المشاركة الأصلية بواسطة كلنا للعراق
X
-
الرحمن الرحيم ان العمل المتصور للامام المهدي (عليه السلام) بناء على ما هو الصحيح من صحة اطروحة (خفاء العنوان) ينقسم الى قسمين: القسم الاول : عمل يقوم به بصفته الحقيقية، بحيث يمكن للفرد نسبته اليه ولو بعد انتهاء العمل . القسم الثاني: عمل يقوم به حال كونه مجهول الحقيقة، يعيش في المجتمع كفرد عادي، بشخصية ثانوية، وفي اسم آخر وحرفة ومكان غير ملفت لأي نظر. اما العمل بصفته الحقيقية في تنفيذ ما يمكنه تنفيذه من التكاليف الاسلامية فمن غير المحتمل ان يكون المهدي (عليه السلام) شرعا مكلـفاً بذلك ، لتعذر العمل عليه بهذه الصفة . واما عمله بصفته فردا اعتياديا في المجتمع، فهذا ما لا دليل على نفيه بحال،فحسبنا من ذلك امكان العمل بالنسبة اليه، وعدم منافاته مع غيبته وخفاء عنوانه بحال، فيكون واجبا عليه، كاي فرد اخر من المسلمن يجب عليه ان يودي اي عمل ممكن في مصلحة الاسلام. وهو اعلى واولى من يلتزم باطاعة احكام الاسلام. ومن هنا لا يمكننا ان نتصوره (عليه السلام) الا قائما بواجبه في حال اقتضت المصلحة تنفيذه . كهداية شخص او جماعة من الكفر الى الاسلام او من الانحراف الى الوعي او من الظلم الى الاعتدال ، او جعل الموانع ضد الظلم القائم في المجتمع، في تاثيره على الاسلام والمسلمين عامة وضد قواعده الشعبية خاصة ، الى غير ذلك. وما ادرانا كيف سيصبح حال المجتمع المسلم لو سحب الامام (عليه السلام) لطفه وكفَّ اعماله ، والى اي درجة من الضلال والظلم يمكن ان يبلغ . على اننا نحتمل في كل عمل خيري عام او سنة اجتماعية حسنة او فكرة اسلامية جديدة ، او نحو ذلك من الامور... نحتمل ان يكون وراءها اصبع مخلص متحرك من قبل الامام المهدي (عليه السلام). وانه هو الذي زرع بذرته الأولى في صدرِ أو عملِ احد الأشخاص او الجماعات... بحيث انتجت اكلها في كل حين باذن ربها. وهذا الاحتمال لا نافي له، بتقدير صدق اطروحة خفاء العنوان. ومجرد الاحتمال يكفينا بهذا الصدد، بصفته أطروحة محتملة تنسجم مع الأدلة العامة والخاصة . وهذا هو المراد الحقيقي الواعي من النصوص الواردة عن المهدي (عليه السلام) نفسه، والتي تثبت قيامه بالعمل النافع بوضوح. فمن ذلك قوله المشهور: واما وجه الانتفاع بي في غيبي، فكالانتفاع بالشمس اذا غيبها عن الابصار السحاب. واضاف (عليه السلام ): واني لامانٌ لأهل الأرض كما ان النجوم امانٌ لاهل السماء. فالسحاب كناية عن خفاء العنوان ، والشمس كناية عن التأثير النافع المنتج في المجتمع ، بعد وضوح ان العمل الذي يمكن للمهدي (عليه السلام) تنفيذه مع جهل الناس بحقيقته وعنوانه - اي في غيبته- اقلَّ بكثير مما يستطيع القيام به حال ظهوره وإعلان أمره. وهذا الفهم هو المعين لهذا الحديث الشريف، بناء على أطروحة خفاء العنوان . ومن ذلك: ما روي عن المهدي (ع) مخاطبا لقواعده الشعبية: ائا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء ، فاتقوا الله جل جلاله ، وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد انافت عليكم ، يهلك فيها من حمَّ اجله ، ويحمى عنها من أدرك أمله. ونحن نعلم ان وقوفه (عليه السلام) ضد الأعداء ونزول اللأواء - وهي الشدائد - لا يكون الا بالعمل المثمر والجهاد الحقيقي على الصعيدين العام والخاص. وخاصة، وهو يأمرنا بمظاهرته أي معاونته وموافقته على إخراجنا من الفتنة والنجاة من الهلكة. فان على كل فرد مسؤولية تامة في ذلك ، ولا تنحصر المسؤولية بالقائد، كما هو واضح، بل ان شعوره بالمسؤولية لا يكاد يكون مثمرا من دون شعور شعبه ورعيته بمسؤوليتهم تجاه قائدهم ومبدئهم أيضا. إذن ، فهو (عليه السلام) يحملُ هم شعبه ومواليه، يتذكرهم دائما ويعمل على حفظهم ودرء المخاطر عنهم باستمرار، بمقدار ما يمكنه ان يؤديه من عمل ، تماما كما هوالمعروف عن آبائه (عليهم السلام) ، وكما هو المعروف في خلال غيبته الصغرى.. غاية الفرق ان تلك الأعمال كانت منه ومن آبائه (عليهم السلام) بالصفة الحقيقية لهم. واما عمله خلال هذه الفترة، فليس بهذه الصفة ، وإنما بصفته فردا اعتياديا في المجتمع. ولكن الامام المهدي (عليه السلام) يتوخى في موارد عمله وجود شرطين أساسيين، إن اجتمعا كان في امكانه ان يتصدى للعمل، وان تخلف احدهما ترك العمل لا محالة ، وابقى الواقع على واقعه. الشرط الاول: ان لا يؤدي به عمله الى أنكشاف امره وانتفاء غيبته ، اذ من الواضح ان المهدي (عليه السلام) حين يقوم بالاعمال العامة الإسلامية، بصفته فردا عاديا في المجتمع ، يمكنه ان يستمر بها الى حد معين ليس بالقليل ، ولكنه لو لمع اسمه واشتهر صيته، بـ( شخصيته الثانوية) لكان هناك احتمال كبيرفي انكشاف حقيقته وافتضاح سره ، لا اقل من ان ينتبه الناس الى غموض نسبه وجهالة أصله ، فيتوصلوا بالفحص والسؤال إلى حقيقته، او يحتملوا ذلك على الأقل ، وهو ما لا يريده اللّه تعالى ان يكون. اذن فعمل المهدي (عليه السلام) لا بد ان يقتصر على الحدود التي لا تؤدي الى انكشاف أمره، فيدقق في ذلك ويخطط له ، وهو الخبير الألمعي ويحسب لكل عمل حسابه ، واي عمل يعلم أن التدخل فيه يوجب الانكشاف ينسحب عنه ، مهما ترتبت عليه من نتائج ، لان انحفاظ سره وذخره لليوم الموعود، أهم من جميع ما يتركه من أعمال . ولكن هذا لا ينافي تأثيره في الأعمال الإسلامية الخيرة التي نراها سائدة في المجتمع ، وذلك لإمكان أن يكون هو المؤثر في تأسيسها حال صغرها وضئالة شأنها، وقد أودعها إلى المخلصين الذين يأخذون بها ويذكون أوارها، بدون أن يلتفتوا أو يُلتفت إلى حقيقة عمله ، بقليل ولا بكثير . الشرط الثاني: ان لا يؤدي عمله الى التخلف والقصور في تربية الامة او اختلال شرائط يوم الظهور الموعود. بيان ذلك : اننا نعلم ان ليوم الظهور الموعود شرائط ، ولكل شرط من تلك الشروط أسبابه وعلله ، تلك الاسباب التي تتولد وتنشأ في عصر ما قبل الظهور، حتى ما إذا أتت أُكلها وأثرت تأثيرها بتحقيق تلك الشروط وانجازها، كان يوم الظهور قد آن أوانه وتحققت أركانه. والمهدي (عليه السلام) حيث يعلم الشرائط والأسباب، مكلف- على الاقل- بحماية تلك الأسباب عن التخلف او الانحراف ، لئلا يتأخر تأثيرها أو ينخفض عما هو المطلوب من إنتاجها ، ان لم يكن مكلفا باذكاء اوارها والسير الحثيث في تقدم تاثيرها. ومن اهم شرائط اليوم الموعود ، ان تكون الامة ساعة الظهور على مستوى عالٍ من الشعور بالمسؤولية الاسلامية،والاستعداد للتضحية في سبيل اللة عز وجل او على الاقل ان يكون فيها العدد الكافي ممن يحمل هذا الشعور ليكون هو الجندي الصالح الذي يضرب بين يدي المهدي (عليه السلام) ضد الكفر والانحراف، ويبني بساعده المفتول الغد الاسلامي المشرق. ويكون الجيش المكون من مثل هذا الشخص هو الجيش الرائد الواعي الذي يملا الارض بقيادة المهدي (عليه لسلام) قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا . واذا كان ذلك من الشرائط ، فلا بد من توفر اسبابه في زمن ما قبل الظهور، في عصر الغيبة الكبرى ، والمحافظة على هذه الاسباب. وان السبب الرئيسي الكبير لتولد الوعي والشعور بالمسؤولية الاسلامية والاقدام على التضحية لدى الامة ، هو مرورها بعدد مهم من التجارب القاسية والظروف الصعبة واحساسها بالظلم والتعسف ردحا كبيرا من الزمن... حتى تستطيع ان تفهم نفسها وان تشخص واقعها وتشعر بمسؤوليتها. فان هذه الصعوبات كالمبرد الذي يجلو الذهب ويجعل السكـين نافذا، فان الامة- في مثل ذلك- لا تخلد الى الهدوء والسكون ، بل تضطر الى التفكير بامرها وبلورة فكرها وتشخيص آلامها وامالها وتشعر بنحو وجداني عميق بسهولة التضحية في سبيل الاهداف الكبيرة ووجوبها اذا لزم الامر ونادى منادي الجهاد. وتلك الامة الواعية هي التي تستطيع ان تضرب قدما بين يدي الامام المهدي (عليه السلام) وان تؤسس العدل المنتظر في اليوم الموعود، دون الامة المنحرفة المتداعية، او الامة المنعزلة المتخنثة. فاذا كان مرور الأمة بظروف الظلم والتعسف ضروريا لتحقيق شرط اليوم الموعود ، ومثل هذا الشرط يجب رعايته والمحافظة عليه... اذن فالمهدي (عليه السلام) بالرغم من انه يحسُّ بالاسى لمرور شعبه وقواعده بمثل هذه الظروف القاسية، إلا انه لا يتصدى لإزالتها ولا يعمل على تغييرها، تقديما لمصلحة اليوم الموعود على اهل هذا اليوم الموجود. واما ما لا يكون من الظلم دخيلاً في تحقيق ذلك الشرط ، وكان الشرط الاول لعمل المهدي (عليه السلام) متوفرا فيه ايضا، فان الامام المهدي (عليه السلام) يتدخل لإزالته ويعمل على رفعه، بموجب التكليف الشرعي الاسلا مي المتوجه اليه. ونحن- الذين لا نعيش نظر المهدي (عليه السلام) واهدافه- نكاد نكون في جهل مطبق، من حيث تشخيص ان هذا الظلم هل له دخل في تحقيق شرط الظهور او لا ، فانه يحتاج الى نظر بعيد يمتد خلال السنين الى يوم الظهور 0 وهذا النظر منعدم لدى اي فرد في العالم ما عدا المهدي (عليه السلام) نفسه. فيعود تشخيص ذلك إليه ، بما وهبه الله تعالى من ملكات وقابليات على تشخيص الداء والقيادة نحو الدواء. والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين الموضوع
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
الامام المهدي عج واطروة خفاء العنوان
[frame="4 80"]الرحمن الرحيم ان العمل المتصور للامام المهدي (عليه السلام) بناء على ما هو الصحيح من صحة اطروحة (خفاء العنوان) ينقسم الى قسمين: القسم الاول : عمل يقوم به بصفته الحقيقية، بحيث يمكن للفرد نسبته اليه ولو بعد انتهاء العمل . القسم الثاني: عمل يقوم به حال كونه مجهول الحقيقة، يعيش في المجتمع كفرد عادي، بشخصية ثانوية، وفي اسم آخر وحرفة ومكان غير ملفت لأي نظر. اما العمل بصفته الحقيقية في تنفيذ ما يمكنه تنفيذه من التكاليف الاسلامية فمن غير المحتمل ان يكون المهدي (عليه السلام) شرعا مكلـفاً بذلك ، لتعذر العمل عليه بهذه الصفة . واما عمله بصفته فردا اعتياديا في المجتمع، فهذا ما لا دليل على نفيه بحال،فحسبنا من ذلك امكان العمل بالنسبة اليه، وعدم منافاته مع غيبته وخفاء عنوانه بحال، فيكون واجبا عليه، كاي فرد اخر من المسلمن يجب عليه ان يودي اي عمل ممكن في مصلحة الاسلام. وهو اعلى واولى من يلتزم باطاعة احكام الاسلام. ومن هنا لا يمكننا ان نتصوره (عليه السلام) الا قائما بواجبه في حال اقتضت المصلحة تنفيذه . كهداية شخص او جماعة من الكفر الى الاسلام او من الانحراف الى الوعي او من الظلم الى الاعتدال ، او جعل الموانع ضد الظلم القائم في المجتمع، في تاثيره على الاسلام والمسلمين عامة وضد قواعده الشعبية خاصة ، الى غير ذلك. وما ادرانا كيف سيصبح حال المجتمع المسلم لو سحب الامام (عليه السلام) لطفه وكفَّ اعماله ، والى اي درجة من الضلال والظلم يمكن ان يبلغ . على اننا نحتمل في كل عمل خيري عام او سنة اجتماعية حسنة او فكرة اسلامية جديدة ، او نحو ذلك من الامور... نحتمل ان يكون وراءها اصبع مخلص متحرك من قبل الامام المهدي (عليه السلام). وانه هو الذي زرع بذرته الأولى في صدرِ أو عملِ احد الأشخاص او الجماعات... بحيث انتجت اكلها في كل حين باذن ربها. وهذا الاحتمال لا نافي له، بتقدير صدق اطروحة خفاء العنوان. ومجرد الاحتمال يكفينا بهذا الصدد، بصفته أطروحة محتملة تنسجم مع الأدلة العامة والخاصة . وهذا هو المراد الحقيقي الواعي من النصوص الواردة عن المهدي (عليه السلام) نفسه، والتي تثبت قيامه بالعمل النافع بوضوح. فمن ذلك قوله المشهور: واما وجه الانتفاع بي في غيبي، فكالانتفاع بالشمس اذا غيبها عن الابصار السحاب. واضاف (عليه السلام ): واني لامانٌ لأهل الأرض كما ان النجوم امانٌ لاهل السماء. فالسحاب كناية عن خفاء العنوان ، والشمس كناية عن التأثير النافع المنتج في المجتمع ، بعد وضوح ان العمل الذي يمكن للمهدي (عليه السلام) تنفيذه مع جهل الناس بحقيقته وعنوانه - اي في غيبته- اقلَّ بكثير مما يستطيع القيام به حال ظهوره وإعلان أمره. وهذا الفهم هو المعين لهذا الحديث الشريف، بناء على أطروحة خفاء العنوان . ومن ذلك: ما روي عن المهدي (ع) مخاطبا لقواعده الشعبية: ائا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء ، فاتقوا الله جل جلاله ، وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد انافت عليكم ، يهلك فيها من حمَّ اجله ، ويحمى عنها من أدرك أمله. ونحن نعلم ان وقوفه (عليه السلام) ضد الأعداء ونزول اللأواء - وهي الشدائد - لا يكون الا بالعمل المثمر والجهاد الحقيقي على الصعيدين العام والخاص. وخاصة، وهو يأمرنا بمظاهرته أي معاونته وموافقته على إخراجنا من الفتنة والنجاة من الهلكة. فان على كل فرد مسؤولية تامة في ذلك ، ولا تنحصر المسؤولية بالقائد، كما هو واضح، بل ان شعوره بالمسؤولية لا يكاد يكون مثمرا من دون شعور شعبه ورعيته بمسؤوليتهم تجاه قائدهم ومبدئهم أيضا. إذن ، فهو (عليه السلام) يحملُ هم شعبه ومواليه، يتذكرهم دائما ويعمل على حفظهم ودرء المخاطر عنهم باستمرار، بمقدار ما يمكنه ان يؤديه من عمل ، تماما كما هوالمعروف عن آبائه (عليهم السلام) ، وكما هو المعروف في خلال غيبته الصغرى.. غاية الفرق ان تلك الأعمال كانت منه ومن آبائه (عليهم السلام) بالصفة الحقيقية لهم. واما عمله خلال هذه الفترة، فليس بهذه الصفة ، وإنما بصفته فردا اعتياديا في المجتمع. ولكن الامام المهدي (عليه السلام) يتوخى في موارد عمله وجود شرطين أساسيين، إن اجتمعا كان في امكانه ان يتصدى للعمل، وان تخلف احدهما ترك العمل لا محالة ، وابقى الواقع على واقعه. الشرط الاول: ان لا يؤدي به عمله الى أنكشاف امره وانتفاء غيبته ، اذ من الواضح ان المهدي (عليه السلام) حين يقوم بالاعمال العامة الإسلامية، بصفته فردا عاديا في المجتمع ، يمكنه ان يستمر بها الى حد معين ليس بالقليل ، ولكنه لو لمع اسمه واشتهر صيته، بـ( شخصيته الثانوية) لكان هناك احتمال كبيرفي انكشاف حقيقته وافتضاح سره ، لا اقل من ان ينتبه الناس الى غموض نسبه وجهالة أصله ، فيتوصلوا بالفحص والسؤال إلى حقيقته، او يحتملوا ذلك على الأقل ، وهو ما لا يريده اللّه تعالى ان يكون. اذن فعمل المهدي (عليه السلام) لا بد ان يقتصر على الحدود التي لا تؤدي الى انكشاف أمره، فيدقق في ذلك ويخطط له ، وهو الخبير الألمعي ويحسب لكل عمل حسابه ، واي عمل يعلم أن التدخل فيه يوجب الانكشاف ينسحب عنه ، مهما ترتبت عليه من نتائج ، لان انحفاظ سره وذخره لليوم الموعود، أهم من جميع ما يتركه من أعمال . ولكن هذا لا ينافي تأثيره في الأعمال الإسلامية الخيرة التي نراها سائدة في المجتمع ، وذلك لإمكان أن يكون هو المؤثر في تأسيسها حال صغرها وضئالة شأنها، وقد أودعها إلى المخلصين الذين يأخذون بها ويذكون أوارها، بدون أن يلتفتوا أو يُلتفت إلى حقيقة عمله ، بقليل ولا بكثير . الشرط الثاني: ان لا يؤدي عمله الى التخلف والقصور في تربية الامة او اختلال شرائط يوم الظهور الموعود. بيان ذلك : اننا نعلم ان ليوم الظهور الموعود شرائط ، ولكل شرط من تلك الشروط أسبابه وعلله ، تلك الاسباب التي تتولد وتنشأ في عصر ما قبل الظهور، حتى ما إذا أتت أُكلها وأثرت تأثيرها بتحقيق تلك الشروط وانجازها، كان يوم الظهور قد آن أوانه وتحققت أركانه. والمهدي (عليه السلام) حيث يعلم الشرائط والأسباب، مكلف- على الاقل- بحماية تلك الأسباب عن التخلف او الانحراف ، لئلا يتأخر تأثيرها أو ينخفض عما هو المطلوب من إنتاجها ، ان لم يكن مكلفا باذكاء اوارها والسير الحثيث في تقدم تاثيرها. ومن اهم شرائط اليوم الموعود ، ان تكون الامة ساعة الظهور على مستوى عالٍ من الشعور بالمسؤولية الاسلامية،والاستعداد للتضحية في سبيل اللة عز وجل او على الاقل ان يكون فيها العدد الكافي ممن يحمل هذا الشعور ليكون هو الجندي الصالح الذي يضرب بين يدي المهدي (عليه السلام) ضد الكفر والانحراف، ويبني بساعده المفتول الغد الاسلامي المشرق. ويكون الجيش المكون من مثل هذا الشخص هو الجيش الرائد الواعي الذي يملا الارض بقيادة المهدي (عليه لسلام) قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا . واذا كان ذلك من الشرائط ، فلا بد من توفر اسبابه في زمن ما قبل الظهور، في عصر الغيبة الكبرى ، والمحافظة على هذه الاسباب. وان السبب الرئيسي الكبير لتولد الوعي والشعور بالمسؤولية الاسلامية والاقدام على التضحية لدى الامة ، هو مرورها بعدد مهم من التجارب القاسية والظروف الصعبة واحساسها بالظلم والتعسف ردحا كبيرا من الزمن... حتى تستطيع ان تفهم نفسها وان تشخص واقعها وتشعر بمسؤوليتها. فان هذه الصعوبات كالمبرد الذي يجلو الذهب ويجعل السكـين نافذا، فان الامة- في مثل ذلك- لا تخلد الى الهدوء والسكون ، بل تضطر الى التفكير بامرها وبلورة فكرها وتشخيص آلامها وامالها وتشعر بنحو وجداني عميق بسهولة التضحية في سبيل الاهداف الكبيرة ووجوبها اذا لزم الامر ونادى منادي الجهاد. وتلك الامة الواعية هي التي تستطيع ان تضرب قدما بين يدي الامام المهدي (عليه السلام) وان تؤسس العدل المنتظر في اليوم الموعود، دون الامة المنحرفة المتداعية، او الامة المنعزلة المتخنثة. فاذا كان مرور الأمة بظروف الظلم والتعسف ضروريا لتحقيق شرط اليوم الموعود ، ومثل هذا الشرط يجب رعايته والمحافظة عليه... اذن فالمهدي (عليه السلام) بالرغم من انه يحسُّ بالاسى لمرور شعبه وقواعده بمثل هذه الظروف القاسية، إلا انه لا يتصدى لإزالتها ولا يعمل على تغييرها، تقديما لمصلحة اليوم الموعود على اهل هذا اليوم الموجود. واما ما لا يكون من الظلم دخيلاً في تحقيق ذلك الشرط ، وكان الشرط الاول لعمل المهدي (عليه السلام) متوفرا فيه ايضا، فان الامام المهدي (عليه السلام) يتدخل لإزالته ويعمل على رفعه، بموجب التكليف الشرعي الاسلا مي المتوجه اليه. ونحن- الذين لا نعيش نظر المهدي (عليه السلام) واهدافه- نكاد نكون في جهل مطبق، من حيث تشخيص ان هذا الظلم هل له دخل في تحقيق شرط الظهور او لا ، فانه يحتاج الى نظر بعيد يمتد خلال السنين الى يوم الظهور 0 وهذا النظر منعدم لدى اي فرد في العالم ما عدا المهدي (عليه السلام) نفسه. فيعود تشخيص ذلك إليه ، بما وهبه الله تعالى من ملكات وقابليات على تشخيص الداء والقيادة نحو الدواء. والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين الموضوع [/frame]
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
الامام العسكري والتمهيد لغيبة الامام محمد المهدي عليهما السلام
[frame="3 80"]بسم الله الرحمن الرحيم نتكلم في هذه الخطبة عن تعاليم وبيانات الامام الحسن العسكري (عليه السلام) عن الامام المهدي (عليه السلام) كحلقة من تبليغات ابائه واجدادئه عنه (عليه السلام) ، مع زيادة جديدة تخص الامام العسكري (عليه السلام) بصفته الواالد المباشر للمهدي والمخطط الاخير لغيبته . وقد اتخذت هذه البيانات والتعاليم على لسان الامام العسكري (عليه السلام) اشكال ثلاثة :- الشكل الاول: بيان عام كبيانات آبائه (عليهم السلام) ، في صفات المهدي (عليه السلام) بعد ظهوره وقيامه في دولة الحق . فمن ذلك قول الامام العسكري (عليه السلام) في جوابه لبعض اصحابه حين سأله عن القائم إذا قام بمَ يقضي؟ واين مجلسه الذي يقضي فيه؟ فكتب(عليه السلام) :- سألتَ عن القائم ، فإذا قام قضى بين الناس بعلمه كقضاء داوود ، لا يسأل البينة . ونودُ الاشارة في هذه الرواية الى جهتين :- الجهة الأولى : ان السؤال والجواب بين السائل والامام (عليه السلام) كان بطريقة المكاتبة لا المشافهة ، وهذا تطبيق لسياسة الامام العسكري (عليه السلام) في الاحتجاب تمهيداً لفكرة الغيبة . الجهة الثانية: ان المزية الرئيسية لقضاء داوود (عليه السلام) هو عدم المطالبة بالبينة ، حيث نراه قال للمدعي :- لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه ، من دون ان يلتفت الى صاحبه ويسأله عن رأيه ولا ان يطالب المدعي بالبينة المثبتة لدعواه . وعلى أي حال فتطبيق ذلك من قبل المهدي (عليه السلام) يتوقف الجزم به على صحة هذه الروايات التي اعربت عنه ، وفي بعضها ما يدل على انه (عليه السلام) يقوم بذلك بعد ظهوره مرة واحدة امتحاناً لاصحابه واستيثاقاً منهم ، كما كانت نفس الحادثة بالنسبة الى النبي داوود (عليه السلام) امتحاناً له ((وظن داود انما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعاً واناب)) . الشكل الثاني : ان يتخذ بيان الامام العسكري(عليه السلام) عن المهدي شكل النقد السياسي لبعض الاوضاع القائمة آنئذٍِ ، مقترنة بفكرة ان المهدي (عليه السلام) حينما يظهر فانه يأمر بتغييرها . وكل ما يأمر المهدي بتغييره فهو باطل للتسالم على كون حكمه قائماً على العدل الاسلامي ، كما جاء به رسول الله (صلى الله عليه وآله) . فمن ذلك قوله (عليه السلام) : إذا خرج القائم يأمر بهدم المنابر والمقاصير التي في المساجد ... والمقاصير غرف معينة بناها الخلفاء في المساجد حتى يصلوّا فيها بإمامة الجماعة منفصلين عن جماعتهم ، لأجل حفظ غرضين من اغراضهم هما الامن اثناء الصلاة من الاعتداء وزرع الهيبة في نفوس الاخرين ، وهذا العمل مما يعتقد الامام بطلانه ، ولا زال من واضحات الفقه الامامي فساد الجماعة اذا صُليت بانفصال الامام عن المأموم ، ومن ثم يكون من الحق ان يأمر المهدي بازالة ذلك عن الوجود . غير اننا نجد الراوي لم يفهم الوجه في ذلك ، وتسائل في نفسه مستغرباً :- لأي معنى هذا ، فيُقبل الامام عليه ويقول : معنى هذا انها مُحدَثة مُبتدَعة لم يبنها نبي ولا حجة . الشكل الثالث : ان يتخذ البيان شكل الوصية العامة والنصيحة التوجيهيـة الكبيرة لقواعده الشعبية ، واعطائهم الفكرة الصحيحة الحقة ، فيما هـو تكليفهم الاسلامي في سلوكهم النفسي والاجتماعي اتجاه ما سيعانونه ، من غيبة امامهم وانقطاعهم عن القيادة المعصومة ردحاً من الزمن . فنراه (عليه السلام) يكتب الى احد علمائنا الابرار ابي الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمي ، رسالة بهذا الشأن يقول فيها :- عليك بالصبر وانتظار الفرج ، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :- افضل اعمال امتي انتظار الفرج ..... ولا يزال شيعتنا في حزن حتى يظهر ولدي الذي بشر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، فاصبر ياشيخي يا أبا الحسن علي ، وأْمر جميع شيعتي بالصبر ، فأن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين . فهذا هو اعلى مستوى اسلامي واعي ، للسلوك الصحيح للفرد المسلم في اثناء الغيبة ، ومن هنا الامام العسكري (عليه السلام) يؤكد في عباراته هذه على عدة مفاهيم :- المفهوم الأول:- الصبر بمعنى تحمل المشاق والعقبات ، والارتفاع فوق مستوى الالام التي تنجم عن فعل الظالمين خلال عصر الغيبة ، وعن انعدام القيادة الرشيدة الموحدة ، فأنه يجب ان لا تكون المصاعب مثبطات للعزم وموهنة لقوة الارادة التي يحملها المؤمن بين جنبيه ، اتجاه مسالمة الباطل والتعامل مع المبطلين . المفهوم الثاني:- انتظار الفرج ... وتوقع اليوم الذي يُنفّذ الله تعالى به وعده الكبير الذي قطعه على نفسه في كتابه الكريم بقوله تعالى ((وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا ، يعبدونني لا يشركون بي شيئاً)) . فالوعد باعطاء القيادة العالمية والتوجيه البشري العام بيد الزمرة المؤمنة الصالحة ، التي كانت في عصور الظلم والفساد مضطهدة خائفة ..... الوعد الذي تظهر به نتائج جهود كل الانبياء والاوصياء والشهداء والصالحين وتتكلل كل متاعبهم بالنجاح ..... الوعد الذي يتم بتخطيط من الله عز وجل وتنفيذ من قبل القائد الاكبر الحجة المهدي (عليه السلام) . ولا يخفى ما في الانتظار المنسجم مع المبادئ الاسلامية العليا ، من الاثر الايجابي على نفس المؤمن وسلوكه ، اذا تصورنا ما في اليأس والقنوط من أثر سلبي عليه ، في اضعاف معنوياته وكبح جماحه والكفكفة من نشاطه .... اذا لم يكن لنشاطه امل يرجى او نتيجة تُقصد . على حين ان هذا الانتظار أو الامل المنسجم مع المبادئ الاسلامية العليا يُعطيه الدفع الثوري ، الكافي ايماناً وسلوكاً لكي ينخرط الفرد في سلك الانبياء والشهداء والصالحين ... ويشارك بمقدار جهده بتمهيد المقدمات ليوم الله الموعود . المفهوم الثالث: اعطاء القيادة العامة في زمن الغيبة الى العلماء بالله ، الذين يمثلون خط الامام (عليه السلام) .... ذلك المفهوم الذي اعطاه الامام الصادق (عليه السلام) صيغته التشريعية بقوله :- ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا ، فليرضوا به حكما فاني قد جعلت عليكم حاكماً ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه ، فأنما استخف بحكم الله وعلينا رد ، والراد علينا راد على الله وهو على حد الشرك بالله . وأوضح هذا المفهوم واعطاه صيغته الاجتماعية الكاملة الامام الهادي (عليه السلام) حين قال :-((لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم (عليه السلام) من العلماء الداعين اليه والدالين عليه ، والذابين عن دينه بحجج الله ، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك ابليس ومردته ، ومن فخاخ النواصب ، لما بقي أحدٌ إلا أرتد عن دين الله .... ولكنهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء شيعتنا كما يمسك صاحب السفينة سكانها ، أؤلئك هم الافضلون عند الله عز وجل . والاساس العام الذي تقوم عليه هذه البيانات هو : ان المسلمين الممثلين لخط الائمة (عليهم السلام) وقواعدهم الشعبية الكبرى يجب ان لا تبقى – في زمن الغيبة وانقطاع القيادة المعصومة ومصدر التشريع – خالية عن المرشد والموجه والفكر المدبر .... يعطيهم تعاليم دينهم ويرتفع بمستوى إيمانهم وعقيدتهم ، ويشرح لهم اسلامهم ، ويوجههم في سلوكهم الى العدل والصلاح ورضا الله عز وجل . فأن من هذه الجماهير – ان لم يكن الاكثر – من يكون ضعيف الايمان والارادة ، يحتاج في تصعيد مستواه الروحي وعمله الايماني الى مرشد وموجه ، وإلا كان لقمة سائغة لمردة إبليس وشباكه من اعداءالدين والمنحرفين وذوي الاغراض الشخصية والمصالح الظالمة . ومن هنا نرى الامام العسكري (عليه السلام) ايضاً يؤكد على ذلك ، فأن ابن بابويه القمي حلقة من سلسلة علمائنا الصالحين ، فهو يريد ان يشجعه اكبر تشجيع ويجعل له بين قواعده الشعبية عنواناً كبيراً وأمراً نافذاً فيقول له تارة :- يا شيخي يا أبا الحسن ، ويقول له تارة أخرى :- وأْمر شيعتي بالصبر . فكأن مراسلته مراسلة ٌ للجميع وتبليغه بالتعاليم تبليغ للكل ، لأنه هو المشرف على مصالح هذه الجماهير الموالية للأئمة (عليهم السلام) في عصره الخاص الذي سيكون من عصور الغيبة في أول وجودها . الموضوع
[/frame]
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
ليس المهم من تقلد لاكن المهم ان تكون تقليدك بحجه شرعيه
ليس المهم من تقلد لاكن المهم ان تكون تقليدك بحجه شرعيه تبرء ذمتك امام الله وامام الامام المهدي عج
وتتبع الطريق الشرعي والاخلاقي في البحث عن الخط والمرجع الذي يمثل الامام المهدي
وعليك الحذر كل الحذر من المصاءد
فأن المرجع واحد هو الاعلم والاورع وهو نائب الامام المهدي حسب قول علمئنا الابرار حسب الحاديث الواده عن ال محمد عليهم السلام
- اقتباس
- تعليق
تعليق
اقرأ في منتديات يا حسين
تقليص
لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.
تعليق