موعظة قرآنية
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾1.
مقدّمة
إنّ انتصار أهل الحقّ في مواجهتهم للباطل مرهون بالإذن والتسديد والمدد الربّاني. والمدد الإلهيّ عبارة عن مساعدة وواسطة خفيّ في النصر، والتي تعتبر من العوامل الإلهية والغيبية المهمّة في تحقيق النصر للمسلمين. فالنصر الحقيقيّ، أسبابه وحصوله إنّما هو إلهيّ المنشأ أولاً وآخراً. لذلك يجب على المجاهدين أن لا يتوجّهوا بقلوبهم وتعلّقاتهم إلى غير الله تعالى. وهذه النكتة أكّد عليها القرآن الكريم في موارد مختلفة، وكان هذا التأكيد لأجل أن لا ينسى الناس أصل التوحيد، وأن يبقى راسخاً في أذهانهم مبدأ: (لا مؤثّر في الوجود إلّا الله).
ففي الحرب لا مؤثّر حقيقيّ غير الذات الإلهية المقدسة، أما الملائكة وغيرها من التسديدات الإلهية فلا يعملون إلا بأمر من الله عزّ وجلّ، ولا استقلال لهم في شيء لا في نصر المسلمين، ولا في أيّ أمر آخر، إذ إنّ كلّ الأمور حقيقة هي بيد الله تعالى، وتسير بأمره تبارك وتعالى.
شروط المدد الإلهيّ وأنواعه
وهذه الإمدادات الغيبية والتسديدات الإلهية للمجاهدين أثناء جهادهم ضدّ الأعداء مشروطة بشرطين كليين:
أوّلاً: العمل على الاستفادة من كل قدراتهم المتاحة بين أيديهم في ساحة العمل.
ثانياً: انتظار المدد الغيبيّ الإلهيّ والمساعدة الربّانية، في حال لم تفِ تلك القدرات والطاقات الظاهرية في رفع حاجة المسلمين ومشكلتهم، لأنه في تلك الحالة سوف يضع الله تعالى تلك الطرق والأساليب الغيبية في خدمة المجاهدين، وذلك حسب ما تقتضيه الحكمة الإلهية والحاجة الفعلية.
وهذه النتيجة قد أيّدها القرآن الكريم حيث تحدّث بعض الآيات الشريفة، عن أنّ الإمدادات الغيبية الإلهية ليست مطلقةً بل لها شروطُها وظروفها، ويمكن أن نصنّف المدد الإلهيّ إلى نوعين، معنويّ وماديّ. وفي هذا المقام يُطرح سؤال عن ماهية هذه الإمدادات والتسديدات الإلهية، وطرق تحققها. وللإجابة عن هذا السؤال، سنقوم بالتحقيق في الآيات الواردة في القرآن الكريم حول هذا الموضوع. يمكننا تقسيم الإمدادات الغيبية والتسديدات الإلهية إلى عدّة أنواع:
السكينة
السكينة من صفات النفس الإنسانيّة التي وردت الإشارة إليها مرّاتٍ عدّة في القرآن الكريم، في بعض الأحيان بطريقةٍ مباشرة، وفي بعض الأحيان من خلال الإشارة إلى النعاس الذي يصيب المؤمنين في ساحة الحرب ويجعلهم كأنّهم في فراشهم وتحت سقوف بيوتهم. وتكتمل الصورة عندما تقترن السكينة في قلوب المؤمنين بالخوف الذي يقذفه الله في قلوب جنود العدوّ.
- قال الله تعالى: ﴿وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا * هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ﴾2. تحدّثنا هاتان الآيتان عن النصر الذي منّ الله به على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ تذكر أمرًا يظهر أنّه بمثابة السبب الذي يؤدّي إلى مضاعفة الإيمان وزيادته وهو السكينة التي نزلت على قلوب المؤمنين فزادت إيمانهم، وسمحت لهم ولقائدهم بالنصر وليس أي نصر بل ذلك النصر الذي يصفه الله بأنّه عزيز، أبهر الأعداء وجعلهم ييأسون من التفكير في طلب ثاراتهم القديمة التي هي الذنوب التي تقدّمت وتأخّرت كما يرى عددٌ من المفسّرين.
قال الله تعالى:﴿﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾3. محور هذه الآية الحديث عن المسلمين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديبية قبل فتح مكّة بقليل من الزمان، ودلالة الآية واضحة على أنّ هذه السكينة التي غمرت قلوب المسلمين المبايعين هي التي ولّدت النصر وجعلته ثوابًا قريبًا لأهل السكينة والاطمئنان إلى خيارات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قذف الرعب في قلوب الكفّار والأعداء
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾1.
مقدّمة
إنّ انتصار أهل الحقّ في مواجهتهم للباطل مرهون بالإذن والتسديد والمدد الربّاني. والمدد الإلهيّ عبارة عن مساعدة وواسطة خفيّ في النصر، والتي تعتبر من العوامل الإلهية والغيبية المهمّة في تحقيق النصر للمسلمين. فالنصر الحقيقيّ، أسبابه وحصوله إنّما هو إلهيّ المنشأ أولاً وآخراً. لذلك يجب على المجاهدين أن لا يتوجّهوا بقلوبهم وتعلّقاتهم إلى غير الله تعالى. وهذه النكتة أكّد عليها القرآن الكريم في موارد مختلفة، وكان هذا التأكيد لأجل أن لا ينسى الناس أصل التوحيد، وأن يبقى راسخاً في أذهانهم مبدأ: (لا مؤثّر في الوجود إلّا الله).
ففي الحرب لا مؤثّر حقيقيّ غير الذات الإلهية المقدسة، أما الملائكة وغيرها من التسديدات الإلهية فلا يعملون إلا بأمر من الله عزّ وجلّ، ولا استقلال لهم في شيء لا في نصر المسلمين، ولا في أيّ أمر آخر، إذ إنّ كلّ الأمور حقيقة هي بيد الله تعالى، وتسير بأمره تبارك وتعالى.
شروط المدد الإلهيّ وأنواعه
وهذه الإمدادات الغيبية والتسديدات الإلهية للمجاهدين أثناء جهادهم ضدّ الأعداء مشروطة بشرطين كليين:
أوّلاً: العمل على الاستفادة من كل قدراتهم المتاحة بين أيديهم في ساحة العمل.
ثانياً: انتظار المدد الغيبيّ الإلهيّ والمساعدة الربّانية، في حال لم تفِ تلك القدرات والطاقات الظاهرية في رفع حاجة المسلمين ومشكلتهم، لأنه في تلك الحالة سوف يضع الله تعالى تلك الطرق والأساليب الغيبية في خدمة المجاهدين، وذلك حسب ما تقتضيه الحكمة الإلهية والحاجة الفعلية.
وهذه النتيجة قد أيّدها القرآن الكريم حيث تحدّث بعض الآيات الشريفة، عن أنّ الإمدادات الغيبية الإلهية ليست مطلقةً بل لها شروطُها وظروفها، ويمكن أن نصنّف المدد الإلهيّ إلى نوعين، معنويّ وماديّ. وفي هذا المقام يُطرح سؤال عن ماهية هذه الإمدادات والتسديدات الإلهية، وطرق تحققها. وللإجابة عن هذا السؤال، سنقوم بالتحقيق في الآيات الواردة في القرآن الكريم حول هذا الموضوع. يمكننا تقسيم الإمدادات الغيبية والتسديدات الإلهية إلى عدّة أنواع:
السكينة
السكينة من صفات النفس الإنسانيّة التي وردت الإشارة إليها مرّاتٍ عدّة في القرآن الكريم، في بعض الأحيان بطريقةٍ مباشرة، وفي بعض الأحيان من خلال الإشارة إلى النعاس الذي يصيب المؤمنين في ساحة الحرب ويجعلهم كأنّهم في فراشهم وتحت سقوف بيوتهم. وتكتمل الصورة عندما تقترن السكينة في قلوب المؤمنين بالخوف الذي يقذفه الله في قلوب جنود العدوّ.
- قال الله تعالى: ﴿وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا * هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ﴾2. تحدّثنا هاتان الآيتان عن النصر الذي منّ الله به على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ تذكر أمرًا يظهر أنّه بمثابة السبب الذي يؤدّي إلى مضاعفة الإيمان وزيادته وهو السكينة التي نزلت على قلوب المؤمنين فزادت إيمانهم، وسمحت لهم ولقائدهم بالنصر وليس أي نصر بل ذلك النصر الذي يصفه الله بأنّه عزيز، أبهر الأعداء وجعلهم ييأسون من التفكير في طلب ثاراتهم القديمة التي هي الذنوب التي تقدّمت وتأخّرت كما يرى عددٌ من المفسّرين.
قال الله تعالى:﴿﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾3. محور هذه الآية الحديث عن المسلمين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديبية قبل فتح مكّة بقليل من الزمان، ودلالة الآية واضحة على أنّ هذه السكينة التي غمرت قلوب المسلمين المبايعين هي التي ولّدت النصر وجعلته ثوابًا قريبًا لأهل السكينة والاطمئنان إلى خيارات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قذف الرعب في قلوب الكفّار والأعداء
تعليق