بعض المقتطفات العامة لـ سماحة الشيخ آية الله العظمى السيد محمد تقى مدرسي، كتاب الاسلام ثقافة الحياة
ماهي الثقافة ؟
منظومة من الرؤى والافكار المؤثرة في حياة الانسان والتي تحدد مسار سلوكه وطبيعة مواقفه هي ثقافته ..
اذا لا تعتبر العلوم الطبيعية من الثقافة بالرغم من تأثيرها غير المباشر على الفكر والسلوك .
كما ان الفكرة اليتيمة التي لا تنتظم الى غيرها ولا تشكل مجموعة مترابطة لا تسمى ثقافة ، اذ ان الثقافة كما تدل كلمتها هي الفكرة التي تقوّم الانسان . او ليست العرب تقول ثقف العود وتعني انه عدله .
وهذا سر الصعوبــة البالغــة في تحديد ثقافة الفرد او الأمة وفرزها عن الافكار الشاردة وعن القضايا العلمية المجردة .. وبالذات في هذا العصر حيث تضخ الوسائل التوجيهية المختلفة ( كتب ، مجلات ، جرائد ، نشرات ، اذاعات مسموعة ومرئية ، وافلام وصور و.و. ) تضخ في اجوائنا حشدا هائلا من الافكار .
وهكذا لم يعد الانسان العصري اليوم يعاني من قلة الافكار ( كماً ونوعاً ) ولكن من كثرتها المتزايدة حتى انه لا يقدر على تقييمها وانتخاب المفيد منها وهكذا يتخذ موقف اللامبالات وتنزاح المعلومات عن قلبه كما ينزاح الماء من اطراف بلورة انيقة ..
3 خطوات مهمة
الف : تحديد الهدف
أي حاجـة لنــا في الثقافة ؟ هل نحن بحاجة الى تفجير الطاقات ، واقامة افضل العلاقات بين ابنائنا والى تطهير مجتمعنا من الاغتراب الروحي ومن الذوبان في بوتقة الاخرين ، وبالتالي الى المزيد من النقاء والاصالة ؟
انها حاجات خاصة علينا ان نسعى لاشباعها من خلال تغذية اجوائنــا بأفكار خاصة . اترى كل عقار ينفع كل مرض ؟ كلا ، ان على الطبيب قبـل ان يصف عقــاراً تحديـد المرض بدقــة ؛ كذلك الثقافـة .
ان اية مؤسسة ثقافية عليها دراسة أعمق لمسيرة الامة واهدافها الحضارية الكبرى ، ثم كشف العلاقة بينها وبين الثقافة ثم تحديد مسار الثقافة لها .
باء : ثقافة للامة حسب الطلب
الافكار المرتبطة بعامة الناس علينا ان نجعلها في مصاف اول الافكار التي نعرضها على المجتمع ، اما تلك الافكار المتعلقة بجانب خاص من حياة المجتمع فيجب علينا ان نقدمها فيما بعد ، وهكذا نبوب الافكار ونصنفها حسب حاجة المجتمع ، وهذه العملية هي عملية دراسة الثقافة دراسة معمقة واستخراج الافكار والاطروحات المفيدة منها .
وهذه المرحلة تتمثل في ان نقارن ثقافتنا بالثقافات الوافدة الينا ، ونبلور دراستنا في هذا المجال ، والذي يهون المشكلة في هذا الصدد ان الخط الفكري الذي نحن ملتزمون به يحتوي على تيار زاخر من الافكار الثقافية ، وعلينا ان نتعرف على هذه الافكار ، وندرسها بعمق من خلال التفرغ لهذه الدراسة بشكل جدي ، ومحاولــة معرفة ابعادهــا ، والغوص الى اعماقهــا خلال فترة معينــة
نخصصها لهذا العمل المهم .
جيم : معايير الانتقاء
وعلينا فـي هـذا المجال ان ننمي في الجماهير القدرة على انتزاع الافكـار الرئيسية ، والحصول على جوهر ولباب الموضوعات التي تقرء او تسمع ، لكي يقوموا باستخراج الفكرة الحقيقية لا ان يصب اهتمامهم على الظواهر ، ومثل هذا العمل يعد قدرة ومهارة كبيرتين في عالم الثقافة لا يتسنى لكل شخص الحصول عليهما ، اي ان هذه المرحلة تعتبر مرحلة متقدمة من القدرة على البحث ، فليس كل انسان قادرا على اكتشاف وتحديد ما يقصده الطرف الاخر ، فهناك بعض الكتّاب والمتكلمين يمتلكون قدرا من الذكاء يساعدهم على ان يخفوا افكارهم الحقيقية ، فلا يصرحوا بها بل يوحون بها ايحاء ليقتنع القارئ بأفكارهم من دون تمحيص ، فاذا ما استطعنا اكتشاف خلفيات احاديث الاخرين ، ومرتكزاتهم الفكرية ، فاننا سنكون قد وصلنا الى مرحلة متقدمة من القدرة على تقييم الثقافات المختلفة .
وهكذا يعتبر من اهم اهداف المؤسسة الثقافية نشر المعايير التي ترفع من قدرة التقييم عند اوسع الجماهير .
ومن هذا المنطلق بادر الاخوة في القسم الثقافي في مكتبنا باعداد هذا الكتاب الموسوم بـ ( الاسلام ثقافة الحياة ) وقد تم اختيار مقالاته من مجموعة احاديث القيت في مناسبات عديدة ، كما ضم الـى هذا الكتاب ايضــاً خمسة مقالات كانت قد نشرت في مجلة (صوت الخليج) الكويتية ، وقد ادرجناها في الفصل الرابع تحت عنوان ( النهج الثقافي ) .
نأمل ان يساهم هذا الجهد المتواضع في بلورة الرؤى الثقافية عند اوسع الجماهير وبالذات عند المؤمنين المتمسكين بهدى الشريعة الغراء واللـه ولي التوفيق .
جهلان في مسيرة الثقافة :
ونحن نعانــي في مجال الثقافة من مشكلتين ؛ الاولى هي الجهل ،
والثانية الجهالة ، وتلخص احدى الروايات الشريفة هاتين المشكلتين في قول الامام الحسن المجتبى - عليه السلام - : " كفى بك جهلا ان تقول ما لا تعلـم ، بل كفى بك جهلا ان تقول كل ما تعلم " . وفي قول للامام علي ( عليـه السلام ) عن ذلك : " لا تقل مالا تعلم بل لاتقل كل ما تعلم " .(1)
وعلى هـذا فهناك جهلان ؛ الجهل الاول ان تحدث بما لا تعلم ، والثاني ان تتحدث بكل ما تعلمه دون ان تميز الغث من السمين ، والمناسب من غير المناسب ، وهنا اود ان اتوقف عند هذين البعدين مبتدئاً بالبعـد الثانـي .
هناك الكثير من الناس يزعم ان عليه ان يحدث الناس بما يعلمه علما يقينا صادقا ، او لا ينبغي ان يشاركه الناس في علمه فيحدث الناس بكل ما يعلم ، مثل هذه النظرة تسبب الفساد بدلا من ان تقدم لنا العلاج ، ذلك لان الانسان الذي يريد ان يحدث الناس بكل ما يعلمه سيحدثهم بالتأكيد عن الاخطاء التي يرتكبها الاخرون ، فهل من الصحيح ان احدث الناس بمعلوماتي حول الشخص الفلاني الذي اخطأ ، واذنب ، وانحرف ؟ ، فان استشكل عليه الاخرون اجابهم ان عنده علما بذلك . نعم ، انت لديك علم، ولكن الافساد في الصدق ، فافساد ذات البين هو كذب عند اللـه - تعالى - ، في حين ان الكذب الذي يهدف الاصلاح هو صدق .
ان الاجواء التي نعيشها الان امتلأت بالسلبيات ، كل واحد منا يجلس ليحدث الناس عن سلبيات الاخرين ، وهذا سلوك محرم عند اللـه ، فقد حرم - تعالى - الغيبة ، وسوء الظن ، والتجسس على الناس ، والنميمة ، والسب ، كما وحرم العشرات من الذنوب التي يرتكبها لسان الانسان في حين ان اكثرها معلومات لامجهولات ، لان فيها اشاعة لجو السلبية ، واني استطيع ان اقول ان عشرين بالمائة من المحرمات الاخلاقية هي محرمات اللسان وخصوصا تلك التي تأخذ فيها الجوانب السلبية ، وتحدث الناس بها .
نشر الثقافة السليمة هو الحل :
كفانا تخلفاً وتمزقاً ، وكفانا سماعاً لاخبار الهزائم ، ولنبدء طريق العودة الى اخبار الانتصارات والفتوحات من خلال الاعداد لذلك بنشر الثقافة السليمة ، وان نكون في مستوى ثقافة القرآن الكريم ، وليكن رائدنا في ذلك المسلمين الاوائل الذين جعلوا القرآن يقرأ على كل قارعة طريق صباح مساء ، فنشروا هذه الثقافة ، واستطاعوا هزم الضلالات الجاهلية برسالة القرآن .
ونـحن اليـوم علينا ان نتحمل هذه المسؤوليــة ، فالاسلام يؤكد لنا ان " مداد العلماء خير من دماء الشهداء " ، فعلى كل واحد منا ان يتحول الى مؤسسة ثقافية بالاضافة الى مسؤولياته الاخرى .
أخي معالج الكريم أنا بالخدمة لجعل هذا الموضوع يأخذ حيزا كبيرا بالديمومه كونه حقيقة موضوع ديناميكيا حيويا لذا تراني اتابع واساهم معك بالرد فأسمح لي بذلك
الأخت ريانة العود أنت فعلا ريانه بماتحمليه أو بما تعلمتيه من أفكار بوركت ونرجو المزيد
((اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم))
شكر كل الشكر للفاضلة الكريمة إختنا ريانة العود
وأتعبناج معانا وجعل الله تعالى كل ماذكرتيه في ميزان حسناتك فعلاَ ساندتيني كثيراً في هذا الموضوع دليل ثقافتج
كل الإحترام والحب لكم ولأحبتي أهل البحرين
الأخ الفاضل الشريف سيد حليم
مولاي كل يوم تكبر بعيني شئ فشئ
الصفحة صفحتك والموضوع موضوعك وإنت الداخل وأنا الطالع
إشتراكاتك في موضوعي دليل حسن نيتك وطيبة قلبك
ومعدنك الطيب الأصيل
مولاي أنت طيب طاهر كريم شريف نزيه قليل ونادراً أحصل على مثلك تحصل مشكلة وفي اليوم الثاني نسيتها وكأنها لم تحصل دليل نظافة وطهارة قلبك وهذا الأمر لايوفق له كل أحد إلا بمن أنعم الله تعالى عليهم بهذه النعمة وهناك ناس من تعتذر لهم ألف مرة وتجعل لهم واسطه وهم أهل البيت(ع) فلا يلتفتون إليك ولا الى إعتذارك وليس هناك إحترام حتى الى الأئمة وهذا الشئ في الحقيقة أحزنني كثيراً
يعني لهذه الدرجة أهل البيت مالهم خاطر عند هؤلاء الناس
أخي الفاضل سيد حليم من خلال هذا المقام والوجوه الكريم الطيبة إن كنت مخطئاً في حقك فسامحني وأعتذر لك
ويشهد الله قلبي مثل قلبك لايحمل عليك شئ إنت وغيرك والذي أحزنني أيضاً
أن بعضهم يقول سأدعوا عليك عند ضريح الإمام الحسين(ع) وقلت له إن كان هذا يريحك إدعي علي بما تحب!!!!!!!!!!!
ألف رحمة على والديك ياأصيل وعسى ربي يحفظكم إنشاء الله ويستر عليكم
من كل سوء ومكروه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله
اعتقد ثقافة المرأة أكبر من ثقافة الرجل فهي المرأة مدرسة للأجيال القادمة وزوجة في المستقبل وثقافتها أكبر في هذا الزمن تكون المرأة درجتها أكبر في مرحلة الدراسة من الرجل
((اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم))
الأخ الفاضل الشريف سيد حليم
مولاي كل يوم تكبر بعيني شئ فشئ
الصفحة صفحتك والموضوع موضوعك وإنت الداخل وأنا الطالع
إشتراكاتك في موضوعي دليل حسن نيتك وطيبة قلبك
ومعدنك الطيب الأصيل
مولاي أنت طيب طاهر كريم شريف نزيه قليل ونادراً أحصل على مثلك تحصل مشكلة وفي اليوم الثاني نسيتها وكأنها لم تحصل دليل نظافة وطهارة قلبك وهذا الأمر لايوفق له كل أحد إلا بمن أنعم الله تعالى عليهم بهذه النعمة وهناك ناس من تعتذر لهم ألف مرة وتجعل لهم واسطه وهم أهل البيت(ع) فلا يلتفتون إليك ولا الى إعتذارك وليس هناك إحترام حتى الى الأئمة وهذا الشئ في الحقيقة أحزنني كثيراً
يعني لهذه الدرجة أهل البيت مالهم خاطر عند هؤلاء الناس
أخي الفاضل سيد حليم من خلال هذا المقام والوجوه الكريم الطيبة إن كنت مخطئاً في حقك فسامحني وأعتذر لك
ويشهد الله قلبي مثل قلبك لايحمل عليك شئ إنت وغيرك والذي أحزنني أيضاً
أن بعضهم يقول سأدعوا عليك عند ضريح الإمام الحسين(ع) وقلت له إن كان هذا يريحك إدعي علي بما تحب!!!!!!!!!!!
ألف رحمة على والديك ياأصيل وعسى ربي يحفظكم إنشاء الله ويستر عليكم
من كل سوء ومكروه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد
نعم سبق وانى قرات مسبقا بموضوع ملفت للنظر قليلا فيما بينكما انتما الاخ العزيز معالج والاخ الكريم والعزيز ايضا حليم السيد .
ومن هذا المنطلق الذى قراته من قبل حبيبنا العزيز الاخ / معالج للسيد / حليم السيد ، ارى صفاوة ما فى النيات والشفافيه من قبلكم انتما ويجب فعلا ان تكون المحبه بهذه الطريقه مهما كان الامر ، ومهما تصاعد الموقف ، حقيقتا شى يثلج القلب عندما ترى اخوه يتبادلون الحديث بكل محبه وصدق فيما بينهما ، وقد تناسيا ما حدث بينهما مسبقا ، اسال الله ان يجعلكما اخوة بالدنيا والاخره ويكفيكما شر الدهر وايامه ، واتمنى أن ارى المزيد منكما تبادل هذه الكلمات الطيبه الجميله التى تسعد الانسان عندما يقرء هذه الكلمات .
أما اخى العزيز / معالج بخصوص كما ذكرت سالفا بان هناك شخص يدعو عند ضريح الامام شهيد كربلاء صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وسلم.
فأوجه كلامى له شخصيا لماذا هذا الدعاء يا اخى العزيز ؟ ما الذى حصل لكى يدعوك الى هذا الامر ؟ لاتنسى اخى الحبيب ايها الداعى أن قلب الانسان المؤمن الذى يدعى بنفسه الايمان رحيم كما تعلمنا من اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم وعلى آلهم وسلم فالتسامح اصل مبدء الايمان يا اخى الكريم مهما كلف الامر لا تصل لهذه المرحله للدعاء والتفاهم وحل الامور من الاشياء المبنيه على اسس ومأخوذه من الدين .
وشكرا لكما وعلى كلماتكم الجميله يا اخى العزيز / معالج وانت ايضا يا اخى الفاضل / حليم السيد .
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته .
احرجتني فعلا .. تفهمي لك كان بايطار انني ارغمت للرد على الموضوع وهذا ما (استحقه) لانني عندما ادرجت تلك المشاركة تابعت هذا الموضوع وهذا مبتغاي ولو لم افعل لما كنت الان هنا .. لاني كنت دائما افكر بالثقافه وافكر هل ساكون مثقفه يوما ما ؟!! وكيف؟!! وسئلت مثل سؤالك !! والاخت " ريانة العود" تشكر كثيرا على هذه المعلومات المفيده .. ولولا عدم تبراة الذمة لما وجدنا مشاركات رائعه منها ومن بقيه الاعضاء جزاهم الله خيرا لكن لا تعيدها مرة ثانيه والا ما ندخل مواضيعك ههههههه نبي نشوف مثل هالمواضيع واكثر.:p.
اختي ريانة لو عندج بعد معلومات ياريت تفتحين موضوع كامل ونتناقش فيه حبيت سالفه الثقافه وحلو ان نتعلم و(نتثقف) والظاهر عندج وايد معلومات مفيدة افيدينا افادج الله ..
كم هو جميل ان نرى اخوتنا متحابين الاخ معالج والاخ حليم نتمنى ان نرى بقية الاعضاء على هذا الحال ..
ومن قال ان الامام الحسين يتقبل دعاء المسلم على اخيه المسلم هل هذا معقول؟؟ لمذا لا يفكر هذا العضو ان يدعو لكي تصلح الامور ؟؟
واتوجه اليك بسؤال اخي الفاضل بعد ان وجهت لنا سؤالا واجبناك: اذا سمحت لي .. بعد كل هذه الردود ما هو ردك انت على سؤالك ؟؟ جميل ان نعرف راي السائل ؟؟
واخيرا نسيت اقول اختك عبرات الحسين بارك الله فيك
التعديل الأخير تم بواسطة عبرات الحسين; الساعة 10-06-2005, 02:15 AM.
و اعتقد ان مستوى الثقافةيرتفع عند الرجال اكثر نظراً لان اطلاعهم في جميع المجالات اعلى من النساء لكن هذا مو معناه ان النساء غير مثقفات ما شاء الله عليهم صارو شوي شوي يدخلون في مجالات جديده وفيه منهم امثله كثيرة
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
أطرح موضوعاً وجدته قبل إجابتنا على سؤالكم ..
الثقافة والمثقف
1ـ مفهوم الثقافة بين اللغة والاصطلاح
الثقافة والمثقف كلمتان غائمتا المفهوم، غامضتا الدلالة، واسعتا النطاق، يصعب أن يحويهما تعريف أو يحدهما مصطلح، وذلك لتعذر الموقف على معناهما الدقيق، ولقد أثارتا كثيراً من التساؤلات، وتعددت الإجابات وتباينت حول مفهوميهما. (حتى انه يمكن إحصاء مئات التعريفات لمصطلح الثقافة)(1).
سألت صاحبي وأنا أحدثه عن الثقافة،: أهي المعرفة؟ قال: لا. أردفت: أهي العلم؟ قال: لا. قلت: أهي الحضارة أم هي المدنية أم العقيدة أم التاريخ أم العادات والتقاليد والأخلاق أم الأفكار والفنون والآداب.. أم، أم.. وكان جوابه دائماً بالنفي. قلت ما هي الثقافة إذن؟ قال: هذه المفردات بعض مكوناتها.
تعلمون أن كلمة (ثقافة) لم ترد إطلاقاً في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية المطهرة، كما لم ترد في نصوص العرب وأشعارهم لا في جاهلية ولا في إسلام وقد وصفها المعجم الوسيط بأنها كلمة محدثة في اللغة العربية، مما يدل دلالة قاطعة على أنه لم يكن لها عند العرب والمسلمين ذلك الوزن الذي يعطى لها اليوم، ومن هنا فان العرب والمسلمين حتى ما قبل قرن من الزمان لم يكونوا يولونها أي حظ من الاهتمام، بينما هي اليوم كل شيء في حياة البشرية بل هي مرآتها.
إن جذر كلمة ثقافة هو: ث ق ف، ولهذا الجذر معنيان رئيسيان متباينان في اللغة العربية:
الأول: ثَقَفَ: قال الفيروز أبادي: ثَقَفه: أي صادفه أو أخذه أو ظفر به أو أدركه.
ويبين ابن منظور في لسان العرب أن معنى ثَقَفَ: جدّد وسوّى، ويربط بين التثقيف والحذق وسرعة التعليم. ويعرف المعجم الوسيط الثقافة بأنها (العلوم والمعارف والفنون التي يطلب فيها الحذق).
هذا في اللغة العربية، أما في اللغة الإنكليزية، فكلمة culture التي تترجم إلى العربية على أنها الثقافة والتهذيب والحراثة وقد يعطونها أحياناً معنى الحضارة، هذه الكلمة جذرها cult ومعناها: عبادة ودين، ومن مشتقاتها cultivation ومعناها: حراثة، تعهد، تهذيب، رعاية، و cultural ومعناها ثقافي، مستولد(4).
ونلاحظ أن معناها في الإنكليزية لا يخرج عن معناها في العربية غير أنه يضيف مصداقاً آخر من مصاديقها وهو حراثة الأرض، ورعاية الزرع، والاستنبات والتوليد، لكنه بشكل ما يربط مفهوم الثقافة بالدين والعبادة، فهما من جذر واحد، فالدين كان المنبع الأول إن لم نقل الوحيد للثقافة قديماً. وأظن أنه حتى الآن لا يزال المنبع الأساسي والمرتكز الأهم للثقافة.
كانت الثقافة تعني الدين أو الحكمة أو الفلسفة وكان المثقف هو النبي أو الحكيم أو الفيلسوف أو الأديب. وكان السلاطين والملوك يختارون لأبنائهم مؤدبين يعلمونهم مختلف الآداب والفنون والعلوم، وكل ما يحتاجونه ليصبحوا مؤهلين لادارة دفة الحكم.
2ـ تعريف الثقافة
على ضوء ما تقدم يتبين لنا أن مصطلح (الثقافة) هو مصطلح غربي، ولذلك لابد أن نتفحص تعاريف الغربيين للثقافة.
تعريف تايلور: (الثقافة هي ذلك المركب الكلي الذي يشتمل على المعرفة والمعتقد والفن والأدب والأخلاق والقانون والعرف والقدرات والعادات الأخرى، التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضواً في المجتمع) (5).
يعلق الدكتور معن زيادة على هذا التعريف بقوله:
(على ضوء الدراسات المستجدة أصبح بمقدورنا أن نأخذ على تعريف تايلور عموميته وطابعه الوصفي، وإهماله حركية وديناميكية الظاهرة الثقافية، إضافة إلى إهماله العلاقة بين الثقافة والمجتمع البشري الحامل لتلك الثقافة من جهة والبيئة أو المحيط الخاص بتلك الثقافة من جهة أخرى) (6).
تعريف كوينسي رايت: الثقافة هي النمو التراكمي للتقنيات والعادات والمعتقدات لشعب من الشعوب، يعيش في حالة الاتصال المستمر بين أفراده، وينتقل هذا النمو التراكمي إلى الجيل الناشئ عن طريق الآباء وعبر العمليات التربوية)(7).
ويعلق الدكتور زيادة على هذا التعريف بقوله: (إن تعريف رايت لم يتمكن من التخلص كلية من الطابع الوصفي الذي أخذ على تعريف تايلور، كما أنه لا يتضمن الدور الذي يمكن أن تلعبه الثقافة في توجيه سلوك الإنسان، وبالتالي لا يتضمن دور الثقافة في صنع حاضر الإنسان ومستقبله)(8).
تعريف مالينوفسكي: (الثقافة هي جهاز فعال ينتقل بالإنسان إلى وضع أفضل، وضع يواكب المشاكل والطروح الخاصة التي تواجه الإنسان في هذا المجتمع أو ذاك في بيئته وفي سياق تلبيته لحاجاته الأساسية)(9).
تعريف غوستان فون غرونيوم: وهناك تعريفات أخرى مثل (أن الثقافة هي الجهد المبذول لتقديم مجموعة متماسكة من الإجابات على المآزق المحيرة التي تواجه المجتمعات البشرية في مجري حياتها، أي هي المواجهة المتكررة مع تلك القضايا الجذرية والأساسية التي تتم الإجابة عنها عبر مجموعة من الرموز، فتشكل بذلك مركباً كلياً متكامل المعنى، متماسك الوجود، قابلاً للحياة) ومن هذا القبيل تعريف غوستاف فون غرونيوم في مطلع كتابه عن هوية الإسلام الثقافية الصادر في باريس عام 1973 حيث يقول عن الثقافة انها (نظام مغلق من الأسئلة والأجوبة، المتعلقة بالكون وبالسلوك الإنساني)(10).
وهذه التعريفات كلها تبرز بشكل واضح أهمية العقيدة ودور الدين في صنع الثقافة وتوجيه سلوك الإنسان.
هذا لدى الغربيين فماذا لدى العرب؟
يقول الدكتور عبد الكريم عثمان: (الثقافة في اللغة العربية تعني الحذق والفهم، والتثقيف بمعنى التشذيب والتهذيب والتقويم والحذق والفطانة، وقد عرفت المعاجم الحديثة للغة العربية هذه الكلمة بأنها العلوم والمعارف والفنون التي يطلب فيها الحذق)(11). وسواء كانت الثقافة هي العلوم والمعارف والفنون التي يطلب فيها الحذق أو هي الحذق وفهم العلوم والمعارف والفنون... الخ.
هل يعتبر هذا تعريفاً كافياً للثقافة في عصرنا؟!
مالك بن نبي يعرف الثقافة في كتابه (مشكلة الثقافة) فيقول إنها (مجموعة الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية التي تؤثر في الفرد منذ ولادته، وتصبح لا شعورياً العلاقة التي تربط سلوكه بأسلوب الحياة في الوسط الذي ولد فيه)(12).
هل الثقافة هي:
(العلوم والمعارف والفنون و... التي يطلب فيها الحذق)
أم هي (الحذق وفهم العلوم والمعارف والفنون و...)
أم هي (المركب الكلي الذي يشتمل على المعرفة والمعتقد والفن والأخلاق والقانون والعرف والقدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضواً في المجتمع)
أم هي (النمو التراكمي للتقنيات والعادات والمعتقدات لشعب من الشعوب يعيش في حالة الاتصال المستمر بين أفراده، وينتقل هذا النمو التراكمي إلى الجيل الناشئ عن طريق الآباء وعبر العمليات التربوية)
أم هي (جهاز فعلا ينتقل بالإنسان إلى وضع أفضل)
أم هي (الجهد المبذول لتقديم مجموعة متماسكة من الإجابات على المآزق المحيرة التي تواجه المجتمعات البشرية)
أم هي (نظام مغلق من الأسئلة والأجوبة المتعلقة بالكون وبالسلوك الإنساني)
أم هي (المنجزات الفكرية المعنوية التي يبتكرها الإنسان في تنظيم حياته مع الآخرين).
إذا بسطنا الموضوع قليلاً، وتجنبنا محاولة تعريف الثقافة تعريفاً جامعاً مانعاً كما يقال، واكتفينا بالحديث عن الثقافة كمفهوم حديث أو كمصطلح حديث، فلربما أمكننا القول أن: (الثقافة هي المخزون الحي في الذاكرة كمركب كلي ونمو تراكمي مكون من محصلة العلوم والمعارف والأفكار والمعتقدات والفنون والآداب والأخلاق والقوانين والأعراف والتقاليد والمدركات الذهنية والحسية والموروثات التاريخية واللغوية والبيئية التي تصوغ فكر الإنسان وتمنحه الصفات الخلفية والقيم الاجتماعية التي تصوغ سلوكه العملي في الحياة).
هذا المخزون الحي قد يتمثل لدى الشعوب على شكل عقيدة حية فعالة محركة لما يصدر عن أفراد الشعب من قول أو عمل، وما ينجزه على الصعيدين الفكري والعملي الفردي والاجتماعي على السواء من مهام ووظائف.
ترى هل تجاوزنا بهذا المفهوم الذي قدمناه للثقافة كل التعريفات التي تتراوح ـ كما يقول الدكتور معن زيادة ـ (بين القول أن الثقافة هي مجرد اكتساب درجة من العلم والمعرفة أو انها تعني الإبداع والابتكار الفني والجمالي وبين القول أنها السلوك أو نمط التعبير الخاص بمجتمع من المجتمعات أو انها تقتصر على الضروب الرفيعة من التفكير النظري والتجريد، مروراً بالعشرات من وجهات النظر والآراء التي تفهم الثقافة من زوايا خاصة ووفق أغراض محددة)؟ (13).
وينبغي أن لا يغيب عن البال أن مفهوم الثقافة يختلف باختلاف الزمان والمكان، ولعله لا يطول بنا الزمان لنرى الثقافة قد خرجت من أسر القومية والطائفية والإقليمية والعرقية لتدخل أفق العالمية وتنشر ظلالها الصحية على البشرية في جميع أرجاء المعمورة.
3ـ كيف تتكون الثقافة
أ. الثقافة الفردية
يخلق الطفل مزوداً بحوافز ودوافع وقدرات وإمكانيات يتميز ببعضها عن جميع المخلوقات الأخرى غير البشرية، تدفعه لأنماط من السلوك الفطري الغريزي، وتتيح له ابتداء تلمس حاجاته الجسدية، في ظل الشعور بالأمن في حضن الأم التي تحوطه بالمحبة وتغمره بالحنان وتشمله بالرعاية، فلا يلبث أن يحاول تركيب ومطابقة ما يرى وما يسمع، وأن يحاول التعبير عن كل ذلك بالمحاكاة والتقليد.
إن المدركات الذهنية والحسية في السنوات الخمس الأولى النابعة من الحوافز والدوافع والقدرات المخلوقة مع الطفل يصح لنا أن نسميها (ثقافة فطرية) وللطفل ثقافة مكتسبة وهي ما يتراكم حول الثقافة الفطرية وفوقها بعد سنواته الخمس الأولى، وتتكون هذه الثقافة المكتسبة لدى الفرد عن طريقين.
- التعلم الذاتي واكتساب القدرات والمهارات بالتقليد والمحاكاة وبمعايشة اللعب وبالحوادث والاستقراءات المتلاحقة عن قصد وعن غير قصد.
- وبالتعليم من الغير، وفق أو على غير خطة مرسومة ومنهج مدروس.
وبين هاتين الثقافتين ـ الفطرية والمكتسبة ـ جسر موصل أو حاجز غير واضح تماماً، فالجزء البسيط من المدركات والمكتسبات دون سن التمييز أقرب إلى الثقافة الفطرية أو لنقل هو انبثاق عنها وختام لها. والجزء المركب والمعقد من هذه المدركات والمكتسبات أقرب إلى الثقافة المكتسبة أو لنقل هو ابتداء فيضها أو هو منبعها وأساسها.
ونظراً لدور الغير في هذه الفترة من حياة الإنسان، والأثر المهم الذي يخلفه، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم [كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يمجسانه أو يهودانه أو ينصرانه] رواه أبو يعلى والطبراني والبيهقي.
ب. الثقافة الاجتماعية
هناك (الثقافة البدائية التلقائية وتوجد حيث يوجد المجتمع، وهي تسود كافة المجتمعات الإنسانية ولا يخلو منها مجتمع، وتتجلى في عموم الحالة السائدة في المجتمع) (14).
وهناك (ثقافة موجهة قد تم التخطيط لها على أسس متينة وقواعد ثابتة) (15).
4ـ العلاقة بين الثقافة والحضارة
صحيح أن الثقافة ليست هي الحضارة، ولكنها العنصر الهام في عملية البناء الحضاري، فبمقدار شمولية الثقافة وتوازنها واستقرارها وصحة متبنياتها يرتفع عمود الحضارة، وتترسخ أركانها في المجتمع.
وليس لقوة مهما بلغت أن تهزم أو تهدم حضارة قائمة على ثقافة صحيحة سليمة جامعة.
وكما أن الثقافة هي الركن الأساسي لبناء الحضارة فان البنيان الحضاري بعد أن يقوم يلقي بظلاله على الثقافة بحيث يمكن اعتبار الحضارة القائمة رافداً جديداً من روافد الثقافة المستقبلية، وتقوم علاقة نمو متبادل مضطرد بين الثقافة والحضارة.
وما يقال عن الحضارة والعلاقة المتبادلة بينها وبين الثقافة يقال عن المدنية التي هي وليدة الحضارة ومظهرها الواقعي العملي.
من المهم أن نشير هنا إلى أن هنالك من يسوي بين الثقافة والحضارة ويجعلهما مفهوماً واحداً، ومن اشهر هؤلاء تايلور في القرن الماضي.
وهنالك من يفرق بينهما إما على أساس أن الثقافة تشير إلى ما هو عقلي في حين تشير الحضارة إلى ما هو مادي أو بالعكس على أساس أن الثقافة تعني المظاهر المادية للحضارة كالتقنية والصناعة وأن الحضارة تعني المظاهر الأدبية والفلسفية والعقلية.
وعلى سبيل المثال فان المفكرين الأوروبيين في عصر النهضة ـ ولا سيما الألمان منهم ـ يقصرون الحضارة على الإنجازات التقنية والمعرفة العلمية الموضوعية التي يمكن أن تقاس قياساً كمياً، في حين يرون أن الثقافة تشير إلى المعرفة الذاتية غير الوصفية ذات الأحكام التقويمية كالديانات والاعتقادات والأخلاق والفلسفة والآداب والفنون(16). والحقيقة أن الثقافة والحضارة متداخلتان إلى ما دون التساوي ومتمايزتان دون تباعد.
5ـ غزو ثقافي أم تفاعل ثقافات
لا يمكن وضع سقف للتقدم الثقافي في عالم سريع التطور، دائم التغير والتبدل بل والتحول.
إن وضع سقف لثقافة أمة يعني وقف نمو الأمة، والإخلال بشروط بقائها ونمائها، وبالتالي بداية شوط السقوط والموت.
ولكي تبقى الثقافة في حالة نمو، لابد من انفتاح الثقافات المتنوعة المتباينة على بعضها، الانفتاح الذي يسمح بالفعل والانفعال من أجل الإطلال على آفاق جديدة من عوامل الثقافة ومكوناتها. لكن ذلك مشروط بالانفتاح الحر الذي يتيح التفاعل الطبيعي الحر دون قسر أو ضغط أو إلجاء ليتم في بوتقة التفاعل، فعل الثقافة الأصح والأكمل والأشمل بالثقافات الأقل صحة وكمالاً وشمولاً. أو لنقل لتجتذب كل ثقافة ما تحتاج لكمالها وشمولها من الثقافات المنفتحة عليها بشكل حر يشبه انتقال السوائل في الأواني المستطرقة، ولا أقول يشبه التفاعل بين السخونة والبرودة، بحيث يبرد الساخن ويسخن البارد حتى تتساوى درجة الحرارة في السائلين المتجاورين.
إن هذا التفاعل الحر ـ الذي ينطوي على الفعل والانفعال ـ قد يؤدي إلى الوصول إلى ثقافة عالمية باتت ملامحها شبه واضحة، يتوحد عليها البشر في يوم من الأيام مهما طال انتظاره.
من هنا دعونا نطل على ما يسمى بالغزو الثقافي الذي يقابله الانهزام الثقافي.
إن كل الثقافات الإقليمية والقومية والعرقية قابلة لأن تمارس الغزو الثقافي أو أن تقع فريسة له بسبب الانهزام الثقافي.
والانهزام الثقافي في هذه الحال إما داخلي ذاتي أو لغزو ثقافي خارجي.
أما عندما تكون الثقافة إنسانية عالمية فلا ينطبق على تحولاتها عنوان الانهزام الثقافي، كما لا يمكن أن يوصم أثرها في الثقافات القومية بالغزو الثقافي، بل إنه التفاعل الثقافي فعلاً وانفعالاً.
لا ينكر هنا أن القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والإعلامية قد تساند ثقافة ما فتصمد لوقت أطول أو ربما تفرض على الشعوب بالقوة والقهر، لكن ذلك لن يدوم طويلاً، فكم من أمة مهزومة عسكرياً استطاعت أن تهزم مستعمريها ثقافياً، وما زالت ماثلة في الأذهان حالة التتار والمغول الذين اكتسحوا العالم الإسلامي عسكرياً ليجدوا أن الإسلام قد اكتسحهم ثقافياً، ولم يترك أمامهم أي مجال سوى تبني ثقافته واعتناق عقيدته وتمثل قيمه الإنسانية العليا، فاستسلموا لذلك دون مقاومة.
إن الشعوب التي يخفت في أعماقها ووجدانها صوت ثقافتها، وتنبهر أبصارها بوهج بريق ثقافة الغير، لابد أن تنهزم أمام الغير وأمام ثقافته، وانهزام الشعوب ليس بالضرورة انهزاما للثقافة التي كانت تحملها، فالثقافة القائمة على أسس سليمة وأركان صحيحة لا تنهزم لا في السلم ولا في الحرب، وإن كمنت إلى حين تحت ضغط عوامل خارجية طارئة ومؤقتة.
أما الثقافات الأخرى التي لا تملك مثل هذه الشروط والمقومات، فإنها سرعان ما تنهزم وتؤول إلى الزوال، مهما لمع بريقها في حين من الأحيان، ومهما روجت لها الأنظمة القوية المسيطرة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، فالحق لابد أن يسود والباطل لابد أن يمحى من الوجود.
6ـ دور المثقف
بعد أن وضحنا مفهوم الثقافة بما لا يدع أي مجال للبس والغموض، بات واضحاً كذلك معنى المثقف، فالمثقف هو مظهر الثقافة ومصداقها والمعبر عنها وحاملها وموصلها لسواه.
صحيح أن المثقف ليس هو الذي يوجد الثقافة فهي موجودة بدونه، لكن المثقف هو الذي ينقلها من السكون الى الحركة، ومن الخمول إلى النشاط. ولكن ليس هو الموجد لها.
وإذا كانت الثقافة الصحيحة السليمة تحتفظ في داخلها بشروط بقائها فماذا يبقى للمثقف من دور؟!
وجواب هذا السؤال أن المثقف هو أحد بل أهم شروط ظهور الثقافة، فلا ظهور للثقافة دون مثقف.
إن القيم والمفاهيم والمعلومات والعقائد والفلسفات والأخلاق وكل مكونات الثقافة ومقوماتها تبقى صوراً تجريدية ذهنية ما لم تظهر على أرض الواقع وتتجسد في مصاديق مادية عملية.
إن الصراع بين الحق والباطل لا يكون الا إذا كان لكل منهما مصاديق، ولابد لكل منهما أن يجد من يحمله ويبشر به ويجعل من نفسه المصداق... المصداق العملي له على أرض الواقع، هذا هو دور المثقف:
ـ أن يتمثل ثقافته جيداً فكراً وسلوكاً.
ـ أن يعمل جاداً للتبشير بثقافته.
ـ أن يدفع عنها عوامل الانهزام الداخلي وعوادي الغزو الخارجي.
وانما يدفع المثقف عن ثقافته عوامل الانهزام الداخلي بما سبق أن المحنا إليه من التفاعل الحر مع الثقافات الأخرى، وعدم الانغلاق على محيطه وبيئته، وعدم الخلط بين الثابت من الحقائق والمتغير من التراث والعادات والتقاليد، والتمييز الواضح بين ما هو من الأسس والأركان وما هو من المتممات والمكملات (أي ما هو من هيكل البناء وما هو من الإضافات والديكورات)، والحرص على عدم تخلف الثقافة عن العصر، وعن الفعل فيه فعلاً إيجابيا، والتحرك داخل العصر وعينه على المستقبل الآتي بما يحمل من آمال وتطلعات وبما يحقق من أغراض وأهداف.
ويدفع عنها الغزو الخارجي بالتخطيط الدقيق والتكافل والتضامن والتعاون مع أبناء ثقافته أياً كان عرقهم ولونهم ولغتهم.
(إن أهمية المثقف إنما تنبثق من أهمية الثقافة نفسها وحاجة المجتمع إليها)(17).
ويميز البعض بين مثقف ساكن ومثقف متحرك، الأول لا دور له في مجتمعه والثاني ينهض بدوره في المجتمع، وبين مثقف منغلق ينتج ثقافة الجمود ومثقف منفتح ينتج ثقافة التجديد، الأول يعيش خارج الزمن فمسيرته إلى التوقف والثاني يواكب الزمن ويعيش فيه فمسيرته إلى النمو، ويميز بين مثقف النخبة الذي يعيش بعيداً عن الناس ويتحدث بخطاب القلة أو النخبة فقط ومثقف الجمهور الذي يعايش الناس ويتحدث بخطابهم خطاب الجمهور والكثرة، ويميز بين مثقف مستبد يتحول قلمه إلى رفض الآخر، ولا يتحدث الا بلغة الرفض والنفي والإقصاء ويمارس القمع والإرهاب، ومثقف شوروي (أو ديمقراطي) يتحدث قلمه بلغة التعددية والتعايش والتسامح ويمارس الحرية والعدالة، ويميز بين مثقف السلطة الذي يكرس الاستبداد ويمارس الظلم ويعشق المال ومثقف الأمة الذي يعشق العلم وينشر العدل ويزرع الحرية(18).
ونحن ـ مع من ـ يريد ظهور المثقف المتحرك مع آمال الأمة وتطلعاتها وقيمها ومفاهيمها، المنفتح على كل الثقافات القديمة والمعاصرة، الذي يتبنى الحرية والعدل والشورى ويخاطب جماهير الناس ونخبتهم، كلّا بما يناسبه، ولا يقصر خطابه للنخبة فقط.
نريد المثقف الذي يستشعر المسؤولية الخطيرة والجسيمة، فيتمثل دور النبي لا دور الفيلسوف، نريد المثقف الذي ينطلق من جوهر مفهوم الثقافة الذي يفترض فيه التحرك لنشر رسالته الثقافية داخل المجتمع وعلى الصعيد الإنساني العالمي، وتوضيح آفاقها ومنطلقاتها وأهدافها، وترسيخ مفاهيمها الرسالية باللغة التي يفهمونها والتي تحركهم لأنها تتحدث عن قضاياهم ومشاكلهم التي يعانون منها والظروف التي يعيشون تحت أسرها، والآمال التي تراودهم، والأهداف التي تعيش في قلوبهم وأفئدتهم؛ لغة من قد وطد العزم على كسر القيود وفك الأغلال عن الإنسان، ورفع الظلم والحيف والاستبداد، ونشر الأمن والحرية والعدالة في المجتمع الذي يعيش فيه أولاً، وبين الناس كلهم في شتى أرجاء الأرض ثانياً.
إن الثقافة لا تنحصر على نوع معين أي إن الرجل لم يفق المرأة بثقافته
فلو أقمنا إحصائية على نسبة المثقفين من الرجال والنساء فأظن أن الرجال ستكون لهم النسبة الأعلى
لكن هناك نقطة لطيفة أود من عنايتكم الالتفات لها
كون عدد المثقفات من النساء قليل لا يعني تخلفهن بل بالعكس فالأمر لم يتوقف على النسب ..، فإمرأة واحدة مثقفة تنجب 10 مثقفين وهذا هو المطلوب في الأخير من تثقف المرأة في حياتها
والسلام عليكم ورحمة الله
التعديل الأخير تم بواسطة آمنه الحُر; الساعة 10-06-2005, 06:03 AM.
((اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم))
الأخ الفاضل شبكة النبأ نت
شكراً لك على المداخلة وشرفتني
الفاضلة الكريمة خادمة أبي عبدالله (ع)
تقول ثقافة المرأة أكبر من ثقافة الرجل
الأخت الكريمة المبدعة ريانة العود
إذا كان هناك وبحوزتكم معلومات فلا تبخلوا علينا هههههه أتمنى ذلك لأني أريد أن أصل الى الحقيقة التي أبحث عنها لأن الموضوع إختلفت فيه الأراء كما تعلمون وتلاحظون أتمنى المشاركة إذا أمكن
الأخ الفاضل العزيز حبيبنا سيد عزيز
شكراً لك لتشجيعك لنا وهذا ماعهدته منك وكلماتك تعبر عن معنى يفهمها من يفهمها من المثقفين ألف شكر لك مولاي وأسعدتني مشاركتك
كل الحب والإحترام لشخصكم الكريم
الفاضل الحبيب جابر فدتك روحي
الأخت الفاضلة عبرات الحسين(ع)
ولم الإحراج تستحقين التحية والإحترام لأنك فهمتي شيئاً لم يفهمه بعض الرجال وهذا معنى ثقافة
بمعنى المعرفة في الأمور وكلامك كله في محله
أما بالنسبة للسؤال إشلون تبين تعرفين راي إنسان وهو متحير بالسؤال هههههههه يلا طاف بس لاتعيدنها مرة ثانية ههههههه
الغالية الفاضلة حبات المطر
تقول مستوى الثقافة يرتفع عند الرجال بمعنى أن الرجال أثقف بدرجات من النساء
الأخت الكريمة عاشقة أهل البيت (ع)
تقول تقول أن الثقافة متساوية بين الرجال والنساء
أما بالنسبة للسؤال إختي الكريمة
إجابته مايكشفه البحث من خلال آراء الأحبة الأعضاء وسنرى النتيجة منهم فيما بعد
كل الشكر والحب والإحترام لكم جميعاً وبارك الله فيكم
ياأحلى ناس تعرفت عليهم
أسأل الله تعالى وأتوجه إليه بحق كل دمعة نزلت من عين مؤمن ومؤمنة على أبو عبدالله الشهيد المظلوم صاحب المقام الشامخ أن يحفظكم بحفظه
وييسر أموركم ويحل مشاكلكم ويستر عليكم بستره
وأسأله وأتوسل إليه بنحر الحسين (ع) أن يشل كل أيدي ظالمة وهابية خبيثةتعبث في هذا المنتدى المبارك ويرد كيدهم الى نحورهم ويحرق أجهزتهم ولايشمت بنا الأعداء وهو العزيز الغفور المطلع الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآل محمد وعجل فرجهم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق