إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الامام المهدي (ع) بين الطف والغري

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الامام المهدي (ع) بين الطف والغري







    السلسلة الذهبية في المسيرة المهدوية

    الحلقة (4)

    الإمام المهدي

    بين الطف والغري

    تقديم

    سماحة ولي أمر المسلمين آية الله العظمى

    السيد محمود الحسني

    (دام ظله الوارف)



    تأليف

    أبو الحسين





    مقدمة السيد الحسني(دام ظله):-

    بسم الله الرحمن الرحيم

    أين أبن النبي المصطفى ، وأبن علي المرتضى ، وأبن خديجة الغراء ، وأبن فاطمة الزهراء الكبرى ، بأبي أنت و أمي ونفسي لك الوقاء والحمى ، يا ابن السادة المقربين ، يا ابن النجباء الأكرمين ، يا ابن الهداة المهديين ، يا ابن الخيرة المهذبين ، يا ابن الغطارفة الأنجبين ، يا ابن الأطائب المطهرين ، يا ابن الخضارمة المنتجبين ، يا ابن الشُهب الثاقبة ، يا ابن الأنجم الزاهرة ، يا ابن السُبل الواضحة ، يا ابن الأعلام اللائحة ، يا ابن العلوم الكاملة ، يا ابن السنن المشهورة ، يا ابن المعالم المأثـورة ، يا ابن المعجزات الموجودة ، يا ابن الدلائـل المشهودة ، يا ابن الصـراط المستقيم ، يا ابن النبأ العظيم 0000000000000000000 ،

    وبعد

    يكون الكلام في عدة نقاط

    النقطة الأولى:-

    الولاء والشوق واللوعــة

    إن هذا البحث الجيد الممتع الذي تفضل به جناب الأخ المؤمن ( أبو الحسين ) يعبر عن شوقه ولوعته وحرقة قلبه على سيدنا ومولانا وأملنا وهدفنا الحجة بن الحسن(عليه السلام وعجل الله تعالى فرجه الشريف) ويعبر عن الشعور بالمسؤولية الحقيقية وعيش القضية المهدوية والتفاعل معها فكراً وعاطفة وعملاً وفقه الله تعالى لما فيه الخير والصلاح في نصرة إمامه وإمامنا المنتظر(u) ونسال الله تعالى أن يُثبتنا جميعاً على الحق ونصرة الحق وجعلنا ممن يعيش في ظل دولة الحق والعدل الإلهي المقدس .



    النقطة الثانية:-

    السلسلة الذهبية ووجوب القراءة

    إن هذا البحث يمثل الحلقة ( 4 ) من حلقات السلسلة الذهبية في المسيرة المهدوية والتي أوجبنا قراءتها واخذ العظة والعبرة منها للسير في طريق التكامل الفكري والروحي والأخلاقي للوصول الى الاستعداد التام لنصرة الإمام(u) وحصول القرب من الملك الجبار الواحد القهار .



    النقطة الثالثة:-

    أطروحة ومؤيدات

    ما سُجل في البحث من احتمالية ظهور الإمام(u) بين كربلاء والنجف بتأويل معنى الركن والمقام الوارد في الروايات يمكن قبوله على نحو الأطروحة والاحتمال ، وربما يُضاف بعض المؤيدات الى ما طرحه الباحث من مؤيدات لهذه الأطروحة منها :

    ( 1 ) ما ورد عن المعصومين(u) عن جدهم المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) بأنهم(عليهم السلام) الحج والكعبة والقبلة والبلد الحرام ونحوها والتي تتضمن معنى الركن والمقام ، ومن تلك الموارد :

    عن الإمام الصادق(u) : { نحن الصلاة في كتاب الله عز وجل ، ونحن الزكاة ، ونحن الصيام ، 0000000 ونحن الحج ، ونحن الشهر الحرام ، ونحن البلد الحرام ، ونحن كعبة الله ، ونحن قبلة الله ، ونحن وجه الله ، قال تعالى (( فأينما تولوا وجوهكم ، فثم وجه الله )) ، ونحن الآيات والبينات 00000000000 }

    ( 2 ) ما ورد عن أهل البيت(عليهم السلام) إن أول من يرجع في آخر الزمان هو الإمام الحسين(u) ومعه أصحابه ، ثم أمير المؤمنين(u) ، وسيأتي ذكر ما يشير لهذا المعنى ، وفي هذا أشارة الى احتمالية كون الظهور في هذه الأماكن الخاصة المشرفة المقدسة والتي تتضمن الموالين والأنصار.

    ( 3 ) الإشارة الواردة في الروايات الى السهلة وكونها عاصمة دولة العدل الإلهي ، والى إن عمران قصور وبيوت الكوفة والنجف سيتصل بعمران كربلاء وفي هذا إشارة الى وجود الأنصار ممن يحتضن مركز الحكم والقيادة فتأتي احتمالية كون الظهور في مثل هذا المكان .

    ( 4 ) ما ورد عن المعصومين(u) إن الإمام القائم(u) ينادي بشعار [ يا لثارات الحسين ]

    وفي هذا احتمالية أن يكون المناسب لصاحب هذا النداء(u) الظهور قرب كربلاء وغير هذا العديد من المؤيدات خاصة ما ذكره الباحث خلال البحث فعليك متابعة ما موجود في هذا البحث .



    النقطة الرابعة:-

    العراقيون وحركة التمهيد

    إن الأطروحة المذكورة ومؤيداتها يمكن مناقشتها من وجوه لا يُناسب المقام طرحها لكن المهم هنا ذكر الملاك أو الغرض الذي أراد الباحث المؤمن تحقيقه المتمثل في إبراز الدور القيادي للعراقيين في تأسيس دولة العدل الإلهي ومثل هذا الدور يلزم المكلف عموماً والعراقي خصوصاً ويحمله المسؤولية الشرعية والأخلاقية والروحية والعاطفية ، والوصول الى مرحلة الاستعداد التام لتقبل اطروحة الإمام(u) وتهيئة العدد المناسب من الأنصار للتعجيل في الظهور المقدس أو تحقيقه ، فيكون المكلف العراقي جُندياً مُلتزماً مُخلصاً مُضحياً مُتمثلاً لأوامر سيده ومولاه(u) لا تأخذه في الله لومة لائم ، لا يهاب الموت إن وقع على الموت أو وقع الموت عليه ، يستأنس بالموت كما يستأنس الطفل بثدي أُمه ،

    وأود أن الفت الجميع الى انه ستصدر حلقة لاحقة إن شاء الله تعالى فيها بحث مستقل واطروحة مناسبة لتحقيق الغرض أو الملاك المرجو في هذا البحث .





    النقطة الخامسة :-

    أيها العراقـي



    أيها العراقي المؤمن المخلص اعرف نفسك وقدرك ودورك وانتفض لكرامتك وعراقيتك ودورك القيادي لنصرة إمامك المعصوم(u) ، فكن مؤمناً قوياً عزيزاً في ذات الله تعالى فان العزة لله تعالى ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) وللمؤمنين ، وأوصيك ونفسي بالجهاد الأكبر وهو جهاد النفس بتربيتها على الطاعة والتقوى وتعميق الإيمان والتحلي بأخلاق المعصومين(عليهم السلام) والتخلي عن رذائل الأخلاق وعن متابعة الهوى والشيطان والتنزه عن حب الدنيا والترف وعن عبادة الأصنام والأوثان من الرجال والأموال ولكي تكون الصورة واضحة والمسؤولية تامة ولمعرفة التقييم الموضوعي الصحيح للنفس وللغير من الأصحاب المؤمنين الموالين ومن الأعداء المنافقين الكافرين ، فعليك متابعة ما موجود في هذا البحث وما طُرح من بحوث في السلسلة الذهبية .







    والحمد لله رب العالمين

    والعاقبة للمتقين



    محمود الحسني

    بسم الله الرحمن الرحيم

    والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام

    على سيد المرسلين وآله الطيبين الطـاهرين

    مـدخـل

    لقد تسالم جميع العلماء والمفكرين والمحدثين المهتمين بقضية إقامة دولة العدل الإلهي دولة المهدي(روحي لمقدمه الفداء) على إن المكان الذي سيشهد حوادث الظهور الأولى سيكون مكة المكرمة والمدينة وقد استفاضت الأحاديث في هذا الأمر وأصبح الاعتقاد به من اليقينيات لدى عامة المسلمين لما حملته أحاديث الرسول( صلوات الله عليه وعلى آله) من مصاديق ودلالات ثابتة لا تقبل النقاش أو الرد فأصبحت الأبصار والقلوب شاخصة الى ذلك الحرم المقدس الكعبة المشرفة والى تلك البقعة المباركة تنتظر ظهور الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة والشمس الباهرة والعلم الهادي المهدي لإقامة دولة العدل الإلهي وتطبيق الاطروحة العادلة الشاملة الكاملة في كل شبر من المعمورة .

    وفي الحقيقة فان الأسباب الداعية لاختيار هذا المكان وأهميته كثيرة ولكننا سنوجز بعضها وبقدر ما يتوصل إليه العقل القاصر المتدني 000 وهي :

    ( 1 ) ما يحمله هذا المكان (مكة) من قدسية واحترام بالغ لارتباط اثاره بمسيرة الأنبياء والرسل منذ أبينا آدم(u) وحتى رسول الهدى وخاتم النبيين(صلى الله عليه وآله وسلم) ارتباطاً وثيقاً .

    ( 2 ) انه يمثل قبلة المسلمين وبيت الله العتيق الذي يتوجه إليه المسلمون في صلاتهم وعباداتهم .

    ( 3 ) انه المكان المقدس الذي تتم فيه مراسم الشعيرة المقدسة (الحج) الذي هو فرع من فروع الدين وأداءها أي الفريضة فرض واجب .

    ( 4 ) المكان الذي يجتمع فيه المسلمون والذي يفترض أن يكون عنصراً من عناصر وحدة المسلمين و أئتلاف كلمتهم والمنبر الإلهي القدسي الذي من خلاله تتم دعوة الناس الى الحق والى عبادة الله ونصرة دينه ،

    فلا عجب أن تكون هذه البقعة محل اهتمام الله سُبحانه بها واهتمام الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) .

    كذلك لا يخفى على اللبيب إن المدينة المنورة كانت لها الأهمية العظمى في نشر تعاليم الإسلام وتثبيت أركانه وهي البؤرة القدسية المضيئة التي انتشر منها نور الإسلام أصقاع العالم كافة وهي في نفس الوقت المثوى الطاهر لجسد سيد الخلق وأشرفهم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك نرى إن هاتين القريتين كانتا المحطتين الرئيسيتين لجميع الحوادث التي تعلقت بوجود الإسلام والصراعات التي دارت في حياة الرسول وبعدها بين الحق والباطل وبين النور والظلام ورغم إن دائرة الصراع انتقلت بعد الصدر الأول من الإسلام الى دوائر آخرى سواء في العراق أو خراسان أو الشام لكن ظلت هاتان البقعتان (مكة والمدينة) يُنظر اليهما بعين الهيبة والقدسية والاحترام من لدن عامة المسلمين . ولا عجب عندما يصرح الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله بأهميتهما وان الشرارة الأولى للثورة المهدوية ستنقدح من هاتين البقعتين لمواجهة السفياني وأشباهه من الطواغيت على يد القائد المؤمل والعلم المنصوب(روحي له الفداء) لإقامة دولة العدل الإلهي .



    المهدي (عليه السلام)

    بين الطف و الغري



    ولو نظرنا الى هذه الاطروحة اعني الظهور الأول للإمام(عليه السلام وعجل الله تعالى فرجه الشريف) في مكة نجدها تامة وكاملة وان الراد عليها راد على الله ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) وحاشا لله ولرسوله (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )00000

    ولكننا بشيء من التسامح الذي نرجوه من الله ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) يمكن ان ننظر الى هذه الاطروحة من الوجه الآخر لها إذا صدق أن لها وجهاً آخر وهذا الوجه من الاطروحة النبوية غير متداول بين المسلمين بل يختلف عما تسالم عليه المسلمون والوجه الجديد للاطروحة النبوية هو إن الذي عناه الرسول من مكة هو (كربلاء) والذي عناه من المدينة هو (النجف الأشرف) وسنحاول أن نذكر بعض الاحتمالات التي تدعم هذه الاطروحة اقصد الوجه الثاني لإطروحة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) .





    الاطروحة الجديدة وعدم التصريح

    وقبل كل هذا وذاك قد يخطر في الذهن سؤال هو:

    لماذا لم يصرح الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)

    بذلك الأمر صراحة ؟

    وما الحاجة الى هذه التورية ؟

    والجواب يقع في مستويات نكتفي بذكر اثنين منها:

    الأول:- تقية الأعداء

    إن معظم الأحاديث التي تناولت موضوع الإمام المهدي(u) كانت تحمل طابع الرمز أو المجاز ذلك لأن القضية محاطة بأحداثها ومجرياتها بمكامن الخطر الذي يتهدد الإمام(u) نفسه والقضية برمتها ، هذا إذا عرفنا إن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) كان يرى المستقبل بعين الحاضر ويرى إن الدهر سيظهر في مستقبله قوى معادية للإسلام ولقضيته الكبرى ،

    (ثورة المهدي)هذه القوى تمتلك إمكانات تدميرية ووسائل تجسسية متطورة ، ويكفينا دلالة إن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الطاهرين(عليهم السلام) نفوا التوقيت لهذا الأمر ووصفوه كالساعة لا تأتي إلا بغتة ليكون عنصر المفاجأة أشد وقعاً على الأعداء واكبر انتصاراً ،

    أما الحديث الصريح عن هذه القضية ومجريات أحداثها فلا يخدم القضية بل سيكون عنصراً فعالاً بيد الأعداء للقضاء على الثورة المهدوية في مهدها.

    الثاني:- مراعاة المستوى الذهني

    إن الرسول كان يحدث الناس على قدر عقولهم بل واستحقاقاتهم إذ كان من الصعب عليهم أن يُحدثهم بمعالم غيب الله وانه ستكون هناك مرتبتان في العراق يستقر بهما الجسدين الطاهرين جسد وصيه المرتضى وجسد سبطه المُنتجب(عليهما أفضل الصلاة والسلام) وان هاتين البقعتين أعني (كربلاء والنجف) ستكونان مهوى لقلوب شيعة علي(u) وان لهما من الشرف والرفعة ما لا أُذن سمعت ولا رأت عين ، هذا إذا عرفنا إن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) كان خبيراً بمجتمعه هذا المجتمع الذي لا زالت بقايا الجاهلية عالقة في قلبه وروح الجسد والعصبية الجاهلية لا زالت تجري في دمائه برغم التحول النوعي الكبير الذي أحدثه الإسلام 000 هذا المجتمع الذي ينظر الى منزلة النبوة على إنها ملك وان آل هاشم إنما يريدون حصر هذا الملك بينهم وما حادثة الغدير والتجديد الذي نزل به الذكر الحكيم في ضرورة التبليغ بولاية علي بن أبي طالب(u) وان الله سبحانه سيعصم الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) من الناس خير دليل على عدم قناعة البعض من المسلمين بهذا الأمر ولكن التجديد الإلهي ( وإلا ما بلغت رسالته) دفع الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) الى الاعلان عن هذا الفتح العظيم وإتمام النعمة على المسلمين اصبح لدينا الأن واضحاً من أن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن بقادر على أن يُخبر جميع المسلمين بهذه الأمور الغيبية و لربما خص بذلك بعض المقربين منه .



    بين مكة والمدينة

    بعد أن تعرفنا على تلك الاطروحة الجديدة المتواضعة سنحاول في هذا المقام تأييدها وزيادة قيمتها الاحتمالية بعدة طرق منها مناقشة الاطروحة الآخرى التي صرح بها الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) أو أشار بها الى مكان الظهور ( مكة والمدينة ) وسنوجز الكلام في جهات والله ولي التوفيق:



    الجـهة الأولى:-

    التمحيص

    إن التمحيص الإلهي الضروري لإيجاد اليوم الموعود لا يكون إلا على الحق والتجارب والمحن ولا ينطلق إلا من طاعته والإخلاص له :

    أما المذهب أو المذاهب التي تكون في واقعها بعيدة عن الإسلام فالتربية على أساسها والتدريب على طاعتها تدريب على الباطل وان اتخذ صيغة الإسلام (انظر تاريخ ما بعد الظهور ص38 ـ 39 )



    الناطقة بالحق

    والساكتة عنه

    أقول :

    كذلك فان التمحيص الإلهي لإيجاد اليوم الموعود سيكون على تلك الفئة داخل المذهب الواحد هذه الفئة المحقة والناطقة بالحق الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر والتي لم تتخذ التقية غطاءاً وراء عزلتها وسلبيتها المحرمة ، فالتربية المهدوية لا تقوم على الساكتين عن الحق بل على الناطقين بالحق وما جند الإمام(u) إلا أولئك الناطقين بالحق و مريدوهم و مؤيدوهم .

    لقد تسالمت مذاهب المسلمين على اختلافها في إن الحق منحصر في مذهب واحد على الأجمال وان المذاهب الآخرى الإسلامية بعيدة عن واقع الإسلام بقليل أو كثير غاية الأمران المذهب يدعي هذه المزية لنفسه . فإذا كانت المذاهب جميعاً سوى واحداً في ضلالة فكيف يجري التمحيص بدون مسوغ ؟

    ونقول أيضاً إذا كان الانحراف موجود داخل المذهب الواحد بمعنى الابتعاد داخل المذهب الواحد عن مقاصد الإمام(u) ومراميه ورسالته فكيف يمكن أن يجري الانتخاب والتمحيص على مثل هؤلاء وجوابه:

    إن الانتخابات والتمحيص يجري على تلك الفئة من أبناء المذهب التي تقول بمنهج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومواجهة الطواغيت أينما كانوا .

    جند الإمام(عليه السلام)

    وهنا يبرز لدينا سؤال آخر:

    هل يمكن أن نتصور إن الإمام(u) يظهر وسط أعدائه بل الذين لا يقولون بمنهجه ؟ ؟

    الجواب : إذا اخذ الفرد مفهوم القيادة المهدوية في ذهنه في حال غيابه ، أي الإشراف غير المباشر على تربية المؤمنين فانه سوف ينعكس على سلوكه بكل وضوح وسيتجه الى التضحية اكثر من الفرد الخالي من هذه الفكرة وبطبيعة الحال ذلك لأقتران مفهوم القيادة المهدوية في ذهنه من خلال:

    1 / كونه جُندياً مأموراً و مُوجهاً بالفعل للعمل في سبيل الله وإطاعة أحكامه وان أوامر قائده المهدي موجودة ومتوفرة لديه متمثله بالأحكام الشرعية .

    2 / كونه مسؤولاً ومحاسباً أمام هذا القائد ولو بشكل غير مباشر .

    3 / الشعور بمظلومية هذا القائد حال غيبته وبمظلومية البشرية البائسة التي أوجبت لها غيبة إمامها ومرورها بعصور الظلم والانحراف .

    4 / الشعور بانتظار هذا القائد واحتمال ظهوره وقيامه بدولة الحق في أي لحظة من الزمن وتعميق أخلاص الفرد وإيمانه وتضحيته في سبيل دينه .

    الحجاز والأنصار

    مما تقدم نصل الى عدة نتائج منها :

    خلو مكة من العدد الكافي للنصرة والتأييد المطلقين للإمام إذا أخذنا في نظر الاعتبار إن الحجاز كانت ومازالت تناصب آل البيت(u) وشيعتهم العداء الواضح ورغم احتمال التحاق الصف الأول (الثلاث مائة وثلاثة عشر) بالإمام من خلال السبل الطبيعية التي ذكرها السيد(قدس سره) (جوازات السفر التي يحملونها ومكوثهم بعد فريضة الحج ريثما يظهر الإمام في عاشوراء) لكن المشكلة تبقى قائمة أمام العشرة الآف المُمحصين هذا إلا إذا قلنا إن الأحساء و القطيف مواطن الشيعة في الحجاز ستمده بذلك العدد المُمحص وهذا الاحتمال مستبعد لأمور كثيرة لا نُريد ذكرها في المقام أبرزها انه من المستقبح إن تقتصر النصرة على مكان معين وشريحة اجتماعية واحدة في ذلك المكان (خاصة وإنها تمثل الشريحة الأضعف في الحجاز عدة وعدداً) دون العالم الإسلامي (حاشا لله) ولذلك فان ظهوره(عجل الله تعالى فرجه) بين من يعتقدون ويؤمنون بعقيدته و بمظلوميته اقصد بصورة رئيسية العراقيين يكون راجحاً حتى إذا اعتبرنا ذلك المجتمع منحرفاً نوعاً ما ولكن سرعان ما ينكشف له وبعد وقت قليل إن هذا الذي يحمل العنوان الثانوي هو ( القائد المنتظر لليوم الموعود) .



    الجهة الثانية:-

    مشكلة العشرة آلاف

    لقد اختلفت الأخبار في ذكر عدد أفراد القاعدة الشعبية التي ستشكل الدعامة الأولى لجنده المليوني والذين بهم سيغزو العالم ، فبعض الأخبار ذكرت إنهم خمسة عشر ألف والأخرى قالت إنهم اثنتا عشر ألف وثالثة قالت انهم عشرة الآف وهذا الرقم الأخير رجحه السيد(قدس سره) في موسوعته عن الإمام المهدي(u) ، قلنا إن مشكلة القادة أو الحكام الثلاث مائة وثلاثة عشر يمكن تذليلها في إطار البحث النظري في عملية الالتحاق بالإمام(u) ونصرته في الكعبة الشريفة سواء منهم الطائرون فوق السحاب (المسافرون جواً) والذين تطوى لهم الأرض (المسافرون براً ) ولكن مشكلة العشرة آلاف ستبقى بدون حل ولا يمكن تذليلها إلا إذا طرحنا الاحتمالات التالية :

    الاحتمال الأول/ ضعف الحكم في الحجاز

    ضعف حكومة الحجاز وغياب دواعي الأمن الداخلي والرقابة على الحدود بحيث يمكن لهؤلاء العشرة آلاف التسلل عبر الحدود للالتحاق بالإمام(u) وهذا الاحتمال فيه نقطة قوة وهي :

    إن الكثير من الحكومات والدول التي تسير في ركاب الغرب الأوربي والاستعمار العالمي وتكون صنيعة له تنتابها بين فترة وأخرى حالات من التدهور السياسي والاقتصادي والضعف في أحكامها والضعف في السيطرة على البلاد وهذا الأمر ملحوظ في كثير بل معظم بلدان العالم الثالث والسبب في حقيقة الأمر يعود الى تبعيتها للأنظمة الإستكبارية في العالم وتخليها عن شعوبها وعدالة قضاياها ومصائرها ، ولكن نقطة القوة هذه لا تصمد في هذا الاحتمال إذا أخذنا في نظر الاعتبار إن بلاد الحجاز بلاد نفطية وتمتلك ثروات معدنية كثيرة وهي ذات موقع ستراتيجي ويمكن أن تكون قاعدة عسكرية لضرب أي توجهات في المنطقة تتقاطع مع مصالح الأنظمة الإستكبارية كأميركا وأوربا وان من مصلحة أميركا وأوربا ابقاءها تحت سيطرتها وعدم السماح بأي ضعف أو انحلال في هيكلية سياساتها الداخلية والخارجية فهي واجهة الأميركان والأوربيين في المنطقة والصورة الكاذبة للأسلام والمسلمين وعليه فان مصلحة الاستعمار العالمي تقتضي إبعاد كل ما من شأنه أن يهز أو يزعزع العرش النفطي السعودي أو يعبث بنظامه من بعيد أو قريب وهذا الأمر ملحوظ منذ مجيء الزمرة السعودية الى الحكم وعليه يمكن استبعاد هذا الاحتمال .

    الاحتمال الثاني التشيُع في الحجاز

    حصول تغيير في المجتمع الحجازي نحو منهج آل البيت(عليهم السلام) بمعنى حدوث انقلاب تدريجي نتيجة تأثير المد الشيعي في الأحساء و القطيف أو انقلاب مفاجئ في المجتمع الحجازي والانتهاج بمنهج آل البيت(عليهم السلام) وموالاتهم ونصرتهم.

    وهذا الأحتمال ضعيف للأسباب التالية :

    1 / عدم وجود مقدمات ملموسة بهذا الاتجاه في العصر الراهن على اقل تقدير ، بل العكس هو الحاصل حيث نرى المجتمعات الشيعية في القطيف والأحساء تتعرض للاضطهاد والأستصغار والتنكيل وان المذهب الشيعي يُلاقي الازدراء والاحتقار والتكفير من قبل المجتمع الحجازي والحكومة هناك ، والأنكى من ذلك إن ملوك النفط يعملون بشكل مُعلن وغير مُعلن على قمع المجتمعات الشيعية في بلدان اخرى والتنكيل بهم من خلال الحركات والأحزاب الوهابية مثلما حصل في أفغانستان وباكستان وغيرهما من البلدان .

    2 / وجود التعصب الديني والقبلي في المجتمع الحجازي وانتهاجهم للمذهب الوهابي المعروف بعدائه للأسلام والمسلمين.

    3 / أما الانقلاب المُفاجيء فغير ممكن طبعاً لأنعدام مبرراته الموضوعية في المجتمع الحجازي وهو افتراض نظري يتقاطع مع واقع المجتمع الحجازي ومؤسساته في الظاهر

    هذه أهم الأسباب التي تدعونا لنقض هذا الاحتمال الذي يشير الى كون مكان الظهور (مكة والمدينة).



    بين النجف وكربلاء

    وعلى العكس من ذلك لو اعتبرنا إن مكة التي يقصدها الحديث النبوي كربلاء ، وان المدينة المنورة هي النجف الأشرف سنجد إن الآفاق رحبة لاستقبال هذه الاطروحة ورجحانها .

    وذلك :

    أولاً:- العراق يعتبر القاعدة الشعبية المثلى لاستقبال الإمام(u) ونصرته فمن المعروف إن العراق كان وما يزال مركزاً للتشيُع وبؤرة الشيعة الوثابة برغم الانحرافات التي تصيب هــذا المجتمع ، ومثل هذا العدد العشرة الآف يمكن توفره في هذا البلد .

    ثانياً:-إن كربلاء والنجف تعتبران قبلة الزوار الشيعة سواء كانوا أعاجم أم غيرهم من الإيرانيين والباكستانيين واللبنانيين واليمنيين ومن كل أصقاع العالم ،

    وان زيارة الأضرحة الطاهرة في هاتين المدينتين جارية وباستمرار لا سيما في شهر عاشوراء ولذلك فان احتمال مشاركة شرائح مختلفة من الطائفة الشيعية ومن بلدان متفرقة أمر وارد واحتماله قوي جداً وان حصول الإمام على العشرة الآف لنصرته فضلاً عن القادة والحكام الثلاث مئة وثلاثة عشر نعده من المسلمات هذا إذا اكتملت الشروط التي تنسجم مع الحكمة الإلهية 00 وان من السهولة بمكان أن يفدّ الى العراق هذا العدد من الزوار الأعاجم في شهر عاشوراء هذا إذا اعتبرنا إن الظهور سيكون في هذا الشهر بالذات وان وجود مثل هذا العدد أو اقل أو أكثر لا يثير أي ريبة أو شك .

    الاحتمال الثالث توفـر جوازات سفر

    حصول القاعدتين الأولى والثانية اعني (الثلاث مئة وثلاثة عشر والعشرة الآف ) على جوازات سفر لأداء فريضة الحج وهذا الأمر يبدو ممكناً للوهلة الأولى ، ولكنه سيكون صعباً طبعاً إذ إن رحيل الحجاج بعد أداء مناسك الحج سيكون في النصف الأول من ذي الحجة وان بقاء مثل هذا العدد الكبير ( الثلاث مئة وثلاثة عشر ، وعشرة آلاف ) لمدة خمس وعشرون يوماً سيثير الريبة والشكوك لدى السلطات المكية وقد يتعرضون للمسائلة ومن ثم ترحيلهم عن البلد قسراً وإذا كان الأمر مقبولاً بالنسبة للعدد ( 313 ) لقلتهم فانه غير مقبول بالنسبة الى العشرة آلاف ، وهكذا يكون هذا الاحتمال مرجوحاً إذا ما قورن باحتمال وجود هؤلاء جميعاً وتواجدهم في العراق .


  • #2
    تكملة الموضوع

    الجهة الثالثة:-

    النفس الزكيّة

    لقد وردت أحاديث كثيرة ومستفيضة حول العلامة القريبة لظهور الإمام(عجل الله تعالى فرجه الشريف) اعني قتل النفس الزكيّة بين الركن والمقام وان هذا الشخص يخطب في هذا المكان داعياً الى نصرة دين الحق ونصرة المهدي(u) سواء كان ذلك بشكل مُباشر أو بغير مباشر حسب أطروحات السيد محمد الصدر(قدس سره) في هذا الموضوع وان الذي دلت عليه الأخبار إن بمقتل النفس الزكيّة يكون وقت الظهور قد حان ولا يمكث الإمام(u) إلا خمسة عشر ليلة بعد الحادث فيخرج غضباناً آسفاً ،

    والذي يهمنا في هذا الموضوع المكان الذي سيقتل فيه النفس الزكيّة إلا وهو مكة بل الكعبة بالتحديد بين الركن والمقام والمقصود بالركن هي تلك الزاوية من الكعبة التي تكون اقرب الى المقام ، وأما المقام فهو الذي يقع على بعد خطوات من باب الكعبة وعلى يمين الناظر الى باب الكعبة .

    ركن ومقام فـي العراق

    وفي أطروحتنا نستطيع القول إن الركن والمقام موجودان في العراق أيضاً وليس في مكة فحسب وفي الحقيقة إن هناك { ركن ومقام صُغروي } وآخر كُبروي إذا جاز التعبير :

    الأول : الركن والمقام الصُغروي

    من المعروف إن في مسجد الكوفة المعظم مقام لنبينا ابراهيم(u) وهو المتعارف عليه لدى عامة الشيعة ويكون موقعه على يسار الداخل الى المسجد من باب الفيل ويطلق على هذا المكان المقدس مقام إبراهيم(u) ، كما إن هناك مقامات أخرى لأنبياء الله(عليهم السلام) في المسجد ،

    ويبدو أن هذا المقام كان مكانا تعبديا لإبراهيم(u) ولا نستبعد أن يكون سكناً له في حله وترحاله من الحجاز الى العراق والى حران وغيرها من البلدان في مضمار دعوته الى الخالق الأحد ويمكن إذاً أن يصدق على هذا المكان تسمية المقام أما الركن ففي نظرنا ذلك المحراب المقدس الذي كان يتعبد فيه أمير المؤمنين(u) بل هو ركن الأركان والبقعة المشرفة التي تشرفت بخلوات الوصي وتفرده بخالقه وربه ، وهذا المكان اقصد مابين الركن والمقام يمكن أن ينحصر فيه مقتل النفس الزكيّة في مستقبل الدهر .

    الثاني : الركن الكُبروي

    يمكن لنا اعتبار المكان الذي ولد فيه نبي الله إبراهيم(u) الكائن في منطقة كوثا (برس نمرود) هو المقام الذي عناه الرسول(صلى الله عليه وآله) وآل البيت( عليهم السلام) في أحاديثهم ولا ننسى إن في ذلك المكان جرت حوادث عظيمة في سلسلة الصراع بين نبي الله إبراهيم(u) وطاغية ذلك العصر ( النمرود ) 000

    وهو المكان الذي ولد فيه إبراهيم(u) وفيه نشأ وترعرع ويمكن أن نطلق عليه تسمية المقام وهو معروف لدى العامة والخاصة بأنه مقام إبراهيم(u) ،

    أما الركن فيمكن اعتبار تلك المثابة النورانية والأرض المباركة التي ضمت جسد سيد الوصيين وقائد الغّر المُحجلين أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(u) والتي تُعتبر مهوى لقلوب المؤمنين وباب حطة التي يتوسل بها الراجون ويطوف في عرصتها الزائرون ويلوذ بحضرتها الخائفون ولعمري لهذا الركن سيد الأركان بعد ركن الرسول واشرف وأسمى من ذلك الركن المصنوع من الحجارة ،

    وعليه فليس من المستبعد أن يكون مقتل النفس الزكيّة بين هذين المكانين المقدسين سواء كان في الكوفة أو أي مكان آخر ينحصر بين هذين المكانين المقدسين الذين يمكن أن ينطبق عليهما تسمية الركن والمقام وان كربلاء ليست ببعيدة عن المكانين وان انحصار الظهور بين كربلاء والنجف أمر ليس بمستحيل خاصة عند الأخذ بنظر الاعتبار ما ورد عن المؤرخين وعن المعاجم اللغوية بان كربلاء تابعة للنجف وأنها جزء وناحية من النجف ويشير لهذا :

    1 / في معجم ماأُستعجم / البكري الاندلسي /

    [كربلاء ، موضع بالعراق من ناحية الكوفة ]

    2 / لسان العرب /ج7 [وسواد الكوفة ناحية يقال لها نينوى من كربلاء التي قُتل فيها الحسين(u)]

    3 / شرح الرضي على الكافية / ج1 / رضي الدين الأستربادي [ الطف ، مكان بالكوفة يمتد الى شاطئ الفرات ، ومنه جزء يسمى كربلاء ، فيه حدثت الموقعة التي قُتل فيها الحسين(u) ] .

    الجهة الرابعة:-

    أهل البيت نهضة مشتركة وهدف واحد

    التشابه النهضوي بين الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام الحسين والمهدي(عليهما السلام)

    من الملاحظ وجود ثلاث نهضات كبرى كان وسيكون لها الدور البارز والمؤثر في مجرى الصراع بين الحق والباطل وبين التوحيد والشرك وبين النور والظلام بل لها الدور الحاسم في تطور الأنسان والمجتمعات نحو الكمال سواء في المجتمع المسلم أو المجتمع الأنساني الشامل ، وهذه النهضات الثلاث هي (النهضة المحمدية والحسينية والمهدوية ) وأصبحت هذه المسالة من المسائل الواضحة لدى المسلمين بل لدى المنصفين في العالم ، لقد كان للبعثة النبوية الأثر التربوي العظيم في تاريخ حركة الكمال الأنسانية وكذلك النهضة الحسينية قد خلقت أُسس معمقة لبناء نظرية عادلة للثورة على الظالمين وكذلك ستكون الثورة المهدوية التي ستحقق العدل الألهي للإنسان وتقيم دولة الحق لتسير بالإنسانية نحو الكمال المطلق ،

    ونحن لسنا بصدد الدخول في تفاصيل هذه النهضات الثلاث وآثارها الايجابية لبناء الحضارة الإنسانية المتكاملة ، بل سنحاول أن نعقد في هذا المستوى من البحث نوع من المقارنة بين النهضات الثلاث وستلاحظ إن هناك تشابها في المسيرة النهضوية للمعصومين الثلاث(عليهم السلام) وعند تحقيق هذه النتيجة سنرى إن المكان الذي حدده المولى لظهور الإمام ليس بالضرورة أن يكون ذات المكان بل سيكون مكاناً آخر يحمل نفس العنوان نعني به ( كربلاء )

    نريد أن نلفت النظر الى إن الإنجازات التي حققها المعصومون(u) جميعاً كانت بمثابة نسيج واحد متكامل يكمل بعضه بعضاً دون نقص أو خلل ، لقد مرت وستمر المسيرة النهضوية للمعصومين الثلاث(عليهم السلام) بثلاث مراحل مُتشابهه في مجال الدعوة الى التوحيد ونصرة الحق وأهله وسنحاول إيرادها بإيجاز :



    الأولى:-

    مرحلة الأعداد الذاتي للمعصوم

    لقد تجسدت هذه المرحلة لدى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) منذ طفولته بتفكره بهذا الكون والنظر الى ما صار إليه قومه من عبادة الأوثان ، وان لابد لهذا الكون من خالق واحد لا شريك له ، لقد تبلورت هذه المرحلة خلال اعتزاله الناس في غار حراء وتعبده به واتصاله بخالقه روحاً وجسداً ولا شك بان هذه المرحلة كانت خطيرة في بلورة وصقل مواهب الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) واستعداداته لتلقي الوحي والتهيؤ لحمل أعباء الرسالة السماوية الخالدة والتبشير بها كذلك مر الإمام الحسين(u) بنفس هذا الاتجاه من الأعداد والتهيؤ لحمل أعباء الثورة والانتفاض على الظالمين ، ولقد ساهم النبي والوصي والمعصومة فاطمة(عليهم السلام) في خلق هذه الاستعدادات لدى سبط الرسول وتربيته التربية الثورية وبكفاءة وصبر منقطعي النظيرمن اجل النهوض باعباء تثبيت الثورة المحمدية على الشرك والضلال واستكمال دواعي نجاحها حتى لو تطلب ذلك سيل من الدماء الزكية الطاهرة ونحن نلمس ذلك في الكثير من الأحاديث الواردة عن المعصومين الخمسة بان هذا العهد ( عهد الشهادة ) عهدٌ عَهد به رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) الى الحسين(u) وانه عهد الله الأعظم لذلك نرى الحسين(u) عاش مع هذه المهمة الصعبة والكبيرة وعشقها منذ نعومة أظافره وكان يتطلع الى ذلك اليوم الذي يبذل فيه دمه الزكي لإعلاء حكمة الله ، ويمكن اعتبار هذه المرحلة من المراحل التعبوية لدى الإمام(u) وكل يوم يمر في عُمر الإمام يضاف إليه عزماً الى عزمه وإصراراً الى إصراره الى أن يحين ذلك اليوم الموعود يوم الشهادة الكبرى ، والراجح إن الإمام المهدي(u) مر ويمر بهذه المرحلة من خلال اطلاعه على التبليغات التي تلقاها عن آبائه في لنه سيكون في مستقبل الدهر القائد الذي تهوى إليه القلوب وانه باب المظلومين ولهفة المساكين لدفع الضيم عنهم وإعلاء حكمة الحق وإقامة دولة العدل الإلهي في العالم ، ولا شك في إن النهضة المهدوية تتطلب نوع خاص من الاستعدادات والكفاءات الخاصة والمواهب الكبيرة أمام مهمة صعبة وكبيرة اعني بسط السيطرة على العالم اجمع ، ولا شك أيضاً إن العناية الإلهية واليد الإلهية الرحيمة ترعى الإمام وتساهم بالقسط الكبير في تنمية قابلياته ومؤهلاته .

    ومادام الكمال الإنساني غير متناهي فان هذه العملية مستمرة حتى زمن الظهور بل وما بعده سواء في الجوانب المادية أو الروحية أو النفسية وهي من ضروريات المجتمع الإنساني السائر نحو الله وبذلك نكون قد حصلنا على منهجاً مشتركاً بين النهضات المتقدمة الثلاث برغم اختلاف التكاليف نوعاً ولكن تبقى الغاية واحدة والهدف مشترك في خلق الاستعدادات الذاتية للقيام بالنهضة المرتقبة وأود لفت النظر الى نقطة مهمة وهي إن هذه المرحلة تجري بين المكلف والمعصوم وخالقه ولا يلتفت إليها من الخارج وبمعنى آخر تكاد تكون خاصة ومن أسرار المعصوم في علاقته مع الله

    الثانية:-

    مرحلة الدعوة السرية



    وبعد استكمال الاستعدادات تصبح الضرورة قائمة للدعوة الى القضية ولكن بالشكل المحدود غير المعلن اعني انتخاب مجموعة من الناس ليشكلوا النواة الأولى للدعوة ، وهذا ما قام به النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في دعوته للمقربين من أهل بيته وبعض الصحابة الذين كانوا يثق بهم ويرجو فيهم الخير ويصطلح على هذه الفترة من عمر الدعوة الإسلامية بـ (الدعوة السـرية) أما الحسين(u) فلقد مر بنفس المستوى من الدعوة السـرية عندما اخبر أهله وعشيرته المقربين عن عزمه للوقوف في وجه الطاغية يزيد ودولة آل أُمية الكافرة ولاقت دعوته هذه القبول والامتثال لأمر المعصوم والاستعداد للتضحية بالغالي والنفيس في سبيل نصرة الإسلام وأهله .



    المهدي(عليه السلام) والدعوة السرية

    يمكن الحديث عن هذا الجانب لدى الإمام المهدي(u) في ثلاث مستويات :

    الأول /

    الأحاديث التي تذكر إن الإمام(u) في غيبته الكبرى ليس بوحيد حيث ورد عن الإمام الصادق(u) عندما سُئل عن إستيحاش الإمام لوحدته فأجاب(u) بان ليس مع ثلاثين من وحشة بمعنى إن مع الإمام في غيبته ثلاثين من الصالحين يعرفون بدعوته وبمهمته وهم على اطلاع بحقيقة شخصه .

    الثانــي /

    لقد أوضح السيد(قدس سره) في تاريخ ما بعد الظهور في معرض كلامه عن النفس الزكيّة بأمكانية الاتصال بالإمام(u) والتعرف عليه من قبل بعض المؤمنين الممحصين المخلصين الذين باتصالهم بالإمام(u) لاتكشف الغيبة ، وهذه الأطروحة وهذه الأطروحة يمكن أن نجد لها قرينة في التاريخ لاسيما في غيبة الإمام الصغرى واتصاله بالنواب الأربعة رضوان الله عليهم الذين كان بإمكانهم الاتصال به ورؤيته ( روحي لمقدمه الفداء ) .

    الثالــث /

    وكذلك يمكن القول بإمكانية تحقق الاتصال بالإمام(u) ولو على نحو غير مباشر وهذا النوع من الاتصال خاص بقلة قليلة من المؤمنين الممحصين الخاضعين للرعاية والتربية غير المباشرة والأشراف من لدن الإمام وهو غير منظور بالنسبة لهم ولربما يشعرون بوجوده معهم شعورا قلبياً صادقاً وان يد المعصوم وراء تصرفاتهم و كمالاتهم وهذا الاحتمال يمكن أن يكون مقبولاً ومن الملاحظ أن هناك نسيج مشترك في مسيرة المعصومين الثلاثة(صلوات الله عليهم) في هذا الاتجاه .



    الـثـالـثــة:

    مرحلة الدعـوة العلنية

    في الحقيقة إن البحث في هذه المرحلة يعنينا اكثر من غيرها لارتباطها الصميمي بأطروحتنا 000 فلقد عمل الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) في دعوته العلنية على اختيار مكاناً غير مكة هذه البقعة التي عاش صباه في ربوعها وهي مهوى قلبه وبيت انسه فغادر عشيرته وأهله وقرب الأبعدين وابعد الأدنين بهجرته الى المدينة 000 وفي هذه المرحلة أعلن دعوته على الملأ وانتقلت الدعوة من مرحلة الكتمان والاقتصار على شرائح قليلة من المجتمع المكي الى مرحلة الأعلان ودعوة الناس كافة والقبائل المختلفة الى الإسلام فصارت مدينة الرسول هي مركز الاستقطاب بدل مكة وبيتها العتيق ، ونفس الشيء فعله الإمام الحسين(u) حيث حل إحرامه واعتمر وترك مكة وكذلك ترك المدينة وراء ظهره واتجه الى العراق والى كربلاء لإعلان ثورته الكبرى ولو بحثنا عن أهم الأسسباب التي دعت الرسول والحسين(صلوات الله عليهما) الى ترك مكة لوجدنا إن عدم وجود النصرة هو الذي دعاهما الى اختيار مكان آخر بل انم هذا البلد كانوا يضمرون العداء للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وللإمام الحسين(u) وآل البيت ، وهذا الأمر ثابت تاريخياً ،

    كذلك ستجد في مستقبل الدهر إن الإمام المهدي(u) يتبع نفس الخطى التي سار عليها آباؤه وسيهجر هذا البلد لان المجتمع الحجازي في الظاهر غير مؤهل لنصرة الإمام وسيبحث عن مكة أخرى ليجهر بدعوته وقضيته .





    الجهة الخامسة:-

    مكة وكربلاء والمدينة والنجف

    حديث الرسول( صلى الله عليه وآله وسلم) عن كربلاء وتشبيهها بمكة ورد عن الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الطاهرين أحاديث مستفيضة في تشبيه كربلاء بمكة بل اشرف منها في بعضها ولقد جمع المجلسـي في بحاره (الجزء 101 ) جل تلك الأحاديث منها قال رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم):- [ من زار ولدي الحسين عارفاً محتسباً كمن حج معي سبعون حجة وعمرة ]

    فزيارة الحسين(u) في حقيقتها اشرف من زيارة مكة بدون كلام ، ولو أن يزهد الناس في حج البيت العتيق لقال الأئمة في حق زيارة كربلاء قولاً عظيماً لكنهم سلام الله عليهم كانوا يحدثون الناس على قدر عقولهم وقد خصوا مواليهم وشيعتهم بهذه الأحاديث المباركة التي لا تحتملها كل العقول ، وأما بالنسبة للمدينة المنورة فمن الثابت إن جسد الرسول الطاهر مدفون في مسجده الأعظم ، ولما كان الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) هو نفس الأمير علي بن أبي طالب(u) وهذا الأمر واضح في آية المباهلة فيمكن القول أن جسد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) هو نفس جسد الأمير(u) ومرقد الأمير مرقد الرسول ، ومدينة الرسول هي مدينة الأمير .



    الجهة السادسة:-

    الأطروحة وعلم الحروف

    لو حاولنا التكسير العددي لكلمة مكة وبالجمل الصغيرة أي إسقاط الأصفار من قيم الحروف العددية ( العشرات ، المئات ، الآف ) لوجدنا إن حسابها يكون بالشكل التالي

    ( م + ك + ت) وحسابها يكون :-

    ( 4 + 2 + 4 ) = 10

    أما كربلاء بحساب الجمل الصغيرة فهي :

    ( ك + ر + ب + ل+ ا ) الهمزة قيمتها صفر وهي ساقطة فيكون الحساب

    ( 2+2+2+3+1 ) = 10 والانطباق في القيمة العددية لمكة وكربلاء هو 10

    أما قيمة المدينة العددية: فمن المعروف إن لمدينة الرسول ثلاث أسماء حسب إطلاعي وهي (يثرب، طيبة ، المدينة) فلو أجرينا الحساب على اسم طيبة نجده

    (ط + ي + ب + ت )=( 9+1+2+4)= 16

    أما القيمة العددية لكلمة نجف تساوي

    ( ن+ج+ف ) = ( 5+3+8 ) =16

    والانطباق في القيمة العددية لطيبة ونجف واضح يساوي (16 )

    وتصبح هذه النتيجة مؤيدة لأطروحتنا ومن مجموع ما ذكرناه في البحث على أن تزداد القيمة الاحتمالية لأطروحتنا ، ومادامت محتملة فالواجب على كل مكلف من أهل العراق أن يُضاعف الجد والجهد للوصول الى التكامل والاستعداد التام فيكون جندياً مطيعاً صالحاً وقائداً وقدوة يُقتدى به فيكون زيناً للإمام المعصوم(u) وليس شيناً .

    والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين



    من قصيدة في حب الإمام المهدي(u) بعنوان (في انتظار الحبيب) للشاعر محمد الحاج حسن

    يا غـــــائباً عنا وأنت قريـــــــــبُ إن مســــــنا ضـرٌ فأنت رقيـــبُ

    هذي القلوب بنبضها اشتاقت وكم نبضت لمقدمك الشريف قلـوبُ

    وعذاب من شغـفوا بحبك سائــغ والانتظــار لغـــائب تعـذيـــــــبُ

    حتى النبــي بعيـنه بان الأسى ولقد أُصيب بيوســـف يعقـــوبُ

    هل أنت محجــوبٌ ؟ توهم عاقـل وبســــرك القدسـي حار لبـــيبُ

    أم أنت فيــنا حاضـــر ، أم ناظـــر أم سـامــــــع لندائـنا ومجيــــبُ

    لكنــــها عيـن الحيـــــارى صدها نـــــــور فناظرها به مســــلوبُ

    والنور من تلك الزجاجة ينجـــلي فيخر موســـى والجــبال تذوبُ

    تعليق


    • #3
      الاخ ابن السماوة

      البحث طويل جداً ويحتاج إلى وقت للمطالعة وسأعود إليه إن شاء الله
      ولكن :

      أولاً : من هو هذا صاحب المقدمة الذي سمى نفسه بـ (سماحة ولي أمر المسلمين آية الله العظمى السيد محمود الحسني) ؟؟
      ومن هو كاتب هذا الموضوع والمسمى ب ( أبو الحسين ) ؟؟
      ألا ينبغي أن نعرف من الكاتب والمقدم قبل القراءة ؟

      ثانياً : في مقدمة النص كلام سمى فيه سلسلة المقالات هذه بأنها السلسلة الذهبية ، ثم (أوجب) قراءتها !!
      فما هي هذه السلسلة ؟ ومن أين أتى وجوب القراءة هنا ؟

      يبدوا أن العراق سيكون مسرحاً حاسماً لفتن كثيرة ، ولعل هذه الأمور وأشباهها من بوادرها ، أجارنا الله وجميع المؤمنين .

      لنا عودة إلى إلى هذا الموضوع إن شاء الله ، وإذا ما طالعه أحد الإخوة فنأمل تلخيصه وذكر أهم النقاط فيه لطوله

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة قابض الأرواح
        الاخ ابن السماوة

        البحث طويل جداً ويحتاج إلى وقت للمطالعة وسأعود إليه إن شاء الله
        ولكن :

        أولاً : من هو هذا صاحب المقدمة الذي سمى نفسه بـ (سماحة ولي أمر المسلمين آية الله العظمى السيد محمود الحسني) ؟؟
        ومن هو كاتب هذا الموضوع والمسمى ب ( أبو الحسين ) ؟؟
        ألا ينبغي أن نعرف من الكاتب والمقدم قبل القراءة ؟

        ثانياً : في مقدمة النص كلام سمى فيه سلسلة المقالات هذه بأنها السلسلة الذهبية ، ثم (أوجب) قراءتها !!
        فما هي هذه السلسلة ؟ ومن أين أتى وجوب القراءة هنا ؟

        يبدوا أن العراق سيكون مسرحاً حاسماً لفتن كثيرة ، ولعل هذه الأمور وأشباهها من بوادرها ، أجارنا الله وجميع المؤمنين .

        لنا عودة إلى إلى هذا الموضوع إن شاء الله ، وإذا ما طالعه أحد الإخوة فنأمل تلخيصه وذكر أهم النقاط فيه لطوله
        ************************************************** ************************************************** ******************************
        بسمه تعالى //// الى الاخ قابض الارواح **انا اشكرك لمرورك بالموضوع وانا اسف لطوله ولكن لا يمكننا ان نقتصره لانه يضر بمضامينه** اما السيد الحسني فهو من المراجع المعروفين وعدم معرفتك به ليس دليل على عدم وجوده **واذا كنت تريد ان تعرف الكثير عن هذا السيد فأليك عنوان موقعه********************************************* ************************************************** ******************************
        www.alhasany.com/

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        x

        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

        صورة التسجيل تحديث الصورة

        اقرأ في منتديات يا حسين

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
        استجابة 1
        10 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة ibrahim aly awaly
        بواسطة ibrahim aly awaly
         
        أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
        ردود 2
        12 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة ibrahim aly awaly
        بواسطة ibrahim aly awaly
         
        يعمل...
        X