بسم الله الرحمن الرحيم
1. مَن قَتَلَ نَفْسَا بِغَيرِْ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فىِ الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا (المائدة32)
2. والْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ (البقرة191)
آيتان حول القتل والفتنة في القرآن الكريم، نزّلت الآية الأولى قتل نفسٍ واحدة بغير حق منزلة قتل الناس جميعاً، وجعلت الآية الثانية الفتنة أشد من القتل!
يقول السيد محمد حسين فضل الله في تفسير هذه الآية: لأن القتل يعني الموت الجسدي، بينما تمثل الفتنة عن الدين الموت الروحي الذي يفقد الإنسان معه نفسه، و يتحول إلى عنصر ضار للحياة بدلا من أن يكون عنصرا نافعا لها (تفسير من وحي القرآن، ج4، ص: 77)
الفتنة عن الدين إذاً يفقد فيها الإنسان نفسه، وهذه هي الخسارة الأولى الفردية، ثم يتطور الأمر إلى الخسارة الثانية الإجتماعية بحيث ينقل الأضرار لسائر عناصر المجتمع الإيماني.
وههنا يطرح (التساؤل الأول):
س1: كيف نميز الفتنة في خضم العصف الفكري الهائل؟
نستعين بتفسير السيد فضل الله عندما يبيّن أن تحريك الفتنة هو حرف المؤمنين عن الخط المستقيم وذلك من خلال طرح فهم مغلوط وخاطئ للإسلام، ما يثير الفرقة والتشتت والتمزق ويغذي الأحقاد ويصل بعد ذلك إلى حدّ القتال!
يقول في تفسيره:
ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ التي يحركونها في الجانب الفكري لفتنة المؤمنين عن دينهم الحق لينحرفوا عن خطه المستقيم، مما قد يؤدي إلى الفتنة الاجتماعية بينهم إذا اختلفوا في فهمهم للإسلام من خلال ذلك فيتفرقون شيعا و أحزابا و مذاهب و طوائف في خط العصبية التي تثير الانفعال، و تغذي الأحقاد، و تقود إلى القتال (تفسير من وحي القرآن، ج5، ص: 229)
ويظهر من كلماته أمور:
1. أن الكلام قد يكون واحداً من أهم أسباب الفتنة، فإن بعض الطروحات الفكرية تفتن المؤمنين عن دينهم، فتكون أشدّ من القتل!
2. أن طرح بعض المفاهيم الباطلة ونسبتها للإسلام تؤدي إلى اتباع شريحة من الناس لهذه المفاهيم وتتعدد حينها الأحزاب والمذاهب والفرق، فيكون في طرحها بنفسه فتنة، وبالتالي يكون محرّماً.
3. أن الفتنة قد تودي بأصحابها إلى العصبية والانفعال، وتوصل إلى القتل وسفك الدماء، وكل هذا ناشئ من بضع كلمات قد يتفوه بها قائلها تحت حجة الحرية الفكرية وغيرها.
ثم إنا لو وجدنا من ينبري في الوسط الشيعي الهادئ ويرمي قنابل فكرية وعقدية وتاريخية تسبب الفرقة بين المؤمنين وتثير الضغائن بينهم ويحصل من خلالها فرز أفقي وعامودي في المجتمع، نتيجة حسن ظن عامة الناس بشخصية المتكلم التي تنتسب للدين، فإننا نتأمل كثيراً حينها في حقيقة كونه مصداقاً لما ذكره في تفسيره من (مثيري الفتن)!
ومن ثم يأتي (السؤال الثاني):
س2: كيف نواجه الفتنة وأصحابها؟
كثيراً ما نسمع جواباً تقليدياً بأن في بيان الحق إثارة خطر على اجتماع الشمل، وأن السكوت هو المطلوب فيما لو أثارت بعض الجهات فتنة بحرف الناس عن دينها، وروّجت لمعتقدات باطلة في عمق البيت الشيعي.
لكنا نلاحظ أن هذه الجهات نفسها ترى لزوم العمل بما يخالف هذا الجواب التقليدي، بحيث يقرّون بلزوم (تقييد حرية) أصحاب الفتنة!
يقول السيد فضل الله مبيّنا الموقف الذي ينبغي أخذه ممن يوقد نار الفتنة ولو تلبس بلبوس الحياد: فنأخذ جانب الحيطة في موقفنا منهم، بالتأكيد على إلغاء الفرص التي تسمح لهم باللعب، و تقييد حريتهم بالوسائل العملية الواقعية لنحفظ الساحة من كل دعاة الفتنة و الضلال.(تفسير من وحي القرآن، ج7، ص: 397)
وحينما يرى من يختلف مع السيد فضل الله في العقيدة والفكر والرؤى موقفه هذا، يذهل من احتجاج محبيه على مراجع الشيعة الكرام رحم الله الماضين منهم وحفظ الباقين..
إذ أن السيد فضل الله يوافقهم على منطلقاتهم التي تقوم على قاعدة تقديم الأهم على المهم.
ويفهم من كلامه أمور:
1. أن الاحتياط واجب بعدم الاخذ من أصحاب الفتنة، وهم الذين يقدمون طروحات تثير الفرقة في المجتمع وتؤسس تياراً أو شريحة جديدة يشق من خلالها الصف الشيعي، كما حدث معه هو تماماً، بحيث كانت أفكاره وكلماته سبباً في فتنة عصفت بالجو الشيعي وأطاحت بألباب كثيرٍ من محبيه والمتأثرين به.
2. أن علينا أن نسلبهم الفرص التي تسمح لهم باللعب، واللعب هنا هو لعب بدين الناس، بحيث يركن العوام والبسطاء إلى ما يقوله فلان أو فلان، فيخلط لهم قولاً صالحاً بآخر باطلاً.
3. أن علينا أن (نقيّد حريّة هؤلاء) (بالوسائل العملية)، وهنا يأتي دور المرجعيات الدينية، بحيث اتّخذت مواقف واضحة وصريحة من الفتن وبيّنت مواضع الضلال فيها، وذلك (لحفظ الساحة من كل دعاة الفتنة والضلال) بحسب ما ورد في تفسير السيد فضل الله نفسه. وأما دور فئات المجتمع باختلافها، فهو (التفاعل) مع موقف المرجعية الدينية بما يؤدي إلى (تقييد حرية) صاحب الفتنة وفكره حياً وميتاً.
إذا ينبغي على محبي السيد فضل الله أن يعلموا أنه يوافق العلماء الكبار في لزوم مواجهة الفتنة وسحب البساط من تحت أقدام أصحابها.
فمنهج العلماء في بيان مواضع الانحراف هو أمر متفق على صحته.. ومنهج عامة الناس في قبول رأي الفقهاء والعمل به ولو أدى إلى عزل فئة من الناس أمر في محله.. لكي يتنبه هؤلاء إلى عظم ما اقترفت أيديهم من زرع بذور الفتنة بين الشيعة فيعودوا إلى رشدهم..
وهذا ما يفسر لنا بشكل واضح وجلي سبب صدور فتاوى من كبار فقهاء ومراجع الشيعة تحكم بضلال السيد فضل الله، عندما قدّم بعد الطروحات التي فتنت بعض الناس عن دينها..
أما نماذج هذه الفتنة.. فتأتي في حلقات هذه السلسلة إن شاء الله تعالى.
1. مَن قَتَلَ نَفْسَا بِغَيرِْ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فىِ الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا (المائدة32)
2. والْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ (البقرة191)
آيتان حول القتل والفتنة في القرآن الكريم، نزّلت الآية الأولى قتل نفسٍ واحدة بغير حق منزلة قتل الناس جميعاً، وجعلت الآية الثانية الفتنة أشد من القتل!
يقول السيد محمد حسين فضل الله في تفسير هذه الآية: لأن القتل يعني الموت الجسدي، بينما تمثل الفتنة عن الدين الموت الروحي الذي يفقد الإنسان معه نفسه، و يتحول إلى عنصر ضار للحياة بدلا من أن يكون عنصرا نافعا لها (تفسير من وحي القرآن، ج4، ص: 77)
الفتنة عن الدين إذاً يفقد فيها الإنسان نفسه، وهذه هي الخسارة الأولى الفردية، ثم يتطور الأمر إلى الخسارة الثانية الإجتماعية بحيث ينقل الأضرار لسائر عناصر المجتمع الإيماني.
وههنا يطرح (التساؤل الأول):
س1: كيف نميز الفتنة في خضم العصف الفكري الهائل؟
نستعين بتفسير السيد فضل الله عندما يبيّن أن تحريك الفتنة هو حرف المؤمنين عن الخط المستقيم وذلك من خلال طرح فهم مغلوط وخاطئ للإسلام، ما يثير الفرقة والتشتت والتمزق ويغذي الأحقاد ويصل بعد ذلك إلى حدّ القتال!
يقول في تفسيره:
ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ التي يحركونها في الجانب الفكري لفتنة المؤمنين عن دينهم الحق لينحرفوا عن خطه المستقيم، مما قد يؤدي إلى الفتنة الاجتماعية بينهم إذا اختلفوا في فهمهم للإسلام من خلال ذلك فيتفرقون شيعا و أحزابا و مذاهب و طوائف في خط العصبية التي تثير الانفعال، و تغذي الأحقاد، و تقود إلى القتال (تفسير من وحي القرآن، ج5، ص: 229)
ويظهر من كلماته أمور:
1. أن الكلام قد يكون واحداً من أهم أسباب الفتنة، فإن بعض الطروحات الفكرية تفتن المؤمنين عن دينهم، فتكون أشدّ من القتل!
2. أن طرح بعض المفاهيم الباطلة ونسبتها للإسلام تؤدي إلى اتباع شريحة من الناس لهذه المفاهيم وتتعدد حينها الأحزاب والمذاهب والفرق، فيكون في طرحها بنفسه فتنة، وبالتالي يكون محرّماً.
3. أن الفتنة قد تودي بأصحابها إلى العصبية والانفعال، وتوصل إلى القتل وسفك الدماء، وكل هذا ناشئ من بضع كلمات قد يتفوه بها قائلها تحت حجة الحرية الفكرية وغيرها.
ثم إنا لو وجدنا من ينبري في الوسط الشيعي الهادئ ويرمي قنابل فكرية وعقدية وتاريخية تسبب الفرقة بين المؤمنين وتثير الضغائن بينهم ويحصل من خلالها فرز أفقي وعامودي في المجتمع، نتيجة حسن ظن عامة الناس بشخصية المتكلم التي تنتسب للدين، فإننا نتأمل كثيراً حينها في حقيقة كونه مصداقاً لما ذكره في تفسيره من (مثيري الفتن)!
ومن ثم يأتي (السؤال الثاني):
س2: كيف نواجه الفتنة وأصحابها؟
كثيراً ما نسمع جواباً تقليدياً بأن في بيان الحق إثارة خطر على اجتماع الشمل، وأن السكوت هو المطلوب فيما لو أثارت بعض الجهات فتنة بحرف الناس عن دينها، وروّجت لمعتقدات باطلة في عمق البيت الشيعي.
لكنا نلاحظ أن هذه الجهات نفسها ترى لزوم العمل بما يخالف هذا الجواب التقليدي، بحيث يقرّون بلزوم (تقييد حرية) أصحاب الفتنة!
يقول السيد فضل الله مبيّنا الموقف الذي ينبغي أخذه ممن يوقد نار الفتنة ولو تلبس بلبوس الحياد: فنأخذ جانب الحيطة في موقفنا منهم، بالتأكيد على إلغاء الفرص التي تسمح لهم باللعب، و تقييد حريتهم بالوسائل العملية الواقعية لنحفظ الساحة من كل دعاة الفتنة و الضلال.(تفسير من وحي القرآن، ج7، ص: 397)
وحينما يرى من يختلف مع السيد فضل الله في العقيدة والفكر والرؤى موقفه هذا، يذهل من احتجاج محبيه على مراجع الشيعة الكرام رحم الله الماضين منهم وحفظ الباقين..
إذ أن السيد فضل الله يوافقهم على منطلقاتهم التي تقوم على قاعدة تقديم الأهم على المهم.
ويفهم من كلامه أمور:
1. أن الاحتياط واجب بعدم الاخذ من أصحاب الفتنة، وهم الذين يقدمون طروحات تثير الفرقة في المجتمع وتؤسس تياراً أو شريحة جديدة يشق من خلالها الصف الشيعي، كما حدث معه هو تماماً، بحيث كانت أفكاره وكلماته سبباً في فتنة عصفت بالجو الشيعي وأطاحت بألباب كثيرٍ من محبيه والمتأثرين به.
2. أن علينا أن نسلبهم الفرص التي تسمح لهم باللعب، واللعب هنا هو لعب بدين الناس، بحيث يركن العوام والبسطاء إلى ما يقوله فلان أو فلان، فيخلط لهم قولاً صالحاً بآخر باطلاً.
3. أن علينا أن (نقيّد حريّة هؤلاء) (بالوسائل العملية)، وهنا يأتي دور المرجعيات الدينية، بحيث اتّخذت مواقف واضحة وصريحة من الفتن وبيّنت مواضع الضلال فيها، وذلك (لحفظ الساحة من كل دعاة الفتنة والضلال) بحسب ما ورد في تفسير السيد فضل الله نفسه. وأما دور فئات المجتمع باختلافها، فهو (التفاعل) مع موقف المرجعية الدينية بما يؤدي إلى (تقييد حرية) صاحب الفتنة وفكره حياً وميتاً.
إذا ينبغي على محبي السيد فضل الله أن يعلموا أنه يوافق العلماء الكبار في لزوم مواجهة الفتنة وسحب البساط من تحت أقدام أصحابها.
فمنهج العلماء في بيان مواضع الانحراف هو أمر متفق على صحته.. ومنهج عامة الناس في قبول رأي الفقهاء والعمل به ولو أدى إلى عزل فئة من الناس أمر في محله.. لكي يتنبه هؤلاء إلى عظم ما اقترفت أيديهم من زرع بذور الفتنة بين الشيعة فيعودوا إلى رشدهم..
وهذا ما يفسر لنا بشكل واضح وجلي سبب صدور فتاوى من كبار فقهاء ومراجع الشيعة تحكم بضلال السيد فضل الله، عندما قدّم بعد الطروحات التي فتنت بعض الناس عن دينها..
أما نماذج هذه الفتنة.. فتأتي في حلقات هذه السلسلة إن شاء الله تعالى.
تعليق