إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الحسين ع.....لغة ثانية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحسين ع.....لغة ثانية

    الاهداء


    لن أهديه لأحد!

    لأنّ (ألمْ) مازالت خائفة،
    والأخضر الذي ارتدى الغياب،
    لم يعد بعد!



    البداية


    يبدو الحسينُ يُغطّي سيفَهُ بورودِ النّهرِ ثمَّ يرشُّ الماءَ فوقَ دم القتلى، فتظهرُ خلفَ الأفْقِ عاصفةٌ.
    ما زلتُ أحملُ أكفاناً.. ممزَّقةً***وحفنةً من رمال خبّأت وجَعي
    أمشي وخلفيَ تمشي ألفُ عاصفة***كأنّها وُلِدت في كربلاءَ معي!
    صوتٌ يجيءُ: رأينا غيمةً هبَطت ليلا تُفَتِّشُ بينَ الرملِ عن دمهِ الضمآنِ، ثمَّ توارتْ وهيَ حائرةٌ..
    وَجهي ووجهُكَ شيءٌ واحدٌ ولنا***ظلُّ فَمَن أنتَ، هل أنتَ الذي قُتِلا؟
    بالأمسِ أَغلَقَني يأسي، وغادرني***لوني، فهلْ جئتَ ضوءً تفتحُ الأملا؟
    تركتُ قلبيَ عندَ النهرِ نورسةً***ظمأى تشظّى لَدَيها الماءُ واشتعلا
    خطوي يطاردُ صحرائي، وقد تعبت***أشلاؤُهُ وانتهى المسرى وما وصلا
    فكيفَ جئت ربيعاً، رملُ واحتِهِ***تلوّنَ النجمُ من رؤياهُ، واكتحلا؟
    «السيفُ ينزفُ ماءً» قلتَ، وارتجفتْ***كفُّ الزمانِ، فهل أنتَ الذي قُتِلا؟
    صوتٌ يجيءُ: هيَ الأشياءُ تُولدُ في كفَّيِه، والرّيحُ طفلٌ خلفَ قامتهِ يبكي، وللشَّمِس خيطٌ من توهّجهِ...
    لِجثّتي أمسُها نهراً وسنبلةً***وسوفَ يحملُ أعراسَ الحصادِ غدُ
    وفي ارتجافِة موتي غَيمةٌ، وبأشلائي***مخاضاتُ صبح لَمَّها جَسدُ
    عيناي صمتٌ غريبٌ، خلفهُ لغةٌ***أُخرى.. وأشرعةٌ تنأى وتبتعدُ
    صوتٌ يجيءُ: رأينا الشَّمسَ تحملُهُ***في لحظة قد توارى عندها الأَبدُ!





    الرؤى



    الرؤيا الأولى


    أرادَ أن يقولْ
    شيئاً عن الفاصلةِ البلهاءِ
    بينَ النومِ واليقظةِ،
    فاستسلمت الأشياءُ للذهولْ!
    * * *
    أرادَ أن يقولْ
    شيئاً عن الخصبِ،
    فصلَّت وردةٌ.. موبوءةٌ،
    واستغفرت آلهة الذبولْ!
    * * *
    أرادَ أن يُطفي عواءَ الريحِ،
    أو يسترَ عُريَ هذهِ الخيولْ
    فصاحَ: يا أمطارَ هذاالأُفُقِ المسلولْ،
    مُرّي على خيمتنا،
    فَخبَّأت خلفَ الضبابِ وجهَها،
    وسمَّرت غيومَها الفصولْ!
    * * *
    وبعدَها.. أرادَ أن يقولْ:
    لا تولدوا..
    لا تولدوا في زمن مقتولْ!



    الرؤيا الثانية


    هل كانَ للأشجارِ أوردةٌ***فيها لموجِ النّارِ ميناءٌ؟
    هل كانَ للغيمِ احتراقتُهُ،***وله توابيتٌ.. وأشلاءُ؟
    وهل التوى جسدُ النهار على***طعناتِهِ.. والشمسُ عمياءُ؟
    اَلريحُ قافلةٌ.. وصرختُها،***جَرَسٌ.. وهذا الكونُ صحراءُ!
    * * *
    لهدوئهِ لُغةٌ.. ملوّنةٌ،***ولموتِهِ صورٌ.. وأسماءُ
    ولوجهِهِ رغمَ انطفاءتِهِ،***أشياءُ بارقةٌ.. وأشياءُ!
    * * *
    بعيونِهِ تبكي ملائكةٌ،***وبجرحهِ يتوضأ الماءُ!!


    الرؤيا الثالثة


    «صمتُهُ مئذنَهْ
    والجراحُ قناديلُ من وهج،
    والسيوفُ انطفاءْ»
    هكذا قالت الريحُ،
    ثمّ رَمَتْ وجهها في العراءْ
    هكذا تخشعُ الأزمنَة،
    فوق أقدامِهِ،
    وتؤدّي الفصولُ طقوسَ البكاءْ
    * * *
    صمتُهُ مئذنَهْ
    كلَّما فَرشَت ظلَّها،
    هوَّمت فيه عصفورةٌ،
    وغَفَت سوسنَهْ!

    الرؤيا الرابعة

    يبدأُ الحزنُ فجأةً، تبدأُ الدمعةُ***فصلَ الطفولةِ الأبَديَّهْ
    ترتدى لحظةُ البكاءِ عمى الليلِ،***وبُقيا نجومِهِ الخَزفيَّهْ
    ليسَ في البحرِ أوردةِ الملحِ،***وصمتِ المرافىءِ المنسّيهْ
    ليسَ فيهِ سوى غموض رماديٍّ***وما خبَّئتْ عيونُ الضحيَّهْ
    * * *
    رمَّلت وجههَا الحكايا، وراحَ***الضوءُ ينسى أشباحَها الهمجيَّهْ
    فهي حيرى، هل طاعنوهُ برمح***أمويٍّ، أمْ مُدية وثنيَّهْ؟
    * * *
    ينتهي الحزنُ فجأةً، تأخذُ الدمعةُ***بعدَ الرؤيا، ولونَ الشظيَّهْ
    ويكونُ الحسينُ أوّلَ حرف***جرحَ الصمتَ في دمِ الأبجديَّهْ!!


    الرؤيا الخامسة


    عائدٌ والفراتُ رحيلْ
    حَمَلَتهُ الخطى الخائفَهْ
    عائدٌ خطوتي عاصفَهْ،
    ودمي المستحيلْ،
    * * *
    ربّما ينحني زمنٌ.. ربّما
    أو تضيعُ مرايا النهارْ
    عائدٌ إنْ محاني الظما،
    رَسَمتني البحارْ!
    * * *
    وجهُ طفلي كلامٌ جريحْ
    ورؤى كَركَرتْ في رذاذِ الوضوءْ
    الصحارى انهيارٌ.. وليلٌ.. وريحْ
    وهوَ يبني الهدوءْ!
    * * *
    عائدٌ والزمانُ الكسيحْ،
    خلفَ خطوي يموءْ!!


    الرؤيا السادسة


    خطوتهُ تطاردُ الغيابْ
    ووجهُهُ فراشةٌ،
    حطَّت على بوّابةِ العذابْ
    وفي عيونِ طفلِهِ تدافعَ الضبابْ
    وفي الشفاهِ الراحلاتِ،
    في قوافلِ الردى،
    تَيبَّست جنازةُ السحابْ!
    * * *
    يا أنتِ، يا مواسمَ الترابْ
    رشّي على جراحِهِ،
    رشّي ولو شيئاً من السرابْ!


    الرؤيا السابعة


    لنْ أكونَ كما تشتهينْ،
    يا سيوفاً من الخزفِ الهامشيِّ،
    ويا أوجهاً طلعت،
    من ثقوبِ السنينْ
    لن تكونَ نوافذُ جُرحي،
    ممرَّاً إلى مُدُنِ الميّتينْ!
    * * *
    إنني أبتني خيمةً لجراحي،
    وأعزفُ من آهةِ المتعبينْ،
    مواويلَ منقوعةً بالتمرُّدِ،
    مشدودةً بالتشرُّدِ،
    مشبوبةً...
    لا كما تشتهينْ،
    أن تكونَ مرقَّعةً من رماد وطينْ!
    * * *
    أَنْ اكونَ كما تشتهينْ،
    أنتِ لابدَّ أنْ تحصدي سنبلا،
    مِن حكايا المواويلِ،
    أو أنجماً من شظايا القناديلِ،
    أو فرحاً من زوايا الأنينْ...
    ثمَّ قد لا أكونُ كما تشتهينْ!


    الرؤيا الثامنة

    كيفَ يجيءُ الماءْ؟
    وتحتَ كلِّ قطرة،
    محرقةٌ حمراءْ؟
    وخلفَ كلِّ قطرة،
    جزيرةٌ منقوعةٌ بالملحِ والخواءْ؟
    كيفَ يجيء الماءْ؟
    وليسَ في زوّادةِ القتلى سوى الدماءْ
    وليسَ في عباءةِ الحسينْ،
    غير بقايا جسد مجرَّح، وصمتِ كبرياءْ
    كيفَ يجيء الماءْ؟
    والنهرُ صارَ فجأةً...
    مقبرةً لألفِ ألفِ موجة بلهاءْ؟!


    الرؤيا التاسعة


    خلفَ عينيهِ نجمتانْ***وعلى صدرهِ قمرْ
    كيف يبكي له الدخانْ***أو يغنّي لهُ الحجرْ؟
    * * *
    وعلى وجهِهِ رمتْ***لونَها ألفُ عاصفَهْ
    يا ترى أين هوّمتْ؟***فالعصافيرُ خائفَهْ!
    * * *
    عُنْقهُ حاصرَ السيوفْ***فتهاوتْ، مهشَّمَهْ
    هيَ في عُريِها تطوفْ***وهوَ مليونُ ملحمَهْ!
    * * *
    حائراً هَمْهمَ المساءْ***لخيول.. مقنّعهْ
    كيف لا تحملُ الضياءْ***غيرُ كفٍّ.. مقطّعَهْ؟
    * * *
    قد توكَّأْتَ يا جبلْ***فوقَ رمح.. محطَّمِ
    هكذا يُصلبُ الأملْ***بمساميرَ من دمِ!


    الرؤيا العاشرة


    كانَ لابدَّ أنْ ترتدي
    وجهَكِ المستعارْ
    يا رماحاً من الوهمِ،
    تعلو.. وتعلو لتبلغَ في القِمَّةِ الأنحدارْ!
    * * *
    رئتي عالَمٌ من دخانْ،
    وعيوني أراجيحُ للصبرِ،
    يغفو عليها الهدوءُ.. فتحرسُهُ نجمتانْ!
    * * *
    عاصفاتٌ رماديّةٌ سكنت غمدَ سيفي
    والأكفُّ التي بايعتني..
    تَعرَّت على بركة،
    من خواء وزيفِ!
    * * *
    يا ترى.. أينَ أُخفي روايَ وحبِّي؟
    والرماحُ الصديئاتُ...
    تعرفُ ألفَ طريق لقلبي!
    ......يتبع........

  • #2
    الرؤيا الحادية عشرة

    اَلقمرُ المخبوءُ خلفَ حزِنهِ،
    اَلقمرُ المخبوءْ
    أطلَّ ذاتَ ليلة،
    في زمن موَبوءْ
    ليلمحَ ابتسامةً من جبل،
    بألفِ.. ألفِ طعنة ينوءْ
    تموتُ أظفارُ الرماحِ
    في شغافِ قلبِهِ مرعوبةً،
    وهو كقطرةِ الندى..
    يموتُ في هدوءْ!
    * * *
    اَلقمرُ المخبوءْ
    غادرَ كربلاءَ ذاتَ ليلة
    وضوءُهُ محنّطٌ.. ووجهُهُ مفقوءْ!



    الرؤيا الثانية عشرة


    لم نكنْ نسمعُ ما قالَ،
    ولكنّا رأَينا قمراً غادرَ كفَّيهِ.. ونورَسْ
    ورأينا ظلَّهُ الأخضرَ،
    منقوشاً على الرملِ المدمّى،
    ورأينا بينَ عينيهِ صلاةً تَتَيَبَّسْ!
    * * *
    لا تموتي فجأةً.. أيّتها الريحُ،
    ولا تختصري صيحتَهُ الأولى،
    ولا تحترفي الصمتَ،
    ولا تطوي الشراعا
    أسمعينا كلمةً.. نُوقظْ بها الموتى،
    ونُطعِمْها الجياعا
    أسمعينا كلمةً واحدة منه،
    وإنْ كانت «وداعا»!


    الرؤيا الثالثة عشرة


    شَفتي ضفَّةٌ من الموتِ،***مسَّتهُ رماداً وعانقتهُ ترابا
    ما بها غيرُ رجفةِ الظمإِ المخبوءِ***في القلبِ حرقةً وعذابا
    كلَّما لَملَمتْ من الماءِ طيفاً***ماتَ في كفِّها، وعادَ سرابا
    شَفتي عالَمٌ من الغضبِ المصلوبِ***مسَّ الموتى، فهبَّت غِضابا
    وصلاتي همسٌ معَ الله كانَ***القلبُ صحواً، والكونُ كانَ ضبابا
    وأنا أصهرُ السيوفَ بقلبي***وبأُنشودتي أُذيبُ الحرابا!
    * * *
    اَلسحابُ استضافَ كفِّي ولكنْ***نَهَشَ الملحُ في يَديَّ السحابا
    كانَ للماءِ وجهُ عصفورة بيضاءِ***أغرى الوادي عليها الذئابا
    ألفُ سيف يفاجيءُ الجرحَ***والجرحُ يلفُّ الردى ويطوي الغيابا
    لا الرمالُ الشوهاءُ تقدرُ أنْ تغتالَ***خطوي، مسافةً.. واغترابا
    لا ولا الليلُ وهوَ سورٌ من القارِ***المدمّى حطَّمتُ منهُ البابا
    فأطلّت قوافلٌ تنهبُ المجدَ***وتُعطي جماجماً.. ورقابا
    * * *
    شَفتي جمرةٌ تشظَّتْ فقدْ تخطفُ***برقاً، وقدْ تجيءُ شهابا
    تغمرُ الشاطىءَ الفراتيَّ بالضوءِ***وتُؤوي لجرفِهِ الأسرابا
    وتُغطّي بالدفءِ ما عرَّتِ الريحُ***وترفو من رمشِها الأثوابا
    * * *
    شَفتي والغبارُ رشَّ عليها***النوحَ حزناً.. فجاذبتهُ الربابا
    ثمَّ أنّت فاستيقظَ الخصبُ،***والنخلُ يصلّي، يلثمُ المحرابا
    * * *
    يا جراحي للوردِ أسئلةٌ حيرى***تَلَظَّت بهِ فكوني الجوابا
    كيفَ أضحت للماءِ رائحةُ الجمرِ***وصارت مواسمُ اللفحِ غابا؟


    الرؤيا الرابعة عشرة

    هل يلْتَوي السّكَّينُ فوقَ دمي،
    ويرتجفُ الفراتذ؟
    هل تنحني الأمطارُ،
    هل تتكسّرُ الألوانُ،
    هل تَلتفُّ بالخجلِ الصلاةُ؟
    ظّلانِ خلفَ خطايَ،
    مَنْ في الضوءِ قد وُلِدوا،
    ومَن في الجرحِ قد وُلِدوا..
    وماتوا!
    * * *
    أمضي ولي وَهَجُ الجذورِ،
    ولي بداياتُ التمرُّدِ،
    لي مخاضُ الرفضِ،
    لي شمسٌ،
    وذاكرةٌ قديمَهْ
    خَطَفَت حكاياها السيوفُ،
    وَرَظَّها وهْمُ الجريمَهْ!
    * * *
    أمضي وَلي في الماءِ مملكةٌ،
    وللموتِ الهزيمَهْ!


    الرؤيا الخامسة عشرة

    اَلحسينُ انحنى على صدرهِ الرمحُ***وصلّتْ على يدَيهِ الجروحُ
    وتلوّى النخيلُ، يا شَجَرَ الجمرِ***المُدمّى، هل أيقَظتكَ الريحُ؟
    هل تلثّمتَ بالغبارِ؟ لماذا***عُدْتَ شلواً، مُصَمَّغاً، لا يبوحُ؟
    لستَ وجهاً من الرمادِ، ولا الارضُ***دخاناً، حتى تضيعَ السفوحُ
    هبَطَت لحظةُ الفجيعةِ... جرحٌ***دَبِقٌ يغتلي... وتخفقُ روحُ
    وخيولٌ تُمزِّقُ الجَسدَ الأخضرَ...***تغدو مخبولةً، وتروحُ
    النهارُ انكسارةٌ، وشحوبُ الأفْقِ***ظمآنُ، والفضاءُ جريحُ!
    غادري يا نوارسَ الماء، هذا***زمنٌ ميّتُ الرؤى، مذبوحُ
    اَلضحايا تدقُّ بوّابةَ الوحشةِ***فيهِ، تدقّها... وتصيحُ
    سيجيءُ الحسينُ يوماً، يجيءُ البحرُ***في خطْوهِ.. يجيءُ المسيحُ



    المشاهد


    المشهد الأول
    يا سيوفُ خذيني،
    وكانت يداهُ سواقيَ قمح،
    تنادي الجياعْ
    فاعبري من دروبِ الضياعْ
    يا وجوهَ الرمادْ
    واعبري يا بقايا الجيادْ
    جسداً.. واحةً ثرَّةَ الضوءِ..
    ممطورةً بالشعاعْ
    يا سيوفُ خذيني،
    الى شرفة من جراح مسوَّرة بالعنادْ!
    * * *
    أنّتي وجع الانبياءْ
    وانهيارتُها كبرياءْ
    يا سيوفُ خذيني،
    فخلفَ اشتعالِ الدماءْ،
    ربَّما رفَّ في شفتي طيفُ ماءْ!


    المشهد الثاني


    مَن يمنحُ الطفلا،
    قطرةَ ماء مرّة؟
    مَن يمنحُ الطفلا؟
    فليس في خيمتنا شيءٌ،
    سوى جنائِز القتلى!
    * * *
    وقبل أن أملأَ كفِّي من دمِ الرضيعْ
    رأيتُ خلفَ وجهِهِ،
    نافورةً من ألم فظيعْ
    رأيتُ في عيونِهِ،
    فراشةً تُصلبُ في مقبرِة الربيعْ
    رأيتُ كلَّ رملة، مجنونةً... رعناءْ،
    تهزأُ من شفاهِنا، تدقُّ فيها ألفَ مسمار،
    لصلبِ قطرة من ماءْ!!


    المشهد الثالث

    مسافرٌ يدري بأنَّ الزمانْ***أشلاءُ أيام رماديَّهْ
    وهمٌ رؤاها، ويداها دخانْ***تقطفُ أشجاراً خرافيّهْ!
    * * *
    في وجهِهِ يمتدُّ صمتُ السماءْ***وتنبضُ الأنجمُ في رِمشهِ
    ما زالَ يسقي الغيمَ ورداً وماءْ***وتطلعُ الأغصانُ من نعشهِ!
    * * *
    كلُّ الذي قال: خذي يا سيوفْ***من وَهَجِ الجرحِ، ونهرِ الضلوعْ
    أريدُ أنْ أشعلَ موتَ الكهوفْ***حرائقاً.. تمضغُ خوفاً وجوعْ!
    * * *
    وكانَ في عينيهِ شيء جميلْ***كالمطرِ المنقوشِ فوقَ اللّهبْ
    أكفانُهُ أشرعةٌ للرحيلْ***وموتُهُ يكتبُ بدءَ الغضبْ!


    المشهد الرابع


    لهُ أنْ يْضيءْ
    لهُ أنْ يفاجىءَ حدَ السيوفِ،
    بجرح بريءْ
    لهُ أنْ يكونَ الغريبَ الذي اختطفَ النهرَ،
    والعابرَ المتمرّدَ في قافلاتِ الرمادِ،
    ووجهاً تبادلُهُ الشمسُ سحنَتها،
    في انطفاءِ الزمانِ الرديءْ
    لهُ أنْ يُضيءْ
    ليكسرَ صمتَ الفضاءِ،
    جناحُ جريءْ!
    * * *
    لهُ أنْ يكونَ جذورَ الغيومِ،
    وبدءَ المطرْ
    ليستيقظَ الخصبُ.. يحكي الحجرْ
    لهُ أنْ يكونَ المدى والسفرْ
    لهُ أنْ يُضيءْ
    ويُعلنَ أنَّ الشجرْ
    ينثُّ النجومَ،
    وأنّ زماناً شهيداً يجيءْ!
    * * *
    لهُ أنْ يكونَ...
    ويهربُ وجهُ السحابَهْ
    لنبقى نحوك الدموعَ،
    ونحصدُ عُشبَ الكآبَهْ!

    المشهد الخامس

    كانهيار سمعتُ صوتكَ، لا البحرُ***يَردُّ الصدى، ولا الأشجارُ
    جَفَلَت منهُ جثّةُ الشمسِ، وانسلَّ***بخيط من الظلامِ النهارُ
    ظاميءٌ.. قلتَ وابتسمتَ لموت***صُلِبت فوقَ كفِّهِ الأنهارُ
    وحملتَ الجراحَ، والجسدَ المكسورَ***حزناً، وما طواهُ الغبارُ
    وعذاباً، ملامحُ الجمرِ تبنيهِ،***وتنهلُّ من رؤاهُ النارُ
    واكتشفتَ احتضارنا، وانهزام الماءِ***واستسلَمَتْ لكَ الأسرارُ
    ورأيتَ القلاعَ شيئاً خرافياً،***فللريحِ تنحني الأسوارُ
    حيثُ عصفُ الطوفانِ أغنيةٌ حمقاءُ***كالصمتِ، والسيوفُ انكسارُ
    فامحُ زيفَ التأريخِ***واكتبْ...
    تناسى الماءُ وجهي،***وخانتِ الأمطارُ!


    المشهد السادس


    لِعينيكَ كلُّ النوافذِ مشرعةً،
    أنتَ وحدَكَ تعرفُ عشبَ الطريقِ،
    وتعرفُ سرَّ المسافَهْ
    وأنت اغترفتَ من النهرِ كلَّ الحكايا
    وغادَرتَهُ ورؤاهُ خرافَهْ
    وقلتَ: المرايا صحارى من الوهمِ،
    فانتحرتْ في يديهِ المرايا
    وقلتَ: الشواطىءُ مجنونةُ الصخرِ،
    والموجُ أُرجوحةٌ من سراب،
    وأنشودةُ النخلِ مرثيةٌ،
    والعصافيرُ منحوتةٌ من رمادْ
    وقلتَ: الفراتُ المكفَّنُ يصلبُهُ ظمئي،
    والنجومُ ثقوبٌ معبّأةٌ بالحدادْ
    * * *
    حنانيكَ.. ما عادَ للطينِ معنىً،
    ولا البحرُ أزرقْ
    لأنَّكَ غيّرتَ أشياءَها،
    وتَمَرَّدتَ في زمن يتمزّقْ
    غريبٌ أتفقِدُ أبعادَها الكلماتُ؟،
    غريبٌ.. أتصمتُ أنتَ.. وجرحُكَ يشهقْ؟
    * * *
    لِعينيكَ سافرَ نهرُ الغناءْ
    وغادَرتِ الأشرعَهْ
    لِعينيكَ مرَّ المساءْ
    على كِتَفَيْ زوبعَهْ!


    كورس

    يَنْحَني الماءُ، تَنْحَني قامةُ الموجِ***خشوعاً.. وتصمتُ الشُّطآنُ
    عُمُرُ النهرِ لحظةٌ من عذاب***تنطفي فجأةً، ويخبو الزمانُ
    ليظلَّ الحسينُ صمتُ حكاياهُ***مخاضٌ.. وصوتُهُ طوفانُ


    المشهد السابع


    في الطريقِ الى الماءِ،
    هاويةٌ من دم،
    ضفّةٌ ترتدي الملحَ:
    عشبٌ من الجمرِ.. أو شجرٌ من حديدْ
    كانَ شيءٌ يهزُّ بكائي القديمَ،
    ويفتحُ في القلبِ نافذةً لبكاء جديدْ
    كانَ شيءٌ يسائلني:
    أينَ خطوكَ؟
    للماءِ
    أين مرايا رؤاكَ؟
    على الماءِ،
    أين القناديلُ؟
    في الماءِ،
    هل كانَ شيءٌ يسائلني،
    صوتُهُ بحّةٌ، والحروفُ جليدْ؟
    لم أعدْ أذكرُ الآنَ،
    غير الرماحِ العنيداتِ،
    تضرى على نبضِ هذا الفؤادِ العنيدْ!
    * * *
    في الطريقِ رأيتُ الرمادَ وجوهاً،
    مغلّفةً بالدخان البليدْ!
    * * *
    في الطريقِ البعيدْ
    لم يعدْ غيرُ وجهي،
    ووجهِ الزمانِ الشريدْ!


    كورس

    يَنْحَني الرملُ، تلبسُ الأرضُ وجهاً***من رماد، وجُرحُها عُريانُ
    يغزلُ الملحُ في يَدَيها المسافاتِ***ويغفو في قلبِها النسيانُ
    فهي بعدَ الحسينِ ماتَ ليهبُ الخصب***فيها.. ومات حتّى الدخانُ!


    المشهد الثامن

    عندما ماتَ الحسينْ،
    ظامئاً،
    صارت عصافيرُ البحارْ،
    تتمنّى الأنتحارْ
    وتمنّى الغيمُ لو أصبحَ شيئاً هامشياً،
    كالغبارْ!
    * * *
    يومَها كانت عيونُ الخيلِ حمراءَ،
    وكانت في شبابيكِ النهارْ
    ذئبةٌ،
    من عُريها تنسجُ كبريتاً... ونارْ!
    * * *
    يومَها كنّا بلا معنى،
    كمن يحفرُ قلباً في الجدارْ!

    كورس

    يَنْحَني الضوءُ، لا جدائِلُهُ البيضُ***تشدُّ الرؤى ولا الألوانُ
    أَطفأَتْ مقلتيهِ زِنزانةُ الليلِ،***وأَخفتْ ذبولَهُ الجدارنُ
    ويمرُّ الحسينُ، قِنديلُهُ الدمعُ،***وأدراجُ حلمِهِ الأحزانُ


    المشهد التاسع

    لِتفرحْ خيولُ الغبارْ
    فَمِن أيّ خطو بدأْ،
    أطلّت بعينيهِ بوّابةٌ للظمأْ
    وضاعت على راحتيهِ البحارْ!
    * * *
    لِتهربْ خيولُ الغبارْ
    فحينَ دفنتُ الحسينَ رأيتُ النجومْ
    تسيلُ على وجههِ، والغيومْ
    تلفُّ جراحاتِهِ،
    والنهارْ،
    تضاءلَ حتى توارى بجفنِ الحسينْ!

    كورس

    يَنْحَني السيفُ جثّةً يسخرُ التابوتُ***منها.. وتهزأُ الأكفانُ
    كَرِهَتهُ الخيلُ الجريحةُ واشّاءَمَ***من غمدِهِ المدى الضمآنُ
    وَبِجُرحِ الحسينِ نبعٌ يغنّي***وبرؤياهُ يختفي بركانُ


    المشهد العاشر

    كانوا يمرّونَ ولا يتركونْ،
    شيئاً سوى الأضرحَهْ
    فكيفَ صيَرتَ رؤانا جنونْ،
    وجرحَنا بوّابةَ المذبحَهْ؟
    يا أنتَ.. يا أشياءُ.. أصداؤها
    تكسرُ صمتَ اللحظةِ المقفلَهْ
    وتحفرُ الأسئلَهْ
    في شَفَةِ الرملِ، وَوَجهِ الصخورْ
    تسألُ عن مقتولة لا تثورْ
    عن أمّة مهملَهْ
    مسكونة بالقبورْ!
    * * *
    كانوا يمرّون وما في الطريقْ
    غيرُ رماد عتيقْ
    وخطوة تائهَهْ
    تحلمُ أنْ تعبرَ زيفَ الحريقْ
    تحلمُ أنْ تدنو من الآلهَهْ
    فتختفي فجأةً،
    بين نهاياتِ الزمانِ الغريقْ!!
    * * *
    كانوا يمرّون بلا ظلٍّ،
    وكان الحسينْ
    يزرع أقماراً على الشاطئينْ!

    كورس

    يَنْحَني الموتُ بينَ كفّيهِ مذعوراً،***وتبكي الخيولُ والنيرانُ
    غَيرَ أنَّ الحسينَ قلبٌ يرفُّ النهرُ***فيهِ، وينبضُ الريحانُ
    ......يتبع.....

    تعليق


    • #3
      ....تكملة......................................... .................... الأبعاد



      البعد الثابت(1)

      واحةٌ من جراحِنا كانتِ البدءَ***اكتشفنا بها المدى المجهولا
      وَطوَينا وجهَ الصحارى، حَمَلنا***لهبَ الأمسِ والزمانَ القتيلا
      لم يعدْ غيرُ خطوِنا، والمسافاتِ،***وحُلْم يُخبِّىءُ المستحيلا
      ونثار من الدمِ المرِّ، شدَّ الغَيمَ***في خيطهِ، وشدَّ الفصولا
      فَرُؤانا تمرُّدٌ أشعلَ الصخرَ***وردَّ الطوفانَ همساً خجولا
      كيفَ لا ينحني النهارُ وخلفَ الشمسِ***عصفورةٌ تُفدّي الخيولا؟
      والنجومُ ارتعاشةٌ في مآقينا***وأحداقُنا المرايا الأولى
      نحنُ وعدُ الماءِ الأسيرِ الذي يطلعُ***من شفرة تحزُّ الذبولا
      في يَدينا أشياءُ من صخبِ البحرِ***رَجَمنا بها السكوتَ الطويلا
      سافري يا رماحُ في ظلمةِ الأضلاعِ***منّا، وأوقدي القنديلا
      أوقديهِ، نريدُ أنْ يتوارى الدربُ***في لحظة، نريدُ الوصولا!
      * * *
      كانَ صوتُ الحسينِ مرفأنا الموعودَ***والدفءَ، والهروبَ الجميلا
      حيثُ ننسى ضياعَنا، وانكساراتِ***رؤانا، وخَطْوَنا، والرّحيلا
      ونغطّي أسماءَنا.. ونعودُ الصلبَ***والشوكَ، والقرى، والرسولا
      فاصرخي يا قبورَنا، علّمي الريحَ***سُراها، وعلِّميها الصهيلا
      واحصدي الضوءَ، واتركي غبشَ***الطفِّ وسيّافَهُ يَلُمُّ النصولا
      وابدئي، فالحسينُ قد أيقظَ الموتى،***وناغى الأسى، ومسَّ الذهولا!


      البعد المتغير(2)

      يوقظُ الصبحَ صوتُهُ، يشربُ الوردُ***حكاياهُ، ترتديهِ الجداولْ
      يتمشّى على مدارجِهِ النجمُ***وتغفو على صداهُ القوافلْ
      هو للريحِ هدأةٌ، ولصمتِ الصخرِ***همسٌ، وللغيومِ جدائلْ
      رافقتهُ الأشجارُ في رحلةِ الذبحِ،***ومرّت على خطاهُ السنابلْ
      __________________________
      1ـ نموذج هذا البعد الرجال الذين قاتلوا مع الحسين بعناد، فاكتشفوا ان قطرة الدم أكثر بريقاً من قطرة الضوء.
      2ـ نموذج هذا البعد «الحر بن يزيد الرياحي»، أحد قادة الجيش الأموي، الذي انتقل الى جانب الحسين في اللحظات الأخيرة، ليكتشف الجراح والورد.

      فاعبري بركةَ الخطيِئةِ يا روحي***ومسّي ظلالَهُ يا أناملْ
      أنا حاصرتُهُ زرعتُ الصحارى***بالمساميرِ، بالمُدى، بالسلاسلْ
      أنا حاصرتُ في يديهِ السواقي***والينابيعَ، واعتصرتُ السواحلْ
      كانَ يبكي فينطوي الخصبُ في***الدمعِ وأبكي معَ الذبولِ القاحلْ
      أنا بعضي يحاولُ الموتَ، والآخرُ***يطوي غموضَهُ، ويحاولْ
      كلَّما لمّني احتضارٌ تمزّقتُ***على خنجرِ احتضار قاتلْ!
      * * *
      ويحَ أُمّي ماذا يخبّىء جلدي***ذئبَ يأس، أم نورساً متفائلْ؟
      كلُّ شيء منّي يفتّشُ عن وجهيَ***سرّاً، يدورُ حولي، يسأئلْ:
      هل أنا ذلكَ الذي شبّتِ «الكوفةُ»***فيه، أم رُمحُها المتخاذلْ؟
      هل أنا الجمرُ؟ أم أنا القصبُ***الخاوي دخاناً، أمِ الرمادُ الفاشلْ؟
      ليسَ وهماً.. ففي عروقيَ موتٌ***وهدوءٌ، ومولدٌ، وزلازلْ!
      * * *
      الحسينُ، الحسينُ سدَّ عليَّ الأفْقَ***في كلِّ وُجهة هوَ ماثلْ
      لم يعدْ غيرُهُ أمامي، دعيني***أبدأ الموتَ يا سيوفَ القبائلْ
      هكذا قالَ، ثمّ جرَّ على الرملِ***خطاهُ.. وظلَّهُ المتثاقلْ
      ليجيءَ الصباحُ يحملُ من كفّيهِ***ورداً، ومن رؤاهُ مشاعلْ!


      البعد الخائف(1)

      لم أشأْ أنْ يجفَّ قلبيَ في الرملِ***ويغفو بمسمعيَّ السكوتُ
      وتلفَّ ابتسامتي صرخاتُ الخيلِ***ذعراً، ووجهُها الممقوتُ
      أنا أخشى أنْ يلعقَ الذئبُ أحلامي***ويرفو جراحيَ العنكبوتُ
      فتركتُ الحسينَ يختصرُ الرحلةَ..***والموتُ ذاهلٌ مبهوتُ
      هاكَ سيفي.. فقالَ لي: الخزفُ***المنخورُ خوفاً، أم غمدُهُ التابوتُ؟
      وجوادي.. فقالَ لا اَصحبُ الريحَ***ولا يهربُ الفتى المستميتُ
      ويحَ هذي الصحراءِ ينبضُ فيها***صخبٌ لاحتراقَتي وخفوتُ
      من عرائي وغربتي يرجفُ النخلُ***وللدودِ في رؤايَ بُيوتُ
      عطشٌ كلُّها حكاياتُ روحي***وصدى أنّتي بها مكبوتُ
      فاحفري في الرمادِ بئراً لكي يطلعَ***ماءٌ من ملحِهِ منحوتُ
      ربَّما قطرةٌ تمرُّ بشرياني***فأنسى.. وأنطفي.. وأموتُ!
      __________________________
      1ـ نموذج هذا البعد «عبد الله الجعفي»، الرجل الذي ادرك الحسين قبل المذبحة. فخاف القتل وقبل أن يهرب أهدى الحسين سيفه وفرسه، فرفض الحسين الهدية لانها لم تكن منقوعةً بالدم.

      البعد الأسود(1)


      لا لشيء، إلاّ لكي أحصدَ الريحَ***وأجني مِنَ الغيومِ البروقا
      لا لشيء إلاّ لأنثرَ أشلائي***رماداً مفتَّتاً محروقا
      حملتني خطايَ اَقتطعُ الشمسَ***واَغتالُ في يَدَيها الشروقا
      جئتُ والرملُ مثلُ قيثارة***يولدُ فيهِ الظِّلالُ والموسيقى
      جئتُ والماءُ ألفُ نافورة،***والنهرُ سربٌ من الغيومِ أُريقا
      كانَ لونُ الفراتِ لونَ المرايا***والعصافيرِ، مخمليّاً.. رقيقا
      ثمّ ماذا؟ أضعتُ وجهيَ في الصحراءِ***في لحظة، أضعتُ الطريقا
      عابراً مرّةً على جسدِ الخوفِ،***وأخرى أرى السرابَ حريقا
      متعباً تهزأُ الرمالُ بأقدامي***وقد راوَدَتْ مكاناً سحيقا
      كلَّما قلتُ ها وصلتُ رأيتُ الصخرَ***غطّى المدى وسدَّ المضيقا
      * * *
      ثمّ ماذا؟ قتلتهُ فرأيتُ الارضَ***تبكي ربيعَها المخنوقا
      ورأيتُ السماءَ تهوي الى القاعِ***جنوناً، والأفقَ شلواً غريقا
      وبكاءً لم أدرِ من أين يأتي؟***يجلدُ القلبَ، أو يخضُّ العروقا
      وصهيلَ الخيولِ يحفرُ كالإعصارِ***في جثّةِ الظلامِ شقوقا
      * * *
      وأنا الآن حفنةٌ من غبار***كفَّنَ العارُ خدَّها المعروقا
      والحسينُ، الحسينُ يكتشفُ الماءَ***ويهدي إليهِ جرحاً عميقا
      يتبعُ الموجُ خطوَهُ، والفراتُ امتدَّ***في ثوبِهِ وصارَ صديقا!
      لا لشيء، إلاّ لكي تحملَ الأشياءُ***من جبهةِ الحسينِ بريقا!

      البعد الوهمي(2)

      جلدُ أفعى وجهي، وخلفَ عيوني***ذئبةٌ في أواخرِ الليلِ تعوي
      وخيولٌ مجنونةٌ تعبرُ الشاطيءَ***في لحظة، وتركضُ نحوي
      طَحَنَتني أشداقُها، خطَفَت لوني،***تَهرَّبتُ من صداها المدوّي
      لنسور من الرمادِ أتتني***في جنونِ الطوفانِ تنهشُ شلوي
      حيثُ كان الحسين يضحكُ من خوفي***ويعلو، فأنحني ثمَّ أهوي!
      __________________________
      1ـ نموذج هذا البعد «شمر بن ذي الجوشن»، الرجل الذي ارتداه الشيطان وهو يذبح الحسين بسكّينة صدئة.
      2ـ نموذج هذا البعد «عمر بن سعد» قائد الجيش الأموي، الذي كان يحلم ان يولّيه «يزيد بن معاوية» ولاية الري بعد قتل الحسين، الا أن حلمه هذا لم يتحقق.. فظلَّ يرى الورد بقعاً من الدم المتخثّر.

      البعد المشوه(1)

      في كفِّهِ الشوهاءْ
      غمامةٌ مجدورةٌ،
      وحفنةٌ من مَطر سوداءْ
      وكلَّما حاولَ أنْ يدنوَ (للفراتِ)،
      أو يمسَّ منهُ قطرة،
      يسقطُ وجهُ الماءْ!
      * * *
      في وجهِهِ جنازةٌ،
      وخلفَ كلِّ بقعة من جلدهِ عواءْ
      يصرخُ:
      يا مواسمَ الموتِ الذي يحصدُني،
      يا ريحُ.. يا أشلاءْ
      هذا الذي تهربُ منهُ خطوتي،
      قلبي.. أمِ الصحراءْ؟
      * * *
      وبعدَها سافرتِ الأشياءُ،
      وهو ذاهلٌ،
      سافرتِ الأشياءْ!
      ولم يَزَلْ ينزعُ لونَ جلدهِ،
      ويرتدي العراءْ!


      البعد الرمادي(2)

      دائماً في يديَّ ينهدمُ الحلمُ***وينهارُ في ضُلوعي الحنينُ
      ويفرُّ الماءُ الرماديُّ عن وجهي***الى أينَ أيُّها المجنونُ؟
      خشبٌ هذه الشرايينُ ماتَ الوردُ***فيها، وصوَّحَ الزيتونُ
      * * *
      سأُسمّي النهرَ انطفاءً، أسمّي***الدمَ ماءً; لِيورقَ السكّينُ
      وأُسمّي الحسينَ بوّابةَ البحرِ،***ليغفو معي غبارٌ وطينُ
      أنا جرحُ الدخانِ والصدأُ العاري***ونعشٌ بِغُربتي مسكوُن
      سَلَخَتني مواسمُ العارِ، هيّا..***أمطري، يهطل الصدى والأنينُ!
      وتطلُّ الامواتُ من ثقبِ تأريخيَ***يستيقظُ الأسى المدفونُ
      وأراني على ممرٍّ قديم***وُلدتْ دَهشتي، وكانَ السكونُ!
      __________________________
      1ـ نموذج هذا البعد «مالك بن النسر»، الرجل الذي شتم الحسين وطعنه وهو يحتضر، وظل حتى آخر عمره يحس ان بين اذنيه ما يُشبه فحيح الافاعي.
      2ـ نموذج هذا البعد «شبث بن ربعي»، الرجل الذي بايع الحسين ثمّ نقض بيعته، واصبح أحد قوّاد الجيش الأموي، الاّ أنّه ظل مسكوناً بالخوف والجنون قبل أن يتحوَّل الى رماد.

      البعد الدموي(1)

      ذاكرةٌ مشدودةٌ.. بخيطِ عنكبوتْ
      ونظرةٌ كالقبرِ..
      في فراغها ينطفىءُ الياقوتْ
      وفي شراييني دمٌ.. رمادُ
      وجثّةً للحُلُمِ المجدورِ،
      صمتٌ للخرافاتِ، دخانٌ باردٌ،
      أنشودةٌ مخصوبةٌ بالعارِ،
      شيءٌ باهتٌ.. سوادُ!
      هذا أنا..
      ما زلتُ أنحتُ المنى..
      مِن خشبِ التابوتْ!
      ومنذُ أنْ قتلتهُ..،
      غرقتُ في بُحيرة من دمِهِ المرِّ..،
      فلا أقدرُ أنْ أحيا..
      ولا أقدرُ أنْ أموتْ!!

      البعد المظلم(2)

      مراياكَ سوداءُ.. والشمسُ تهربْ***وفي محجريكَ تثاءَبَ عقربْ
      * * *
      شفاهُكَ مجدورةٌ بالذهولْ***ورؤياكَ تحصدُ موتَ الفصولْ
      * * *
      __________________________
      1ـ نموذج هذا البعد «حرملة بن كاهل»، الرجل الذي رمى بسهم طفلا رضيعاً للحسين فذبحه، وبقي بعد ذلك هارباً في ازفة الكوفة خائفاً من عيون الأطفال.
      2ـ نموذج هذا البعد «سنان بن أنس»، الرجل الذي حمل رؤوس القتلى الى الكوفة، وكان يشعر أن جسده يتحوَّل شيئاً فشيئاً الى عقرب كبير.

      فماذا تُرى في يديك الأثيمَهْ***رمادُ الندى أم لهاثُ الجريمهْ؟
      * * *
      أم انكَ تحملُ رأسَ الحسينْ***ووجهَ الحسين.. وقلبَ الحسينْ؟
      * * *
      وأغضيتَ حينَ رأيتَ القمرْ***تدلّى.. وقبّلَهُ.. وانتحرْ!
      * * *
      وماذا؟... تلاشيتَ بينَ الحطامْ***تلاشيتَ يا نقطةً من ظلامْ!


      البعد المجنون(1)

      مَن عسانا نكونْ؟
      حينَ نغمدُ هذي السيوفَ الصديئاتِ،
      في قلبهِ المخمليِّ،
      ونطفىءُ رغبتَنا في اشتعالِ الجنونْ،
      من عسانا نكونْ؟
      * * *
      لم يكنْ غيمةً عابرَهْ
      لم يكنْ وجهُهُ يُشبهُ الآخرينَ،
      ولا خطوهُ يُشبهُ الآخرينَ،
      وعيناهُ كانت تخبِّىءُ سرّاً غريباً،
      وتحفرُ.. تحفرُ في الذاكرَهْ!
      * * *
      كيف نُخفي انكساراتِنا؟،
      ربَّما نستطيعُ الهروبَ معَ الريحِ،
      أو نستطيعُ الرحيلَ معَ الوهمِ،
      أو نختفي في الضبابِ البريءْ،
      غيرَ أنّا سنصحو على عارِنا ذاتَ يوم،
      لنغفو على ألفِ سيف صديءْ!
      __________________________
      1ـ نموذج هذا البعد رجال الجيش الاموي، الذين شعروا بالهزيمة بعد قتل الحسين، وأحّسوا ان سيوفهم ورماحهم تتحوَّل الى قطع من الخزف المهّشم.


      النبوءات

      النبوءة الأولى

      كان الحسينُ غيمةً،
      حاصرها العطَشْ
      وكان نقطةً من الضّوءِ،
      على نافذةِ الغبَشْ!
      * * *
      وكان في وريدهِ نهرٌ،
      وقبضتاهْ
      نبعانِ من رفض ومن صلاهْ!
      وفي فم الحسين شاطئانْ
      يبتكران الوردَ والامطارَ والبركانْ
      يَضيعُ فيهما المدى... ويكتبُ الزمانْ
      تأريخَ موتِ الماء فوق جثّةِ الدخانْ!
      * * *
      جرّحَ قلب الأمسْ***بأنّة، أو آهْ
      لكنْ جذور الشمسْ***تطلعُ من رؤياهْ!
      * * *
      رغمَ جنونِ الخيلْ***ما برحت عيناهْ
      تطوفُ أُفْقَ الليلْ***تلمحُ وجهَ اللهْ!!

      النبوءة الثانية

      وكان الحسينُ طويلا كرمحِ
      وكان الفراتُ ضئيلا.. ضئيلا،
      بدى خلف خيمتهِ، خيطَ ملحِ
      وكان يقولُ: إذا ما تكسَّرَ جُرحي،
      فصارَ مرايا
      وأمست عيوني شظايا
      ستولدُ ساعةَ ذبحي،
      عصافيرُ ماء عرايا
      تُقبِّلُ جثّةَ طفلي القتيلِ،
      وتغمرُها بالرؤى والحكايا!
      * * *
      ويوم توارى الحسينُ،
      رأينا خيولا ملطّخةً بالخطايا
      رأينا سكاكينَ بيضاءَ... بيضاءَ...
      تولدُ خلفَ دموعِ السبايا!


      النبوءة الثالثة


      لو أنّهُ دمعَهْ***لباحَ بالأسرارْ
      لكنَّهُ شمعَهْ***ماذا تبوحُ النارْ؟
      * * *
      يكتبُ بالسكَينْ***ميلادَهُ المخنوقْ
      يا قافلاتِ الطينْ***ردِّي وجوهَ النوقْ
      * * *
      مَن قالَ إنّ الليلْ***قد دفنَ الوادي؟
      هذا صهيلُ الخيلْ***يعلنُ ميلادي!
      * * *
      حينَ أفاقَ الصبحْ***كفَّنهُ الأمسُ
      وحينَ صاحَ الجرحْ***غادرتِ الشمسُ!
      * * *
      خبَّأتُ لي صوتا***ينسلُّ كالطّيفِ
      يا أيّها الموتى***لا تكسروا سيفي!

      النبوءة الرابعة

      اَلضوءُ في عينيَّ يغفو***ويضيعُ بينَ يديَّ سيفُ
      ويُبَحُّ قرآنٌ على***شفةِ الظما ويباحُ نزفُ
      وتُجَنُّ قافلةُ السرى***حزناً ويحدو النوقَ خوفُ
      مليونُ بحر جفَّ من***عطش وجرحيَ لا يجِفُّ
      اَلموجةُ الزرقاءُ خجلى***والغيومُ إليَّ تهفو
      ليعودَ لفحُ الرملِ ورداً***أو فراشات ترفُّ
      * * *
      يا أنتَ حين تكسَّرت***أُنشودتي واندقَّ حرفُ
      وتناهبَ الإعصارُ أشرعتي***ورشَّ الرعبَ عصفُ
      ناديتَني فرأيتُ من***خلفِ الضبابِ تُمدُّ كفُّ
      وبدى لعيني من بعيد***ضوءُ ميناء وجرفُ
      وتنهَّدتْ قيثارتي***فالعمرُ بين يديكَ عزفُ!

      النبوءة الخامسة

      لا تسرقي خطوَتنا،
      يا قافلاتِ الوحلِ والصدَأْ
      لا تسرقي دمعةَ أطفالي،
      فأنتِ يا خاويةً،
      هيهاتَ أن تَكشفي عذوبةَ الظمَأْ!
      * * *
      لا تبحثوا عني،
      في مدن صخرية،
      ممطورة بالدمعِ.. والحزنِ
      فإِنني ما زلتُ منذُ رحلتي أطوفْ
      في مدن مسكونة، دونَ سواها،
      بالسكاكينِ.. وبالسيوفْ!
      * * *
      لا تبحثوا فخلفَ كلِّ جرحْ
      عصفورةٌ تُنبئكُم عن صبحْ!

      النبوءة السادسة

      نحوَ أُفْق كلونِ الرمادْ
      كانت الشمسُ تحملُ أشلاءَها،
      وصهيلُ الجيادْ
      عادَ محترقاً،
      والسيوفُ التي شَربتْ قلبَهُ باشتهاءْ
      ظمِئت فجأةً.. لا لِماءْ،
      بل إلى قطرة من حياءْ!
      * * *
      يا عيوناً خرافيّةَ الحلمِ، مسكونةً بالجرادْ
      أطفئي في الربيعِ الفتيِّ قناديلَهُ،
      أطفئيهنَّ فالضوءُ متَّشحٌ بالسوادْ!
      * * *
      نحوَ أُفْق كلونِ الرمادْ
      عَبَرت أمسِ اشباحُهم وهي مذعورةٌ...
      لم تعدْ في الرمالِ سوى جثّة للحسينِ،
      وعينينِ حَدَّقتا في عنادْ!

      النبوءة السابعة

      أيُّ خيط من الماءِ،
      هذا الذي يرسمُ القاحلَةْ؟
      أيُّ خيط من الدمِ،
      هذا الذي يفرشُ الوردَ للقافلَهْ؟
      * * *
      كان للماءِ لونُ الترابِ،
      مساحةُ قبر قديم،
      غموضُ الصحارى الخرافيُّ،
      مرثيّةٌ... ونهايَهْ!
      كان للدمِ لونُ النجومِ،
      وشكلُ العصافيرِ،
      وَهْجُ المراسي المضاءةِ،
      انشودةٌ... وبدايَهْ!
      * * *
      كيفَ تفقدُ هذي المعاني انتماءاتِها؟
      إنّها تتشكَّلُ ثانيةً، واللّغَهْ
      هوّةٌ مُفرَغَهْ!
      * * *
      عندما يتقاطعُ خيطٌ من الماءِ،
      في كربلاءَ
      وخيطٌ من الدمِ، تَدفُنُ كلُّ الحروفْ
      ذُلَّها في رمادِ السيوفْ!
      * * *
      هكذا صارتِ الشمسُ في رمشِهِ تتكسَّرْ
      هكذا صارَ ظلُّ الحسينِ،
      على الماءِ.. أحمرْ!

      النبوءة الثامنة

      اَلفراتُ المسافرُ
      يُشبهُ خابيةً من دموعْ
      اَلفراتُ المسافرُ غادَرَنا،
      وهو يحملُ وجهَ المساءاتِ،
      ينسابُ ما بينَ مقبرة للسيوفِ،
      ومقبرة للشموعْ
      يومَها كانَ صوتُ الحسينِ،
      يهزّ القلوبَ الصديئَهْ
      يا إلهيَ قطرةَ ماء جريئَهْ
      لا لأُطفي الحرائقَ في رئتيَّ،
      ولكن لأمسحَ لونَ الخطيئَهْ!
      * * *
      اَلفراتُ المسافرُ... والخوفُ،
      يبتكرانِ الهزيمةَ،
      مَن قالَ إنَّ الرماحَ التي خَطَفت قلبَهُ،
      انتصرتْ؟،
      لم يزلْ في خيامِ الحسينِ رمادٌ،
      وكسرةُ سيف،
      ورفضْ!
      لم يزلْ في وريدِ الحسينِ المقطّعِ نبضْ!
      * * *
      اَلمسافاتُ تُفقدُ أبعادَها،
      والحسينْ
      لم يزلْ يحرسُ الضفَّتَينْ!

      النبوءة التاسعة

      هوَ وحدَهُ الممتدُّ بينَ الضوءِ والدمْ،
      هوَ وحدَهُ المصلوبُ خلفَ جنازة للماءِ،
      في زمن رماديٍّ.. مهشَّمْ
      * * *
      شَفَةٌ لجرحِ القلبِ،
      أُغنيةٌ لشهقِتهِ الأخيرَهْ
      عصفورةٌ خضراءُ،
      تخشعُ فوقَ رايتِهِ الأسيرَهْ!
      اَلشمسُ تعرفُ وجههُ النبويَّ،
      والصحراءُ قد خَطَفت عذابَهْ
      وبكفِّهِ اشتعلَ الندى المجنونُ،
      واحترقت سَحابَهْ!
      لا تحملي يا ريحُ صرخَتَهُ
      الى زمنِ الترابِ،
      أقولُ:
      لا تتسمرَّي كالظلِّ،
      في بوّابةِ الندمِ القديمِ،
      ولا تكوني كسرةً من رمحهِ القرشيِّ،
      لا يا ريحُ،
      صيري قطرتينِ، دماً سماويّاً.. وماءا،
      فالدمُّ يرسمُ وجهَهُ،
      والماءُ يرسمُ أنبياءا!!
      * * *
      يا أيُّها الممتدُّ بينَ الضوءِ والدمِ،
      والمكفَّنُ بالغبارْ،
      ظمِئتْ إليكَ الأنهرُ الخجلى،
      وأومأتِ البحارْ!
      يا أيُّها الممتدُّ بينَ جراحِنا والأمسِ،
      علِّمْنا الرحيلَ معَ النهارْ،
      وجعٌ.. ونحنُ مُسَمَّرونَ
      على صليبِ الإنتظارْ!

      النبوءة العاشرة

      شيءٌ منَ الحزنِ يطفو***على بقايا شُموعي
      وفي عيونيَ صمتٌ***ملوَّنٌ بالخشوعِ
      ما للشواطىء تبكي***جنازةَ الينبوعِ؟
      وهيَ الّتي قتلتني***ولم تُلَملِمْ دموعي
      ومزَّقت بِيدَيْها..***مرافِئي.. وقُلوعي
      وفي الظما.. سمرَّتني***ظلا، لتصلبَ جوعي
      * * *
      ما للشواطىءِ تبكي***جنازةَ الينبوعِ؟
      هل سافرتْ في جراحي***ورمِلها المنقوعِ؟
      أم اكتوى الخطوُ منها***على المدى الموجوعِ؟
      إنْ راعَها تمتماتٌ***من رأسيَ المقطوعِ
      ففي يديَّ نهارٌ***وغابةٌ في ضلوعي!

      النبوءة الحادية عشرة

      وهذهِ الصحراءْ
      تعرفُ أنّي عاشقٌ،
      يخبّىءُ البحارَ في تابوتهِ،
      وأنَّ بيتي الماءْ!
      * * *
      وهذهِ الصحراءْ
      تَقمَّصتني فجأةً،
      فاتخذتْ من وَجَعي مرسىً،
      ومن تمرُّدي ميناءْ!
      * * *
      وهذهِ الصحراءْ
      تتفتحُ في وجهيَ عينيها،
      وتحكي عن سقوطِ المدنِ العمياءْ!
      * * *
      وهذهِ الصحراءْ
      تفتَّحت من عَطشي ورداً،
      وإصراراً، وكبرياءْ
      ولم تعدْ تذكرُ، لا قوافلَ التيهِ،
      ولا مواسمَ العراءْ!

      النبوءة الثانية عشرة

      وَمَن يدري؟ لعلَّ دمي***سيفتحُ ألفَ بوّابَهْ
      يضيعُ وراءَها زمنٌ***وتُصلبُ خلفَها غابَهْ
      * * *
      على عطشي سأضفرُ من***خيوطِ النهرِ أُرجوحَهْ
      وشّلالا ينثُّ الضوءَ***فالواحاتُ مذبوحَهْ
      * * *
      هناكَ وراءَ ظلِّ النخلِ***قبّرةٌ تحبُّ الماءْ
      رأيتُ عيونَها بُقَعاً***من الدمِ تملأُ الصحراءْ!
      * * *
      رأيتُ البحرَ يكي خلفَ***خيمتِنا... ويرتجفُ
      شواطئُهُ محنَّطةُ الرمالِ***وموجُهُ خزفُ!
      * * *
      رأيتُ الغيمَ يرقدُ في***البراري يرتدي المِلْحا
      يُكسِّرُ موسمَ الأمطارِ***ثمَّ يُقبّلُ الجرحا!
      * * *
      رأيتُ الشمسَ تغرفُ من***وريدي دفئَها المسحورْ
      لتمتدَّ اشتعالتُها***رؤىً، ورمادُها عصفورْ!

      النبوءة الأخيرة

      لغةٌ واحدَهْ،
      كيفَ تُلغي المسافاتِ،
      بين التوهُّجِ.. واللحظةِ الباردَهْ؟
      لم تزلْ بين جرحِ الحسينِ،
      وبين قصائدِنا..
      مدنٌ قانيَهْ
      ولكي نقرأَ الجرحَ، لابدَّ من لغة ثانيَهْ!!
      ..............................م ن ق و ل
      وشكرا اسالكم الدعاء

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

      يعمل...
      X