بسم الله الرحمن الرحيم
----------

أريد منكم بمنتهى الانصاف والحق أن تعلقوا على هذا البحث ....

منذ أن اعترفت الإدارة الأمريكية بعدم وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق، ومنذ تأكيد تقرير لجنة التحقيق الأمريكية في أحداث 11 سبتمبر بعدم وجود علاقة بين الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين والقاعدة، بعد كل هذا سقط مبرر استمرار أسر صدام حسين؛ بل أصبح احتجازه أو تسليمه إلى عملاء الاحتلال لإجراء محاكمة صورية والنيل منه خروجًا على القانون الدولي.

إن ملف صدام بأيدٍ غير أمينة، ولا يمكن أن تضمن له العدالة، وكل السلطات الموجودة الآن والتي تقول إنها ستحاكم صدام حسين..سلطات غير شرعية؛ فجميع القيادات العراقية الجديدة تحمل الجنسية الأمريكية وجنسيات أخرى، وهم يأتمرون بأمر أمريكا وينفذون تعليماتها ولا تهمهم العدالة في قليل أو كثير.

المبدأ أن دولة أجنبية معادية للعرب قوميًّا ودينيًّا احتلت بلدًا عربيًّا وتحتجز بدون مبرر شرعي وخلافًا للقانون الدولي رئيس دولة عربية وترفض السماح للمحامين بمقابلته إلا نادراً.. هذا هو المبدأ، فصدام سواء اختلفنا معه سياسيًّا أو لم نختلف، مبدئيًّا هو لا يزال الرئيس الشرعي للعراق، وقضية أسره تسقط هذا الحساب تمامًا، ومع احتجازه لا توجد لدينا قناعات بأنه سيحظى بمحاكمة عادلة، والمحتلون لا يقدمون لنا ولو دليلاً واحدًا يثبت عكس ما نقوله، عدا أن مسألة احتجازه بهذه الطريقة التي تهين الأمة العربية برمتها بمجملها غير شرعية.

ما بُني على باطل فهو باطل، وأمريكا احتلت العراق بطريقة غير شرعية ومن ثم فإن كل ما ترتب على الاحتلال وفقًا للقانون الدولي فهو باطل.

أسرار صدام والمحاكمة العلنية

لا يخفى على أحد أن الرئيس العراقي لديه أسرار كثيرة تخص قيادات حالية ورؤساء سابقين كانت له علاقة معهم، وبعضهم له دور بشكل أو بآخر في مجريات الأحداث التي عايشها الرئيس صدام على مدى أكثر من 35 عامًا هي عمره الحقيقي في السلطة.

ومن بين الأسرار المثيرة في ملف هذه العلاقات علاقته مع الرئيس الأسبق جورج بوش والد الرئيس الحالي، وهناك أيضًا قيادات أخرى عديدة؛ من بينها دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الحالي الذي زار العراق عام 1984 والتقى الرئيس صدام في جلسة حوت كثيرًا من الأسرار أعلن عن بعضها، لكن الجزء الأكبر لا يزال في حوزة الرئيس العراقي.

وركزت واشنطن في التحقيق مع الرئيس العراقي على الوثائق التي بحوزته؛ فهذه الوثائق الخطيرة اختفت قبيل سقوط بغداد بقليل، وهي تحوي ملفات خطيرة عن مجريات الأحداث في العراق والمنطقة وحقائق الأدوار الإقليمية والدولية فيها.

ويقال: إن هذه الوثائق بحوزة شخص أو أشخاص عراقيين مجهولين، وإنها ستخرج إلى العلن في وقت الحاجة، وهو أمر سوف يجعل الولايات المتحدة وبعض الأطراف الأخرى في حرج كبير؛ لأن هذه الوثائق قد تحدث ضجة عالمية وتكشف أدوارًا وأسرارًا لم يحن الوقت بعد لكشفها.

مسرحية هزلية

اجراء هذه المحاكمة تحت الاحتلال الأميركي يقلل من أهميتها في نظر الرأي العام العربي، وهناك نوعا من الحرج في الدول العربية التي يفضل المسؤولون فيها عدم التحدث عن هذه المحاكمة.

ولم يصدر عن القادة العرب أي تصريح حول محاكمة نظيرهم السابق صدام حسين.

هذه المحاكمة لن تؤدي الى استخلاص العبر من خلال كشف دكتاتورية البعث لأنها تتم تحت الاحتلال الاميركي.

النظام الذي يحاكم صدام حسين يجب أن يحاكم هو نفسه لأنه تعاون مع الغزو الأميركي للعراق.

صدام يجب أن يحاكم بسبب جرائمه ضد الشعب العراقي ولكننا نتساءل عن شرعية النظام الذي يحاكمه وعن مدى عدالة المحاكمة.

إن حكما بالإعدام على صدام حسين سينظر إليه الآن باعتباره تصفية حسابات تاريخية ودليل إضافي على الاستهانة بالسنة في العراق، والأميركيون يعرفون أن من شأن ذلك مضاعفة العنف في العراق.

شكوك متزايدة

الشكوك كبيرة في تمكن المحكمة المختصة من الارتقاء إلى مستوى المعايير الدولية في العدالة نظرا للأجواء المشحونة سياسيا التي تجري المحاكمة في ظلها. نحن نثق في كفاءة القضاة العراقيين ولكننا نحذر من تأثير ما أطلقه مسؤولون عراقيون من تصريحات عن المتهم الرئيسي في المحاكمة على قرار هؤلاء القضاة.

ما يهمنا هو استقلالية هؤلاء القضاة وما إذا كانوا في موقع يتيح لهم العمل باستقلالية في وقت تتسم فيه القضية بدرجة عالية من التسييس، في وقت أطلق مسؤولون عراقيون كبار تصريحات عن الحكم المتوقع من المحكمة.

التحفظ الآخر على المحكمة المختصة ونظامها الأساسي أنها لا تأخذ في اعتبارها القانون الجزائي العراقي بل تستند في عملها إلى ما صدر من قوانين ولوائح منذ الحرب. والاتكاء على هذه المحاجة القانونية ليست لصالح المتهم لأن القانون العراقي يغطي جميع الجرائم التي يُحاكم صدام وأركان نظامه بتهمة ارتكابها. إن المحكمة التي عقدت جلستها الأولى ي شُكلت بقانون خاص وما لا يقع ضمن اختصاصها يمكن استحضار قانون العقوبات العراقي بشأنه.

إن القانون المطبق حاليا في العراق هو ذلك الذي وضعه نظام حزب البعث، وهو يعطي الرئيس حصانة في مواجهة أية ملاحقات قانونية، ولذلك فان المحاكمة باطلة قانونيا.

والمحاكمة لا تتم وفق القانون الأمريكي، فلو كان كذلك لوجب أن تتم المحكمة في الولايات المتحدة، أو أن ينتقل قضاة أمريكيون لإدارة المحاكمة، وهو ما لم يحدث. والمحاكمة لا تتم كذلك وفق القانون الدولي لأن هذا يتطلب نقل المتهمين إلي أرض محايدة، ومحاكمتهم أمام محكمة دولية، مثلما حدث مع الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش.

وهكذا فإن المحاكمة ليست سوي مسرحية تم إعدادها في واشنطن، وتولي الإنكليز إخراجها بينما قام العراقيون بتمثيلها. ورغم أن التحقيق الذي تدعمه الولايات المتحدة استغرق عامين لإعداد القضية فإن الدليل الذي قدم لهيئة الدفاع والذي يربط بين صدام والدجيل هو مرسوم رئاسي وقعه بإعدام عشرات المتهمين الذين يشتبه في ضلوعهم في محاولة الاغتيال. هذا هو الدليل الوحيد المزعوم لديهم الذي يربط بين صدام حسين والاتهامات وهو سخيف. ونحن نقول ماذا يكون متوقعا من أي رئيس في العالم يواجه عصيانا مسلحا مثل العصيان في الدجيل.. ماذا يفعل.. هل يقبل وجنات المتمردين؟.

العجيب أن القوم الذين أكثروا الصياح عن جرائم صدام حسين لم يسعفهم إلا أحداث الدجيل التي وقعت عام 1982، وكانت عبارة عن تمرد في قرية شيعية يريد الانقلاب على صدام وقتله. فلماذا لم يحاكموه عما أسموه مذبحة حلبجةالكردية التي صدعوا زؤوسنا بالحديث عنها؟ ولماذا لم يحاكموه بتهمة المقابر الجماعية المدعاة للشيعة. يبدو أن القوم أدركوا أن أدلتهم حول كل ذلك واهية، وأن الدليل القوي الذي يمكن أن يطيح بصدام هو حادث الدجيل. لكننا نسأل: ماذا يمكن ان يفعل أي رئيس إذا وقع ضده تمرد يريد قتله؟.

كلمة لابد منها

ليس هذا هو يوم الفرح والشماتة في صدام حسين، فهو يستحق المحاكمة ولو كانت نهاية صدام بأيدي العراقيين ما أمكننا إلا أن نهنئهم ونفرح لهم، ولكن سقوط صدام كان بأيدي أعداء الأمة الذين يخوضون حرباً صليبية ضدنا. ووقفة صدام حسين ضد الاحتلال والتسلط بقيادة الأمريكان وإمساكه بالسلاح مدافعًا عن بلاده, قد غفر له كثيرًا من جرائمه التي ارتكبها في حق شعبه وفي حق عروبته. وإذا كان لابد من المحاكمة فلتكن على غرار محاكمة ميلوسوفيتش الذي ارتكب مجازر البوسنة، فهو يعامل كرئيس دولة محترم وتتاح له كل وسائل الدفاع، ويعامل معاملة كريمة

منتظر تعليقاتكم بمنهتى الامانة

فديتك ياحســـين