إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الشيعة ودورهم في حماية مشروع الدولة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشيعة ودورهم في حماية مشروع الدولة

    الشيعة ودورهم في حماية مشروع الدولة
    محسن الأمين




    لو عدنا بالذاكرة الى ما قبل الحرب الاهلية اللبنانية، نجد ان من احد اسبابها الداخلية، الحرمان المزمن لمناطق الاطراف وضواحي العاصمة، اضافة الى عدم التوازن بين القوى الاساسية داخل سلطة الدولة وأدواتها من حيث تركيبتها الطائفية، فكانت تلك المناطق والضواحي التي تطغى عليها الغالبية الشيعية تشعر بعدم وجودها القوي والفعال داخل الدولة بل حتى بتهميشها ولا نريد هنا من خلال مقالة تعداد المراحل والظروف التي أدت الى ذلك، فالجميع يعرف ان معظم الاتجاهات السياسية لمختلف الاطراف على الساحة اللبنانية كانت تستمد قوتها من تلك الجماهير العريضة، حتى ان اغلب اطراف الحركة الوطنية كانت ترتكز على الحركة الشعبية من تلك المناطق، من خلال ايديولوجيتها التي انتشرت في ذلك الوقت <<القومية الماركسية>> وصراعاتها التي لم تكن على صلة مباشرة مع المشكلة الاساس التي كانت تعاني منها الجماهير الشيعية من حرمان كبير وعدم تأثيرها في وضع القرار داخل السلطة لتحقيق التوازن الذي كان مفقودا في ذلك الوقت ولقد برز بوضوح الكثير من الاحباطات. حتى لو كانت برامج بعض القوى الوطنية خجولة ولكنها لم تستطع الوصول الى القاعدة العريضة رغم انتشارها على مساحة الوطن ورغم تبنيها لمجمل قضايا الطبقة العاملة الا انها لم تستطع اختراق السلطة وتركيبها الطائفي واختراق القاعدة بسبب صراعاتها الايديولوجية.
    أمام تلك الاحباطات ظهرت حركة الامام موسى الصدر لتعبر عن منطلقات مختلفة عبر برنامج واضح ومميز ينطلق من التاريخ الشيعي الى قراءة الحاضر ودعوة الى رفع الظلم عبر توازن في السلطة لبناء المستقبل من خلال الوحدة الوطنية وبناء السلطة التي تؤمن بحقوق مواطنيها. إضافة الى ذلك كان واضحا في قراءته للصراع العربي الاسرائيلي عبر التحالف مع كل القوى التي تؤمن بأن <<اسرائيل شر مطلق>> وبأن السلاح يجب ان يكون باتجاه إسرائيل وأطماعها.
    من خلال تلك المبادئ كان الامام الصدر يعرف ما يريده أبناء طائفته ألا وهو الحفاظ على الشرعية ضمن اطار الدولة وإعادة توازنها ضمن الوحدة الوطنية. ثم تأكيد الانتماء الوطني والعربي تعزيزا وإسهاما في الصراع العربي الاسرائيلي.
    إن الالتفاف السريع والشامل نحو حركة الامام الصدر كان له الاثر الكبير في شعور بعض القوى السياسية المتواجدة على نفس الساحة بالارتياب والدفاع عن نفسها، وكان ذلك من الأخطاء الكبيرة لدى القوى السياسية اللبنانية والعربية، ورغم ذلك فإن الحرب الاهلية لم تفسح في المجال امام تلك المبادئ لتأخذ مداها في الوصول الى اهدافها. ولقد كانت عملية اختطاف الامام الصدر وتغييبه الاثر الكبير على الوطن وبالأخص الطائفة الشيعية التي التفت حول حركته على اعتبار ان المؤامرة عليهم اصبحت مزدوجة من خلال وجودهم في قلب الصراع مع اسرائيل ومع قوة الداخل المتمثلة بأطراف السلطة على اختلاف أنواعها. وكأنهم في حالة صراع وجود خاصة بعد الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان وللعاصمة بيروت. لذلك دخلت الطائفة الشيعية بكل قوتها من اجل الدفاع عن وجودها ومقاومة الاحتلال وحماية الوطنية رغم وجود بعض الصراعات الداخلية حولها ومعها.
    إن ظهور المقاومة الوطنية والاسلامية دفاعا عن الوطن بأكمله، وفي مواجهة تحييد لبنان عن الصراع العربي الاسرائيلي. وكان لها في هذا المجال الدور الكبير في قلب المعادلة اللبنانية وفي تصويب الصراع السياسي في لبنان وخارجه. وأن تصبح رقما يصعب تجاوزه في المعادلة اللبنانية وبذلك كان اتفاق الطائف ليؤكد المعادلة على الساحة اللبنانية وعلى مقاومة الاحتلال الاسرائيلي الذي تراجع الى منطقة ما يسمى بالشريط الحدودي ثم بدأت استعادة موقعها في اعادة البناء الداخلي من خلال شعار <<التنمية والتحرير>> الذي كان متلازما ومرافقا لمرحلة ما بعد اتفاق الطائف.
    لقد كانت تلك المرحلة (1990 2000) مركزية في الصراع الداخلي والخارجي، رغم كل العثرات والاخطاء وعدم وضوح الرؤية احيانا نتيجة التحولات الكبيرة في منطقة الشرق الاوسط وضغطها ونتيجة تراجع الصراع العربي الاسرائيلي واتفاقات اوسلو وشرم الشيخ ووادي عربة. لكن الانتصار الكبير للمقاومة وعودة القسم الاكبر من الشريط الحدودي الى حضن الوطن جعل من المقاومة عنصرا اساسيا مترابطا مع قوى الداخل ومع قوى الممانعة في الخارج، كي تصبح نموذجا لحركات المقاومة في اطار الصراع مع اسرائيل وهذا ما ادى الى زيادة الضغط عليها، خاصة بعد الحادي عشر من ايلول كما ان الاخطاء المتراكمة وعدم تنفيذ بنود اتفاق الطائف، والتدخل في الشؤون الداخلية السياسية والاقتصادية قد اوجدت الكثير من المبررات لقوى لبنانية عديدة في المطالبة بتصحيح تلك الاوضاع متذرعة بالدعم الخارجي من خلال القرار 1559. وكانت الضربة القاسية في اغتيال احد اهم مؤسسي اتفاق الطائف والسلم الاهلي في لبنان الرئيس الشهيد رفيق الحريري مما دفع بالقوى الكبرى للتدخل وإعادة انتاج سلطة بديلة تؤسس لجعل لبنان دولة محايدة فانخرطت بعض قوى المعارضة بهذا المشروع. والسؤال هنا هل ان الشيعة وقواهم الوطنية، اي اصحاب التحرير والتنمية هم ايضا المستهدفون في هذه المرحلة؟ ومن المستفيد من ذلك؟
    قبل الاجابة، لا بد من التذكير بأن الشيعة في لبنان هم من اكثر الطوائف التي تعبر عن عمقها العربي والاسلامي وأكثرها تعلقا بانتمائها للدولة من خلال وجودها ومشاركتها الفعالة في القرارات السياسية وهذا ما عملت في سبيله. وهي من اشد الحريصين على بقاء لبنان ضمن سلطة شرعية ديموقراطية من خلال تطبيق دستور الطائف قولا وفعلا اي ان الوحدة الوطنية هي المطلب والهدف عند اغلب اطياف القوى السياسية الشيعية. غير ان ذلك لم يمنع من وجود خلافات سياسية داخل قواها كما سائر الطوائف وتحالفات متناقضة ومتنافسة. وهذه طبيعة التركيبة السياسية للنظام اللبناني.
    وهذا ما بدأت تعبر عنه بعض القوى، خاصة بعد الانسحاب السوري من لبنان ومحاولة إعادة انتاج قوى شيعية بديلة من بعض النخب والقوى المتضررة الداخلية. كما ان هناك استهدافا حقيقيا من خلال القضاء على روح وفعالية المقاومة وإضعاف القوة الداخلية في اطار السلطة اللبنانية. اما المستفيد الاول من ذلك فهم اعداء لبنان وعروبته واستقلاله خاصة بعد اضعاف العمق السوري وهو المستهدف ايضا، كذلك من خلال اعادة تنظيم وصياغة جديدة للشرق الاوسط في اطار ديموقراطية تعتمد على التوافقية الطائفية تتوافق مع مصالحها باسم القضاء على الارهاب وباسم نظرية <<الفوضى الخلاقة>>.
    من كل هذا نلاحظ مدى قوة الاستهداف المستمر وبالتالي فإن من حق هؤلاء كما في الماضي الدفاع عن وجودهم المتمثل بوجود الدولة التي هي عمقهم الطبيعي. كما ان سياسة المراحل والاستقطاب او التحييد المتبعة من قبل البعض لا يمكن تطبيقها الا في اطار اضعاف تينك القوتين او الدخول نحو الفتنة الداخلية، ما يعتبره الجميع خطا أحمر. ان اهمية هذه المرحلة التي يمر بها لبنان هي انها تمثل حدا فاصلا بين لبنان الوحدة الوطنية ولبنان الفتنة الطائفية تمهيدا للتقسيم ثم التوطين. من هنا تبرز أهمية التماسك الداخلي لتحقيق هدفين اساسيين:
    › الحفاظ على قوتها داخل السلطة من اجل بناء مشروع الدولة والحفاظ على قوة المقاومة لتكون جسرا حقيقيا بين وحدة لبنان ورادعا لعدم استباحة السيادة اللبنانية.
    وهنا لا بد لنا أمام هذه الهجمة الشرسة من قبل القوى الكبرى وحلفائها في المنطقة الى التنبيه والحذر وعدم التفاؤل كثيرا امام هول ما يخطط من مشاريع في المنطقة للخروج من تلك الازمة بأقل خسائر ممكنة وذلك من خلال الوحدة الداخلية والتأني في اتخاذ القرارات ودراستها دون تسرع حتى لا نقع في الفخ وفي الاخطاء القاتلة.
    () استاذ جامعي
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X