يخوض العرب والمسلمون هذه الأيام معركة ضد قانون الأدلة السرية الذي يعد أكثر صور العدوان علي الحريات المدنية شذوذا وفجاجة, حيث لا يتصور أحد أن يصدر قاض قرارا بسجن إنسان لمجرد أنه متهم بتهديد الأمن القدسي, دون أن يتوافر له دليل يثبت صحة الاتهام, حتي قال لي أحد الناشطين العرب الساعين في حملة إلغاء القانون أنه ذهب إلي سيدة عضو في الكونجرس والحزب الديمقراطي, وعرض عليها الموضوع مبينا خطورة القانون, وطلب منها تأييد مشروع إلغائه(60 عضوا أيدوا المشروع حتي الآن), فأعربت السيدة عن تعاطفها مع هذه الدعوة, لكنها قالت إنها لا تستطيع التوقيع, لأن ذلك يعد شأنا إسرائيليا داخليا, وهي لا تري أنه من غير المناسب إقحام نفسها فيه, ولما قال لها صاحبنا إن القانون صادر في الولايات المتحدة وليس في إسرائيل, انتفضت في مقعدها ولم تصدق, إلا حينما أطلعها علي نصه وتاريخ صدوره!
بين الأمريكيين باحثون وصحفيون شرفاء اعتبروا قانون الأدلة السرية فضيحة للنظام الأمريكي يجب علاجها بأسرع ما يمكن, ومن هؤلاء جون سوج رئيس تحرير صحيفة ويكلي بلانت في فلوريدا, الذي شارك في حملة إلغاء القانون, وأخيرا كتب أنتوني لويس أحد أكبر كتاب صحيفة نيويورك تايمز معبرا عن استنكاره ودهشته لوجود ذلك القانون. وفي المقال روي قصة مواطن مصري اسمه ناصر أحمد سجن لمدة ثلاث سنوات ونصف سنة, بتهمة الدليل السري باعتبار الرجل خطرا علي الأمن القومي الأمريكي, كان اعتقاله في عام 96, وصدر الحكم ضده في عام97, ولكن المحامين طعنوا في الحكم باعتباره غير دستوري, وحين عرض الأمر علي المحكمة الفيدرالية ـ والكلام لأنتوني لويس ـ فإن دائرة الهجرة زودت المحكمة في خطوة مفاجئة بصورة مفصلة من الدليل السري, الذي كان محظورا الإطلاع عليه في السابق. وكان غريبا ومدهشا للغاية أن يتمثل ذلك الدليل السري ـ بعد كشف النقاب عنه ـ في شهادة أدلي بها عميل لمكتب التحقيقات الفيدرالي, لم يذكر اسمه, ومفادها أن الشاب المصري يجب أن يظل في السجن, وأن إطلاق سراحه قد يجعله شخصية مرموقة, باعتبار براءته وسلامة موقفه, أما السبب الوحيد في الحفاظ علي سرية هذه الحجة, فهو احتمال تسببها في حرج بالغ للحكومة بـ(صدق أو لا تصدق)!
عندما وضعت هذه المعلومات أمام القاضي الفيدرالي, فلم يكن أمامه سوي إصدار حكمه بالإفراج عنه, وتم ذلك بالفعل قبل أسبوعين!
هناك حوالي ثلاثين حالة مماثلة لقضية الشاب المصري, أبرياء مسجونون لعدة سنوات لمجرد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي أراد التنكيل بهم, سواء لأنهم من مؤيدي الحقوق الفلسطينية, أو لأنهم رفضوا العمل لحساب المكتب والتجسس علي إخوانهم أو لأي حسابات سياسية أخري. وفي مقدمة أولئك الأبرياء المسجونون ظلما الفلسطيني الدكتور مازن النجار واللبناني علي ترمس والجزائري أنور هدام وغيرهم وغيرهم.
لقد نصبت الولايات المتحدة نفسها حامية لحقوق الإنسان في العالم, وما برحت تلقن الجميع دروسا في ضرورة احترام تلك الحقوق, لكن أحدا لم يفتح بعد ملف انتهاكات حقوق الإنسان في داخل الولايات المتحدة, وما هذا الذي عرضته سوي صفحة واحدة من الملف!
من مقالة لفهمي الهويدي
بين الأمريكيين باحثون وصحفيون شرفاء اعتبروا قانون الأدلة السرية فضيحة للنظام الأمريكي يجب علاجها بأسرع ما يمكن, ومن هؤلاء جون سوج رئيس تحرير صحيفة ويكلي بلانت في فلوريدا, الذي شارك في حملة إلغاء القانون, وأخيرا كتب أنتوني لويس أحد أكبر كتاب صحيفة نيويورك تايمز معبرا عن استنكاره ودهشته لوجود ذلك القانون. وفي المقال روي قصة مواطن مصري اسمه ناصر أحمد سجن لمدة ثلاث سنوات ونصف سنة, بتهمة الدليل السري باعتبار الرجل خطرا علي الأمن القومي الأمريكي, كان اعتقاله في عام 96, وصدر الحكم ضده في عام97, ولكن المحامين طعنوا في الحكم باعتباره غير دستوري, وحين عرض الأمر علي المحكمة الفيدرالية ـ والكلام لأنتوني لويس ـ فإن دائرة الهجرة زودت المحكمة في خطوة مفاجئة بصورة مفصلة من الدليل السري, الذي كان محظورا الإطلاع عليه في السابق. وكان غريبا ومدهشا للغاية أن يتمثل ذلك الدليل السري ـ بعد كشف النقاب عنه ـ في شهادة أدلي بها عميل لمكتب التحقيقات الفيدرالي, لم يذكر اسمه, ومفادها أن الشاب المصري يجب أن يظل في السجن, وأن إطلاق سراحه قد يجعله شخصية مرموقة, باعتبار براءته وسلامة موقفه, أما السبب الوحيد في الحفاظ علي سرية هذه الحجة, فهو احتمال تسببها في حرج بالغ للحكومة بـ(صدق أو لا تصدق)!
عندما وضعت هذه المعلومات أمام القاضي الفيدرالي, فلم يكن أمامه سوي إصدار حكمه بالإفراج عنه, وتم ذلك بالفعل قبل أسبوعين!
هناك حوالي ثلاثين حالة مماثلة لقضية الشاب المصري, أبرياء مسجونون لعدة سنوات لمجرد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي أراد التنكيل بهم, سواء لأنهم من مؤيدي الحقوق الفلسطينية, أو لأنهم رفضوا العمل لحساب المكتب والتجسس علي إخوانهم أو لأي حسابات سياسية أخري. وفي مقدمة أولئك الأبرياء المسجونون ظلما الفلسطيني الدكتور مازن النجار واللبناني علي ترمس والجزائري أنور هدام وغيرهم وغيرهم.
لقد نصبت الولايات المتحدة نفسها حامية لحقوق الإنسان في العالم, وما برحت تلقن الجميع دروسا في ضرورة احترام تلك الحقوق, لكن أحدا لم يفتح بعد ملف انتهاكات حقوق الإنسان في داخل الولايات المتحدة, وما هذا الذي عرضته سوي صفحة واحدة من الملف!
من مقالة لفهمي الهويدي
تعليق