
تمنِّياتُ إبن :
ـ أتمنّى أن لا يتدخّل أبي في كلِّ صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة في حياتي .. أريدهُ أن يمنحني شيئاً من الحرية والاستقلال .
ـ أتمنّى أن يحـاورني في بعـض الاُمـور المهمّـة ، لا أن يُطالبـني بتنفيـذها بالعُنـف والإكراه .. أن لا يرغمـني على فعل شيء بشـكل سلطوي .. بل بطريقة أبوية رحيمة .
ـ أتمنّى أن يتذكّر شبابه ، وهو يحاسبني أو يعاقبني أو يراقبني أو يُضيِّق الخناق عليّ .
ـ أتمنّى أن يحـترمني أمام أصدقائي وزملائي ، كما أحترمه أمام أهلي وأصدقائه وأقربائنا .
ـ أتمنّى أن يعرف أنّ لي ظروفي ومزاجي وقـدراتي ، كما أ نّـه له ظروفه ومزاجه وقدراته ، فيعذرني في بعض أخطائي غير المتعمّدة .
ـ أتمنّى أن يُدرك أنّني مخلوق لزمان غير زمانه ، وأن لا يجعلني نسخة منه في كلِّ شيء .
ـ أتمنّى أن يعدل بيني وبين إخواني الآخرين .
ـ أتمنّى أن يرعاني ولكن بغير تدخّل سافر في شؤوني الخاصّة ، ويكون حازماً معي بغير قسوة .. أن يكون مُستشاري بغير إملاءات وضغوط .. وأن لا ينظر إلى إنجازاتي بعين صغيرة .
تمنياتُ أب :
ـ أتمنّى أن يكون ولدي أفضل منِّي وليس امتدادي فقط .
ـ أتمنّى أن يحقِّق ولدي ما لم اُوفّق لتحقيقه في حياتي ، وأن تكون طموحاته أوسع من طموحاتي .
ـ أتمنّى أن يستفيد من تجاربي ، ولا يقع في بعض الأخطاء التي وقعتُ فيها ، وأن يقبل نصيحتي .
ـ أتمنّى أن يعتـبرني صديقه المخلـص ، فيبـوح لي ببعض أسراره وهمومه ومشكلاته .. أتمنّى أن أكون صريحاً معه ، وأن يكون صريحاً معي .
ـ أتمنّى أن يدرك أنّ غضبي عليه ـ إذا أخطأ أو قصّر ـ هو حبّ وليس انتقاماً أو تنفيساً عن عقدة تسلّط .
ـ أتمنّى أن يعرف أنّ أولادي متساوون عندي ، وأنا أحبّهم جميعاً ، ولكنّني قد أكره بعض الصفات لدى بعضهم ، وأحبّ بعض الصفات لدى البعض الآخر .
ـ أتمنّى أن أكسب ثقـة أبنائي وبناتي ، ليفتحـوا لي قلوبهم على مصراعيها ، ويشكوا آلامهم .. ويبوحوا بدخائلهم .. ويتّبعوا إرشاداتي لأ نّها ناظرةٌ إلى مصلحتهم .
هذي الأماني مشروعة من الطرفين ، وهي تعبِّر عن رغبة صادقة في التفاهم والتصالح والتصافي ، وعقد علاقـة أوثق بين أبناء يحـبّون آباءهم ويحترمونهم ، وبين آباء يحبّون أبناءهم ويريدون لهم الخير كما يعبِّرون عن ذلك دائماً .
ولا بدّ لكلِّ طرف أن يدرس أمنيات ورغبات الطرف الثاني ، بغية الوصول إلى علاقة أسريّة أطيب ممّا هو قائم فعلاً .. مع أنّ هذه الاُمنيات لا تمثِّل جميع ما يتمنّاه الأبناء ، ولا كلّ ما يرغب الآباء به ، إلاّ أ نّها تمثِّل عيِّنات لاُمنيات لو أخذها الأبناء والآباء بعين الاعتبار، لانتهت علاقتهما إلى الشكل الأفضل الذي يسعد ويرضي كلاًّ منهما .
ولكن السؤال : لماذا تبقى مثل هذه الملاحظات التقييمية لكلِّ طرف مجرّد أمنيات ؟! لماذا لا يُبادر الآباء لردم الهوّة ؟ لماذا لا يُساعد الأبناء آباءهم على بناء الجسر؟ أو .. لماذا لايفتح الطرفان باب الحوار المباشر ليكشفا من خلاله عن كلّ ما يتمنّى الطرف الآخر ؟ وعن الأسباب التي تحول دون تلبية تلك الاُمنيات التي لو تعامل معها كلّ طرف باهتمام وجدِّية لأنقذ الموقف الذي كثيراً ما ينهار ويتصدّع تحت تأثير الجهل أو التجاهل لتلك الاُمنيات التي هي ليست معجزات ولا بالاُمور المستحيلة .
مع تحياتي وتمنياتي للجميع بالتوفيق
تعليق