نعم للتاريخ
فهو الرمز الذي نلجأ اليه جميعا لمعرفة ماضي الاولين ولولا التاريخ لما عرفنا الاعمال الصالحة والطالحة فقراءتنا له تزيدنا وثوقا وتحليلا لوقائعه الصادقة والكاذبة لذلك اقول عندما يكون الخليفة او الوالي او الملك او الرئيس مستهزئاً بالقيم والنواميس العربية والاسلامية ، نرى خروج الجمهور العام عن الطريق الذي يسلكه ذلك الحاكم وفي مقدمتهم العلماء والمثقفين وحتى السواد العام يتجرأ عليه ويبدأ باهانته بالطرق المتاحة كافة !!
فعندما وقع العدوان الثلاثي على مصر في 29/10/1956 ذلك الاعتداء الذي تكونت فيه جبهة الكفر من اسرائيل وفرسنا وبريطانيا ،هب الشعب العربي !!!
وكانت النجف الاشرف هي السباقة إذ ثارت بمظاهرات طلابية وجماهيرية في 23 و 24/11/1956م استشهد على اثرها طالبان احدهما (احمد علي الدجيلي)(14) سنة من مدرسة المتوسطة (السدير) والاخر (عبدالحسين راضي) (16) سنة من متوسطة (الخورنق) (واضح في الصورة ادناه ) وقد حاولت السلطات الملكية الرجعية وقتئذ ان تكبح جماح هذه المظاهرات بكل الوسائل المتاحة لديها من مال وسلاح ورجال فاوفدت الى النجف الاشرف الحاج عبدالهادي الجلبي نائب رئيس مجلس الاعيان والسيد عبدالوهاب مرجان رئيس مجلس النواب والدكتور ضياء جعفر وزير الاعمار ومعهم خمسة عشر الف دينار توزع على العلماء وذوي الشهداء ثم اوعزت الى قائمقام النجف الاستاذ محمد حسن صادق رئيس الوحدة الادارية وقتئذ ان يحمل رؤساء العشائر على ارسال برقيات يؤيدون سياسة الحكومة بازاء هذه المظاهرات .
(واذا بعدد كبير من الحمير والكلاب السائبة تنطلق الى الشوارع العامة وهي متقمصة ثيابا بيضاً كتب عليها بالمداد الاحمر : انا وعشيرتي تؤيد سياستكم الرشيدة) كما جاء في تاريخ الوزارات العراقية مجلد 10 ص 133 .
ان هذه الاجراءات غير المقبولة من قبل الحكومة وهذه المظاهرات الصاخبة جعلت الحكومة تتخذ سياسة العنف مع الجماهير فقتلت داخل الصحن الحيدري الشريف عبدالامير ناصر الصائغ واموري بن علي ، كما جاء على لسان حاكم تحقيق النجف امام المحكمة العسكرية العاليا الخاصة 10/3935
وفي 28/11/21956 خرجت جماهير اهالي الكوفة بمظاهرة كبيرة تعرضت لها قوات الشرطة بكل مالديها من قوة الا ان هذه القوات اندحجرت بسرعة بعد مقتل طفل واصابة عدد من المتظاهرين . بعد ذلك حخرجت مظاهرات في الديوانية والشامية والحلة وكربلاء والناصرية والبصرة والعمارة والكوت (واستطاع المتظاهرون في (عانة) ان يسيطروا على المدينة ) كما في تاريخ الوزارات العارقية ج3 ص130 -132 .
ان هذه الاعمال القمعية من قبل الحكومة قد اثارت غضب العلماء والمثقفين والمحامين حيث رفعوا برقيات متعددة الى المقام الاعلى في بغداد ومنها :
الى جلالة الملك المعظم :
حالة النجف المضطربة لإراقة دماء الاطفال الابرياء داخل مدارسهم وهتك حرمتها ولاتهدأ الا بانزال العقوبات الشديدة بالمعتدين . عالجوا الوضع بالحل السريع قبل ان يتفاقم الامر .
السيد عبدالكريم الجزائري
كان لهجوم الشرطة الوحشي على مدارس النجف وقتل الطلاب الابرياء اعنف الاثر في النفوس عامة ، نطلب المبادرة الى ازالة اسباب التوتر والضرب على ايدي المعتدين .
السيد حسين الحمامي
ان الاعتداء على اولادنا الابرياء وهم في معاهدهم اوجب استياءنا واثارة سخط الجميع املنا بجلالتكم تلافي الوضع قبل فوات الاوان ومحاسبة المعتدين .
الشيخ محمد كاظم الشيخ راضي
ان اراقة الدماء البريئة بشكلها الوحشي الفظيع في بلدنا المقدس لتدعو الى القلق والاستنكار العظيمين . ومن المؤسف ان اعضاء الحكومة مسؤولون عن ذلك كله وسلوكهم طريق الارهاب لعموم الطبقات .
السيد محسن الحكيم
اطلاق الرصاص على الابرياء العزل في مدينة النجف المقدسة اثار سخط واستنكار الاوساط العلمية نأمل منكم معالجة الامر ووضع حد لهذه الحوادث المؤلمة (المصدر السابق ص30)
السيد علي بحر العلوم
ان الموقف المتفرج تجاه العدوان الثلاثي المسلح على مصر مخالف للشريعة الاسلامية وانه الغاء لحيثية استقلال المسلمين من سلطة المشركين وليس لهذه الوزارة برئاسة نوري السيد مفعول قانوني نناشدكم باقالتها في الوقت الذي نؤكد لكم ان قيامكم بهذا الواجب يجمع كلمة المسلمين ويقطع طمع الكافرين والله سبحانه ولي النصر وهو حسبنا ونعم الوكيل والسلام على من اتبع الهدى . (كما جاء في جهاد السيد البغدادي قسم الوثائق) .
السيد محمد الحسني البغدادي
وعلى اثر هذه البرقية اوفد الملك فيصل الثاني الدكتور فاضل الجمالي الى السيد محمد البغدادي لتهدئة الخواطر المتأزمة في النجف الاشرف . يقول الاستاذ حميد المطبعي في كتابه موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين ج3 ص220 : (( لقد كان السيد البغدادي من علماء الدين المتحمسين للقضايا العربية والاسلامية لاسيما القضية الفلسطينية )) .

[IMG]IMG]http://up5.w6w.net/upload/16-04-2006/w6w_20060416004230f226997a.jpg[/IMG][/IMG]
تحياتي