الاهداء
لن أهديه لأحد!
لأنّ (ألمْ) مازالت خائفة،
والأخضر الذي ارتدى الغياب،
لم يعد بعد!
البداية
يبدو الحسينُ يُغطّي سيفَهُ بورودِ النّهرِ ثمَّ يرشُّ الماءَ فوقَ دم القتلى، فتظهرُ خلفَ الأفْقِ عاصفةٌ.
ما زلتُ أحملُ أكفاناً.. ممزَّقةً***وحفنةً من رمال خبّأت وجَعي
أمشي وخلفيَ تمشي ألفُ عاصفة***كأنّها وُلِدت في كربلاءَ معي!
صوتٌ يجيءُ: رأينا غيمةً هبَطت ليلا تُفَتِّشُ بينَ الرملِ عن دمهِ الضمآنِ، ثمَّ توارتْ وهيَ حائرةٌ..
وَجهي ووجهُكَ شيءٌ واحدٌ ولنا***ظلُّ فَمَن أنتَ، هل أنتَ الذي قُتِلا؟
بالأمسِ أَغلَقَني يأسي، وغادرني***لوني، فهلْ جئتَ ضوءً تفتحُ الأملا؟
تركتُ قلبيَ عندَ النهرِ نورسةً***ظمأى تشظّى لَدَيها الماءُ واشتعلا
خطوي يطاردُ صحرائي، وقد تعبت***أشلاؤُهُ وانتهى المسرى وما وصلا
فكيفَ جئت ربيعاً، رملُ واحتِهِ***تلوّنَ النجمُ من رؤياهُ، واكتحلا؟
«السيفُ ينزفُ ماءً» قلتَ، وارتجفتْ***كفُّ الزمانِ، فهل أنتَ الذي قُتِلا؟
صوتٌ يجيءُ: هيَ الأشياءُ تُولدُ في كفَّيِه، والرّيحُ طفلٌ خلفَ قامتهِ يبكي، وللشَّمِس خيطٌ من توهّجهِ...
لِجثّتي أمسُها نهراً وسنبلةً***وسوفَ يحملُ أعراسَ الحصادِ غدُ
وفي ارتجافِة موتي غَيمةٌ، وبأشلائي***مخاضاتُ صبح لَمَّها جَسدُ
عيناي صمتٌ غريبٌ، خلفهُ لغةٌ***أُخرى.. وأشرعةٌ تنأى وتبتعدُ
صوتٌ يجيءُ: رأينا الشَّمسَ تحملُهُ***في لحظة قد توارى عندها الأَبدُ!
الرؤى
الرؤيا الأولى
أرادَ أن يقولْ
شيئاً عن الفاصلةِ البلهاءِ
بينَ النومِ واليقظةِ،
فاستسلمت الأشياءُ للذهولْ!
* * *
أرادَ أن يقولْ
شيئاً عن الخصبِ،
فصلَّت وردةٌ.. موبوءةٌ،
واستغفرت آلهة الذبولْ!
* * *
أرادَ أن يُطفي عواءَ الريحِ،
أو يسترَ عُريَ هذهِ الخيولْ
فصاحَ: يا أمطارَ هذاالأُفُقِ المسلولْ،
مُرّي على خيمتنا،
فَخبَّأت خلفَ الضبابِ وجهَها،
وسمَّرت غيومَها الفصولْ!
* * *
وبعدَها.. أرادَ أن يقولْ:
لا تولدوا..
لا تولدوا في زمن مقتولْ!
الرؤيا الثانية
هل كانَ للأشجارِ أوردةٌ***فيها لموجِ النّارِ ميناءٌ؟
هل كانَ للغيمِ احتراقتُهُ،***وله توابيتٌ.. وأشلاءُ؟
وهل التوى جسدُ النهار على***طعناتِهِ.. والشمسُ عمياءُ؟
اَلريحُ قافلةٌ.. وصرختُها،***جَرَسٌ.. وهذا الكونُ صحراءُ!
* * *
لهدوئهِ لُغةٌ.. ملوّنةٌ،***ولموتِهِ صورٌ.. وأسماءُ
ولوجهِهِ رغمَ انطفاءتِهِ،***أشياءُ بارقةٌ.. وأشياءُ!
* * *
بعيونِهِ تبكي ملائكةٌ،***وبجرحهِ يتوضأ الماءُ!!
الرؤيا الثالثة
«صمتُهُ مئذنَهْ
والجراحُ قناديلُ من وهج،
والسيوفُ انطفاءْ»
هكذا قالت الريحُ،
ثمّ رَمَتْ وجهها في العراءْ
هكذا تخشعُ الأزمنَة،
فوق أقدامِهِ،
وتؤدّي الفصولُ طقوسَ البكاءْ
* * *
صمتُهُ مئذنَهْ
كلَّما فَرشَت ظلَّها،
هوَّمت فيه عصفورةٌ،
وغَفَت سوسنَهْ!
الرؤيا الرابعة
يبدأُ الحزنُ فجأةً، تبدأُ الدمعةُ***فصلَ الطفولةِ الأبَديَّهْ
ترتدى لحظةُ البكاءِ عمى الليلِ،***وبُقيا نجومِهِ الخَزفيَّهْ
ليسَ في البحرِ أوردةِ الملحِ،***وصمتِ المرافىءِ المنسّيهْ
ليسَ فيهِ سوى غموض رماديٍّ***وما خبَّئتْ عيونُ الضحيَّهْ
* * *
رمَّلت وجههَا الحكايا، وراحَ***الضوءُ ينسى أشباحَها الهمجيَّهْ
فهي حيرى، هل طاعنوهُ برمح***أمويٍّ، أمْ مُدية وثنيَّهْ؟
* * *
ينتهي الحزنُ فجأةً، تأخذُ الدمعةُ***بعدَ الرؤيا، ولونَ الشظيَّهْ
ويكونُ الحسينُ أوّلَ حرف***جرحَ الصمتَ في دمِ الأبجديَّهْ!!
الرؤيا الخامسة
عائدٌ والفراتُ رحيلْ
حَمَلَتهُ الخطى الخائفَهْ
عائدٌ خطوتي عاصفَهْ،
ودمي المستحيلْ،
* * *
ربّما ينحني زمنٌ.. ربّما
أو تضيعُ مرايا النهارْ
عائدٌ إنْ محاني الظما،
رَسَمتني البحارْ!
* * *
وجهُ طفلي كلامٌ جريحْ
ورؤى كَركَرتْ في رذاذِ الوضوءْ
الصحارى انهيارٌ.. وليلٌ.. وريحْ
وهوَ يبني الهدوءْ!
* * *
عائدٌ والزمانُ الكسيحْ،
خلفَ خطوي يموءْ!!
الرؤيا السادسة
خطوتهُ تطاردُ الغيابْ
ووجهُهُ فراشةٌ،
حطَّت على بوّابةِ العذابْ
وفي عيونِ طفلِهِ تدافعَ الضبابْ
وفي الشفاهِ الراحلاتِ،
في قوافلِ الردى،
تَيبَّست جنازةُ السحابْ!
* * *
يا أنتِ، يا مواسمَ الترابْ
رشّي على جراحِهِ،
رشّي ولو شيئاً من السرابْ!
الرؤيا السابعة
لنْ أكونَ كما تشتهينْ،
يا سيوفاً من الخزفِ الهامشيِّ،
ويا أوجهاً طلعت،
من ثقوبِ السنينْ
لن تكونَ نوافذُ جُرحي،
ممرَّاً إلى مُدُنِ الميّتينْ!
* * *
إنني أبتني خيمةً لجراحي،
وأعزفُ من آهةِ المتعبينْ،
مواويلَ منقوعةً بالتمرُّدِ،
مشدودةً بالتشرُّدِ،
مشبوبةً...
لا كما تشتهينْ،
أن تكونَ مرقَّعةً من رماد وطينْ!
* * *
أَنْ اكونَ كما تشتهينْ،
أنتِ لابدَّ أنْ تحصدي سنبلا،
مِن حكايا المواويلِ،
أو أنجماً من شظايا القناديلِ،
أو فرحاً من زوايا الأنينْ...
ثمَّ قد لا أكونُ كما تشتهينْ!
الرؤيا الثامنة
كيفَ يجيءُ الماءْ؟
وتحتَ كلِّ قطرة،
محرقةٌ حمراءْ؟
وخلفَ كلِّ قطرة،
جزيرةٌ منقوعةٌ بالملحِ والخواءْ؟
كيفَ يجيء الماءْ؟
وليسَ في زوّادةِ القتلى سوى الدماءْ
وليسَ في عباءةِ الحسينْ،
غير بقايا جسد مجرَّح، وصمتِ كبرياءْ
كيفَ يجيء الماءْ؟
والنهرُ صارَ فجأةً...
مقبرةً لألفِ ألفِ موجة بلهاءْ؟!
الرؤيا التاسعة
خلفَ عينيهِ نجمتانْ***وعلى صدرهِ قمرْ
كيف يبكي له الدخانْ***أو يغنّي لهُ الحجرْ؟
* * *
وعلى وجهِهِ رمتْ***لونَها ألفُ عاصفَهْ
يا ترى أين هوّمتْ؟***فالعصافيرُ خائفَهْ!
* * *
عُنْقهُ حاصرَ السيوفْ***فتهاوتْ، مهشَّمَهْ
هيَ في عُريِها تطوفْ***وهوَ مليونُ ملحمَهْ!
* * *
حائراً هَمْهمَ المساءْ***لخيول.. مقنّعهْ
كيف لا تحملُ الضياءْ***غيرُ كفٍّ.. مقطّعَهْ؟
* * *
قد توكَّأْتَ يا جبلْ***فوقَ رمح.. محطَّمِ
هكذا يُصلبُ الأملْ***بمساميرَ من دمِ!
الرؤيا العاشرة
كانَ لابدَّ أنْ ترتدي
وجهَكِ المستعارْ
يا رماحاً من الوهمِ،
تعلو.. وتعلو لتبلغَ في القِمَّةِ الأنحدارْ!
* * *
رئتي عالَمٌ من دخانْ،
وعيوني أراجيحُ للصبرِ،
يغفو عليها الهدوءُ.. فتحرسُهُ نجمتانْ!
* * *
عاصفاتٌ رماديّةٌ سكنت غمدَ سيفي
والأكفُّ التي بايعتني..
تَعرَّت على بركة،
من خواء وزيفِ!
* * *
يا ترى.. أينَ أُخفي روايَ وحبِّي؟
والرماحُ الصديئاتُ...
تعرفُ ألفَ طريق لقلبي!
......يتبع........
لن أهديه لأحد!
لأنّ (ألمْ) مازالت خائفة،
والأخضر الذي ارتدى الغياب،
لم يعد بعد!
البداية
يبدو الحسينُ يُغطّي سيفَهُ بورودِ النّهرِ ثمَّ يرشُّ الماءَ فوقَ دم القتلى، فتظهرُ خلفَ الأفْقِ عاصفةٌ.
ما زلتُ أحملُ أكفاناً.. ممزَّقةً***وحفنةً من رمال خبّأت وجَعي
أمشي وخلفيَ تمشي ألفُ عاصفة***كأنّها وُلِدت في كربلاءَ معي!
صوتٌ يجيءُ: رأينا غيمةً هبَطت ليلا تُفَتِّشُ بينَ الرملِ عن دمهِ الضمآنِ، ثمَّ توارتْ وهيَ حائرةٌ..
وَجهي ووجهُكَ شيءٌ واحدٌ ولنا***ظلُّ فَمَن أنتَ، هل أنتَ الذي قُتِلا؟
بالأمسِ أَغلَقَني يأسي، وغادرني***لوني، فهلْ جئتَ ضوءً تفتحُ الأملا؟
تركتُ قلبيَ عندَ النهرِ نورسةً***ظمأى تشظّى لَدَيها الماءُ واشتعلا
خطوي يطاردُ صحرائي، وقد تعبت***أشلاؤُهُ وانتهى المسرى وما وصلا
فكيفَ جئت ربيعاً، رملُ واحتِهِ***تلوّنَ النجمُ من رؤياهُ، واكتحلا؟
«السيفُ ينزفُ ماءً» قلتَ، وارتجفتْ***كفُّ الزمانِ، فهل أنتَ الذي قُتِلا؟
صوتٌ يجيءُ: هيَ الأشياءُ تُولدُ في كفَّيِه، والرّيحُ طفلٌ خلفَ قامتهِ يبكي، وللشَّمِس خيطٌ من توهّجهِ...
لِجثّتي أمسُها نهراً وسنبلةً***وسوفَ يحملُ أعراسَ الحصادِ غدُ
وفي ارتجافِة موتي غَيمةٌ، وبأشلائي***مخاضاتُ صبح لَمَّها جَسدُ
عيناي صمتٌ غريبٌ، خلفهُ لغةٌ***أُخرى.. وأشرعةٌ تنأى وتبتعدُ
صوتٌ يجيءُ: رأينا الشَّمسَ تحملُهُ***في لحظة قد توارى عندها الأَبدُ!
الرؤى
الرؤيا الأولى
أرادَ أن يقولْ
شيئاً عن الفاصلةِ البلهاءِ
بينَ النومِ واليقظةِ،
فاستسلمت الأشياءُ للذهولْ!
* * *
أرادَ أن يقولْ
شيئاً عن الخصبِ،
فصلَّت وردةٌ.. موبوءةٌ،
واستغفرت آلهة الذبولْ!
* * *
أرادَ أن يُطفي عواءَ الريحِ،
أو يسترَ عُريَ هذهِ الخيولْ
فصاحَ: يا أمطارَ هذاالأُفُقِ المسلولْ،
مُرّي على خيمتنا،
فَخبَّأت خلفَ الضبابِ وجهَها،
وسمَّرت غيومَها الفصولْ!
* * *
وبعدَها.. أرادَ أن يقولْ:
لا تولدوا..
لا تولدوا في زمن مقتولْ!
الرؤيا الثانية
هل كانَ للأشجارِ أوردةٌ***فيها لموجِ النّارِ ميناءٌ؟
هل كانَ للغيمِ احتراقتُهُ،***وله توابيتٌ.. وأشلاءُ؟
وهل التوى جسدُ النهار على***طعناتِهِ.. والشمسُ عمياءُ؟
اَلريحُ قافلةٌ.. وصرختُها،***جَرَسٌ.. وهذا الكونُ صحراءُ!
* * *
لهدوئهِ لُغةٌ.. ملوّنةٌ،***ولموتِهِ صورٌ.. وأسماءُ
ولوجهِهِ رغمَ انطفاءتِهِ،***أشياءُ بارقةٌ.. وأشياءُ!
* * *
بعيونِهِ تبكي ملائكةٌ،***وبجرحهِ يتوضأ الماءُ!!
الرؤيا الثالثة
«صمتُهُ مئذنَهْ
والجراحُ قناديلُ من وهج،
والسيوفُ انطفاءْ»
هكذا قالت الريحُ،
ثمّ رَمَتْ وجهها في العراءْ
هكذا تخشعُ الأزمنَة،
فوق أقدامِهِ،
وتؤدّي الفصولُ طقوسَ البكاءْ
* * *
صمتُهُ مئذنَهْ
كلَّما فَرشَت ظلَّها،
هوَّمت فيه عصفورةٌ،
وغَفَت سوسنَهْ!
الرؤيا الرابعة
يبدأُ الحزنُ فجأةً، تبدأُ الدمعةُ***فصلَ الطفولةِ الأبَديَّهْ
ترتدى لحظةُ البكاءِ عمى الليلِ،***وبُقيا نجومِهِ الخَزفيَّهْ
ليسَ في البحرِ أوردةِ الملحِ،***وصمتِ المرافىءِ المنسّيهْ
ليسَ فيهِ سوى غموض رماديٍّ***وما خبَّئتْ عيونُ الضحيَّهْ
* * *
رمَّلت وجههَا الحكايا، وراحَ***الضوءُ ينسى أشباحَها الهمجيَّهْ
فهي حيرى، هل طاعنوهُ برمح***أمويٍّ، أمْ مُدية وثنيَّهْ؟
* * *
ينتهي الحزنُ فجأةً، تأخذُ الدمعةُ***بعدَ الرؤيا، ولونَ الشظيَّهْ
ويكونُ الحسينُ أوّلَ حرف***جرحَ الصمتَ في دمِ الأبجديَّهْ!!
الرؤيا الخامسة
عائدٌ والفراتُ رحيلْ
حَمَلَتهُ الخطى الخائفَهْ
عائدٌ خطوتي عاصفَهْ،
ودمي المستحيلْ،
* * *
ربّما ينحني زمنٌ.. ربّما
أو تضيعُ مرايا النهارْ
عائدٌ إنْ محاني الظما،
رَسَمتني البحارْ!
* * *
وجهُ طفلي كلامٌ جريحْ
ورؤى كَركَرتْ في رذاذِ الوضوءْ
الصحارى انهيارٌ.. وليلٌ.. وريحْ
وهوَ يبني الهدوءْ!
* * *
عائدٌ والزمانُ الكسيحْ،
خلفَ خطوي يموءْ!!
الرؤيا السادسة
خطوتهُ تطاردُ الغيابْ
ووجهُهُ فراشةٌ،
حطَّت على بوّابةِ العذابْ
وفي عيونِ طفلِهِ تدافعَ الضبابْ
وفي الشفاهِ الراحلاتِ،
في قوافلِ الردى،
تَيبَّست جنازةُ السحابْ!
* * *
يا أنتِ، يا مواسمَ الترابْ
رشّي على جراحِهِ،
رشّي ولو شيئاً من السرابْ!
الرؤيا السابعة
لنْ أكونَ كما تشتهينْ،
يا سيوفاً من الخزفِ الهامشيِّ،
ويا أوجهاً طلعت،
من ثقوبِ السنينْ
لن تكونَ نوافذُ جُرحي،
ممرَّاً إلى مُدُنِ الميّتينْ!
* * *
إنني أبتني خيمةً لجراحي،
وأعزفُ من آهةِ المتعبينْ،
مواويلَ منقوعةً بالتمرُّدِ،
مشدودةً بالتشرُّدِ،
مشبوبةً...
لا كما تشتهينْ،
أن تكونَ مرقَّعةً من رماد وطينْ!
* * *
أَنْ اكونَ كما تشتهينْ،
أنتِ لابدَّ أنْ تحصدي سنبلا،
مِن حكايا المواويلِ،
أو أنجماً من شظايا القناديلِ،
أو فرحاً من زوايا الأنينْ...
ثمَّ قد لا أكونُ كما تشتهينْ!
الرؤيا الثامنة
كيفَ يجيءُ الماءْ؟
وتحتَ كلِّ قطرة،
محرقةٌ حمراءْ؟
وخلفَ كلِّ قطرة،
جزيرةٌ منقوعةٌ بالملحِ والخواءْ؟
كيفَ يجيء الماءْ؟
وليسَ في زوّادةِ القتلى سوى الدماءْ
وليسَ في عباءةِ الحسينْ،
غير بقايا جسد مجرَّح، وصمتِ كبرياءْ
كيفَ يجيء الماءْ؟
والنهرُ صارَ فجأةً...
مقبرةً لألفِ ألفِ موجة بلهاءْ؟!
الرؤيا التاسعة
خلفَ عينيهِ نجمتانْ***وعلى صدرهِ قمرْ
كيف يبكي له الدخانْ***أو يغنّي لهُ الحجرْ؟
* * *
وعلى وجهِهِ رمتْ***لونَها ألفُ عاصفَهْ
يا ترى أين هوّمتْ؟***فالعصافيرُ خائفَهْ!
* * *
عُنْقهُ حاصرَ السيوفْ***فتهاوتْ، مهشَّمَهْ
هيَ في عُريِها تطوفْ***وهوَ مليونُ ملحمَهْ!
* * *
حائراً هَمْهمَ المساءْ***لخيول.. مقنّعهْ
كيف لا تحملُ الضياءْ***غيرُ كفٍّ.. مقطّعَهْ؟
* * *
قد توكَّأْتَ يا جبلْ***فوقَ رمح.. محطَّمِ
هكذا يُصلبُ الأملْ***بمساميرَ من دمِ!
الرؤيا العاشرة
كانَ لابدَّ أنْ ترتدي
وجهَكِ المستعارْ
يا رماحاً من الوهمِ،
تعلو.. وتعلو لتبلغَ في القِمَّةِ الأنحدارْ!
* * *
رئتي عالَمٌ من دخانْ،
وعيوني أراجيحُ للصبرِ،
يغفو عليها الهدوءُ.. فتحرسُهُ نجمتانْ!
* * *
عاصفاتٌ رماديّةٌ سكنت غمدَ سيفي
والأكفُّ التي بايعتني..
تَعرَّت على بركة،
من خواء وزيفِ!
* * *
يا ترى.. أينَ أُخفي روايَ وحبِّي؟
والرماحُ الصديئاتُ...
تعرفُ ألفَ طريق لقلبي!
......يتبع........
تعليق