إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

ياأتباع معاوية : هل تملكون تفسيرا لصلح الحسن وثورة الحسين ؟؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    بارك الله فيكم أخي العزيز متعلم ..


    ومع تقديري لما تفضلت به فإسمح لي بأن أقول بأن ماتفضلت به إنما هو توضيح

    على هامش الموضوع لمدعي التشيع والحب لأهل البيت وهم يحاولون إلصاق أنفسهم

    بالشيعة الحقيقيون ممن تفضلت بذكر الفرق بين الفريقين .. ولكن فلنتمسك

    بمسار الموضوع الرئيسي وهو الطلب من إخواننا المخالفين من توضيح موقفهم

    وإعطاء تفسيرهم وفهمهم لهاتين القضيتين المتناقضين في ظاهرهما والتي طالما

    قرأت ردودهم ومشاركاتهم بما يؤكد هذا التناقض في فهمهم والذي يطالبونا

    بحله ويدعون أن ذلك التناقض يهدم مذهبنا وإعتقادنا بعصمة الأئمة .. إذ لايعقل عندهم أن يصالح الإمام الحسن في الوقت الذي يمكنه قتال معاوية ويقاتل

    الإمام الحسين في الوقت الذي لايمكنه قتال يزيد .. وهنا أعيد عليهم طعنهم

    وأطلب من أي مدع للعقل منهم أن يفسر لنا فهمه وفهم مذهبه لهذا التناقض

    عندهم كما يروه بين الموقفين .. الصلح في مقابل الثورة .




    عاطر تحياتي

    تعليق


    • #17
      -------------------------------------------------



      المشاركة الأصلية بواسطة تهامة عسير8
      الاخ نسيم الكويت هل تملك الجرأة الكافية واليقين الكافي لتباهلني
      على انني اجامل الشيعة ؟؟؟!!!
      انتظر ردك على احر من جمر

      نسيم الكويت
      دعني اوضح لك المسالة ببساطة

      الحسن والحسين وابيهما وامهما عليهم جميعا الصلاة والسلام من ثوابت اهل السنة والجماعة وائمتهم ولا اقبل ان يزايدني عليهم احد من اتباع الفرق الاخرى تحت اي ظرف من الظروف
      ايضا بوضوح اكثر ارى ان انتسابكم اليهم هو من اعظم الاساءة اليهم وعلينا الجهاد على ذلك فكيف تقول باني اجامل واقول الحق في حق عدو من اعدائهم نسيم الكويت ارجو ان تتقبل رايي بروح رياضية ورايي ان اهل البييت براء من عقيدتكم
      اما رايي في يزيد فقد اخذته من خلال تتبعي وقر اءتي ولتعلم انني حر لم يستعبدني احد وان فكري زعقلي ملكي لست مثلك وغيرك تحركني العمائم بالوانها الاسود والابيض ان مالت جهة اليمين ملت معها وان مالت جهة اليسار ملت معها كلا والف كلا فالحق لا يعرف بالرجال
      المعذ رة على هذه القسوة لكني لا اريدك ان تخطئ ثانية وتلمز باني اجامل على حساب مبادئي انت لم تلمز في الحقيقة بل صرحت سامحك الله


      اعود الى الموضوع

      سالت
      - ألم يعلم الحسين بأن أهل الكوفة قد خذلوه ؟؟ فلم لم يطلب الصلح ويبايع

      كما بايع غيره ؟؟ فعلام أصر على عدم البيعة ؟؟

      اشعر وكاني في موضع الدفاع عن الحسين عليه السلام وهذا يزيدني فرحا ونشوة
      الحسن يا عزيزي خذل وهو وسط المعمعة وبين براثن
      ابن زياد خذله الله وخيانة شيعته هداهم الله
      عندما كاتبه شيعته وبايعوه على النصرة ارسل بن عمه مسلم بن عقيل ليستطلع الامر فلا اطمان الحسين رضي الله عنه الاى الامر شد الرحال الى الكوفة لكنه للاسف قبل ان يصلها كانت السيوف عليه ولم تنفعه القلوب التي معه اذ ان اصحاب تلك القلوب لم يكونوا معه
      وليعلم الجميع ان الحسين عليه السلام لم ينتحر ولم ىيلق بنفسه الى التهلكة بل خاض معركة خذله فيها الشيعة فكانت النتيجة هو ما حدث من مصيبة انا لله وانا اليه راجعون
      لكن الله عز وجل قضا امرا كان مكتوبا ولله الحمد من قبل ومن بعد وليهنا الحسين بالفردوس الاعلى اللهم احشرنا في زمرته وارزقنا مجاورته في جنتك يا رب العالمين
      لكن الدنيا لم ولن تتوقف عند تلك الفاجعة بل ستستمر الى ماشاء الله
      ونحن مامورون بالولاء ومحبة اهل البيت عليهم السلام لكن دون غلو

      ودون مبالغة في الحزن
      2- ألا تعتبر أن خلافة يزيد كانت خلافة شرعية ؟؟ أرجو الإجابة بوضوح وليس

      بإختصارهابكلمة نعم أو لا .


      هذه تحتاج الى فقه وانا لالست فقيها
      لكن الذي اعرفه ان اهل البيت كانوا على الحق
      سواء علي في حربه مع معاوية
      او الحسن في صلحه معه
      او الحسين في خروجه على يزيد او زيد بن علي في خروجه على هشام بن الحكم

      وشرعية خلافة يزيد من عدمها ليست موضوعنا يا نسيم الكويت فلا تشطح كثيرا

      تعليق


      • #18
        على مهلك يا أستاذ تهامة لا أشبع الله بطنك :


        فقولك :

        الاخ نسيم الكويت هل تملك الجرأة الكافية واليقين الكافي لتباهلني
        على انني اجامل الشيعة ؟؟؟!!!
        انتظر ردك على احر من جمر

        أقول :

        سبحان من خلق العقول .. فمن أين فهمت بأني إدعيت جازما بأنك تجامل ؟؟

        وإنما أفهمتك توقعاتي بشأن أصحابك وما أحسبهم سيجيبوك إلا بأنك إنما فسقت

        يزيدا وإنتقصت منه مجاملة للشيعة .. فلا داعي لأن تنتفخ عروقك وتتسرع بطلب

        المباهلة هداك الله .. وإن كنت جادا في تكذيبي فما عليك إلا أن تتجرأ يوما

        وتنتقص من مولاك أمير المؤمنين المظلوم عندكم يزيد وأتحداك أن تفعل ..

        وإن شئت تكذيبي فليس بالمباهلة وإنما بطريقة أسهل منها وهي الأصح في هذا

        الموضوع . فهل تثبت صدقك وتكذبني ؟؟

        وأنا من ينتظر ردك على أحر من جمر .

        أما قولك :

        اشعر وكاني في موضع الدفاع عن الحسين عليه السلام وهذا يزيدني فرحا ونشوة

        فأجيبك :

        يقيني بأنك ستعتزل الفتنة كما تسموها على أفضل الأحوال فهذا قياسا على

        موقفكم من نصرة أبيه عليهما السلام إذ أتحداك أن تدعي الدفاع عنه والتفكير

        بمقاتلة أعدائه إن كنت شاهدا معهم .والآن هل يمكنك أن تثبت مدى إنتسابكم

        لهم ؟؟

        أما قولك ردا عل سؤالي إياك :

        2- ألا تعتبر أن خلافة يزيد كانت خلافة شرعية ؟؟ أرجو الإجابة بوضوح وليس

        بإختصارهابكلمة نعم أو لا .



        فقلت :

        هذه تحتاج الى فقه وانا لالست فقيها
        لكن الذي اعرفه ان اهل البيت كانوا على الحق
        سواء علي في حربه مع معاوية
        او الحسن في صلحه معه
        او الحسين في خروجه على يزيد او زيد بن علي في خروجه على هشام بن الحكم ..

        فأقول :

        سبحان الله الذي أصمك عن الحق .. وهذا ما لا تجرؤ على النطق به .. بزعم أنك

        لست فقيها .. وهل كنت فقيها حينما تدعي أن الحسين وأهل البيت على حق ؟؟

        ولتعلم بأن الجواب لا يحتمل إلا وجهين :

        إما لا .. فثورة الحسين مشروعة في وجه حاكم غير شرعي

        وإما نعم .. فثورة الحسين غير مشروعة في وجه حاكم شرعي ..

        ختاما :

        قولك :

        وشرعية خلافة يزيد من عدمها ليست موضوعنا يا نسيم الكويت فلا تشطح كثيرا


        فأظنك فهمت الآن أن شرعية خلافة يزيد من صميم الموضوع .. فهل فهمت أم تحتاج

        للتكرار أستاذ عسير ؟؟



        عاطر تحياتي للعقلاء .

        تعليق


        • #19
          المشاركة الأصلية بواسطة نسيم الكويت
          على مهلك يا أستاذ تهامة لا أشبع الله بطنك :


          فقولك : الاخ نسيم الكويت هل تملك الجرأة الكافية واليقين الكافي لتباهلني
          على انني اجامل الشيعة ؟؟؟!!!نتظر ردك على احر من جمر
          أقول :
          سبحان من خلق العقول .. فمن أين فهمت بأني إدعيت جازما بأنك تجامل ؟؟
          وإنما أفهمتك توقعاتي بشأن أصحابك وما أحسبهم سيجيبوك إلا بأنك إنما فسقت يزيدا وإنتقصت منه مجاملة للشيعة .. فلا داعي لأن تنتفخ عروقك وتتسرع بطلب المباهلة هداك الله .. وإن كنت جادا في تكذيبي فما عليك إلا أن تتجرأ يوم وتنتقص من مولاك أمير المؤمنين المظلوم عندكم يزيد وأتحداك أن تفعل .. وإن شئت تكذيبي فليس بالمباهلة وإنما بطريقة أسهل منها وهي الأصح في هذا الموضوع . فهل تثبت صدقك وتكذبني ؟؟ وأنا من ينتظر ردك على أحر من جمر . أما قولك : اشعر وكاني في موضع الدفاع عن الحسين عليه السلام وهذا يزيدني فرحا ونشوة

          فأجيبك :

          يقيني بأنك ستعتزل الفتنة كما تسموها على أفضل الأحوال فهذا قياسا على موقفكم من نصرة أبيه عليهما السلام إذ أتحداك أن تدعي الدفاع عنه والتفكير
          بمقاتلة أعدائه إن كنت شاهدا معهم .والآن هل يمكنك أن تثبت مدى إنتسابكم

          لهم ؟؟ أما قولك ردا عل سؤالي إياك :

          2- ألا تعتبر أن خلافة يزيد كانت خلافة شرعية ؟؟ أرجو الإجابة بوضوح وليس بإختصارهابكلمة نعم أو لا .
          فقلت :
          هذه تحتاج الى فقه وانا لالست فقيها لكن الذي اعرفه ان اهل البيت كانوا على الحق سواء علي في حربه مع معاوية او الحسن في صلحه معه
          او الحسين في خروجه على يزيد او زيد بن علي في خروجه على هشام بن الحكم .. فأقول :

          سبحان الله الذي أصمك عن الحق .. وهذا ما لا تجرؤ على النطق به .. بزعم أنك لست فقيها .. وهل كنت فقيها حينما تدعي أن الحسين وأهل البيت على حق ؟؟ ولتعلم بأن الجواب لا يحتمل إلا وجهين : إما لا .. فثورة الحسين مشروعة في وجه حاكم غير شرعي وإما نعم .. فثورة الحسين غير مشروعة في وجه حاكم شرعي .. ختاما :

          قولك : وشرعية خلافة يزيد من عدمها ليست موضوعنا يا نسيم الكويت فلا تشطح كثيرا
          فأظنك فهمت الآن أن شرعية خلافة يزيد من صميم الموضوع .. فهل فهمت أم تحتاج للتكرار أستاذ عسير ؟؟
          عاطر تحياتي للعقلاء .
          طيب يا نسيم الكويت
          لو اثبت لك بانني انتقصت يزيدا في منتديات اهل السنة؟؟؟

          يا نسيم الكويت لست اول من انتقص يزيد بل سبقني بذلك كبار العلماء وان لم يكن ذلك اتفاقا وان شئت فاقراء كلامه الذهبي فيه
          حرر الله عقلك من براثن العبودية وانار الله بصيرتك من ظلمة الرق
          ان استعباد العقول ذل ما بعده ذل وهوان ما بعده هوان
          يا نسيم الكويت حتى انتقاد يزيد وانتقاصه انا ارى انكم ليس لكم الحق في ذلك اذا كام من باب الغضب لاهل البيت عليهم السلام لان هذا يعتبر عندي من المزايدة وحسين هو حسيننا وعلي من قبله علينا والائمة من بعده حكرا علينا

          ننتقل لمابعده
          انا لم افت بشرعية حكم يزيد الا لاني لا اريد ان اتجرا على الفتوى ثم اتهمتني ظلما وبهتانا باني لم اقل الحق

          الزامك لي في غير محله
          فلا يلزم خروج الحسين عليه بانه غير شرعي لان بعظ الفقهاء يجيزون الخروج على الحاكم اذا ظلم باي شكل من الاشكال حتى لو كان حكمه شرعيا في ذاته فاذا حكم الحاكم بشرع الله ولم يظلم واقام العدل فلا يجوز الخروج عليه

          بالنسبة لي انتهى الموضوع وبينت لك ان ثورة الحسين عليه السلام تختلف عن صلح الحسين وتنازله عن الولاية الالهية لصالح معاغوية رضي الله عنه فالظروف تختلف

          ثم بينت لك ظروف خروج الحسين وانه خرج على موعد منى النصرة ولم يخرج الا بعد ان تاكد من ذلك
          لكن سيعته خذلهم الله واخزاهم يوم القيامة خذلوه ولم ينصروه

          لا ادري لماذا تدندن حول شرعية حكم يزيد مع انه لم يكن سؤالك ابتداء


          ========================================

          تعليق


          • #20
            اللهم صلِ وسلم على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

            المشاركة الأصلية بواسطة تهامة عسير8
            طيب يا نسيم الكويت
            لو اثبت لك بانني انتقصت يزيدا في منتديات اهل السنة؟؟؟

            يا نسيم الكويت لست اول من انتقص يزيد بل سبقني بذلك كبار العلماء وان لم يكن ذلك اتفاقا وان شئت فاقراء كلامه الذهبي فيه
            حرر الله عقلك من براثن العبودية وانار الله بصيرتك من ظلمة الرق
            ان استعباد العقول ذل ما بعده ذل وهوان ما بعده هوان
            يا نسيم الكويت حتى انتقاد يزيد وانتقاصه انا ارى انكم ليس لكم الحق في ذلك اذا كام من باب الغضب لاهل البيت عليهم السلام لان هذا يعتبر عندي من المزايدة وحسين هو حسيننا وعلي من قبله علينا والائمة من بعده حكرا علينا

            ========================================
            مع المعذرة للأخ الموالي العزيز نسيم الكويت على هذه المداخلة.

            ياتهامة عسير للأسف أقول لك كذبت والله وأثمت في إدعائك المزعوم أن إمامنا حسين حسينكم وأمير المؤمنين علي هو عليكم وأنك لاتقبل المزايدة تقولها زاعما هااااا لِم لانراك تبين رأيك بكل صراحة في موضوع سب أبو بكر كفر فماذا عن سب أمير المؤمنين عليه سلام الله أرنا هذا الحب المزعوم هناك ، وأين هي غيرتك عليهم عندما قام كلب المشركين لعنة الله عليه بقول ماقاله من كلام لايدل إلا على ناصبي نجس قذر هل رددت عليه أو أنكم أوقفتم إشتراكه إنتصار لمن قال فيهم كلامه البذيء لا بل العكس تماما هاهو إلى الآن يسرح ويمرح سواء في شبكة الدفاع عن التجسيم أو السرداب الذي أنت من مشرفيه

            تفضل إنظر إلى جرأته هنا

            هل تتجرأ وتطرده من السرداب أو أن تخرسه وتقول له لانريد نواصب بينا هيا أرنا المحبة المزعومة إن كنت تستطيع وأتحداااااك أن تفعل.

            قال لايقبل المزايدة قال.
            التعديل الأخير تم بواسطة ولايتي لأمير النحل; الساعة 14-06-2005, 06:55 AM.

            تعليق


            • #21
              اللهم صلي على النبي المختار واله الأطهار


              اللهم ارزقني شفاعة الحسين يوم الورود
              *****************************

              أخي نسيم الكويت

              يعطيك ألف عافية

              ما بال تهامة

              يمثل دور المحب لآل البيت وينتقص ظالميهم

              ما شاء الله

              قمة في النفاق

              تعليق


              • #22
                فاضل تقديري لكل الأحبة الموالين .. لدفاعهم عن الحق وإزهاق الباطل ..

                وأقول لكم أيها الأحبة :

                لاداعي للإستئذان .. فهذه المواضيع للعموم ولسان الحال أبديه في المقال

                لكل موال للآل :

                نحن الضيوف وأنت رب المنزل

                الأستاذ تهامة لا أشبع الله بطنك :

                قولك :

                طيب يا نسيم الكويت
                لو اثبت لك بانني انتقصت يزيدا في منتديات اهل السنة؟؟؟


                أجيبك :

                هيهات لك أن تثبت ذلك وتفعل . وصحبك أحوج لمعرفة رأي الذهبي في

                يزيد .

                ثم :


                أي حب يدعيه أمثالكم لأهل البيت وقد جاهدتم لسحق آثارهم وإخماد ذكرهم ؟؟

                فكما أعلم بأن من أحب شيئا أحب ذكره أليس كذلك ؟؟ ثم ما أعجب من إدعائكم

                حبهم وأنتم تجعلون أفراحكم في ذكرى إستشهاده إظهارا للعناد والبغض لكل من

                يؤلمه مقتل الحسين وويحزن بذكرى مصابه لا أجد نفسي أمام هذا الإدعاء الأجوف

                إلا أمام قوله تعالى :

                إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد

                إن المنافقين لكاذبون

                إتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون ذلك بأنهم

                آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لايفقهون


                والأعجب إدعاؤك بأن الحسين لكم وحدكم .. وهذا لايصح لكم إدعاؤه حتى لوكنتم

                ممن ينشر فضائلهم ويحيي ذكرهم ويفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم فكيف والحال أنكم

                خلاف ذلك ؟؟

                فلكم أن تدعوا أنكم تختصون بيزيد وأبيه وجده ولكن لايصح أبدا أن تزعموا أن

                الحسين عليه السلام حكر عليكم وحدكم إلا أن تروا أنكم شعب الله المختار ..

                وأراك قد تراجعت عن فكرة المباهلة ودعوتك المضحكة بعد أن ألجمتك ودعوتك

                لإثبات صدق دعواك بذكر يزيد في منتدياتكم كما تذكره بيننا ولا أراك تجرؤ على

                ذلك فأنت أجبن . ولك أن تقنع أصحابك بقول الذهبي فهو أنفع لهم وهم أحوج

                للعلم به .

                ويبدو أننا مقابل متطفل على التفكير لازال صبياني المنطق .. فهو يحاورنا

                ويدعي ما يشاء كما يفعل الأطفال في حواراتهم ومشاجراتهم .. فالإدعاء بلا دليل

                منطق لايقبله إلا أمثالك فكل يصدق صاحبه زعم ما زعم بلا دليل لا أشبع الله

                بطونهم والنقاش مع هكذا منطق صبياني مضيعة للوقت وننتظر من هو أرشد منك

                إن وجد لعله يفلح في الجواب .


                وقد تركت الجواب عن بقية النقاط لوقت آخر لعلي أجده قريبا .


                عاطر تحياتي للعقلاء .
                التعديل الأخير تم بواسطة نسيم الكويت; الساعة 19-06-2005, 01:08 AM.

                تعليق


                • #23
                  حسب كتاب السيد شرف الدين
                  كان صلح الحسن عليه السلام مع معاوية، من أشد ما لقيه أئمة أهل البيت من هذه الامة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم.

                  لقي به الحسن عليه السلام محناً يضيق بها الوسع، لا قوة لاحد عليها الا باللّه عز وجل. لكنه رضخ لها صابراً محتسباً، وخرج منها ظافراً بما يبتغيه من النصح للّه تعالى، ولكتابه عز وجل، ولرسوله، ولخاصة المسلمين وعامتهم، وهذا الذي يبتغيه ويحرص عليه في كل ما يأخذ أو يدع من قول أو فعل.

                  ولا وزن لمن اتهمه بأنه أخلد بصلحه الى الدعة، وآثر العافية والراحة، ولا لمن طوحت بهم الحماسة من شيعته فتمنوا عليه لو وقف في جهاد معاوية فوصل الى الحياة من طريق الموت، وفاز بالنصر والفتح من الجهة التي انطلق منها صنوه يوم الطف الى نصره العزيز، وفتحه المبين.

                  ومن الغريب بقاء الناس في عشواء غماء من هذا الصلح الى يومهم هذا، لا يقوم أحد منهم في بيان وجهة الحسن في صلحه، بمعالجة موضوعية مستوفاة ببيانها وبيناتها، عقلية ونقلية، وكم كنت أحاول ذلك، لكن اللّه عز وجل شاء بحكمته أن يختص بهذه المأثرة من هو أولى بها، وأحق بكل فضيلة، ذلك هو مؤلف هذا السفر البكر «صلح الحسن» فاذا هو في موضوعه فصل الخطاب، ومفصل الصواب، والحد الفاصل بين الحق والباطل.

                  وقفت منه على فصول غرّ، تمثل فضل مؤلفها الاغر الابر، في كل ما

                  [6]

                  يشتركان فيه من التحقيق، والدقة والاعتدال، وسطوع البيان والبرهان، والتأنق والتتبع، والورع في النقل، والرحابة في المناظرة، والاحاطة بما يناسب الموضوع، مع سهولة الاسلوب، وانسجام التراكيب، وبلاغة الايجاز اذا أوجز، وقبول الاطناب اذا أطنب.

                  فالكتاب يخضع لفكر منظم مبدع حجة، يصل وحدته بجداول دفاقة بالثراء العقلي والنقلي، وبروادف غنية كل الغنى، في كل ما يرجع الى الموضوع، ويتم عليه عناصره القيمة.

                  فالاناقة فيه تخامر الاستيعاب، والوضوح يلازم العمق، والنقد التحليلي مرتكز هذه الخصائص.

                  أما المؤلف - اعلى اللّه مقامه - فانك تستطيع أن تستشف ملامحه، من حيث تنظر الى مواهبه في كتابه هذا، ولو لم أره لقدرت أن ارسم له صورة أستوحي قسماتها من هذا السفر، اذ يريكه واضح الغرة، مشرق الوجه، حلو الحديث، هادئ الطبع، واسع الصدر، لين العريكة، وافر الذهن، غزير الفهم والعلم، واسع الرواية، حسن الترسل، حلو النكتة، لطيف الكناية، بديع الاستعارة، تنطق الحكمة من محاسن خلاله، ويتمثل الفضل بكل معانيه في منطقه وأفعاله، لا ترى أكرم منه خلقاً، ولا أنبل فطرة، عليماً زاخراً بعلوم آل محمد، علامة بحاثة، أمعن في التنقيب عن أسرارهم، يستجلي غوامضها، ويستبطن دخائلها، لا تفوته منها واردة ولا شاردة، الى خصائص في ذاته وسماته يمثلها كتابه هذا بجلاء.

                  ومن أمعن فيما اشتمل عليه هذا الكتاب، من أحوال الحسن ومعاوية، علم انهما لم ترتجلهما المعركة ارتجالاً، وانما كانا في جبهتيهما خليفتين، استخلفهما الميراث على خلقين متناقضين: فخلق الحسن انما هو خلق الكتاب والسنة، وان شئت فقل خلق محمد وعلي. وأما خلق معاوية فانما هو خلق «الاموية»، وان شئت فقل: خلق أبي سفيان وهند، على نقيض ذلك الخلق.

                  [7]

                  والمتوسع في تاريخ البيتين وسيرة أبطالهما من رجال ونساء يدرك ذلك بجميع حواسه.

                  لكن لما ظهر الاسلام، وفتح اللّه لعبده ورسوله فتحه المبين، ونصره ذلك النصر العزيز، انقطعت نوازي الشر «الاموي»، وبطلت نزعات أبي سفيان ومن اليه مقهورة مبهورة، متوارية بباطلها من وجه الحق الذي جاء به محمد عن ربه عز وجل، بفرقانه الحكيم، وصراطه المستقيم، وسيوفه الصارمة لكل من قاومه.

                  وحينئذ لم يجد أبو سفيان وبنوه ومن اليهم بداً من الاستسلام، حقناً لدمائهم المهدورة يومئذ لو لم يستسلموا، فدخلوا فيما دخل فيه الناس، وقلوبهم تنغل بالعدواة له، وصدورهم تجيش بالغل عليه، يتربصون الدوائر بمحمد ومن اليه، ويبغون الغوائل لهم. لكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم كان - مع علمه بحالهم - يتألفهم بجزيل الاموال، وجميل الاقوال والافعال، ويتلقاهم بصدر رحب، ومحيا منبسط، شأنه مع سائر المنافقين من أهل الحقد عليه، يبتغي استصلاحهم بذلك.

                  وهذا ما اضطرهم الى اخفاء العداوة له، يطوون عليها كشحهم خوفاً وطمعاً، فكاد الناس بعد ذلك ينسون «الاموية» حتى في موطنها الضيق - مكة -.

                  اما في ميادين الفتح بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، فلم تعرف «الاموية» بشيء، سوى أنها من أسرة النبي ومن صحابته.

                  ثم أتيح بعد النبي لقوم ليسوا من عترته، أن يتبوأوا مقعده، وأتيح لمعاوية في ظلهم أن يكون من أكبر ولاة المسلمين، أميراً من أوسع أمرائهم صلاحية في القول والعمل.

                  ومعاوية اذ ذاك يتخذ بدهائه من الاسلام سبيلاً يزحف منه الى الملك العضوض، ليتخذ به دين اللّه دغلاً، وعباد اللّه خولاً، ومال الله دولاً، كما انذر به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم، فكان ذلك من اعلام نبوته.

                  [8]

                  نشط معاوية في عهد الخليفتين الثاني والثالث، بامارته على الشام عشرين سنة، تمكن بها في أجهزة الدولة، وصانع الناس فيها وأطمعهم به فكانت الخاصة في الشام كلها من أعوانه، وعظم خطره في الاسلام، وعرف في سائر الاقطار بكونه من قريش - أسرة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم - وأنه من أصحابه، حتى كان في هذا أشهر من كثير من السابقين الاولين الذين رضى اللّه عنهم ورضوا عنه، كأبي ذر وعمار والمقداد وأضرابهم.

                  هكذا نشأت «الاموية» مرة أخرى، تغالب الهاشمية باسم الهاشمية في علنها، وتكيد لها كيدها في سرها، فتندفع مع انطلاق الزمن تخدع العامة بدهائها، وتشتري الخاصة بما تغذقه عليهم من أموال الامة، وبما تؤثرهم به من الوظائف التي ما جعلها اللّه للخونة من أمثالهم، تستغل مظاهر الفتح واحراز الرضا من الخلفاء.

                  حتى اذا استتب أمر «الاموية» بدهاء معاوية، انسلت الى احكام الدين انسلال الشياطين، تدس فيها دسها، وتفسد افسادها، راجعة بالحياة الى جاهلية تبعث الاستهتار والزندقة، وفق نهج جاهلي، وخطة نفعية، ترجوها «الاموية» لاستيفاء منافعها، وتسخرها لحفظ امتيازاتها.

                  والناس - عامة - لا يفطنون لشيء من هذا، فان القاعدة المعمول بها في الاسلام - أعني قولهم: الاسلام يجبُّ ما قبله - ألقت على فظائع «الاموية» ستراً حجبها، ولا سيما بعد أن عفا عنها رسول اللّه وتألفها، وبعد أن قربها الخلفاء منهم، واصطفوها بالولايات على المسلمين، وأعطوها من الصلاحيات ما لم يعطوا غيرها من ولاتهم. فسارت في الشام سيرتها عشرين عاماً (لا يتناهون عن منكر فعلوه) ولا ينهون.

                  وقد كان الخليفة الثاني عظيم المراقبة لعماله، دقيق المحاسبة لهم، لا يأخذه في ذلك مانع من الموانع أصلاً: تعتع بخالد بن الوليد، عامله على «قنسرين» اذ بلغه أنه اعطى الاشعث عشرة آلاف، فأمر به فعقله «بلال الحبشي» بعمامته، وأوقفه بين يديه على رجل واحدة، مكشوف الرأس،

                  [9]

                  على رؤوس الاشهاد من رجال الدولة ووجوه الشعب في المسجد الجامع بحمص، يسأله عن العشرة آلاف: أهي من ماله أم من مال الامة ؟ فان كانت من ماله فهو الاسراف، واللّه لا يحب المسرفين. وان كانت من مال الامة فهي الخيانة، واللّه لا يحب الخائنين، ثم عزله فلم يولّه بعد حتى مات.

                  ودعا أبا هريرة، فقال له: «علمت أني استعملتك على البحرين، وأنت بلا نعلين! ثم بلغني أنك ابتعت أفراساً بألف دينار وستمائة دينار!» قال: «كانت لنا أفراس تناتجت، وعطايا تلاحقت». قال: «حسبت لك رزقك ومؤونتك وهذا فضل فأدِّه». قال: «ليس لك ذلك». قال: «بلى وأُوجع ظهرك». ثم قام اليه بالدرة فضربه حتى أدماه. ثم قال: «إئت بها». قال: «احتسبها عند اللّه». قال: «ذلك لو أخذتها من حلال، وأديتها طائعاً!. أجئت من أقصى حجر البحرين يجبي الناس لك لا للّه ولا للمسلمين؟ ما رجعت بك أميمة - يعني أمه - الا لرعية الحمر».

                  وفي حديث أبي هريرة: «لما عزلني عمر عن البحرين، قال لي: يا عدو اللّه وعدو كتابه، سرقت مال اللّه! فقلت: ما أنا عدو الله وعدو كتابه، ولكني عدو من عاداك، وما سرقت مال الله. قال: فمن أين اجتمعت لك عشرة آلاف ؟ فقلت: خيل تناتجت، وعطايا تلاحقت، وسهام تتابعت. قال: فقبضها مني» الحديث.

                  وكم لعمر مع عماله من أمثال ما فعله بخالد وأبي هريرة يعرفها المتتبعون.

                  عزل كلاً من أبي موسى الاشعري، وقدامة بن مظعون، والحارث بن وهب، أحد بني ليث بن بكر، بعد أن شاطرهم أموالهم(1).

                  هذه مراقبة عمر لعماله، لا هوادة عنده لاحد منهم، لكن معاوية كان أثيره وخلصه، على ما كان من التناقض في سيرتيهما. ما كف يده عن شيء ولا ناقشه الحساب في شيء، وربما قال له: «لا آمرك ولا أنهاك» يفوض له العمل برأيه.

                  ______________________________

                  (1) فيما رواه الزبير بن بكار في كتابه - الموفقيات - ونقله عنه ابن حجر في ترجمة الحارث بن وهب في القسم الاول من اصابته.

                  [10]

                  وهذا ما أطغى معاوية، وأرهف عزمه على تنفيذ خططه «الاموية». وقد وقف الحسن والحسين من دهائه ومكره ازاء خطر فظيع، يهدد الاسلام باسم الاسلام، ويطغى على نور الحق باسم الحق، فكانا في دفع هذا الخطر، أمام امرين لا ثالث لهما: اما المقاومة، واما المسالمة. وقد رأيا أن المقاومة في دور الحسن تؤدي لا محالة الى فناء هذا الصف المدافع عن الدين وأهله، والهادي الى اللّه عزّ وجل، والى صراطه المستقيم. اذ لو غامر الحسن يومئذ بنفسه وبالهاشميين وأوليائهم، فواجه بهم القوة التي لا قبل لهم بها(1) مصمماً على التضحية، تصميم أخيه يوم «الطف» لانكشفت المعركة عن قتلهم جميعاً، ولانتصرت «الاموية» بذلك نصراً تعجز عنه امكانياتها، ولا تنحسر عن مثله أحلامها وأمنياتها. اذ يخلو بعدهم لها الميدان، تمعن في تيهها كل امعان، وبهذا يكون الحسن - وحاشاه - قد وقع فيما فر منه على أقبح الوجوه، ولا يكون لتضحيته أثر لدى الرأي العام الا التنديد والتفنيد(2).

                  ______________________________

                  (1) كما اوضحه الشيخ في كتابه هذا.

                  (2) لان معاوية كان يطلب الصلح ملحاً على الحسن بذلك، وكان يبذل له من الشروط للّه تعالى وللامة كل ما يشاء، يناشده اللّه في حقن دماء أمة جده، وقد أعلن طلبه هذا فعلمه المعسكران، مع ان الغلبة كانت في جانبه لو استمر القتال، يعلم ذلك الحسن ومعاوية وجنودهما، فلو أصر الحسن - والحال هذه - على القتال، ثم كانت العاقبة عليه لعذله العاذلون وقالوا فيه ما يشاؤون.

                  ولو اعتذر الحسن يومئذ بأن معاوية لا يفي بشرط، ولا هو بمأمون على الدين ولا على الامة، لما قبل العامة يومئذ عذره، اذ كانت مغرورة بمعاوية كما اوضحناه. ولم تكن الاموية يومئذ سافرة بعيوبها سفوراً بيناً بما يؤيد الحسن أو يخذل معاوية كما أسلفنا بيانه من اغترار الناس بمعاوية وبمكانته من أولي الامر الاولين، لكن انكشف الغطاء، في دور سيد الشهداء فكان لتضحيته عليه السلام من نصرة الحق وأوليائه آثاره الخالدة والحمد للّه رب العالمين.

                  اقرأ فصل «سر الموقف» من هذا الكتاب.

                  [11]

                  ومن هنا رأى الحسن عليه السلام أن يترك معاوية لطغيانه، ويمتحنه بما يصبو اليه من الملك، لكن أخذ عليه في عقد الصلح، أن لا يعدو الكتاب والسنة في شيء من سيرته وسيرة أعوانه ومقوية سلطانه، وأن لا يطلب أحداً من الشيعة بذنب أذنبه مع الاموية، وأن يكون لهم من الكرامة وسائر الحقوق ما لغيرهم من المسلمين، وأن، وأن، وأن. الى غير ذلك من الشروط التي كان الحسن عالماً بأن معاوية لا يفي له بشيء منها وأنه سيقوم بنقائضها(1).

                  هذا ما أعده عليه السلام لرفع الغطاء عن الوجه «الاموي» المموّه، ولصهر الطلاء عن مظاهر معاوية الزائفة، ليبرز حينئذ هو وسائر أبطال «الاموية» كما هم جاهليين، لم تخفق صدورهم بروح الاسلام لحظة، ثأريين لم تنسهم مواهب الاسلام ومراحمه شيئاً من أحقاد بدر واُحد والاحزاب.

                  وبالجملة فان هذه الخطة ثورة عاصفة في سلم لم يكن منه بد، أملاه ظرف الحسن، اذ التبس فيه الحق بالباطل، وتسنى للطغيان فيه سيطرة مسلحة ضارية.

                  ما كان الحسن ببادئ هذه الخطة ولا بخاتمها، بل أخذها فيما أخذه من ارثه، وتركها مع ما تركه من ميراثه. فهو كغيره من أئمة هذا البيت، يسترشد الرسالة في اقدامه وفي احجامه. امتحن بهذه الخطة فرضخ لها صابراً محتسباً وخرج منها ظافراً طاهراً، لم تنجسه الجاهلية بأنجاسها، ولم تلبسه من مدلهمات ثيابها.

                  أخذ هذه الخطة من صلح «الحديبية» فيما أثر من سياسة جده صلى اللّه عليه وآله وسلم، وله فيه أسوة حسنة، اذ أنكر عليه بعض الخاصة من أصحابه، كما أنكر على الحسن صلح «ساباط» بعض الخاصة من أوليائه، فلم يهن بذلك عزمه، ولا ضاق به ذرعه.

                  وقد ترك هذه الخطة نموذجاً صاغ به الائمة التسعة - بعد سيدي

                  ______________________________

                  (1) اقرأ ما يتعلق بنصوص المعاهدة وشروطها ومدى وفاء معاوية بكل منها في فصول هذا الكتاب.

                  [12]

                  شباب أهل الجنة - سياستهم الحكيمة، في توجيهها الهادئ الرصين، كلما اعصوصب الشر. فهي اذاً جزء من سياستهم الهاشمية الدائرة أبداً على نصرة الحق، لا على الانتصار للذات فيما تأخذ او تدع.

                  تهيأ للحسن بهذا الصلح أن يغرس في طريق معاوية كميناً من نفسه يثور عليه من حيث لا يشعر فيرديه، وتسنى له به أن يلغم نصر الاموية ببارود الاموية نفسها. فيجعل نصرها جفاءاً، وريحاً هباءاً.

                  لم يطل الوقت حتى انفجرت اولى القنابل المغروسة في شروط الصلح، انفجرت من نفس معاوية يوم نشوته بنصره، اذ انضم جيش العراق الى لوائه في النخيلة. فقال - وقد قام خطيباً فيهم -: «يا أهل العراق، اني واللّه لم أقاتلكم لتصلوا ولا لتصوموا، ولا لتزكوا، ولا لتحجوا، وانما قاتلتكم لاتأمر عليكم، وقد أعطاني اللّه ذلك وانتم كارهون !. ألا وان كل شيء اعطيته للحسن بن علي جعلته تحت قدميَّ هاتين !».

                  فلما تمت له البيعة خطب فذكر علياً فنال منه، ونال من الحسن، فقام الحسين ليرد عليه، فقال له الحسن: «على رسلك يا أخي». ثم قام عليه السلام فقال: «أيها الذاكر علياً! أنا الحسن وأبي علي، وأنت معاوية وأبوك صخر، وأمي فاطمة وأمك هند، وجدي رسول اللّه وجدك عتبة، وجدتي خديجة وجدتك فتيلة، فلعن اللّه أخملنا ذكراً، وألأمنا حسباً، وشرنا قديماً، وأقدمنا كفراً ونفاقاً !» فقالت طوائف من أهل المسجد: «آمين».

                  ثم تتابعت سياسة معاوية، تتفجر بكل ما يخالف الكتاب والسنة من كل منكر في الاسلام، قتلاً للابرار، وهتكاً للاعراض، وسلباً للاموال، وسجناً للاحرار، وتشريداً للمصلحين، وتأييداً للمفسدين الذين جعلهم وزراء دولته، كابن العاص، وابن شعبة، وابن سعيد، وابن ارطأة، وابن جندب، وابن السمط، وابن الحكم، وابن مرجانة، وابن عقبة، وابن سمية الذي نفاه عن ابيه الشرعي عبيد، والحقه بالمسافح أبيه أبي سفيان ليجعله بذلك أخاه، يسلطه على الشيعة في العراق، يسومهم سوء العذاب،

                  [13]

                  يذبح أبناءهم، ويستحيي نساءهم، ويفرقهم عباديد، تحت كل كوكب، ويحرق بيوتهم، ويصطفي أموالهم، لا يألو جهداً في ظلمهم بكل طريق.

                  ختم معاوية منكراته هذه بحمل خليعه المهتوك على رقاب المسلمين، يعيث في دينهم ودنياهم، فكان من خليعه ما كان يوم الطف، ويوم الحرة، ويوم مكة اذ نصب عليها العرادات والمجانيق !.

                  هذه خاتمة أعمال معاوية، وانها لتلائم كل الملاءمة فاتحة أعماله القاتمة.

                  وبين الفاتحة والخاتمة تتضاغط شدائد، وتدور خطوب، وتزدحم محن، ما أدري كيف اتسعت لها مسافة ذلك الزمن، وكيف اتسع لها صدر ذلك المجتمع ؟ وهي - في الحق - لو وزعت على دهر لضاق بها، وناء بحملها، ولو وزعت على عالم لكان جديراً أن يحول جحيماً لا يطاق.

                  ومهما يكن من أمر، فالمهم أن الحوادث جاءت تفسر خطة الحسن وتجلوها. وكان أهم ما يرمي اليه سلام اللّه عليه، أن يرفع اللثام عن هؤلاء الطغاة، ليحول بينهم وبين ما يبيتون لرسالة جده من الكيد.

                  وقد تم له كل ما أراد، حتى برح الخفاء، وآذن أمر الاموية بالجلاء، والحمد للّه رب العالمين.

                  وبهذا استتب لصنوه سيد الشهداء أن يثور ثورته التي أوضح اللّه بها الكتاب، وجعله فيها عبرة لأولي الالباب.

                  وقد كانا عليهما السلام وجهين لرسالة واحدة، كل وجه منهما في موضعه منها، وفي زمانه من مراحلها، يكافئ الآخر في النهوض بأعبائها ويوازنه بالتضحية في سبيلها.

                  فالحسن لم يبخل بنفسه، ولم يكن الحسين أسخى منه بها في سبيل اللّه، وانما صان نفسه يجندها في جهاد صامت، فلما حان الوقت كانت شهادة كربلاء شهادة حسنية، قبل ان تكون حسينية.

                  وكان يوم ساباط أعرق بمعاني التضحية من يوم الطف لدى اولي

                  [14]

                  الالباب ممن تعمق.

                  لان الحسن عليه السلام، أعطي من البطولة دور الصابر على احتمال المكاره في صورة مستكين قاعد.

                  وكانت شهادة «الطف» حسنية أولاً، وحسينية ثانياً، لان الحسن أنضج نتائجها، ومهد أسبابها.

                  كان نصر الحسن الدامي موقوفاً على جلو الحقيقة التي جلاها - لاخيه الحسين - بصبره وحكمته، وبجلوها انتصر الحسين نصره العزيز وفتح اللّه له فتحه المبين.

                  وكانا عليهما السلام كأنهما متفقان على تصميم الخطة: أن يكون للحسن منها دور الصابر الحكيم، وللحسين دور الثائر الكريم، لتتألف من الدورين خطة كاملة ذات غرض واحد.

                  وقد وقف الناس - بعد حادثتي ساباط والطف - يمعنون في الاحداث فيرون في هؤلاء الامويين عصبة جاهلية منكرة، بحيث لو مثلت العصبيات الجلفة النذلة الظلوم لم تكن غيرهم، بل تكون دونهم في الخطر على الاسلام وأهله.

                  رأى الناس من هؤلاء الامويين، قردة تنزو على منبر رسول اللّه، تكشِّر للامة عن أنياب غول، وتصافحها بأيد تمتد بمخالب ذئب، في نفوس تدب بروح عقرب.

                  رأوا فيهم هذه الصورة منسجمة شائعة متوارثة، لم تخفف من شرها التربية الاسلامية، ولم تطامن من لؤمها المكارم المحمدية. فمضغ الاكباد يوم هند وحمزة، يرتقي به الحقد الاموي الاثيم، حتى يكون تنكيلاً بربرياً يوم الطف، لا يكتفي بقتل الحسين، حتى يوطئ الخيل صدره وظهره. ثم لا يكتفي بذلك، حتى يترك عارياً بالعراء، لوحوش الارض وطير السماء، ويحمل رأسه ورؤوس الشهداء من آله وصحبه على أطراف الاسنة الى الشام. ثم لا يكتفي بهذا كله، حتى يوقف حرائر الوحي من بنات رسول اللّه على درج السبى !!!...

                  [15]

                  رأى الناس الحسن يسالم، فلا تنجيه المسالمة من خطر هذه الوحشية اللئيمة، حتى دس معاوية اليه السم فقتله بغياً وعدواناً. ورأوا الحسين يثور في حين أتيح للثورة الطريق الى أفهامهم تتفجر فيها باليقظة والحرية، فلا تقف الوحشية الاموية بشيء عن المظالم، بل تبلغ في وحشيتها أبعد المدى.

                  وكان من الطبيعي أن يتحرر الرأي العام على وهج هذه النار المحرقة منطلقاً الى زوايا التاريخ وأسراره، يستنزل الاسباب من هنا وهناك بلمعان ويقظة، وسير دائب يدنيه الى الحقيقة، حقيقة الانحراف عن آل محمد، حتى يكون أمامها وجهاً لوجه، يسمع همسها هناك في الصدر الاول، وهي تتسار وراء الحجب والاستار، وتدبر الامر في اصطناع هذا «الداهية الظلوم الاموي» اصطناعاً يطفئ نور آل محمد، أو يحول بينه وبين الامة.

                  نعم أدرك الرأي العام بفضل الحسن والحسين وحكمة تدبيرهما كل خافية من أمر «الاموية» وأمور مسددي سهمها على نحو واضح.

                  أدرك - فيما يتصل بالامويين - أن العلاقة بينهم وبين الاسلام انما هي علاقة عداء مستحكم، ضرورة أنه اذا كان الملك هو ما تهدف اليه الاموية، فقد بلغه معاوية، وأتاح له الحسن، فما بالها تلاحقه بالسم وأنواع الظلم والهضم، وتتقصى الاحرار الابرار من أوليائه لتستأصل شأفتهم وتقتلع بذرتهم ؟ !...

                  واذا كان الملك وحده هو ما تهدف اليه الاموية، فقد أزيح الحسين من الطريق، وتم ليزيد ما يريد، فما بالها لا تكف ولا ترعوي، وانما تسرف اقسى ما يكون الاسراف والاجحاف في حركة من حركات الافناء على نمط من الاستهتار، لا يعهد في تاريخ الجزارين والبرابرة ؟؟..

                  أما ما انتجته هذه المحاكمة لأولي الالباب، فذلك ما نترك تقديره وبيانه للعارفين بمنابع الخير، ومطالع النور في التاريخ الاسلامي، على انا فصلناه بآياته وبيناته في مقدمة «المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة»

                  [16]

                  فليراجع، ولنكتف الآن بالاشارة الى ما قلناه في التوحيد بين صلح الحسن وثورة الحسين، والتعاون بين هذين المظهرين، على كشف القناع عن الوجه الاموي المظلم، والاعلان عن الحقيقة الاموية، فأقول عوداً على بدء: كانت شهادة الطف حسنية اولاً، وحسينية ثانياً. وكان يوم ساباط، أعرق بمعاني الشهادة والتضحية من يوم الطف عند من تعمق واعتدل وأنصف.

                  الفضل في كشف هذه الحقيقة انما هو لمولانا ومقتدانا علم الامة، والخبير بأسرار الأئمة، حجة الاسلام والمسلمين، شيخنا المقدس الشيخ راضي آل ياسين أعلى اللّه مقامه.

                  ذلك لان أحداً من الاعلام لم يتفرغ لهذه المهمة تفرغه لها في هذا الكتاب الفذ الذي لا ثاني له، وها هو ذا مشرف من القمة على الامة، ليسد في مكتبتها فراغاً كانت في فاقة الى سده، فجزاه اللّه عن الامة وعن الائمة، وعن غوامض العلم التي استجلاها، ومخبآته التى استخرجها، ومحص حقائقها، خير جزاء المحسنين، وحشره في أعلى عليين [مع الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً].

                  حرر في صور (جبل عامل).

                  في الخامس عشر من رجب سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة والف من الهجرة.

                  عبد الحسين شرف الدين

                  الموسوي العاملي

                  تعليق


                  • #24
                    الكوفه قبل البيعه حسب نفس المصدر
                    الكوفة كما يصفها صعصعة بن صوحان العبدي(1): «قبة الاسلام وذروة الكلام، ومصان(2) ذوي الاعلام، الا ان بها أجلافاً(3) تمنع ذوي الامر الطاعة وتخرجهم عن الجماعة، وتلك أخلاق ذوي الهيئة والقناعة».

                    مصّرها المسلمون في السنة السابعة عشرة(4) للهجرة بعد فتح العراق مباشرة.

                    وكان بناؤها الاول بالقصب، فأصابها حريق، فبنيت باللبن وكانت شوارعها العامة بعرض عشرين ذراعاً - بذراع اليد -، وأزقتها الفرعية بعرض سبعة أذرع. وما بين الشوارع أماكن البناء وهي بسعة أربعين ذراعاً، والفطايع وهي بسعة ستين ذراعاً.

                    وكان المسجد أول شيء خطّوه فيها. فوقف في وسط الرقعة التي أريدت للمدينة. رجل شديد النزع، رمى الى كل جهة بسهم، ثم اقيمت المباني فيما وراء السهام، وترك ما دونها للمسجد وساحته. وبنوا في مقدمة المسجد رواقاً، أقاموه على أساطين من رخام كان الاكاسرة قد جلبوها من خرائب الحيرة، وجعلوا على الصحن خندقاً لئلا يقتحمه أحد ببنيان.

                    وزاد عمران الكوفة زيادة مفاجئة، حين هاجر اليها أمير المؤمنين عليه السلام، فاتخذها مقراً له بعد وقعة الجمل سنة 36 للهجرة وكان دخوله اليها في الثاني عشر من شهر رجب.

                    ______________________________

                    (1) تجد ترجمته في «زعماء الشيعة المروعين» في الكتاب، وروى كلمته هذه المسعودي (هامش ابن الاثير ج 6 ص 118).

                    (2) بفتح اوله غلاف القوس.

                    (3) الجلف هو الغليظ الجافي.

                    (4) البلاذري في فتوح البلدان والبراقي في تاريخ الكوفة، وذكره الحموي في المعجم ثم ناقض نفسه اذ قال في مادة «البصرة»: «وكان تمصير البصرة في السنة الرابعة عشرة قبل الكوفة بستة أشهر !».

                    [65]

                    وكان من بواعث هذه البادرة - هجرة علي الى الكوفة - ضعف موارد الحجاز، واعتماده في موارده على غيرها، وما من علة تتعرض لها دولة أضرّ من اعتمادها في الموارد على غيرها، وكانت الكوفة وبلاد السواد تكفي نفسها وتفيض. وهذا عدا الاسباب العسكرية التي اضطرته لها الثورات المسلحة التي كانت تتخذ من بلاد الرافدين ميادين لاعمالها العدوانية.

                    وتقاطر على الكوفة - اذ هي عاصمة الخلافة - كبار المسلمين من مختلف الآفاق. وسكنتها القبائل العربية من اليمن والحجاز، والجاليات الفارسية من المدائن وايران. وعمرت فيها الاسواق التجارية. وزهت فيها الدراسات العلمية. وأنشئت حولها الحدائق والبساتين والارباض والقريات. وأغفت على ذراعها أمجاد التاريخ والآداب والعلوم زمناً طويلاً.

                    وغلب على الكوفة تحت ظل الحكم الهاشمي التشيّع لعلي واولاده عليهم السلام، ثم لم يزل طابعها الثابت اللون. ووجد معه بحكم اختلاف العناصر التي يممت المصر الجديد أهواء مناوئه اخرى، كانت بعد قليل من الزمن أداة الفتن في اكثر ما عصف بالكوفة من الزعازع التاريخية والرجّات العنيفة لها وعليها.

                    * * *

                    وجاءت بيعة الحسن عليه السلام يوم بايعته الكوفة، عند ملتقى الآراء من سائر العناصر الموجودة فيها يوم ذاك، على أنها كانت قلَّ ما تلتقي على رأي.

                    وكان للحسن من اسلوب حياته في هذه الحاضرة، مدى اقامته فيها، ما جعله قبلة الانظار ومهوى القلوب ومناط الآمال، وملأ أجواء المدينة الجديدة «عاصمة ابيه» بكرائم المكرمات التي تنتقل في آل محمد بالارث: جود يد، وسجاحة خلق، ونبل شعور، وظرف شمائل، وسعة حلم، ورجاحة عقل وعلم وزهادة وعبادة. وضحك منبر الخلافة - في بحران

                    [66]

                    حزنه على الامام الراحل - بما شاع في أكنافه من شيم الانبياء الموروثة في خليفته الجديد، ولم يكن ثمة أعمل بالتقوى، ولا أزهد بالدنيا، ولا أجمع لخصال الخير كلها منه، لذلك كان الشخصية الفذة التي تتفق عليها الآراء المختلفة عن رغبة وعمد، وتجتمع فيها عناصر الزعامة كما يجب في قائد أمة أو امام قوم.

                    وانتهت مهرجانات البيعة في الكوفة على خير ما كان يرجى لها من القوة والنشاط والتعبئة، لولا ان للقدر أحكاماً لا تجري على أقيسة العقول، ولا تسير على رغائب الانفس، فكان الجوّ السياسي في الحاضرة التي تحتفل لاول مرة في تاريخها بتنصيب خليفة، لا يزال راكداً متلبداً مشوباً بشيء كثير من التبليل المريب، وذلك هو ما ورثته الكوفة من مخلّفات الحروب الطاحنة التي كانت على مقربة منها في البصرة والنهروان وصفين. وفي الكوفة يومئذ انصار كثيرون لشهداء هذه الحروب وضحاياها من الفريقين يشاركونهم الرأي، ويتمنون لو يسّر لهم اخذ الثار، ويعملون ما وسعهم العمل لتنفيذ اغراضهم.

                    ومن هذه الاغراض، الاغراض الصالحة المؤاتية، ومنها الفاسدة المبرقعة الاهداف التي لا تفتأ تخلق ذرائع الخلاف في المجموع.

                    * * *

                    اما الحسن - وهو في مستهل خلافته - فقد كانت القلوب كلها معه لانه ابن بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله، ولان من شرط الايمان مودته، ومن شرط البيعة طاعته.

                    قال ابن كثير: «وأحبوه أشد من حبهم لابيه(1)».

                    وكان لا يزال بمنجاة من هؤلاء وهؤلاء، ما دام لم يباشر عملاً ايجابياً يصطدم بأهداف البعض، أو يمس الوتر الحساس من عصبيات البعض الآخر. ذلك لان الوسائل التي أصبح يعيش بها الاسلام يومئذ، كانت

                    ______________________________

                    (1) البداية والنهاية (ج 8 ص 41).

                    [67]

                    تخضع في أمثال هؤلاء المسلمين للاهداف الشخصية تارة، وللعصبيات اخرى.

                    وخيل للكثيرين من اولئك الذين تتحكم فيهم الانانية والنفعية حتى تتجاوز بهم حدود العقيدة، أنهم اذ يبايعون الحسن بالخلافة، انما يتسورّون بهذه البيعة الى اسناد قضاياهم، وارضاء مطامعهم، عن طريق الخلق الثري الواسع، الذي ألفوه في الحسن بن علي منذ عرفوه بين ظهرانيهم، والذي كان يذكّرهم - دائماً - بخلق جده الأعظم صلى اللّه عليه وآله وسلم، وكانوا يحفظون من صحابة الرسول أن الحسن أشبه آله به خلقاً وخلقاً.

                    والواقع انهم فهموا هذا الخلق العظيم على غير حقيقته.

                    وتسابق على مثل هذا الظن كثير من ذوي المبادئ التي لا تتفق والحسن في رأي ولا عقيدة، فبايعوه راغبين، كما يبايعه المخلصون من المؤمنين. ثم كان هؤلاء - بعد قليل من الزمن - أسرع الناس الى الهزيمة من ميادينه لا يلوون على شيء، ذلك لانهم حين عركوا مواطن طمعهم من ليونة الحسن عليه السلام، وجدوها بعد تسلّمه الحكم واضطلاعه بالمسؤولية، أعنف من زبر الحديد، حتى ان كلاً من أخيه وابن عمه وهما اقرب الناس اليه وأحظاهم منزلة عنده عجز ان يعدل به عن رأي أراده، ثم مضى معتصماً برأيه في غير تكلّف ولا اكتراث.

                    ولهذا، فلم يكن عجيباً أن تدب روح المعارضة وئيدةً في الجماعات القلقة من هؤلاء الرؤساء والمترئسين في الكوفة، ولم يكن عجيباً ان يعودوا متدرجين الى سابق سيرتهم مع الامام الراحل الذي «ملأوا قلبه غيظاً وجرّعوه نغب التهمام انفاساً»، وهكذا تنشأت - في هذا الوسط الموبوء - الحزبية الناقمة التي لا تعدم لها نصيراً قوياً في الخارج. وهكذا انبثقت مع هذه الحزبية المشاكل الداخلية بمختلف الوانها.

                    واستغل هذه المرحلة الدقيقة فئات من النفعيين، تمكنوا ان يخلقوا من

                    [68]

                    أنفسهم همزة وصل بين الكوفة والشام، بما في ذلك من تمرد على الواجب. وخروج على الخلق، وخيانة للعهد الذي فرضته البيعة في أعناقهم.

                    وقديماً مرن هذا النمط من «أشباه الرجال» على الشغب والقطيعة والنفور، منذ انتقلت الخلافة الاسلامية الى الحاضرة الجديدة في العراق بما تحمله معها من الصراحة في الحكم والصرامة في العدل. وكان قلق هؤلاء وتبرمهم ونفورهم، نتيجة اليأس من دنيا هذه الخلافة، لانها لم تكن خلافة دنيا ولكن خلافة دين. وعلموا أنها لن تقرهم على ما هم عليه من سماحة التصرفات في الشؤون العامة والاستئثار بالدنيا، وأنها ستأخذ عليهم الطريق دون آمالهم واعمالهم ومختلف تصرفاتهم.

                    ووجد هؤلاء من نشوء الخلافة الجديدة في الكوفة، ومن استمرار معاوية على الخلاف لها في الشام، ظرفاً مناسباً لبعث النشاط واستئناف أعمال الشغب واستغلال الممكن من المنافع العاجلة، ولو من طريق اللعب على الجانبين، فاما أن يحتلوا من الامارة الجديدة أمكنتهم التي ترضي طموحهم، واما أن يعملوا على الهدم ويتعاونوا على الفساد. وكانت خزائن الشام لا تفتأ تلوح بالمغريات من الاموال والمواعيد، وكانت الاموال والمواعيد أمضى أسلحة الشام في مواقفها من الكوفة على طول الخط.

                    وهكذا فتَّ في أعضاد كوفة الحسن تقلّب الهوى وتوزّع الرأي وتداعي الخلق وتوقح الخصومة في الكثير الكثير من أهلها.

                    وكان على هذه الشاكلة من عناصر الكوفة ابان بيعة الحسن عليه السلام أقسام من الناس.

                    لنا ان نصنّفهم كما يلي:

                    الحزب الاموي:

                    واكبر المنتسبين اليه عمرو بن حريث، وعمارة بن الوليد بن عقبة، وحجر بن عمرو، وعمر بن سعد بن ابي وقاص، وأبو بردة بن أبي موسى الاشعري، واسماعيل واسحق ابنا طلحة بن عبيد اللّه، واضرابهم.

                    [69]

                    وفي هذا الحزب عناصر قوية من ذوي الاتباع والنفوذ، كان لها أثرها فيما نكبت به قضية الحسن من دعاوات ومؤامرات وشقاق.

                    «فكتبوا الى معاوية بالسمع والطاعة في السرّ، واستحثوه على المسير نحوهم، وضمنوا له تسليم الحسن اليه عند دنوّهم من عسكره، أو الفتك به(1)».

                    وفيما يحدثنا المسعودي في تاريخه(2): «أن أكثرهم اخذوا يكاتبونه - يعني معاوية - سراً، ويتبرعون له بالمواعيد، ويتخذون عنده الايادي».

                    «ودس معاوية الى عمرو بن حريث والاشعث بن قيس وحجار بن أبجر وشبث بن ربعي دسيسةً، وآثر كل واحد منهم بعين من عيونه، انك اذا قتلت الحسن، فلك مائة الف درهم، وجند من اجناد الشام، وبنت من بناتي. فبلغ الحسن عليه السلام ذلك فاستلأم (لبس اللامة) ولبس درعاً وكفرها، وكان يحترز ولا يتقدم للصلاة بهم الا كذلك، فرماه أحدهم في الصلاة بسهم، فلم يثبت فيه لما عليه من اللامة(3)».

                    ومثلٌ واحد من هذه النصوص يغني عن أمثال كثيرة.

                    وهكذا كان يعمل هؤلاء عامدين، شر ما يعمله خائن يتحين الفرص، وكانت محاولاتهم اللئيمة، لا تكاد تختفي تحت غمائم الدجل والنفاق، حتى

                    ______________________________

                    (1) المفيد في الارشاد (ص 170) - والطبرسي في اعلام الورى.

                    (2) هامش ابن الاثير (ج 6 ص 42). اقول: وما يدرينا أن يكون كثير من أهل الشام كاتبوا الحسن يومئذ، بمثل ما كاتب به الكوفيون معاوية. وقد علمنا ان الفريقين - أهل الشام واهل الكوفة - كانوا سواء في افلاسهم الخلقي الذي ينزع الى الخيانة كلما أغرتهم المظاهر. وعليك ان ترجع الى البيهقي في المحاسن والمساوي (ج 2 ص 200) لتشهد مكاتبة أصحاب معاوية علياً عليه السلام، وترجع الى اليعقوبي (ج 3 ص 12) لتشهد مكاتبة عامة أصحاب عبد الملك بن مروان لمصعب بن الزبير وطلبهم الامان والجوائز منه. فلعل مكاتبة الشاميين للحسن انما خفيت علينا لان الحسن كان آمن من صاحبه على السر فلم يبح بما وصله منهم، أو لان المؤرخين شاءوا اغفالها ككثير من امثالها.

                    (3) علل الشرائع (ص 84).

                    [70]

                    تبدو عارية سافرة في ساعة نداء الواجب.

                    وهكذا كانوا - على طول الخط - قادة السخط، وأعوان الثورة، وأصابع العدو في البلد.

                    ومالأهم «الخوارج» على حياكة المؤامرات الخطرة، بحكم ازدواج خطة الفئتين، على مناهضة الخلافة الهاشمية في عهديها الكريمين. ودل على ذلك اشتراك كل من الاشعث بن قيس وشبث بن ربعي فيما يرويه النص الاخير من هذه الامثلة الثلاث، وكان هذان من رؤوس الخوارج في الكوفة.

                    2 - الخوارج:

                    وهم أعداء علي عليه السلام منذ حادثة التحكيم، كما هم اعداء معاوية.

                    وأقطاب هؤلاء في الكوفة: عبد اللّه بن وهب الراسبي، وشبث بن ربعي، وعبد اللّه بن الكوّاء، والاشعث بن قيس، وشمر بن ذي الجوشن.

                    وكان الخوارج أكثر اهل الكوفة لجاجة على الحرب، منذ يوم البيعة، وهم الذين شرطوا على الحسن عند بيعتهم له حرب الحالّين الضالّين - أهل الشام -، فقبض الحسن يده عن بيعتهم على الشرط، وأرادها (على السمع والطاعة وعلى أن يحاربوا من حارب ويسالموا من سالم)، فأتوا الحسين أخاه، وقالوا له: «ابسط يدك نبايعك على ما بايعنا عليه أباك يوم بايعناه، وعلى حرب الحالين الضالين أهل الشام». فقال الحسين: «معاذ اللّه أن ابايعكم ما دام الحسن حياً». فانصرفوا الى الحسن ولم يجدوا بداً من بيعته على شرطه(1)».

                    أقول: وما من ظاهرة عداء للحسن عليه السلام، فيما اقترحه هؤلاء

                    ______________________________

                    (1) يراجع كتاب الامامة والسياسة (ص 150).

                    [71]

                    الخوارج لبيعتهم اياه، ولا في اصرارهم على الحرب، وقد كان في شيعة الحسن من يشاطرهم الالحاح على الحرب، ولكنك سترى فيما تستعرضه من مراحل قضية الحسن عليه السلام، أن الخوارج كانوا أداة الكارثة في أحرج ظروفها. ورأيت فيما مرّ عليك - قريباً - أن زعيمين من زعمائهم ساهما في أفظع مؤامرة أموية في الكوفة.

                    وللخوارج في دعاوتهم الى «الخروج» أساليبهم المؤثرة المخيفة، التي كانت تزعزع ايمان كثير من الناس بالشكوك. وكان هذا هو سرّ انتشارهم بعد نكبتهم الحاسمة على شواطئ النهروان.

                    وكان زياد بن ابيه يصف دعوة الخوارج بقوله: «لكلام هؤلاء أسرع الى القلوب من النار الى اليراع(1)». وكان المغيرة بن شعبة يقول فيهم: «انهم لم يقيموا ببلد يومين الا افسدوا كل من خالطهم»(2).

                    والخارجي يقول الزور ويعتقده الحق، ويفعل المنكر ويظنه المعروف، ويعتمد على اللّه ولا يتصل اليه بسبب مشروع.

                    وسنعود الى ذكرهم في مناسبة اخرى عند الكلام على «عناصر الجيش».

                    3 - الشكاكون:

                    ورأينا ذكر هؤلاء فيما عرضه المفيد (رحمه اللّه) من عناصر جيش الحسن عليه السلام. والذي يغلب على الظن، أن تسميتهم بالشكاكين ترجع الى تأثرهم بدعوة الخوارج من دون أن يكونوا منهم، فهم المذبذبون لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء.

                    ورأيت المرتضى في أماليه (ج 3 ص 93) يذكر «الشكاك» استطراداً ويلوّح بكفرهم، وكأنه فهم عنهم التشكيك بأصل الدين.

                    ______________________________

                    (1) اليراع: القصب.

                    (2) الطبري (ج 6 ص 109).

                    [72]

                    وكانوا طائفة من سكان الكوفة ومن رعاعها المهزومين، الذين لا نية لهم في خير ولا قدرة لهم على شر، ولكن وجودهم لنفسه كان شراً مستطيراً وعوناً على الفساد وآلة «مسخرة» في أيدي المفسدين.

                    4 - الحمراء:

                    وهم عشرون الفاً من مسلحة الكوفة (كما يحصيهم الطبري في تاريخه). كانوا عند تقسيم الكوفة في السبع الذي وضع فيه أحلافهم من بني عبد القيس، وليسوا منهم، بل ليسوا عرباً، وانما هم المهجّنون من موالٍ وعبيد، ولعل اكثرهم من أبناء السبايا الفارسيات اللائي اخذن في «عين التمر» و«جلولاء» من سنة 12 - 17 فهم حملة السلاح سنة 41 وسنة 61 في ازمات الحسن والحسين (عليهما السلام) في الكوفة (فتأمل).

                    والحمراء شرطة زياد الذين فعلوا الافاعيل بالشيعة سنة 51 وحواليها، وكانوا من اولئك الذين يحسنون الخدمة حين يغريهم السوم، فهم على الاكثر أجناد المتغلبين وسيوف الجبابرة المنتصرين.

                    وقويت شوكتهم بما استجابوا له من وقايع وفتن في مختلف الميادين التي مرّ عليها تاريخ الكوفة مع القرن الاول. وبلغ من استفحال امرهم في الكوفة أن نسبوها اليهم فقالوا «كوفة الحمراء».

                    وكان في البصرة مثل ما في الكوفة من هؤلاء المهجَّنين الحمر. وخشي زياد (وكان والي البصرة اذ ذاك) قوّتهم فحاول استئصالهم، ولكن الاحنف بن قيس منعه عما أراد.

                    ووهم بعض كتّاب العصر، اذ نسب هؤلاء الى التشيع، أبعد ما يكونون عنه آثاراً ونكالاً بالشيعيين وأئمتهم. ولا ننكر ان يكون فيهم أفراد رأوا التشيّع، ولكن القليل لا يقاس عليه.

                    * * *

                    [73]

                    وكان الى جنب هذه العناصر العدوّة في الكوفة «شيعة الحسن» وهم الاكثر عدداً في عاصمة علي عليه السلام، وفي هؤلاء جمهرة من بقايا المهاجرين والانصار، لحقوا علياً الى الكوفة، وكان لهم من صحبتهم الرسول صلى اللّه عليه وآله ما يفرض لهم المكانة الرفيعة في الناس.

                    وبرهن رجالات الشيعة في الكوفة على اخلاصهم لاهل البيت عليهم السلام، منذ نودي بالحسن للخلافة، ومنذ نادى - بعد خلافته - بالجهاد، وفي سائر ما استقبله من مراحل. ولو قدّر لهؤلاء الشيعة أن يكونوا - يومئذ - بمنجاة من دسائس المواطنين الآخرين، لكانوا العدّة الكافية لدرء الاخطار التي تعرّضت لها الكوفة من الشام، وكان في هذه المجموعة المباركة من الحيوية والقابلية ما لا يستطيع أحد نكرانه، ونعني بالحيوية القابليات التي تهضم المشاكل وتفهمها، وتعطيها الاهمية المطلوبة في حلولها.

                    وما ظنك بقيس بن سعد بن عبادة الانصاري وحُجر بن عديّ الكندي، وعمرو بن الحمِقِ الخزاعي، وسعيد بن قيس الهمداني، وحبيب بن مظاهر الاسدي، وعديّ بن حاتم الطائي، والمسيّب بن نجية، وزياد بن صعصعة، وآخرين من هذا الطراز.

                    اما الطوارئ المستعجلة المعاكسة، والاصابع المأجورة الهدامة، فقد كانت تعمل دائماً، لتغلب هذه القابليات، ولتغيرّ من هذا التقدير.

                    * * *

                    ولم يخف على الحسن عليه السلام ما كانت تتمخض عن لياليه الحبالى في الجوّ المسحور بشتى النزعات، والمتكهرب بشواجر الفتن والوان الدعاوات. وكان لا بدّ له - وهو في مطلع خلافته - أن يعالن الناس بخطته وأن يصارحهم عن موقفه، وأن يستملي خطته من صميم ظروفه وملابساتها في الداخل والخارج معاً.

                    وكان معاوية هو العدو «الخارج» الذي يشغل بال الكوفة يما يكيده

                    [74]

                    لها من انواع الكيد، وبما يتمتع به من وسائل القوة والاستقرار في رقعته من بلاد الشام. وما كان معاوية بالعدو الرخيص الذي يجوز للحسن عليه السلام، أن يتغاضى عن أمره، ولا بالذي يأمن غوائله لو تغاضى عنه، وكان الحسن - في حقيقة الواقع - أحرص بشر على سحق معاوية والكيل له بما يستحق، لو أنه وجد الى ذلك سبيلاً من ظروفه.

                    واما في «الداخل» فقد كان أشد ما يسترعي اهتمام الامام عليه السلام موقف المعارضة المركزة، القريبة منه مكاناً، والبعيدة عنه روحاً ومعنى وأهدافاً.

                    ولقد عز عليه أن يكون بين ظهراني عاصمته، ناس من هؤلاء الناس، الذين استأسدت فيهم الغرائز، وأسرفت عليهم المطامع، وتفرقت بهم المذاهب، وأصبحوا لا يعرفون للوفاء معنى، ولا للدين ذمة، ولا للجوار حقاً. نشزوا بأخلاقهم، فاذا بهم آلة مسخرة للانتقاض والغدر والفساد، ينعقون مع كل ناعق ويهيمون في كل واد. ولا يكاد يلتئم معهم ميدان سياسة ولا ميدان حرب. وحسبك من هذا مثار قلق ومظنة شغب وباعث مخاوف مختلفات.

                    وهكذا كان للعراق - منذ القديم - قابلية غير عادية لهضم المبادئ المختلفة والانتفاضات الثورية العاتية باختلاف المناسبات.

                    وللحسن في موقفه الممتحن من هذه الظروف، عبقرياته التي كانت على الدوام بشائر ظفرٍ لامع، لولا ما فوجئ به من نكسات مروعات كانت تنزل على موقفه كما ينزل القضاء من السماء.

                    وتنبأ لكثير من الحوادث قبل وقوعها، وكان يمنعه الاحتياط للوضع، من الاصحار بنبوءته، فيلمح اليها الماحاً. وعلى هذا النسق جاءت كلمته اللبقة الغامضة، التي اقتبسها من الآي الكريم، والتي قصد لها الغموض عن ارادة وعمد، وهي قوله في خطبته الاولى - يوم البيعة -: «اني أرى ما لا ترون».

                    [75]

                    ترى، هل كان بين يديه يومئذ، الا المهرجانات النشيطة التي دلت قبل كل شيء، على عظيم اخلاص المجتمع لخليفته الجديد ؟ فما بال الخليفة الجديد لا يرى منهم الا دون ما يرون ؟.

                    انها النظرة البعيدة التي كانت من خصائص الحسن في سلمه وفي حربه وفي صلحه وفي سائر خطواته مع اعدائه ومع اصدقائه.

                    * * *

                    وعلى أن الموسوعات التاريخية لم تُعنَ بذكر الامثلة الكثيرة التي يصح اقتباسها كعرض تاريخيّ عن سياسة الحسن، ولا سيما في الدور الاول من عهده القصير، وهو الدور الذي سبق اعلانه الجهاد في الكوفة، فقد كان لنا من النتف الشوارد التي تسقّطناها من سيرته، ما زادنا وثوقاً ببراعته السياسية التي لا مجال للريب فيها. فقد اقتاد الوضع المترنح الذي صحب عهده من اوله الى آخره، قيادته الحكيمة التي لا يمكن أن تفضلها قيادة اخرى لمثل هذا الوضع.

                    وليكن من أمثلة سياسته في قيادة ظروفه قبل الحرب ما يلي:

                    1 - أنه وضع لبيعته صيغةً خاصة، وقبض يده عما أريد معها من قيود، وأرادها هو على السمع والطاعة والحرب لمن حارب والسلم لمن سالم. فكان عند ظن المعجبين ببلاغته الادارية، بما ذكر الحرب ولوح بالسلم فأرضى الفريقين من أحزاب الكوفة - دعاة الحرب، والمعارضين -. وكان لديه من الوضع العام (في كوفته) ما يكفيه نذيراً لاتخاذ مثل هذه الحيطة الحكيمة لوقتٍ ما.

                    2 - أنه زاد المقاتلة مائةً مائةً، وكان ذلك أول شيء أحدثه حين الاستخلاف، فتبعه الخلفاء من بعده عليه(1).

                    ______________________________

                    (1) شرح النهج لابن ابي الحديد (ج 4: ص 12).

                    [76]

                    وللانعاش في ترفيع مخصصات الجيش سلطانه المحبَّب على النفوس، وله أثره في تأليف العدد الاكبر من الناس للخدمة في الجهاد.

                    وكانت ظاهرةً تحتمل الاستعداد للحرب، ولكنها - مع ذلك - غير صريحة بالتصميم عليه، ما دامت ظاهرة انعاش في عهدٍ جديد. وهي على هذا الاسلوب، من التصرفات التي تجمع الكلمة ولا تثير خلافاً، في حين أنها استعداد حكيم للمستقبل الذي قد يضطرّه الى حرب قريبة.

                    3 - أنه امر بقتل رجلين كانا يتجسّسان لعدوّه عليه. وهدّد بتنفيذ هذا الحكم روح الشغب التي كان يستجيب لها عناصر كثيرة في المِصرين (الكوفة والبصرة).

                    قال المفيد رحمه اللّه: «فلما بلغ معاوية وفاه أمير المؤمنين وبيعة الناس ابنه الحسن، دسّ رجلاً من حمير الى الكوفة، ورجلاً من بني القين الى البصرة، ليكتبا اليه بالاخبار، ويفسدا على الحسن الامور. فعرف بذلك الحسن، فأمر باستخراج الحميري من عند لحام بالكوفة، فأخرج، وأمر بضرب عنقه. وكتب الى البصرة باستخراج القيني من بني سليم، فأخرج وضربت عنقه(1)».

                    وروى أبو الفرج الاصفهاني نحواً مما ذكره المفيد، ثم قال: «وكتب الحسن الى معاوية: أما بعد فانت دسست اليَّ الرجال، كأنك تحب اللقاء، لا أشك في ذلك، فتوقعه ان شاء اللّه، وبلغني انك شمتَّ بما لم يشمت به ذوو الحجى (يشير الى ما تظاهر به معاوية من الفرح بوفاة أمير المؤمنين عليه السلام)، وانما مثَلك في ذلك كما قال الاول:

                    فانّا ومن قد مات منا لكالذي***يروح ويمسي في المبيت ليغتدي

                    فقل للذي يبغي الخلاف الذي مضى***تجهَّز لاخرى مثلها فكأن قَدِ

                    4 - تمهّله عن الحرب رغم الحاح الاكثرين ممن حوله على البدار اليها،

                    ______________________________

                    (1) الارشاد (ص 168) والبحار وكشف الغمة.

                    [77]

                    منذ تسنّمه الحكم في الكوفة.

                    وسنأتي في «الفصل 5» الذي ستقرؤه قريباً، على تحليل الموقف السياسي يوم ذاك، وسنرى هناك، أن هذا التمهّل المقصود كان هو التدبير الوحيد في ظرفه.

                    5 - استدراجه معاوية من طريق التبادل بالرسائل، الى نسيان موقفه المتأرجح الذي لم تقو على دعمه الدعاوى الفارغة الكثيرة، فاذا باضمامة من الغلطات هي أجوبة معاوية للحسن وهي التي كشفت للناس معاوية المجهول، ومهدت للحسن معذرته تجاه الرأي العام في حربه لمعاوية، واذا بمعاوية الفريق المغلوب في منطق العقلاء، وان يكن الغالب بعد ذلك في منطق القوة.

                    ومثلٌ واحدٌ من هذه التدابير اللبقة التي أملى فيها الحسن خطته السياسية في العهد القصير، بين وفاة أبيه عليه السلام وبين تصميمه على الحرب، كاف عن كثير

                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    x

                    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                    صورة التسجيل تحديث الصورة

                    اقرأ في منتديات يا حسين

                    تقليص

                    لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                    يعمل...
                    X