أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و آله الطيبين الطاهرين و لعنة الله على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الآيات الدالة على ولاية الإمام المعصوم
أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع امن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون (1)
هذه آية أخرى من الآيات الدالة على وجوب طاعة الإمام المعصوم، و إن من يستطيع أولا و بالذات أن يحكم بين الناس و يكون واجب الإطاعة هو الممتلك لمقام العصمة، فان علمه علم حضوري و الهي، و قلبه متصل بالحق تعالى، و ليست علومه علوما اكتسابية.
و شاهدنا في هذه الآية الاستدلال على ولاية الإمام لا ولاية الفقيه.
و تقريب الاستدلال بهذا النحو: أن احتجاج آيات القرآن هنا مبني على لزوم إتباع الحق.فعلى الإنسان أن يتبع الحق الذي هو عين الواقعية و الاصالة و الحقيقة، في مقابل الباطل الفاقد للاصالة و الواقعية، و المبنيعلى أساس الاعتبارات و الأوهام و الأمور السرابية و الوهمية و الخيالية.الحق هو صلب الواقع.و العلوم الحضورية للائمة عليهم السلام هي عين الحق، لان الباطل ليس له طريق إليها، خلافا للعلوم التي يكتسبها الإنسان من الخارج و المشوبة بالباطل و المحتملة للخطأ و الاشتباه.
و لذا يقول الله تعالى في هذه الآية المباركة: إن الإنسان يجب أن يتبع من كان قلبه متصلا بالحق و الحقيقة، لا تدخل فيه آية شائبة من البطلان و الآراء الشخصية و الأهواء النفسانية.و خلاصة الأمر من لا يميل قلبه إلى الباطل بأي وجه من الوجوه.
فبناء الاستدلال في هذه الآيات المباركة الواردة في هذه السورة الشريفة على هذا الأساس: إي الاستدلال على لزوم إتباع الحق لان الله تعالى يقول:
قل الله يهدى للحق
فبعد أن اخذ الله تعالى بواسطة الاستفهام الإنكاري إقرارا بالمعنى من المشركين، قبل هذه الجملة:
قل هل من شركائكم من يهدى إلى الحق
بان الشركاء الذين جعلوهم لله تعالى لا يستطيعون هداية الإنسان إلى الحق، أجاب بلا فصل: قل الله يهدى للحق.و من البديهي أن المقام يستلزم الإجابة الفورية على هذا السؤال و لا ينتظر جواب المخاطب، لذا فقد أجاب فورا بهذا الشكل فقال: قل الله يهدى للحق ثم قال:
أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع امن لا يهدى إلا أن يهدى
و نلاحظ هنا انه على أساس مبنى لزوم متابعة الحق هذا، فقد جعل الله تعالى معادلة بين قوله:
أفمن يهدى إلى الحق
و قوله:
أمن لا يهدى إلا أن يهدى.
و الاستفهام يجب أن يكون له طرفان - لان الاستفهام يتردد دوما بين النفي و الإثبات - و احد طرفي الاستفهام هنا: أفمن يهدى إلى الحق و طرفه الآخر امن لا يهدى إلا أن يهدى.و نحن نعلم أن «يهدى» منباب الافتعال، و أصلها يهتدي، لأنه يجوز قلب «التاء» «دالا» و إدغامها بالدال الأخرى و كسر «الهاء» للمناسبة، فتصبح يهتدي: يهدي، فلا يهدي إذن تعني لا يهتدي، و نرى في هذه الصورة أن طرفي المعادلة هذين لا يستقبحان في هذا للاستفهام، ذلك لان المعادلة الصحيحة يجب أن تكون بين النفي و الإثبات، فنقول مثلا: هل جاء زيد أم لم يأت؟ و هو استفهام بين النفي و الإثبات.لكن هل يمكن القول يا ترى: هل جاء زيد أم إن غرفته مظلمة؟ كلا بالطبع فهذا استفهام غير صحيح، فظلمة غرفة زيد لا يمكن أن تكون عدلا لمجيء زيد.و علينا أن نقول إذن: هل جاء زيد أم لم يأت؟ أو نقول مثلا: هل ذكرت هذا الأمر لعمرو أم لم تذكره؟ بحيثيدور الاستفهام دوما بين النفي و الإثبات.
لو كانت هذه الآية هنا:
أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع امن لا يهدى.
(يهدى أو لا يهدى) فكان نفيا و إثباتا، فلا أشكال في الأمر.لكن المعادلة في هذه الآية بنحو آخر، فهي تقول: هل الذي يهدي إلى الحق أحق أن يتبعه الإنسان (هدى يهدى فعل متعدي) أم ذلك الذي لا يهتدي إلا أن يهدى؟ ! و الذي لا يهتدي ليس عدلا لمن يهدي.
و علينا القول هنا: أن هذه المعادلة إنما تصح فيما لو كان في كل طرف جملة مقدرة، كما لو سألتكم: هل جاء زيد أم أن غرفته مظلمة؟ و ظلمة غرفة زيد ليس عدلا لمجيئه في الاستفهام، لكن حيث أنا علمنا بالملازمة الخارجية أن زيدا كلما جاء أضاء غرفته، و حين لا يكون قد أتى فان غرفته ستكون مظلمة، فعندئذ و بدلا من أن نذكر جزئي كلتا الملازمين فإننا نذكر إحداها في طرف و الأخرى في الطرف الآخر و نحذف من [كلا] طرفي المعادلة جزءا.
أي بدلا من أن نقول: هل جاء زيد و غرفته مضاءة أم لم يأت و غرفتهمظلمة؟ فإننا نقول: هل جاء زيد أم أن غرفته مظلمة؟ و هناك الكثير من الاستعمالات بهذا النحو.
و الآية محل البحث من هذا القبيل أيضا و السبب في ذلك هو أن لا يهدى (لا يهتدي) إلا أن يهدى لا يمكنها أن تكون عدلا ل افمن يهدى لتكون عدلا لهذه المعادلة الا بتقدير جملتين: إحداها في جانب الإثبات و الأخرى في جانب النفي.
فتاتي المعادلة إذن بهذه الصورة:
أفمن يهدى إلى الحق و يهتدي بنفسه أحق أن يتبع امن لا يهدى إلى الحق و لا يهتدي إلا أن يهدى
بما إن في الطرف الآخر للمعادلة: امن لا يهدى إلا أن يهدى أي من لا يهتدي إلا أن يقوم غيره من الناس بهدايته، أي أن هدايته غيرية، ففي هذا الطرف من المعادلة يكون من يهتدي بنفسه أي من تكون هدايته ذاتية دونما تعلم أو تعليم أو هداية من الآخرين.
فالآية إذن تريد إن تقول: أن من يهدي يجب أن تكون هدايته ذاتية و لا يكون ممن يهدى بالغير و يهتدي بالتعليم و التدريس، و إنما يهتدي بنفسه، و هذا هو العلم الحضوري.فالذين يمتلكون العلم الحضوري قد اهتدوا بأنفسهم بالهداية الإلهية.
و على هذا فإننا نجعل جملة: أحق أن يتبع مثل «لسان الميزان» و نقول أن في هذا الطرف من المعادلة افمن يهدى إلى الحق و يهتدي بدون إن يهدى أي من لا تكون هدايته بالغير، و إنما من اهتدى بنفسه بهداية ذاتية، فهذا أحق أن يتبع.
بينما نقول أن في ذاك الطرف من المعادلة امن لا يهدى إلى الحق و لا يهدى إلا أن يهدى أي من كانت هدايته بالغير.و نتيجة هذه المعادلة هي: أن كل من كانت هدايته غيرية لا يمكن أن يهدي إلى الحق، فالذييهدي إلى عين الحق يجب أن تكون هدايته ذاتية و نفسية، و الذي يهدي إلى الحق هو من تكون هدايته ذاتية و إلهية.
و هذا هو معنى العلم الحضوري الذي له الفعلية و الذي يكون علما فعليا للشخص الذي يحصل عليه و يعطياه، فيصونه الله تعالى بواسطة هذا العلم الحضوري من جميع الزلات و الخطايا: و ظهور الآية في هذا المعنى - بعد هذا البيان الدقيق - واضح و بين جدا. و عندما تكلمت فيما مضى مع احد علماء مشهد حول هذه الآية قال: ما هذا الذي تقوله أيها السيد! إذ معنى الآية ظاهر، و هو انه هل من الأفضل إتباع الذي يهدي إلى الحق أم الذي لا يهدي؟ فكيف تستفيدون العصمة من هذا؟ !
فقلت له: نعم لو كان الشق الآخر من الآية: امن لا يهدى و كانت الآية بهذا النحو:
أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع امن لا يهدى
و كان هناك نفي و إثبات لكان كلامكم تاما.و لكن للقرآن في كلماته و عباراته في كل «واو» و «فاء» معنى، و قد حصل مكان لا يهدى، لا يهدى و لكي يبين أن: «يهدي» ليست هداية ذاتية أتى بعبارة إلا أن يهدى.
و هذا القرآن قول فصل.
و ما هو بالهزل (2) .
فكيف نستطيع أن نأخذ يهدى الواردة هنا على انها يهدى من دون دليل؟ ! فنجعل الفعل اللازم متعديا، و نضع المعنى و المراد الخاص بنا في قالب القرآن؟ ! فهذا ليس بالامر الصحيح.و يفهم مما بيناه و شرحناه اإ هذه الآية إنما وردت فقط في عصمة الإمام (الإمام المعصوم القائم بالأمور و الذي يجب أن يقضي و يحكم بين الناس) .
و من هنا تتضح إن استدلال بعض الأعلام بهذه الآية على ولاية الفقيه - كما سمعت ذلك بنفسي احد الأيام التي كانت تقام فيها صلاة الجمعة في مقبرة جنة الزهراء و كنتحاضرا (3) - استدلال غير صحيح.
و هذه الآية من حيث المجموع بمثابة قول الله تعالى
و جعلنهم أأئمة يهدون بأمرنا و أوحينا إليهم فعل الخيرات و أقام الصلاة و إيتاء الزكاة و كانوا لنا عبدين. (4)
يهدون بأمرنا: أي إن امرنا بأيديهم فنحن نمسك برباط قلوبهم من عالم الأمر المختص بنا
و ما امرنا إلا واحدة كلمح بالبصر (5) .
فيدعون الناس بأمرنا إلى الصراط المستقيم.الأمر يعني نفس المشيئة الحقيقية لإلهية التي لا خطا فيها.
و علاوة على هذا فانه في جملة
و أوحينا إليهم فعل الخيرات
لم يقل: و أوحينا إليهم أن افعلوا الخيرات.أي ائتوا بالأعمال الحسنة أو أقيموا الصلاة، و إنما أوحينا إليهم نفس فعل الخيرات، أوحينا إليهم الصلاة، وأوحينا إليهم الزكاة.يعني إن وجودهم مصداق للصلاة و الزكاة.
و هذه الآية بعد ذكر إبراهيم عليه السلام
فجعلهم جذذا (6) .
و قولهم
حرقوه و انصروا ألهتكم إن كنتم فعلين (7) .
و بعد ذكر لوط و إسحاق و يعقوب عليهم السلام الذين وهبهم الله لإبراهيم بصفة نافلة.لقد وردت هذه الآية بعد ذلك و قالت
و جعلنهم أئمة يهدون بأمرنا.
و بناء عليه فان ضمير «هم» يرجع إلى هؤلاء الأنبياء المذكورين.و هذه الهداية للأمر هي نفس العلم الحضوري، كما إن الشخص الذي يهديه الله من عالم الأمر لا يعود بحاجة إلى العلوم الاكتسابية و الأهواء و الآراء و النيات و أباطيل الناس التي لم يتميز فيها الحق من الباطل، و لم يصر فيها العلم علما صرفا و خالصا.فهؤلاء يهدون من هذا العالم لعالم الأمر الذي هو أمر الله، و لا توجد هناك أية شائبة بطلان و زلل و اشتباه.
و هي كذلك بمثابة الآية الأخرى من القرآن التي تقول:
و جعلنهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا و كانوا بآيتنا يوقنون (8) .
و هذه الآية جاءت بعد ذكر موسى عليه السلام في قوله تعالى:
و لقد ءاتينا موسى الكتب فلا تكن في مرية من لقاؤه و جعلنه هدى لبنى إسرائيل. (9)
و بناء عليه فان ضمير جمع الغائب في قوله تعالى:
و جعلنا منهم أئمة
يرجع إلى بني إسرائيل.أي إن الله قد جعل بعض أنبياء بني إسرائيل أئمة، و فوض إليهم من بين الأنبياء سمة الولاية و الأمارة هذه.و هي آية أخرى من آيات القرآن الدالة على العصمة و لزوم متابعة الإمام.حيثيجب أن يكون الإمام ممتلكا للمصونية من الباطل و الآراء الشخصية و الأهواء.و يجب أن يكون علمه حضوريا و متحققا بالحق بشكل حتمي.
و من الآيات الأخرى التي تدل على ولاية المعصوم قوله تعالى:
يا داود إنا جعلنك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق و لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله (10) .
و هو خطاب من الله تعالى إلى داود على نبينا و آله و عليه السلام.خليفة الله: هو الذي تجتمع فيه الصفات العبودية بتمامها المحاذية للصفات الربوبية لذاته جل شانه بتمامها، و لا تتحقق إلا بالعصمة «عبدي اطعني حتى أجعلك مثلي، أو مثلي» و هذه الخلافة بهذه الخصوصية التي بينتبنحو الإطلاق و التي لم تكن خلافة من جهة دون جهة لا تتحقق إلا بالعصمة.أي إن ذلك الشخص الذي له العصمة بكل ما للكلمة من معنى هو الذي يكون خليفة الله بكل ما للكلمة من معنى.و إلا كان خليفة الله في جهة دون جهة، أي كان فيه نقصان من جهة و مزية من جهة أخرى، و بناء عليه فالعصمة من لوازم و آثار هذه الخلافة.
و تقريب الاستدلال بهذه الآية الشريفة هو أن نقول: إن الله تعالى قد فرع هنا جواز الحكم بين الناس على كون داود خليفة الله في الأرض
إنا جعلنك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق.
فعلى أي شيء تفرع الحكم بين الناس؟ على كونه خليفة الله.
فإذا ما اعترض احد أولا بان الآية الشريفة جعلت وجوب الحكم متفرعا على الخلافة، و عليه فلن تكون نافية للجواز عن غير النبي أو الوصي.
و ثانيا: بان الحكم بالحق بين الناس هو الذي فرع على الخلافة، لا اصل الحكم، و عليه فان التفريع في الآية سيرجع إلى قيد الحكم، الذي هو «بالحق» ، فالآية الشريفة أذن لا تكون متعلقة ببحث «إثبات ولاية و حكومة المعصوم» .
فيجب إن نقول جوابا على كلا الإشكالين كما قال المرحوم الحاج الشيخ محمد حسن الآشتياني في كتاب القضاء انه أولا: أن الأمر إذا وقع في مقام توهم الخطر فانه يفيد الجواز، لا الوجوب.و ثانيا: أن ظهور الآية في تفريع الحكم بالحق، بنحو القيد و المقيد جميعا، على الخلافة الإلهيةبلا إشكال.
و من الآيات الأخرى التي يمكن الاستدلال بها على لزوم إتباع الإمام المعصوم هي الآية المباركة التي يقول الله تعالى فيها لرسوله الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم:
إنا أنزلنا إليك الكتب بالحق لتحكم بين الناس بما ارئك الله و لا تكن للخائنين خصيما (11) .
بل لتكون مدافعا عن المؤمنين ضد الخائنين.
و الاستدلال بهذه الآية متوقف أيضا على لزوم انحصار التبعية للحق، و عدم وجود فصل بين الحق و الباطل.حيث جاء في القرآن الكريم:
فماذا بعد الحق إلا الضلل فاني تصرفون (12) .
فليس ثمة فاصل بين الحق و الباطل.فإذا عدلتم عن الحق وقعتم في شراك الباطل.و لا يمكن أن يجد الإنسان مكانا يكون برزخا بين الحق و الباطل.فإذا كان ثمة أمر متحقق بالحق و كان واقعيا صرفا فذلك هو الحق، و إلا فهو باطل.و لا وجود لبرزخ بين الحق و الباطل.
و الآية هنا تقول: لقد أنزلنا إليك القرآن بالحق.يعني عين الحق و الحقيقة و صلب الواقع و الاصالة، بحيث لا تكون فيه شائبة من الآراء الشيطانية و الأفكار النفسانية و الآراء الشخصية و المطالب التي لا تنطبق على حقيقة الواقع.و إنما أنزلنا عليك من أخبار الماضين و القوانين و المعارف ما هو صلب الواقع و حاق الحقيقة، لكي تحكم بين الناس بما أراك الله.
فتلك الرؤية التي اعطاكها الله تعالى إذن رؤية معطاة على أساس هذا الحق و أساس حقيقة نزول القرآن هذه.و رؤيتك تلك علم حضوري و وجداني، لأننا إنما أنزلنا عليك القرآن لتحكم بما ارئك الله، أما إذا لم يكن نازلا بالحق لم تكن رؤيتك رؤية إلهية، و لكانت رؤية شخصية و مشوبة بالباطل.
و عليه فإننا عندما أنزلنا القرآن بالحق فلأجل أن تكون نظرتك و فكرك حقا متصلا بالغيب و الاصالة و الحقيقة (و هذا معنى العلم الحضوري و الوجداني)، لكي تحكم بين الناس بما ارئك الله.و هذا متفرع على نزول القرآن بالحق.فنزول القرآن بالحق على قلب النبي - و هو الواعي للوحي الإلهي، و المتلقي للأسرار اللاهوتية و الجبروتية و الملكوتية لله - علة لكي يترتب عليه معلولة.و معلولة هو الحكم بين الناس بما أراه الله و هو الحق.فنحن أنزلنا القرآن لكي تحكم بين الناس بما أراك الله الذي هو الحق.
و من الآيات القرآنية الأخرى هذه الآية:
كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين و انزل معهم الكتب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه (13)
في هذه الآية أيضا كان الحكم بين الناس في المسائل المختلف فيها متفرعا على نزول الكتب على الأنبياء بالحق.و يستفاد هنا أيضا بنفس التقريب الذي بيناه في الآية السابقة أن الحكم بين الناس يجب أن يكون مترتبا بالحق.و هو نزول الكتاب بالحق على الأنبياء.
و من الآيات الأخرى هذه الآية:
و أنزلنا إليك الكتب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتب (14) و مهيمنا عليه فاحكم بينهم بما انزل الله و لا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق (15) .
فهو لم يقل: لا تتبع أقوالهم و لا كلامهم و لا حتى فكرهم، و ذلك لان لها أصالة و واقعية، لذا لم يذكر أيا من هذه التعبيرات، و إنما قال و لا تتبع أهواءهم و الأهواء تعني الأفكار الخالية و الجوفاء بلا محتوى.
و قد استعمل هذا اللفظ في كثير من آيات القرآن المجيد، أي أن أفكارهم جوفاء و أهواء و باطل.لقد أنزلنا القرآن عليك بالحق لكي تحكم بينهم بما انزل الله، حيث إن ذلك الحكم بالحق.و بالطبع فان هذا الحق قد صار متحققا،
و لا تتبع أهواءهم
ثم يقول بعيد هذا الكلام:
و إن احكم بينهم بما انزل الله و لا تتبع أهواءهم و احذرهم إن يفتنوك عن بعض ما انزل الله إليك (16) .
فاحذر إن تتأثر و لو شيئا قليلا بآرائهم الشخصية و خيالاتهم، لان تلك الأهواء باطلة و شيطانية لا أصالة لها، و إن ما انزله الله إليك هو عين الحق و الحقيقة.
و تقريب الاستدلال بهذه الآية الكريمة أيضا على وجوب إتباع المعصوم كما سبق، و ذلك لان الحكم بما انزل الله قد فرع على نزول الكتاب بالحق، أي انه بما إنا أنزلنا الكتاب عليك بالحق، لذا فانك أنت الذي يجب أن تحكم بين الناس، أما من لم يتحقق بالحق، فليس له حق الحكم بين الناس.
و من آيات القرآن المباركة الأخرى هذه الآية:
فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيتو يسلموا تسليما (17) .
فلا يكون هناك حرج و لا ضيق في صدر من يحكم عليه، إذ انه من الطبيعي أن يكون الحكم لشخص على شخص، و يسلموا تسليما بكل ما للكلمة من معنى، كان يكون الحكم للشخص على حد سواء، كان الحق له أو عليه.
و هذا هو الإيمان، و في تلك الحال فإنهم سيكونون قد آمنوا، و الأمر كذلك أيضا في الواقع.و ذلك لان قلب النبي و وجوده عين الحق و عين الواقع، افيمكن أن يحكم بالباطل؟ ! أن مثله في ذلك مثل الله، فهل يمكن إن يحكم الله بالباطل.مع إطلاعه على جميع العلوم و الوقائع؟ ! و عليه فان وجود الموجودات هو العلم الحضوري لله، و العلم الفعلي الحضوري لله هو نفس الموجودات.
لقد أراد النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم أن يقسم خمس غنائم حنين فأعطى سهما اكبر بقليل لبعض المسلمين حديثي العهد بالإسلام، فجاءه احد أصحابه و قال له: يا رسول الله اعدل! فأجابه النبي: ويحك! أن لم اعدل فمن يعدل؟ !
و حصل في إحدى تلك التقسيمات أيضا أن قيل أن محمدا صلى الله عليه و آله و سلم لم يعدل في التقسيم، فسمع ابن مسعود بهذا الأمر فقال: و الله لا ابرح حتى اذهب إلى النبي و انقل له ما قاله ذلك الشخص في حقه.فجاء إلى النبي و نقل له ذلك.فانزعج النبي و صار في منتهى الغضب و التأثر، و قال ما مضمونه: ماذا افعل يا رب؟ ! و الله لقد تحمل أخي موسى من أنواع الأذى هذا و صبر على كلام قومه، فان إنا لم اعدل فمن الذييعدل؟ !
لقد كان هذا الشخص يحب أن يحكم النبي لصالحه و يعطيه مائة ناقة أو ألف ناقة من هذه الغنائم، لكن النبي لم يعطه ذلك، و قسم الغنائم وفق المصلحة التي يراها (و بالطبع فلم يكن تصرفه ذلك في المقدار الذي كان يجب تقسيمه بين الجميع بالسواسية، بل في ذلك المقدار من الخمس من الغنائم الذي كان للنبي حرية إن يتصرف فيه) و حين لا ينال الناس ذلك فإنهم ينزعجون.
بيد إن هؤلاء لا يؤمنون، و لا يصلون إلى حقيقة الإيمان إلا حين يأتون في جميع مرافعاتهم و مشاجراتهم إليك أنت لا إلى غيرك فيحكموك بينهم، و حين تحكم بينهم يرجعون من عندك بمنتهى طمأنينة القلب و سكون الخاطر دون أي قلق أو دغدغة في صدورهم، فعندها سيكونون مؤمنين.
لقد جعل الله تبارك و تعالى هنا نفس النبي مركز الحكم بنحو يتوجب معه على جميع الناس أن يلتفوا حوله و يطوفوا به، و أن يجعلوه محورا لحل مشاجراتهم و مخاصماتهم، و أن لا يكون ثمة أحجام عنه أبدا.فالنبي المعصوم - أذن - هو مركز الحكم، و يجب على الناس أتباعه، و هذا هو معنى الولاية، أي وجوب إطاعة الناس للأوامر و النواهي و الأحكام التي يصدرها النبي، سواء في المخاصمات و المشاجرات أو في الأمور الأخرى التي يصدر الأوامر الولايتية بين الناس فيها.
أن قضاء و حكم النبي منشعب من نورانيته النفسية صلى الله عليه و آله و سلم حيث إن نور الله قد تجلى فيها، فصارت متخلقة بأسماء و صفات الله سبحانه و تعالى و محققة بالعلوم الكلية.لقد تجاوز قلب النبي الجزئية و ارتبط بالكلية، و تحقق بالعلوم الكلية.و الآية السابقة لهذه الآية هي:
و ما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بأذن الله
(حيثيستفاد من هذه الآية أيضا وجوب الإطاعة، إذ إن لكل نبي ولاية، و على الناس أن يتبعوه و يطيعوه) و لو إنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما. (18)
أي أن الله سيعفو عنهم.
و لكن ما العمل؟ فان الناس لا ينصاعون و لا يخضعون و لا يسلموا تسليما.فهم لا يرجعون إلى النبي أصلا، فكيف يجعلونه حكما دون أن يحسوا في قلوبهم بأي حرج.
و يقول تعالى بعد هذه الآية:
و لو إنا كتبنا عليهم إن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من ديركم ما فعلوه إلا قليل منهم (19) .
مع انه
و لو إنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم و اشد تثبيتا و لذا لأتينهم من لدنا أجرا عظيما و لهدينهم صراطا مستقيما (20) .
ثم يقول:
و من يطع الله و الرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصلحين و حسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله و كفى بالله عليما (21) .
حيث إن الذين يتبعون النبي يصلون بسبب ولايتهم للنبي، إلى حيثيكونون في حالة معية معه، و هذا بنفسه ولاية، لذا يمكن استفادة الولاية من هذه الآية، كما يمكن استفادة وجوب إتباع هؤلاء الأشخاص الذينيكونون في حالة من المعية مع النبي.
و مفاد هذه الآية هو نفس مفاد الآية التي نقراها كل يوم في الصلاة:
اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين (22) .
و هنا يقول تعالى أيضا
و لهدينهم صراطا مستقيما،
و إنهم يصيرون مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين.و خلاصة الأمر إنهم يتحدون معهم فيدخلون باجمعهم في معدن الولاية الإلهية حيث لا انقطاع هناك و لا تميز و
هنالك الولية لله الحق
اللهم صل على محمد و آل محمد
التعليقات:
1. ذيل الآية 35، من السورة 10: يونس.
2. الآية 14، من السورة 84: الطارق.
3. مقبرة عامة قرب مدينة طهران تسمى (بهشت زهراء) في فترة أقيمت فيها صلاة الجمعة. (م)
4. الآية 73، من السورة 21: الأنبياء.
5. الآية 50، من السورة 54: القمر.
6. صدر الآية 58، من السورة 21: الأنبياء.
7. جزء من الآية 68، من السورة 21: الأنبياء.
8. الآية 24، من السورة 32: السجدة.
9. الآية 23، من السورة 32: السجدة.
10. صدر الآية 26، من السورة 38: ص.
11. الآية 105، من السورة 4: النساء.
12. ذيل الآية 32، من السورة 10: يونس.
13. صدر الآية 213، من السورة 2: البقرة.
14. أي التوراة و الإنجيل و غيرهما.
15. صدر الآية 48، من السورة 5: المائدة.
16. صدر الآية 49، من السورة 5: المائدة.
17. الآية 65، من السورة 4: النساء.
18. الآية 64، من السورة 4: النساء.
19. صدر الآية 66، من السورة 4: النساء.
20. الآيتان 66 و 67، من السورة 4: النساء.
21. الآيتان 69 و 70، من السورة 4: النساء.
22. الآيتان 6 و 7، من السورة 1: الفاتحة.
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و آله الطيبين الطاهرين و لعنة الله على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الآيات الدالة على ولاية الإمام المعصوم
أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع امن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون (1)
هذه آية أخرى من الآيات الدالة على وجوب طاعة الإمام المعصوم، و إن من يستطيع أولا و بالذات أن يحكم بين الناس و يكون واجب الإطاعة هو الممتلك لمقام العصمة، فان علمه علم حضوري و الهي، و قلبه متصل بالحق تعالى، و ليست علومه علوما اكتسابية.
و شاهدنا في هذه الآية الاستدلال على ولاية الإمام لا ولاية الفقيه.
و تقريب الاستدلال بهذا النحو: أن احتجاج آيات القرآن هنا مبني على لزوم إتباع الحق.فعلى الإنسان أن يتبع الحق الذي هو عين الواقعية و الاصالة و الحقيقة، في مقابل الباطل الفاقد للاصالة و الواقعية، و المبنيعلى أساس الاعتبارات و الأوهام و الأمور السرابية و الوهمية و الخيالية.الحق هو صلب الواقع.و العلوم الحضورية للائمة عليهم السلام هي عين الحق، لان الباطل ليس له طريق إليها، خلافا للعلوم التي يكتسبها الإنسان من الخارج و المشوبة بالباطل و المحتملة للخطأ و الاشتباه.
و لذا يقول الله تعالى في هذه الآية المباركة: إن الإنسان يجب أن يتبع من كان قلبه متصلا بالحق و الحقيقة، لا تدخل فيه آية شائبة من البطلان و الآراء الشخصية و الأهواء النفسانية.و خلاصة الأمر من لا يميل قلبه إلى الباطل بأي وجه من الوجوه.
فبناء الاستدلال في هذه الآيات المباركة الواردة في هذه السورة الشريفة على هذا الأساس: إي الاستدلال على لزوم إتباع الحق لان الله تعالى يقول:
قل الله يهدى للحق
فبعد أن اخذ الله تعالى بواسطة الاستفهام الإنكاري إقرارا بالمعنى من المشركين، قبل هذه الجملة:
قل هل من شركائكم من يهدى إلى الحق
بان الشركاء الذين جعلوهم لله تعالى لا يستطيعون هداية الإنسان إلى الحق، أجاب بلا فصل: قل الله يهدى للحق.و من البديهي أن المقام يستلزم الإجابة الفورية على هذا السؤال و لا ينتظر جواب المخاطب، لذا فقد أجاب فورا بهذا الشكل فقال: قل الله يهدى للحق ثم قال:
أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع امن لا يهدى إلا أن يهدى
و نلاحظ هنا انه على أساس مبنى لزوم متابعة الحق هذا، فقد جعل الله تعالى معادلة بين قوله:
أفمن يهدى إلى الحق
و قوله:
أمن لا يهدى إلا أن يهدى.
و الاستفهام يجب أن يكون له طرفان - لان الاستفهام يتردد دوما بين النفي و الإثبات - و احد طرفي الاستفهام هنا: أفمن يهدى إلى الحق و طرفه الآخر امن لا يهدى إلا أن يهدى.و نحن نعلم أن «يهدى» منباب الافتعال، و أصلها يهتدي، لأنه يجوز قلب «التاء» «دالا» و إدغامها بالدال الأخرى و كسر «الهاء» للمناسبة، فتصبح يهتدي: يهدي، فلا يهدي إذن تعني لا يهتدي، و نرى في هذه الصورة أن طرفي المعادلة هذين لا يستقبحان في هذا للاستفهام، ذلك لان المعادلة الصحيحة يجب أن تكون بين النفي و الإثبات، فنقول مثلا: هل جاء زيد أم لم يأت؟ و هو استفهام بين النفي و الإثبات.لكن هل يمكن القول يا ترى: هل جاء زيد أم إن غرفته مظلمة؟ كلا بالطبع فهذا استفهام غير صحيح، فظلمة غرفة زيد لا يمكن أن تكون عدلا لمجيء زيد.و علينا أن نقول إذن: هل جاء زيد أم لم يأت؟ أو نقول مثلا: هل ذكرت هذا الأمر لعمرو أم لم تذكره؟ بحيثيدور الاستفهام دوما بين النفي و الإثبات.
لو كانت هذه الآية هنا:
أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع امن لا يهدى.
(يهدى أو لا يهدى) فكان نفيا و إثباتا، فلا أشكال في الأمر.لكن المعادلة في هذه الآية بنحو آخر، فهي تقول: هل الذي يهدي إلى الحق أحق أن يتبعه الإنسان (هدى يهدى فعل متعدي) أم ذلك الذي لا يهتدي إلا أن يهدى؟ ! و الذي لا يهتدي ليس عدلا لمن يهدي.
و علينا القول هنا: أن هذه المعادلة إنما تصح فيما لو كان في كل طرف جملة مقدرة، كما لو سألتكم: هل جاء زيد أم أن غرفته مظلمة؟ و ظلمة غرفة زيد ليس عدلا لمجيئه في الاستفهام، لكن حيث أنا علمنا بالملازمة الخارجية أن زيدا كلما جاء أضاء غرفته، و حين لا يكون قد أتى فان غرفته ستكون مظلمة، فعندئذ و بدلا من أن نذكر جزئي كلتا الملازمين فإننا نذكر إحداها في طرف و الأخرى في الطرف الآخر و نحذف من [كلا] طرفي المعادلة جزءا.
أي بدلا من أن نقول: هل جاء زيد و غرفته مضاءة أم لم يأت و غرفتهمظلمة؟ فإننا نقول: هل جاء زيد أم أن غرفته مظلمة؟ و هناك الكثير من الاستعمالات بهذا النحو.
و الآية محل البحث من هذا القبيل أيضا و السبب في ذلك هو أن لا يهدى (لا يهتدي) إلا أن يهدى لا يمكنها أن تكون عدلا ل افمن يهدى لتكون عدلا لهذه المعادلة الا بتقدير جملتين: إحداها في جانب الإثبات و الأخرى في جانب النفي.
فتاتي المعادلة إذن بهذه الصورة:
أفمن يهدى إلى الحق و يهتدي بنفسه أحق أن يتبع امن لا يهدى إلى الحق و لا يهتدي إلا أن يهدى
بما إن في الطرف الآخر للمعادلة: امن لا يهدى إلا أن يهدى أي من لا يهتدي إلا أن يقوم غيره من الناس بهدايته، أي أن هدايته غيرية، ففي هذا الطرف من المعادلة يكون من يهتدي بنفسه أي من تكون هدايته ذاتية دونما تعلم أو تعليم أو هداية من الآخرين.
فالآية إذن تريد إن تقول: أن من يهدي يجب أن تكون هدايته ذاتية و لا يكون ممن يهدى بالغير و يهتدي بالتعليم و التدريس، و إنما يهتدي بنفسه، و هذا هو العلم الحضوري.فالذين يمتلكون العلم الحضوري قد اهتدوا بأنفسهم بالهداية الإلهية.
و على هذا فإننا نجعل جملة: أحق أن يتبع مثل «لسان الميزان» و نقول أن في هذا الطرف من المعادلة افمن يهدى إلى الحق و يهتدي بدون إن يهدى أي من لا تكون هدايته بالغير، و إنما من اهتدى بنفسه بهداية ذاتية، فهذا أحق أن يتبع.
بينما نقول أن في ذاك الطرف من المعادلة امن لا يهدى إلى الحق و لا يهدى إلا أن يهدى أي من كانت هدايته بالغير.و نتيجة هذه المعادلة هي: أن كل من كانت هدايته غيرية لا يمكن أن يهدي إلى الحق، فالذييهدي إلى عين الحق يجب أن تكون هدايته ذاتية و نفسية، و الذي يهدي إلى الحق هو من تكون هدايته ذاتية و إلهية.
و هذا هو معنى العلم الحضوري الذي له الفعلية و الذي يكون علما فعليا للشخص الذي يحصل عليه و يعطياه، فيصونه الله تعالى بواسطة هذا العلم الحضوري من جميع الزلات و الخطايا: و ظهور الآية في هذا المعنى - بعد هذا البيان الدقيق - واضح و بين جدا. و عندما تكلمت فيما مضى مع احد علماء مشهد حول هذه الآية قال: ما هذا الذي تقوله أيها السيد! إذ معنى الآية ظاهر، و هو انه هل من الأفضل إتباع الذي يهدي إلى الحق أم الذي لا يهدي؟ فكيف تستفيدون العصمة من هذا؟ !
فقلت له: نعم لو كان الشق الآخر من الآية: امن لا يهدى و كانت الآية بهذا النحو:
أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع امن لا يهدى
و كان هناك نفي و إثبات لكان كلامكم تاما.و لكن للقرآن في كلماته و عباراته في كل «واو» و «فاء» معنى، و قد حصل مكان لا يهدى، لا يهدى و لكي يبين أن: «يهدي» ليست هداية ذاتية أتى بعبارة إلا أن يهدى.
و هذا القرآن قول فصل.
و ما هو بالهزل (2) .
فكيف نستطيع أن نأخذ يهدى الواردة هنا على انها يهدى من دون دليل؟ ! فنجعل الفعل اللازم متعديا، و نضع المعنى و المراد الخاص بنا في قالب القرآن؟ ! فهذا ليس بالامر الصحيح.و يفهم مما بيناه و شرحناه اإ هذه الآية إنما وردت فقط في عصمة الإمام (الإمام المعصوم القائم بالأمور و الذي يجب أن يقضي و يحكم بين الناس) .
و من هنا تتضح إن استدلال بعض الأعلام بهذه الآية على ولاية الفقيه - كما سمعت ذلك بنفسي احد الأيام التي كانت تقام فيها صلاة الجمعة في مقبرة جنة الزهراء و كنتحاضرا (3) - استدلال غير صحيح.
و هذه الآية من حيث المجموع بمثابة قول الله تعالى
و جعلنهم أأئمة يهدون بأمرنا و أوحينا إليهم فعل الخيرات و أقام الصلاة و إيتاء الزكاة و كانوا لنا عبدين. (4)
يهدون بأمرنا: أي إن امرنا بأيديهم فنحن نمسك برباط قلوبهم من عالم الأمر المختص بنا
و ما امرنا إلا واحدة كلمح بالبصر (5) .
فيدعون الناس بأمرنا إلى الصراط المستقيم.الأمر يعني نفس المشيئة الحقيقية لإلهية التي لا خطا فيها.
و علاوة على هذا فانه في جملة
و أوحينا إليهم فعل الخيرات
لم يقل: و أوحينا إليهم أن افعلوا الخيرات.أي ائتوا بالأعمال الحسنة أو أقيموا الصلاة، و إنما أوحينا إليهم نفس فعل الخيرات، أوحينا إليهم الصلاة، وأوحينا إليهم الزكاة.يعني إن وجودهم مصداق للصلاة و الزكاة.
و هذه الآية بعد ذكر إبراهيم عليه السلام
فجعلهم جذذا (6) .
و قولهم
حرقوه و انصروا ألهتكم إن كنتم فعلين (7) .
و بعد ذكر لوط و إسحاق و يعقوب عليهم السلام الذين وهبهم الله لإبراهيم بصفة نافلة.لقد وردت هذه الآية بعد ذلك و قالت
و جعلنهم أئمة يهدون بأمرنا.
و بناء عليه فان ضمير «هم» يرجع إلى هؤلاء الأنبياء المذكورين.و هذه الهداية للأمر هي نفس العلم الحضوري، كما إن الشخص الذي يهديه الله من عالم الأمر لا يعود بحاجة إلى العلوم الاكتسابية و الأهواء و الآراء و النيات و أباطيل الناس التي لم يتميز فيها الحق من الباطل، و لم يصر فيها العلم علما صرفا و خالصا.فهؤلاء يهدون من هذا العالم لعالم الأمر الذي هو أمر الله، و لا توجد هناك أية شائبة بطلان و زلل و اشتباه.
و هي كذلك بمثابة الآية الأخرى من القرآن التي تقول:
و جعلنهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا و كانوا بآيتنا يوقنون (8) .
و هذه الآية جاءت بعد ذكر موسى عليه السلام في قوله تعالى:
و لقد ءاتينا موسى الكتب فلا تكن في مرية من لقاؤه و جعلنه هدى لبنى إسرائيل. (9)
و بناء عليه فان ضمير جمع الغائب في قوله تعالى:
و جعلنا منهم أئمة
يرجع إلى بني إسرائيل.أي إن الله قد جعل بعض أنبياء بني إسرائيل أئمة، و فوض إليهم من بين الأنبياء سمة الولاية و الأمارة هذه.و هي آية أخرى من آيات القرآن الدالة على العصمة و لزوم متابعة الإمام.حيثيجب أن يكون الإمام ممتلكا للمصونية من الباطل و الآراء الشخصية و الأهواء.و يجب أن يكون علمه حضوريا و متحققا بالحق بشكل حتمي.
و من الآيات الأخرى التي تدل على ولاية المعصوم قوله تعالى:
يا داود إنا جعلنك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق و لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله (10) .
و هو خطاب من الله تعالى إلى داود على نبينا و آله و عليه السلام.خليفة الله: هو الذي تجتمع فيه الصفات العبودية بتمامها المحاذية للصفات الربوبية لذاته جل شانه بتمامها، و لا تتحقق إلا بالعصمة «عبدي اطعني حتى أجعلك مثلي، أو مثلي» و هذه الخلافة بهذه الخصوصية التي بينتبنحو الإطلاق و التي لم تكن خلافة من جهة دون جهة لا تتحقق إلا بالعصمة.أي إن ذلك الشخص الذي له العصمة بكل ما للكلمة من معنى هو الذي يكون خليفة الله بكل ما للكلمة من معنى.و إلا كان خليفة الله في جهة دون جهة، أي كان فيه نقصان من جهة و مزية من جهة أخرى، و بناء عليه فالعصمة من لوازم و آثار هذه الخلافة.
و تقريب الاستدلال بهذه الآية الشريفة هو أن نقول: إن الله تعالى قد فرع هنا جواز الحكم بين الناس على كون داود خليفة الله في الأرض
إنا جعلنك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق.
فعلى أي شيء تفرع الحكم بين الناس؟ على كونه خليفة الله.
فإذا ما اعترض احد أولا بان الآية الشريفة جعلت وجوب الحكم متفرعا على الخلافة، و عليه فلن تكون نافية للجواز عن غير النبي أو الوصي.
و ثانيا: بان الحكم بالحق بين الناس هو الذي فرع على الخلافة، لا اصل الحكم، و عليه فان التفريع في الآية سيرجع إلى قيد الحكم، الذي هو «بالحق» ، فالآية الشريفة أذن لا تكون متعلقة ببحث «إثبات ولاية و حكومة المعصوم» .
فيجب إن نقول جوابا على كلا الإشكالين كما قال المرحوم الحاج الشيخ محمد حسن الآشتياني في كتاب القضاء انه أولا: أن الأمر إذا وقع في مقام توهم الخطر فانه يفيد الجواز، لا الوجوب.و ثانيا: أن ظهور الآية في تفريع الحكم بالحق، بنحو القيد و المقيد جميعا، على الخلافة الإلهيةبلا إشكال.
و من الآيات الأخرى التي يمكن الاستدلال بها على لزوم إتباع الإمام المعصوم هي الآية المباركة التي يقول الله تعالى فيها لرسوله الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم:
إنا أنزلنا إليك الكتب بالحق لتحكم بين الناس بما ارئك الله و لا تكن للخائنين خصيما (11) .
بل لتكون مدافعا عن المؤمنين ضد الخائنين.
و الاستدلال بهذه الآية متوقف أيضا على لزوم انحصار التبعية للحق، و عدم وجود فصل بين الحق و الباطل.حيث جاء في القرآن الكريم:
فماذا بعد الحق إلا الضلل فاني تصرفون (12) .
فليس ثمة فاصل بين الحق و الباطل.فإذا عدلتم عن الحق وقعتم في شراك الباطل.و لا يمكن أن يجد الإنسان مكانا يكون برزخا بين الحق و الباطل.فإذا كان ثمة أمر متحقق بالحق و كان واقعيا صرفا فذلك هو الحق، و إلا فهو باطل.و لا وجود لبرزخ بين الحق و الباطل.
و الآية هنا تقول: لقد أنزلنا إليك القرآن بالحق.يعني عين الحق و الحقيقة و صلب الواقع و الاصالة، بحيث لا تكون فيه شائبة من الآراء الشيطانية و الأفكار النفسانية و الآراء الشخصية و المطالب التي لا تنطبق على حقيقة الواقع.و إنما أنزلنا عليك من أخبار الماضين و القوانين و المعارف ما هو صلب الواقع و حاق الحقيقة، لكي تحكم بين الناس بما أراك الله.
فتلك الرؤية التي اعطاكها الله تعالى إذن رؤية معطاة على أساس هذا الحق و أساس حقيقة نزول القرآن هذه.و رؤيتك تلك علم حضوري و وجداني، لأننا إنما أنزلنا عليك القرآن لتحكم بما ارئك الله، أما إذا لم يكن نازلا بالحق لم تكن رؤيتك رؤية إلهية، و لكانت رؤية شخصية و مشوبة بالباطل.
و عليه فإننا عندما أنزلنا القرآن بالحق فلأجل أن تكون نظرتك و فكرك حقا متصلا بالغيب و الاصالة و الحقيقة (و هذا معنى العلم الحضوري و الوجداني)، لكي تحكم بين الناس بما ارئك الله.و هذا متفرع على نزول القرآن بالحق.فنزول القرآن بالحق على قلب النبي - و هو الواعي للوحي الإلهي، و المتلقي للأسرار اللاهوتية و الجبروتية و الملكوتية لله - علة لكي يترتب عليه معلولة.و معلولة هو الحكم بين الناس بما أراه الله و هو الحق.فنحن أنزلنا القرآن لكي تحكم بين الناس بما أراك الله الذي هو الحق.
و من الآيات القرآنية الأخرى هذه الآية:
كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين و انزل معهم الكتب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه (13)
في هذه الآية أيضا كان الحكم بين الناس في المسائل المختلف فيها متفرعا على نزول الكتب على الأنبياء بالحق.و يستفاد هنا أيضا بنفس التقريب الذي بيناه في الآية السابقة أن الحكم بين الناس يجب أن يكون مترتبا بالحق.و هو نزول الكتاب بالحق على الأنبياء.
و من الآيات الأخرى هذه الآية:
و أنزلنا إليك الكتب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتب (14) و مهيمنا عليه فاحكم بينهم بما انزل الله و لا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق (15) .
فهو لم يقل: لا تتبع أقوالهم و لا كلامهم و لا حتى فكرهم، و ذلك لان لها أصالة و واقعية، لذا لم يذكر أيا من هذه التعبيرات، و إنما قال و لا تتبع أهواءهم و الأهواء تعني الأفكار الخالية و الجوفاء بلا محتوى.
و قد استعمل هذا اللفظ في كثير من آيات القرآن المجيد، أي أن أفكارهم جوفاء و أهواء و باطل.لقد أنزلنا القرآن عليك بالحق لكي تحكم بينهم بما انزل الله، حيث إن ذلك الحكم بالحق.و بالطبع فان هذا الحق قد صار متحققا،
و لا تتبع أهواءهم
ثم يقول بعيد هذا الكلام:
و إن احكم بينهم بما انزل الله و لا تتبع أهواءهم و احذرهم إن يفتنوك عن بعض ما انزل الله إليك (16) .
فاحذر إن تتأثر و لو شيئا قليلا بآرائهم الشخصية و خيالاتهم، لان تلك الأهواء باطلة و شيطانية لا أصالة لها، و إن ما انزله الله إليك هو عين الحق و الحقيقة.
و تقريب الاستدلال بهذه الآية الكريمة أيضا على وجوب إتباع المعصوم كما سبق، و ذلك لان الحكم بما انزل الله قد فرع على نزول الكتاب بالحق، أي انه بما إنا أنزلنا الكتاب عليك بالحق، لذا فانك أنت الذي يجب أن تحكم بين الناس، أما من لم يتحقق بالحق، فليس له حق الحكم بين الناس.
و من آيات القرآن المباركة الأخرى هذه الآية:
فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيتو يسلموا تسليما (17) .
فلا يكون هناك حرج و لا ضيق في صدر من يحكم عليه، إذ انه من الطبيعي أن يكون الحكم لشخص على شخص، و يسلموا تسليما بكل ما للكلمة من معنى، كان يكون الحكم للشخص على حد سواء، كان الحق له أو عليه.
و هذا هو الإيمان، و في تلك الحال فإنهم سيكونون قد آمنوا، و الأمر كذلك أيضا في الواقع.و ذلك لان قلب النبي و وجوده عين الحق و عين الواقع، افيمكن أن يحكم بالباطل؟ ! أن مثله في ذلك مثل الله، فهل يمكن إن يحكم الله بالباطل.مع إطلاعه على جميع العلوم و الوقائع؟ ! و عليه فان وجود الموجودات هو العلم الحضوري لله، و العلم الفعلي الحضوري لله هو نفس الموجودات.
لقد أراد النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم أن يقسم خمس غنائم حنين فأعطى سهما اكبر بقليل لبعض المسلمين حديثي العهد بالإسلام، فجاءه احد أصحابه و قال له: يا رسول الله اعدل! فأجابه النبي: ويحك! أن لم اعدل فمن يعدل؟ !
و حصل في إحدى تلك التقسيمات أيضا أن قيل أن محمدا صلى الله عليه و آله و سلم لم يعدل في التقسيم، فسمع ابن مسعود بهذا الأمر فقال: و الله لا ابرح حتى اذهب إلى النبي و انقل له ما قاله ذلك الشخص في حقه.فجاء إلى النبي و نقل له ذلك.فانزعج النبي و صار في منتهى الغضب و التأثر، و قال ما مضمونه: ماذا افعل يا رب؟ ! و الله لقد تحمل أخي موسى من أنواع الأذى هذا و صبر على كلام قومه، فان إنا لم اعدل فمن الذييعدل؟ !
لقد كان هذا الشخص يحب أن يحكم النبي لصالحه و يعطيه مائة ناقة أو ألف ناقة من هذه الغنائم، لكن النبي لم يعطه ذلك، و قسم الغنائم وفق المصلحة التي يراها (و بالطبع فلم يكن تصرفه ذلك في المقدار الذي كان يجب تقسيمه بين الجميع بالسواسية، بل في ذلك المقدار من الخمس من الغنائم الذي كان للنبي حرية إن يتصرف فيه) و حين لا ينال الناس ذلك فإنهم ينزعجون.
بيد إن هؤلاء لا يؤمنون، و لا يصلون إلى حقيقة الإيمان إلا حين يأتون في جميع مرافعاتهم و مشاجراتهم إليك أنت لا إلى غيرك فيحكموك بينهم، و حين تحكم بينهم يرجعون من عندك بمنتهى طمأنينة القلب و سكون الخاطر دون أي قلق أو دغدغة في صدورهم، فعندها سيكونون مؤمنين.
لقد جعل الله تبارك و تعالى هنا نفس النبي مركز الحكم بنحو يتوجب معه على جميع الناس أن يلتفوا حوله و يطوفوا به، و أن يجعلوه محورا لحل مشاجراتهم و مخاصماتهم، و أن لا يكون ثمة أحجام عنه أبدا.فالنبي المعصوم - أذن - هو مركز الحكم، و يجب على الناس أتباعه، و هذا هو معنى الولاية، أي وجوب إطاعة الناس للأوامر و النواهي و الأحكام التي يصدرها النبي، سواء في المخاصمات و المشاجرات أو في الأمور الأخرى التي يصدر الأوامر الولايتية بين الناس فيها.
أن قضاء و حكم النبي منشعب من نورانيته النفسية صلى الله عليه و آله و سلم حيث إن نور الله قد تجلى فيها، فصارت متخلقة بأسماء و صفات الله سبحانه و تعالى و محققة بالعلوم الكلية.لقد تجاوز قلب النبي الجزئية و ارتبط بالكلية، و تحقق بالعلوم الكلية.و الآية السابقة لهذه الآية هي:
و ما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بأذن الله
(حيثيستفاد من هذه الآية أيضا وجوب الإطاعة، إذ إن لكل نبي ولاية، و على الناس أن يتبعوه و يطيعوه) و لو إنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما. (18)
أي أن الله سيعفو عنهم.
و لكن ما العمل؟ فان الناس لا ينصاعون و لا يخضعون و لا يسلموا تسليما.فهم لا يرجعون إلى النبي أصلا، فكيف يجعلونه حكما دون أن يحسوا في قلوبهم بأي حرج.
و يقول تعالى بعد هذه الآية:
و لو إنا كتبنا عليهم إن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من ديركم ما فعلوه إلا قليل منهم (19) .
مع انه
و لو إنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم و اشد تثبيتا و لذا لأتينهم من لدنا أجرا عظيما و لهدينهم صراطا مستقيما (20) .
ثم يقول:
و من يطع الله و الرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصلحين و حسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله و كفى بالله عليما (21) .
حيث إن الذين يتبعون النبي يصلون بسبب ولايتهم للنبي، إلى حيثيكونون في حالة معية معه، و هذا بنفسه ولاية، لذا يمكن استفادة الولاية من هذه الآية، كما يمكن استفادة وجوب إتباع هؤلاء الأشخاص الذينيكونون في حالة من المعية مع النبي.
و مفاد هذه الآية هو نفس مفاد الآية التي نقراها كل يوم في الصلاة:
اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين (22) .
و هنا يقول تعالى أيضا
و لهدينهم صراطا مستقيما،
و إنهم يصيرون مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين.و خلاصة الأمر إنهم يتحدون معهم فيدخلون باجمعهم في معدن الولاية الإلهية حيث لا انقطاع هناك و لا تميز و
هنالك الولية لله الحق
اللهم صل على محمد و آل محمد
التعليقات:
1. ذيل الآية 35، من السورة 10: يونس.
2. الآية 14، من السورة 84: الطارق.
3. مقبرة عامة قرب مدينة طهران تسمى (بهشت زهراء) في فترة أقيمت فيها صلاة الجمعة. (م)
4. الآية 73، من السورة 21: الأنبياء.
5. الآية 50، من السورة 54: القمر.
6. صدر الآية 58، من السورة 21: الأنبياء.
7. جزء من الآية 68، من السورة 21: الأنبياء.
8. الآية 24، من السورة 32: السجدة.
9. الآية 23، من السورة 32: السجدة.
10. صدر الآية 26، من السورة 38: ص.
11. الآية 105، من السورة 4: النساء.
12. ذيل الآية 32، من السورة 10: يونس.
13. صدر الآية 213، من السورة 2: البقرة.
14. أي التوراة و الإنجيل و غيرهما.
15. صدر الآية 48، من السورة 5: المائدة.
16. صدر الآية 49، من السورة 5: المائدة.
17. الآية 65، من السورة 4: النساء.
18. الآية 64، من السورة 4: النساء.
19. صدر الآية 66، من السورة 4: النساء.
20. الآيتان 66 و 67، من السورة 4: النساء.
21. الآيتان 69 و 70، من السورة 4: النساء.
22. الآيتان 6 و 7، من السورة 1: الفاتحة.
تعليق