كان الوقت ضحى، وقد جلس بعض المسلمين في مسجد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ينتظرون أذان الصلاة ليؤدوا فريضة الظهر.
دخل " سلمان " المسجد وسلّم على إخوانه من المؤمنين.
أرادوا أن يعرفوا نسب هذا الرجل الفارسي، فتحدّثوا مع بعضهم البعض بصوت يسمعه "سلمان".
قال أحدهم أنا من قبيلة تميم.
وقال آخر أنا من قريش.
وقال ثالث: أما أنا فمن الأوس.. وهكذا.
ظلّ سلمان ساكتاً، فأرادوا يعرفوا نسبه، فقالوا:
ـ وأنت يا سلمان، ما هو نسبك وحسبك؟
أجاب ليعلمهم معنى الإيمان:
أنا ابن الإسلام..
كنتُ ضالاً فهداني الله بمحمّد.
وكنت فقيراً فأغناني الله بمحمّد.
وكنت مملوكاً فاعتقني الله بمحمّد.
فهذا حسبي ونسبي.
سكت الرجال وقد تعلّموا درساً من دروس الإيمان والإسلام.
من هو سلمان؟
ولكن حقّاً، من هو سلمان الفارسي؟ وما هي قصة إيمانه بالإسلام؟
كان اسمه "روزبه" أي "سعيد". ولد في قرية من قرى مدينة اصفهان.
كان أبوه رئيس القرية وكان رجلاً ثريّاً، وفي ذلك الوقت كان أهل فارس يعبدون النار لأنّها رمز النور.
فالنار مقدسة عندهم، لهذا كانت عندهم معابد توقد فيها النار لتبقى مشتعلة دائماً، وهناك رجال مقدّسون يتولّون المحافظة على اشتعالها ليل نهار.
عندما كبر "روزبه" وأصبح فتى أراد أبوه أن يكون له شأن، فعهد إليه أن يتولّى المعبد ويحافظ على اشتعال النار.
فكّر روزبه في شأن النار، فأبى ذهنه المتوقد أن تكون النار إلهاً: لأن الإنسان هو الذي يتولّى رعايتها حتى لا تنطفئ.
وذات يوم خرج الفتى يتجوّل في المروج البعيدة.
شاهد من بعيد بناءً جميلاً فقصده، وكان البناء كنيسة بناها الرهبان لعبادة الله.
وكانت النصرانية في ذلك الزمان هي دين الله الحقّ.
تحدّث الفتى مع الرهبان، ودخل قلبه حبّ الدين الإلهي، فسأل عنه، فقالوا: أصله من بلاد الشام.
الهجرة
قرّر روزبه الهجرة الى الشام فانتظر عودة إحدى القوافل.
وافق تجّار القافلة اصطحابه الى بلادهم. وعندما وصلها راح يبحث عن دين الله فدلّوه على كنيسة كبيرة.
حلّ الفتى ضيفاً على الأسقف وعاش معه يتعلّم منه أصول الدين ومكارم الأخلاق وتعاليم الإنجيل.
وبعد مدّة مات الأسقف، فهاجر روزبه الى مدينة الموصل وعاش في إحدى كنائسها، ثم انتقل الى مدينة اُخرى هي "نصيبين" ثم الى مدينة "عمّورية".
وفي عمّورية عاش روزبه فترة من الزمن، وكان أسقفها رجلاً صالحاً، فقال لروزبه قبل أن يموت:
ـ انّ الله سيبعث نبياً في هذا الزمان يأتي بدين إبراهيم الخليل، وانّه سيهاجر إلى أرض فيها نخيل كثير.
سأل روزبه:
ـ وما هي علاماته؟
ـ من علاماته انّه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوّة.
مات الأسقف الطيب و بقي روزبه وحيداً.
فكّر أن يهاجر إلى جزيرة العرب.
وذات يوم مرّت قافلة تريد العودة إلى الحجاز، فعرض عليهم كلّ ما يملك لقاء السفر معهم إلى مكّة.
ولكن التّجار لم يكتفوا بما أخذوه من أموال فصادروا حرّيته وباعوه إلى أحد اليهود كرقيق.
تألّم روزبه لهذا الغدر ولكنه صبر، وراح يعمل باخلاص في بستان الرجل اليهودي.
وتمرّ الأيام، وذات صباح جاء من يهود بني قريظة لزيارة ابن عمه، فرأى روزبه وانهماكه في العمل فقال لابن عمه:
ـ ارجو أن تبيعني هذا العبد.
فرح "روزبه" لأن بني قريظة يسكنون في مدينة يثرب المليئة بأشجار النخيل، وهي المدينة التي قال أسقف "عمّورية" أن النبي الموعود سيهاجر اليها.
كان روزبه يعدّ الأيام مترقّباً ظهور النبي.
وذات يوم و بينما كان يعمل في البستان سمع سيّده يتحدّث إلى أحد أصدقائه:
ـ لقد وصل محمّد منطقة "قبا" وقد استقبله بعض أهل يثرب هناك.
وشعر "روزبه" بالفرحة فقد حانت اللحظة التي كان ينتظرها منذ أعوام طويلة.
انتظر إلى المساء، وعندما حلّ الظلام تسلل "روزبه" بعد أن أخذ معه كمية من التمر.
كانت المسافة بين "يثرب" و "قبا" تبلغ ميلين قطعهما "روزبه" بسرعة. وعندما وصل إلى "قبا" دخل على سيّدنا محمّد (صلى الله عليه وآله) وقال:
ـ سمعت بأنّك رجل صالح ومعك أصحاب غرباء فأحضرت لكم هذا التمر صدقة.
وزّع سيّدنا محمّد التمر على أصحابه ولم يأكل منه.
قال روزبه في نفسه:
ـ هذه العلامة الاُولى.
وفي اليوم التالي جاء مرّة اُخرى ومعه كمية اُخرى من التمر أيضاً وقال لسيّدنا محمّد:
ـ هذه هدية.
تناول النبيّ التمر شاكراً ووزّعه على أصحابه وأكل منه.
فقال روزبه في نفسه:
ـ وهذه العلامة الثانية.
هكذا تأكّد "روزبه" ان هذا هو النبي الموعود فعانقه وأعلن إسلامه فسمّاه سيّدنا محمّد (صلى الله عليه وآله) "سلمان".
الحرية
دخل " سلمان " المسجد وسلّم على إخوانه من المؤمنين.
أرادوا أن يعرفوا نسب هذا الرجل الفارسي، فتحدّثوا مع بعضهم البعض بصوت يسمعه "سلمان".
قال أحدهم أنا من قبيلة تميم.
وقال آخر أنا من قريش.
وقال ثالث: أما أنا فمن الأوس.. وهكذا.
ظلّ سلمان ساكتاً، فأرادوا يعرفوا نسبه، فقالوا:
ـ وأنت يا سلمان، ما هو نسبك وحسبك؟
أجاب ليعلمهم معنى الإيمان:
أنا ابن الإسلام..
كنتُ ضالاً فهداني الله بمحمّد.
وكنت فقيراً فأغناني الله بمحمّد.
وكنت مملوكاً فاعتقني الله بمحمّد.
فهذا حسبي ونسبي.
سكت الرجال وقد تعلّموا درساً من دروس الإيمان والإسلام.
من هو سلمان؟
ولكن حقّاً، من هو سلمان الفارسي؟ وما هي قصة إيمانه بالإسلام؟
كان اسمه "روزبه" أي "سعيد". ولد في قرية من قرى مدينة اصفهان.
كان أبوه رئيس القرية وكان رجلاً ثريّاً، وفي ذلك الوقت كان أهل فارس يعبدون النار لأنّها رمز النور.
فالنار مقدسة عندهم، لهذا كانت عندهم معابد توقد فيها النار لتبقى مشتعلة دائماً، وهناك رجال مقدّسون يتولّون المحافظة على اشتعالها ليل نهار.
عندما كبر "روزبه" وأصبح فتى أراد أبوه أن يكون له شأن، فعهد إليه أن يتولّى المعبد ويحافظ على اشتعال النار.
فكّر روزبه في شأن النار، فأبى ذهنه المتوقد أن تكون النار إلهاً: لأن الإنسان هو الذي يتولّى رعايتها حتى لا تنطفئ.
وذات يوم خرج الفتى يتجوّل في المروج البعيدة.
شاهد من بعيد بناءً جميلاً فقصده، وكان البناء كنيسة بناها الرهبان لعبادة الله.
وكانت النصرانية في ذلك الزمان هي دين الله الحقّ.
تحدّث الفتى مع الرهبان، ودخل قلبه حبّ الدين الإلهي، فسأل عنه، فقالوا: أصله من بلاد الشام.
الهجرة
قرّر روزبه الهجرة الى الشام فانتظر عودة إحدى القوافل.
وافق تجّار القافلة اصطحابه الى بلادهم. وعندما وصلها راح يبحث عن دين الله فدلّوه على كنيسة كبيرة.
حلّ الفتى ضيفاً على الأسقف وعاش معه يتعلّم منه أصول الدين ومكارم الأخلاق وتعاليم الإنجيل.
وبعد مدّة مات الأسقف، فهاجر روزبه الى مدينة الموصل وعاش في إحدى كنائسها، ثم انتقل الى مدينة اُخرى هي "نصيبين" ثم الى مدينة "عمّورية".
وفي عمّورية عاش روزبه فترة من الزمن، وكان أسقفها رجلاً صالحاً، فقال لروزبه قبل أن يموت:
ـ انّ الله سيبعث نبياً في هذا الزمان يأتي بدين إبراهيم الخليل، وانّه سيهاجر إلى أرض فيها نخيل كثير.
سأل روزبه:
ـ وما هي علاماته؟
ـ من علاماته انّه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوّة.
مات الأسقف الطيب و بقي روزبه وحيداً.
فكّر أن يهاجر إلى جزيرة العرب.
وذات يوم مرّت قافلة تريد العودة إلى الحجاز، فعرض عليهم كلّ ما يملك لقاء السفر معهم إلى مكّة.
ولكن التّجار لم يكتفوا بما أخذوه من أموال فصادروا حرّيته وباعوه إلى أحد اليهود كرقيق.
تألّم روزبه لهذا الغدر ولكنه صبر، وراح يعمل باخلاص في بستان الرجل اليهودي.
وتمرّ الأيام، وذات صباح جاء من يهود بني قريظة لزيارة ابن عمه، فرأى روزبه وانهماكه في العمل فقال لابن عمه:
ـ ارجو أن تبيعني هذا العبد.
فرح "روزبه" لأن بني قريظة يسكنون في مدينة يثرب المليئة بأشجار النخيل، وهي المدينة التي قال أسقف "عمّورية" أن النبي الموعود سيهاجر اليها.
كان روزبه يعدّ الأيام مترقّباً ظهور النبي.
وذات يوم و بينما كان يعمل في البستان سمع سيّده يتحدّث إلى أحد أصدقائه:
ـ لقد وصل محمّد منطقة "قبا" وقد استقبله بعض أهل يثرب هناك.
وشعر "روزبه" بالفرحة فقد حانت اللحظة التي كان ينتظرها منذ أعوام طويلة.
انتظر إلى المساء، وعندما حلّ الظلام تسلل "روزبه" بعد أن أخذ معه كمية من التمر.
كانت المسافة بين "يثرب" و "قبا" تبلغ ميلين قطعهما "روزبه" بسرعة. وعندما وصل إلى "قبا" دخل على سيّدنا محمّد (صلى الله عليه وآله) وقال:
ـ سمعت بأنّك رجل صالح ومعك أصحاب غرباء فأحضرت لكم هذا التمر صدقة.
وزّع سيّدنا محمّد التمر على أصحابه ولم يأكل منه.
قال روزبه في نفسه:
ـ هذه العلامة الاُولى.
وفي اليوم التالي جاء مرّة اُخرى ومعه كمية اُخرى من التمر أيضاً وقال لسيّدنا محمّد:
ـ هذه هدية.
تناول النبيّ التمر شاكراً ووزّعه على أصحابه وأكل منه.
فقال روزبه في نفسه:
ـ وهذه العلامة الثانية.
هكذا تأكّد "روزبه" ان هذا هو النبي الموعود فعانقه وأعلن إسلامه فسمّاه سيّدنا محمّد (صلى الله عليه وآله) "سلمان".
الحرية
تعليق