في الانترنيت أكثر من أي وقت مضى، و هذا جيد، و لكن يجب أن نحرص على أولادنا من أن يتحولوا من غرفة الغدير إلى موقع عراة أو أي موقع فيه فساد، و هذا يقع على عاتقنا نحن، حيث نبين فساد هذه و مثالية تلك... خذ مثالا: الافلام الخلاعية و الجنسية في أميركا مشفرة حيث لا يمكن الوصول اليها الا بكود خاص يشتريه الأب فيسيء لابنائه إن هم اطلعوا عليها.
· ما هو رأيكم بالبرامج التي تبثها الفضائيات حول الإختلاف بين السنة و الشيعة؟
رأيي إيجابي لأنني شاركت فيها و لا يمكن أن أقول سلبية، لانني إن قلت سلبية فقد حكمت على نفسي بالإدانة.
أقول إنه حان الوقت لأن تكون هذه البرامج مكثفة، يكفينا أربعة عشر قرنا و الشيعة و السنة يعيشون و كأنهم في كوكب غير كوكبهم، كل مذهب في كوكب بعيد عن الثاني، الشيعة منعزلون، و السنة يتهمونهم بالكفر و ما إلى ذلك حتى وصل الأمر إلى أن يقولوا أن الشيعي له ذنب.. مثلا؛ و أغرب ما سمعت أخيرا من أحد الفلسطينيين في أميركا يقول لي: ( و لا يعلم أني شيعي) هل تعلم ماذا يفعل الشيعة في عاشوراء؟ قلت لا.. ماذا يفعلون؟ قال: يجتمعون و يطفؤون الأنوار و يدخل الأب بإبنته و الأخ في أخته و يزنون ببعضهم و كل من يتوّلد من تلك الليلة يسمونه علي أو الحسين!!! و هذه أحد الأمثلة..
و الواجب علينا الان أن نضع حدا لهذه الافتراءات، و نتباحث في هذه المسائل و نفتح باب الحوار و النقاش، حتى ينبثق النور من الحوار و يعرف حتى المجتمعين و المتعاونين. حتى ان لم يستفيدوا من بعضهم بعضا، فليستفد المجتمع العالمي كله، لأن المجتمع حر في تفكيره، و لا يمكن أن يتأثر بهذا و ذاك، و لكن يمكن أن يأخذ من الاثنين الحقيقة.
· إذا كنتم من المؤمنين بالوحدة الإسلامية، فما هي الشروط لقيامها بإعتبارها مطلبا لجميع المسلمين؟
مع الأسف هذا المطلب لن يتحقق، أنا قلتها في أكثر من مناسبة، و أكررها لأسباب عديدة، منها: أن الجمهورية الإسلامية بعد نجاحها في ايران عقدت لذلك في كل عام أربع مؤتمرات و صرفت عليها ملايين الدولارات، يكفيك أن تعلم أن طائرات جامبو / 747/ تنقل المؤتمرين من أوروبا و من أفريقيا و من مناطق أخرى، أربعة أو خمسة طائرات مملوءة بالناس المؤتمرين، فيأكلون و يشربون و يهدى لهم السجاد و الفستق الايراني و الكافيار، و يخرجون من طهران و هم يسبون الثورة و قائدها و الشيعة!!، فهمت بعد ذلك أنه لا مجال للوحدة الإسلامية في هذا الوقت، على هذا المنوال، و لن تتحقق وحدة المسلمين إلا بظهور صاحب الزمان الحجة المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) و كأن الله سبحانه و تعالى إدخره لهذا الغرض، لأن الأمة الإسلامية اختلفت بعد رحيل نبيها و تفرقت فلا يمكن أنت تجتمع إلا بشبيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)إمام معصوم، و هذا ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ( لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يظهر المهدي من ولدي اسمه كإسمي يملأ الأرض قسطاً و عدلاً كما ملئت ظلماً و جوراً) و الذي يملأ الارض قسطاً و عدلاً هو المهدي ( سلام الله عليه و على آبائه الطاهرين) عند ذلك يتوحد المسلمون، و يقاتلوا اليهود، حتى اذا اختبأ اليهودي وراء شجر أو حجر لنطق، و قال يا مسلم ورائي يهودي هاهنا تعال و اقتله، و أنا أضمن ذلك، أما الوحدة اليوم مستحيلة نعم بمرور الزمن و باهتداء المسلمين إلى الحقيقة و الرجوع إلى أهل البيت (عليهم السلام) ستكون إرهاصات أو تمهيدات لظهور المهدي ( عليه السلام) لأن عند ظهوره سوف يظهر الحق للمعاندين، و أنا قلت لبعض المعاندين ذلك، فقالوا نعم نحن معك ننتظر المهدي، إذا جاء المهدي و قال لنا: ( و نحن نعرف أنه من أهل البيت) كما يقول أهل الشيعة أنه مخفي.. عند ذلك نتشيع!.
· الأزهر يرفض (الحسين شهيداً) بحجة عدم إثارة النعرات الطائفية و الفتن! و يوافق على ( عمرو بن العاص) بماذا تعلقون على ذلك؟
أنا لا أعتقد أن الأزهر لا يوافق على ( الحسين شهيدا) إنما هي نفثات من بعض المتعصبين، الأزهر لا يخلو من المتعصبين، كما لا يخلو من العلماء الأفاضل الذين يقولون كلمة الحق و تخرج من حين لآخر في أقوالهم و كتبهم، لما كتب الشرقاوي كتابه عن إمام المتقين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قام عليه علماء الأزهر و قالوا له: إذا وصفت علي إمام المتقين فأين وضعت محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ هذا هو الجهل و التعصب!!.
و بالنسبة إلى عمرو بن العاص و كثير من أمثالة الذين يعدوا من الصحابة، و هم من المؤكد أنهم صحابة، و لكن الصحابة كما تعلم و يعلم الجميع درجات متفاوتة و طبقات أيضاً متفاوتة، و يكفي نحن أن نأخذ بالقرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة التي تكشف نفاق بعضهم و فسق بعضهم و كفر بعضهم و ارتداد بعضهم، و السنة النبوية الشريفة شاهدة على ذلك...
فنحن نقول لإخواننا العلماء في الأزهر و لإخواننا العلماء من الشيعة و من كل الطوائف أن يتقوا الله سبحانه و تعالى في دينهم و أن يكونوا أحرارا في عقيدتهم لا تأخذهم في الله لومة لائم كلفهم ذلك ما كلفهم لأن الأمر اليوم، قد يجنون منه فوائد مادية، و لكن عند الوقوف بين يدي الله سبحانه سوف تكون الحسرة و الندامة.
· بماذا تمثلت جهودكم الإعلامية لدعم الشعب العراقي المسلم؟
ألقيت العديد من المحاضرات، و خصوصا خطب صلاة الجمعة في"ديربورن هايت"، دار الحكمة الإسلامية، التي كان لها صدى كبير و مردود عظيم، لأننا أثرنا حفيظة المسلمين، و أن يتقوا الله سبحانه و تعالى في إخوانهم العراقيين، لأن الكثير من الناس تأخذهم الدعايات البعثية الصدامية و يدافعون عن صدام و يصورونه كبطل للعروبة و الإسلام، و أنه الوحيد الذي ضرب اسرائيل و من هذه الخزعبلات الشيء الكثير، و لكننا وقفنا بالتصدي لهذا التيار المنحرف و كشفنا زيفه، و أفهمنا المسلمين و غيرهم أن العراقيين هم ضحايا هذا النظام الجائر.
في عام 1984 اجتمعت مع السيد مهدي الحكيم في لندن و قلت له: مولانا صدام انتهى.. التفت اليّ و قال: و الله لا أصدق لأن صدام سينهينا كلنا قبل أن يسقط، و بعد ستة أشهر إغتالوه في السودان (رحمة الله عليه)، عندها أيقنت خطورة هذا النظام النازي، و الحمد لله الذي أعطانا الحياة و رأينا سقوط صدام و زبانيته، و هذا فضل من الله تعالى، و نتمنى عليه جل جلاله أن يعود العراقييون لوطنهم سالمين و يديروا حكومتهم الإسلامية، و يعيشوا في أمن واستقرار و سلام و ديموقراطية و أن يعطوا المثل الأعلى للسلام لأن كل الأنظار الآن متوجهة إليهم كأتباع لأهل البيت (عليهم السلام).
· ما أحب مؤلفاتك إلى نفسك؟
أحب مؤلفاتي لنفسي ( ثم اهتديت) لأنه نفحة من نفحات أهل البيت (عليهم السلام) كما قال لي السيد علي الخامنئي، و اعتبره كما يعتبر الوالد بإبنه البار و يعتز به لأنه ذكي و فطن و نشيط و يلبي دعوة أبيه، أنا كذلك أنظر إلى كتاب ( ثم اهتديت) الذي ترجم إلى أربع و عشرين لغة و طُبع أكثر من مائة مرة، فأقول الحمد لله.. و الفضل كله لله العلي القدير.
· هل من الممكن ان تحدثونا عن الشعائر الحسينية مالها و ما عليها في نظركم؟
الشعائر الحسينية لابد منها، لأن ( من يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) و هذه اعتبرها من شعائر الله، لأن الحسين (عليه السلام) ركن من أركان هذا الدين السمح الحنيف.. و الإمام الحسين (عليه السلام) أعطى بموقفه المثل الأعلى في الثبات و الصمود و الحق و ليس فقط هذا، بل في اعطاء النفس الطويل بانتصار الدم على السيف و انتصار الحق على امتداد الزمن و يكفينا أن ا لخميني كان يقول لولا ثورة الحسين (عليه السلام) لما عرفنا لهذه الثورة طعما و لا انتصارا، و كان شعاره كل أرض كربلاء و كل يوم عاشوراء و جميع الأحرار في العالم ينادون بشعار الحسين (عليه السلام) و يأخذونه مثلا أعلى يحتذي به، حتى قيل أن غاندي كان يأخذ من ثورة الحسين هذا المدد.
من وجهة نظري، ان هذه الشعائر يجب أن تكون إسلامية بحتة، أي لا يكون فيها الشغب، حتى لا يستغله الأعداء ضدنا لأنني رأيت أهل الغرب بصورة خاصة، لا يصورون الشعائر الحسينية على حقيقتها، إنما يهتمون فقط بالسيف و الضرب و الدماء التي تسيل، و يخرجونها ألوان حمراء في أكفان بيضاء، و يهتموا بالأطفال الصغار، في أميركا مثلا الأب الذي يضرب إبنه براحة يده على وجنته، يأخذونه منه و لا يعد يراه أبداً، فمابالك و هم يرون الآباء يضربون الأبناء بالسيف لتسيل دماؤهم فماذا يقولون علينا!!
بالله عليك كيف نفهمهم أن الإسلام حضارة؟ و وجهة أهل البيت (عليهم السلام) وجهة الحق؟ بعضهم يقول لا يهمنا إن العدو تأثر، أم لم يتأثر، كيف لا يهمنا أمر الآخرين أصدقاء أم أعداء؟ إن الإسلام دين رحمة لكل البشر و ليس للمسلمين فقط ( إنما أرسلناك رحمة للعالمين) فالله سبحانه و تعالى أرسل محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) رحمة للعالمين للإنس و الجن، أما إذا اعتبرنا الرسول جاء لفئة واحدة نكون حجمنا الإسلام و حددناه و بالتالي قيدناه إلى قفص، بينما الله سبحانه و تعالى ( نور السموات و الارض) يريد أن يشع نوره في كل مكان، و هذا الاشعاع ليس مقتصرا عليّ و عليك إذا عملنا، كما يقول الإمام الصادق (عليه السلام) ( كونوا زيناً لنا و لا تكونوا شيناً علينا) (كونوا لنا دعاة بأعمالكم لا بأقوالكم).
قبل أن أتشيع انتقدت هذه الأفعال و قلت للشهيد الصدر لماذا هذه الأفعال؟
اجابني: أفعال جهلة و العلماء يحاولون بكل جهودهم أن يغيروا هذه الأفعال و الزمن كفيل بإزالتها و مع كل هذا سئلت هذا السؤال في قم المقدسة هذه الايام، فأجبتهم أنا لست بمرجع و أقولها ها هنا أيضاً حتى لا يؤخذ علي أي موقف، إنني أريد أن أكون داعية لأهل البيت ( عليهم السلام) دون أن أكون منتسباً لأحد أو أكون تابعاً لأي إنسان أو لأي إتجاه أو لأي خط و أحب أن أقول: كما قلت لكمال خرازي أنت وزير خارجية الجمهورية الإسلامية أليس كذلك؟ قال نعم، قلت أنا وزير خارجية أهل البيت (عليهم السلام)، قال: أنت أفضل مني، إذاً لابد أن نعطي هذا الإسلام الحقيقي حقه حتى يؤثر في الناس تأثيراً بالغاً و يدخلون في دين الله أفواجاً.
لا لننفر الناس منه، و لكنني أعود و أكرر لست بمرجع ديني و لا أفتي من عندي، فبعض المراجع يحرم ذلك و البعض الآخر يجيزه فعلى المسلمين المقلدين أن يرجعوا إلى مقلديهم. و لا أريد أن أحمل نفسي فوق طاقتها و يجب أن أقف عند حدي و الحمد لله رب العالمين.
· هل من موقف طريف وقع لكم عند انتهاجكم سبيل النور المحمدي؟
المواقف الطريفة كثيرة جدا، أذكر على سبيل المثال لا الحصر أنني كنت شخصية وهمية مع الكتاب الذي ترجم إلى أربعة و عشرين لغة و طُبع أكثر من مائة مرة، يعدون التيجاني السماوي شخصية وهمية لا وجود له عند أغلب الناس المعاندين، و شاء القدر أن يأتي ابني شرف الذي يدرس في الحوزة العلمية بقم المقدسة إلى دمشق و يجتمع مع مجموعة من السوريين و الحديث ذو شجون، و جاء على ذكري و الناس معجبة بثم اهتديت، فقال أحدهم إن علماء الشيعة هم الذين ألفوا الكتاب و نسبوه إلى التيجاني السماوي الذي هو شخصية وهمية فقال لهم ابني: إذا كان التيجاني السماوي شخصية وهمية! فأنا الان الذي أقف بينكم شخصاً وهمياً، قالوا له كيف؟ قال لأن التيجاني السماوي والدي.. فبهت الجميع!
· إذاً تجدون المواقع الالكترونية على الانترنيت بشكل عام للأفضل بعد الانتقاء، و السؤال هل تجدون لموقع المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) أي صدى يذكر في العالمين الدولي و العربي و خصوصا في تونس الخضراء؟
بكل صراحة، و بكل تجرد أقول، و ما شهدنا إلا بما علمنا، أنا حتى الآن لم أشاهد هذا الموقع و لم استمع اليه و لكن اعتقد جازما بأن هذا الاسم العظيم المبارك و هو الأربعة عشر المعصومين له من الدلالة ما له في قلوب محبي آل البيت (عليهم السلام) في العالم، لأن كل الشيعة في العالم لا يختلفون على هذا ـ و هذا فضل من الله تعالى ـ قد يختلفون في عاشوراء، في التطبير و اللطم، و لكن في هذه الاسماء الأربعة عشر و لله الحمد اجماع كامل.
· هل من رؤى و خططاً مستقبلية أو آلية ما تقترحونها لتطوير عمل الدعوة أو التبليغ من وجهة نظركم؟
على الشيعة أن يتحركوا في أرجاء العمورة، و أنا ألومهم على هذا التقصير و خاصة، التجار الكبار الذين يملكون الكثير من الثروات التي تمكنهم من فتح محطات فضائية و لكن للأسف ليس للشيعة أية فضائية تنشر مذهب أهل البيت (عليهم السلام) نعم أقيم في لندن محطة اسمها( القائم)، و لكنها خدمت ستة اشهر و توقفت قل لي بربك لماذا؟ اين الشيعة؟!!
بينما تصرف المليارات من أعداء الشيعة لتكفير و سب و لعن الشيعة، و طبع الكتب و المجلات و النشرات و بث الدعايات و الاعلانات ضد أهل الشيعة، أهل الحق لذلك يحز في قلبي هذا الصمت!
فالهاشمي التونسي بإمكانيات فردية استطاع أن يؤمن محطة فضائية اسمها المستقلة، يقول الله عزوجل( الفتنة اشد من القتل) هذه الاية الان يفسرونها بالإعلام.. الاعلام يمكن أن يحدث ثورة، كما يمكن أن يحدث حربا إعلامية كاملة دون أن يخسر طلقة، و من دون أن يهدر نقطة دم واحدة، و الإعلام وسيلة من الو سائل الكبرى منها السلبية و منها الإيجابية، و نحن كوسائل ايجابية هدفنا التعريف بأهل البيت (عليهم السلام) و ايصال الحق للمتعطشين لهذه المعرفة.
يجب ان لا ننتظر حتى يأتي كتاب(ثم اهتديت) من أقصى البلاد و يتكلف الشخص عبء ثمنه، و قد لا يجده، الان الناس مولعون بالفضائيات التي قضت على كل الكتب و النشرات، لأن الكتاب الذين يطبع يراه الآخر في برنامج خلال عشر دقائق و يتأثر به أكثر من الكتاب الذي يقرأه على مدى أكثر من شهر.
و من هذا الموقع المبارك أدعو المراجع و علماء الشيعة و التجار الكبار أن يفكروا في فتح محطة فضائية أو فضائيات في كل مناطق العالم سواءً في باريس أو لندن أو في اية عاصمة غربية لأنني أعلم ( مع الأسف الشديد) أن العرب لا يسمحون لهم بفتح هكذا فضائية ـ لذا يمكنهم فتحها في دول الغرب المسموح فيها بالفضائيات، حيث هناك حرية كاملة للانسان المنفتح ـ تنتابني الدهشة- عندما أرى انسان بمفردة ينشىء محطة فضائية و نحن مجموعة كبرى لا نفكر في إنشاء أكثر من محطة فضائية! و قد قلت في الرياض: لو تفتح محطة فضائية فأنا على استعداد لادارتها باستدعاء علمائها ليعرف الناس أين الحق، بدون إثارة بغض أو إثارة فتنة و بدون سب أو لعن، آه.. لو علم الناس محاسن أعمالنا لأتبعونا و نحن نحب أن نريهم محاسن أهل البيت أهل الحق (عليهم الصلاة والسلام)
· من خلال حديثكم الشيق أنتم تعزون فشل الأمة الإسلامية لعدم وعيها لدورها و عدم معرفة الأساليب و إستغلالها؟
بارك الله فيك.. نعم أعزوها لعدم معرفة الأساليب و من الجائز أنها تعرف الأساليب بجهود المؤمنين لاستغلالها، و لكن هناك عائق ثان.. و هو أن أعداء الشيعة كُثر و متمكنون ماديا و لديهم امكانيات هائلة و طائلة مما يعرقل هكذا مشاريع، لانهم لا يريدون لها أن ترى النور.. لذلك يجب على الشيعة أن يفكروا و يخططوا لكي يصلوا الىتحقيق هذا الهدف السامي النبيل.
· في نهاية هذا المقال.. اترك لكم كلمة تخصون بها العاملين بموقعنا موقع المعصومين الأربعة عشر( عليهم السلام) و كذلك زواره الأكارم؟
أقول لكل من يعمل و يقضي بعضا من وقته في هذه المحطة المباركة بارك الله فيكم، و أرجو من الله العلي القدير أن يكافئكم و يعطيكم الأجر العظيم، كما أدعوه جل و علا أن يوفقكم في كل أعمالكم و أن يأخذ بأيديكم لما فيه خير و صلاح الأمة الإسلامية و تبيان الحق و الحقيقة، و أنا من المشجعين لكم، لأنني أعلم مسبقاً أنكم تعملون لوجه الله و لا تريدون من الناس جزاءً و لا شكوراً و إنما تخدمون بذلك دينكم و مبدؤكم و إظهار حقائق المعصومين الأربعة عشر (صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين) و كونوا على يقين أنهم من ورائكم سيؤازرونكم و ينيروا بصيرتكم، و تجدونهم كما وجدتهم أنا في كل عقبة و في كل كربة، عوناً و فرجاً و شفاءً انشاء الله تعالى.
و أخص كل المستمعين و المسلمين في كل أنحاء العالم أن يتجردوا للحق و أن يتركوا التعصب جانبا لأن الموقف هو موقف خطير، فيه جنة نعيم، أو و العياذ بالله جحيم و سقر.
و على المسلم ان يكون فطنا كيساً كما يريده الله و رسوله الكريم( صلى الله عليه و آله وسلم) و أن يتبع الحق و لا يخشى في الله لومة لائم.
بسم الله الرحمن الرحيم...( و بشر عبادي الذين يستعمون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله و أولئك هم أولوا الالباب) و أقول قولي هذا و استغفر الله لي و لكم و لوالدي و لوالديكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
و السلام عليكم جميعاً و رحمة الله و بركاته .
أرسل ملاحظاتك حول اللقاء
تعليق