إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

هل تعلم أن عمر بن الخطاب ..لللللللل....أول من قال وقام بتحريف القرآن

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل تعلم أن عمر بن الخطاب ..لللللللل....أول من قال وقام بتحريف القرآن

    بسم الله الرحمن الرحيم

    والصلوات التامات الكاملات النيرات على محمد وآله

    يبدوا أن اهل السنة يطبقون المثل الشائع : رمتني بدائها وانسلت ..........فيتهمون الشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن . مع أن خليفتهم عمر بن الخطاب أول من قال ، وقام بتحريف القرآن الكريم ...............أما أنه أول من قال بتحريف القرآن فأنظر الى الروايات التالية :

    روى في كنز العمال ج 2 ص 480 ( من مسند عمر , عن حذيفة قال قال لي عمر بن الـخـطـاب : كم تعدون سورة الاحزاب ؟ قلت ثنتين او ثلاثا وسبعين , قال : ان كانت لتقارب سورة البقرة , وان كان فيها لآية الرجم ــ ابن مروديه ).
    وروى نحوه احمد في مسنده ج 5 ص 132 , ولكن عن ابي بن كعب .
    وكـذا الـحـاكـم في المستدرك ج 2 ص 415 , وج 4 ص 359 وقال في الموردين ( هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ) ورواه البيهقي في سننه ج 8 ص 211 كما في رواية الحاكم الثانية .



    قال السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 422 ( واخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال قال رسـول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : القرآن الف الف حرف وسبعة وعشرون الف حرف , فمن قراه صـابـرا مـحـتسبا فله بكل حرف زوجة من الحور العين قال بعض العلماء هذا العدد باعتبار ما كان قرآنا ونسخ رسمه , والا فالموجود الآن لا يبلغ هذه العدة ).
    ورواه الـهـيـثمي في مجمع الزوائد ج 7 ص 163 وقال ( رواه الطبراني في الاوسط عن شيخه محمد بن عبيد بن آدم بن ابي اياس , ذكره الذهبي في الميزان لهذا الحديث , ولم اجد لغيره في ذلك كلاما , وبقية رجاله ثقات ).
    ورواه فـي كـنز العمال ج 1 ص 517 وقال عن مصادره ( ط ص , عن عمر ) ورواه في ج 1 ص 541 وعـن ( طس , وابن مردويه وابونصر السجزي في الابانة عن عمر قال ابو نصر : غريب الاسـنـاد والمتن , وفيه زيادة على ما بين اللوحين , ويمكن حمله على ما نسخ منه تلاوة مع المثبت بين اللوحين اليوم ) انتهى .

    هذا غيض من فيض من بركاته في القول بتحريف القرآن ، وأللحظ ما تقوله الرواية بأن القرآن انزل الف الف حرف ...، وأللحظ القرآن الذي بين ايدينا ، فإنه لا يبلغ ثلث ما ادعاه .

    اما قولنا أول من قام بالتحريف :

    قال البخاري في صحيحه ج 6 ص 72 ( سورة انا ارسلنا ديارا من دور , ولكنه فيعال من الدوران , كـمـا قـرا عمر : الحي القيام , وهي من قمت ) ودافع عن الخليفة في ج 8 ص 184 فقال ( وقال مجاهد القيوم القائم على كل شئ وقرا عمر القيام , وكلاهما مدح
    وروى الـهـيـثمي في مجمع الزوائد ج 7 ص 154 ( عن ابي خالد الكناني عن ابن مسعود انه كان يقرؤها : الحي القيام رواه الطبراني , وابو خالد لم اعرفه , وبقية رجاله ثقات ).
    وروى الـسـيوطي في الدر المنثور ج 2 ص 3 ( اللّه لا اله الا هو الحي القيوم واخرج سعيد بن مـنـصـور والطبراني عن ابن مسعود انه كان يقرؤها القيام واخرج ابن جرير عن علقمة انه قرا الحي القيوم ).
    وفـي كنز العمال ج 2 ص 592 ( عبدالرحمن بن حاطب ان عمر صلى بهم العشاء الاخرة فاستفتح سـورة آل عمران فقرا : آلم اللّه لا اله الا هو الحي القيام ــ ابو عبيد في الفضائل ص , وعبد بن حميد وابن ابي داود وابن الانباري معا في المصاحف وابن المنذر , ك ).




    البخاري في صحيحه ج 6 ص 63 ( قوله وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ، وقرأ عمر : فامضوا الى ذكر الله ) . / صفحة 142 / وروى ابن شبة في تاريخ المدينة ج 2 ص 711 ( عن إبراهيم عن خرشة بن الحر قال : رأى معي عمر بن الخطاب رضي الله عنه لوحا مكتوبا فيه : إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله ، فقال : من أملى عليك هذا ؟ قلت أبي بن كعب ، فقال إن أبيا كان أقرأنا للمنسوخ ، إقرأها : فامضوا الى ذكر الله ! ) . وروى البيهقي في سننه ج 3 ص 227 ( عن سالم عن أبيه قال : ما سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرؤها إلا : فامضوا الى ذكر الله . . . أنبأ الشافعي ، أنبأ سفيان بن عيينة ، فذكره بنحوه ) . وقال السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 219 ( قوله تعالى : فاسعوا الى ذكر الله . . الآية . أخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن خرشة بن الحر قال رأى معي عمر بن الخطاب لوحا مكتوبا فيه إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله فقال : من أملى عليك هذا ؟ قلت أبي بن كعب ، قال إن أبيا أقرؤنا للمنسوخ ، إقرأها فامضوا الى ذكر الله ! ) انتهى .

    وروى فـي كنز العمال ج 2 ص 591 ( عن عمر انه كان يقرا : اذا كنا عظاما ناخرة , بالف ــ ص وعبد بن حميد ).

    قـال السيوطي في الدر المنثور ج 1 ص 15 ( اخرج وكيع وابو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حـمـيـد وابـن الـمنذر وابن ابي داود وابن الانباري كلاهما في المصاحف من طرق عن عمر بن الخطاب انه كان يقرا : سراط من انعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين .
    واخرج ابو عبيد وعبد بن حميد وابن ابي داود وابن الانباري عن عبداللّه بن الزبير قرا : صراط من انعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغيرالضالين , في الصلاة .
    واخرج ابن ابي داود عن ابراهيم قال كان عكرمة والاسود يقرآنها : صراط من انعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين ).
    وقـال في ص 17 ( واخرج ابن شاهين في السنة عن اسماعيل ابن مسلم قال في حرف ابي بن كعب غير المغضوب عليهم وغير الضالين آمين بسم اللّه ).
    ورواه فـي كـنـز الـعـمال ج 2 ص 593 ( عن عمر انه كان يقرا : سراط من انعمت عليهم غير الـمـغضوب عليهم ولا الضالين ــ وكيع وابو عبيد , ص , وعبد بن حميد وابن المنذر , وابن ابي داود , وابن الانباري معا في المصاحف ).
    ورواه البغوي في معالم التنزيل ج 1 ص 42 والراغب في محاضراته ج 2 ص 199 وابن جزي في التسهيل وغيرهم وغيرهم .

    هذا غير الآيات الغريبة العجيبة المنسوخة عندهم ، وغير تغيير معاني بعض الآيات ، او محاولة جعل المعوذتين من الادعية وحذفحا من القرآن ، الى غير ذلك مما ملأ كتبهم من المخازي .......

    ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

  • #2
    يتيمة الزهراء من كربلاء

    السلام عليكم اخي شيعي حقيقي انت مو بس شيعي حقيقي انت شيعي اصيل عندك غيرة و حمية كما يقول المهاجر –اطال الله عمره-
    اما عن عمر هو لما اغتصب حق القرأن الناطق الأمام علي روحي لتراب اقدامه الفداء بقت على القران الكريم وهو منو الي سلم من عمر حتى القرأن الكريم يسلم منه
    لكن وين الوهابية اشوفهم ضموا روحهم مو هذا خليفة رسول الله لوووووووووووووووو؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    صاموت لاموت
    الحمد لله والشكر

    تعليق


    • #3
      خوب


      بارك الله فيك

      تعليق


      • #4
        بارك الله في شيعة الزهراء

        إذا كان هذا حال أفضل القرَاء فالله المستجار! ألا يؤدي هذا إلى طعن بالقرآن يا بخاري من صاحبك عمر؟!
        http://www.yahawra.com/vb/showthread.php?t=12852

        بحوث متنوع لمن يريدها :
        http://www.yahawra.com/vb/showthread.php?t=11024

        تعليق


        • #5
          بسم الله الرحمن الرحيم
          والصلوات التامات الكاملات النيرات العطرات على محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وافضل واشرف التسليمات والتبريكات

          شكرا للأخوة الكرام على مشاركتهم القيمة وكنا نتمنى ان نرى ايضا تعليقات من من يوالون خليفة المحرفين والمخرفين لنريهم من الادلة ما يتبينوا منه هشاشة وفساد ما يذهبون اليه ،
          ولكن يبدوا انهم يسلمون بما نقوله ويصرون على التمثل بالمثل الشائع
          رمتني بدائها وانسلت


          وعلى كل حال شكرا للأخوة على مفاعلتهم ومشاركته ، ونسأل الله أن يهديهم وأيانا لما فيه رضا لله عز وجل بحق الحسين وأخيه وامه وجده وابيه وشيعته ومواليه وزائريه ومحبيه
          والسلام

          تعليق


          • #6
            يرفع

            اللهم صلي على محمد وأل محمد

            تعليق


            • #7
              شكرا للاخ اكلريم hadi

              ونسأل هنا اين الذين يدعون انهم هم اهل السنة ؟؟؟؟؟؟؟؟

              الذين دائما يتهمون الشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن ؟؟؟؟؟؟؟؟

              ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

              تعليق


              • #8
                إن لله وإن إليه راجعون

                أين القوم؟؟

                الهذه الدرجة مخيف موضوع الأخ شيعي حقيقي؟

                الواضح أنهم يطبقون أحد صفات سيدهم عمر

                وهي الجبن:d

                تعليق


                • #9
                  بسم الله الرحمان الرحيم
                  اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                  تحياتي للأخوة الكرام

                  الأخ الكريم : شيعي حقيقي

                  جزاك الله خيراً على ما خطت يداك من إظهار ما ورد في كتبهم وتوضيح أقوال سيدهم عمر ينكرون الشيء مع وجوده عندهم
                  ننتظر ردهم هل سيقولون بأنها أحاديث ملفقة له أم ماذا ؟؟؟؟!!!!

                  الحمد لله الذي هدانا لطريقه المستقيم
                  التعديل الأخير تم بواسطة المستبصرالمهدوي; الساعة 03-07-2005, 01:33 AM.

                  تعليق


                  • #10
                    السلام عليكم ورحمة اله وبركاته

                    جعلك من اصحاب الأمام المهدي عجل الله فرجه اخي الموالي شيعي حقيقي

                    تعليق


                    • #11
                      شكرا للأخوة الكرام : ALMOMAHD :لمستبصرالمهدوي hadi :
                      وغيرهم من الاخوة الكرام على مشاركتهم القيمة ونسأل الله ان يهديهم وايانا لما هو خير لنا في الدنيا والاخرة

                      وكما قلنا مرارا وتكرارا
                      ان القوم يطبقون المثل : رمتني بدائها وانسلت
                      فيتهموننا بالتحريف مع ان خليفتهم ابو التحريف وملك التحريف واول المحرفين .........زززز

                      ويبدوا انهم يسلمون بما نقول لذلك لا يردون

                      تعليق


                      • #12
                        سؤال : يعني هل القران الموجود الان محرف ؟ وما حكم من اعتقد انه كذلك ؟ أجيبوا يا قوم ؟
                        هل يكون مسلما من قال أن القرآن الموجود الان ناقص أو فيه زيادة ؟
                        هذا الكلام خطير حيث يفهم من كلامك أخي أنك تقر القائلين بأنه محرف . وأن عمر هو الذي حرفه .
                        الرجاء الرد

                        تعليق


                        • #13
                          هل توافق على هذا الكلام

                          نماذج من روايات تحريف القران في كتب الشيعة

                          روى (الكافي) بالاسناد عن علي بن سويد ، قال : كتبتُ إلى أبي الحسن موسى عليه السلام وهو في الحبس كتاباً ـ وذكر جوابه عليه السلام ، إلى أن قال: ـ « أُؤتمنوا على كتاب الله ، فحرّفوه وبدّلوه ». راجع : الكافي 8 : 125 | 95 .

                          روى الكليني في (الكافي) عن سالم بن سلمة ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : « إذا قام القائم قرأ كتاب الله عزّ وجل على حدّه ، وأخرج المصحف الذي كتبه علي» راجع : الكافي 2: 633 | 23.

                          روى في (الكافي) عن أبي جعفر الباقر قال : «نزل جبرئيل بهذه الآية على محمد هكذا : ( وإن كُنْتُم في رَيْبٍ مِمّا نَزَّلنا عَلَى عَبْدِنا ـفي عليّ ـ فأتُوا بسُورةٍ مِن مِثْلِهِ ) . البقرة 23. راجع : الكافي 8: 53| 16.

                          ما روي في (الكافي) عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله في قوله تعالى : ( من يُطعِ اللهَ ورَسُولَه ـ في ولاية عليّ والاَئمّة من بعده ـ فَقَد فَازَ فَوْزَاً عَظِيماً ) (الاحزاب 33: 71)هكذا نزلت . الكافي 1: 417 | 26 . الكافي 1 : 414 | 8 .

                          ما رواه الكليني في (الكافي) والصفار في (البصائر) عن جابر ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « ما ادعى أحدٌ من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أُنزل إلاّكذّاب ، وما جمعه وحفظه كما أنزله الله تعالى إلاّ علي بن أبي طالب عليه السلام والاَئمّة من بعده عليهم السلام » راجع : الكافي 1 : 228 | 1 ، بصائر الدرجات 2: 213.

                          ما رواه الكليني في (الكافي) والصفار في (البصائر) عن جابر، عن أبي جعفر أنّه قال : « ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كلّه ظاهره وباطنه غير الاَوصياء » راجع : الكافي 1 : 228 | 2 ، بصائر الدرجات : 213 | 1

                          ما رُوي في (الكافي) عن الاَصبغ بن نباتة ، قال : سَمِعتُ أمير المؤمنين يقول : « نزل القرآن أثلاثاً : ثلث فينا وفي عدوّنا ، وثلث سنن وأمثال ، وثلث فرائض وأحكام » . راجع : الكافي 2:627|2.
                          ما روي في (تفسير العياشي) مرسلاً عن الصادق قال : « إنّ في القرآن ما مضى ، وما يحدث ، وما هو كائن ، كانت فيه أسماء الرجال فألقيت، إنّما الاسم الواحد منه في وجوه لا تُحصى، يعرف ذلك الوصاة. راجع : تفسير العياشي 1: 12|10

                          ما روي في (الكافي) عن البزنطي ، قال : دفع إليَّ أبو الحسن الرضا عليه السلام مصحفاً ، فقال : « لا تَنْظُر فيه » . ففتحته وقرأت فيه ( لم يكن الذين كفروا ...)( البينة 98: 1) فوجدت فيها اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم . قال : فبعث إليّ : « ابعث إليّ بالمصحف » راجع : الكافي 2 : 631 | 16 .

                          ما رُوي في (الكافي) عن منخل ، عن أبي عبدالله قال : «نزل جبرئيل على محمّد بهذه الآية هكذا ( يا أيُّها الذينَ أوتُوا الكتاب آمِنوا بما أنَزَّلنَا ـ في عليّ ـ نُوراً مُبِيناً ) . الكافي 1: 417/ 27 وصدر الآية من سورة النساء 4: 47 هكذا ( يا أيها الذين أمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم ...) وأما آخرها ( نور مبيناً ) فهو في نفس السورة آية : 147 هكذا ( يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم و أنزلنا إليكم نوراً مبينا ) ولعله سقط من الخبر شيء .

                          روى ابن شهر آشوب في (المناقب) من خطبة أبي عبدالله الحسين الشهيد في يوم عاشوراء وفيها : « إنّما أنتم من طواغيت الاَُمّة، وشُذّاذ الاَحزاب ، ونبذة الكتاب ، ونفثة الشيطان ، وعصبة الآثام ، ومحرّفي الكتاب » راجع : بحار الانوار 45: 8

                          وروى البحراني في شرحه لنهج البلاغة: ( أن عثمان بن عفان جمع الناس على قراءة زيد بن ثابت خاصة وأحرق المصاحف وأبطل ما لاشك أنه من القرآن المُنزل) شرح نهج البلاغة /هاشم البحراني 1/1).

                          ما رواه الشيخ الصدوق في (ثواب الاعمال) عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله قال : « سورة الاَحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم يا بن سنان ، إنّ سورة فضحت نساء قريش من العرب ، وكانت أطول من سورة البقرة، ولكن نقصّوها وحرّفوها » . راجع : ثواب الاعمال : 100 .

                          ما رُوي في (تفسير العياشي) عن الصادق قال : « لو قُرىء القرآن كما أُنزل لاَلفيتنا فيه مُسمّين ». راجع : تفسير العياشي 1: 13 | 4 .

                          ما رواه العياشي في (تفسيره) عن مُيسّر ، عن أبي جعفر قال : لولا أنّه زيد في كتاب الله ونقص منه ، ما خفي حقّنا على ذي حجا، ولو قد قام قائمنا فنطق صدّقه القرآن. راجع : تفسير العياشي 1:13|6.

                          عن أبي جعفر: « إذا قام القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ضرب فساطيط لمن يُعلّم الناس القرآن على ما أنزله الله عزّ وجل ، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم ؛ لاَنّه يخالف فيه التأليف»راجع : ارشاد المفيد 2 : 386 تحقيق مؤسسة آل البيت ، روضة الواعظين 265.

                          وروى نحوه النعماني في الغيبة راجع : غيبة النعماني : 318 و 319 .
                          أنّ التحريف قد وقع في التوراة والانجيل ، وقد ورد في الاَحاديث عن النبي الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : «يكون في هذه الاَُمّة كلّ ما كان في بني إسرائيل ، حذو النعل بالنعل ، وحذو القذّة بالقذّة» راجع : الفقيه 1 : 203 | 609 .

                          ويقول محدثهم النوري الطبرسي: ( إن الأخبار الدالة على ذلك ـ التحريف ـ يزيد على ألفي حديث وادعى استفاضتها جماعة كالمفيد والمحقق والعلامة المجلسي وغيرهم, واعلم أن الأخبار منقولة من الكتب المعتبرة التي عليها معول أصحابنا في إثبات الأحكام الشرعية والآثار النبوية)( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب 227).

                          وينقل الإجماع على التحريف الجزائريّ في كتابه [الأنوار النعمانية] كما يذكر ذلك صاحب كتاب: [فصل الخطاب] ( إن لأصحاب قد أطبقوا على صحة الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القران) راجع : فصل الخطاب ص 30).

                          ويقول المفسر الشيعي محسن الكاشاني: ( إن القران الذي بين أيدينا ليس بتمامه كما أُنزل على محمد بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله, ومنه ما هو مغير محرف, وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة)( تفسير الصافي /المقدمة - محسن الكاشاني).

                          ويؤكد ذلك طيب الموسوي في تعليقه على تفسير القمي علي بن إبراهيم: (ولكن الظاهر من كلمات غيرهم من العلماء والمحدثين, المتقدمين منهم والمتأخرين القول بالنقيصة كالكليني والبرقي والعياشي والنعماني وفرات بن إبراهيم وأحمد بن طالب الطبرسي والمجلسي والسيد الجزائري والحر العاملي والفتوني والسيد البحراني, وقد تمسكوا في إثبات مذهبهم بالآيات والروايات التي لا يمكن الإغماض عليها) راجع : تفسير القمي المقدمة ص23).

                          والمجلسي يُصرح قائلاً: ( أن عثمان حذف عن هذا القرآن ثلاثة أشياء: مناقب أمير المؤمنين علي, وأهل البيت, وذم قريش والخلفاء الثلاثة مثل آية " يا ليتني لم أتخذ أبا بكر خليلا") (تذكرة الأئمة المجلسي ص9).

                          ويقول أحد علمائهم رداً على الشريف المرتضى في قوله بعدم التحريف: (فإن الحق أحق أن يتبع,ولم يكن السيد علم الهدى ـ المرتضى ـ معصوماً حتى يجب أن يطاع فلو ثبت أنه يقول بعدم النقيصة مطلقاً لم يلزمنا إتباعه ولا خير فيه)( الشيعة والسنة ص133 إحسان ظهير).

                          قيل للحسين بن عليّ: إنّ فلاناً زادَ في القرآن ونقصَ منه! فقال الحسين: أؤمنُ بما نقصَ وأكفرُ بما زادَ(متشابه القرآن ومختلفه لابن شهرآشوب 2/ 77).

                          وروى سالم بن سلمة قال : قرأ رجلٌ على أبي عبد الله ـ وأنا أسمع ـ حروفاً من القرآن، ليس على ما يقرؤها الناسُ!

                          فقال أبو عبد الله عليه السلام: كُفَّ عن هذه القراءة واقرأ كما يقرأ الناسُ. (الكافي للكليني 2/ 462 ح3 2) .

                          فمثلا يروي محمد بن يعقوب الكليني عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : لم سمي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ؟ قال : الله سماه ، وهكذا أنزل في كتابه " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ( وأن محمدا رسولي وأن عليا أمير المؤمنين ) اصول الكافي ، كتاب الحجة ج 1ص 479.

                          وروى عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى " سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ( بولاية علي ) ليس له دافع ، ثم قال : هكذا والله نزل بها جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآلهالكافي باب الحجة ج 1 ص 490.

                          وروى عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال : نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا " فأبى أكثر الناس (بولاية علي) إلا كفورا ، قال : ونزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا " وقل الحق من ربكم (في ولاية علي) فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين (آل محمد) نارا . كتاب الحجة من الكافي ج 1 ص 493.

                          وعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال هكذا نزلت هذه الآية "ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به (في علي) لكان خيرا لهم. كتاب الحجة من الكافي ج 1 ص 492.

                          وعن منخل عن أبي عبد الله عليه السلام قال : نزل جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا : يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا (في علي) نورا مبينا. كتاب الحجة من الكافي ج 1 ص 485.

                          وعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا "بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله (في علي) بغيا. كتاب الحجة من الكافي ج 1 ص 484.

                          ويذكر على بن إبراهيم القمي في مقدمة تفسيره " أنه طرأ على القرآن تغيير وتحريف ويقول: وأما ما كان خلاف ما أنزل الله فهو قوله تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " فقال أبو عبد الله عليه السلام لقارئ هذه الآية: خير أمة تقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين بن علي ؟ فقيل له : فكيف نزلت يا ابن رسول الله ؟ فقال : نزلت كنتم خير أئمة أخرجت للناس" وقال: واما ما هو محرف منه فهو قوله : لكن الله يشهد بما أنزل إليك (في علي) كذا نزلت ، وقوله : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك (في علي) . تفسير القمي مقدمة المؤلفج 1 ص 36.

                          عن أبي هريرة عن النبي قال: لما أسري بي الى السماء سمعت نداءا من تحت العرش أن عليا راية الهدى وحبيب من يؤمن بي، بلغ يا محمد، قال: فلما نزل النبي أسر ذلك، فأنزل الله يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك في علي بن أبي طالب وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس . شواهد التنزيل ج 1 ص 249.

                          وهذا الكلام بالتحريف لايجوز اعتقاده ولا يجوز الدفاع عنه حتى وان صدر ممن نحب
                          أخوكم موالي حب النبي والدليل :
                          في المشاركة التالية
                          التعديل الأخير تم بواسطة موالي حب النبي; الساعة 04-07-2005, 05:15 AM.

                          تعليق


                          • #14
                            أدلة الشيعة على نفي تحريف القرآن الكريم

                            السيد علي الحسيني الميلاني



                            والواقع أنّ الأدلّة الدالّة على عدم وجود النقص في القرآن الكريم هي من القوّة والمتانة، بحيث يسقط معها ما دلّ على التحريف بظاهره عن الاعتبار لو كان معتبراً، ومهما بلغ في الكثرة، ويبطل القول بذلك حتى لو ذهب إليه أكثر العلماء. وقد عقدنا هذا الفصل لإيراد تلك الأدلة بإيجاز.


                            أولاً: آيات من القرآن الكريم

                            والقرآن الكريم فيه تبيان لكل شيء، وما كان كذلك كان تبياناً لنفسه أيضاً، فلنرجع إليه لنرى هل فيه دلالة على نقصانه أو بالعكس.

                            أجل، إنّ في القرآن الحكيم آيات تدل بوضوح على صيانته من كلّ تحريف، وحفظه من كلّ تلاعب، فهو ينفي كل أشكال التصّرف فيه، ويعلن أنّه لا يصيبه ما يشينه ويحط من كرامته حتى الأبد.

                            وتلك الآيات هي:

                            1 ـ قوله تعالى: (إنّ الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا*أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة*أعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير*إنّ الذين كفروا بالذكر لمّا جاءهم وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)[سورة فصلت: الآية 40 – 41 - 42].

                            وإذا كان القرآن العظيم لا يأتيه (الباطل) من بين يديه ولا من خلفه، فإن من أظهر مصاديق (الباطل) هو (وقوع النقصان فيه).

                            فهو إذاً مصون من قبل الله تعالى عن ذلك منذ نزوله إلى يوم القيامة.

                            2 ـ قوله تعالى: (إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون)[سورة الحجر: الآية 9].

                            والمراد من (الذكر) في هذه الآية الكريمة على الأصح هو (القرآن العظيم) فالله سبحانه أنزله على نبيّه الكريم، وتعهّد بحفظه، منذ نزوله إلى الأبد، من كلّ ما يتنافى وكونه منهاجاً خالداً في الحياة ودستوراً عاماً للبشرية جمعاء.

                            ومن الواضح أنّ من أهمّ ما يتنافى وشأن القرآن العظيم وقدسيّته الفذة وقوع التحريف فيه وضياع شيء منه على الناس، ونقصانه عما أنزله عزّ وجلّ على نبيّه (صلى الله عليه وآله).

                            3 ـ قوله تعالى: (لا تحرّك به لسانك لتعجل به*إنّ علينا جمعه وقرآنه*فإذا قرآناه فاتّبع قرآنه*ثم إنّ علينا بيانه)[سورة القيامة: الآية 16 – 19].

                            فعن ابن عباس وغيره في قوله تعالى: (إنّ علينا جمعه وقرآنه) إنّ المعنى: إنّ علينا جمعه وقرآنه عليك حتى تحفظه ويمكنك تلاوته، فلا تخف فوت شيء منه(1).


                            ثانياً: الأحاديث عن النبي والأئمة عليهم السّلام

                            والمصدر الثاني من مصادر الأحكام والعقائد الإسلامية هو السنّة النبوية الشريفة الواصلة إلينا بالطرق والأسانيد الصحيحة.

                            ولذا كان على المسلمين أن يبحثوا في السنّة عما لم يكن في الكتاب، وأن يأخذوا منها تفسير ما أبهم، وبيان ما أجمله، فيسيروا على منهاجها، ويعملوا على وفقها، عملاً بقوله سبحانه: (ما آتاكم الرسول فخذوه*وما نهاكم عنه فانتهوا)[سورة الحشر: الآية 7]، وقوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى)[سورة النجم: الآية 3].

                            وعلى هذا، فإنّا لما راجعنا السنّة وجدنا الأحاديث المتكثرة الدالّة بأقسامها العديدة على أنّ القرآن الكريم الموجود بين أيدينا هو ما أنزل على النبي (صلّى الله عليه وآله) من غير زيادة ونقصان، وأنه كان محفوظاً على عهده، (صلّى الله عليه وآله)، وبقي كذلك حتى الآن، وأنّه سيبقى على ما هو عليه إلى الأبد.

                            وهذه الأحاديث على أقسام وهي:


                            القسم الأول

                            أحاديث العرض على الكتاب

                            لقد جاءت الأحاديث الصحيحة تنصّ على وجوب عرض الخبرين المتعارضين، بل مطلق الأحاديث على القرآن الكريم، فما وافق القرآن اخذ به وما خالفه اعرض عنه، فلولا أنّ سور القرآن وآياته مصونة من التحريف ومحفوظة من النقصان ما كانت هذه القاعدة التي قرّرها الأئمّة من أهل البيت الطاهرين، آخذين إياها من جدهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ولا أمكن الركون إليها والوثوق بها.

                            ومن تلك الأحاديث:

                            قول الإمام الصادق (عليه السّلام): (خطب النبي (صلّى الله عليه وآله) بمنى فقال: أيها الناس ما جاءكم عنّي يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله)(2).

                            وقول الإمام الرضا (عليه السلام): (... فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله، فما كان في كتاب الله موجوداً حلالاً أو حرماً فاتّبعوا ما وافق الكتاب، وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن النبي (صلّى الله عليه وآله)...)(3).

                            وقول الإمام الصادق عن أبيه عن جده علي (عليهم السلام): (إنّ على كلّ حق حقيقة، وعلى كلّ صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه)(4).

                            وقول الإمام الهادي (عليه السّلام): (فإذا وردت حقائق الأخبار والتمست شواهدها من التنزيل، فوجد لها موافقاً وعليه دليلاً، كان الإقتداء بها فرضاً لا يتعداه إلاّ أهل العناد...)(5).

                            وقول الإمام الصادق (عليه السّلام): (إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردّوه ...)(6).

                            وقول الإمام الصادق (عليه السّلام): (... ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة، وخالف العامّة فيؤخذ به، ويترك ما خالف الكتاب والسنّة ووافق العامّة ...)(7).

                            فهذه الأحاديث ونحوها تدلّ على أنّ القرآن الموجود الآن هو نفس ما أنزله الله عزّ وجلّ على النبي (صلّى الله عليه وآله)، من غير زيادة ولا نقصان، لأنّه لو لم يكن كذلك لم يمكن أن يكون القرآن مرجعاً للمسلمين يعرضون عليه الأحاديث التي تصل إليهم عن النبي (صلّى الله عليه وآله)، فيعرف بذلك الصحيح ويؤخذ به، والسقيم فيعرض عنه ويترك.


                            القسم الثاني

                            خطبة الغدير

                            وإنّ من حقائق التاريخ واقعة غدير خم ... وخطبة النبّي الكريم (صلّى الله عليه وآله) في ذلك اليوم العظيم ... غير أنّا لم نعثر على رواية كاملة لخطبته (صلّى الله عليه وآله) إلاّ في كتاب (الاحتجاج) ... وفي هذه الخطبة أمر بتدّبر القرآن والرجوع في تفسيره إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال:

                            (معاشر الناس تدبّروا القرآن، وافهموا آياته وانظروا إلى محكماته، ولا تتّبعوا متشابهه. فوالله لن يبيّن لكم زواجره ولا يوضّح لكم تفسيره إلا الذي أنا آخذ بيده ومصعده إليّ وشائل بعضده ومعلمكم أنّ: من كنت مولاه فهذا علي مولاه. وهو علي بن أبي طالب أخي ووصيّي. وموالاته من الله عزّ وجلّ أنزلها عليّ)(8).

                            إن أمر المسلمين بتدبّر القرآن وفهم آياته والأخذ بمحكماته دون متشابهاته يستلزم أن يكون القرآن مؤلّفاً مجموعاً موجوداً في متناول أيديهم، بمحكماته ومتشابهاته. غير أنهم مأمورون ـ للوقوف على أحكامه التفصيلية وأسراره ودقائقه التي لا تبلغها العقول ـ بالرجوع إلى خليفته ووصيّه وتلميذه أمير المؤمنين والأئمة الطاهرين من ولده (عليهم السّلام).


                            القسم الثالث

                            حديث الثقلين

                            ولم تمرّ على النبي الكريم والقائد العظيم محمد (صلّى الله عليه وآله) فرصة إلاّ وانتهزها للوصيّة بالكتاب والعترة الطاهرة، والأمر باتّباعهما والانقياد لهما والتمسّك بهما.

                            لذا تواتر عنه (صلّى الله عليه وآله) حديث الثقلين الذي رواه جمهور علماء المسلمين بأسانيد متكثرة متواترة، وألفاظ مختلفة متنوعة، عن أكثر من ثلاثين صحابي وصحابية، وأحد ألفاظه:

                            (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهم لن تضلّوا بعدي أبداً...)(9).

                            وهذا يقتضي أن يكون القرآن الكريم مدوّناً في عهده (صلّى الله عليه وآله) بجميع آياته وسوره حتى يصح إطلاق اسم الكتاب عليه، ولذلك تكرّر ذكر الكتاب في غير واحد من سورة الشريفة.

                            كما أنّه يقتضي بقاء القرآن كما كان عليه ـ على عهده (صلّى الله عليه وآله) ـ إلى يوم القيامة، لتتمّ به ـ الهداية الأبوية للامة الإسلامية والبشرية جمعاء، ما داموا متمسكين بهما، كما ينصّ عليه الحديث الشريف بألفاظه وطرقه، وإلاّ لزم القول بعدم علمه (صلّى الله عليه وآله) بما سيكون في أمته، أو إخلاله بالنصح التام لأمته، وهذا لا يقول به أحد من المسلمين.


                            القسم الرابع

                            الأحاديث الآمرة بالرجوع إلى القرآن الكريم واستنطاقه

                            وهي كثيرة جدّاً ، نكتفي هنا منها بما جاء في كتب وخطب أمير المؤمنين (عليه السلام).

                            قال (عليه السّلام) في خطبة له ينبّه فيها على فضل الرسول والقرآن:

                            (أرسله على حين فترة من الرّسل، وطول هجعة من الأمم وانتقاض من المبرم، فجاءهم بتصديق الذي بين يديه، والنور المقتدى به، ذلك القرآن.

                            فاستنطقوه ولن ينطق، ولكن أخبركم عنه، ألا إنّ فيه علم ما يأتي والحديث عن الماضي، ودواء دائكم، ونظم ما بينكم)(10).

                            وقال (عليه السّلام):

                            (واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضلّ، والمحدّث الذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى أو نقصان في عمى، واعلموا أنّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنى، فاستشفوه من أدوائكم، واستعينوا به على لأوائكم، فإنّ فيه شفاء من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق والغّي والضلال، فاسألوا الله به وتوجّهوا إليه بحبه، ولا تسألوا به خلقه، إنّه ما توجه العباد إلى الله بمثله.

                            واعلموا أنّه شافع مشفّع، وقائل مصدّق، وإنّه من شفع له القرآن يوم القيامة شفّع فيه، ومن محل له القرآن يوم القيامة صدّق عليه، فإنّه ينادي مناد يوم القيامة: ألا إنّ كل حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله، غير حرثة القرآن، فكونوا من حرثته وأتباعه، وأستدلّوه على ربكم، واستنصحوه على أنفسكم، واتهموا عليه آراءكم، واستغشوا فيه أهواءكم)(11).

                            وقال (عليه السلام) في كتاب له إلى الحارث الهمداني (رضي الله عنه): (وتمسّك بحبل القرآن واستنصحه، وأحلّ حلاله، وحرّم حرامه ...)(12).

                            (ثم أنزل عليه الكتاب نوراً لا تطفأ مصابيحه، وسراجاً لا يخبو توقّده، وبحراً لا يدرك قعره، ومنهاجاً لا يضل نهجه، وشعاعاً لا يظلم ضوؤه، وفرقاناً لا يخمد برهانه، وحقاً لا تخذل أعوانه، فهو معدن الإيمان وبحبوحته، وينابيع العلم وبحوره، ورياض العدل وغدرانه، وأثافي الإسلام وبنيانه، وأودية الحق وغيطانه، وبحر لا ينزفه المستنزفون، وعيون لا ينضبها الماتحون، ومناهل لا يغيضها الواردون، ومنازل لا يضل نهجها القاصدون، جعله الله رياً لعطش العلماء، وربيعاً لقلوب الفقهاء، ومحاجّ لطرق الصلحاء، ودواء ليس بعده داء، ونوراً ليس معه ظلمة، وحبلاً وثيقاً عروته، ومعقلاً منيعاً ذروته، وعزاً لمن تولاّه، وسلماً لمن دخله، وهدى لمن أئتمّ به، وعذراً لمن انتحله، وبرهاناً لمن تكلم به، وشاهداً لمن خاصم به، وفلجاً لمن حاجّ به، وحاملاً لمن حمله، ومطيّة لمن أعمله، وآية لمن توسّم، وجنّة لمن استلأم، وعلماً لمن وعى، وحديثاً لمن روى، وحكماً لمن قضى)(13).

                            وقال (عليه السلام): (فالقرآن آمر زاجر، وصامت ناطق، حجّة الله على خلقه، أخذ عليهم ميثاقه، وارتهن عليه أنفسهم، أتم نوره، وأكمل به دينه، وقبض نبيّه (صلّى الله عليه وآله) وقد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدى به، فعظّموا منه سبحانه ما عظّم من نفسه، فإنه لم يخف عنكم شيئاً من دينه، ولم يترك شيئاً رضيه أو كرهه إلاّ وجعل له علماً بادياً، وآية محكمة، تزجر عنه أو تدعو إليه ...)(14).

                            فهذه الكلمات البليغة وأمثالها تنصّ على أنّ الله تعالى جعل القرآن الكريم نوراً يستضاء به، ومنهاجاً يعمل على وفقه، وحكماً بين العباد، ومرجعاً في المشكلات، ودليلاً عند الحيرة، ومتبعاً عند الفتنة. وكل ذلك يقتضي أن يكون ما بأيدينا من القرآن هو نفس القرآن الذي نزل على الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)، وعرفه أمير المؤمنين وسائر الأئمّة والصحابة والمسلمون أجمعون.


                            القسم الخامس

                            الأحاديث التي تتضمن تمسّك الأئمة من أهل البيت بمختلف الآيات القرآنية المباركة

                            وروى المحدّثون من الإماميّة أحاديث متكاثرة جدّاً عن الأئمّة الطاهرين تتضمن تمسّكهم بمختلف الآيات عند المناظرين وفي كل بحث من البحوث، سواء في العقائد أو الأحكام أو المواعظ والحكم والأمثال، كما لا يخفى على من راجع كتبهم الحديثيّة وغيرها، وعلى رأسها كتاب (الكافي). فهم (عليهم السلام) (تمسّكوا بالآيات القرآنية (في كل باب على ما يوافق القرآن الموجود عندنا، حتى في الموارد التي فيها آحاد من الروايات التحريف، وهذا أحسن شاهد على أنّ المراد في كثير من روايات التحريف من قولهم (عليهم السلام) كذا نزل هو التفسير بحسب التنزيل في مقابل البطن والتأويل)(15).


                            القسم السادس

                            الأحاديث الواردة عنهم (عليهم السلام) في أن ما بأيدي الناس هو القرآن النازل من عند الله

                            وصريح جملة من الأحاديث الواردة عن أئمّة أهل البيت، أنهم (عليهم السلام) كانوا يعتقدون في هذا القرآن الموجود بأنّه هو النازل من عند الله سبحانه على النبي (صلّى الله عليه وآله)، وهذه الأحاديث كثيرة ننقل هنا بعضها:

                            قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):

                            (كتاب ربّكم فيكم، مبيّناً حلاله وحرامه، وفرائضه وفضائله، وناسخه ومنسوخه، ورخصه وعزائمه، وخاصّه وعامّه، وعبره وأمثاله، ومرسله ومحدوده، ومحكمه ومتشابهه، مفسّراً مجمله، ومبيّناً غوامضه، بين مأخوذ ميثاق في علمه، وموسّع على العباد في جهله، وبين مثبت في الكتاب فرضه، ومعلوم في السنّة نسخه، وواجب في السنّة أخذه، ومرخّص في الكتاب تركه، وبين واجب بوقته، وزائل في مستقبله، ومباين بين محارمه، من كبير أوعد عليه نيرانه، أو صغير أرصد له غفرانه، وبين مقبوله في أدناه، موسّع في أقصاه)(16).

                            وقال (عليه السلام): (أم أنزل الله ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه؟ أم كانوا شركاء له فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى؟ أم أنزل الله سبحانه ديناً تاماً فقصّر الرسول (صلّى الله عليه وآله) عن تبليغه وأدائه؟ والله سبحانه يقول: (ما فرّطنا في الكتاب من شيء) وقال: (فيه تبيان لكل شيء) وذكر أنّ الكتاب يصدّق بعضه بعضاً، وأنّه لا اختلاف فيه، فقال سبحانه: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً) وإن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تكشف الظلمات إلاّ به)(17).

                            وعن الريان بن الصلت قال: (قلت للرضا (عليه السّلام) يا ابن رسول الله ما تقول في القرآن؟

                            فقال: كلام الله، لا تتجاوزوه، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلوا)(18).

                            وجاء فيما كتبه الإمام الرضا (عليه السّلام) للمأمون في محض الإسلام وشرائع الدين:

                            (وإنّ جميع ما جاء به محمد بن عبد الله هو الحق المبين، والتصديق به وبجميع من مضى قبله من رسل الله وأنبيائه وحججه.

                            والتصديق بكتابه الصادق العزيز الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) وأنه المهيمن على الكتب كلّها، وأنه حق من فاتحته إلى خاتمته، نؤمن بمحكمه ومتشابهه، وخاصّه وعامّه، ووعده ووعيده، وناسخه ومنسوخه، وقصصه وأخباره، لا يقدر أحد من المخلوقين أن يأتي بمثله)(19).

                            وعن علي بن سالم عن أبيه قال: (سألت الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) فقلت له: يا ابن رسول الله ما تقول في القرآن؟

                            فقال: هو كلام الله، وقول الله، وكتاب الله، ووحي الله وتنزيله، وهو الكتاب العزيز الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)(20).


                            ثالثاً: قول عمر بن خطاب: حسبنا كتاب الله

                            ومن الرزايا العظيمة والكوارث الفادحة التي قصمت ظهر المسلمين وأدّت إلى ضلال أكثرهم عن الهدى الذي أراده لهم الله ورسوله، ذلك الخلاف الذي حدث عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وفي اللحظات الأخيرة من عمره الشريف، بين صحابته الحاضرين عنده في تلك الحال.

                            ومجمل القضية هو: إنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) لما حضرته الوفاة وعنده رجال من صحابته ـ فيهم عمر بن الخطاب ـ قال: هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده، وفي لفظ آخر: ائتوني بالكتف والدواة ـ أو: اللوح والدواة ـ أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً.

                            فقال عمر: إنّ النبي قد غلب عليه الوجع(21)، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله.

                            وفي لفظ آخر: فقالوا: إنّ رسول الله يهجر. ـ من دون تصريح باسم المعارض ـ !

                            فاختلف الحاضرين، منهم من يقول: قرّبوا يكتب لكم النبي كتاباً لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر!

                            فلما أكثروا ذلك عنده (صلّى الله عليه وآله) قال لهم: قوموا عنّي(22).

                            ولسنا نحن الآن بصدد محاسبة هذا الرجل على كلامه هذا الذي غيّر مجرى التأريخ، وحال دون ما أراده الله والرسول لهذه الأمة من الخير والصلاح والرشاد، إلى يوم القيامة، حتى أنّ ابن عباس كل يقول: (يوم الخميس وما يوم الخميس) ثم يبكي(23).

                            وكان رضي الله عنه يقول:

                            (إنّ الرزيّة كل الرزيّة ما حال بين رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وبين كتابه)(24).

                            وإنّما نريد الإستشهاد بقوله: (إن عندنا القرآن، حسبنا كتاب الله) الصريح في وجود القرآن عندهم مدوّناً مجموعاً حينذاك، ويدل على ذلك أنّه لم يعترض عليه أحد ـ لا من القائلين قرّبوا يكتب لكم النبي كتاباً، ولا من غيرهم ـ بأنّ سور القرآن وآياته متفرقة مبثوثة، وبهذا تم لعمر بن الخطاب والقائلين مقالته ما أرادوا من الحيلولة بينه (صلّى الله عليه وآله) وبين كتابة الوصيّة.


                            رابعاً: الإجماع

                            ومن الأدلّة على عدم نقصان القرآن: إجماع العلماء في كل الأزمان كما في كشف الغطاء وفي كلام جماعة من كبار العلماء، وهو ظاهر كلمة (إلينا) أي (الإمامية) في قول الشيخ الصدوق (ومن نسب إلينا ... فهو كاذب).

                            وقال العلاّمة الحلّي: (واتّفقوا على أنّ ما نقل إلينا متواتراً من القرآن، فهو حجة ... لأن النبي (صلّى الله عليه وآله) كان مكلّفاً بإشاعة ما نزل عليه من حجة ... القرآن إلى عدد التواتر، ليحصل القطع بنبوّته في أنّه المعجزة له. وحينئذ لا يمكن التوافق على ما نقل مما سمعوه منه بغير تواتر، وراوي الواحد إن ذكره على أنّه قرآن فهو خطأ ... والإجماع دلّ على وجوب إلقائه (صلّى الله عليه وآله) على عدد التواتر، فإنه المعجزة الدالّة على صدقه، فلو لم يبلغه إلى حدّ التواتر انقطعت معجزته، فلا يبقى هناك حجّة على نبوّته)(25).

                            وقال السيّد العاملي: (والعادة تقضي بالتواتر في تفاصيل القرآن من أجزائه وألفاظه وحركاته وسكناته ووضعه في محلّة، لتوفّر الدواعي على نقله من المقر لكونه أصلاً لجميع الأحكام، والمنكر لإبطاله لكونه معجزاً. فلا يعبأ بخلاف من خالف أو شك في المقام)(26).

                            وقال الشيخ البلاغي: (ومن أجل تواتر القرآن الكريم بين عامة المسلمين جيلاً بعد جيل، استمرت مادته وصورته وقراءته المتداولة على نحو واحد، فلم يؤثّر شيئاً على مادّته وصورته ما يروى عن بعض الناس من الخلاف في قراءته من القراء السبع المعروفين وغيرهم)(27).

                            ومن المعلوم أنّ الإجماع حجّة لدى المسلمين، أمّا عند الإمامية فلأنّه كاشف عن رأي المعصوم (عليه السّلام)(28) بل عدم النقصان من الضروريّات كما في كلام السيد المرتضى، وقد نقل بعض الأكابر عباراته ووافقه على ما قال.


                            خامساً: تواتر القرآن

                            ومن الأدلّة على عدم نقصان القرآن تواتره من طرق الإماميّة بجميع حركاته وسكناته، وحروفه وكلماته، وآياته وسورة، تواتراً قطعياً عن الأئمّة الطاهرين (عليهم السلام) عن جدّهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)(29).

                            فهم يعتقدون بأن هذا القرآن الموجود بأيدينا هو المنزل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بلا زيادة ولا نقصان. قال الصّدوق: (اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله على نبيه (صلّى الله عليه وآله) هو ما بين الدفّتين وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشر سورة ...).


                            سادساً: إعجاز القرآن

                            ومن الأدلّة على عدم التحريف هو: أنّ التحريف ينافي كون القرآن معجزاً، لفوات المعنى بالتحريف، لأنّ مدار الإعجاز هو الفصاحة والبلاغة الدائرتان مدار المعنى، ومن المعلوم أنّ القرآن معجز باق.

                            وهذه عبارة (بشرى الوصول) في الوجه الثالث من الوجوه التي ذكرها على عدم تحريف القرآن.

                            وقد جاءت الإشارة إلى هذا الوجه في كلام السيد المرتضى حيث قال في استدلاله: (لأنّ القرآن معجزة النبوّة) وفي كلام العلاّمة الحلّي:

                            (إنّ القول بالتحريف يوجب التطرّق إلى معجزة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المنقولة بالتواتر).

                            وفي كلام كاشف الغطاء: (إنّ الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله إليه للإعجاز والتحدّي ...).


                            سابعاً: صلاة الإمامية

                            ومن الأدلّة على اعتقاد الإماميّة بعدم سقوط شيء من القرآن الكريم: صلاتهم، لأنّهم يوجبون قراءة سورة كاملة(30). بعد الحمد في الركعة الأولى والثانية(31) من الصلوات الخمس اليوميّة من سائر سور القرآن عدا الفاتحة، ولا يجوز عند جماعة كبيرة منهم القران بين سورتين(32).

                            قال السيد شرف الدين:

                            (وصلاتهم بهذه الكيفيّة والأحكام دليل ظاهر على اعتقادهم بكون سور القرآن بأجمعها زمن الرسول (صلّى الله عليه وآله) على ما هي عليه الآن، وإلاّ لما تسنّى لهم هذا القول)(33).


                            ثامناً: كون القرآن مجموعاً على عهد النبي (صلّى الله عليه وآله)

                            ومن الأدلّة على عدم وجود النقص في القرآن ثبوت كونه مجموعاً على عهد الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)، موجوداً كذلك بين المسلمين كما يدل على ذلك من الأخبار في كتب الفريقين، ومن ذلك أخبار أمره (صلّى الله عليه وآله) بقراءة القرآن وتدبّره وعرض ما يروى عنه (صلّى الله عليه وآله) عليه ... وقد تقدم بعضها، وإنّ جماعة من الصحابة ختموا القرآن على عهده، وتلوه، وحفظوه، يجد أسماءهم من راجع كتب علوم القرآن، وإنّ جبرائيل كان يعارضه (صلّى الله عليه وآله) به كل عام مرة، وقد عارضه به عام وفاته مرتين(34).

                            وكل هذا الذي ذكرنا دليل واضح على أنّ القرآن الموجود بين أيدينا هو نفس القرآن الذي كان بين يدي الرسول (صلّى الله عليه وآله) وصحابته على عهده فما بعد، من غير زيادة ولا نقصان. وقد ذكر هذا الدليل جماعة.


                            تاسعاً: اهتمام النبي (ص) والمسلمين بالقرآن

                            وهل يمكن لأحد من المسلمين إنكار اهتمام النبي (صلّى الله عليه وآله) بالقرآن؟!

                            لقد كان حريصاً على نشر سور القرآن بين المسلمين بمجرد نزولها، مؤكداً عليهم حفظها ودراستها وتعلّمها، مبيناً لهم فضل ذلك وثوابه وفوائده في الدنيا والآخرة.

                            فحثّه (صلّى الله عليه وآله) وترغيبه بحفظ القرآن في الصدور والقراطيس ونحوها، وأمره بتعليمه وتعلّمه رجالاً ونساءً وأطفالاً، مما ثبت بالضرورة بحيث لا يبقى مجال لإنكار المنكر وجدال المكابر.

                            وأمّا المسلمون، فقد كانت الدواعي لديهم لحفظ القرآن والعناية به متوفّرة، ولذا كانوا يقدّمونه على غيره في ذلك، لأنّه معجزة النبوة الخالدة ومرجعهم في الأحكام الشرعيّة والأمور الدينيّة، فكيف يتصور سقوط شيء منه والحال هذه؟!

                            نعم، قد يقال: إنّه كما كانت الدواعي متوفّرة لحفظ القرآن وضبطه وحراسته، كذلك كانت الدواعي متوفّرة على تحريفه وتغييره من قبل المنافقين وأعداء الإسلام والمسلمين، الذين خابت ظنونهم في أن يأتوا بمثله أو بمثل عشر سور منه أو أية من آياته.

                            ولكن لا مجال لهذا الاحتمال بعد تأييد الله سبحانه المسلمين في العناية والاهتمام بالقرآن، وتعهّده بحفظه بحيث (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد).


                            الهوامش:

                            1- مجمع البيان ج 5 ص 397

                            2- وسائل الشيعة ج 18 ص 79 عن الكافي.

                            3- عيون أخبار الرضا ج 2 ص 20.

                            4- الأمالي للشيخ الصدوق ص 367.

                            5- تحف العقول ص 343.

                            6- وسائل الشيعة ج 18 ص 84.

                            7- وسائل الشيعة ج 18 ص 75.

                            8- الاحتجاج ج 1 ص 60.

                            9- حديث الثقلين من جملة الأحاديث التي لا يشك مسلم في صدورها من النبي (صلّى الله عليه وآله). فقد رواه عنه أكثر من ثلاثين من الصحابة، وأورده من علماء أهل السنّة ما يقارب الـ 500 شخصية من مختلف طبقاتهم منذ زمن التابعين حتى عصرنا الحاضر من مؤرخين ومفسرين ومحدّثين وغيرهم.

                            وهذا الحديث يدل بوضوح على عصمة الأئمة من العترة ووجوب إطاعتهم وامتثال أوامرهم والاهتداء بهداهم في الأمور الدينية والدنيوية، والأخذ بأقوالهم في الأحكام الشرعية وغيرها. كما يدل على بقائهم وعدم خلو الأرض منهم إلى يوم القيامة كما هو الحال بالنسبة إلى القرآن.

                            10- نهج البلاغة ص 223 ص 158.

                            11- نهج البلاغة ص 202 ص 176.

                            12- نهج البلاغة ص 459 ص 69.

                            13- نهج البلاغة ص 315 ص 198.

                            14- نفس المصدر ص 265 ص 183.

                            15- الميزان في تفسير القرآن ج 12 ص 111.

                            16- نهج البلاغة ص 44 ص 1.

                            17ـ نهج البلاغة ص 16 ص 18.

                            18- عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ج 2 ص 57. الأمالي ص 546.

                            19- عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ج 2 ص 130.

                            20- الأمالي ص 545.

                            21- قال سيدنا شرف الدين: (وقد تصرّفوا فيه: فنقوله بالمعنى، لأنّ لفظه الثابت: إنّ النبي يهجر. لكنهم ذكروا أنّه قال: إنّ النبي قد غلب عليه الوجع، تهذيباً للعبارة، واتقاء فظاعتها...) النصّ والاجتهاد ص 143.

                            22- راجع جميع الصحاح والمسانيد والتواريخ والسير وكتب الكلام، تجد القضية باختلاف ألفاظها وأسانيدها.

                            23- صحيح البخاري ج 2 ص 118.

                            24- نفس المصدر ج1 كتاب العلم، باب كتابة العلم.

                            25- نهاية الوصول ـ مبحث التواتر.

                            26- مفتاح الكرامة ج 2 ص 390.

                            27- آلاء الرحمن ـ الفصل الثالث من المقدمة.

                            28- يراجع بهذا الصدد كتب أصول الفقه.

                            29- أجوبة مسائل جار الله لشرف الدين، مجمع البيان عن السيد المرتضى.

                            30- أجوبة مسائل جار الله، وهذا هو المشهور بين الفقهاء، بل ادّعى جماعة عليه الإجماع، أنظر مفتاح الكرامة ج 2 ص 350.

                            31- أما في الثالثة والرابعة فهو بالخيار إن شاء قرأ الحمد وان شاء سبح إجماعاً، وإن اختلفوا في أفضليّة أحد الفردين.

                            32- جواهر الكلام والرياض وغيرهما. وقد ذكر جماعة من قدماء الفقهاء والمفسرين استثناء سورتي (الضحى وألم نشرح) وسورتي (الفيل والايلاف) من هذا الحكم، مصرّحين بوجوب قران كل سورة منها بصاحبتها. أنظر مفتاح الكرامة ج 2 ص 385.

                            33- أجوبة مسائل جار الله ص 28.

                            34- روى ذلك عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في جميع الكتب الحديثيّة وغيرها، حتى كاد يكون من الأمور الضرورية.
                            راجع هذا الرابط
                            http://www.14masom.com/aqaeed/etarat/26/26.htm

                            تعليق


                            • #15
                              http://www.alseraj.net/maktaba/kotob...salamh1.html#4


                              مـقـدمـة الـمـركـز



                              بسم الله الرحمن الرحيم

                              الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
                              الاَنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله الطاهرين .


                              القرآن الكريم كتاب الله المنزّل على رسوله النبي الاَمين صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو دستور الاِسلام الخالد ( لا يأتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَينِ يَدَيهِ ولا مِنْ خَلفِهِ ) ، وقد أجمع المسلمون على أنّه المصدر الاَوّل في التشريع الاِسلامي ، والمرجع الاَساس في استقاء الفكر والعقيدة والنظم والمفاهيم الاِسلامية ؛ ولذلك كلّه حرصَ الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم على سلامة هذا القرآن وتبليغه كما أُنزل حرفاً بحرف وكلمة كلمة ، وكيف لا يحرص على ذلك وهو برهان نبوته، ومعجزة الاِسلام الخالدة .
                              !؟ فالظروف التي أحاطت بنزول القرآن الكريم تقتضي سلامته من مزعومة التحريف ؛ لاَنَّ الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر بتدوين النصّ القرآني أوَّلاً بأوَّلٍ ، وقد اتخذ كُتّاباً يكتبون الوحي حين نزوله ، وكان صلى الله عليه وآله وسلم يشرف بنفسه على وضع كلِّ آيةٍ في موضعها من السورة ، ولم يكتفِ بذلك ، بل كان يأمر باستظهار القرآن الكريم وتعلُّمِه لينضمَّ الاستظهار إلى التدوين في حفظ القرآن الكريم وسلامته .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 6 )
                              هذا زيادة على حرص المسلمين وعنايتهم البالغة وتفانيهم من أجل أن لا تمتد إلى القرآن الكريم يد التغيير أو التبديل حتى ولو بحرف واحد ؛ لاَنّه دستورهم المقدس ، وكتاب ربهم تعالى الذي خاطب فيه نبيهم الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله تعالى : ( وَلَو تَقَوَّلَ عَلَينا بَعضَ الاَقاوِيلِ *لاخذنا مِنهُ باليَمِينِ* ثم لَقَطعنَا مِنهُ الوَتِينَ ) .
                              وقد صرّح أهل البيت عليهم السلام ـ الَّذين هم عدل الكتاب كما نطق الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الثقلين ـ بسلامة القرآن ، من الزيادة والنقصان ، وتابعهم على ذلك أئمة أعلام الشيعة ومحققو علماء أهل السنة ، وشذّ من شذّ لروايات لم تثبت ولم تصح سنداً ، وأمّا ما صحَّ منها فمؤول بوجه مقبول ، ومصروف عن ظاهره قطعاً ؛ لمخالفته الاَدلة القاطعة والبراهين الساطعة على سلامة القرآن من الزيادة والنقصان .
                              وهذا الكتاب يتضمّن ـ على صغر حجمه ـ بحثاً موضوعيّاً وتحقيقاً شاملاً عن المسألة ، ويثبت (سلامة القرآن من التحريف والزيادة والنقصان) بالاَدلة والبراهين المتقنة عند الفريقين ويعالج أهم الشبهات المثارة معالجة دقيقة موضوعية .
                              فإليك ـ عزيزي القارئ ـ يقدّم مركزنا اصداره الثاني هذا ، خدمةً للقرآن العظيم وإيفاءً بالعهد في تقديم الزاد الفكري الرصين .



                              والله وليّ التوفيق .



                              مركز الرسالة



                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 7 )


                              المقدِّمة


                              ( الحمدُ للهِ الّذي أنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الكِتابَ وَلَم يَجْعَل لَهُ عِوَجاً * قَيِّماً لِيُنذِرَ بأساً شَدِيداً مِن لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ المُؤمِنِينَ الَّذِينَ يَعمَلُون الصَّالحاتِ أنَّ لَهُم أجْراً حَسَناً ) ، (الكهف 18 : 2 ـ 1)
                              وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على رسوله الذي أرسله بالهُدى ودين الحقّ ليُظهِرهُ على الدين كُلّه ولو كرِه المشركون ، وعلى أهل بيته المنتجبين ، حَمَلة القُرآن وقُرنائه إلى يوم الدين .
                              ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَدُنْ حَكِيمٍ خَبيرٍ ) (هود 11 : 1).
                              ( لايَأتِيهِ البَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيهِ وَلا مِن خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَميدٍ) (فصلت 41: 42).
                              ( ذلِكَ الكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) . (البقرة 2: 2).
                              ( نَزَّلَهُ رُوحُ القُدُسِ مِن رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمينَ ) . (النحل16: 102)
                              ( ما كانَ حَدِيثاً يُفْترَى وَلكِن تَصْدِيِقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفصِيلَ كُلِّ شَيءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْم يُؤمِنُونَ ) . (يوسف12: 111.)
                              وبعد :
                              فإنّ القرآن الكريم الموجود بين أيدينا هو الكتاب الذي أنزله الله تعالى
                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 8 )
                              على نبيّه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم للاعجاز والتحدّي ، وتعليم الأَحكام ، وتمييز الحلال من الحرام ، وقد كان مجموعاً على عهد الوحي والنبوة على ما هو عليه الآن من عدد سوره وآياته ، وهو متواتر بجميع سوره وآياته وكلماته تواتراً قطعياً باتفاق كلمة مذاهب المسلمين وفرقهم .
                              وقد توهّم البعض وقوع التحريف في كتاب الله العزيز استناداً إلى جملة من الاَخبار الظاهرة في نقص القرآن ، وهي إمّا أخبار غير معتبرة سنداً ، أو إنّها أخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً ، أو إنّها مؤوّلة بنحوٍ من الاعتبار ، وإلاّ فقد نصّ المحقون من علماء المسلمين على أن يُضْرَب بها الجِدار .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 9 )


                              معنى التحريف

                              التحريف لغةً :
                              حرف الشيء : طرفه وجانبه ، وتحريفه : إمالته والعدول به عن موضعه إلى طرفٍ أو جانب . قال تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ الله عَلَى حَرْفٍ) . (الحج 22: 11) قال الزمخشري : أي على طرفٍ من الدين لافي وسطه وقلبه ، وهذا مثلٌ لكونهم على قلقٍ واضطرابٍ في دينهم ، لاعلى سكونٍ وطمأنينة (1).

                              التحريف اصطلاحاً :
                              أمّا التحريف في الاِصطلاح فله معانٍ كثيرة :
                              منها : التحريف الترتيبي : أي نقل الآية من مكانها إلى مكان آخر ، سواء كان هذا النقل بتوقيف أو باجتهاد ، فلا خلاف في وقوعه ، إذ كم من آية مكّية بين آيات مدنيّة ، وبالعكس .
                              ومنها : التحريف المعنوي : ويراد به حمل اللفظ على معانٍ بعيدة عنه لم ترتبط بظاهره ، مع مخالفتها للمشهور من تفسيره ، وهذا النوع واقع في القرآن ، وذلك عن طريق تأويله من غير علم ، وهو محرّم بالاِجماع
                              ____________
                              (1) الكشاف 3 : 146 .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 10 )
                              لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : « من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار (1)« وهو من التفسير بالرأي المنهي عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « من فسَّر القرآن برأيه وأصاب الحق فقد أخطأ (2)« وهذا المعنى منحدر عن الاَصل اللغوي لتحريف الكلام .

                              ومنها : التحريف اللفظي ، وهو على أقسام :
                              منها : التحريف بالزيادة والنقصان ، وهو على ثلاثة أنحاء :
                              أ ـ تحريف الحروف أو الحركات ، وهذا راجع إلى القراءات القرآنية ، وهو باطل إلاَّ في ألفاظ قليلة كقراءة قوله تعالى : ( وَامْسَحُواْ بِرُؤُسِكُمْ وَأرْجُلَكُمْ) (3)بكسر لفظة الاَرجل ونصبها ، وغيرها ممّا لم يخالف أُصول العربية وقراءة جمهور المسلمين ، وورد به أثر صحيح .
                              ب ـ تحريف الكلمات ، وهو إمَّا أن يكون في أصل المصحف ، وهو باطل بالاِجماع ، وإمَّا أن تكون زيادة لغرض الاِيضاح لما عساه يشكل في فهم المراد من اللفظ ، وهو جائز بالاتفاق .
                              ج ـ تحريف الآيات أو السور ، وهو باطل بالاِجماع (4).
                              1 ـ التحريف بالزيادة : بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بين أيدينا
                              ____________
                              (1) التبيان للطوسي 1 : 24 ، الاِتقان للسيوطي 4 : 210 .
                              (2) التبيان للطوسي 1 : 4 .
                              (3) المائدة 5 : 6 .
                              (4) توجد أنحاء أُخر من التحريف راجعة ـ بشكل أو بآخر ـ إلى ما ذكرناه . أُنظر : البيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي : 215 .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 11 )
                              ليس من الكلام المنزل ، والتحريف بهذا المعنى باطلٌ بإجماع المسلمين ، بل هو ممّا عُلِم بطلانه بالضرورة ، لاَنّه يعني أنّ بعض مابين الدفّتين ليس من القرآن ، ممّا ينافي آيات التحدّي والاعجاز ، كقوله تعالى : ( قُل لئنِ اجتَمَعَتِ الاِنسُ والجِنُّ عَلَى أن يأتُوا بمِثْلِ هَذا القُرْآنِ لا يأتُونَ بِمِثْلِهِ وَلوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ) (1)(‎لإسراء17: 88).

                              2 ـ التحريف بالنقص : بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بين أيدينا لايشتمل على جميع القرآن الذي نزل من السماء ، بأنْ يكون قد ضاع بعض القرآن على الناس إمّا عمداً ، أو نسياناً ، وقد يكون هذا البعض كلمةً أو آية أو سورة ، والتحريف بهذا المعنى هو موضوع البحث حيثُ ادّعى البعض وقوعه في القرآن الكريم استناداً إلى أحاديث هي بمجملها إمّا ضعيفة سنداً ، أو مؤولة بوجهٍ يُخْرِجها عن إفادة ذلك ، وإلاّ فهي أحاديثٌ وأخبارٌ مدسوسةٌ وباطلةٌ ، قد أعرض عنها محققو المسلمين على مرّ العصور ، على ما سيأتي بيانه في ثنايا هذا البحث .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 13 )



                              أدلّة نفي التحريف

                              إنّ مصونية القرآن الكريم من التحريف بمعنى النقيصة هي من الاَُمور البديهية الثابتة على صفحات الواقع التاريخي ، والتي لا تحتاج إلى مزيد استدلالٍ وتوضيحٍ وبيان ، حتّى إنّ بعض المنصفين من علماء وأساتذة غير المسلمين صرّحوا بعدم وقوع التحريف في القرآن الكريم ؛ فالاستاذ لوبلو يقول : «إنّ القرآن هو اليوم الكتاب الربّاني الوحيد الذي ليس فيه أي تغيير يذكر» (1) .
                              ويقول السير وليام موير : «إنّ المصحف الذي جمعه عثمان قد تواتر انتقاله من يدٍ ليدٍ حتّى وصل إلينا بدون تحريفٍ ، وقد حُفِظ بعنايةٍ شديدةٍ بحيث لم يطرأ عليه أي تغييرٍ يُذكَر ، بل نستطيع القول أنّه لم يطرأ عليه أيّ تغييرٍ على الاطلاق في النسخ التي لا حصر لها والمتداولة في البلاد الاِسلامية الواسعة» (2). وبمثل ذلك صرّح بلاشير أيضاً (3).
                              وقد أستدلّ العُلماء المحقّقون على عدم وقوع التحريف في القرآن بجملة من الاَدلّة الحاسمة ، هي من القوّة والمتانة بحيث يسقط معها ما دلّ على التحريف بظاهره عن الاعتبار ، لو كان معتبراً ، ومهما بلغ في الكثرة ،
                              ____________
                              (1) تاريخ القرآن للصغير : 94 عن كتاب : المدخل إلى القرآن لمحمد عبدالله دراز : 39 ـ 40 .
                              (2) تاريخ القرآن للصغير : 93 .
                              (3) القرآن نزوله ، تدوينه ، ترجمته وتأثيره لبلاشير : 37 .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 14 )
                              وتدفع كلّ ما أُلصق بجلال وكرامة القرآن الكريم من زعم التحريف وتُفنّد القول بذلك وتُبطِله حتّى لو ذهب إليه الكثيرون فضلاً عن القلّة النادرة الشاذّة ، وفيما يلي نذكر أهمّها :
                              1 ـ حِفظ الله سبحانه للقرآن الكريم ، ولذا لم يتّفق لاَمرٍ تاريخي من بداهة البقاء مثلما اتّفق للقرآن الكريم ، فهو الكتاب السماوي الوحيد الذي تعهّدت المشيئة الاِلهية ببقائه مصوناً من تلاعب أهل الاَهواء ومن التحريف وإلى الاَبد حيثُ قال تعالى : ( إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر15: 9).
                              فالمراد بالذكر ـ كما يقول المفسّرون ـ في هذه الآية : القرآن الكريم ، وصيانة القرآن من التحريف من أبرز مصاديق الحفظ المصُرّح به في هذه الآية ، ولولا أن تكفّل الله تعالى بحفظ القرآن الكريم وصيانته عن الزيادة والنقصان لدُسّ فيه ما ليس منه ، كما دُسّ في الكتب المتقدّمة المنزلة من عند الله ، فلم يبقَ فيها سوى مادخل عليها من ركيك الكلام وباطل القول ، ولكن الكتاب الكريم قد نفى كلّ غريب ، وسلم من الشوائب والدخل ، فلم يبق إلاّ كلام الربّ سليماً صافياً محفوظاً .
                              2 ـ نفي الباطل بجميع أقسامه عن الكتاب الكريم بصريح قوله تعالى : ( وَإنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ * لا يأتِيهِ البَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (فصلت 41: 41 ـ 44).
                              والتحريف من أظهر مصاديق الباطل المذكور في الآية ، وعليه فالقرآن مصونٌ عن التحريف وعن أن تناله يد التغيير منذ نزوله وإلى يوم القيامة ، لاَنّه تنزيلٌ من لدن حكيم حميد ، ويشهد لدخول التحريف في الباطل
                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 15 )
                              الذي نفته الآية عن الكتاب ، أنّ الآية وصفت الكتاب بالعِزّة ، وعزّة الشيء تقتضي المحافظة عليه من التغيير والضياع والتلاعب ، ومن التصرف فيه بما يشينه ويحطّ من كرامته وإلى الاَبد .
                              3 ـ قوله تعالى : ( إنَّ عَلَينا جَمعَهُ وقُرآنَهُ * فإذا قَرَأناهُ فَاتَّبِعْ قُرآنَهُ * ثُمَّ إنَّ عَلَينا بَيَانَهُ ) (القيامة 75: 17 ـ 19).
                              فعن ابن عباس وغيره : إنّ المعنى : إنّ علينا جَمْعَهُ وقُرآنَهُ عليك حتّى تحفظه ويمكنك تلاوته ، فلا تخف فوت شيءٍ منه (1).
                              4 ـ حديث الثقلين ، حيث تواتر من طرق الفريقين أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : « إنّي تاركٌ فيكم الثقلين : كتابُ الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إنّ تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي » (2).
                              وهذا يقتضي أن يكون القرآن الكريم مدوّناً في عهده صلى الله عليه وآله وسلم بجميع آياته وسوره حتّى يصحّ إطلاق اسم الكتاب عليه ، ويقتضي أيضاً بقاء القرآن كما كان عليه على عهده صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم القيامة لتتمّ به ـ وبالعترة ـ الهداية الاَبدية للاَُمّة الاِسلامية والبشرية جمعاء ماداموا متمسّكين بهما ، وإلاّ فلا معنى للاَمر باتّباع القرآن والرجوع إليه والتمسّك به ، إذا كان الآمر
                              ____________
                              (1) مجمع البيان 10 : 600 .
                              (2) هذا الحديث متواتر مشهور ، رواه الحفّاظ والمحدّثون عن نحو ثلاثين صحابياً ، وللحافظ ابن القيسراني (448 ـ 507 هـ) كتاب في طرق هذا الحديث ، وقد بحث السيد علي الميلاني هذا الحديث سنداً ودلالة في ثلاثة أجزاء من كتابه (نفحات الازهار في خلاصة عبقات الاَنوار في إمامة الاَئمة الاَطهار) ، وأُنظر أهل البيت في المكتبة العربية رقم 298 للسيد عبدالعزيز الطباطبائي رضي الله عنه .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 16 )
                              يعلم بأنّ قرآنه سيُحرّف ويبدّل في يومٍ ما !
                              5 ـ الاَحاديث الآمرة بعرض الحديث على الكتاب ، ليُعرَف بذلك الصحيح منه فيُؤخذ به ، والسقيم فيُتْرَك ويُعْرَض عنه ، وهي كثيرة ، منها : حديث الاِمام الصادق عليه السلام ، قال : « خطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنى فقال : أيُّها الناس ، ما جاءكم عنّي يوافق كتاب الله فأنا قُلتُه ، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقُله » (1).
                              وعنه أيضاً بسندٍ صحيح ، قال عليه السلام : « إذا ورد عليكم حديثان مختلفان ، فأعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردّوه » (2) .
                              وهذه القاعدة تتنافى تماماً مع احتمال التحريف في كتاب الله ، لاَنّ المعروض عليه يجب أن يكون مقطوعاً به ، لاَنّه المقياس الفارق بين الحقّ والباطل ، فلا موضع للشكّ في نفس المقياس ، ولولا أنّ سور القرآن وآياته مصونة من التحريف ومحفوظة من النقصان منذ عصر الرسالة الاَوّل وإلى الاَبد ، لما كانت هذه القاعدة ، ولا أمكن الركون إليها والوثوق بها .
                              قال المحقق الكركي المتوفّى سنة (940 هـ) في رسالته التي أفردها لنفي النقيصة عن القرآن الكريم : «لا يجوز أن يكون المراد بالكتاب المعروض عليه غير هذا المتواتر الذي بأيدينا وأيدي الناس ، وإلاّ لزم التكليف بما لايطاق ، فقد وجب عرض الاَخبار على هذا الكتاب ، وأخبار النقيصة إذا عُرِضت عليه كانت مخالفة له ، لدلالتها على أنّه ليس هو ، وأيّ تكذيب
                              ____________
                              (1) الكافي 1 : 69 | 5 .
                              (2) الوسائل 27 : 118 | 62 ،333 تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 17 )
                              يكون أشدّ من هذا» (1).
                              6 ـ إنّ ثبوت قرآنية كلّ سور القرآن وآياته ، لا يتمّ إلاّ بالتواتر القطعي منذ عهد الرسالة وإلى اليوم ، ممّا يقطع احتمال التحريف نهائياً ، لاَنّ ماقيل بسقوطه من القرآن نقل إلينا بخبر الواحد ، وهو غير حجةٍ في ثبوت قرآنيته ، حتّى مع فرض صحّة إسناده .
                              قال الحرّ العاملي المتوفّى سنة (1104 هـ) : «إنّ من تتبّع أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، وتصفّح التأريخ والآثار ، عَلِم علماً يقينياً أنّ القرآن قد بلغ أعلى درجات التواتر ، فقد حِفِظه الاَُلوف من الصحابة ونقله الاَُلوف ، وكان منذ عهده صلى الله عليه وآله وسلم مجموعاً مؤلّفاً».(2)
                              وقال الشيخ محمد جواد البلاغي المتوفّى سنة (1352 هـ) : «ومن أجل تواتر القرآن الكريم بين عامّة المسلمين جيلاً بعد جيل ، استمرّت مادته وصورته وقراءته المتداولة على نحوٍ واحد» (3).
                              7 ـ إجماع العلماء على عدم التحريف إلاّ من لا اعتداد به ، كما صرّح بذلك المحقّق الكلباسي المتوفى سنة (1262 هـ ) بقوله : «انّ الروايات الدالّة على التحريف مخالفةٌ لاجماع الاَُمّة إلاّ من لا اعتداد به» (4).
                              وقال الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، المتوفّى سنة (1228 هـ) في (كشف
                              ____________
                              (1) أورده السيد محسن البغدادي في (شرح الوافية) عن المحقق الكركي ، أُنظر البرهان ، للميرزا مهدي البروجردي : 116 ـ 117 .
                              (2) الفصول المهمة ـ للسيد شرف الدين: 166.
                              (3) آلاء الرحمن 1 : 29 ، المقدمة .
                              (4) البيان في تفسير القرآن : 234 .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 18 )
                              الغطاء) : «جميع ما بين الدفّتين ممّا يُتلى كلام الله تعالى ، بالضرورة من المذهب ، بل الدين وإجماع المسلمين ، وأخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم والاَئمة الطاهرين عليهم السلام ، وإن خالف بعض من لايُعتدّ به» (1).
                              8 ـ إنّ التحريف ينافي كون القرآن المعجزة الكبرى الباقية أبد الدهر .
                              قال العلاّمة الحلّي المتوفّى سنة (726 هـ ): «إنّ القول بالتحريف يوجب التطرّق إلى معجزة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنقولة بالتواتر» (2). وذلك لفوات المعنى بالتحريف ، ولاَنّ مدار الاِعجاز هو الفصاحة والبلاغة الدائرتان مدار المعنى ، وبالنتيجة لا إعجاز حينما يوجد التحريف. فاحتمال الزيادة أو التبديل باطل ، لاَنّه يستدعي أن يكون باستطاعة البشر إتيان ما يماثل القرآن ، وهو مناقض لقوله تعالى : ( وَإن كُنْتُم في رَيْبٍ ممّا نَزَّلنا عَلى عَبْدِنا فأتُوا بسورَةٍ من مِثْلِهِ )(البقرة2: 23 )ولغيرها من آيات التحدي . وكذلك احتمال النقص بإسقاط كلمة أو كلمات ضمن جملةٍ واحدةٍ منتظمةٍ في أُسلوب بلاغي بديع ، فإنّ حذف كلمات منها سوف يؤدّي إلى إخلال في نظمها ، ويذهب بروعتها الاَُولى ، ولايَدَع مجالاً للتحدّي بها .
                              9 ـ ثبوت كون القرآن الكريم مجموعاً على عهد الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، كما يدلّ على ذلك كثيرٌ من الاَخبار في كتب الفريقين، حيث كان صلى الله عليه وآله وسلم يأمر أصحابه بقراءة القرآن وتدبّره وحفظه ، وعرض مايُروى عنه صلى الله عليه وآله وسلم عليه ، كما أنّ جماعة من الصحابة ختموا القرآن على عهده وتلوه وحفظوه، وأنّ جبرئيل عليه السلام كان يعارضه صلى الله عليه وآله وسلم بالقرآن كلّ عامٍ
                              ____________
                              (1) كشف الغطاء : 298 .
                              (2) أجوبة المسائل المهناوية : 121 .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 19 )
                              مرة ، وقد عارضه به عام وفاته مرتين ، وهذا الدليل يُسقِط جميع مزاعم القائلين بالتحريف والتغيير ، وما تذرّعوا به من أنّ كيفية جمع القرآن ومراحل ذلك الجمع ، تستلزم في العادة وقوع هذا التحريف والتغيير فيه ؛ وسنأتي على تفصيل ذلك في موضوع جمع القرآن بإذن الله تعالى .
                              10 ـ اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين بالقرآن ، فقد كان (ص) حريصاً على نشر سور القرآن بين المسلمين بمجرد نزولها ، مؤكّداً عليهم حفظها ودراستها وتعلّمها ، مبيّناً فضل ذلك وثوابه وفوائده في الدنيا والآخرة ، وقد بذل المسلمون عناية فائقة واهتماماً متواصلاً بكلام الله المجيد بشكل لم يسبق له مثيل في الكتب السماوية السابقة ، فكان كلّما نزل شيءٌ من القرآن هَفَت إليه القلوب ، وانشرحت له الصدور ، وهَبَّ المسلمون إلى حفظه وتلاوته ، بما امتازوا به من قُوّة حافظة فطرية ، لاَنّ شعار الاِسلام وسمة المسلم حينئذٍ هو التجمّل والتكمّل بحفظ القرآن الكريم ، معجزة النبوّة الخالدة ، ومرجع الاَحكام الشرعية ، واستمروّا على ذلك حتّى صاروا منذ صدر الاِسلام يُعَدّون بالاَُلوف وعشراتها ومئاتها ، وكلّهم من حَمَلة القرآن وحُفّاظه وكُتّابه ، فكيف يُتَصوّر سقوط شيءٍ منه والحال هذه؟!
                              11 ـ دقّة وتحرّي المسلمين لاَي طارىءٍ جديدٍ في القران ، حيثُ إنّ العناية قد اشتدّت ، والدواعي قد توفّرت لحفظ القرآن وحراسته حتّى في حروفه وحركاته ، ويكفي أن نذكر أنّ عثمان حينما كتب المصاحف ، أراد حذف حرف الواو من (والَّذِينَ) في قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يَكنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ ولا يُنفِقُونَها في سَبِيلِ اللهِ...(التوبة9: 34 ) . فقال أُبيّ : لتلحقنّها أو
                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 20 )
                              لاَضعنّ سيفي على عاتقي ؛ فألحقوها (1).
                              وروي أيضاً أنّ عمر بن الخطّاب قرأ ( والسَّابقُونَ الاولُونَ مِن المُهاجِرينَ وَالاَنْصَار الَّذِينَ اتَّبَعُوهُم باحْسَانٍ )(التوبة9: 100) فرفع (الانصار) ولم يلحق الواو في (الذين) فقال له زيد بن ثابت : ( وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم باحْسَانٍ )! فقال عمر : (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُم باحْسَانٍ) . فقال زيد : أمير المؤمنين أعلم . فقال عمر : ائتوني بأُبيّ بن كعب ، فأتاه فسأله عن ذلك ، فقال أُبيّ : (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهم باحْسَانٍ ) فقال عمر : فنعم ، إذن نتابع أُبيّاً (2). فإذا كان الخليفة لا يستطيع أن يحذف حرفاً ، فهل يجرؤ غيره على التصرّف بزيادةٍ أو حذفِ آياتٍ أو سورٍ من القرآن وتحريفها ؟!
                              12 ـ ويمنع من دعوى التحريف ، الواقع التاريخي أيضاً ، فإنّه إن كان التحريف في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو غير معقول بعد أن كان يشرف بنفسه على كتابته وحفظه وتعليمه ، ويُعْرَض عليه مرات عديدة .
                              وإنّ كان بعد زمانه صلى الله عليه وآله وسلم وعلى يد السلطة الحاكمة ، أو على يد غيرها ، فلم يكن يسع أمير المؤمنين عليه السلام والخيرة من صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم السكوت على هذا الاَمر الخطير الذي يمسّ أساس الاِسلام ، ويأتي على بنيانه من القواعد ، ولو كان ذلك لاحتجّ به الممتنعون عن بيعة أبي بكر وعمر والمعترضون عليهما في أمر الخلافة ، كسعد بن عبادة وأصحابه ، ولكان على أمير المؤمنين عليه السلام وسائر الصحابة أن يُظْهِروا القرآن الحقيقي ، ويبيّنوا مواضع التحريف في هذا الموجود وإن حدث ما حدث ، لكنّنا لم
                              ____________
                              (1) الدرّ المنثور 4 : 179 .
                              (2) تفسير الطبري 11 : 7 ، الدر المنثور 4 : 268 .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 21 )
                              نجد ذكراً لذلك ، لا في خطبة أمير المؤمنين عليه السلام المعروفة بالشقشقية ، ولافي غيرها من خُطبَهِ وكلماته وكتبه التي اعترض بها على من تقدّمه ، ولافي خطبة الزهراء عليها السلام المعروفة بمحضر أبي بكر ، كما لم نجد أحداً من الصحابة أو من غيرهم ، قد طالبهما بإرجاع القرآن إلى أصله الذي كان يُقْرَأ به في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو نبّه على حدوث التحريف ومواطنه ، وفي ترك ذِكر ذلك دلالةٌ قطعيةٌ على عدم التحريف .
                              أمّا دعوى وقوع التحريف في زمن عثمان ، فهو أمر في غاية البُعد والصعوبة ، لاَنّ القرآن في زمانه كان قد انتشر وشاع في مختلف أرجاء البلاد ، وكثر حُفّاظه وقُرّاؤه ، وإنّ أقلّ مساسٍ بحرمة القرآن لسوف يُثير الناس ضدّه ، ويُوجِب الطعن عليه وإدانته بشكلٍ قويّ ومعلنٍ ، ولا سيما من الثائرين عليه الذين جاهروا بإدانته فيما هو أقلّ أهميةً وخطراً بكثير من التحريف ، لكنّنا لم نسمع أحداً طعن عليه في ذلك ، فهل خفيت هذه الآيات أو السور التي يُدّعى سقوطها من القرآن ، على عامّة المسلمين ، ولم يطّلع عليها سوى أفراد قلائل ؟!
                              ولو كان ذلك لكان على أمير المؤمنين عليه السلام إظهار هذا الاَمر ، وإرجاع الناس إلى القرآن الحقيقي بعد أن صار خليفةً وحاكماً ، ولم يعد ثمّة مايمنع من ذلك ، وليس عليه شيء يُنْتَقَد به ، بل ولكان ذلك أظهر لحُجّته على الثائرين بدم عثمان . فكيف صحّ منه عليه السلام وهو الرجل القويّ الذي فقأ عين الفتنة أن يهمل هذا الاَمر الخطير ، وهو الذي أصرّ على إرجاع القطائع التي أقطعها عثمان ، وقال في خطبةٍ له عليه السلام : « والله لو وجدته قد تُزوِّج به النساء وُملِك به الاِماء لرددته ، فانّ في العدل سَعَة ، ومن ضاق عليه العدل
                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 22 )
                              فالجور عليه أضيق » (1). مع أنّ ذلك أقلّ أهمية وخطورة من أمر تحريف القرآن بكثير ؟! إذن فإمضاؤه عليه السلام للقرآن الموجود في عصره دليلٌ قاطعٌ على عدم وقوع التحريف فيه .
                              13 ـ اهتمام أهل البيت عليهم السلام البالغ في القرآن الكريم وحثُّ أصحابهم على تلاوة القرآن الكريم وختمه ، وبيانهم عليهم السلام لمنزلة قارىء القرآن تارة ، وفضائل القرآن تارة أُخرى ، كُلّ ذلك يدلُّ على نفي التحريف ، لعدم توجّه مثل هذه العناية إلى كتاب محرّف .
                              14 ـ اعتقاد الكل بكون القرآن حجّة بالغة ينافي التحريف من كلِّ وجه، ولا يعقل اتخاذ ماهو محرّف حجة ، ولو فرض حصول التحريف لسقط الاستدلال به لاحتمال التحريف بالدليل ، ولا يوجد فرد واحد قط استدل بالقرآن وأشكل عليه آخر بتحريف الدليل .
                              15 ـ وأخيراً فإنّ صلاة الاِمامية بمجرّدها دليلٌ على نفي التحريف في كتاب الله العزيز ؛ لاَنّهم يوجبون بعد فاتحة الكتاب ـ في كلِّ من الركعة الاَولى والركعة الثانية من الفرائض الخمس ـ سورةً واحدةً تامّة غير الفاتحة من سائر السور التي بين الدفتين ، وفقههم صريح بذلك ، فلولا أنّ سور القرآن بأجمعها كانت في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ما هي الآن عليه في الكيفية والكمية ما تسنّى لهم هذا القول ، ولا أمكن أن يقوم لهم عليه دليل.
                              ____________
                              (1) نهج البلاغة ـ صبحي الصالح : 57 الخطبة 15 .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 23 )



                              اللفصل الثاني الاَئمّة من علماء الشيعة ينفون التحريف
                              إنّ المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم ، والمتسالم عليه بينهم ، هو القول بعدم التحريف في القرآن الكريم ، وقد نصّوا على أنّ الذي بين الدفّتين هو جميع القرآن المُنْزَل على النبيّ الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم دون زيادة أو نقصان ، ومن الواضح أنّه لا يجوز إسناد عقيدةٍ أو قولٍ إلى طائفةٍ من الطوائف إلاّ على ضوء كلمات أكابر علماء تلك الطائفة ، وباعتماد مصادرها المعتبرة ، وفيما يلي نقدّم نماذج من أقوال أئمة الشيعة الاِمامية منذ القرون الاُولى وإلى الآن ، لتتّضح عقيدتهم في هذه المسألة بشكل جلي :
                              1 ـ يقول الاِمام الشيخ الصدوق ، محمّد بن علي بن بابويه القمي ، المتوفّى سنة (381 هـ) في كتاب (الاعتقادات) : «اعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله الله على نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم هو مابين الدفّتين ، وهو ما في أيدي الناس ، ليس بأكثر من ذلك ، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة.. ومن نسب إلينا أنّا نقول إنّه أكثر من ذلك فهو كاذب» (1).
                              2 ـ ويقول الاِمام الشيخ المفيد ، محمّد بن محمّد بن النعمان ، المتوفّى سنة (413 هـ) في (أوائل المقالات) : «قال جماعة من أهل الاِمامة : إنّه لم ينقص من كَلِمة ولا من آية ولا من سورة ، ولكن حُذِف ما كان مثبتاً في
                              ____________
                              (1) الاعتقادات : 93 .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 24 )
                              مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله ، وذلك كان ثابتاً منزلاً ، وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز ، وعندي أنّ هذا القول أشبه ـ أي أقرب في النظر ـ مِن مقال من أدّعى نقصان كَلِمٍ من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل ، وإليه أميل» (1) .
                              وفي (أجوبة المسائل السروية) ، قال : «فان قال قائل : كيف يصحّ القول بأنّ الذي بين الدفّتين هو كلام الله تعالى على الحقيقة من غير زيادة فيه ولانقصان ، وأنتم تروون عن الاَئمّة عليهم السلام أنّهم قرأوا «كنتم خير أئمّة أُخرجت للناس» ، «وكذلك جعلناكم أئمّة وسطاً» . وقرأوا «يسألونك الاَنفال» . وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في أيدي الناس ؟
                              قيل له : إنّ الاَخبار التي جاءت بذلك أخبار آحاد لايُقْطَع على الله تعالى بصحّتها ، فلذلك وقفنا فيها ، ولم نعدل عمّا في المصحف الظاهر ، على ما أُمِرنا به (2)حسب مابيّناه مع أنّه لايُنْكر أن تأتي القراءة على وجهين منزلين ، أحدهما : ما تضمّنه المصحف ، والثاني : ما جاء به الخبر، كما يعترف به مخالفونا من نزول القرآن على أوجهٍ شتّى» (3).
                              3 ـ ويقول الاِمام الشريف المرتضى ، عليّ بن الحسين الموسوي ، المتوفّى سنة (436 هـ) في (المسائل الطرابلسيات) : «إنّ العلم بصحّة نقل القرآن ، كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام ، والكتب
                              ____________
                              (1) أوائل المقالات : 55 .
                              (2) روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : «اقرءوا كما عُلّمتم...» ، وقال عليه السلام : «اقرءُوا كما يقرأ الناس».
                              (3) المسائل السروية : 83 تحقيق الاستاذ صائب عبدالحميد .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 25 )
                              المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ، فإنّ العناية اشتدّت ، والدواعي توفرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حدّ لم يَبْلُغه في ما ذكرناه ‎؛ لاَنّ القرآن معجزة النبوّة ، ومأخذ العلوم الشرعية والاَحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتّى عرفوا كلّ شيءٍ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد ؟!
                              وقال أيضاً : إنّ العلم بتفضيل القرآن وأبعاضه في صحّة نقله كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ماعُلِم ضرورةً من الكتب المصنّفة ككتابي سيبويه والمزني ، فإنّ أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها مايعلمونه من جملتها ، حتّى لو أنّ مُدْخِلاً أدخل في كتاب سيبويه باباً ليس من الكتاب لُعرِف ومُيّز ، وعُلِم أنّه مُلْحَقٌ وليس من أصل الكتاب ، وكذلك القول في كتاب المزني ، ومعلومٌ أنّ العناية بنقل القرآن وضبطهِ أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء» .
                              وذكر : «أنّ من خالف في ذلك من الاِمامية والحشوية لايعتدّ بخلافهم ، فإنّ الخلاف في ذلك مضافٌ إلى قومٍ من أصحاب الحديث ، نقلوا أخباراً ضعيفة ظنّوا صحّتها ، لايرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحّته»(1)
                              وذكر ابن حزم أنّ الشريف المرتضى كان يُنكر من زعم أنّ القرآن بُدّل ، أو زيد فيه ، أو نُقِص منه ، ويكفّر من قاله ، وكذلك صاحباه أبو يعلى
                              ____________
                              (1) مجمع البيان 1 : 83 .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 26 )
                              الطوسي وأبو القاسم الرازي (1).
                              4 ـ ويقول الاِمام الشيخ الطوسي ، محمد بن الحسن ، المعروف بشيخ الطائفة ، المتوفّى سنة (460 هـ) في مقدمة تفسيره (التبيان) : «المقصود من هذا الكتاب علم معانيه وفنون أغراضه ، وأمّا الكلام في زيادته ونقصانه فممّا لا يليق به أيضاً ، لاَنّ الزيادة فيه مجمعٌ على بطلانها ، والنقصان منه فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الاَليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الذي نصره المرتضى رحمه الله ، وهو الظاهر من الروايات ، غير أنّه رُويت روايات كثيرة من جهة الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من آي القرآن ، ونقل شيءٍ من موضع إلى موضع ، طريقها الآحاد التي لاتُوجِب علماً ولا عملاً ، والاَولى الاعراض عنها وترك التشاغل بها ، لاَنّه يمكن تأويلها ، ولو صَحّت لماكان ذلك طعناً على ماهو موجودٌ بين الدفّتين ، فإنّ ذلك معلومٌ صحّته لايعترضه أحدٌ من الاَُمّة ولا يدفعه» (2).
                              5 ـ ويقول الاِمام الشيخ الطبرسي ، أبو علي الفضل بن الحسن المتوفى سنة (548 هـ )، في مقدمة تفسيره (مجمع البيان) : «ومن ذلك الكلام في زيادة القرآن ونقصانه ، فانّه لا يليق بالتفسير ، فأمّا الزيادة فمجمعٌ على بطلانها ، وأمّا النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامّة أنّ في القرآن تغييراً ونقصاناً ؛ والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه، وهو الذي نصره المرتضى ، واستوفى الكلام فيه غاية
                              ____________
                              (1) الفصل في الملل والنحل 4 : 182 .
                              (2) التبيان 1 : 3 .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 27 )
                              «الاستيفاء»(1) .
                              6 ـ ويقول الاِمام العلاّمة الحلي ، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر ، المتوفّى( سنة 726 هـ) في (أجوبة المسائل المهناوية) حيثُ سُئل ما يقول سيدنا في الكتاب العزيز ، هل يصحّ عند أصحابنا أنّه نقص منه شيءٌ ، أو زِيد فيه ، أو غُيِّر ترتيبه ، أم لم يصحّ عندهم شيءٌ من ذلك ؟
                              فأجاب : «الحقّ أنّه لا تبديل ولا تأخير ولا تقديم فيه ، وأنّه لم يزد ولم ينقص ، ونعوذ بالله تعالى من أن يُعْتَقَد مثل ذلك وأمثال ذلك ، فإنّه يُوجِب التطرّق إلى معجزة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المنقولة بالتواتر» (2).
                              7 ـ ويقول الاِمام الشيخ البهائي ، محمد بن الحسين الحارثي العاملي ، المتوفّى سنة 1030 هـ ، كما نقل عنه البلاغي في (آلاء الرحمن) : «الصحيح أنّ القرآن العظيم محفوظٌ عن التحريف ، زيادةً كان أو نقصاناً ، ويدلّ عليه قوله تعالى : ( وإنّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) وما اشتهر بين الناس من اسقاط اسم أمير المؤمنين عليه السلام منه في بعض المواضع ، مثل قوله تعالى (يا أيُّها الرسولُ بَلّغ ما أُنْزِل إليكَ ـ في عليّ ـ ) وغير ذلك ، فهو غير معتبرٍ عند العلماء» (3).
                              8 ـ ويقول الاِمام الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، المتوفّى سنة (1228 هـ ) في (كشف الغطاء) : «لا ريب في أنّ القرآن محفوظٌ من النقصان بحفظ الملك الديّان ، كما دلّ عليه صريح الفرقان ، واجماع العلماء في جميع
                              ____________
                              (1) مجمع البيان 1 : 83 .
                              (2) أجوبة المسائل المهناوية : 121 .
                              (3) آلاء الرحمن 1 : 26 .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 28 )
                              الاَزمان ، ولاعبرة بالنادر ، وما ورد في أخبار النقيصة تمنع البديهة من العمل بظاهرها ، ولاسيّما مافيه نقص ثلث القرآن أو كثير منه ، فإنّه لو كان كذلك لتواتر نقله ، لتوفّر الدواعي عليه ، ولا تّخذه غير أهل الاِسلام من أعظم المطاعن على الاِسلام وأهله ، ثمّ كيف يكون ذلك وكانوا شديدي المحافظة على ضبط آياته وحروفه» (1).
                              9 ـ ويقول الاِمام المجاهد السيد محمد الطباطبائي ، المتوفّى سنة (1242 هـ) في (مفاتيح الاُصول) : «لاخلاف أنّ كل ماهو من القرآن يجب أن يكون متواتراً في أصله وأجزائه ، وأمّا في محلّه ووضعه وترتيبه فكذلك عند محقّقي أهل السنة ، للقطع بأنّ العادة تقضي بالتواتر في تفاصيل مثله، لاَنّ هذا المعجز العظيم الذي هو أصل الدين القويم ، والصراط المستقيم ، ممّا توفّرت الدواعي على نقل جمله وتفاصيله ، فما نقل آحاداً ولم يتواتر ، يقطع بأنّه ليس من القرآن قطعاً» (2).
                              10 ـ ويقول الاِمام الشيخ محمد جواد البلاغي ، المتوفّى سنة (1352 هـ ) في (آلاء الرحمن) : «ولئن سمعت من الروايات الشاذّة شيئاً في تحريف القرآن وضياع بعضه ، فلا تُقِم لتلك الروايات وزناً ، وقلَّ ما يشاء العلم في اضطرابها ووهنها وضعف رواتها ومخالفتها للمسلمين ، وفيما جاءت به في مروياتها الواهية من الوهن، وما ألصقته بكرامة القرآن ممّا ليس له شَبَه به»(3).

                              ____________
                              (1) كشف الغطاء : 229 .
                              (2) البرهان للبروجردي : 120 .
                              (3) آلاء الرحمن 1 : 18 .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 29 )
                              11 ـ ويقول الاِمام الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء ، المتوفّى سنة( 1373 هـ) في (أصل الشيعة وأصولها) : «إنّ الكتاب الموجود في أيدي المسلمين ، هو الكتاب الذي أنزله الله إليه صلى الله عليه وآله وسلم للاعجاز والتحدّي ، ولتعليم الاَحكام ، وتمييز الحلال من الحرام ، وإنّه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة ، وعلى هذا إجماعهم ، ومن ذهب منهم ، أو من غيرهم من فرق المسلمين ، إلى وجود نقصٍ فيه أو تحريفٍ ، فهو مخطئ، يَرُدّهُ نص الكتاب العظيم ( إنّا نحنُ نزّلنا الذكرَ وإنّا لَهُ لَحَافِظُونَ )) (الحجر15: 9).
                              والاَخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم الظاهرة في نقصه أو تحريفه ، ضعيفة شاذّة ، وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً ، فأمّا أن تُؤوّل بنحوٍ من الاعتبار أو يُضْرَب بها الجدار» (1).
                              12 ـ ويقول الاِمام السيد عبدالحسين شرف الدين العاملي ، المتوفّى سنة (1377 هـ) ، في (أجوبة مسائل جار الله) : «إنّ القرآن العظيم والذكر الحكيم ، متواترٌ من طُرقنا بجميع آياته وكلماته وسائر حروفه وحركاته وسكناته ، تواتراً قطعياً عن أئمة الهدى من أهل البيت عليهم السلام ، لا يرتاب في ذلك إلاّ معتوهٌ ، وأئمّة أهل البيت عليهم السلام كلّهم أجمعون رفعوه إلى جدّهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الله تعالى ، وهذا أيضاً ممّا لا ريب فيه . وظواهر القرآن الحكيم ، فضلاً عن نصوصه ، أبلغ حجج الله تعالى ، وأقوى أدلّة أهل الحقّ بحكم الضرورة الاَولية من مذهب الاِمامية ، وصحاحهم في ذلك متواترةٌ من طريق العِترة الطاهرة ، ولذلك تراهم يضربون بظواهر الصحاح المخالفة للقرآن عرض الجدار ولا يأبهون بها ، عملاً بأوامر أئمتهم عليهم السلام .

                              ____________
                              (1) أصل الشيعة وأُصولها : 101 ـ 102 ط15 .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 30 )
                              وكان القرآن مجموعاً أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ماهو عليه الآن من الترتيب والتنسيق في آياته وسوره وسائر كلماته وحروفه ، بلا زيادةٍ ولا نقصانٍ ، ولا تقديمٍ ولا تأخيرٍ ، ولا تبديلٍ ولا تغيير» (1).
                              13 ـ ويقول الاِمام السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي ، المتوفّى سنة 1413 هـ ، في (البيان في تفسير القرآن) : «المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن ، وأنَّ الموجود بأيدينا هو جميع القرآن المنزل على النبي الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد صرح بذلك كثير من الاَعلام ، منهم رئيس المحدثين الشيخ الصدوق محمد بن بابويه ، وقد عدّ القول بعدم التحريف من معتقدات الاِمامية» (2).
                              ويقول أيضاً : «إنّ حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال ، لايقول به إلاّ من ضعف عقله ، أو من لم يتأمّل في أطرافه حقّ التأمّل ، أو من ألجأه إليه من يحبّ القول به ، والحبّ يعمي ويصمّ ، وأمّا العاقل المنصف المتدبّر فلا يشكّ في بطلانه وخرافته» (3).
                              14 ـ يقول الاِمام الخميني المتوفّى سنة 1409 هـ : «إنّ الواقف على عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه ، قراءةً وكتابةً ، يقف على بطلان تلك الروايات المزعومة . وما ورد فيها من أخبار ـ حسبما تمسّكوا به ـ إمّا ضعيف لا يصلح للاستدلال به ، أو موضوع تلوح عليه إمارات الوضع ، أو غريب يقضي بالعجب ، أمّا الصحيح منها فيرمي إلى مسألة
                              ____________
                              (1) عبدالحسين شرف الدين | أجوبة مسائل جار الله : أُنظر ص 28 ـ 37 .
                              (2) البيان في تفسير القرآن : 200 .
                              (3) البيان في تفسير القرآن : 259 .

                              --------------------------------------------------------------------------------

                              ( 31 )
                              التأويل ، والتفسير، وإنّ التحريف إنّما حصل في ذلك ، لا في لفظه وعباراته .
                              وتفصيل ذلك يحتاج إلى تأليف كتاب حافل ببيان تاريخ القرآن والمراحل التي قضاها طيلة قرون ، ويتلخّص في أنّ الكتاب العزيز هو عين ما بين الدفّتين ، لا زيادة فيه ولا نقصان ، وأنّ الاختلاف في القراءات أمر حادث ، ناشئ عن اختلاف في الاجتهادات ، من غير أن يمسّ جانب الوحي الذي نزل به الروح الاَمين على قلب سيد المرسلين» (1).

                              ____________
                              (1) تهذيب الأصول 2: 165

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 21-02-2015, 05:21 PM
                              ردود 119
                              18,092 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 23-05-2024, 02:34 PM
                              استجابة 1
                              100 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 23-05-2024, 02:27 PM
                              استجابة 1
                              71 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 04-10-2023, 10:03 AM
                              ردود 2
                              154 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 09-01-2023, 12:42 AM
                              استجابة 1
                              160 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وهج الإيمان
                              بواسطة وهج الإيمان
                               
                              يعمل...
                              X