إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الامام المهدي عليه السلام القائد والمصلح للعالم

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    تستعين بالله و نرد

    - لماذا عجز الشيخ الكوراني امام الكاتب عندما طالبه بذكر الأدلة على وجود المهدي و لم يقدر على الاتيان بدليل واحد وتحداه الكاتب علانية في المستقلة

    -لماذا يحكم المهدي بحكم داوود أليس حكم محمد هو الفيصل و هو الحكم الالهي

    تعليق


    • #17
      الاخ الدليل الاول
      ولو لم تظهر مشاركتك هنا
      اخي الحبيب ان الشيخ الكوراني هو رجل دين وباحث وجهوده مشكوره فان اصاب فكان بها وان اخطا هذا لا يعني ان حركة الامام المهدي ووجوديته يعني لا شي لان الكوراني فشل في اثبات وجودية الامام وذلك لان الامام قد نص عليه القران وبشر به النبي محمد صلى الله عليه وسلم والائمه الاطهار والكتب السماويه السابقه
      وشكرا على المشاركه

      تعليق


      • #18
        بالله نستعين
        نسأل
        لماذا عجز الكوراني عن اثبات وجود المهدي رغم التحدي من الكاتب
        كيفت ستدل بكتب اهل الكتاب المحرفة
        لماذا يحكم المهدي بحكم داوود و ليس بحكم محمد

        تعليق


        • #19
          المشاركة الأصلية بواسطة علي هويدي 1972
          ان الشيخ الكوراني هو رجل دين وباحث وجهوده مشكوره فان اصاب فكان بها وان اخطا هذا لا يعني ان حركة الامام المهدي ووجوديته يعني لا شي لان الكوراني فشل في اثبات وجودية الامام
          السلام علي شيعة الكرار ص
          مولانا الكريم علي هويدي
          مشكور جدا علي هذا الطرح الطيب جعله الله بميزان حسناتكم
          اما بخصوص الشيخ الكوراني حفظه الله فمن قال انه اخطا ؟ بل علي العكس تماما فكتابه عصر الظهور كفي ووفي بهذا الموضوع بل واضاف الكثير وما يضيرنا ان شكك فيه المخالفون فارائهم كما تعلمون لا تعنينا نحن الشيعة في قليل او كثير والكوراني لم يفشل لكن الرجل لا يستطيع قول كل ما يعلم امام العامة والدهماء ممن لا يفقهون في الامر شئ . وجل اهتمامهم يتمركز في تفنيد فكرة المهداوية ونفي وجود المخلص الثابت اصلا بكل الاديان وعند كل الطوائف .
          بامكانكم ايضا الاطلاع علي هذا الرابط بالحوار الشيعي
          http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=29918
          عسي الله ان ينفعنا جميعا بما جاء به.
          التعديل الأخير تم بواسطة نورعلي; الساعة 18-08-2005, 01:49 AM.

          تعليق


          • #20
            لاخ نور علي
            انا لم اقصد انه اخطا بل ان الاخ الدليل الاول احتج عليناان الشيخ الكوراني عجز وفهمت ان قصده قد ينسحب على وجودية الامام المهدي
            والشيخ جهوده مشكوره

            تعليق


            • #21
              أسباب الغيبة الصغرى للإمام المهدي


              ماهر آل شبر


              أولاً: الحفاظ على شخص الإمام المهدي (عليه السلام) وبقائه

              كما كان أيام الفراعنة وفي زمان النبي موسى (عليه السلام) حيث أنهم كانوا موعودين بخروج مخلص لبني إسرائيل ينهي ظلم الفراعنة ويدمر الطاغية فرعون ويقضي على جبروته، فما كان منه إلا أن قام بقتل الذكور من أبناء بني إسرائيل واستبقاء الإناث ) يذبح أبناءهم ويستحيى نساءهم( (1).

              كذلك كان من المعروف من الأخبار والروايات المتواترة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أن عدد الأئمة اثني عشر إماماً، وأن الإمام الثاني عشر هو الذي يزيل دول الظلم ويقضي على أئمة الجور والطغيان، فكان حكام الدولة العباسية يترقبوا هذا الأمر ويحسبون له ألف حساب، فوضعوا الإمام الحادي عشر أي الحسن العسكري (عليه السلام) تحت الإقامة الجبرية في بيته بسامراء، كما وضعوا نساؤه تحت الرقابة المباشرة، وذلك للقضاء على الإمام الثاني عشر وتصفيته أول ولادته.

              لذلك شاء الله سبحانه وتعالى إخفاء أمر حمله وولادته إلا عن خواص الشيعة والموثوق بهم من المؤمنين، وبعد ولادته (عليه السلام) تناهى لمسامع الحكومة العباسية بعض الأخبار عن ذلك فتمت مداهمة بيت الإمام العسكري (عليه السلام) مرات عديدة وبشكل مفاجئ للقبض على الإمام المهدي (عليه السلام) وتصفيته، وباءت جميع محاولاتهم بالفشل، مما جعل أم الإمام المهدي السيدة نرجس (رض) تدعي بأنها حامل فسجنت عند القاضي بسامراء لمدة سنتين وذلك بعد وفاة الإمام العسكري حتى شغلوا عنها بثورة صاحب الزنج وسلمها الله منهم بفضله.

              فكانت هذه الظروف العصيبة هي التي دعت الإمام المهدي (عليه السلام) للغيبة حفاظاً على نفسه لكي لا يقتل كما قتل آباؤه (عليهم السلام) خصوصاً وهو آخر الأئمة وبقية حجج الله على الخلق وخاتم الأوصياء (عليهم السلام)، وهو المكلف بإقامة الدولة الإسلامية العالمية، فكان لابد من الحفاظ على وجوده بالغيبة حتى ينجز المهمة الموكل بها، وهذا ما نفهمه من الروايات التالية.

              فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (لابد للغلام من غيبة، فقيل له: ولم يا رسول الله، قال: يخاف القتل)(2).

              وفي البحار عن الباقر (عليه السلام) قال: (إذا ظهر قائمنا أهل البيت قال ) ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً( (3)، أي خفتكم على نفسي وجئتكم لما أذن لي ربي وأصلح لي أمري)(4).

              وعن يونس بن عبد الرحمن قال: (دخلت على موسى بن جعفر (عليه السلام) فقلت له: يا بن رسول الله أنت القائم بالحق؟ فقال (عليه السلام): أنا القائم بالحق، ولكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً هو الخامس من ولدي، له غيبة يطول أمدها خوفاً على نفسه، يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون)(5).

              وخرج في التوقيع من الإمام المهدي (عليه السلام) لمحمد بن عثمان العمري في علة عدم ذكره باسمه: (فإنهم إن وقفوا على الاسم أذاعوه، وإن وقفوا على المكان دلوا عليه)(6).

              - ولكن هل الخوف على نفسه (عليه السلام) يستدعي غيابه كل هذه القرون الطوال…؟

              بالطبع هذا الأمر غير منطقي فبعد انتهاء دولة بني العباس جاءت الكثير من الدول والممالك، ولم يعد يذكره أو يطلبه الظالمون بالشكل الذي كان في بدء غيبته، ولم يعد هناك حرج من ذكر اسمه أمام الناس، فلا بد أن هناك أسباب أخرى لاستمرار الغيبة الطويلة هذه، وهذا ما سنذكره إن شاء الله تعالى في الفصل القادم في أسباب الغيبة الكبرى.


              ثانياً: تهيئة الأمة للغيبة الكبرى والانقطاع التام عن الإمام (عليه السلام)

              كان المؤمنون في زمان الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) يتلقون الأحكام الشرعية والتعاليم الإسلامية مباشرة من النبي والأئمة دون أي حاجز أو مانع، وإذا أشكل عليهم أمر ما أو قضية معينة يلجئون فيها إلى المعصوم فيحلها في الحال, واستمر هذا الأمر حتى عام 260 هـ، عند وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، حيث اختلف الحال ولم يعد بإمكان المؤمنين الالتقاء بالإمام المهدي (عليه السلام) وتلقي الأحكام الشرعية على يديه مباشرة.

              ولكي لا تحدث ردة فعل عنيفة في الأمة لانقطاع الإمام عنها وغيابه بشكل مفاجئ، كان لابد من تهيئة الأمة للغيبة الكبرى، وتعويد الناس تدريجياً على احتجاب الإمام عنهم وبالتالي يستسيغون فكرة اختفائه (عليه السلام).

              لذلك كان من شأن الإمام المهدي (عليه السلام) تعيين السفراء الأربعة رضوان الله تعالى عليهم خلال الغيبة الصغرى كواسطة بينه وبين الناس،كما كان (عليه السلام) متدرجاً في الاحتجاب عن الناس خلال تلك الفترة، حيث تمكن العديد منهم مشاهدته في أول الغيبة الصغرى وكان أقل احتجاباً عن الناس، وكلما مشى الزمان زاد احتجابه، حتى لا يكاد يُنقل عنه المشاهدة في زمن السفير الرابع لغير السفير نفسه.

              ولقد شبهت الروايات الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار الإمام المهدي (عليه السلام) بالشمس المضيئة، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لجابر بن عبد الله الأنصاري: (أي والذي بعثني بالنبوة، إنهم لينتفعون به ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جللها السحاب)(7)، فكما أن الشمس قبل غروبها تماماً تبقى أشعتها لمدة معينة من الزمن حتى تغيب تماماً ويحل الظلام الدامس، فكذلك الإمام كان في حال الغيبة الصغرى متدرجاً في الغيبة قبل انقطاعه التام عن الناس.

              ويذكر السيد مجتبى السادة بهذا الشأن أن للإمام المهدي (عليه السلام) أيضاً ظهور أصغر يسبق الظهور الأكبر إن شاء الله تعالى، وذلك يتمثل في عدة أحداث وقضايا سوف تحدث تمهد الأرض والبشرية لظهوره المبارك (عليه السلام)، حيث يقول: (وكذلك طلوع الشمس فإنه لا يكون مباشرة بل يبدأ الخيط الأبيض ثم الفجر ثم نور باهت يزداد تدريجياً حتى طلوع الشمس ساطعة في السماء، وهكذا فإن ظهور الحجة بن الحسن (عليه السلام)، وهو كالشمس المنيرة في سماء الولاية، لابد أن يسبقه ظهور أصغر يهيئ الأرضية للظهور الكامل لوجوده المقدس)(8).


              ثالثاً: إثبات حقيقة وجود الإمام المهدي (عليه السلام) وإبطال شبهات المشككين

              بعد وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) عام 260 هـ، وبسبب خفاء أمر ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) عن أكثر الناس، بدأ الشك يدب في نفوس الكثير منهم بوجوده (عليه السلام) خصوصاً مع اقتسام إرث أبيه الإمام العسكري بين عمه جعفر وجدته ـ أي أم الإمام العسكري حيث أوصى لها الإمام العسكري بأوقافه وصدقاته ـ هذا بالإضافة لادعاء عمه جعفر الكذاب الإمامة، فكان لابد من إثبات وجود الإمام المهدي عبر بعض المشاهدات للعديد من الناس، وهي التي حصلت بالفعل في فترة الغيبة الصغرى كصلاته (عليه السلام) على جنازة أبيه ولقائه بوفد القميين الذين جاءوا لتسليم الأموال للإمام العسكري ووصفه الدقيق لتلك الأموال.

              فعن أبو الأديان في ضمن حديث طويل تحدث فيه عن وفاة الإمام العسكري (عليه السلام) قال: (فلما صرنا في الدار، إذا نحن بالحسن بن علي صلوات الله عليه على نعشه مكفنا، فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه، فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة، بشعره قطط، بأسنانه تفليج، فجذب برداء جعفر بن علي وقال: تأخر يا عم فأنا أحق بالصلاة على أبي، فتأخر جعفر وقد اربد وجهه واصفر، فتقدم الصبي وصلى عليه ودفن إلى جانب قبر أبيه (عليهما السلام))(9).

              والأمر الآخر الذي قام به الإمام المهدي (عليه السلام) في الغيبة الصغرى لإثبات وجوده هو اتخاذ نظام الوكلاء أو النواب بينه وبين عامة الشيعة.

              ومن الأمور الهامة أيضاً التي ساهمت في إثبات وجود الإمام المهدي (عليه السلام) وتهيئة الذهنية العامة لدى المؤمنين للغيبة الكبرى وجعلتهم يتقبلون الفكرة بصدر رحب هو تأكيد العديد من الروايات الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام) على الغيبة وحصولها للإمام المهدي (عليه السلام) وتحدثهم عنها بإسهاب.

              فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (إن لصاحب هذا الأمر ـ يعني المهدي ـ غيبتين إحداهما تطول حتى يقول بعضهم مات، وبعضهم يقول قتل، وبعضهم يقول ذهب، حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير، لا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره)(10).

              وعن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: ما تأويل قول الله تعالى ) قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماءٍ معين( (11)، فقال (عليه السلام): (إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فماذا تصنعون)(12).

              وعن محمد بن زياد الأزدي قال: سألت سيدي موسى بن جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل ) وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة( (13)، فقال (عليه السلام): (النعمة الظاهرة الإمام الظاهر والباطنة الإمام الغائب، قال: فقلت له: ويكون في الأئمة من يغيب؟ قال: نعم، يغيب عن أبصار الناس شخصه ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، وهو الثاني عشر منا، يسهل الله له كل عسير، ويذلل له كل صعب، ويظهر له كنوز الأرض ويقرب له كل بعيد ويبير به كل جبار عنيد ويهلك على يده كل شيطان مريد، ذلك ابن سيدة الإماء الذي تخفى على الناس ولادته ولا يحل لهم تسميته حتى يظهره الله عز وجل فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً)(14).

              ولقد قام الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بطريقة هادئة في إعلام كبار الشيعة والمخلصين من المؤمنين بولادة الإمام المهدي المنتظر وذلك عبر إرسال بعض الرسائل للثقاة منهم من أمثال أحمد بن إسحاق حيث كتب (عليه السلام) له: (ولد لنا مولود فليكن عندك مستوراً، وعن جميع الناس مكتوماً فإنا لم نظهر عليه إلا الأقرب لقرابته والولي لولايته، أحببنا إعلامك ليسرك الله به مثل ما سرنا به والسلام)(15).

              كما قام (عليه السلام) بذبح كذا شاة عقيقة عن ابنه المهدي وقام بتوزيع كمية كبيرة من الخبز واللحم على شخصيات من بني هاشم ووجهاء الشيعة، ولقد جاء في بعض الأخبار كما نُقل عن الحسن بن المنذر عن حمزة بن أبي الفتح أنه (عليه السلام) عق عنه بثلاثمائة شاة.

              كما قام الإمام العسكري (عليه السلام) بإخبار بعض أصحابه الموثوق بهم شفوياً بولادة الإمام المهدي من أمثال أبا هاشم الجعفري وأبا طاهر البلالي كما قام (عليه السلام) بعرض ابنه المهدي على جماعة من أصحابه وهم أكثر من 40 رجلاً وقد اجتمعوا في مجلسه فقال لهم: (هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم، ألا وإنكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم له عمر، فاقبلوا من عثمان ـ أي العمري ـ ما يقوله وانتهوا إلى أمره واقبلوا قوله، فهو خليفة إمامكم والأمر إليه)(16).

              - ولكن لماذا لم تستمر السفارة بين الإمام المهدي (عليه السلام) والناس كما في الغيبة الصغرى حتى يومنا هذا؟ أو بمعنى آخر لماذا حدثت الغيبة الكبرى؟


              أسباب انتهاء الغيبة الصغرى:

              يذكر السيد محمد صادق الصدر (قدس) بشأن بدء الغيبة الكبرى الأسباب التالية(17):

              1- استيفاء الغيبة الصغرى لأغراضها في تهيئة الذهنية العامة للناس لغيبة الإمام المهدي (عليه السلام).

              2- ازدياد المطاردة والمراقبة من قبل السلطات الحاكمة آنذاك للإمام والمرتبطين به لدرجة أن السفير الرابع لم يقوم بعمل اجتماعي كبير يذكر، ولم يرو لنا من أعماله إلا القليل، ولم تستمر مدة سفارته إلا ثلاثة أعوام فقط.

              3- عدم إمكانية المحافظة على السرية الملتزمة في خط السفارة لو طال بها الزمان أكثر من ذلك وانكشاف أمرها شيئاً فشيئاً، فخلال السبعين سنة تقريباً وهي مدة الغيبة الصغرى لم يُنقل أنه عُرف كيف يتم الاتصال بين الإمام والسفراء، وكيف يخرج لهم التوقيع، وأين يجتمعون مع الإمام (عليه السلام).

              بل لم يكن لأي من السلطات الحاكمة آنذاك أن يثبتوا على أحد السفراء أو وكلائهم أنهم أخذوا مالاً من أحد ما لتوصيله للإمام، ولم يجدوا في حوزتهم أي أوراق تثبت اتصالهم بالإمام (عليه السلام).

              فعن الحسين بن الحسن العلوي قال: (انتهى إلى عبيد الله بن سليمان الوزير أن له ـ أي الإمام ـ وكلاء وأنه تجبى إليهم الأموال، وسموا الوكلاء في النواحي، فهمّ بالقبض عليهم، فقيل له: لا، ولكن دسوا لهم قوماً لا يعرفونهم بالأموال، فمن قبض منهم شيئاً قُبض عليه، فلم يشعر الوكلاء بشيء حتى خرج الأمر ـ أي من صاحب الزمان ـ أن لا يأخذوا من أحد شيئاً وأن يتجاهلوا بالأمر، وهم لا يعلمون ما السبب في ذلك، وامتنع الوكلاء كلهم لما كان تقدم إليهم، فلم يظفروا بأحد منهم ولم تتم الحيلة فيهم)(18).

              ولقد تعرض السفير الثالث الحسين بن روح للاعتقال والمساءلة لفترة من الزمن وحينما لم تجد عليه السلطات أي مستمسك أطلقت سراحه بفضل الله.


              الهوامش:

              1- سورة القصص الآية 4.

              2- علل الشرائع ج 1 ص 243، ميزان الحكمة ج 1 ص 184.

              3- سورة الشعراء الآية 21.

              4- بحار الأنوار ج 52 ص 385 ح 195.

              5- كمال الدين ص 361 ح 5، إعلام الورى ص 433، كفاية الأثر ص 269.

              6- غيبة الطوسي ص 364 ح 331، بحار الأنوار ج 51 ص 351.

              7- إعلام الورى ص 376، بحار الأنوار ج 52 ص 93.

              8- الفجر المقدس ص 48.

              9- كمال الدين ص 475، بحار الأنوار ج 50 ص 332، معجم أحاديث الإمام المهدي ج 4 ص 255.

              10- الإشاعة لأشراط الساعة ص 93، غيبة الطوسي ص 61، بحار الأنوار ج 53 ص 320.

              11- سورة الملك الآية 30.

              12- كمال الدين ص 360 ح 3، غيبة الطوسي ص 160، إثبات الهداة ج 3 ص 476.

              13- سورة لقمان الآية 20.

              14- بحار الأنوار ج 51 ص 150 ح 2، كمال الدين ص 368.

              15- منتخب الأثر ص 344، كمال الدين ص 434، بحار الأنوار ج 51 ص 16 ح 21.

              16- غيبة الطوسي ص 357، منتخب الأثر ص 355 ح 2، إثبات الهداة ج 3 ص 415 ح 56.

              17- تاريخ الغيبة الصغرى ص 630.

              18- أعلام الورى ج 2 ص 266، الكافي ج 1 ص 440 ح 30.

              تعليق


              • #22
                أسباب تأخر تطبيق دولة العدل الإلهي في الأرض




                أولاً: استيعاب النظرية الإلهية:

                لأن البشرية في ذلك الوقت لم تستوعب بعد النظرية الإلهية المتكاملة للعدل، ولم تحدث فيها المفاسد وسفك الدماء وأشكال الظلم والمشاكل والفظائع التي حدثت في التاريخ فيما بعد على مر الدهور والأزمان، فكيف تُطالب البشرية بتطبيق العدل وهي لا تعرف له معنى، فهي لم تر الظلم لتعرف الأمر المعاكس له.

                فلو قلنا لأحد ما مثلاً لا يجوز لك شرب الخمر وهو لم يرى خمراً أبداً في حياته ولا يعرف له معنى لكان طلبنا هذا غير منطقي.

                ولهذا السبب أيضاً تم إدخال آدم (عليه السلام) الجنة فترة من الزمن ثم أُخرج منها فكان إدخاله فقط ليتعلم طريقة إغواء الشيطان ويتعرف على تلبيس إبليس عليه اللعنة، إي فترة تعليمية قبل بدء مرحلة التكليف والمحاسبة على الأعمال.

                ولذلك يعتقد الشيعة بعصمة آدم (عليه السلام) وأن مخالفته للأمر الإرشادي لم تكن معصية حيث لم يدخل بعد المرحلة العملية، وإنما قال الله له ) فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى( (1)، أي بالكد في الدنيا والتعب في العمل لتحصيل الرزق كما نصت على ذلك أكثر التفاسير بدليل قوله تعالى ) فتشقى( ولم يقل سبحانه فتشقيا لأن الرجل هو الذي تجب عليه النفقة على زوجته وهو الذي يكد على عياله في العادة، ثم أنه من الواضح من الآيات السابقة في سورة البقرة التي تتحدث عن إخبار الله سبحانه وتعالى الملائكة ) إني جاعل في الأرض خليفة( أن الله عز وجل خلق آدم من البداية ليعيش في الأرض لا في الجنة.


                ثانياً: ابتلاء البشر واختبارهم:

                لأن الله سبحانه وتعالى جعل الحياة الدنيا دار ابتلاء واختبار للإنسان وأعطاه حرية الاختيار للطريق الذي يريد أن يسلكه في الحياة وفي الآخرة يثاب المحسن ويعاقب المسيء، فلو أجبر سبحانه العباد منذ البداية على الطاعة والإيمان لانتفت الحكمة من هذا الاختبار، ففي دولة المهدي (عليه السلام) تقل فرص الاختيار وتضيق الطرق على الملحدين والمنحرفين، فإما أن يهتدي الشخص بمحض إرادته - خصوصاً بعد أن يرى دلائل صدق الإمام وعدله - أو يُجبر على الإسلام والطاعة رغماً عن أنفه، أو عليه أن يختار الموت بسيف الإمام إذا ما أصر على عناده واستكباره، كما قال سبحانه وتعالى: ) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون( (2 ).

                وقوله تعالى: ) وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون( (3 ).

                فعن أبي عبد الله (عليه السلام) في تفسير الآية السابقة قال: (إذا قام القائم (عليه السلام) لا يبقى أرض إلا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)(4).

                وعن حذيفة بن اليمان عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (لو لم يبقى من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله فيه رجلاً اسمه اسمي وخلقه خلقي يكنى أبا عبد الله، يبايع له الناس بين الركن والمقام، يرد الله به الدين ويفتح له فتوحاً، فلا يبقى على وجه الأرض إلا من يقول لا إله إلا الله)(5).

                كما أن الله سبحانه جعل الحياة الدنيا مجال للصراع بين الخير والشر فكان لهذا جولة وللثاني جولة أخرى وهكذا، وحتى الفترات التي انتصر فيها الحق بقيادة بعض الأنبياء (عليهم السلام) لم تستمر طويلاً إذ أعقبها عصور من الظلم والإفساد، فكان لابد إذاً أن تكون الخاتمة للحق والعدل والانتصار للخير في نهاية الصراع فلا يقوم بعده للشر قائمه، فلو كانت دولة الحق في منتصف الطريق ثم انتهت وجاءت بعدها دول الظلم فلا معنى لدولة العدل هذه وحينئذٍ ستكون جولة فقط في هذا الصراع الدائر بين الحق والباطل.

                فلابد إذاً أن تكون دولة العدل الإلهي هذه في نهاية المطاف وخاتمة للصراع وقبل قيام الساعة كما قال تعالى ) ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين( (6).

                وعن مقاتـل بن سليمان في تفسير قوله تعالى ) وإنه لعلمٌ للساعة( (7)، قال: (هو المهدي يكون في آخر الزمان وبعد خروجه يكون إمارات ودلالات الساعة وقيامها)(8)، وعن ابن عباس ومجاهد وقتادة قالوا: (هو عيسى بن مريم حينما ينزل من السماء في آخر الزمان ويصلي خلف المهدي، لأن ظهوره (عليه السلام) يُعلم به مجيء الساعة لأنه من أشرا طها)(9).

                ولقد حرصت أكثر الأحاديث التي تكلمت عن الإمام المهدي (عليه السلام) على التأكيد بأنه لا يكون إلا في آخر الزمان وبعضها بالقول لو لم يبقى إلا آخر يوم من الدنيا وبعضها بالقول قبل قيام الساعة.

                فعن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (ابشروا بالمهدي فإنه يأتي في آخر الزمان على شدة وزلازل يسع الله له الأرض عدلاً وقسطاً)(10).

                وعن جابر بن عبد الله الأنصاري عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) قال: (المهدي يخرج في آخر الزمان)(11).

                وعنه أيضاً (صلى الله عليه وآله) قال: (يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه كاسمي وكنيته ككنيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، فذلك هو المهدي)(12).

                وعنه أيضاً (صلى الله عليه وآله) قال: (لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت قبله ظلماً يكون سبع سنين)(13).


                ثالثاً: النضج الفكري:

                لأن البشرية في ذلك الوقت لم تصل بعد لمرحلة النضج الفكري وكانت تسير نحو التكامل الإنساني في تطور مستمر في الفكر والثقافة وتحصيل العلوم وحصول التجارب وغير ذلك من التطور البشري.

                ولذلك كانت رسالة كل نبي من الأنبياء أو الرسل أكثر شمولاً لمتطلبات الحياة ومتطلبات العصر من الرسول السابق له ومكملة لرسالته، إلى أن جاء النبي محمد (صلى الله عليه وآله) حينما وصلت البشرية لمرحلة من التطور الفكري بحيث تستطيع أن تستوعب هذا المشروع الإلهي الكبير فوضع الدستور المتكامل للحياة والذي يمثل أيضاً دستور الدولة الإلهية الموعودة، ونزلت هذه الآية ) اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا( (14).

                وبذلك أُكملت الرسالات السماوية ووضعت النظرية المتكاملة لأهل الأرض وجاءت رسالة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) خاتمة لجميع الرسالات وناسخة لها جميعاً.

                ولعل هناك من يتساءل مادام الدين قد اكتمل، والبشرية وصلت لمرحلة النضج الفكري عندما جاء النبي محمد (صلى الله عليه وآله) فلماذا لم تطبق هذه الحكومة الإلهية في حينها على كل الأرض؟ ومادام قد وُضع الدستور المتكامل لكل البشر فلماذا لم يوضع موضع التنفيذ الفعلي في جميع المعمورة؟ ولماذا يبشر النبي بالمهدي من ولده في آخر الزمان وأنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملأت ظلماً وجوراً ؟ ولماذا لا يكون النبي محمد (صلى الله عليه وآله) هو المنفذ لهذه الحكومة الموعودة ؟

                والجواب أن البشرية في ذلك الوقت واقعاً وصلت لمرحلة النضج الفكري بحيث تستطيع فهم هذا المشروع الإلهي الكبير، إلا أنها لم تصل بعد لإمكانية التطبيق العملي لهذا الدستور الكامل في جميع الكرة الأرضية ولم تصل بعد لمرحلة الاستعداد الحقيقي للتطبيق الفعلي لهذا المشروع.

                فعلى سبيل المثال لا الحصر إذا راجعنا الروايات التالية نفهم أنه في زمن المهدي (عليه السلام) لن يكون هناك غني وفقير...! فحينما يطبق العدل على الجميع سيكون الكل غنياً ولا وجود للمحتاجين في ذلك المجتمع المثالي.

                فعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يخرج المهدي حكماً عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويطاف بالمال في أهل الحواء ـ أي أهل الحي ـ فلا يوجد أحد يقبله)(15).

                وعنه (صلى الله عليه وآله) قال: (أبشركم بالمهدي يقسم المال صحاحاً بالسوية ويملأ الله قلوب أمة محمد غنى، ويسعهم عدله حتى يأمر منادياً فينادي: من له في مال حاجة)(16).

                وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (فحينئذٍ تُظهر الأرض كنوزها وتُبدي بركاتها، فلا يجد الرجل منكم يومئذٍ موضعاً لصدقته ولا لبره لشمول الغنى جميع المؤمنين)(17).

                إذاً فلنا أن نسأل من الذي سوف يعمل في الأعمال الشاقة والمتعبة في ذلك الزمان، ومن الذي سيعمل في بعض الأعمال الدنيئة كمهنة الزبال مثلاً أو خلافه مادام الكل غنياً ولديه المال الكافي...؟

                والجواب أنه بعد أن ترى البشرية من الظلم والفجائع مالا تطيقه، وبعد امتلاء الأرض جوراً وظلماً، وبعد تجربة جميع الأطروحات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية وبعد فشلها جميعاً، ستصل البشرية لحالة من اليأس بحيث تطلب فيها إقامة دولة العدل الإلهي الموعودة.

                وستطالب البشرية بتطبيق هذا المشروع الإلهي الكبير في الأرض مهما كلفها الأمر، وسيعمل الجميع حينئذٍ لإنجاح هذه الحكومة العادلة وحتى إذا استدعى الأمر للعمل في الأعمال الشاقة طلباً للأجر والثواب من الله فقط.

                ولقد جاء في بعض الأخبار أنه في زمان الإمام المهدي (عليه السلام) لن يكون هناك أجر مالي للبضائع في أثناء البيع وإنما الصلاة على محمد وآل محمد فقط...!

                وحتى إذا قلنا بعدم صحة هذه الأخبار إلا أنه لن يكون هناك مانع عند أحد ما من العمل في الأعمال الشاقة والدنيئة مادام في ذلك قيام الدولة الإسلامية وبقاؤها وديمومتها.

                ولذلك كان بعض من مهام الأئمة المعصومين (عليهم السلام) من بعد النبي (صلى الله عليه وآله) هو إيصال الأمة إلى هذه المرحلة من الاستعداد والجاهزية.

                فعن بريد العجلي قال: (قيل لأبي جعفر الباقر (عليه السلام) إن أصحابنا بالكوفة جماعة كثيرة فلو أمرتهم لأطاعوك واتبعوك، فقال (عليه السلام): يجيء أحدهم إلى كيس أخيه فيأخذ منه حاجته ؟ فقال: لا، فقال(عليه السلام): فهم بدمائهم أبخل، ثم قال: إن الناس في هدنة نناكحهم ونوارثهم ونقيم عليهم الحدود ونؤدي أماناتهم حتى إذا قام القائم جاءت المزاملة ويأتي الرجل إلى كيس أخيه فيأخذ حاجته لا يمنعه)(18).

                وكان كل إمام من الأئمة (عليهم السلام) يقوم بمهام تتناسب مع مرحلة التطور في الأمة والوضع الاجتماعي الذي يعاصره، فنرى الإمام الحسين (عليه السلام) يقوم بثورة ضد يزيد، بينما الإمام زين العابدين يركز على جانب التربية بالدعاء والعبادة، بينما نرى الإمامين الباقر والصادق يركزان على المجال العلمي والفقهي.

                وحينما وصلت الأمة في زمان الإمام العسكري (عليه السلام) لمرحلة من التطور بحيث تستطيع تحمل أعباء غيبة الإمام عنها حدثت الغيبة الصغرى ومن بعدها الغيبة الكبرى بالتدريج حيث سبق ذلك انقطاع الأئمة السابقين للمهدي (من بعد الإمام الرضا) عن الاتصال المباشر بالأوساط الاجتماعية لوضعهم تحت الإقامة الجبرية في دورهم وتحت الملاحظة الدائمة من قِبل السلطات الحاكمة آنذاك، وكذلك اتخاذ الأئمة نظام الوكلاء بينهم وبين عامة شيعتهم ومواليهم تمهيداً لغيبة الإمام المهدي (عليه السلام).


                الهوامش:

                1- سورة طه الآية 117.

                2- سورة التوبة الآية 33.

                3- سورة آل عمران الآية 83.

                4- تفسير العياشي مجلد 1 ص 182 ، المهدي في القرآن ص 15.

                5- المنار المنيف ص 148، الحاوي للسيوطي ج 2 ص 63.

                6- سورة القصص الآية 5.

                7- سورة الزخرف الآية 61.

                8- البيان في أخبار صاحب الزمان ص 528، كشف الغمة ج 3 ص 280، ينابيع المودة ص 301.

                9- تفسير التبيان مجلد 9 ص 211، مسند أحمد ج 1 ص 317، الدر المنثور ج 6 ص20.

                10- دلائل الإمامة ص 467، إثبات الهداة ج 7 ص 147.

                11- غيبة الطوسي ص 178، منتخب الأثر ص 168، إثبات الهداة ج 3 ص 502.

                12- تذكرة الخواص ص 363، منتخب الأثر ص 182 ح 1، إثبات الهداة ج 3 ص 607.

                13- فرائد السمطين ج 2 ص 324، دلائل الإمامة ص 251، كشف الغمة ج 3 ص 258.

                14- سورة المائدة الآية 3.

                15- عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 241 ح 276.

                16- معجم أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 92.

                17- الإرشاد للمفيد ج 2 ص 384، كشف الغمة ج 3 ص 265.

                18- بحار الأنوار ج 52 ص 372 ح 164، درر الأخبار ص 404 ح 17.

                تعليق


                • #23
                  استعراض عام لأمر الإمامة




                  قال تعالى: ) وإذ قال ربك للملآئكة إني جاعـل في الأرض خليفة، قالوا أتجعـل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال إني أعـلم مالا تعـلمون وعـلم آدم الأسماء كلها ثم عـرضهم عـلى الملآئكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين( (1).

                  نحن لا نستطيع أن نفهم قضية دولة الإمام المهدي (عليه السلام) المنتظرة إلا إذا استعرضنا الأمر منذ البداية, منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الأرض وأراد أن تكون هناك خلافة إلهية على هذه الأرض وحكومة عدل إلهي فيها, فما كان من الملائكة إلا أنهم ظنوا أن هذه الخلافة ستكون منهم, فهم المعصومون من الزلل والخطأ ـ ومن هنا نفهم عظم معنى الخلافة الإلهية وأن مقامها عال جدا ـ وحينما أخبرهم سبحانه أنها ستكون من الجنس البشري كان استغراب الملائكة, لأن هذا المخلوق وحسب طبيعة تركيبه الخلقي وما فيه من غرائز وشهوات لا يمكنه أن يطبق العدل الإلهي ويقوم بأعباء الخلافة ورسالة السماء، وهنا أطلع سبحانه وتعالى الملائكة على أسماء علمها لآدم، فما هذه الأسماء وما قصتها؟!

                  حسب ما نفهمه من الآيات القرآنية في سورة البقرة بأن الملائكة - بعد عرض آدم (عليه السلام) للأسماء - اعترفوا بأحقيته للخلافة على الأرض وأنه أهل لذلك، وأن هذا المخلوق باستطاعته أن يطبق خلافة الله كما ينبغي لها، وأنه من الممكن أن يكون أفضل من الملائكة في هذا الجانب.

                  وحسب ما جاء في بعض الروايات عن ابن عباس أنه قال في تفسير الآيات السابقة (أنه عرض الخلق) وعن مجاهد قال: (عرض أصحاب الأسماء), وفي تفسير الجلالين: (أن الملائكة قالوا في أنفسهم لم يخلق الله خلقا أكرم منا ولا أعلم, فخلق الله آدم وعلمه الأسماء كلها أي أسماء المسميات, وجاءت كلمة ) هؤلاء( ـ وهي تخص العقلاء فقط ـ لتغليب العقلاء في هذه المسميات, وأن في ذرية آدم المطيعين لله فيظهر العدل بينهم).

                  وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (إن الله تبارك وتعالى علم آدم أسماء حجج الله كلها ثم عرضهم - وهم أرواح - على الملائكة ) فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين( بأنكم أحق بالخلافة في الأرض لتسبيحكم وتقديسكم من آدم (عليه السلام)، قالوا ) سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم( ، قال الله تبارك وتعالى ) يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبئهم بأسمائهم( وقفوا على عظيم منزلتهم عند الله تعالى ذكره فعلموا أنهم أحق بأن يكونوا خلفاء الله في أرضه وحججه على بريته)(2).

                  وعن الإمام العسكري (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: ) وعلم آدم الأسماء كلها( قال: (أسماء أنبياء الله وأسماء محمد (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهما، وأسماء خيار شيعتهم وعتاة أعدائهم ) ثم عرضهم( عرض محمد وعلي والأئمة على الملائكة ـ أي عرض أشباحهم وهم أنوار في الأظلة ـ )(3).

                  وهناك أحاديث تحمل دلالات أخرى فعـن أبي العباس عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله ) وعلم آدم الأسماء كلها( ماذا علمه؟ قال (عليه السلام): (الأرضين والجبال والشعاب والأودية ثم نظر إلى بساط تحته فقال وهذا البساط مما علمه)(4).

                  إذن نفهم من هذه التفاسير والروايات أن الله سبحانه وتعالى أخبر الملائكة أن هذا المخلوق لديه من القدرات والعلم بخواص جميع الأشياء والمواد وماهيتها واستخداماتها مما يساعده في العيش على الأرض, وأنفي ذريته أشخاصاً هم أهل للخلافة وبإمكانهم تطبيق العدل الإلهي في الأرض والتضحية في سبيل الله والعمل لأجله بحيث يصبحوا أفضل من الملائكة.

                  بل إن بعض المفسرين قالوا بأن كلمة ) هؤلاء( إنما تدل على العقلاء فقط، وفي بعض الروايات أنها تخص محمد وآل محمد فقط، وأن الله أخذ على آدم وجميع الأنبياء عليهم السلام الإيمان بمحمد وآل محمد والتبشير بالرسالة الخاتمة وان هذا العهد أو الإيمان هو شرط الخلافة في الأرض, لذلك نجد أن جميع الأنبياء يبشرون بالنبي محمد (صلى الله عليه وآله) وبالمهدي من ولده وهناك الكثير من الروايات الدالة على ذلك.

                  فعن الجارود بن المنذر العبدي قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا جارود ليلة أسري بي إلى السماء أوحى الله عز وجل إلي أن سل من أرسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ فقلت لهم: على ما بعثتم؟ فقالوا: على نبوتك وولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) والأئمة منكما)(5).

                  عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (سألته عن قول الله عز وجل: ) وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلماتٍ فأتمهن، قال إني جاعلك للناس إماماً، قال ومن ذريتي، قال لا ينال عهدي الظالمين( (6) ما هذه الكلمات؟

                  قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، وهو أنه قال: يا رب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي, فتاب الله عليه أنه هو التواب الرحيم. فقلت يا بن رسول الله: فما يعني عز وجل بقوله ) فاتمهن( قال: يعني فاتمهن إلى القائم اثنا عشرة إماما, تسعة من ولد الحسين)(7).

                  فينبغي أن نلاحظ هنا أن قوله تعالى ) قال إني جاعلك للناس إماما( جاء مباشرة بعد قوله تبارك وتعالى ) بكلمات فأتمهن( فإمامة نبي الله إبراهيم إنما كانت بعد اعترافه وتسليمه بالمعصومين من أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله)، ثم قال سبحانه بعد ذلك ) لا ينال عهدي الظالمين( فهذا العهد والميثاق والخلافة لا تكون إلا للمعصومين فقط.

                  وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: ) الذين يتبعون الرسول النبيّّّ الأميّ الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، فالذين امنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه أولئك هم المفلحون( (8)، قال: (يعني النبي والوصي والقائم (عليهم السلام)، يأمرهم بالمعروف إذا قام وينهاهم عن المنكر)، وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ) النور( في هذا الموضع هو أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام))(9).

                  وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أيضاً في تفسير قوله تعالى: ) وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا( (10).

                  قال(صلى الله عليه وآله): (أخذ الميثاق على النبيين فقال ألست بربكم؟ ثم قال وإن هذا محمد رسولي وإن هذا علي أمير المؤمنين؟ قالوا: بلى فثبتت لهم النبوة، وأخذ الميثاق على أولي العزم ألا إني ربكم ومحمد رسولي وعلي أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده ولاة أمري وخزان علمي، وإن المهدي أنتصر به لديني وأظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي وأُعبد به طوعاً وكرها، قالوا أقررنا وشهدنا يا رب، ولم يجحد آدم ولم يقر، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي، ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به، وهو قوله عز وجل: ) ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما( (11))(12).

                  وعن أبي عبد الله (عليه السلام) في تأويل قوله تعالى: ) وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدقٌ لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه، قال أقررتم وأخذتم على ذلكم إصري، قالوا أقررنا، قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين( (13).

                  قال (صلى الله عليه وآله): (ما بعث الله نبي من لدن آدم فهلم جرا إلا ويرجع إلى الدنيا وينصر أمير المؤمنين - أي في الرجعة - وهو قوله تعالى ) لتؤمنن به( يعني رسول الله ) ولتنصرنه( يعني أمير المؤمنين، ثم قال لهم في الذر ) أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري( أي عهدي ) قالوا أأقررنا( قال الله للملائكة ) فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين( )(14).

                  وعن كعب الأحبار قال (إني لأجد المهدي مكتوباً في أسفار الأنبياء ما في حكمه ظلم ولا عنت)(15).

                  فمن هذه الروايات وهناك من أمثالها الكثير جداً، نفهم أن الله سبحانه وتعالى أعد مشروعًا إلهيًا متكاملا يكون في نهاية المطاف في هذه الأرض ينتصر فيه الحق والعدل بحيث يبشر به جميع الأنبياء والرسل..!

                  ويقول آية الله السيد محمد صادق الصدر (قدس) في هذا المعنى: (إن إنكار المهدي (عليه السلام) في الحقيقة إنكاراً للغرض الأساسي من خلق البشرية والحكمة الإلهية من وراء ذلك، مما قد يؤدي إلى التعطيل الباطل في الإسلام.

                  إذ أن الغرض من خلق البشرية هو إيجاد العبادة الكاملة في ربوع المجتمع البشري بقيادة الإمام المهدي (عليه السلام) في اليوم الموعود، كما قال تعالى: ) وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون( (16)، ونستنتج من هذه الآية أن الغرض والهدف الوحيد من الخليقة هو الحصول على الكمال العظيم المتمثل في إيجاد الفرد الكامل والمجتمع الكامل والدولة العادلة التي تحكم المجتمع بالحق والعدل، وذلك بقرينة وجود التعليل في قوله تعالى ) ليعبدون( )(17).

                  ولنعد هنا إلى بداية الخليقة ونكمل استعراضنا للأحداث، حيث أُهبط آدم إلى الأرض وكان هو خليفة الله في الأرض وحجته على خلقه واستمرت مسيرة الإنسانية والخلافة على الأرض، وبدأ الصراع بين قوى الخير ورموزه المتمثلة في الأنبياء والأوصياء وقوى الشر ورموزه المتمثلة في الشيطان وجنوده، وكان هناك الكثير من القتل والقتال والإفساد في الأرض وذلك منذ أن اقتتل ولدا آدم.

                  وفي كل زمان كان لابد من وجود خليفة وحجة لله على خلقه، يمثل جانب الحق من الصراع وامتداداً لرسالة السماء، وكلهم كانوا يبشرون بالشريعة الخاتمة وبدولة العدل الإلهي الموعودة التي سوف تطبق على الأرض في نهاية المطاف.

                  وكان الأنبياء والرسل يبشرون أصحابهم بأن نهاية الصراع سوف تكون للحق وللمؤمنين، وأن وراثة الأرض هي لهم لا لغيرهم، فلقد جاء في العهد القديم في فصل مزامير داوود: (وسينقرض الأشرار وسيرث الأرض المتوكلون على الله تعالى)، وفيه أيضاً: (ويرث الصديقون الأرض ويسكنون فيها إلى الأبد)(18).

                  ومما جاء في الكتب السماوية السابقة أيضاً: (يقيم إله السماء مملكة لن تنقرض أبداً، وملكها لا يترك لشعب لآخر، تسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد... طوبى لمن انتظر)(19).

                  وكما قال تعالى في القرآن الكريم: ) ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون( (20).

                  وقال تعالى: ) وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً( (21).

                  وعن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) في تفسير الآية السابقة قال: (هم والله شيعتنا أهل البيت يفعل الله ذلك بهم على يد رجل منا وهو مهدي هذه الأمة، وهو الذي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يأتي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً)(22).


                  الهوامش:

                  1- سورة البقرة (30- 31).

                  2- كمال الدين وتمام النعمة ص 14، بحار الأنوار ج 26 ص 283 ح38.

                  3- تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) ص 217.

                  4- بحار الأنوار ج 11 ص 147 ح 18، مجمع البيان ج 1 ص 152.

                  5- كنز الفوائد ص 256 ,مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 287.

                  6- سورة البقرة ( 124).

                  7- الخصال ص 340 ح 84 ، المهدي في القرآن ص6، إلزام الناصب ج1 ص 179.

                  8- سورة الأعراف ( 157).

                  9- تفسير البرهان مجلد 2 ص 593، أصول الكافيج 1 ص 194.

                  10- سورة الأعراف ( 172 ) .

                  11- سورة طه ( 115).

                  12- الكافي ج 2 ص 8 ح 1، بصائر الدرجات ص 70 ح 2، بحار الأنوار ج 26 ص 279 ح 22.

                  13- سورة آل عمران ( 81 ).

                  14- بحار الأنوار ج 11 ص 25 ، معجم أحاديث الإمام المهدي ج 5 ص 58.

                  15- عقـد الدرر في أخبار المنتظر ص 108.

                  16- سورة الذاريات (56).

                  17- تاريخ الغيبة الكبرى ص 203 , 289.

                  18- المزمور السابع والثلاثين- كتاب المزامير، أصول العقائد للشباب ص 179.

                  19- كتاب حجار – الإصحاح الثاني.

                  20- سورة الأنبياء (105).

                  21- سورة النور ( 55).

                  22- ينابيع المودة ج 3 ص 245، معجم أحاديث الإمام المهدي ج 5 ص 281.

                  تعليق


                  • #24
                    فائدة الإمام في زمن الغيبة




                    أهمية وجود الإمام في زمن الغيبة:

                    عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك عندما سأله هل ينتفع الشيعة بالقائم في غيبته؟ فقال (صلى الله عليه وآله): (أي والذي بعثني بالنبوة، إنهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجللها سحاب)(1).

                    في بداية حديثنا عن فوائد الإمام (عليه السلام) في حال غيبته لابد أن نطرح هنا ملاحظة هامة وهي أنه إذا تكلمنا عن غيبة الإمام المهدي فذلك لا يعني أنه (عليه السلام) قابع في جوف الأرض أو سجين في سرداب ما كسرداب الغَيبة كما يظنه بعض الجُهال.

                    بل هو موجود بين الناس ويعيش معهم ويخالطهم وفي بعض الأخبار أنه يتزوج منهم أيضاً، غير أن الناس لا يعرفون أنه هو الإمام المهدي المنتظر.

                    فعن سدير قال سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: (إن في القائم سنة من يوسف (عليه السلام)... إلى أن قال: فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله عز وجل يفعل بحجته ما فعل بيوسف أن يكون يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه حتى يأذن الله عز وجل أن يعرفهم بنفسه كما أذن ليوسف)(2).

                    فغيبة الإمام إذاً إنما تعني عدم معرفة الناس له (عليه السلام) لا غيابه عن ساحة الأحداث ومجريات الأمور، وهذا ما عبر عنه السيد محمد صادق الصدر (قدس) في كتابه تاريخ الغيبة الكبرى بخفاء العنوان.

                    وإذا ما استعرضنا الحديث السابق عن النبي (صلى الله عليه وآله) الذي يشبه فيه الإمام المهدي (عليه السلام) في حال غيبته بالشمس المجللة بالسحاب يتبادر لنا هنا السؤال التالي.

                    - ما هي قيمة الشمس في الواقع، وما فائدتها لنا أو للناس والكون؟

                    يقول أصحاب الفلك أن الشمس هي مركز وأساس المجموعة الشمسية، وحولها تدور جميع الكواكب التسعة السيارة بما فيها الكرة الأرضية التي نعيش فيها أو عليها، وهي أيضاً التي تعطي الدفء للأرض مما يجعل الحياة عليها ممكنة الحدوث والاستمرار، هذا بالإضافة إلى النور الضروري للنباتات وباقي الكائنات الحية وعملية التوازن في الأرض وغير ذلك من فوائد الشمس التي لا تعد ولا تحصى.

                    فبالتالي بقاء الحياة على الكرة الأرضية بل وبقاء الكون المحيط بنا هو مرتبط ببقاء الشمس وديمومتها، وإذا ما حجبت الغيوم عنا شيء من ضوء الشمس لفترة معينه فهذا لا يبطل فوائد الشمس العديدة الموجبة لاستمرارية البقاء لهذا الكون المحيط بنا.

                    ومن هنا نفهم أن الوجود المقدس للإمام المهدي هو ضروري لهذا الكون وبقائه وصلاحه حتى وإن كان (عليه السلام) مستتراً عن الأنظار بالغيبة، ولا تشكل غيبته أي عائق عن الاستفادة من بركات هذا الفيض الإلهي المتمثل بوجوده.

                    نسأل الله تعالى أن نكون محل عنايته (عليه السلام) والمقربين منه ومن المنتفعين ببركة وجوده المقدس.


                    فوائد الإمام المهدي (عليه السلام) في حال غيبته:


                    1- قيام الحجة لله على الخلق في كل عصر وزمان:

                    قال تعالى: ) رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً( (3).

                    من المعروف أنه لابد لله من حجة على الخلق وللزوم إتمام الحجة على الناس لم تخلوا الأرض يوماً من إمام يُهتدى به ويمثل جانب الحق من الصراع الدائر بين الحق والباطل، ولكي لا يقول أحد ما لو كان لنا قائد سماوي لأخذ بيدنا ولما انحرفنا عن الطريق المستقيم، فمن غير المعقول أن تبطل حجج الله في أي زمن من الأزمنة أو أن يكون الإمام غير معروف للناس وللمؤمنين منهم خاصة، وهذا ما أكد عليه الرسول (صلى الله عليه وآله) بالقول: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) أو قوله (صلى الله عليه وآله): (من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية)(4).

                    وهذا الأمر مستمر منذ أن أهبط آدم إلى الأرض وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها حيث يقوم حجج الله بالمحافظة على الشرائع السماوية وعدم تلوث الأفكار الأصلية أو تحريفها عن معناها وبمعنى آخر الحفاظ على أصالة الدين والفكر عن الخرافات و الأوهام وانحرافات المنحرفين.

                    وهذا المفهوم أكدت عليه الكثير من الروايات والأحاديث التي نستعرض هنا بعضها والتي تنص على أنه لابد أن يكون هناك في كل زمان حجة لله على خلقه.

                    فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (إن في كل خلف من أمتي عدلاً من أهل بيتي ينفي عن هذا الدين تحريف المغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين)(5).

                    وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهراً مشهورا أو خائفاً مغمورا لئلا تبطل حجج الله وبيناته)(6).

                    وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (والله ما ترك الله الأرض منذ قبض الله آدم إلا وفيها إمام يُهتدى به إلى الله وهو حجة الله على عباده، ولا تبقى الأرض بغير إمام حجة لله على عباده)(7).

                    وعن سليمان الأعمش عن الإمام الصادق (عليه السلام): (لم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها، ظاهر مشهور أو غائب مستور ولا تخلوا إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها، ولولا ذلك لم يعبد الله، قال سليمان: فقلت للصادق: فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال (عليه السلام): كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب)(8).

                    بل وتحدثت بعض الروايات أنه من لم يكن له إمام يهتدي به فأعماله الصالحة محل إشكال، إذ ربما وقعت بشكل غير صحيح أو ربما فيها ما هو مخالف للشريعة كما نفهم من الرواية التالية.

                    عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (كل من دان لله بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول وهو ضال متحير والله شانئ لأعماله)(9).

                    وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (لا يقبل الله من العباد عملاً إلا بمعرفتنا)(10).

                    فوجود الإمام إذاً سبباً لقبول الأعمال ومعرفة الإمام هي الأساس في السير على الطريق الصحيح والصراط المستقيم و الإمام هو باب الله الذي منه يُأتى كما جاء في دعاء الندبة الذي يقرأ في أيام الجمع والأعياد.

                    وفي هذا الزمن يمثل الإمام المهدي (عليه السلام) جانب الحق من الصراع وهو بقية حجج الله على خلقه وآخر الأئمة والمعصومين سلام الله عليهم أجمعين، ولذلك تنقل لنا الروايات أن أول ما ينطق به الإمام المهدي بعد خروجه بين الركن والمقام وبعد أن يسند ظهره إلى الكعبة المشرفة هو قول الله تعالى ) بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين( (11) ثم يقول: (أنا بقية الله وحجته وخليفته عليكم)(12).


                    2- وجود الإمام لطف من الله بالعباد وأمان لأهل الأرض:

                    عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (أهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا هلك أهل بيتي جاء أهل الأرض من الآيات ما كانوا يوعدون)(13).

                    وعنه أيضاً (صلى الله عليه وآله) قال: (النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض)(14).

                    من رحمة الله الواسعة وتلطفه بالعباد والخلق جعل لهم أبواباً للرحمة فلا يعذبهم بما جنت أيديهم ولا يعجل عليهم بالعقوبة على ما اقترفوا من آثام وارتكبوا من أوزار وخطايا، ومن تلك الأبواب والألطاف نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) فلقد بعثه رحمة للعالمين، وقال عنه: ) وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون( (15).

                    فلقد كان رسول الله أماناً لهذه للأمة من عذاب الاستئصال، فكرامةً له (صلى الله عليه وآله) لم يحدث لهذه الأمة ما حدث للأمم السابقة من عذاب وعقوبة الإهلاك مثل قوم صالح وهود ولوط وغيرهم، وبعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان أهل بيته (عليهم السلام) أماناً لهذه الأمة من العذاب ولطف يحوط بأهل الأرض جميعاً، وسبب للفيض الإلهي وسبب لتنزل البركة والرحمة والخيرات من الله عز وجل.

                    فعن جابر بن يزيد الجعفي قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) لأي شيء يحتاج إلى النبي (صلى الله عليه وآله) والإمام؟ فقال (عليه السلام): (لبقاء العالم على صلاحه، وذلك أن الله عز وجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبي أو إمام... بهم يرزق الله عباده وبهم تعمر بلاده وبهم ينزل القطر من السماء وبهم يخرج بركات الأرض وبهم يمهل أهل المعاصي ولا يعجل عليهم بالعقوبة والعذاب لا يفارقهم روح القدس ولا يفارقونه ولا يفارقون القرآن ولا يفارقهم)(16).

                    وعن الإمام الباقر (عليه السلام) أيضاً قال: (لو بقيت الأرض يوماً بلا إمام منا لساخت بأهلها ولعذبهم الله بأشد عذابه)(17).

                    وعن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: (بنا يمسك الله السماوات والأرض أن تزولا وبنا ينزل الغيث وينشر الرحمة ولا تخلوا الأرض من قائم منا ظاهر أو خاف، ولو خلت يوماً بغير حجة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله)(18).


                    3 ـ دعاء الإمام المهدي (عليه السلام) للمؤمنين وتسديده للعـلماء:

                    جاء في رسالة الإمام المهدي (عليه السلام) الأولى للشيخ المفيد: (...أنا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء – أي الشدائد – أو اصطلمكم الأعداء).

                    وعنه (عليه السلام) في رسالته الثانية للشيخ المفيد أيضاً وهو يتكلم (عليه السلام) عن حفظ الله للمؤمنين فيقول: (... لأننا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض والسماء، فليطمئن بذلك من أوليائنا القلوب، وليثقوا بالكفاية منه وإن راعتهم بهم الخطوب، والعاقبة بجميل صنع الله سبحانه تكون حميدة لهم ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب)(19).

                    إذاً من أعظم الفوائد التي نستفيدها من الإمام (عليه السلام) في حال غيبته هو شمولنا ببركة دعائه المقدس للمؤمنين، فهو الإمام المستجاب الدعوة وهو المضطر الذي يجاب إذا دعا ) أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض( (20)، ولولا شمولنا ببركة دعائه (عليه السلام) لنا بظهر الغيب لصب علينا البلاء صبا.

                    كما أن الإمام المهدي (عليه السلام) يقوم بمهمة أخرى ربما أكثر أهمية من الدعاء وهي إصلاح المؤمنين وهدايتهم حتى وإن كانوا لا يعرفون شخصيته الحقيقية.

                    فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (إن الأرض لا تخلوا إلا وفيها إمام كي ما إن زاد المؤمنون شيئاً ردهم وإن نقصوا شيئاً أتمه لهم)(21).

                    وعنه أيضاً (عليه السلام) قال: (ما زالت الأرض إلا ولله فيها حجة يعرف الحلال والحرام ويدعوا الناس إلى سبيل الله)(22).

                    كما يقوم الإمام المهدي (عليه السلام) بتسديد العديد من العلماء الأجلاء ومساعدتهم في الحفاظ على الدين والشريعة واستخراج الأحكام الشرعية الضرورية للحياة ويصوب أخطائهم الاجتهادية في كثير من الأحيان.

                    ومثال ذلك ما روي عن المقدس الأردبيلي (قدس) في القصة المعروفة التي نقلها العلامة المجلسي في البحار نقلاً عن أحد طلابه وهو السيد الفاضل أمير علام حيث قال: (كنت في بعض الليالي في صحن الروضة المقدسة بالغري على مشرفها السلام, وقد ذهب كثير من الليل فبينا أنا أجول فيها إذ رأيت شخصاً مقبلاً نحو الروضة المقدسة فأقبلت إليه فلما قربت منه عرفته أنه أستاذنا الفاضل العالم التقي الزكي مولانا أحمد الأردبيلي - قدس الله روحه - فأخفيت نفسي عنه حتى أتى الباب وكان مغلقاً فانفتح له عند وصوله إليه، ودخل الروضة فسمعته يتكلم كأنه يناجي أحداً, ثم خرج وأغلق الباب، فمشيت خلفه حتى خرج من الغري، وتوجه نحو الكوفة، فكنت خلفه بحيث لا يراني حتى دخل المسجد وصار إلى المحراب الذي استشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) عنده, ومكث طويلاً, ثم رجع وخرج من المسجد وأقبل نحو الغري فكنت خلفه حتى قرب من الحنانة, فأخذني سعال لم أقدر على دفعه, فالتفت إلي, فعرفني, وقال: أنت أمير علام؟ قلت: نعم, قال ما تصنع هاهنا؟ قلت: كنت معك حيث دخلت الروضة المقدسة إلى الآن, وأقسم عليك بحق صاحب القبر أن تخبرني بما جرى عليك في تلك الليلة من البداية إلى النهاية. فقال: أخبرك على أن لا تخبر به أحداً مادمت حياً, فلما توثق ذلك مني قال: كنت أفكر في بعض المسائل وقد أغلقت على فوقع في قلبي أن آتي أمير المؤمنين (عليه السلام) واسأله عن ذلك فلما وصلت إلى الباب فُتح لي بغير مفتاح كما رأيت فدخلت الروضة وابتهلت إلى الله تعالى في أن يجيبني مولاي عن ذلك فسمعت صوتا من القبر أن ائت مسجد الكوفة وسل القائم صلوات الله عليه فإنه إمام زمانك فأتيت عند المحراب وسألته عنها فأُجبت وها أنا أرجع إلى بيتي)(23).

                    ومثال ذلك أيضاً القصة التي تروى عن الشيخ المفيد (قدس) حيث يُذكر: (أن أحد القرويين سأله ذات يوم عن امرأة حامل ماتت فهل تدفن مع ولدها أم يجب إخراجه منها؟ فظن الشيخ المفيد أن الولد ميت في بطنها، فقال: لا حاجة لفصله عن أمه بل يجوز أن يدفن معها وهو في بطنها، فلما حملت إلى قبرها أتى إلى النسوة شخص وقال إن الشيخ يأمر أن يشق بطن الحامل ويخرج الجنين إذا كان حياً منها ويخاط الشق ولا يحل أن يدفن معها، فعملت النسوة بما أوحى إليهن ذلك الشخص، ثم أخبر ذلك القروي بعد مدة الشيخ المفيد بما وقع فقال له: أنه لم يرسل أحداً ولا شك أن ذلك الشخص هو صاحب الزمان (عليه السلام)، وأُسقط الشيخ المفيد في يده بأنه أخطأ في الفتوى، فترك الفتيا والتزم بيته لا يغادره حتى جاءه الأمر (أفد يا مفيد، فإن أخطأت فعلينا التسديد) فما كان من الشيخ إلا أن عاود الجلوس على منبر الفتيا)(24).

                    ومن تسديدات الإمام المهدي (عليه السلام) أيضاً للشيخ المفيد إرساله لرسالتين إليه فيهما الكثير من الإرشادات والتوجيه له وللمؤمنين وما ينبغي لهم عمله والقيام به في تلك الفترة الزمنية حيث وصلته الأولى في أواخر شهر صفر سنة 410 هـ، بينما وصلته الثانية يوم الخميس 23 ذي الحجة سنة 412 هـ، وقد ورد نص الرسالتين بالكامل في كتاب (الاحتجاج) لأبي منصور أحمد الطبرسي (قدس) من علماء القرن السادس الهجري.

                    ومن ذلك أيضاً قصة إجازة الإمام المهدي (عليه السلام) للشيخ الأنصاري بالاجتهاد والاعلمية حيث قال له: أنت المجتهد ثلاثاً، وقد نقلها السيد حسن الأبطحي في كتابه لقاءات مع صاحب الزمان في اللقاء الثاني والخمسين.

                    وكذلك ما نقله السيد الأبطحي أيضاً في نفس الكتاب وفي اللقاء الخامس والستين لأحد مراجع التقليد المعاصرين مع الإمام المهدي (عليه السلام) حيث أوصاه بثمان وصايا عظيمة ومن أراد الاطلاع عليها فليراجعها في الكتاب المذكور(25).

                    كما سُئل آية الله الشيخ زين العابدين النجفي (قدس) عن حكم الطبول التي تضرب في عزاء الإمام الحسين (عليه السلام) وعن ضرب السيوف والتشابيه أهي جائزة أم حرام؟ فأجاب: (إني كنت متوقفاً في هذه المسألة ومتردداً فيها، فلا أدري هل أفتي بالجواز أم أفتي بالحرمة، فذهبت إلى مسجد السهلة ووصلت بخدمة سيدي ومولاي الحجة ابن الحسن (عليه السلام) وعرضت المسألة عليه وسألته عنها فأفتاني بالجواز، وأنا أفتي كما أفتى سيدي ومولاي بالجواز)(26).

                    وهناك أيضاً العديد من اللقاءات التي تنقل بين الإمام (عليه السلام) والعلماء الأجلاء وتسديده لهم وإعانته لهم على كثير من القضايا، من أمثال لقائه مع العلامة الحلي وإعانته له في استنساخ الكتاب، ومكاشفته للعلامة المجلسي وغيرها من القصص التي ذكرت في العديد من الكتب من أمثال كتاب (لقاءات مع صاحب الزمان) للسيد حسن الأبطحي وكتاب (جنة المأوى) للحاج الميرزا حسين النوري وكتاب (رعاية الإمام المهدي (عليه السلام) للمراجع والعلماء الأعلام) للشيخ علي الجهرمي.

                    ويقول الشيخ علي كريمي الجهرمي في هذا المجال: (إن مراجع التقليد الأتقياء والعلماء العظام الزاهدين كانوا على الدوام موضعاً للعناية الخاصة من قبل إمام العصر - أرواحنا فداه - سواء كانت هذه العناية والرعاية على شكل لقاء أو إظهار للتقدير أو تقديم الشكر أو الدعاء بالخير أو الإرشاد والتوجيه أو تصحيح الاشتباهات والأخطاء إلى غير ذلك)(27).


                    4ـ متابعة الإمام المهدي (عليه السلام) لأعمال الأمة واتصاله بهم في موسم الحج:

                    قال تعالى: ) وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون( (28).

                    من الواضح من الآية المباركة التي ذكرناها قبل قليل أن أعمال العباد تعرض في الحياة الدنيا على الله سبحانه وتعالى وعلى رسوله وعلى المؤمنين، ومن الطبيعي ألا تعرض الأعمال على جميع المؤمنين لاستحالة ذلك، كما أن هناك من أعمال العباد ما يتم في السر بحيث يخفى عن أعين الناس والناظرين فلا يمكن تفسير كلمة ) المؤمنون( في الآية السابقة إلا بالأئمة من أهل البيت (عليهم السلام).

                    ومما يدلنا على أن هذا العرض يتم في الحياة الدنيا لا في الآخرة هو المقطع الأخير من الآية المباركة أي ) وستردون إلى عالم...( وهذا المعنى نجده أيضاً في آية سابقه من سورة التوبة حيث يقول سبحانه ) وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تُردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون( (29)، فهناك بعد الموت يتم العرض مرة أخرى للأعمال وينبئ الله العباد بجميع أعمالهم.

                    فعن أبي عبد الله (عليه السلام) في تفسير الآية السابقة قال: (تعرض أعمال العباد يوم الخميس على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلى الأئمة)(30).

                    وعنه (عليه السلام) أيضاً في تفسير قوله تعالى: ) فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً( (31)، قال: (نزلت في أمة محمد (صلى الله عليه وآله) خاصة، في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم ومحمد (صلى الله عليه وآله) في كل قرن شاهد علينا)(32).

                    إذاً نستنتج مما مضى أن أعمالنا تعرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلى الأئمة المعصومين وعلى صاحب الزمان - أرواحنا فداه - ليكونوا شهداء علينا مع جوارحنا ومع الملائكة المكرمين، ولذلك جاء في بعض الروايات التحذير أنه أما تستحون من نبيكم حينما يشاهد أعمالكم السيئة فيسوئه ذلك، وكذلك الأمر إذا ما عرضت الأعمال على إمام العصر (عليه السلام)، ولعل لذلك أكبر الأثر في أن يصلح الإنسان من نفسه ويرتدع عن ظلم الناس ويستزيد من الأعمال الصالحة ليرضي بذلك إمامه المفترض الطاعة عنه.

                    فعن رميلة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (يا رميلة ليس مؤمن يمرض إلا مرضنا بمرضه ولا يحزن إلا حزنا بحزنه ولا يدعو إلا أمنا بدعائه ولا يسكت إلا دعونا له، فقلت له: يا أمير المؤمنين جعلني الله فداك هذا لمن معك في القصر أرأيت من كان في أطراف الأرض؟ فقال (عليه السلام): يا رميلة ليس يغيب عنا مؤمن في شرق الأرض ولا في غربها)(33).

                    بل أن هناك من الروايات والأحاديث التي تؤكد على أن الله سبحانه وتعالى يُطلع النبي والإمام المعصوم حتى على ما في ضمير الإنسان سواء كان خيراً أو شر، وهذا الأمر ربما يخفى على الملكين الموكلين بكتابة أعمال الإنسان وأقواله ليكون بذلك النبي أو المعصوم شاهداً عند الله على هذا الإنسان وما أضمره في داخله من حقد أو ضغينة أو سوء ظن أو خلافه.

                    فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال (وأنا عالم بضمائر قلوبكم والأئمة من أولادي يعلمون ويفعلون هذا إذا أحبوا وأرادوا، إنا كلنا واحد...)(34).

                    ولقد جاء في فضل ليلة القدر أن الآجال والأرزاق والبلايا تكتب في تلك الليلة وتعرض على الإمام المعصوم مع إبقاء المشيئة والبداء لله عز وجل.

                    فعن أبي عبد لله (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى ) إنا أنزلناه في ليلة مباركة، إنا كنا منذرين فيها يُفرق كل أمر حكيم( (35)، قال (عليه السلام): (يعني في ليلة القدر كل أمر حكيم، أي يقدر الله كل أمر من الحق ومن الباطل وما يكون في تلك السنة وله فيها البداء والمشيئة يقدم ما يشاء ويخر ما يشاء من الآجال والأرزاق والبلايا والأعراض والأمراض ويزيد فيها ما يشاء وينقص ما يشاء، ويلقيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أمير المؤمنين ويلقيه أمير المؤمنين إلى الأئمة (عليهم السلام) حتى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان ويشترط له ما فيه البداء والمشية والتقديم والتأخير)(36).

                    وأما فائدة عرض الأعمال على الإمام المهدي (عليه السلام) فتتلخص في النقاط التالية:

                    - معرفة إمكانية الظهور إذا ما تهيأت الأسباب والأرضية المناسبة لخروجه.

                    - معرفة أنصاره وأعوانه الذين يمكنه الاعتماد عليهم واختيار الأفضل منهم.

                    - متابعة أحوال الأمة والإطلاع على أخبارها وإصلاح الفساد الحاصل فيها.

                    - الشهادة على أعمال الخلائق عند الله عز وجل والاستغفار للمؤمنين منهم.

                    كما أن الإمام المهدي (عليه السلام) يحضر موسم الحج في كل عام ويلتقي بالمؤمنين هناك ويتواصل مع الأمة في تلك الديار المقدسة وربما أكثر الحجاج يلتقون به ويحادثونه وهم لا يعرفون أنه هو إمامهم المنتظر.

                    فعن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (ليفقد الناس إمامهم، يشهد الموسم فيراهم ولا يرونه)(37).

                    وعن محمد بن عثمان العمري - السفير الثاني - قال: (والله إن صاحب هذا الأمر يحضر الموسم كل سنة فيرى الناس فيعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه)(38).

                    بل ويقوم الإمام المهدي (عليه السلام) في بعض الأحيان في موسم الحج بتعليم المؤمنين معالم دينهم وبعض الأمور الهامة التي تخصهم.

                    فمن ذلك ما رواه علي بن إبراهيم الآودي أنه في عام 293هـ، وبعد طوافه حول الكعبة المشرفة جلس في حلقة من المؤمنين عن يمين الكعبة، فبينما هم جلوس إذ خرج عليه الإمام (عليه السلام) وعليه إزاران محرم بهما وفي يده نعلان، فلما رأوه قاموا جميعاً هيبة له فسلم عليهم وجلس متوسطاً بينهم، ثم التفت يميناً وشمالاً ثم قال (عليه السلام): (أتدرون ما كان أبو عبد الله (عليه السلام) يقول في دعاء الإلحاح؟ كان يقول: اللهم إني أسألك باسمك الذي تقوم به السماء وبه تقوم الأرض...)(39)، إلى آخر الرواية وهي طويلة بعض الشيء فاكتفينا منها بهذا القدر، وهناك أيضاً العديد من الروايات المشابهة لهذه الرواية.


                    5ـ مساعـدة الإمام المهدي (عليه السلام) للمؤمنين في الشدة والمحن:

                    قال تعالى عن نبيه (صلى الله عليه وآله): ) و ما أرسلناك إلا رحمة للعـالمين( (40).

                    لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة من بعده عوناً للأمة على الدوام، كما كانوا مفرجين للهموم والأحزان ومخلصين للناس من المحن والمصاعب والكرب التي تنتابهم، وعلى هذا المنوال أيضاً سار الإمام المهدي (عليه السلام) فهناك الكثير من القصص والأخبار الموثوق بها والتي تتحدث عن تخليصه عليه السلام للمؤمنين من المصاعب والمحن وشفائه للمرضى بإذن الله عز وجل، ولقد نقل لنا السيد حسن الأبطحي في كتابه لقاءات مع صاحب الزمان العديد من تلك القصص التي فرج فيها الإمام المهدي (عليه السلام) عن المؤمنين كربهم وأعانهم على البلاء الذي ألم بهم.

                    وأنا أنقل لكم هنا قصتين فقط عن مساعدته (عليه السلام) للمؤمنين وذلك على سبيل المثال لا الحصر وقد ذكرهما الميرزا حسين النوري الطبرسي في كتابه (النجم الثاقب في أحوال الحجة الغائب).

                    حيث ينقل (أن أحد الأشخاص ذهب إلى الحج مع جماعة قليلة عن طريق الأحساء وعند الرجوع كان يقضي بعض الطريق راكباً وبعضه ماشياً، فاتفق في بعض المنازل أن طال سيره ولم يجد مركوباً، فلما نزلوا للراحة والنوم نام ذلك الرجل وطال به المنام من شدة التعب حتى ارتحلت القافلة بدون أن تفحص عنه، فلما لذعته حرارة الشمس استيقظ فلم ير أحداً حوله، فسار راجلاً وكان على يقين من الهلاك فاستغاث بالإمام المهدي (عليه السلام)، فرأى في ذلك الحال رجلاً على هيئة أهل البادية راكباً جملاً، وقال له: يا فلان افترقت عن القافلة؟ فقال: نعم، فقال: هل تحب أن أوصلك برفاقك؟ قال: فقلت نعم والله، هذا مطلوبي وليس هناك شيء سواه، فاقترب مني وأناخ راحلته، وجعلني رديفاً له وسار، فلم نسر إلا قليلاً حتى وصلنا إلى القافلة، فلما اقتربنا منها قال: هؤلاء رفقاؤك، ووضعني وذهب)(41).

                    وينقل الميرزا في القصة الأخرى (أن جماعة من أهل البحرين عزموا على ضيافة جماعة من المؤمنين بشكل متسلسل في كل مره عند واحد منهم، وساروا في الضيافة حتى وصلت النوبة على أحدهم، ولم يكن لديه شيء ليضيفهم به، فركبه من ذلك حزن وغم شديد، فخرج في بعض الليالي من أحزانه إلى الصحراء، فرأى شخصاً حتى ما إذا وصل إليه قال له: اذهب إلى التاجر الفلاني - وسماه - وقل له: يقول لك محمد بن الحسن: ادفع لي الاثني عشر إشرافيا التي كنت نذرتها لنا، ثم اقبض المال منه واصرفه في ضيافتك.

                    فذهب ذلك الرجل إلى التاجر وبلغه الرسالة، فقال له التاجر: أقال لك محمد بن الحسن بنفسه، فقال البحراني: نعم، فقال التاجر: وهل عرفته؟ قال: لا، فقال له: ذاك صاحب الزمان (عليه السلام)، وكنت نذرت هذا المال له، ثم أنه أكرم هذا البحراني وأعطاه المبلغ وطلب منه الدعاء)(42).

                    ومن القصص المعتبرة أيضاً في هذا المجال قصة السيد الرشتي التي ذكرها الشيخ عباس القمي (طاب ثراه) في كتابه (مفاتيح الجنان) نقلاً عن الميرزا حسين النوري أيضاً.

                    كما أن هناك بعض التوسلات الاستغاثات بالإمام المهدي (عليه السلام) قد وردت عن أهل البيت (عليهم السلام)، وذلك عند حلول المحن والشدائد والبلايا.


                    6- إدارة الإمام المهدي (عليه السلام) للبشرية والأمة الإسلامية من الخفاء:

                    المقصود من الخفاء هنا أنه (عليه السلام) يقوم ببعض أعماله بصفة أنه شخص عادي من المجتمع، فحيث أن الإمام المهدي (عليه السلام) موجود بين الناس ويلتقي بهم ويساعدهم ويصلح شئونهم وهم لا يعرفونه، فهو إذاً لا يعيش مكتوف الأيدي بل يقوم بمهامه الموكلة إليه في زمن الغيبة ويدير الأمة في صراعها ضد قوى الشر.

                    ويذكر السيد محمد صادق الصدر (قدس) في كتابه (تاريخ الغيبة الكبرى) بعض من مهام الإمام المهدي (عليه السلام) في حال الغيبة وهي كالتالي (43):


                    - القيام بواجب الدعوة الإسلامية وهداية الناس للإسلام والعقيدة الصحيحة .

                    - الدفاع عن الإسلام وعن قواعده الشعبية ومواليه ضد الأعداء.

                    - الحفاظ على المجتمع المسلم ضد الانحراف ومحاربة الفساد والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قدر المستطاع.

                    - إغاثة الملهوف وإعانة المضطر والمشاركة الفعالة في الأعمال الخيرية أو أية اطروحات فكرية تصب في صالح المجتمعات الإيمانية.

                    - قيادة الأمة الإسلامية جمعاء وإدارة البشرية وولاية الكون أيضاً (وهذا ما يسمى بالولاية التكوينية)(44).

                    حيث أن للإمام المهدي (عليه السلام) ولاية عامة على الناس والكون أيضاً كما كان ذلك للأنبياء والأئمة (عليهم السلام) من قبل، فنحن نرى أن الحديد كان ليناً بيد نبي الله داوود (عليه السلام) والجبال والطير كانت تسبح معه كما قال تعالى: ) وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين( (45)، والريح كانت تجري للنبي سليمان (عليه السلام) بأمره غدوها شهر ورواحها شهر كما قال تعالى: ) ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر( (46)، وانشقاق القمر للنبي محمد (صلى الله عليه وآله)، وشهادة الحجر الأسود للإمام علي بن الحسين (عليه السلام) بالإمامة، وغير ذلك من الأمور.

                    كما أن للإمام المهدي (عليه السلام) ولاية مطلقة على هذه الأمة، فكما كان للنبي (صلى الله عليه وآله) الولاية المطلقة على المسلمين وكذلك كان ذلك للإمام علي والأئمة من بعده (عليهم السلام) وذلك في قوله تعالى: ) إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون( (47)، فكذلك تكون الولاية مطلقة للإمام المهدي (عليه السلام).

                    فمن المعروف أن هذه الآية نزلت في الإمام علي (عليه السلام) وذلك حينما تصدق بالخاتم وهو راكع في الصلاة، ونلاحظ هنا أن هذه الآية جاءت بصيغة الجمع مع أن الإمام علي (عليه السلام) كان شخص واحد فقط...!.

                    حيث يقول بعض المفسرين إنما جاءت الآية بصيغة الجمع لوجود باقي الأئمة الإثني عشر في صلب الإمام علي (عليه السلام) فكانت لهم الولاية جميعا.

                    وبالتالي فهذه الولاية المطلقة أو العامة للإمام المهدي (عليه السلام) لا تسقط بغيبته كما يتوهم البعض، ويقول الشهيد مرتضى المطهري (رض) في كتابه (الإمامة) بهذا الشأن أن للإمامة مراتب ثلاثة وهي (48):

                    1- الإمامة بمعنى المرجعية الدينية.

                    2- الإمامة بمعنى قيادة المجتمع (الرئاسة أو السلطة).

                    3- الإمامة بمعنى الولاية العامة (ولهذه مراتب أيضاً).

                    وأدنى مرتبة من مراتب الولاية العامة هذه - وهو ما يعتقده غالبية الشيعة الإمامية - أن الإمام (عليه السلام) هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم وله السلطة المطلقة عليهم كما كان ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث يقول الله تعالى في كتابه ) النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم( (49).

                    ومن بعد النبي (صلى الله عليه وآله) كان ذلك للإمام علي والأئمة الهداة من ولده (عليهم السلام)، حيث قال الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) للمسلمين يوم غدير خم وهو آخذ بيد علي (عليه السلام): (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقالوا: اللهم بلى، قال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه)(50).


                    7- إبراز طاقة العلماء وتعويد الأمة على الصبر والاعتماد على الذات:

                    لقد كانت الأمة في حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمة من بعده تأخذ أحكامها الشرعية وتعاليمها الإسلامية مباشرة من المعصوم ولم تكن هناك حركة علمية أو اجتهادية كبيرة بالشكل الذي حصل في عصور الغيبة للإمام المهدي (عليه السلام)، حيث أصبح على العلماء أن يُعملوا الفكر ويجتهدوا ويعتمدوا على أنفسهم في استخراج واستنباط الأحكام الشرعية من القرآن الكريم والسنة المطهرة، مما أثرى الحياة الفكرية والعلمية في الأمة وأبرز الطاقات الكامنة فيها.

                    فإذا لاحظنا على سبيل المثال فترة الغيبة الصغرى وما بعدها بقليل نجد أنها تعج بكثير من العلماء العظام الذين برزوا في تلك الفترة من أمثال الشيخ الكليني والشيخ المفيد والشيخ الصدوق والشريف المرتضى والشيخ الطوسي وغيرهم.

                    وفي العصر الحديث نلاحظ كيف تطور الفكر الإسلامي بشكل كبير، وخصوصاً في المجال الفقهي حيث برزت لنا العديد من المسائل الحديثة في فقه الفضاء وأحكام الاستنساخ والمعاملات البنكية وغير ذلك من المعاملات والقضايا المستحدثة.

                    ومما يحضرني هنا في هذا المجال هو الموسوعة الفقهية الكبرى لآية الله العظمى المرحوم السيد محمد مهدي الشيرازي (قدس) والتي تربو على مائة وخمسين مجلدا في شتى أبواب الفقه والمعاملات والأحكام الشرعية.

                    كما كان لغيبة الإمام المهدي (عليه السلام) أيضاً أكبر الأثر في تعويد المؤمنين على الصبر وحثهم على عمل الخير والصالحات لأجل التمهيد لظهوره (عليه السلام)، ولذلك جاء مدحهم من قبل الرسول والأئمة (عليهم السلام) في كثير من الروايات التي تحدثت عن المؤمنين في عصر الغيبة وصبرهم على البلاء ومحنة فقدهم للإمام (عليه السلام).

                    فمن ذلك ما جاء عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث طويل يذكر فيه القائم (عليه السلام)، حيث قال: (طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محجتهم، أولئك الذين وصفهم الله في كتابه وقال: ) هدىً للمتقين الذين يؤمنون بالغيب( (51)(52).

                    وعن الحسين بن علي (عليه السلام) بشأن غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) قال: (...له غيبة يرتد فيها أقوام ويثبت فيها على الدين آخرون فيؤذون ويقال لهم ) متى هذا الوعد إن كنتم صادقين( أما إن الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله))(53).

                    وعن أبي خالد الكابلي عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: (يا أبا خالد إن أهل زمان غيبته والقائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضل من أهل كل زمان، لأن الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والإفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالسيف، أولئك المخلصون حقاً وشيعتنا صدقاً)(54).




                    الهوامش:

                    1- كمال الدين ج 1 ص 253، إعلام الورى ص 375، كفاية الأثر ص 53.

                    2- علل الشرائع ج 1 ص 244، بحار الأنوار ج 12 ص 283، كمال الدين ص 341.

                    3- سورة النساء الآية 165.

                    4- مسند أحمد ج 5 ص 61، شرح المقاصد ج 5 ص 239، أصول الكافي ج 1 ص 376.

                    5- كمال الدين ص 221، وسائل الشيعة ج 5 ص 416، مناقب آل أبي طالب لأبن شهر آشوب ج 1 ص 211.

                    6- بحار الأنوار ج 23 ص 20 ح 17، الكافي ج 1 ص 335 ح 3، غيبة النعماني ص 136 ح 1.

                    7- علل الشرائع ج 1 ص 197، الإمامة والتبصرة ص 29، بصائر الدرجات ص 505.

                    8- الأمالي للصدوق ص 253، فرائد السمطين ج 1 ص 46، كمال الدين ص 207.

                    9- أصول الكافي ج1 ص 183 ح 8، مجمع الفائدة ج 12ص 299.

                    10- بحار الأنوار ج 25ص 4، مكيال المكارم ج 1 ص 17، الأسرار الفاطمية ص 249.

                    11- سورة هود الآية 86.

                    12- إثبات الهداة ج 3 ص 570، مستدرك الوسائل ج 12 ص 335، إعلام الورى ص 433.

                    13- الصواعق المحرقة ص 150، ينابيع المودة ج 2 ص 442، جواهر العقدين ج 2 ص 189.

                    14- كمال الدين ص 205 ح 19، فرائد السمطين ج 2 ص 253، ذخائر العقبى ص 59.

                    15- سورة الأنفال الآية 33.

                    16- علل الشرائع ج 1 ص 123، بحار الأنوار ج 23 ص 19 ح 14، البرهان ج 1 ص 383.

                    17- الإمامة والتبصرة ص 34، كمال الدين ص 204 ح 14، إثبات الهداة ج 1 ص 106.

                    18- كمال الدين ج 1 ص 202، نور الثقلين ج 4 ص 369، بحار الأنوار ج 23 ص 35 ح 59.

                    19- الإحتجاج ج 2 ص 323، طرائف المقال ج 2 ص 481.

                    20- سورة النمل الآية 62.

                    21- الكافي ج 1 ص 178 ح 2، غيبة النعماني ص 138، كمال الدين ص 221.

                    22- بصائر الدرجات ص 484، معجم أحاديث الإمام المهدي ج 4 ص 106.

                    23- بحار الأنوار ج 52 ص 175، النجم الثاقب ص 334، مجمع الفائدة ج 1 ص 36.

                    24- جنة المأوى ص 286، رعاية الإمام المهدي (عليه السلام) للمراجع والعلماء الأعلام – علي الجهرمي ص 61.

                    25- لقاءات مع صاحب الزمان – الطبعة الأولى ص 160.

                    26- بيان الأئمة ج 2 ص 462.

                    27- رعاية الإمام المهدي (عليه السلام) للمراجع والعلماء الأعلام ص 40.

                    28- سورة التوبة الآية 105.

                    29- سورة التوبة الآية 94.

                    30- تفسير البرهان مجلد 2 ص 838.

                    31- سورة النساء الآية 41.

                    32- تفسير البرهان مجلد 2 ص 79.

                    33- بحار الأنوار ج 26 ص 140 ح 11، إلزام الناصب ج 1 ص 16، بصائر الدرجات ص 259.

                    34- بحار الأنوار ج 26 ص 6 ح 1، مشارق أنوار اليقين ص 285، إلزام الناصب ج 1 ص 35.

                    35- سورة الدخان الآيتان 3 – 4.

                    36- تفسير القمي ج 2 ص 290، ينابيع المودة ص 428، المحجة ص 202.

                    37- كمال الدين ص 351 ح 48، الكافي ج 1 ص 272، دلائل الإمامة ص 482.

                    38- كمال الدين ج 2 ص 440، مكيال المكارم ج 1 ص 78، غيبة الطوسي ص 221.

                    39- غيبة الطوسي ص 156، كمال الدين ج 2 ص 470، بحار الأنوار ج 52 ص 9.

                    40- سورة الأنبياء الآية 107.

                    41- النجم الثاقب ص 241.

                    42- النجم الثاقب ص 306.

                    43- تاريخ الغيبة الكبرى ص 45.

                    44- هذه النقطة لم يذكرها السيد الصدر في كتابه.

                    45- سورة الأنبياء الآية 79.

                    46- سورة سبأ الآية 12.

                    47- سورة المائدة الآية 55.

                    48- الإمامة للشهيد مرتضى المطهري ص ( 43– 53 ).

                    49- سورة الأحزاب الآية 6.

                    50- معاني الأخبار للصدوق ص 67، مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 119، دلائل الإمامة ص 18.

                    51- سورة البقرة الآيتان ( 2- 3).

                    52- ينابيع المودة ج 3 ص 285، كفاية الأثر ص 56، إثبات الهداة ج 1 ص 577.

                    53- إلزام الناصب ج 1 ص 195، الصراط المستقيم ج 2 ص 111، كفاية الأثر ص 231.

                    54- كمال الدين ص 319، إعلام الورى ص 384، الاحتجاج ج 2 ص 317.

                    تعليق


                    • #25
                      المهدي في المصادر السنية

                      و قد روى علماء السنة في هذا المجال روايات كثيرة عن رواة يوثقونهم عن النبي الأكرم (ص) و تؤكد هذه الروايات على أن الأئمة هم اثنا عشر إماماً و إنهم كلهم من قريش ، و أن المهدي من أهل بيته (ص) و أبناء علي و فاطمة ، و قد صرح الكثير منها انه من نسل الإمام الحسين (ع) . و قد رووا في هذا المجال المئات من الأحاديث و التي جاءت في أكثر من 70 مصدراً معتبراً و نحن نشير إلى بعض منها فيما يلي :

                      -المسند تأليف أحمد بن حنبل المتوفي سنة 24 سنة 241 هجرية .

                      -صحيح البخاري تأليف البخاري المتوفي سنة 256 هجرية .

                      -صحيح مسلم تأليف مسلم بن حجاج النيشابوري المتوفي سنة 275 هجرية .

                      -صحيح الترمذي تأليف محمد بن عيسى الترمذي المتوفي سنة 279 هجرية .

                      و من الملاحظ أن مؤلفين هذه الكتب المذكورة . و كل منها أصح المسانيد المعتبرة عن أهل السنة هؤلاء توفوا إما قبل ولادة الإمام المهدي (ع) – سنة 255 هجرية- أو بعد ولادته بقليل .

                      و هكذا :

                      -مصابيح السنة تأليف البغوي المتوفي سنة 516 هجرية .

                      -جامع الأصول تأليف ابن الأثير المتوفي سنة 606 هجرية .

                      -الفتوحات المكية تأليف محي الدين بن عربي المتوفي سنة 654 هجرية .

                      -تذكرة الخواص تأليف سبط ابن الجوزي المتوفي سنة 654 هجرية .

                      -فوائد السميطي تأليف الحموي المتوفي سنة 716 هجرية .

                      -الصواعق تأليف ابن حجر الهيثمي المتوفي سنة 973 هجرية .

                      -ينابيع المودة تأليف الشيخ سليمان القندوزي المتوفي سنة 1293 هجرية .

                      و قد ألف عدة من علماء السنة كتباً مستقلة حول الإمام المهدي (ع) و منها :

                      1-" البيان في أخبار صاحب الزمان " للعلامة الكنجي الشافعي .

                      2-" عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر " للشيخ جمال الدين يوسف الدمشقي .

                      3-" مهدي آل الرسول " لعلي بن سلطان محمد الهروي الحنفي .

                      4-" كتاب المهدي " تأليف أبى داود .

                      5-" علامات المهدي " جلال الدين السيوطي .

                      6-" مناقب المهدي " الحافظ أبى النعيم الأصفهاني .

                      7-" القول المختصر في علامات المهدي المنتظر " لإبن حجر .

                      8-" البرهان في علامات مهدي آخر الأزمان للملا علي المتقي .

                      9-" أربعون حديثاً في المهدي " لأبي العلاء الهمداني و غيرها (9)

                      تعليق


                      • #26
                        بعض النصوص الواردة

                        1-يذكر مؤلف كتاب " ينابيع المودة " في هذا الكتاب أن النبي (ص) قال : " المهدي من ولدي تكون له غيبة إذا ظهر يملأ الأرض قسطاً و عدلاً كما ملئت جوراً و ظلماً" (10)

                        2-وجاء في ذلك الكتاب أن سلمان الفارسي قال : " دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا الحسين بن علي على فخذه و هو يقبل عينيه و يلثم فاه و هو يقول أنت سيد ابن سيد أخو سيد أنت إمام ابن إمام أخو إمام أنت حجة ابن حجة أخو حجة و أنت أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهم " (11) .

                        3-يقول ابن أبي دلف " سمعت علي بن محمد بن علي الرضا يقول : الإمام بعدي الحسن ابني و بعد الحسن ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطاً و عدلاً كما ملئت جوراً و ظلماً " (12)

                        4-و يروي حذيفة أن النبي (ص) قال : " المهدي من ولدي وجهه كالكوكب الدري " (13) .

                        5-ينقل مسعدة عن الإمام الصادق أنه قال : " إن قائمنا يخرج من صلب الحسن (يعني العسكري ) و الحسن يخرج من صلب علي (يعني الهادي) و علي يخرج من صلب محمد (يعني الجواد) و محمد يخرج من صلب علي (يعني الرضا) و علي يخرج من صلب ابنيهذا (يعني الكاظم) - وأشار إلى موسى- وهذا خرج من صلبي ، و نحن اثنا عشر إماما ، كلنا معصومون مطهرون ، والله لو لم يبق إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج قائمنا أهل البيت " (14) .

                        تعليق


                        • #27
                          رأي علماء الإجتماع

                          يرى علماء الإجتماع الكبار في العالم أن الحروب و سفك الدماء و قتل الأنفس و كل هذه المفاسد المتزايدة اليوم إنما هي ناتجة من عدم توفر التوازن بين متطلبات الجسم و الروح الإنسانين .

                          فالإنسان اليوم قد سحق الفضائل الأخلاقية و المنابع المعنوية ، و إن كان قد سخر البحر و الفضاء و الصحراء لصالحه و صعد إلى القمر .

                          و من البديهي أنه لا يمكن إقرار العدالة و النظام الصحيح بالقوة و القدرة و لا يمكن أن تضمن سعادة البشرية بحصول التكنيك المتقدم و باقي العلوم المادية و ليس للإنسانية محيص من أن تقيم علاقاتها على أساس من الإيمان و الأخلاق و تنجي نفسها من دوامة الخطر بقيادة مصلح عالمي عظيم ، و تصل إلى إقرار الحكم القائم على أساس العدالة و الأمن و الصفاء و الأخوة .

                          و على هذا نستنتج أن البشرية تسرع اليوم و تستعد لتقبل قيادة الإمام صاحب الزمان (ع) .

                          تعليق


                          • #28
                            طول عمر الإمام (ع)

                            نحن نرى أن طول عمر الإنسان ليس من الأمور المستحيلة و ذلك لأنا نقرأ في القرآن الكريم أن نوحاً (ع) قد عمّر طويلاً إذ دامت مدة تبليغه فقط 950 سنة (15) .

                            و على أساس من التحقيقات العلمية التي قام بها علماء الطبيعة فقد ثبت إمكان كون عمر الإنسان طويلاً و حتى أن أكابر العلماء صمموا على تهيئة أنواع من الأغذية و الأدوية التي تساعد في إطالة العمر .

                            و ينقل المرحوم آية الله الصدر في كتابه ( المهدي ) مقالاً و رد في مجلة ( المقتطف ) العدد الثالث من سنة 1959 و ذلك كشاهد على المدعى السابق و نحن نذكر مقتبسات مما جاء فيه : " لكن العلماء الموثوق بعلمهم يقولون أن كل الأنسجة الرئيسية من جسم الحيوان تقبل البقاء إلى ما لا نهاية و أنه في الإمكان يبقى الإنسان حياً ألوفا من السنين إذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبل حياته و قولهم هذا ليس مجرد ظن بل هو نتيجة عملية مؤيدة بالامتحان . . .

                            قال الأستاذ ديمندوبرل من أساتذة جامعة جونس هبكنس : أن كل الأجزاء الخلوية الرئيسية من جسم الإنسان قد ثبت أن خلودها بالقوة صار أمراً مثبتاً بالامتحان أو مرجحاً ترجيحاً تاماً لطول ما عاشه حتى الآن . . . و الظاهر أن أول من امتحن ذلك في أجزاء من جسم الحيوان هو الدكتور جاك لوب . . . ثم أثبت الدكتور (ودن لويس) و زوجته أنه يمكن وضع أجزاء خلوية من جسم جنين طائر في سائل ملحي فتبقى حية و توالت التجارب . . . حتى قام الدكتور الكسيس كارل و أثبت منها أن هذه الأجزاء لا تشيخ الحيوان الذي أُخذت منه بل تعيش أكثر مما يعيش هو عادة و قد شرع في التجارب المذكورة في شهر يناير سنة 1912 ميلادية و لقي عقبات كثيرة و ثبت له :

                            1-أن هذه الأجزاء الخلوية تبقى حية ما لم يعرض لها عارض يميتها إما من قلة الغذاء أو من دخول بعض الميكروبات .

                            2-أنها لا تكتفي بالبقاء حية بل تنمو خلاياها و تتكاثر كما لو كانت باقية في جسم الحيوان .

                            3-أنه يمكن قياس نموها و تكاثرها و معرفة ارتباطها بالغذاء الذي يقدم لها .

                            4-لا تأثير للزمن أي أنها لا تشيخ و تضعف بمرور الزمن بل لا يبدو عليها أقل أثر للشيخوخة تنمو و تتكاثر هذه السنة كما كانت تنمو و تتكاثر في السنة الماضية و ما قبلها من السنين .

                            و لكن لماذا يموت الإنسان ؟ و لماذا نرى سنينه محدودة لا تتجاوز المائة إلا نادراً جداً ؟ الجواب : أن أعضاء الإنسان كثيرة مختلفة و هي مرتبطة بعضها ببعض ارتباطاً محكماً حتى أن حياة بعضها تتوقف على حياة البعض الآخر فإذا ضعف بعضها أو مات لسبب من الأسباب مات بموته سائر الأعضاء ناهيك بفتك الأمراض الميكروبية المختلفة و هذا مما يجعل متوسط العمر أقل جداً من سبعين و الثمانين . . . و غاية ، ثبت الآن العمر أقل جداً من سبعين أو الثمانين أو مائة أو أكثر بل لأن العوارض تثاب ببعض تموت كلها فإذا استطاع العلم أن يزيل هذه العوارض أو يمنع فعلها لم يبق مانع يمنع استمرار الحياة مئات من السنين " (15) .

                            و على أساس هذا فإنه بعد أن علمنا بعدم المانع من طول العمر فلا إشكال إذن في أن يمن الله القادر تعالى بحفظه على إنسان ويبقيه آلاف السنين وذلك لأن تنظيم و تحقيق الشروط التي تؤدي إلى طول العمر ، كل ذلك بيده تعالى ن وهو تعالى ، يستطيع أن يوجد نظاماً حاكماً و مقدماً على النظام العادي و ذلك كما فعل في إجراء كل المعاجز ، فإن كل معاجز الأنبياء كصيرورة النار برداً على إبراهيم ، و تحول عصى موسى إلى ثعبان ، و إحياء الموتى لعيسى و غيرها كانت قد تمت على أساس خرق العادة المألوفة حيث أن الله تعالى أوجد نظاماً آخر بقدرته ما انتج حصول المعجزة ، و أن جميع المسلمين بل اليهود و النصارى ليصدقون بتلك المعاجز ، فلا يبقى ة الحالة هذه أي إشكال في طول عمر الإمام المهدي (ع) وذلك لأن الحكم بعد إمكانه لا يمكن قبوله بعد تصريح القرآن الكريم بطول عمر نوح (ع) و رؤية نتائج المكتشفات العلمية الحديثة ، وإذا قيل لنا أن هذا الأمر ممكن لكنه يجري على خلاف النظام المألوف وجب أن نقول في الجواب قلنا لا مانع في أن يكون طول عمر الإمام خلافاً للمألوف المعتاد بعد أن كانت كل معاجز الأنبياء تجري هذا المجرى بقدرة الله تعالى و وقوع المعاجز لا يحصل في ذهنه أي إشكال في مسألة طول عمر الإمام (ع) .

                            تعليق


                            • #29
                              غيبة الإمام المهدي (ع)

                              كان النبي الأكرم (ص) يذكر الإمام الثاني عشر للأمة بين الحين و الآخر و قد ذكر الأئمة الأطهار بهذه المسألة دائماً . و قد كان لكل ذلك التذكير المتواصل بغيبة الإمام أثر في جعل كل إنسان معتقدٌ بالإمام المهدي معتقداً بطول عمره (ع) و هذه نماذج من الروايات الكثيرة الواردة في هذا المجال .

                              1-قال رسول (ص) : " و الذي بعثني بالحق بشيراً ليغيبن القائم من ولدي بعد معهود له مني حتى يقول أكثر الناس : ما لله في آل محمد حاجة و يشك آخرون في ولادته فمن أدرك زمانه فليتمسك بدينه و لا يجعل للشيطان عليه سبيلاً بشكه فيزيله عن ملتي و يخرجه من ديني فقد أخرج أبويكم من الجنة من قبل و أن الله عز وجل جعل الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون " (17) .

                              2-و قال أمير المؤمنين (ع) : " للقائم منا غيبة أمدها طويل كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته يطلبون المرعى فلا يجدونه ، ألا فمن ثبت منهم على دينه ، و لم يقس قلبه بطول غيبته إمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة ثم قال : إن القائم منا إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة فلذلك تخفى ولادته و يغيب شخصه " (18) .

                              3-وروى محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : " إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها " (19)

                              4-و يقول العلامة الطبرسي صاحب تفسير مجمع البيان متحدثاً عن أخبار الغيبة " وخلدها المحدثون من الشيعة في أصولهم المؤلفة في أيام السيدين الباقر و الصادق (ع) . . ومن جملة ثقات المحدثين و المصنفين من الشيعة الحسن بن محبوب الزراو وقد صنف كتاب المشيخة . . . ذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة و منها ما عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال : قلت له كان أبو جعفر يقول :" لقائم آل محمد غيبتان واحدة طويلة و الأخرى قصيرة ، قال : فقال لي : نعم يا أبا بصير أحدهما أطول من الأخرى " (20)

                              و يتوضح في هذا أن الرسول (ص) و الأئمة (ع) أخبروا بوجود الإمام المهدي (ع) أخبروا بأن الإعتقاد بوجوده يصحبه الإعتقاد بغيبته ، ينقل الشيخ الصدوق عليه الرحمة عن السيد الحميري قوله : " كنت أقول بالغلو و أعتقد غيبة محمد بن علي -ابن حنيفة- قد ضللت في ذلك زمانا فمن الله علي بالصادق جعفر بن محمد و أنقذني به من النار و هداني إلى سواء الصراط ، فسألته بعد ما صح عندي بالدلائل التي شاهدتها منه أنه حجة الله علىّ و على جميع أهل زمانه و أنه الإمام الذي فرض الله طاعته و أوجب الإقتداء به فقلت له : يا بن رسول الله قد روى لنا أخبار عن آبائك عليهم السلام في الغيبة و صحة كونها فأخبرني بمن تقع ؟ فقال عليه السلام : " إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي و هو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و آخرهم القائم بالحق بقية الله في الأرض و صاحب الزمان . . " (21)

                              لماذا كانت الغيبة ؟

                              إن وجود الإمام (ع) و وصي النبي (ص) أمر ضروري لجهات عديدة منها رفع الاختلافات ، و تفسير و توضيح القوانين الإلهية و الهداية المعنوية الباطنية و غير ذلك و أن الله تعالى برحمته جعل الإمام أمير المؤمنين (ع) و بعده أحد عشر إماماً من أبنائه واحداً بعد الآخر أوصياء للنبي (ص) و أئمة للأمة و من الواضح أن مهمة الإمام صاحب الزمان تشبه من حيث تمام جوانب الإمامة وظائف الأئمة الآخرين (ع) ، و أنه لو لم تكن هناك موانع فإن عليه أن يظهر للناس لكي يستفيدوا منه ، و إذا كان الأمر كذلك فلماذا كان غائباً منذ بدء حياته ؟

                              و عند الإجابة على هذا السؤال نقول :

                              إن الإعتقاد بحكمة الله تعالى يجعل من غير اللازم أساساً نعرف فلسفة الغيبة بعد أن ثبتت ثبوتاً قاطعاً لا شك فيه ، فلا يضرنا مطلقاً إذن أن لا نعرف علة الغيبة و ذلك شبيه بتلك الموارد الكثيرة التي لا نعرف وجه الحكمة فيها ، و إنما يكفينا فقط أن يثبت لدينا بالروايات الصحيحة و البراهين القوية أن الله العظيم أرسل حجته إلى الأمة و لكن كانت هناك بعض المصالح التي استدعت أن يبقى وراء ستار الغيبة و يبدو من بعض الروايات أن السبب الأصلي للغيبة سيعرف بعد ظهوره (ع) يقول : " إن لصاحب هذا الأمر غيبة لابد منها يرتاب منها كل مبطل فقلت له : و لم جعلت فداك ؟ قال : لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم قلت فما وجه الحكمة في غيبته ، قال : وجه الحكمة في غيبة وجه الحكمة في غياب من تقدم من حجج الله تعالى ذكره ، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاة الخضر (ع) لموسى عليه السلام إلا بعد إفتراقهما ، يا بن الفضل إن هذا الأمر من أمر الله وسر من سر الله و غيب من غيب الله و متى علمنا أن الله عز وجل حكيم صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة و إن كان وجهها غير منكشف " (22) .

                              على أنه يمكننا أن نعد للغيبة بعض الفوائد التي قد تكون بعض الأخبار قد أشارت إليه و منها :

                              1-امتحان الأمة

                              فإن إحدى فوائد غيبة صاحب الزمان هي امتحان الناس ليظهروا على واقعهم فتنكشف الفئة التي استبطنت السوء و عدم الإيمان ، و تبدو ظاهرة متميزة عن الفئة التي تمكن الإيمان من أعماق قلوبها و راح يزداد و يتعمق بانتظارها للفرح و صبرها في الشدائد و اعتقادها بالغيب ، و بازدياد الإيمان ترتفع قدرها و تحصل على درجات عالية من الثواب .

                              يقول الإمام موسى بن جعفر (ع) :" إذا فقد الخامس من ولد السابع من الأئمة فالله في أديانكم لا يزيلنكم عنها أحد يا بني أنه لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به إنما هي محنة من الله امتحن الله بها خلقه " (23) .

                              2- حفظه (ع) من القتل

                              إن ملاحظة تاريخ الأئمة (ع) و الجور الذي توجه إليهم من قبل خلفاء بني أمية و بني العباس ، ترشدنا إلى أن الإمام الثاني عشر لو كان ظاهراً فإنه سيقتل لا محاله كما قتل آباؤه من قبل ، وذلك لأن الأعداء و السلطة الجائره كان قد انتهى إلى سمعها أنه سيظهر شخص من أهل بيت النبي (ص) من ولد علي و فاطمة سلام الله عليهما ، يحطم عروش الظالمين المستبدين و أنه ابن الإمام العسكري (ع) ، لذا فإن العباسيين لم يدخروا وسعاً في تقصي أخبار هذا الإمام و لكن الله تعالى سلمه من كيدهم و خيب آمالهم .

                              ينقل زراره عن الإمام الصادق (ع) أنه قال : " إن للقائم غيبة قبل ظهوره قلت : لم قال يخاف القتل "(24) .

                              3- لئلا تكون في عنقه (ع) بيعة لأحد

                              فهناك بعض الروايات تؤكد هذا المعنى و أن غيبته (ع) حفظته من بيعة الظالمين و الحكام الغاصبين، و أن سيظهر حين يظهر و ليس لأحد بيعة في عنقه ، فيظهر الحق عياناً و بلا أي مداربه و يقر في الأرض حكم القسط و العدل .

                              يقول الإمام الصادق (ع) : " يقوم القائم و ليس لأحد في عنقه بيعة " (25)

                              تعليق


                              • #30
                                فوائد وجود الإمام الغائب (ع)

                                قلنا -سابقاً- بأن الله تعالى عين الإمام المهدي (ع) لكي يهدي الناس إلى الحق و لكن الناس أنفسهم هم الذين منعوه (ع) من تنفيذ هذه المهمة ، و متى ما كان الناس أنفسهم مستعدين للسير نحو الحكومة الإلهية العالمية الموحدة .

                                القائمة عل أساس من العدالة الواقعية و رعاية الحقائق و الواقع ، و تطبيق كل أحكام الإسلام بلا أي خوف أو تقية فإنه (ع) سيظهر .

                                إذن ليس هناك من جانب الله الرحيم تعالى أي تقصير في مجال العناية و الرحمة ، بل إن تقصير الناس أنفسهم هو الذي أوجب غيبة الإمام و تأخير ظهور هذه الحكومة العالمية ، و لكنا يجب أن نعلم أن فوائد وجود الإمام لا تنحصر بالإرشادات و الهداية الظاهرية أن كان بين الناس ، بل أن هناك فوائد أخرى من حيث (التكوين و التشريع ) تترتب على وجوده و إن كان غائباً عن الناس .

                                و إن أهم فوائد وجوده (ع) هو كونه ( واسطة في الفيض) و ذلك لأنه طبقاً للأدلة في مجال الإمامة ، توضح أن الرابطة بين العالم و الخالق تنقطع بعدم وجود الإمام ، و ذلك لأن تمام أنواع الفيض الإلهي أنما تنزل على الناس بواسطة الإمام و قد ورد مضمون الحديث التالي في أحاديث كثيرة وهو " لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت " (26) ، نعم إن الإمام هو قلب عالم الوجود و قائد البشرية و مربيها و من هذه الزاوية فإن وجوده ظاهراً أو غائباً لا يفترقان بالنسبة إلى مركزه .

                                هذا و إن الهداية المعنوية للإمام (ع) بالنسبة للأفراد و اللائقين لذلك هي هداية متصلة و إن لم يستطيع هؤلاء أن يروه (ع) خصوصاً و أنه ورد أنه يتردد على مجالس الناس و محافلهم و إن لم يكونوا يعرفونه .

                                و على هذا فإن صيانة الإمام للدين و هداية الأناس هما أمران حاصلان بتمام المعنى في زمان الغيبة .

                                إن الإمام في الحقيقة كالشمس التي يغطيها السحاب تستمد الخلائق منها النور و الحرارة كان الجهال و العمى ينكرونها .

                                و هذا هو الإمام الصادق (ع) يجيب على سؤال عن كيفية استفادة الناس من الإمام الغائب بأنهم ينتفعون ، " كما ينتفعون بالشمس إذا سترها سحاب " (27) .

                                و هنا لا بأس من ملاحظة ما يقول أحد المستشرقين بهذا الصدد " أعتقد أن مذهب التشيع هو المذهب الوحيد الذي احتفظ دائماً بوجود رابطة الهداية الإلهية بين الله و الخلق و جعل رابطة الولاية حية قائمة بشكل مستمر .

                                إن المذهب اليهودي ختم النبوة و هي رابطة واقعية بين الله و الإنسان بموسى و لم يذعن بعد ذلك بنبوة السيد المسيح و الرسول محمد (ص) و قطع تلك الرابطة و هكذا المسيحيون الذين ختموا النبوة بالمسيح و هكذا أهل السنة عندما قطعوا الرابطة بالرسول الأكرم (ص) و مع ختم النبوة به (ص) فهم لا يقيمون الترابط بين الخالق و المخلوق .

                                و لكن مذهب التشيع لوحده هو الذي يعتقد بختم بالرسول محمد (ص) و لكن الولاية و هي رابطة الهداية و التكميل ستبقى حية و إلى يوم القيامة . . نعم إن قيام هذه الحقيقة بين العالم الإنساني و الإلهي إلى الأبد إنما هو في مذهب التشيع و حسب " (29) .



                                تذكير لازم

                                إن الاعتقاد بالإمام المهدي (ع) يعني أن ارتباط الناس بعالم الغيب لم ينقطع و إن من يعتقدون بذلك يجب أن يتذكروا الإمام دائماً و ينتظروا ظهور ذلك المصلح الغيبي العظيم و طبيعي أن انتظار الإمام المهدي (ع) لا يعني أن يتخلى المسلمون و الشيعة عن مسؤولياتهم و لا يقوموا بأي خطوة في سبيل تحقيق الأهداف الإسلامية و يكتفوا . بمجرد استظهاره (ع) بل الأمر على العكس من ذلك تماماً كما صرحوا به العلماء الكبار و باحثوا الشيعة منذ مئات السنين بأن المسلمين و الشيعة يجب عليهم -مهما كانت الظروف- أن يعملوا على نشر المعارف الإسلامية وإقرار الأحكام الشرعية و أن يصمدوا في وجه الظلم و الذنب و الانحراف و يعارضوه بما يمكنهم . وبعبارة أخرى فإن عليهم أن يعملوا على تهيئة الأرضية المساعدة لقيام حكومة العدل فيربوا الأفراد و المجتمع حتى يكون بنفسه مجتمعاً يسعى نحو الحق و إذا كان الظلم هو الحاكم في المجتمع فإن عليهم أن يعترضوا عليه و يعرضوا عنه ، إن على كل مسلم أن يضحي في سبيل الإيمان و الإسلام و أن يكون مستعداً في كل آن لاستقبال دعوة الإمام المهدي (ع) و ذلك بأن ينظم حياته بشكل لا يتناقض مع دعوته (ع) لكي يكون مؤهلاً للانخراط في سلك أتباعه و أنصاره و يقارع أعداءه بكل ثبات.

                                و السلام

                                الهوامش

                                1-اصول الكافي ، ج1 ص 514 طبعة 1388 .

                                2-المزمور 37 ، الدرقام 10 - 30 .

                                3-وقد نقلنا من قبل عبارة الزبور " إذا علنت أن القيادة اللائقة ستتسلم الأمور في العالم .

                                4-سورة الأنبياء آية 105

                                5-سورة النور آية 55

                                6-سورة الصف آية 9

                                7-سورة القصص آية 5

                                8- هناك آيات أخرى تؤكد هذا المعنى بعد أن فسرتها أو أولتها الروايات بما يتصل و قضية الإمام المهدي (ع) و ذلك من مثل (آية " الذين يؤمنون بالغيب "و آية " أمن يجيب المضطر إذا دعاه " و غيرها ) و هي آيات كثيرة ذكر عمدتها المرحوم السيد هاشم البحراني في كتاب ( المحجة فيما نزل في القائم الحجة )

                                9-كشف الظنون ج1 ،2 ، هدية العارفين ج1 ، 2 ، إيضاح المكنون

                                10-منتخب الأثر ص 249

                                11-المهدي ص 60

                                12- منتخب الأثر ص 225

                                13-ذخائر العقبى ص 136

                                14-اثبات الهداة ج 2 ص 562

                                15-سورة العنكبوت الآية 14

                                16-المهدي ص 136-132

                                17-اثبات الهداة ج6 ص 386

                                18-اثبات الهداة ج6 ص 395-394

                                19-اثبات الهداة ج6 ص 350

                                20-اعلام الورى ص 416

                                21-كمال الدين ص 33

                                22-اثبات الهداة ج6 ص 438

                                23-بحار الأنوار ج52 ص 113

                                24-منتخب الأثر ص 269

                                25- اثبات الهداة ج 6 ص 436

                                26- اصول الكافي ج1 ص 178 طبع الآخندى

                                27-منتخب الأثر ص 271

                                28-الدكتور كربن استاذ الفلسفة في جامعة السوربون

                                29-الكتاب السنوي "مكتب تشيع " السنة الثانية ص 20 – 21

                                تم و الحمد لله رب العالمين

                                اللهم عجل لوليك النصر

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                يعمل...
                                X