ذاكرتي تخونني كيف أنعشها؟


لا شك في أن الذين تجاوزوا الأربعين يعانون مشكلات في الذاكرة تزعزع ثقتهم في قدراتهم العقلية، فكثيراً ما ينسون أين ركنوا سيارتهم، أو يخلعون نظاراتهم، ليبحثوا عنها بعد بضع دقائق. لا داعي للقلق، لأن الإحصاءات تشير الى أن أكثر من 75 في المئة ممن تجاوز الأربعين يعاني اضطرابات في الذاكرة، ونصف هؤلاء يعاني هذه المشكلات منذ الخمسين، وتعزى الأسباب غالباً الى الضغط النفسي والقلق.
تقول الاختصاصية في علم النفس الدكتور مونيك لوبونسان (مؤلفة كتاب كلكم لديكم ذاكرة فيل ولكن هل تحسنون استخدامها): «يتألف الدماغ من مناطق دماغية مختلفة الوظائف: المنطقة البصرية (على مستوى العينين)، وتلك السمعية (على مستوى الصدغين والجبين)، ومناطق القوة المحركة والأمكنة (خلف مناطق الكلام) ومناطق التفكير ومناطق اتخاذ القرارات (على مستوى الجبين) حيث تخزن الذكريات الطويلة الأمد«.
اختبارات الذاكرة
أجرى الدكتور برونو دوبوا اختبارات للذاكرة في مستشفى «بيتي سالبيتريير« في فرنسا هدفها التمييز بين اضطرابات الذاكرة البسيطة، والأمراض الدماغية المستعصية. قدم الطبيب لائحة من الأسماء للمريض وطلب منه حفظها ليدعوه بعدئذ الى تلاوة الأسماء. محاولاً مساعدته حين يلاقي صعوبة في التذكر، كأن يقول له «فاكهة« مثلاً ليتذكر كلمة «تفاحة«.
بعد مرور ساعة على الاختبار، يحدد الطبيب ما إذا كانت الأعراض التي تنتاب المريض تدل على بداية إصابته بمرض دماغي. لا يذكر المصاب «بالألزهايمر« اياً من الأسماء المذكورة على اللائحة، لأنها لا ترسخ في ذهنه. وتمكن الاختصاصيون في المستشفى من إعداد جهاز للتصوير بالرنين المغناطيسي MRI، يسمح بقياس حجم بعض المناطق الدماغية، لا سيما قرن آمون (Hippocampe) الذي يتضاءل عند الإصابة بالألزهايمر.
دروس تمرين الذاكرة
تختلف طرائق إدخالالمعلومات الى الذهن وفق الأشخاص، فتنتقل المعلومات بصرياً أو سمعياً أو لمسياً أو انفعالياً. وتقول الدكتورة مونيك لوبونسان: «على المرء تحديد كيفية دخول المعلومات الى ذهنه، ليتمكن من ترسيخها واسترجاعها بسهولة كثيراً ما أعرض على تلاميذي مجموعة من الحروف المبعثرة، وبعد أن يمعنوا النظر في كل حرف، أخفيها عن أنظارهم، وأطلب منهم كتابتها على ورقة. يكتبها بعض التلاميذ بالترتيب الذي وردت فيه، أي أن البعض يجري مسحاً طوبوغرافياً فيتذكر الحروف حسب موقعها، لكن البعض الثاني يتذكرها حسب تسلسلها الأبجدي، أي أنه يستعيد في ذهنه التسلسل الأبجدي للحروف فيتذكرها حسب تفكيره المنطقي. أما البعض الآخر فيتذكرها بعد ربطها بمفاهيم راسخة في ذهنه (يربط المفاهيم على نحو يسمح له بتذكر الحروف). بعد أن يعثر كل منهم على طريقته الخاصة في تذكر الحروف، أحثه على اللجوء الى هذه الطريقة دوماً، وأعطيهدروساً لتحسين استخدام الطريقة المعنية.
يجب استرجاع المعلومات بعد يومين من تلقيها لترسخ في الذهن لأمد طويل، ولحسن الحظ، لا يحتاج جميع المتقدمين في العمر الى دروس لتحفيز الذاكرة، ولكن ذلك لا يخفف من أهمية تمرينها يومياً. بوسعهم مثلاً اللجوء الى ألعاب الذاكرة المتوفرة في السوق على كتباً أو أسطوانات مدمجة«. تقول لوبونسان: «أنصح تلاميذي بترسيخ معلومة ما في ذهنهم كل يوم (حادث ورد ذكره في الصحيفة، أو عنوان موقع إنترنت). بعد مشاهدة أي فيلم، أدعوهم الى تذكر عنوانه، وأسماء الممثلين، وأطلب منهم تلخيصه ليترسخ في ذهنهم، وأنصحهم بعدم اللجوء دوماً الى وسائل تقنية تساعدهم على استرجاع المعلومات بطريقة آلية«. يعلق الدكتور دوبوا: «هدف الدراسات الحديثة التي نقوم بها شرح وظائف الدماغ، لا سيما عملية التذكر، درسنا أثر الانفعال على وظائف الدماغ، لا سيما عملية التذكر، وأخضعنا التلاميذ لاختبارات متفاوتة الصعوبة، وقد أظهرت صور الأشعة أن منطقة الدماغ الخاصة بالانفعالات تشهد تغيراً في نشاط الخلايا العصبية على نحو يمنع الانفعال من الإخلال بوظيفة الدماغ. وهذا ما يشرح لما في بعض الحالات يفقد الدماغ، لدى تعرضه لأنفعال كبير، قدراته ويصاب بهلع إنفعالي يحول دون فكه رموز المعلومة التي يتلقاها، وستسمح الدراسات التي نقوم بها باختبار بعض الأدوية التي يمكن وصفها لمعالجة الحالات هذه«.
أعداء الذاكرة
1- بعض الأدوية تشتت التركيز والانتباه منها تلك الموصوفة لمعالجة المشكلات النفسية Psychotropes والمضادة للاكتئاب antidépresseurs ، علماً أن هذه الأدوية ضرورية لعلاج بعض الحالات.
2- الضغط النفسي.
3- المنبهات المأخوذة بجرعات كبيرة مثل الكحول والتبغ والشاي والقهوة والفيتامين .C
4 - القلق.
5- نظام غذائي فقير باللحوم والأسماك والزيوت.
6- قلة الحركة (لا غنى عن ممارسة المشي والتمارين المقوية للقلب الذي يضخ الدم الى الدماغ)
2- الضغط النفسي.
3- المنبهات المأخوذة بجرعات كبيرة مثل الكحول والتبغ والشاي والقهوة والفيتامين .C
4 - القلق.
5- نظام غذائي فقير باللحوم والأسماك والزيوت.
6- قلة الحركة (لا غنى عن ممارسة المشي والتمارين المقوية للقلب الذي يضخ الدم الى الدماغ)
تناول هذه الأغذية لتحفيز ذاكرتك




اللحوم والبيض والأسماك وثمار البحر، فضلاً عن بعض الزيوت مثل زيت اللفت وزيت الجوز (على الرجال تناول غرامين من هذه الزيوت يومياً، والنساء 16 غرام منها، أي ما يعادل ملعقتي طعام). يضيف طبيب التغذية جان ماري بور: «لا شك في أن سكر الغلوكوز هو الغذاء الأساسي لتلبية حاجات الدماغ الحيوية، لأن وظيفة هذا السكر في الجسم تحاكي وظيفة الوقود في السيارة، من الضروري استهلاك السكريات البطيئة الامتصاص الموجودة في الخبز والعجائن والنشويات، لأن هذه الأطعمة تزود الدم بالغلوكوز لفترات طويلة وبنسب ثابتة (خلافاً للسكريات السريعة الامتصاص التي تزود الدم بالغلوكوز لفترات قصيرة).
في حال افتقرت وجبة الفطور الى كميات كافية من الغلوكوز (كالخبز مثلاً) قد تضعف الذاكرة بنسبة 15% لا سيما البصرية منها، أكدت التجارب الحية أن الأغذية الفقيرة بالمواد الغذائية قد تؤدي الى تدني درجة التيقظ بنسبة 10% وخلافاً للمعتقدات السائدة يجب تناول كميات كافية من السكريات البطيئة الامتصاص عند العشاء، لأن الغلوكوز يحفز الذاكرة في الليل. عند الشعور بالنعاس، يصنف الدماغ أحداث النهار لا إرادياً، ويخزن المعلومات الهامة، ويتخلص من المعلومات الأخرى، وينتج الخلل في عملية التذكر من انخفاض نسبة الغلوكوز في الدم ليلاً. حين تراود المرء الأحلام، يزيد استهلاكه للطاقة بنسبة 20 في المئة، لكن حين تراوده كوابيس، يزداد استهلاكه للطاقة بنسبة 30 في المئة«. يؤكد الدكتور بور: «مع التقدم في العمر تتراجع قدرات الجسم في الحفاظ على مستوى السكر الطبيعي في الدم، وتتدنى القدرات العقلية، لذا ينصح بتناول الأغذية الغنية «بالأوميغا 3«، أي تناول ملعقة طعام من زيت اللفت يومياً (من الممكن إضافة هذا الزيت الىأطعمة أخرى)، أو الأسماك أو ثمار البحر ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع، لأن زيت اللفت يحتوي على الفيتامين عE الذي يحول دون حرق الأوكسيجين في الخلايا العصبية«. وينصح بور العجائز بتناول السكريات البطيئة الاستعمال عند كل وجبة طعام، وممارسة الأنشطة الرياضية بانتظام تفادياً للإصابة بالسمنة. وينصح الأطباء المسنين بالمحافظة على مستوى الحديد الطبيعي في الجسم، لأنه يساهم في توليد الطاقة عبر نقله الأوكسجين الى الدم، الذي تحمله الكريات الحمر بدورها الى أعضاء الجسم، لا سيما العقل. يتوافر الحديد الضروري في المنتجات الحيوانية (اللحم الأحمر)، والسمكية (ثمار البحر، وأسماك التونا)، وينصح بتناول هذه الأغذية مرتين في الأسبوع.
تعليق