إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الشهادة كجسر للعبور إلى السعادة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشهادة كجسر للعبور إلى السعادة

    إنّ المجاهد المؤمن الذي ينظر إلى هذا العالم وعالم الآخرة من خلال العقيدة الإلهية، ويرى أنّ الموت ما هو إلاّ جسر للعبور من هذه الدار إلى تلك الدار، يتباعد الخوف من الموت عن نفسه، وهو ليس فقط لا يخشى الموت، وإنّما يُسرع إلى استقباله في بعض الموارد.

    وبالنسبة إليه، يُعدّ الموت خاتمة العذابات، ومفتاح الإذنِ في الدخول على الحضرة الإلهية؛ وبهذه الفلسفة تُحلُّ مسألة الموت لديه، وخلافاً لمنكري القيامة، لا يعتريه أدنى اضطراب أو خوف.

    ومع أنّ المجاهدين قد أعدّوا أنفسهم لأيّ نوع من أنواع الموت قد قُدِّرَ لهم، وهم راضون بذلك، إلاّ أنّهم يعشقون أن يكون خروجهم من هذا العالم عن طريق الشهادة، وأن يختموا حياتهم في هذا العالم بهذا الشرف العظيم. والإمام علي عليه السلام الذي كان يَعدُّ الأيام شوقاً إلى هذه الأمنية، حيث يقول: "إنّ أكرمَ الموتِ القتلُ، والذي نفسُ ابن أبي طالب بيده لألفُ ضربة بالسيف أهونُ عليَّ من ميتة على الفراش في غير طاعة الله"[1].

    وفي آخر عهده لمالك الأشتر، يتمنّى من الله لنفسهِ ولصاحبه الوفيّ أن يرزقهما الشهادة في سبيله، فيقول: "وأنا أسأل الله بسعة رحمته، وعظيم قُدرته على إعطاء كلّ رغبة أن... وأن يختمَ لي ولك بالسعادة والشهادة"[2].

    وما في سيرة المعصومين عليهم السلام من استقبالهم الشهادة بصدر مفتوح، يحكي عن سموّ مقامها وعظمة منزلتها في معتقدهم. فقد نُقِل بشأن الإمام الحسين عليه السلام أنّ وقاره وطمأنينته كانا يزدادان، ووجهه يتلألأ بالنور أكثر، مع اقترابه من الشهادة يوم عاشوراء[3].

    وإنّ التسابق إلى الشهادة بين جُندِ صدر الإسلام المضحّين، وكذلك بين أصحاب الإمام الحسين عليه السلام، ومجاهدي الإسلام خلال الحروب المفروضة، كان ناشئاً من إدراك هذه الحقيقة، والتي قد استلهموها من آيات القرآن الكريم وسيرة المعصومين عليهم السلام، حيث كانوا يعلمون أنّ الشهادة هي أفضل أنواع الموت بين يدي الله تبارك وتعالى.

    وفي النزاع الذي وقع بين خيثمة وابنه على المشاركة في حرب بدر ولإدراك الشهادة، نموذج من نماذج وعي هذه الحقيقة، حيث وعلى أثر إجراء القرعة، خرج اسم ابن خيثمة، فشارك في المعركة واستشهد.
    وبعد انتهاء القتال، تشرّف والده بلقاء النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وطلب منه أن يدعو له كي يفوز بالشهادة هو الآخر، فدعا له واستشهد لاحقاً في معركة أُحد، فنال ما تمنّى[4].

    وبهذه النظرة، كانَ مسلمو صدرِ الإسلام يذهبونَ للقاءِ الموتِ. ولهذا السبب عينهِ، لم يجعلوا للخوفِ من العدوّ طريقاً إلى قلوبهم. وحينما سأل أحدُ حَمَلَة الرايات في جيش الكفر أصحابَه بعد هزيمة بدر، أنّه ما السبب الذي جعلكم تُهزمون على يد المسلمين مع كلّ هذه العدّة والعتاد، أجابه شخص من بينهم: لقد كان السرّ في ذلك أنّ كلّ واحدٍ منّا كان يُحبُّ أن يُقتل صاحبُه قبلَه، في حين كان كل واحدٍ من المسلمين يُحبُّ أن يُقتل هو قبلَ صاحبه[5].

    وإنّ أفضل كلام على الإطلاق يُبيّن حقيقة نظرة المؤمن نحو الشهادة، هو حديث السيدة زينب الكبرى عليها السلام في مجلس ابن زياد لعنه الله، عندما سألها ذلك الخبيثُ قائلاً: كيف رأيتِ فعلَ الله بأخيك وأهل بيتك؟ فأجابته: "ما رأيتُ إلاّ جميلاً"[6].

    ومعنى هذا الكلام، أنّ شهادة جميع الشهداء في كربلاء، وسبيَ النساء والأطفال، وغير ذلك من الأمور هي جميعاً من وجهة نظر السيدة زينب عليها السلام، أمورٌ يجب على كلّ مؤمن تُصادفُه أن يستقبلها ويتقبّلها بصدر واسع، ويراها حسنة وجميلة.

    وكان أمير المؤمنين عليه السلام يُسرع إلى قتال العدوّ في أشدّ الميادين صعوبة. وفي جوابه لأولئك الذين ظنّوا أنّه كان يتباطأ في حرب أهل صفّين خوفاً من الموت، قال عليه السلام: "أمّا قولكم: أكُلُّ ذلكَ كراهيةَ الموتِ؟ فواللهِ ما أبالي دخلتُ إلى الموتِ أو خرجَ الموتُ إليّ"[7].

    * سبيل النجاة، مركز المعارف للتأليف والتحقيق


    [1] نهج البلاغة، ص180، الخطبة 123.
    [2] نهج البلاغة، ص445، الرسالة 53.
    [3] يُراجع: الشوشتري، الشيخ جعفر، الخصائص الحسينية، دار السرور، لبنان -بيروت، لا.ت، لا.ط، ص71.
    [4] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج20، ص125.
    [5] يُراجع: مرتضى العاملي، السيد جعفر، الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، دار الحديث للطباعة والنشر، إيران- قم، 1426هـ، ط1، ج3، ص213.
    [6] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج45، ص116.
    [7] نهج البلاغة، ص691، الخطبة 55.
    شبكة المعارف الاسلامية


  • #2
    فضل الجهاد وأهميّته في الآيات القرآنية

    عندما ننظر إلى آيات القرآن الكريم نجد أنّه قلّما نزلت آيات بشأن فرعٍ من فروع الدين الإسلاميّ كما هو الحال بشأن الجهاد. ثم نجد أنّه نزلَ البعضُ منها بلسانٍ صريحٍ، ينصّ على الجهاد والقتال، والبعض الآخر بلسانٍ غير مباشر، يتعرّض إلى المسائل الجانبية المتعلّقة به.

    ولأجل أن يبيّن القرآن المجيد أهمّيّة الجهاد، عمد إلى مقارنته بخدمة الحجّاج وعمارة المسجد الحرام اللذين كانا محلاً للافتخار والمباهاة في الجاهلية، ثم صرّح بأفضلية الجهاد عليهما، حيث قال تعالى: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾[1].

    كما أنّ سورة "العاديات" تشير إلى عظمة الحركة الجهادية حيث أقسم القرآن الكريم بخيول المجاهدين وقدح النار من تحت حوافرها وسنابكها، قال تعالى: ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا﴾[2]، إنّ هذه الآيات لشاهد قويٌّ على عظمة الجهاد لأنَّه تعالى لا يُقسم إلّا بالأمر العزيز.

    ويلاحظ المرء أنَّ كلّ الآيات التي تحدّثت عن فضل وعلوّ منزلة المجاهدين في سبيل الله، تحكي في الوقت نفسه عن أهمّيّة الجهاد وفضله، حيث إنّ الجهاد يتقوّم بالمجاهدين ولا ينفكّ عنهم كما في قوله تعالى: ﴿فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾[3].

    وفي آية أخرى جعل الله تعالى نفسه مشتريَ أرواحِ المؤمنين المجاهدين وأموالهم، في صورة تدلّل على قبول الله تعالى لجهاد المجاهدين المؤمنين، فهو تعالى يمتدحهم ويقدّم الوعد الجميل، حيث يقول تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾[4].

    كما أشار تعالى إلى أنّ المجاهدين هم أحبّاؤه واقعاً: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾[5]، ووعدهم بالأجر العظيم والجزيل: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾[6]، واعتبرهم الفائزين في هذا العالم وبشّرهم برحمةٍ منه ورضوان، وجنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار، وخصّهم بها دون العالمين: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ﴾[7].

    ويكفي لمعرفة أهمّيّة الجهاد الالتفات إلى ما وعد الله تعالى به من الأجر العظيم حيث قال عزّ من قائل: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾[8]. إذ أطلق الله تعالى لفظ الأجر العظيم ولم يحدّد ماهيته وقدره، لكي يوضح لنا أنّ هذا الأجر هو فوق ما يتصوّره الإنسان، فقال عزّ اسمه: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾[9]، لأجل تحريك العواطف الإنسانية وقال عزّ وجلّ: ﴿أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ﴾[10]، ثمّ بلسان الأمر في نهاية المطاف لما للجهاد من بركاتٍ وفوائد يعجز الإنسان نفسه عن إحصائها، قال: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[11].

    التربية الجهادية، دار المعارف الإسلامية الثقافية


    [1] سورة التوبة، الآيتان 19-20.
    [2] سورة العاديات، الآيات 1- 4.
    [3] سورة النساء، الآية 95.

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

    صورة التسجيل تحديث الصورة

    اقرأ في منتديات يا حسين

    تقليص

    لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

    يعمل...
    X