بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أطلب من الأعضاء الكرام أن يقرأوا ماجاء في مجلة "أخبار الحوادث" المصرية وذلك في العدد 660 الصادر بتاريخ 25 نوفمبر 2004 م وذلك تحت عنوان
جريمة تاريخية
السيدة عائشة تحرض أهل البصرة علي محاربة الإمام علي رضي الله عنه
مقتل عشرة آلاف مقاتل في موقعة الجمل وعودة أم المؤمنين إلي المدينة
وهذا هو نص الموضوع من المجلة بالكامل وبدون أي تغيير أو تعديل
كانت عائشة في مكة لأداء فريضة الحج. وعندما جاءتها الأخبار باستشهاد عثمان بن عفان، خرجت متجهة إلي المدينة، وقد كانت هناك اشاعات بأن الذي تولي الخلافة طلحة، ولكن الأنباء قد جاءت بعد ذلك لتركز استشهاد عثمان، وتولية علي بن أبي طالب الخلافة، فرجعت إلي مكة، وقالت أمام الكعبة للناس:
: ان الغوغاء من أهل الانصار، وأهل المياه البدو أو الأعراب، وعبيد أهل المدينة اجتمعوا علي هذا الرجل المقتول ظلما بالأمس، فسفكوا الدم الحرام، واستحلوا البلد الحرام والشهر الحرام، والله لأصبع من عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم، والله لو أن الذي اعتدوا به عليه كان ذنبا لخلص منه كما يخلص الذهب من خبثه، والثوب من درنه.
وأصبحت أم المؤمنين عائشة مع بني أمية الذين هربوا من المدينة إلي مكة ويطالبون بدم عثمان، كذلك ذهب إلي مكة طلحة والزبير بحجة العمرة، حيث طلبا من عائشة أن تذهب معهما إلي البصرة لتحريض الناس علي الطلب بدم عثمان، وقالت عائشة تحرض الناس: أيها الناس ان هذا حدث عظيم وأمر منكر، فانهضوا فيه إلي اخوانكم لعل الله عز وجل يدرك لعثمان وللمسلمين بثأرهم'.
وحاولت أن تذهب إلي المدينة ظنا منها أن الأمر هناك سهل ويسير، فقال لها أصحابها.
يا أم المؤمنين، وعي المدينة، فان من معنا لا يطيقون الوقوف أمام هذه الغوغاء التي بها، و(شخصي معنا إلي البصرة، فانا نأتي بلدا مضيفا، وسيحتجون علينا في بيعة علي بن أبي طالب، فتنهض بهم كما أنهضت أهل مكة، ثم تقعدين فان صلح هذا الأمر كان الذي تريدين، والا احتسبنا ودفعنا عن هذا الأمر بجهدنا حتي يقضي الله ما أراد'.
ومن هذا يتضح كم كان تأثير عائشة هائلا علي أهل مكة.
وحاولت أن تخرج معها إلي البصرة أم المؤمنين حفصة ولكن عبدالله بن عمر أقنعها ألا تدخل في هذا الأمر.
وعرضت عائشة علي أم سلمة أن تذهب معهم، فقالت أم سلمة:
يا عائشة إنك تعرفين منزلة علي عند رسول الله صلي الله عليه وسلم.. فأي خروج تخرجين بعد هذا؟
فقالت عائشة:
إنما أخرج للاصلاح بين الناس وأرجو فيه الاجر ان شاء الله.
قالت أم سلمة:
أي أجر ياعائشة؟ قال تعالي:
وقرن في بيوتكن.. عودي فقري في بيتك.
وهناك رواية تقول أن أم سلمة أرسلت إلي الامام كتابا، وأرسلت ابنها عمر ليقف إلي جوار الامام.. وقالت في هذا الكتاب:
: أما بعد: فإن طلحة والزبير وأشياعهما يريدون أن يخرجوا بعائشة إلي البصرة ومعهم عبدالله بن عامر، ويذكرون أن عثمان قتل مظلوما، وأنهم يطلبون بدمه، والله كافيهم بحوله وقوته، ولولا ما نهانا الله عنه من الخروج، وأمرنا به من لزوم البيوت، لم أدع الخروج إليك والنصرة لك، ولكني باعثه نحوك ابني عمر فاستوصي به يا أمير المؤمنين خيرا'.
وكتب أحد أعوام الامام علي وهو الأشتر إلي أم المؤمنين وهي في مكة، يقول لها:
: أما بعد: فإنك ظعينة رسول الله صلي الله عليه وسلم، وقد أمرك أن تقري في بيتك، فان فعلت فهو خير لك، وان أبيت إلا أن تلقي جلبابك وتبدي للناس شعيراتك، قاتلتك حتي أردك إلي بيتك، والموضوع الذي يرضاه لك ربك'.
وكان ردها عليه:
: أما بعد فإنك أول من أثار الفتنة، ودعا إلي الفرقة، وخالف الجماعة، وسعي إلي قتل الخليفة، وقد علمت أنك لن تعجز الله حتي يصيبك منه بنقمة ينتصر بها منك للخليفة المظلوم، وقد جاءني كتابك وفهمت ما فيه، وسيكفينك الله وكل من أصبح مماثلا لك في ضلالك وغيك إن شاء الله'.
ويقول ابن الأثير:
ان أمهات المؤمنين ممن كن بمكة تبعن جيش عائشة إلي خارج مكة فبكوا علي الاسلام.. فلم ير يوم كان أكثر باكيا وباكية من ذلك اليوم وكان يسمي يوم النحيب.
وحاول البعض اغراء عبدالله بن عمر للذهاب معهم إلي البصرة فرفض وعلق علي ذهاب أم المؤمنين عائشة ومن معها إلي البصرة بقوله:
: ان بيت عائشة خير من هودجها، وان المدينة خير لكم من البصرة، والذل خير لكم من السيف، ولن يقاتل عليا إلا من كان خيرا منه، وأن الشوري والله قد كانت'.
وعندما علم الامام بخروج أم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير من مكة إلي البصرة، حزن حزنا شديدا، فهو يريد توحيد الصف، ولايريد هذا الصراع بين المسلمين.. وكم كان حزينا وهو يسمع عن تحركات طلحة والزبير وعائشة.
كما كان حزينا أيضا لأن معاوية قد خرج عليه، ورفض أمر العزل، وقرر هو الآخر المواجهة.
.. وأخذت أم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير، ومعهما الأنصار في اتجاه البصرة.
وبينما هم يسيرون في الطريق سمعت نباح الكلاب عند أحد الأبار.. تساءلت أم المؤمنين.
أي ماء هذا؟
قالوا لها: ماء الحوأب
قالت في رعب: ما أراني إلا رجعة!
قالوا لها: لم
قالت: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول لنسائه
كإني باحداكن تنبحها كلاب الحوأب، ثم اتجه إلي وقال:
إياك أن تكوني أنت ياحميراء'
ولكن ابن أختها عبدالله بن الزبير أقنعها أنها تركت ماء الحوأب أول الليل.
واتجه الجيش نحو البصرة التي كانت قد بايعت الامام.
وحاول الامام أن يقنع عائشة وطلحة والزبير بعدم القتال، وأنه ليس له يد في قتل عثمان ولكن بلا جدوي.. حتي أنه في أحد المرات التي حاول فيها أن يبعد أم المؤمنين وطلحة والزبير عن القتال قال للزبير:
أتذكر يا ابن العمة يوم مررت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم، فضحك وضحكت فقلت أنت
لايدع ابن أبي طالب غروره
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم
إنك لتقاتله وأنت له ظالم.. فعلام تقاتلني؟
فقال الزبير: اللهم نعم.. ولو ذكرتها ما خرجت إليك.
وقال الزبير لعائشة:
يا أماه ما شهدت موطنا في جاهلية ولا اسلام إلا ولي فيه رأي وبصيرة إلا موطني هذا.. أنا يا أم المؤمنين لعلي باطل'.
قالت له عائشة: يا أبا عبدالله خفت سيوف بني هاشم!
وانصرف الزبير يريد العودة إلي المدينة، وأمرت عائشة أن يكون بدلا عنه ابن أختها عبدالله بن الزبير.. وفي طريق عودة الزبير إلي المدينة قتل بيد رجل اسمه ابن جرموز.
ولم يستطع الامام إقناع عائشة وطلحة بالسلام كان الامام يعرف أن طلحة كان له دور بارز في الاسلام ويعرف أن عائشة كانت أقرب النساء إلي قلب رسول الله..
وكان لايريد أن يسفك دم المسلمين بيد المسلمين ولكنه أمام إصرار عائشة وطلحة علي القتال، لم يجد مفرا من القتال.. وكان عدد جيشه يقترب من العشرين ألفا، بينما كان جيش عائشة وطلحة أقل من ذلك بكثير، وركبت عائشة الجمل المسمي (عسكرا) في هودج، وقد ألبسوا الهودج جلود النمر ودروع الحديد..
وأبتدأ جيش عائشة بالهجوم، واحتدم القتال، وقتل طلحة بن عبيد الله، وأخذت عائشة تقود الجيش بنفسها بعد أن قتل طلحة والزبير، وهي تنادي: ألعنوا قتلة عثمان ولما سمع الامام ذلك قال: اللهم العن قتلة عثمان، واشتد القتال، ورجال عائشة يحاربون حول هودجها بقوة وضراوة، وقتل الكثير من الجانبين وأمر الامام بعقر الجمل، وانهزم أتباع عائشة وأمر الامام محمد بن أبي بكر وكان من أنصاره أن يضرب قبه علي أخته عائشة، وجاء إليها الامام وسألها:
كيف أنت يا أمه؟
قالت بخير
قال لها: يغفر الله لك
قالت: ولك.
وأمر الامام أن تعود أم المؤمنين إلي مكة وعندما كانت تتعثر في الجثث كانت تبكي، حتي أنها ندمت وقالت.
ليت أمي لم تلدني
وقالت: ليته كان لي من رسول الله بنون عشرة كلهم ثكلتهم ولم يكن يوم الجمل.
وعادت عائشة إلي مكة بصحبة أخيها محمد بن أبي بكر كما أمره الامام بذلك، بعد أن فقد المسلمون في هذه المعركة أكثر من عشرة ألاف قتيل من الطرفين!
وقبل أن تتجه إلي مكة قالت للناس:
يابني لايعتب بعضنا علي بعض، انه والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة وبين أحمائها، وأنه علي معتبتي لمن الأخيار فقال الامام:
صدقت والله، ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وأنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة.
ورجعت عائشة إلي مكة، وغادرتها إلي المدينة.
* * *
ويروي أنه دخلت أم أوفي العيدية علي عائشة بعد الجمل فقالت:
يا أم المؤمنين ما تقولين في أمرأة قتلت ابنا لها صغيرا؟
فقالت عائشة:
وجبت لها النار
فقالت أم أوفي:
فما تقولين في امرأة قتلت من أولادها الأكابر عشرة الاف.
فقالت عائشة: خذو بيد عدوة الله.
* * *
والاستاذ العقاد يتحدث عن الدوافع التي دفعت السيدة عائشة للوقوف هذا الموقف من الامام علي في كتابه (الصديقة بنت الصديق).. أنها لم تنس موقفه في حديث الإفك ويري أن عليا أخطأه التوفيق في نصيحته.
وعائشة أخطأها التوفيق في مكافحته من أجل هذه النصيحة، وأنها كانت لاتلام علي أنها كانت تتمني الخلافة لسواه، ويقول أيضا:
: ولكننا اذا ذكرنا هذا كان علينا أن نذكر معه أن السيدة عائشة ندمت علي موقفها من يوم الجمل أشد ندامه، فكانت تقول بقية حياتها: ليتني مت قبل يوم الجمل.
وقالت مرة: ليت كان لي من رسول الله صلي الله عليه وسلم بنون عشرة وثكلتهم ولم يكن يوم الجمل.
وكانت كلما خاض الناس في حديث ذلك اليوم تبكي حتي تبل خمارها.
وعلينا أن نذكر أنها صانت خصومتها عن كل كلمة نابية في حق علي رضي الله عنه، فلم تتهمه بدم عثمان ولم تتجاوز بالتهمة بعض من بايعوه، وقالت عنه غير مرة: أنه الصوام القوام وأنه أحب الناس إلي رسول الله.
وعلينا أن نذكر أن المغريات بالاندفاع في هذه الغاشية كثيرة:
حدة في الطبع، ومفاجأة تبتدر الحدة، وبيئة مطبقة العداء لعلي، وسعي حثيث من أقرب الناس إليها وأقربهم إلي إقناعها.
وأنها مع هذا أقدمت علي مورد فيهم لايتضح الشرفيه، وترددت هنالك بين إقدام واحجام، واعتقدت أن الأمر لايفضي إلي قتال، وأصغت إلي دعوة الاصلاح ودعت إليه.. وهو حادث لابد له من غيره، وان عيرته لأحق عبر التاريخ الاسلامي بالتسجيل'.
* * *
وتمضي الأيام.. ويستشهد الامام علي يد أحد الخوارج وهو عبدالرحمن بن ملجم، وعندما علمت السيدة عائشة بخبر وفاته، ذهبت إلي قبر الرسول عليه الصلاة والسلام وقالت:
: السلام عليكم يارسول الله. أنا ناعية إليك أح§ي أحبابك، وذاكرة لك أكرم أودائك عليك، قتل والله حبيبك المجبي، وصفيك المرتضي، وقتل والله من زوجته خير النساء.. وقتل والله من آمن ووفي، وأني لنادية ثكله، وعليه باكية حراء..'.
* * *
لقد دفن رسول الله في حجرتها..
وكانت أثيرة وقريبة من قلب رسول الله.
وعنها قال عليه الصلاة والسلام.
: كمل من الرجال كثيرا، ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وأسيه امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وفضل عائشة علي النساء كفضل الثريد علي سائر الطعام'.
وتوفيت رضي الله عنه سنة ست وخمسين من الهجرة، ودفنت في البقيع.
المراجع
طبقات بن سعد
الخلفاء الراشدون عبدالوهاب النجار
الصديقة بنت الصديق عباس محمود العقاد
علي إمام المتقين عبدالرحمن الشرقاوي
سيرة النبي العربي أحمد التاجي
الحرب الأهلية في صدر الاسلام عمر أبوالنصر
أهل البيت محمود الشرقاوي
المصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدر
http://www.akhbarelyom.org.eg/hawade.../660/1000.html
وأترك لكم حرية إبداء آراءكم في هذا الموضوع
.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أطلب من الأعضاء الكرام أن يقرأوا ماجاء في مجلة "أخبار الحوادث" المصرية وذلك في العدد 660 الصادر بتاريخ 25 نوفمبر 2004 م وذلك تحت عنوان
جريمة تاريخية
السيدة عائشة تحرض أهل البصرة علي محاربة الإمام علي رضي الله عنه
مقتل عشرة آلاف مقاتل في موقعة الجمل وعودة أم المؤمنين إلي المدينة
وهذا هو نص الموضوع من المجلة بالكامل وبدون أي تغيير أو تعديل
كانت عائشة في مكة لأداء فريضة الحج. وعندما جاءتها الأخبار باستشهاد عثمان بن عفان، خرجت متجهة إلي المدينة، وقد كانت هناك اشاعات بأن الذي تولي الخلافة طلحة، ولكن الأنباء قد جاءت بعد ذلك لتركز استشهاد عثمان، وتولية علي بن أبي طالب الخلافة، فرجعت إلي مكة، وقالت أمام الكعبة للناس:
: ان الغوغاء من أهل الانصار، وأهل المياه البدو أو الأعراب، وعبيد أهل المدينة اجتمعوا علي هذا الرجل المقتول ظلما بالأمس، فسفكوا الدم الحرام، واستحلوا البلد الحرام والشهر الحرام، والله لأصبع من عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم، والله لو أن الذي اعتدوا به عليه كان ذنبا لخلص منه كما يخلص الذهب من خبثه، والثوب من درنه.
وأصبحت أم المؤمنين عائشة مع بني أمية الذين هربوا من المدينة إلي مكة ويطالبون بدم عثمان، كذلك ذهب إلي مكة طلحة والزبير بحجة العمرة، حيث طلبا من عائشة أن تذهب معهما إلي البصرة لتحريض الناس علي الطلب بدم عثمان، وقالت عائشة تحرض الناس: أيها الناس ان هذا حدث عظيم وأمر منكر، فانهضوا فيه إلي اخوانكم لعل الله عز وجل يدرك لعثمان وللمسلمين بثأرهم'.
وحاولت أن تذهب إلي المدينة ظنا منها أن الأمر هناك سهل ويسير، فقال لها أصحابها.
يا أم المؤمنين، وعي المدينة، فان من معنا لا يطيقون الوقوف أمام هذه الغوغاء التي بها، و(شخصي معنا إلي البصرة، فانا نأتي بلدا مضيفا، وسيحتجون علينا في بيعة علي بن أبي طالب، فتنهض بهم كما أنهضت أهل مكة، ثم تقعدين فان صلح هذا الأمر كان الذي تريدين، والا احتسبنا ودفعنا عن هذا الأمر بجهدنا حتي يقضي الله ما أراد'.
ومن هذا يتضح كم كان تأثير عائشة هائلا علي أهل مكة.
وحاولت أن تخرج معها إلي البصرة أم المؤمنين حفصة ولكن عبدالله بن عمر أقنعها ألا تدخل في هذا الأمر.
وعرضت عائشة علي أم سلمة أن تذهب معهم، فقالت أم سلمة:
يا عائشة إنك تعرفين منزلة علي عند رسول الله صلي الله عليه وسلم.. فأي خروج تخرجين بعد هذا؟
فقالت عائشة:
إنما أخرج للاصلاح بين الناس وأرجو فيه الاجر ان شاء الله.
قالت أم سلمة:
أي أجر ياعائشة؟ قال تعالي:
وقرن في بيوتكن.. عودي فقري في بيتك.
وهناك رواية تقول أن أم سلمة أرسلت إلي الامام كتابا، وأرسلت ابنها عمر ليقف إلي جوار الامام.. وقالت في هذا الكتاب:
: أما بعد: فإن طلحة والزبير وأشياعهما يريدون أن يخرجوا بعائشة إلي البصرة ومعهم عبدالله بن عامر، ويذكرون أن عثمان قتل مظلوما، وأنهم يطلبون بدمه، والله كافيهم بحوله وقوته، ولولا ما نهانا الله عنه من الخروج، وأمرنا به من لزوم البيوت، لم أدع الخروج إليك والنصرة لك، ولكني باعثه نحوك ابني عمر فاستوصي به يا أمير المؤمنين خيرا'.
وكتب أحد أعوام الامام علي وهو الأشتر إلي أم المؤمنين وهي في مكة، يقول لها:
: أما بعد: فإنك ظعينة رسول الله صلي الله عليه وسلم، وقد أمرك أن تقري في بيتك، فان فعلت فهو خير لك، وان أبيت إلا أن تلقي جلبابك وتبدي للناس شعيراتك، قاتلتك حتي أردك إلي بيتك، والموضوع الذي يرضاه لك ربك'.
وكان ردها عليه:
: أما بعد فإنك أول من أثار الفتنة، ودعا إلي الفرقة، وخالف الجماعة، وسعي إلي قتل الخليفة، وقد علمت أنك لن تعجز الله حتي يصيبك منه بنقمة ينتصر بها منك للخليفة المظلوم، وقد جاءني كتابك وفهمت ما فيه، وسيكفينك الله وكل من أصبح مماثلا لك في ضلالك وغيك إن شاء الله'.
ويقول ابن الأثير:
ان أمهات المؤمنين ممن كن بمكة تبعن جيش عائشة إلي خارج مكة فبكوا علي الاسلام.. فلم ير يوم كان أكثر باكيا وباكية من ذلك اليوم وكان يسمي يوم النحيب.
وحاول البعض اغراء عبدالله بن عمر للذهاب معهم إلي البصرة فرفض وعلق علي ذهاب أم المؤمنين عائشة ومن معها إلي البصرة بقوله:
: ان بيت عائشة خير من هودجها، وان المدينة خير لكم من البصرة، والذل خير لكم من السيف، ولن يقاتل عليا إلا من كان خيرا منه، وأن الشوري والله قد كانت'.
وعندما علم الامام بخروج أم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير من مكة إلي البصرة، حزن حزنا شديدا، فهو يريد توحيد الصف، ولايريد هذا الصراع بين المسلمين.. وكم كان حزينا وهو يسمع عن تحركات طلحة والزبير وعائشة.
كما كان حزينا أيضا لأن معاوية قد خرج عليه، ورفض أمر العزل، وقرر هو الآخر المواجهة.
.. وأخذت أم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير، ومعهما الأنصار في اتجاه البصرة.
وبينما هم يسيرون في الطريق سمعت نباح الكلاب عند أحد الأبار.. تساءلت أم المؤمنين.
أي ماء هذا؟
قالوا لها: ماء الحوأب
قالت في رعب: ما أراني إلا رجعة!
قالوا لها: لم
قالت: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول لنسائه
كإني باحداكن تنبحها كلاب الحوأب، ثم اتجه إلي وقال:
إياك أن تكوني أنت ياحميراء'
ولكن ابن أختها عبدالله بن الزبير أقنعها أنها تركت ماء الحوأب أول الليل.
واتجه الجيش نحو البصرة التي كانت قد بايعت الامام.
وحاول الامام أن يقنع عائشة وطلحة والزبير بعدم القتال، وأنه ليس له يد في قتل عثمان ولكن بلا جدوي.. حتي أنه في أحد المرات التي حاول فيها أن يبعد أم المؤمنين وطلحة والزبير عن القتال قال للزبير:
أتذكر يا ابن العمة يوم مررت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم، فضحك وضحكت فقلت أنت
لايدع ابن أبي طالب غروره
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم
إنك لتقاتله وأنت له ظالم.. فعلام تقاتلني؟
فقال الزبير: اللهم نعم.. ولو ذكرتها ما خرجت إليك.
وقال الزبير لعائشة:
يا أماه ما شهدت موطنا في جاهلية ولا اسلام إلا ولي فيه رأي وبصيرة إلا موطني هذا.. أنا يا أم المؤمنين لعلي باطل'.
قالت له عائشة: يا أبا عبدالله خفت سيوف بني هاشم!
وانصرف الزبير يريد العودة إلي المدينة، وأمرت عائشة أن يكون بدلا عنه ابن أختها عبدالله بن الزبير.. وفي طريق عودة الزبير إلي المدينة قتل بيد رجل اسمه ابن جرموز.
ولم يستطع الامام إقناع عائشة وطلحة بالسلام كان الامام يعرف أن طلحة كان له دور بارز في الاسلام ويعرف أن عائشة كانت أقرب النساء إلي قلب رسول الله..
وكان لايريد أن يسفك دم المسلمين بيد المسلمين ولكنه أمام إصرار عائشة وطلحة علي القتال، لم يجد مفرا من القتال.. وكان عدد جيشه يقترب من العشرين ألفا، بينما كان جيش عائشة وطلحة أقل من ذلك بكثير، وركبت عائشة الجمل المسمي (عسكرا) في هودج، وقد ألبسوا الهودج جلود النمر ودروع الحديد..
وأبتدأ جيش عائشة بالهجوم، واحتدم القتال، وقتل طلحة بن عبيد الله، وأخذت عائشة تقود الجيش بنفسها بعد أن قتل طلحة والزبير، وهي تنادي: ألعنوا قتلة عثمان ولما سمع الامام ذلك قال: اللهم العن قتلة عثمان، واشتد القتال، ورجال عائشة يحاربون حول هودجها بقوة وضراوة، وقتل الكثير من الجانبين وأمر الامام بعقر الجمل، وانهزم أتباع عائشة وأمر الامام محمد بن أبي بكر وكان من أنصاره أن يضرب قبه علي أخته عائشة، وجاء إليها الامام وسألها:
كيف أنت يا أمه؟
قالت بخير
قال لها: يغفر الله لك
قالت: ولك.
وأمر الامام أن تعود أم المؤمنين إلي مكة وعندما كانت تتعثر في الجثث كانت تبكي، حتي أنها ندمت وقالت.
ليت أمي لم تلدني
وقالت: ليته كان لي من رسول الله بنون عشرة كلهم ثكلتهم ولم يكن يوم الجمل.
وعادت عائشة إلي مكة بصحبة أخيها محمد بن أبي بكر كما أمره الامام بذلك، بعد أن فقد المسلمون في هذه المعركة أكثر من عشرة ألاف قتيل من الطرفين!
وقبل أن تتجه إلي مكة قالت للناس:
يابني لايعتب بعضنا علي بعض، انه والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة وبين أحمائها، وأنه علي معتبتي لمن الأخيار فقال الامام:
صدقت والله، ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وأنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة.
ورجعت عائشة إلي مكة، وغادرتها إلي المدينة.
* * *
ويروي أنه دخلت أم أوفي العيدية علي عائشة بعد الجمل فقالت:
يا أم المؤمنين ما تقولين في أمرأة قتلت ابنا لها صغيرا؟
فقالت عائشة:
وجبت لها النار
فقالت أم أوفي:
فما تقولين في امرأة قتلت من أولادها الأكابر عشرة الاف.
فقالت عائشة: خذو بيد عدوة الله.
* * *
والاستاذ العقاد يتحدث عن الدوافع التي دفعت السيدة عائشة للوقوف هذا الموقف من الامام علي في كتابه (الصديقة بنت الصديق).. أنها لم تنس موقفه في حديث الإفك ويري أن عليا أخطأه التوفيق في نصيحته.
وعائشة أخطأها التوفيق في مكافحته من أجل هذه النصيحة، وأنها كانت لاتلام علي أنها كانت تتمني الخلافة لسواه، ويقول أيضا:
: ولكننا اذا ذكرنا هذا كان علينا أن نذكر معه أن السيدة عائشة ندمت علي موقفها من يوم الجمل أشد ندامه، فكانت تقول بقية حياتها: ليتني مت قبل يوم الجمل.
وقالت مرة: ليت كان لي من رسول الله صلي الله عليه وسلم بنون عشرة وثكلتهم ولم يكن يوم الجمل.
وكانت كلما خاض الناس في حديث ذلك اليوم تبكي حتي تبل خمارها.
وعلينا أن نذكر أنها صانت خصومتها عن كل كلمة نابية في حق علي رضي الله عنه، فلم تتهمه بدم عثمان ولم تتجاوز بالتهمة بعض من بايعوه، وقالت عنه غير مرة: أنه الصوام القوام وأنه أحب الناس إلي رسول الله.
وعلينا أن نذكر أن المغريات بالاندفاع في هذه الغاشية كثيرة:
حدة في الطبع، ومفاجأة تبتدر الحدة، وبيئة مطبقة العداء لعلي، وسعي حثيث من أقرب الناس إليها وأقربهم إلي إقناعها.
وأنها مع هذا أقدمت علي مورد فيهم لايتضح الشرفيه، وترددت هنالك بين إقدام واحجام، واعتقدت أن الأمر لايفضي إلي قتال، وأصغت إلي دعوة الاصلاح ودعت إليه.. وهو حادث لابد له من غيره، وان عيرته لأحق عبر التاريخ الاسلامي بالتسجيل'.
* * *
وتمضي الأيام.. ويستشهد الامام علي يد أحد الخوارج وهو عبدالرحمن بن ملجم، وعندما علمت السيدة عائشة بخبر وفاته، ذهبت إلي قبر الرسول عليه الصلاة والسلام وقالت:
: السلام عليكم يارسول الله. أنا ناعية إليك أح§ي أحبابك، وذاكرة لك أكرم أودائك عليك، قتل والله حبيبك المجبي، وصفيك المرتضي، وقتل والله من زوجته خير النساء.. وقتل والله من آمن ووفي، وأني لنادية ثكله، وعليه باكية حراء..'.
* * *
لقد دفن رسول الله في حجرتها..
وكانت أثيرة وقريبة من قلب رسول الله.
وعنها قال عليه الصلاة والسلام.
: كمل من الرجال كثيرا، ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وأسيه امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وفضل عائشة علي النساء كفضل الثريد علي سائر الطعام'.
وتوفيت رضي الله عنه سنة ست وخمسين من الهجرة، ودفنت في البقيع.
المراجع
طبقات بن سعد
الخلفاء الراشدون عبدالوهاب النجار
الصديقة بنت الصديق عباس محمود العقاد
علي إمام المتقين عبدالرحمن الشرقاوي
سيرة النبي العربي أحمد التاجي
الحرب الأهلية في صدر الاسلام عمر أبوالنصر
أهل البيت محمود الشرقاوي
المصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدر
http://www.akhbarelyom.org.eg/hawade.../660/1000.html
وأترك لكم حرية إبداء آراءكم في هذا الموضوع
.
تعليق