إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الأصمعي والمرأة الصابرة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأصمعي والمرأة الصابرة

    الأصمعي والمرأة الصابرة


    كان الأصمعي وزيراً للمأمون، ذلك المأمون الذي كان أحد شياطين عصره، وأحد دهاة زمانه، وكان الأصمعي عالماً يُشكّ في أمره.

    قال الأصمعي: كنت أرافق المأمون في قافلة صيد ترفيهية ـ والصيد الترفي الذي كان يقوم به حكام بني أمية وبني العباس حرام بنظر الإسلام، كونه تبذير وإسراف وإتلاف لثروات وأموال المسلمين ـ، وفي أثناء المسير أضعت القافلة لأرى نفسي وحيداً في صحراء قاحلة، وبعد مسيرة تحمّلية شاهدت من بعيد خيمة تلوح في الأفق فتحركت صوبها لأجد فيها امرأة شابة جميلة فسلمت عليها، وجلست في ظل خيمتها وقلت لها: هل لي شربة ماء؟ فتغيّر لونها وقالت: لم اكتسب إذناً من زوجي في مثل هذا الأمر، وإن كان لك أن تشرب شيئاً فهذا غدائي أقدّمه لك وهو ضياح من لبن.

    يقول الأصمعي: شربتُ اللبن وجلست في ظل الخيمة ساعة، بعدها شاهدت فارساً على جمل، فقامت المرأة من جلساتها وحملت بيدها قليلاً من الماء وكأني بها تنتظر ذلك الفارس.

    نعم، وصل الفارس إلى الخيمة وكان زوجها، فقدمت له الماء ليشرب ثم نزل من جمله وإذا به رجل عجوز، أسود الشكل قبيح، لا يُطاق منظره، سيء الخلق والأخلاق، فهمّت المرأة نفسها وجاءته بطبق وإبريق لتغسل له يديه ورجليه ووجهه.

    بدأ زوجها بالتحجج، وإثارة ما لا يثيره العاقل الفطن، حيث كان يسيء مخاطبتها، وتتلطف له بالردّ، ولسوء خلقه لم أتحمل الجلوس في ظل خيمته بل فضلت الجلوس في الشمس المحرقة بعيداً، على أن أجلس إلى خيمته واستمع إلى سوء أدبه.

    وما إن تحركت حتى قامت امرأته لتوديعي، حيث لم يكن هو مهتماً لهذا الموضوع بالمرة، وعندما دنت المرأة مني قلت لها.

    أيها المرأة، إنك شابة جميلة، فلِمَ ارتباطك بهذا الشيخ العجوز الذي لا يمتلك من حطام الدنيا إلاَّ أخلاقاً سيئة وجملاً هزيلاً، بالإضافة إلى شكله القبيح؟!.

    فأجابت بعد أن بان عليها الامتعاض: أيها الرجل أتريد الإيقاع بيني وبينه، ألام تعلم بأن الدنيا زائلة والآخرة دائمة، وإنني بعملي هذا أروم رضا الله تعالى، ألم تسمع قول رسول الله صلى الله عليه وآله:

    "الإيمان نصفان: نصف في الصبر، ونصف في الشكر"

    وإن تحمّلي لسوء خلقه يصل بي إلى درجات الصبر الساميات، وعليه يجب أن أشكر الباري تعالى على هذه النعمة، فنعمة الصبر تحتاج إلى شكر، لذا سأديم خدمتي لزوجي حتى يكتمل إيماني.

    هذه هي المرأة المسلمة الحقيقية، لا تلك التي تنساق وراء المغريات بسهولة، وهذا ما شاهدناه ـ مع الأسف ـ في بعض النساء اللواتي تنكّرن للأدب، وللعرف، وللشرع.

    فقد تقول بعضهن لزوجها: بأن فلاناً أفضل منك مادياً، وإنه يجود بماله في سبيل سعادة زوجته، وهذا خطأ فاضح، وخطرٌ ما بعده خطر.

    وقد يقول الرجل لزوجته: إن فلاناً من الناس يمتلك زوجة جميلة ومؤدبة وملتزمة، وهذا القول يقلع جذور المحبة من قعر قلب الزوجة، على العكس من ذلك الذي يقول لزوجته؛ لم أرَ أجمل منك وأسمى، بالرغم من أنها متوسطة الجمال، فتجيبه بأنه رجل ونعم الرجل، وإن محبته استولت على كيانها فلا ترى أفضل منه رجلاً، وقد يتطلب الأمر أن يكذب الرجل على زوجته حينما يقول لها إنك أجمل من في العالم، ويحلّ الإسلام مثل هذا الكذب كونه يرتّب أوضاع الأسرة الواحدة، ويلمّ شعثها.

    إن هذه الصغائر من الأعمال والأقوال من منظار المحبة كبيرة وعظيمة، وهي دليل على قوة شخصية الرجل الذي يتطلّع لبناء جيل متكامل مع زوجته وأم أبنائه، وكذا بالنسبة للمرأة العاقلة الخيّرة.

    جاء في الكثير من الأخبار والروايات الواردة عن الرسول الأمين(ص) وأهل بيته الأطهار"ع" أن المرأة التي تخرج من دارها تفوح منها رائحة العطر، أو يشمّ منها رائحة طيّبة تلعنها الملائكة حتى ترجع إلى بيتها، وعليه أطلب من النساء أن لا يتعطرن بعطرٍ فيشم الأجنبي رائحته، ولا تضع ثيابها أو إزارها في مكان فيه عطر لئلا تقتبس تلك الثياب رائحة يمكن أن تُشمّ فيما لو خرجت إلى السوق، ولتعلم التي يُشم منها ريح طيّب بأن الجدران والشجر والمدَر والأرض والزمان تلعنها، ولا تظنّ أن هذه الأشياء ناقصة الشعور والحس، فقد قال الباري تعالى فيهن:

    (وإنْ من شيءٍ إلاَّ يُسِّحُ بحمدهِ، ولكن لا تفقهونَ تسبيحهم) (الإسراء/44).

    ونفس هذه المرأة لو تعطرت لزوجها، ودخلت فراشه لاستغفرت لها ملائكة السموات والأرض حتى تفيق، وإن المولى تعالى سيرضى عنها وكذا الرسول الأكرم(ص) وأهل بيته الأطهار سلام الله عليهم أجمعين.

    والجدير بالذكر أن التعطر للزوج قد يكون بالنسبة للمرأة شيئاً ليس له أية أهمية تذكر، وأقول لها إن ذلك يسهم في جلب محبة الرجل نحوها.

    أيتها المرأة! لا ينبغي لك أن تقلّلي من أهميتك في المجتمع فتردين محلتك أو مكان سكناك بإزار براق لمّاع، وعطر يفوح شذاه إلى أول الحارة وما إلى ذلك من التبرّج الذي يثير أحاسيس الشاب والرجال ويؤدي بالمجتمع إلى الهاوية:

    (ولا تبّرجن تبرّج الجاهلية الأولى) (الأحزاب/33).

    ايتها السيدة! إن الإسلام يحرّم الملابس المثيرة، ويعتبرها ألبسة شهرة وجلب نظر، وإن السيدة التي تمتلك شخصية لا يتأتى لها فعلى ذلك، وإن من تفعل ذلك جاهلة ووضيعة ومريضة كونها محتاجة إلى نظر الآخرين، وكأنها تسعى لإشاعة الفحشاء بين أفراد المجتمع الواحد.

    فالمرأة المسلمة ينبغي لها جلب نظر زوجها صوبها لا جلب نظر الآخرين من خلال تبذّل وتبرّج واستهتار بالقيم والأعراف السامية التي أقرّها الإسلام الحنيف.

    يقول بعض الرجال، إنه يحاول دائماً إسكات زوجته بالصراخ والعويل، وإذا ما سألته عن السبب يقول لك: أخاف أن تتسلط عليّ إن لم أفعل معها ذلك.

    أيها السيد! إن كلامك ذاك شيطانيٌّ محض، وما عليك إلا أن تكون سليم القلب، ذلق اللسان، وإذا ما قلت لها بأنك تحبّها، وأنك بدونها لا تعرف الرفاه ولذيذ العيش ستنقاد لك كانقياد الفرس لراكبها، وأعلم أنّ الصراخ والعويل يسلب المحبة، ويجّر إلى الويلات والمصائب، ناهيك عن انعكاسه السلبي على طبيعتك الإنسانية.

    جاء في الخبر أن الرسول الأكرم(ص) كان عند عائشة، وإن إحدى نسائه كانت قد طبخت عصيدة فأرادت أن يذوق منها رسول الله(ص) شيئاً، فجاءت إليه بصحن منها، وما إن طرقت الباب حتى خرجت إليها عائشة لتسألها عن مجيئها، فقالت لها طبخت عصيدة وأحببت أن يذوق منها الرسول الأكرم(ص) فهلاَّ أخذتيها مني ليطعمها، وعندها أخذت عائشة صحن العصيدة ورمت به بعيداً، فخرج الرسول(ص) ونظر إلى عائشة ليقول لها بكل أدب بأن الذي فعلته إسراف، واعتداء على الآخرين، وإتلافٍ لصحن لا تملكه لذا عليها ان تؤدي إلى صاحبة الصحن ما يضمن لها شراء مثله، وأن تعتذر لها، وأن تتوب إلى الله توبة نصوحاً.

    إن حديث الرسول ذلك إلى عائشة كان في قمة الأدب، ولا عجب في ذلك فهو الحبيب المؤدب الذي كان أحسن الناس خلقاً وخُلقاً.

    عن عائشة أنها سُئلت: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا خلا في بيته؟ قالت:

    "كان ألين الناس، وكان رجلاً من رجالكم، إلاَّ أنه كان ضحاكاً بسّاماً"


    منقول

  • #2
    شكرا لك عزيزتي مومضوع قيم للغاية .. بارك الله فيك غاليتي

    والله الموفق...

    تعليق


    • #3
      أختي العزيزة بنت الحسين بارك الله بك على هذه القصة الرائعة والمعبرة والنصائح الثمينة التي تحتاجها كل امرأة في هذا الوقت بالذات ..

      الى الأمام أختك حنين ..

      تعليق


      • #4
        بورك حضوركن عزيزاتي وشكراً

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        x

        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

        صورة التسجيل تحديث الصورة

        اقرأ في منتديات يا حسين

        تقليص

        لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

        يعمل...
        X