بسمه تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجال.. أضاءوا في التاريخ
سلمان المحمّديّ
من هو سلمان ؟
كان اسم سلمان « رُوزْبِه بن خُشْبُوزان »، قال سلمان: فأعتقني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسمّاني « سلمان »
بلده فارس ـ كما في الأخبار المتواترة ـ وقد قال هو نفسه في حديث إسلامه: كنتُ رجلاً من أهل شيراز، من أبناء الدَّهاقين .
وكان سلمان رجلاً باحثاً عن الحقيقة، عاش في أجواء مشركة ولكنّ قلبه كان متوجّهاً نحو الحقّ.. يقول الشيخ الصدوق: وكان ممّن ضرَبَ في الأرض ( أي ارتحل طويلاً ) لطلب الحجّة: سلمان الفارسي رضي الله عنه، فلم يَزَل ينتقل مِن عالِمٍ إلى عالِم، ومن فقيهٍ إلى فقيه، يبحث عن الأسرار، ويستدل بالأخبار، منتظِراً لقيام القائم سيّدِ الأوّلين والآخِرين محمّدٍ صلّى الله عليه وآله أربعمائة سنة، حتّى بُشِّر بولادته، فلمّا أيقن بالفَرَج خرج يريد تِهامة.. فسُبِي .
ثم قال: وما سجد سلمانُ قطُّ لمطلع الشمس، وإنّما كان يسجد لله عزّوجلّ، وكانت القِبلة التي أُمِر بالصلاة إليها شرقيّة، وكان أبواه يظنّانِ أنّه إنّما يسجد لمطلع الشمس كهيئتهم، وكان سلمانُ وصيَّ وصيِّ عيسى عليه السّلام في أداء ما حُمِّل إلى مَن انتهت إليه الوصيّة من المعصومين، وهو « آبي »، وقد ذكر قومٌ أنّ آبي هو أبو طالب..
وأمّا في أخبار أهل بيت النبوّة صلوات الله عليهم.. فقد جاء:
• عن الشيخ المفيد: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: إنّ سلمان ما كان مجوسيّاً، ولكنّه كان مُظهِراً للشرك مُبطِناً للإيمان .
• وعن الشيخ الصدوق: عن أبي عبدالله الصادق عليه السّلام قال: كان سلمان الفارسي رحمة الله عليه قد أتى غيرَ واحدٍ من العلماء، وكان آخر مَن أتاه آبي، فمكث عنده ما شاء الله، فلمّا ظهر النبيّ صلّى الله عليه وآله قال آبي لسلمان: إنّ صاحبك الذي تطلبه قد ظهر بمكّة. فتوجّه إليه سلمان رحمه الله .
• وروى البرقي أنّ الإمام جعفر الصادق عليه السّلام قال: كان الذي تناهت إليه وصايا عيسى عليه السّلام « آبي ».. وعن دُرُست زاد فيه: فلمّا أن أتاه سلمان قال له: إنّ الذي تطلب قد ظهر اليوم بمكّة، فتوجّه إليه .
إسلامه
• روى الشيخ الصدوق بسنده عن زكريّا، عن الإمام موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: قلت: يا ابنَ رسول الله، ألا تُخبرنا كيف كان سبب إسلام سلمان الفارسيّ ؟ قال: نعم، حدّثني أبي صلوات الله عليه أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه وسلمان الفارسي وأبا ذر وجماعة من قريش كانوا مجتمعين عند قبر النبيّ صلّى الله عليه وآله، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام لسلمان: يا أبا عبدالله، ألا تخبرنا بمبدأ أمرك ؟ فقال سلمان:
واللهِ يا أمير المؤمنين، لو أنّ غيرك سألني ما أخبرته، أنا كنتُ رجلاً من أهل شيراز من أبناء الدهاقين، وكنتُ عزيزاً على والدي، فبينا أنا سائر مع أبي في عيدٍ لهم إذا أنا بصومعة وإذا فيها رجل ينادي: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ عيسى روح الله، وأنّ محمّداً حبيب الله. فرصف حبّ محمّد في لحمي ودمي ( أي ثبت ـ وفي رواية: فرسَخَ وصفُ محمّد )، فلم يُهنِئْني طعام ولا شراب، فقالت لي أمّي: يا بُنيّ، ما لك اليومَ لا تسجد لمطلع الشمس ؟! فكابرتُها حتّى سكتت. فلمّا انصرفتُ إلى منزلي إذا أنا بكتابٍ معلَّق في السقف، فقلت لأمي: ما هذا الكتاب ؟ فقالت: يا روزبه، إنّ هذا الكتاب لمّا رجعنا من عيدنا رأيناه معلّقاً، فلا تَقرَبْ ذلك المكان؛ فإنّك إن قَرَبتَه قتَلَك أبوك!
قال: فجاهَدتُها.. حتّى جنّ الليل ونام أبي وأمي، فقمتُ وأخذت الكتاب فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا عهدٌ من الله إلى آدم أنّه خالقٌ مِن صُلبه نبيّاً يقال له « محمّد »، يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن عبادة الأوثان. يا روزبه، أنت وصيُّ عيسى، فآمِنْ واترك المجوسيّة. قال: فصُعِقت صعقةً وزادني شدّة، فعلم أبي وأمّي بذلك فأخذوني وجعلوني في بئر عميقةٍ وقالوا لي: إن رجعتَ وإلاّ قتلناك! فقلت: افعلوا بي ما شئتم، حبّ محمّد لا يذهب من صدري.
قال سلمان: ما كنتُ أعرف العربية قبل قراءة ذلك الكتاب، ولكنْ فهّمَني الله عزّوجلّ العربية من ذلك اليوم. فبقيتُ في البئر، فجعلوا يُدلُون في البئر إليّ أقراصاً صغاراً. فلمّأ طال أمري رفعتُ يدي إلى السماء وقلت: يا ربّ، إنّك حبّبتَ محمّداً ووصيَّه إليّ، فبحقّ وسيلته عجّلْ فَرَجي وأرِحْني ممّا أنا فيه. فأتاني آتٍ عليه ثياب بِيض فقال لي: قم يا روزبه.
فأخذ بيدي وأتى بي إلى الصومعة فأنشأتُ أقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأن عيسى روح الله، وأنّ محمّداً حبيب الله.. فأشرف علَيّ الدَّيراني فقال لي: أنت روزبه ؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد. فأصعَدَني إليه، وخَدَمتُه حولين كاملين، فلمّا حَضَرَته الوفاة قال لي: إنّي ميّت، فقلت له: فعلى مَن تُخلفني ؟ فقال: لا أعرف أحدأ يقول بمقالتي هذه إلاّ راهباً بأنطاكية، فإذا لَقِيتَه فأقرِئْه منّي السلام وادفَعْ إليه هذا اللَّوح. وناوَلَني لوحاً، فلمّا مات غسّلتُه وكفّنته ودفنته، وأخذت اللوح وسرت به إلى أنطاكية.
وأتيتُ الصومعة وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ عيسى روح الله، وأنّ محمّداً حبيب الله. فأشرف علَيّ الديراني فقال لي: أنت روزبه ؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد. فصعدت إليه وخدمته حولين كاملين، فلمّا حضرته الوفاة قال لي: إنّي ميّت، فقلت: على مَن تُخلفني ؟ فقال: لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه إلاّ راهباً بالإسكندريّة، فإذا أتيتَه فأقرِئْه مني السّلام وادفعْ إليه هذا اللوح.
فلمّا تُوفّي غسّلته وكفنته، وأخذت اللوح وأتيت الصومعة، وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ عيسى روح الله، وأنّ محمّداً حبيب الله. فأشرف علَيّ الديراني فقال لي: أنت روزبه ؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد. فصعدت إليه وخدمته حولين كاملين، فلمّا حضرته الوفاة قال لي: إنّي ميّت، فقلت: على مَن تُخلفني ؟ فقال: لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه في الدنيا، وإنّ محمّد بن عبدالله بن عبدالمطّلب قد حانت ولادته، فإذا أتيتَه فأقرِئْه منّي السلام وادفَعْ إليه هذا اللوح.
قال: فلمّا تُوفّي غسّلته وكفّنته ودفنته، وأخذت اللوح، وخرجت فصحبتُ قوماً فقلت لهم: يا قوم اكْفُوني الطعام والشراب وأكفيكم الخدمة، قالوا: نعم. فلمّا أرادوا أن يأكلوا شدّوا على شاةٍ فقتلوها بالضرب، ثمّ جعلوا بعضها كباباً وبعضها شواءً، فامتنعتُ من الأكل، فقالوا: كل، فقلت: إنّي غلام دَيراني، وإن الديرانيين لا يأكلون اللحم. فضربوني وكادوا يقتلونني، فقال بعضهم: امسكوا عنه حتّى يأتيكم شرابُكم فإنّه لا شرب! فلمّا أتوا بالشراب قالوا: اشرب، فقلت: إنّي غلام ديراني، وإنّ الديرانيين لا يشربون الخمر. فشدّوا علَيّ وأرادوا قتلي، فقلت لهم: يا قوم لا تضربوني ولا تقتلوني، فإنّي أُقرّ لكم بالعبودية ( أي بالرقّ ). فأقررتُ لواحدٍ منهم، فأخرجني وباعني بثلاثمائة درهم من رجل يهودي.
قال: فسألني عن قصّتي فأخبرته وقلت له: ليس لي ذنب إلاّ أنا أحببتُ محمّداً ووصيَّه، فقال اليهودي: وإنّي لأُبغِضُك وأُبغِض محمّداً! ثمّ أخرجني إلى داره، وإذا رملٌ كثير على بابه، فقال: واللهِ ـ يا روزبه ـ لئن أصبحتُ ولم تنقل هذا الرمل كلّه من هذا الموضع لأقتلنّك! فجعلتُ أحمل طول هذا الليل، فلمّا أجهدَني التعب رفعتُ يدي إلى السماء وقلت: يا ربّ، إنّك حبّبتَ محمّداً ووصيَّه إليّ، فبحقّ وسيلته عجِّلْ فَرَجي وأرِحْني ممّا أنا فيه. فبعث اللهُ عزّوجلّ ريحاً فنقلت ذلك الرمل من مكانه إلى المكان الذي قال اليهودي، فلمّا أصبح نظر إلى الرمل وقد نُقل كلّه قال: يا روزبه، أنت ساحر، وأنا لا أعلم ساحراً أسحر منك، فلأُخرجنّك من هذه القرية لئلا تهلكها.
قال: فأخرجني وباعني من امرأة سُلَيميّة فأحبّتني حبّاً شديداً، وكان لها حائط ( أي بستان ) فقالت: هذا الحائطز لك، كُلْ منه ما شئت وهَبْ وتصدّق. فبقيتُ في ذلك الحائط ما شاء الله.. فبينما أنا ذات يوم في ذلك الحائط وإذا أنا بسبعة رهطٍ قد أقبلوا تُظِلُّهم غَمامة ( أي سحابة )، فقلت في نفسي: واللهِ ما هؤلاء كلّهم أنبياء، ولكنّ فيهم نبيّاً. فأقبلوا حتّى دخلوا الحائط والغمامةُ تسير معهم، فلمّا دخلوا إذا فيهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السّلام، وأبو ذرّ والمقداد وعقيل بن أبي طالب وحمزة بن عبدالمطّلب وزيد بن حارثة، فدخلوا الحائط فجعلوا يتناولون من حَشَف النخل ورسولُ الله صلّى الله عليه وآله يقول لهم: كلوا الحشف ولا تُفسِدوا على القوم شيئاً.
فدخلتُ على مولاتي فقلت لها: يا مولاتي، هَبي لي طبقاً من رُطَب، فقالت: لك ستّة أطباق. فجئتُ وحملتُ طبقاً مِن رطبٍ فقلت في نفسي: إن كان فيهم نبيّ فإنّه لا يأكل الصدقة ويأكل الهدية. فوضعتُه بين يديه وقلت: هذه صدقة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: كلُوا. وأمسك رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السّلام وعقيل بن أبي طالب وحمزة بن عبدالمطلب، وقال لزيد: مُدَّ يدَك وكُلْ. فقلت في نفسي: هذه علامة! فدخلتُ على مولاتي وقلت لها: هبي لي طبقاً آخر، فقالت: لك ستّة أطباق. فجئتُ فحملتُ طبقاً آخر من رطبٍ فوضعته بين يديه وقلت: هذه هديّة. فمدّ يده وقال: بسم الله كُلُوا. فمدّ القوم جميعاً أيديَهم فأكلوا، فقلت في نفسي: هذه أيضاً علامة!
قال: فبينما أنا أدور خلفه، إذ قد حانت من النبيّ صلّى الله عليه وآله التفاتة، فقال: يا روزبه، تطلب خاتم النبوّة ؟! فقلت: نعمز فكشف عن كتفَيه، فإذا أنا بخاتم النبوّة معجون بين كتفيه عليه شعرات، فسقطتُ على قدم رسول الله صلّى الله عليه وآله أقبّلها، فقال لي: يا روزبه، أُدخُلْ على هذه المرأة وقلْ لها: يقول لكِ محمّد بن عبدالله: تبيعينا هذا الغلام ؟ فدخلتُ عليها وقلت لها: يا مولاتي، إنّ محمّد بن عبدالله يقول لك: تبيعينا هذا الغلام ؟ فقالت: قلْ له لا أبيعكَه إلاّ بأربعمائة نخلة، مائتَي نخلة منها صفراء ومائتي نخلة منها حمراء. قال: فجئتُ إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله فأخبرتُه، فقال: وما أهونَ ما سألَتْ! ثمّ قال: قمْ يا عليُّ واجمعْ هذا النوى كلَّه. فجَمَعه فأخذه فغرسه، ثمّ قال: إسقِهْ. فسقاه أمير المؤمنين، فما بلغ آخِرَه حتّى خرج النخل ولَحِق بعضه بعضاً، فقال لي: أُدخُلْ إليها وقُلْ لها: يقول لكِ محمّدُ بن عبدالله: خُذي شيئَكِ وادفعي إلينا شيئَنا.
قال: فدخلتُ عليها وقلت ذلك لها، فخرجَتْ ونظرت إلى النخل فقالت: واللهِ لا أبيعكه إلاّ بأربعمائة نخلة كلّها صفراء. فهبط جبرئيل عليه السّلام ومسح جناحه على النخل فصار كلّه أصفر، ثم قال صلّى الله عليه وآله لي: قلْ لها: إنْ محمّداً يقول لكِ: خُذي شيئك وادفعي إلينا شيئنا. قال: فقلت لها ذلك، فقالت: واللهِ لَنخلةٌ مِن هذه أحبُّ إليّ مِن محمّدٍ ومنك! فقلتُ لها: واللهِ لَيومٌ واحدٌ مع محمّدٍ أحبُّ إليّ منكِ ومِن كلِّ شيءٍ أنتِ فيه.
فأعتقني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسمّاني « سلمان » .
الانتساب إلى الشرف الأسمى
• عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: لا تقولوا سلمان الفارسي، ولكنْ قولوا سلمان المحمّدي، ذلك رجلٌ منّا أهل البيت .
والحديث الشريف هذا مستوحىً من كلام رسول الله صلّى الله عليه وآله: سلمانُ منّا أهلَ البيت .
وكان بعض الصحابة يأخذه الحسد من المقام الذي بلغه سلمان، فقد دخل رضوان الله عليه يوماً إلى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله، فعظّموه وقدّموه وصدّروه؛ إجلالاً لحقّه وإعظاماً لشيبته واختصاصه بالمصطفى وآله صلوات الله عليه وعليهم، فدخل ( أحدهم ) فنظر إلى سلمان فقال: مَن هذا العجميّ المتصدّر فيما بين العرب ؟! فصعد رسول الله صلّى الله عليه وآله المنبر فخطب فقال: إنّ الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا مثل أسنان المشط، لا فضلَ للعربي على الأعجمي ولا للأحمر على الأسود إلاّ بالتقوى، سلمانُ بحرٌ لا يَنزِف، وكنزٌ لا يَنفَد، سلمانُ منّا أهلَ البيت، سَلسَلٌ يَمنح الحكمةَ ويُوتي البرهان .
• وعن أبي هريرة قال: كنّا جلوساً عند النبيّ صلّى الله عليه وآله إذ نزلت سورة الجمعة، فلمّا نزلت: وآخَرِينِ مِنْهُم لَمّا يَلْحَقوا بِهِم قالوا: مَن هؤلاء يا رسول الله ؟ قال أبو هريرة: وفينا سلمان الفارسي، قال: فوضع النبيّ يدَه على كَتِف سلمان ثمّ قال: لو كان الإيمانُ عند الثريّا لَنالَه رجال من هؤلاء. الحديث متَّفَق عليه .
• وعن أبي هريرة أيضاً: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله تلا هذه الآية: وإنْ تَتَوَلَّوا يَستَبدِلْ قَوماً غَيرَكُم ثُمّ لا يكونوا أمثالَكُم ، قالوا: يا رسول الله، مَن هؤلاء الذين ذكر اللهُ إن تولَّينا استُبدِلوا بنا ثمّ لا يكونوا أمثالَنا ؟! فضرب رسول الله على فَخِذ سلمان ثمّ قال: هذا وقومه، ولو كان الدِّين عند الثريّا لَتناولَه رجال من الفُرس. رواه الترمذي.
• وسُئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن سلمان فقال: إنّه عُلِّم العلم الأوّل والعلمَ الآخِر، ذلك بحر لا يَنزِف، وهو منّا أهل البيت . ورُوي عنه سلام الله عليه أنّه قال لأبي ذرّ: سلمانُ منّا أهلَ البيت . وقال عليه السّلام وقد سُئل يوماً عنه: ما أقول في رجلٍ خُلِق من طينتنا، وروحُه مقرونةٌ بروحنا!
وفي غزوة الخندق.. لمّا سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله بما أجمعوا عليه، ندَبَ الناسَ ( أي دعاهم ) وأخبرهم خبر عدوّهم وشاورهم في أمرهم، فأشار إليه سلمان رضي الله عنه قائلاً: يا رسول الله، إنّا كنّا بأرض فارس إذا تَخَوَّفنا الخيل خَنْدَقْنا علينا..
إلى قال الراوي: وقد ذُكر أنّ سلمان تنافس فيه المهاجرون والأنصار، فقال المهاجرون: سلمانُ منّا، وقال الأنصار: سلمان منّا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: سلمانُ منّا أهلَ البيت.
وإلى ذلك يشير بعضهم بقوله:
لقـد رقـى سلمانُ بَعـدَ رِقِّـهِ مـنـزلـةً شـامخـةَ البُنيـانِ
وكيف لا.. والمصطفى قد عَدّهُ من أهلِ بيتهِ العظيم الشانِ
وما أجمل ما قال الشاعر في ذلك:
أيا سلمانُ يا مَن حـازَ فضلاً وعمـرُ النـاس إحساناً ومَنّا
ونـال بخدمة المختـار طـه وعِتـرتـهِ الأكـارمِ ما تمنّى
لقد فُقتَ الورى شَرَفاً وفخراً لقـولِ المصطفى: سلمانُ مِنّا
• وفي تفسير الإمام الإمام العسكريّ عليه السّلام لقوله تعالى: الذينَ يُؤمنونَ بالغَيب .. ذكر حديثاً طويلاً في آخره: ثمّ أقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله على سلمان فقال: يا أبا عبدالله، أنت مِن خواصّ إخواننا المؤمنين، ومِن أحباب قلوب ملائكة الله المقرَّبين، إنّك في ملكوت السماوات والحجُب والكرسيّ والعرش وما دون ذلك إلى الثرى أشهرُ في فضلك عندهم من الشمس الطالعة في يوم لا غيمَ فيه ولا قَتَرٌ ولا غُبار في الجوانب، مِن أفاضل الممدوحين بقوله تعالى: الذينَ يُؤمنون بالغَيب .
• وعن منصور بن زِبرِج: قلت لأبي عبدالله الصادق عليه السّلام: ما أكثرَ ما أسمعُ منك يا سيّدي ذِكرَ سلمان الفارسي! فقال: لا تَقُلْ سلمان الفارسي ولكن قل سلمان المحمّدي، أتدري ما كثرةُ ذكري له ؟ قلت: لا، قال: لثلاث خصال، إحداها: إيثاره هوى أمير المؤمنين عليه السّلام على هوى نفسه، والثانية: حبُّه للفقراء واختياره إيّاهم على أهل الثروة والعدد، والثالثة: حبُّه للعلم والعلماء. إنّ سلمان كان عبداً صالحاً حنيفاً مسلماً، وما كان من المشركين.
• وعن الإمام محمّد الباقر عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إنّ الله أوحى إليّ أن أُحبَّ أربعة: عليّاً وأبا ذرّ وسلمانَ والمِقداد
في بعض الروايات الشريفة: إنّ الله عزّوجلّ أمرني بحبِّ أربعةٍ من أصحابي، وأخبرني أنّ يُحبّهم..
من الرواشح السماويّة
• في تفسير الشيخ عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّي، في ظلّ قوله تعالى: والسابقونَ الأوّلونَ مِن المهاجرين والأنصار ، قال: وهم النقباء: أبو ذرّ والمِقداد وسلمان وعمّار، ومَن آمن وصدّق وثبت على ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام .
• وفيه.. في ظلّ قوله تعالى: إنّما المؤمنون الذين إذا ذُكر اللهُ وَجِلتْ قلوبُهم... لهم دَرَجاتٌ عندَ ربِّهم ومَغفِرةٌ ورِزقٌ كريم ، أنّها نزلت في أمير المؤمنين عليه السّلام، وأبي ذرّ وسلمان والمقداد رحمة الله عليهم
وفي ظلّ قول الله جلّ وعلا: إنّ الذينَ آمنوا وعَمِلوا الصالحاتِ كانت لَهُم جَنّاتُ الفِرْدَوسِ نُزُلاً ، قال الإمام الصادق عليه السّلام: هذه نزلت في أبي ذرّ والمقداد وسلمان وعمّار بن ياسر، جعَلَ اللهُ لهم جنّاتِ الفِردَوس نُزُلاً، أي مأوىً ومنزلاً • وفي قوله عزّ من قائل: واصبِرْ نفسَكَ مع الذينَ يَدْعُون ربَّهم بالغَداةِ والعَشيِّ يُريدونَ وَجهَهُ ولا تَعْدُ عَيناكَ عَنهُم تُريدُ زِينَةَ الحياةِ الدنيا .. قال المفسّر القمّيّ: فهذه نزلت في سلمان الفارسي، كان عليه كساء فيه يكون طعامه وهو دِثاره ورداؤه، وكان كساءً من صوف، فدخل عُيَينةُ بن حُصَين على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلمانُ عنده، فتأذى عيينة بريح كساء سلمان، وقد كان عَرَق فيه، وكان يوماً شديدَ الحرّ، فعرق في الكساء، فقال عيينة: يا رسول الله، إذا نحن دَخَلنا عليك فأخرِجْ هذا واصرِفْه مِن عندك، فإذا نحن خرَجْنا فأدخِلْ مَن شئت! فأنزل اللهُ: ولا تُطِعْ مَن أغفَلْنا قَلبَهُ عن ذِكْرِنا وهو عُيينة بن حُصين بن حُذيفة بن بدر الفَزاري .
• وروى الشيخ الكليني بسندٍ إلى الإمام الصادق عليه السّلام أنّه قال في قوله تعالى: وهُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِن القَولِ وهُدوا إلى صِراطِ الحميد : ذاك حمزة وجعفر وعبيدة وسلمان وأبو ذرّ والمقداد بن الأسود وعمّار، هُدُوا إلى أمير المؤمنين عليه السّلام..
وقال العلاّمة الحلّي في قوله تعالى: والسابقونَ الأوّلون : عليّ وسلمان.. ، ورواه الشيخ المجلسي في ( بحار الأنوار 334:35 ) ـ عن المناقب لابن مَردَوَيه، والحاكم الحسكاني في ( شواهد التنزيل 254:1 ) بطُرقٍ وأسانيد، وابن حجر في ( الصواعق المحرقة 74 )، والمحبّ الطبري في ( ذخائر العقبى 58 )، والهيثمي في ( مجمع الزوائد 220:9 )، والشيخ سليمان القندوزي في ( ينابيع المودّة 60 ـ 61 الطبعة القديمة )، والمتّقي الهندي في ( كنز العمّال 152:6 )، وأبو نُعَيم الأصفهاني في ( حلية الأولياء ).. وغيرهم.
قال الميرزا النوري: الأَولى أن يُقال: إنّ سلمان سابقُ مَن أسلم بالمدينة من الأنصار، وعليّ عليه السّلام سابقُ مَن أسلم بمكّة من المهاجرين، فالسابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار أمير المؤمنين عليه السّلام، والسابقون الأوّلون من الأنصار سلمان. أو يُقال: إنّ سلمان ـ وإنْ لَقِيَ النبيَّ صلّى الله عليه وآله بالمدينة وأسلم على يديه ظاهراً ـ إلاّ أنّه آمنَ به قبلَ مبعثه في الباطن، فإنّه عرفه بالصفة والنعت وآمن به قبل أن يظهر صلّى الله عليه وآله أو يُولَد... أو يُقال: إن المراد « السابق » مِن بلدٍ أو قبيلةٍ مخصوصة، كما يُومئ إليه ما رُوي عن أمير المؤمنين عليه السّلام: أنا سابق العرب، وسلمان سابق فارس .
كلمات حكيمة رائقة
• عن أبي عبدالله الصادق عليه السّلام قال: قال سلمان رحمة الله عليه: عَجِبتُ لستّة، ثلاثة أضحكَتْني وثلاثة أبكَتْني؛ فأمّا التي أبكتني: ففراق الأحبّة محمّدٍ وحِزبه، وهَول المُطَّلَع، والوقوف بين يدَي الله عزّوجلّ. وأمّا التي أضحكتني: فطالبُ الدنيا والموتُ يطلبه، وغافلٌ وليس بمغفولٍ عنه، وضاحكٌ مِلْءَ فيه لا يدري أرضيَ اللهُ أم سَخِط! (
• وفي كتاب القرائن من ( المحاسن ) للبرقي مرفوعاً عن سلمان، قال: أضحكَتْني ثلاث، وأبكَتْني ثلاث، فأمّا الثلاث التي أبكتني: ففراق الأحبّة رسول الله صلّى الله عليه وآله وحزبه، والهول عند غمرات الموت، والوقوف بين يدي ربِّ العالمين.. يوم تكون السريرة علانية، لا أدري إلى الجنّة أصير أم إلى النار!..
• عن الحسين بن سعيد الأهوازي في كتابه ( الزهد ) عن حمّاد بن عيسى، عن حسين ابن المختار، رفعه إلى سلمان رضي الله عنه أنّه قال: لولا السجودُ لله، ومجالسةُ قوم يتلفّظون طِيبَ الكلام كما يُتلَفَّظ طِيب التمر.. لَتَمنيتُ الموت .
• وعن أبي عبدالله جعفر الصادق عليه السّلام قال: وقع بين سلمان وبين رجلٍ كلام، فقال له ( أي الرجل ): مَن أنت، وما أنت ؟! فقال سلمان: أمّا أُولايَ وأُولاك فنُطفةٌ قَذِرة، وأمّا أُخرايَ وأُخراك فجِيفةٌ مُنتِنة، فإذا كان يومُ القيامة ونُصِبَت المَوازين، فمَن خَفَّت موازينُه فهو اللئيم، ومَن ثَقُلت موازينُه فهو الكريم .
• ورُوي أنّ عِدّةً من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله جلسوا ينتسبون، وفيهم سلمان، فسأله عمر عن نسبه وأصله، فقال: أنا سلمان بن عبدالله، كنتُ ضالاًّ فهداني اللهُ بمحمّد صلّى الله عليه وآله، وكنتُ عائلاً فأغناني الله بمحمّد صلّى الله عليه وآله، وكنتُ مملوكاً فأعتقني الله بمحمّد صلّى الله عليه وآله.. فهذا حَسَبي ونَسَبي.
ثمّ خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله، فحدّثه سلمان وشكا إليه ما لقيَ من القوم وما قال لهم، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: يا معشرَ قريش! إنّ حَسَبَ الرجل دِينُه، ومُروءتُه خلُقُه، وأصله عقله، قال الله تعالى: إنّا خَلَقْناكُم مِن ذَكَرٍ وأُنثى، وجعَلْناكُم شعوباً وقَبائلَ لِتَعارَفوا، إنّ أكرمَكُم عندَ اللهِ أتْقاكُم . يا سلمان، ليس لأحدٍ مِن هؤلاءِ عليك فضلٌ إلاّ بتقوى الله، وإن كانت التقوى لك عليهم فأنت أفضل .
ولَنِعم ما قال الشاعر:
لَـعَـمْـرُكَ مـا الإنسـانُ إلاّ بدِينِهِ فلا تَترُكِ التقوى اتّكالاً علـى النَسَبْ
لقد رفَعَ الإسـلامُ سلـمـانَ فـارسٍ وقد وضَعَ الشِّـركُ الشريفَ أبا لَهَبْ
• ودعا سلمانُ يوماً أبا ذرّ إلى منزله، فقدّم إليه رغيفَين، فأخذ أبو ذرّ يقلّبهما، فقال له سلمان: يا أبا ذر، لأيّ شيء تقلّب هذين الرغيفين ؟ قال: خفتُ أن لا يكونا نَضيجَين. فغضب سلمان غضباً شديداً من ذلك ثمّ قال له:
ما أجرأَك حيث تقلّب هذينِ الرغيفين! فواللهِ لقد عَمِل في هذا الخبز الماءُ الذي تحت العرش، وعَمِلَت فيه الملائكةُ حتّى ألقَوه إلى الريح، وعملت فيه الريح حتّى ألقَتْه إلى السحاب، وعمل فيه السحاب حتّى أمطره إلى الأرض، وعمل فيه الرعد والبرق والملائكة حتّى وضعوه في مواضعه، وعملت فيه الأرض والخشب والحديد والبهائم والنار والحطب والملح، وما لا أُحصيه أكثر، فكيف لك أن تقوم بهذا الشكر ؟!
فقال أبو ذرّ: إلى الله أتوب، وأستغفر اللهَ ممّا أحدثت، وإليك أعتذر ممّا كَرِهْت
• وسأل رجلٌ سلمانَ قائلاً له: يا أبا عبدالله، إنّي لا أقوى على الصلاة بالليل، فقال له: لا تَعصِ اللهَ في النهار .
• وروى سُلَيم بن قيس قال: سمعتُ سلمانَ يقول: إنّ عليّاً عليه السّلام بابٌ فتَحَه الله، مَن دخَلَه كان مؤمناً، ومَن خرج منه كان كافراً .
• وسأل جابرُ عبدالله الأنصاري سلمان قائلاً: كيف أصبحت ؟
فأجابه: كيف يُصبح مَن كان الموتُ غايتَه، والقبرُ منزلَه، والدِّيدان جواره، وإنْ لم يُغفَرْ له فالنار مسكنه!
• وكتب سلمان يوماً إلى أبي الدرداء: يا أخي، إيّاك أن تجمع من الدنيا ما لا تؤدّي شكره، فإنّي سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: يُجاء بصاحب الدنيا الذي أطاع اللهَ فيها ومالُه بين يديه، كلّما تكفأ به الصراط قال له مالُه: إمضِ فقد أدّيتَ حقَّ الله فيّ. ثمّ يُجاء بصاحب الدنيا الذي لم يُطع اللهَ فيها ومالُه بين كتفَيه، كلّما تكفأ به الصراط قال له مالُه: وَيْلَك! ألا أدّيتَ حقَّ الله فيّ! فما يزال كذلك حتّى يدعوَ بالثبور والويل .
• وكان سلمان إذا رفع يدَه من الطعام قال: اللّهمّ أكثرتَ وأطيبتَ فَزِدْ، وأشبَعتَ وأروَيتَ فهنِّئْه
الرحيل.. وما بعد الرحيل
• رُوي عن جابر الأنصاريّ قال: صلّى بنا أمير المؤمنين عليه السّلام صلاة الصبح ثمّ أقبل علينا فقال: معاشرَ الناس، أعظَمَ اللهُ أجرَكُم في أخيكم سلمان. فقالوا في ذلك، فلبس عمامةَ رسول الله صلّى الله عليه وآله ودُرّاعته، وأخذ قضيبه وسيفه وركب على العَضباء وقال لقنبر: عدَّ عشراً، قال: ففعلت، فإذا نحن على باب سلمان.
قال زاذان: فلمّا أدركَتْ سلمانَ الوفاةُ قلت له: مَن المغسِّل لك ؟ قال: مَن غسّل رسولَ الله صلّى الله عليه وآله، فقلت: إنّك بالمدائن وهو بالمدينة! فقال: يا زاذان، إذا شَدَدتَ لِحْيَيّ تسمع الوَجبة. فلمّا شَدَدتُ لِحْيَيه سمعتُ الوَجبة وأدركتُ الباب فإذا أنا بأمير المؤمنين عليه السّلام، فقال: يا زاذان، قضى أبو عبدالله سلمان ؟ قلت: نعم يا سيّدي. فدخل وكشف الرداء عن وجهه، فتبسّم سلمانُ إلى أمير المؤمنين عليه السّلام، فقال له: مرحباً يا أبا عبدالله، إذا لَقِيتَ رسول الله صلّى الله عليه وآله فقُلْ له ما مرّ على أخيك من قومك. ( ويستمر جابر الأنصاريّ قائلاً: )
ثمّ أخذ في تجهيزه، فلمّا صلّى عليه كنّا نسمع من أمير المؤمنين عليه السّلام تكبيراً شديداً، وكنتُ رأيتُ معه رجلين.. ويُستفاد من بعض الأخبار أنّ وفاة سلمان رضوان الله عليه كانت في عهد خلافة أمير المؤمنين عليٍّ عليه السّلام، فذُكر أنّه تُوفّي سنة 36 هجرية، ودُفن بالمدائن ، وإلى ذلك ذهب ابن حجر ، ومثله ما نقله الشريف المرتضى في ( الشافي ) والسيّد علي خان في ( رياض السالكين 277 ) لدى شرحه لدعاء الرزق من الصحيفة السجّاديّة المباركة، والسيّد نور الله القاضي الشهيد التستري في ( مجالس المؤمنين 208:1 ).
وكان السيّد الشريف الكاظميّ قد نظم قصّة وفاة سلمان ودفنه قائلاً:
وإلى المدائن مَن سرى مِن طِيبةٍ لـيـلاً.. وعاد وصُبحُه لم يُسْفِرِ
طلـباً لـتغسيل الطُّهْرِ سلـمـا نَ التقـيِّ الـطـاهـرِ المتطهّرِ
• قال ابن عبّاس: رأيت سلمان الفارسي في منامي فقلت له: أنت سلمان ؟ قال: نعم، فقلت له: يا سلمان، ألستَ مولى النبي صلّى الله عليه وآله ؟ قال: بلى. فإذا عليه تاجٌ من ياقوت، وعليه حُليّ وحُلَل، فقلت: يا سلمان، هذه منزلةٌ حَسَنة أعطاكها الله تعالى! فقال: نعم، فقلت: فماذا رأيتَ في الجنّة أفضلَ بعد الإيمان بالله ورسوله ؟ فقال: ليس في الجنّة بعد الإيمان بالله ورسوله شيء هو أفضل من حبّ عليّ بن أبي طالب والاقتداء به .
رحم اللهُ تعالى سلمانَ المحمّدي ورضيَ عنه، وجمع اللهُ بيننا وبينَه في مستقَرّ رحمته، إنّه وليٌّ قدير مجيب، وصلّى الله على خيرته من خَلْقه محمّدٍ وآله الطاهرين، وسَلّم تسليماً كثيراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجال.. أضاءوا في التاريخ
سلمان المحمّديّ
من هو سلمان ؟
كان اسم سلمان « رُوزْبِه بن خُشْبُوزان »، قال سلمان: فأعتقني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسمّاني « سلمان »
بلده فارس ـ كما في الأخبار المتواترة ـ وقد قال هو نفسه في حديث إسلامه: كنتُ رجلاً من أهل شيراز، من أبناء الدَّهاقين .
وكان سلمان رجلاً باحثاً عن الحقيقة، عاش في أجواء مشركة ولكنّ قلبه كان متوجّهاً نحو الحقّ.. يقول الشيخ الصدوق: وكان ممّن ضرَبَ في الأرض ( أي ارتحل طويلاً ) لطلب الحجّة: سلمان الفارسي رضي الله عنه، فلم يَزَل ينتقل مِن عالِمٍ إلى عالِم، ومن فقيهٍ إلى فقيه، يبحث عن الأسرار، ويستدل بالأخبار، منتظِراً لقيام القائم سيّدِ الأوّلين والآخِرين محمّدٍ صلّى الله عليه وآله أربعمائة سنة، حتّى بُشِّر بولادته، فلمّا أيقن بالفَرَج خرج يريد تِهامة.. فسُبِي .
ثم قال: وما سجد سلمانُ قطُّ لمطلع الشمس، وإنّما كان يسجد لله عزّوجلّ، وكانت القِبلة التي أُمِر بالصلاة إليها شرقيّة، وكان أبواه يظنّانِ أنّه إنّما يسجد لمطلع الشمس كهيئتهم، وكان سلمانُ وصيَّ وصيِّ عيسى عليه السّلام في أداء ما حُمِّل إلى مَن انتهت إليه الوصيّة من المعصومين، وهو « آبي »، وقد ذكر قومٌ أنّ آبي هو أبو طالب..
وأمّا في أخبار أهل بيت النبوّة صلوات الله عليهم.. فقد جاء:
• عن الشيخ المفيد: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: إنّ سلمان ما كان مجوسيّاً، ولكنّه كان مُظهِراً للشرك مُبطِناً للإيمان .
• وعن الشيخ الصدوق: عن أبي عبدالله الصادق عليه السّلام قال: كان سلمان الفارسي رحمة الله عليه قد أتى غيرَ واحدٍ من العلماء، وكان آخر مَن أتاه آبي، فمكث عنده ما شاء الله، فلمّا ظهر النبيّ صلّى الله عليه وآله قال آبي لسلمان: إنّ صاحبك الذي تطلبه قد ظهر بمكّة. فتوجّه إليه سلمان رحمه الله .
• وروى البرقي أنّ الإمام جعفر الصادق عليه السّلام قال: كان الذي تناهت إليه وصايا عيسى عليه السّلام « آبي ».. وعن دُرُست زاد فيه: فلمّا أن أتاه سلمان قال له: إنّ الذي تطلب قد ظهر اليوم بمكّة، فتوجّه إليه .
إسلامه
• روى الشيخ الصدوق بسنده عن زكريّا، عن الإمام موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: قلت: يا ابنَ رسول الله، ألا تُخبرنا كيف كان سبب إسلام سلمان الفارسيّ ؟ قال: نعم، حدّثني أبي صلوات الله عليه أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه وسلمان الفارسي وأبا ذر وجماعة من قريش كانوا مجتمعين عند قبر النبيّ صلّى الله عليه وآله، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام لسلمان: يا أبا عبدالله، ألا تخبرنا بمبدأ أمرك ؟ فقال سلمان:
واللهِ يا أمير المؤمنين، لو أنّ غيرك سألني ما أخبرته، أنا كنتُ رجلاً من أهل شيراز من أبناء الدهاقين، وكنتُ عزيزاً على والدي، فبينا أنا سائر مع أبي في عيدٍ لهم إذا أنا بصومعة وإذا فيها رجل ينادي: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ عيسى روح الله، وأنّ محمّداً حبيب الله. فرصف حبّ محمّد في لحمي ودمي ( أي ثبت ـ وفي رواية: فرسَخَ وصفُ محمّد )، فلم يُهنِئْني طعام ولا شراب، فقالت لي أمّي: يا بُنيّ، ما لك اليومَ لا تسجد لمطلع الشمس ؟! فكابرتُها حتّى سكتت. فلمّا انصرفتُ إلى منزلي إذا أنا بكتابٍ معلَّق في السقف، فقلت لأمي: ما هذا الكتاب ؟ فقالت: يا روزبه، إنّ هذا الكتاب لمّا رجعنا من عيدنا رأيناه معلّقاً، فلا تَقرَبْ ذلك المكان؛ فإنّك إن قَرَبتَه قتَلَك أبوك!
قال: فجاهَدتُها.. حتّى جنّ الليل ونام أبي وأمي، فقمتُ وأخذت الكتاب فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا عهدٌ من الله إلى آدم أنّه خالقٌ مِن صُلبه نبيّاً يقال له « محمّد »، يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن عبادة الأوثان. يا روزبه، أنت وصيُّ عيسى، فآمِنْ واترك المجوسيّة. قال: فصُعِقت صعقةً وزادني شدّة، فعلم أبي وأمّي بذلك فأخذوني وجعلوني في بئر عميقةٍ وقالوا لي: إن رجعتَ وإلاّ قتلناك! فقلت: افعلوا بي ما شئتم، حبّ محمّد لا يذهب من صدري.
قال سلمان: ما كنتُ أعرف العربية قبل قراءة ذلك الكتاب، ولكنْ فهّمَني الله عزّوجلّ العربية من ذلك اليوم. فبقيتُ في البئر، فجعلوا يُدلُون في البئر إليّ أقراصاً صغاراً. فلمّأ طال أمري رفعتُ يدي إلى السماء وقلت: يا ربّ، إنّك حبّبتَ محمّداً ووصيَّه إليّ، فبحقّ وسيلته عجّلْ فَرَجي وأرِحْني ممّا أنا فيه. فأتاني آتٍ عليه ثياب بِيض فقال لي: قم يا روزبه.
فأخذ بيدي وأتى بي إلى الصومعة فأنشأتُ أقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأن عيسى روح الله، وأنّ محمّداً حبيب الله.. فأشرف علَيّ الدَّيراني فقال لي: أنت روزبه ؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد. فأصعَدَني إليه، وخَدَمتُه حولين كاملين، فلمّا حَضَرَته الوفاة قال لي: إنّي ميّت، فقلت له: فعلى مَن تُخلفني ؟ فقال: لا أعرف أحدأ يقول بمقالتي هذه إلاّ راهباً بأنطاكية، فإذا لَقِيتَه فأقرِئْه منّي السلام وادفَعْ إليه هذا اللَّوح. وناوَلَني لوحاً، فلمّا مات غسّلتُه وكفّنته ودفنته، وأخذت اللوح وسرت به إلى أنطاكية.
وأتيتُ الصومعة وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ عيسى روح الله، وأنّ محمّداً حبيب الله. فأشرف علَيّ الديراني فقال لي: أنت روزبه ؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد. فصعدت إليه وخدمته حولين كاملين، فلمّا حضرته الوفاة قال لي: إنّي ميّت، فقلت: على مَن تُخلفني ؟ فقال: لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه إلاّ راهباً بالإسكندريّة، فإذا أتيتَه فأقرِئْه مني السّلام وادفعْ إليه هذا اللوح.
فلمّا تُوفّي غسّلته وكفنته، وأخذت اللوح وأتيت الصومعة، وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ عيسى روح الله، وأنّ محمّداً حبيب الله. فأشرف علَيّ الديراني فقال لي: أنت روزبه ؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد. فصعدت إليه وخدمته حولين كاملين، فلمّا حضرته الوفاة قال لي: إنّي ميّت، فقلت: على مَن تُخلفني ؟ فقال: لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه في الدنيا، وإنّ محمّد بن عبدالله بن عبدالمطّلب قد حانت ولادته، فإذا أتيتَه فأقرِئْه منّي السلام وادفَعْ إليه هذا اللوح.
قال: فلمّا تُوفّي غسّلته وكفّنته ودفنته، وأخذت اللوح، وخرجت فصحبتُ قوماً فقلت لهم: يا قوم اكْفُوني الطعام والشراب وأكفيكم الخدمة، قالوا: نعم. فلمّا أرادوا أن يأكلوا شدّوا على شاةٍ فقتلوها بالضرب، ثمّ جعلوا بعضها كباباً وبعضها شواءً، فامتنعتُ من الأكل، فقالوا: كل، فقلت: إنّي غلام دَيراني، وإن الديرانيين لا يأكلون اللحم. فضربوني وكادوا يقتلونني، فقال بعضهم: امسكوا عنه حتّى يأتيكم شرابُكم فإنّه لا شرب! فلمّا أتوا بالشراب قالوا: اشرب، فقلت: إنّي غلام ديراني، وإنّ الديرانيين لا يشربون الخمر. فشدّوا علَيّ وأرادوا قتلي، فقلت لهم: يا قوم لا تضربوني ولا تقتلوني، فإنّي أُقرّ لكم بالعبودية ( أي بالرقّ ). فأقررتُ لواحدٍ منهم، فأخرجني وباعني بثلاثمائة درهم من رجل يهودي.
قال: فسألني عن قصّتي فأخبرته وقلت له: ليس لي ذنب إلاّ أنا أحببتُ محمّداً ووصيَّه، فقال اليهودي: وإنّي لأُبغِضُك وأُبغِض محمّداً! ثمّ أخرجني إلى داره، وإذا رملٌ كثير على بابه، فقال: واللهِ ـ يا روزبه ـ لئن أصبحتُ ولم تنقل هذا الرمل كلّه من هذا الموضع لأقتلنّك! فجعلتُ أحمل طول هذا الليل، فلمّا أجهدَني التعب رفعتُ يدي إلى السماء وقلت: يا ربّ، إنّك حبّبتَ محمّداً ووصيَّه إليّ، فبحقّ وسيلته عجِّلْ فَرَجي وأرِحْني ممّا أنا فيه. فبعث اللهُ عزّوجلّ ريحاً فنقلت ذلك الرمل من مكانه إلى المكان الذي قال اليهودي، فلمّا أصبح نظر إلى الرمل وقد نُقل كلّه قال: يا روزبه، أنت ساحر، وأنا لا أعلم ساحراً أسحر منك، فلأُخرجنّك من هذه القرية لئلا تهلكها.
قال: فأخرجني وباعني من امرأة سُلَيميّة فأحبّتني حبّاً شديداً، وكان لها حائط ( أي بستان ) فقالت: هذا الحائطز لك، كُلْ منه ما شئت وهَبْ وتصدّق. فبقيتُ في ذلك الحائط ما شاء الله.. فبينما أنا ذات يوم في ذلك الحائط وإذا أنا بسبعة رهطٍ قد أقبلوا تُظِلُّهم غَمامة ( أي سحابة )، فقلت في نفسي: واللهِ ما هؤلاء كلّهم أنبياء، ولكنّ فيهم نبيّاً. فأقبلوا حتّى دخلوا الحائط والغمامةُ تسير معهم، فلمّا دخلوا إذا فيهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السّلام، وأبو ذرّ والمقداد وعقيل بن أبي طالب وحمزة بن عبدالمطّلب وزيد بن حارثة، فدخلوا الحائط فجعلوا يتناولون من حَشَف النخل ورسولُ الله صلّى الله عليه وآله يقول لهم: كلوا الحشف ولا تُفسِدوا على القوم شيئاً.
فدخلتُ على مولاتي فقلت لها: يا مولاتي، هَبي لي طبقاً من رُطَب، فقالت: لك ستّة أطباق. فجئتُ وحملتُ طبقاً مِن رطبٍ فقلت في نفسي: إن كان فيهم نبيّ فإنّه لا يأكل الصدقة ويأكل الهدية. فوضعتُه بين يديه وقلت: هذه صدقة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: كلُوا. وأمسك رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السّلام وعقيل بن أبي طالب وحمزة بن عبدالمطلب، وقال لزيد: مُدَّ يدَك وكُلْ. فقلت في نفسي: هذه علامة! فدخلتُ على مولاتي وقلت لها: هبي لي طبقاً آخر، فقالت: لك ستّة أطباق. فجئتُ فحملتُ طبقاً آخر من رطبٍ فوضعته بين يديه وقلت: هذه هديّة. فمدّ يده وقال: بسم الله كُلُوا. فمدّ القوم جميعاً أيديَهم فأكلوا، فقلت في نفسي: هذه أيضاً علامة!
قال: فبينما أنا أدور خلفه، إذ قد حانت من النبيّ صلّى الله عليه وآله التفاتة، فقال: يا روزبه، تطلب خاتم النبوّة ؟! فقلت: نعمز فكشف عن كتفَيه، فإذا أنا بخاتم النبوّة معجون بين كتفيه عليه شعرات، فسقطتُ على قدم رسول الله صلّى الله عليه وآله أقبّلها، فقال لي: يا روزبه، أُدخُلْ على هذه المرأة وقلْ لها: يقول لكِ محمّد بن عبدالله: تبيعينا هذا الغلام ؟ فدخلتُ عليها وقلت لها: يا مولاتي، إنّ محمّد بن عبدالله يقول لك: تبيعينا هذا الغلام ؟ فقالت: قلْ له لا أبيعكَه إلاّ بأربعمائة نخلة، مائتَي نخلة منها صفراء ومائتي نخلة منها حمراء. قال: فجئتُ إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله فأخبرتُه، فقال: وما أهونَ ما سألَتْ! ثمّ قال: قمْ يا عليُّ واجمعْ هذا النوى كلَّه. فجَمَعه فأخذه فغرسه، ثمّ قال: إسقِهْ. فسقاه أمير المؤمنين، فما بلغ آخِرَه حتّى خرج النخل ولَحِق بعضه بعضاً، فقال لي: أُدخُلْ إليها وقُلْ لها: يقول لكِ محمّدُ بن عبدالله: خُذي شيئَكِ وادفعي إلينا شيئَنا.
قال: فدخلتُ عليها وقلت ذلك لها، فخرجَتْ ونظرت إلى النخل فقالت: واللهِ لا أبيعكه إلاّ بأربعمائة نخلة كلّها صفراء. فهبط جبرئيل عليه السّلام ومسح جناحه على النخل فصار كلّه أصفر، ثم قال صلّى الله عليه وآله لي: قلْ لها: إنْ محمّداً يقول لكِ: خُذي شيئك وادفعي إلينا شيئنا. قال: فقلت لها ذلك، فقالت: واللهِ لَنخلةٌ مِن هذه أحبُّ إليّ مِن محمّدٍ ومنك! فقلتُ لها: واللهِ لَيومٌ واحدٌ مع محمّدٍ أحبُّ إليّ منكِ ومِن كلِّ شيءٍ أنتِ فيه.
فأعتقني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسمّاني « سلمان » .
الانتساب إلى الشرف الأسمى
• عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: لا تقولوا سلمان الفارسي، ولكنْ قولوا سلمان المحمّدي، ذلك رجلٌ منّا أهل البيت .
والحديث الشريف هذا مستوحىً من كلام رسول الله صلّى الله عليه وآله: سلمانُ منّا أهلَ البيت .
وكان بعض الصحابة يأخذه الحسد من المقام الذي بلغه سلمان، فقد دخل رضوان الله عليه يوماً إلى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله، فعظّموه وقدّموه وصدّروه؛ إجلالاً لحقّه وإعظاماً لشيبته واختصاصه بالمصطفى وآله صلوات الله عليه وعليهم، فدخل ( أحدهم ) فنظر إلى سلمان فقال: مَن هذا العجميّ المتصدّر فيما بين العرب ؟! فصعد رسول الله صلّى الله عليه وآله المنبر فخطب فقال: إنّ الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا مثل أسنان المشط، لا فضلَ للعربي على الأعجمي ولا للأحمر على الأسود إلاّ بالتقوى، سلمانُ بحرٌ لا يَنزِف، وكنزٌ لا يَنفَد، سلمانُ منّا أهلَ البيت، سَلسَلٌ يَمنح الحكمةَ ويُوتي البرهان .
• وعن أبي هريرة قال: كنّا جلوساً عند النبيّ صلّى الله عليه وآله إذ نزلت سورة الجمعة، فلمّا نزلت: وآخَرِينِ مِنْهُم لَمّا يَلْحَقوا بِهِم قالوا: مَن هؤلاء يا رسول الله ؟ قال أبو هريرة: وفينا سلمان الفارسي، قال: فوضع النبيّ يدَه على كَتِف سلمان ثمّ قال: لو كان الإيمانُ عند الثريّا لَنالَه رجال من هؤلاء. الحديث متَّفَق عليه .
• وعن أبي هريرة أيضاً: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله تلا هذه الآية: وإنْ تَتَوَلَّوا يَستَبدِلْ قَوماً غَيرَكُم ثُمّ لا يكونوا أمثالَكُم ، قالوا: يا رسول الله، مَن هؤلاء الذين ذكر اللهُ إن تولَّينا استُبدِلوا بنا ثمّ لا يكونوا أمثالَنا ؟! فضرب رسول الله على فَخِذ سلمان ثمّ قال: هذا وقومه، ولو كان الدِّين عند الثريّا لَتناولَه رجال من الفُرس. رواه الترمذي.
• وسُئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن سلمان فقال: إنّه عُلِّم العلم الأوّل والعلمَ الآخِر، ذلك بحر لا يَنزِف، وهو منّا أهل البيت . ورُوي عنه سلام الله عليه أنّه قال لأبي ذرّ: سلمانُ منّا أهلَ البيت . وقال عليه السّلام وقد سُئل يوماً عنه: ما أقول في رجلٍ خُلِق من طينتنا، وروحُه مقرونةٌ بروحنا!
وفي غزوة الخندق.. لمّا سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله بما أجمعوا عليه، ندَبَ الناسَ ( أي دعاهم ) وأخبرهم خبر عدوّهم وشاورهم في أمرهم، فأشار إليه سلمان رضي الله عنه قائلاً: يا رسول الله، إنّا كنّا بأرض فارس إذا تَخَوَّفنا الخيل خَنْدَقْنا علينا..
إلى قال الراوي: وقد ذُكر أنّ سلمان تنافس فيه المهاجرون والأنصار، فقال المهاجرون: سلمانُ منّا، وقال الأنصار: سلمان منّا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: سلمانُ منّا أهلَ البيت.
وإلى ذلك يشير بعضهم بقوله:
لقـد رقـى سلمانُ بَعـدَ رِقِّـهِ مـنـزلـةً شـامخـةَ البُنيـانِ
وكيف لا.. والمصطفى قد عَدّهُ من أهلِ بيتهِ العظيم الشانِ
وما أجمل ما قال الشاعر في ذلك:
أيا سلمانُ يا مَن حـازَ فضلاً وعمـرُ النـاس إحساناً ومَنّا
ونـال بخدمة المختـار طـه وعِتـرتـهِ الأكـارمِ ما تمنّى
لقد فُقتَ الورى شَرَفاً وفخراً لقـولِ المصطفى: سلمانُ مِنّا
• وفي تفسير الإمام الإمام العسكريّ عليه السّلام لقوله تعالى: الذينَ يُؤمنونَ بالغَيب .. ذكر حديثاً طويلاً في آخره: ثمّ أقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله على سلمان فقال: يا أبا عبدالله، أنت مِن خواصّ إخواننا المؤمنين، ومِن أحباب قلوب ملائكة الله المقرَّبين، إنّك في ملكوت السماوات والحجُب والكرسيّ والعرش وما دون ذلك إلى الثرى أشهرُ في فضلك عندهم من الشمس الطالعة في يوم لا غيمَ فيه ولا قَتَرٌ ولا غُبار في الجوانب، مِن أفاضل الممدوحين بقوله تعالى: الذينَ يُؤمنون بالغَيب .
• وعن منصور بن زِبرِج: قلت لأبي عبدالله الصادق عليه السّلام: ما أكثرَ ما أسمعُ منك يا سيّدي ذِكرَ سلمان الفارسي! فقال: لا تَقُلْ سلمان الفارسي ولكن قل سلمان المحمّدي، أتدري ما كثرةُ ذكري له ؟ قلت: لا، قال: لثلاث خصال، إحداها: إيثاره هوى أمير المؤمنين عليه السّلام على هوى نفسه، والثانية: حبُّه للفقراء واختياره إيّاهم على أهل الثروة والعدد، والثالثة: حبُّه للعلم والعلماء. إنّ سلمان كان عبداً صالحاً حنيفاً مسلماً، وما كان من المشركين.
• وعن الإمام محمّد الباقر عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إنّ الله أوحى إليّ أن أُحبَّ أربعة: عليّاً وأبا ذرّ وسلمانَ والمِقداد
في بعض الروايات الشريفة: إنّ الله عزّوجلّ أمرني بحبِّ أربعةٍ من أصحابي، وأخبرني أنّ يُحبّهم..
من الرواشح السماويّة
• في تفسير الشيخ عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّي، في ظلّ قوله تعالى: والسابقونَ الأوّلونَ مِن المهاجرين والأنصار ، قال: وهم النقباء: أبو ذرّ والمِقداد وسلمان وعمّار، ومَن آمن وصدّق وثبت على ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام .
• وفيه.. في ظلّ قوله تعالى: إنّما المؤمنون الذين إذا ذُكر اللهُ وَجِلتْ قلوبُهم... لهم دَرَجاتٌ عندَ ربِّهم ومَغفِرةٌ ورِزقٌ كريم ، أنّها نزلت في أمير المؤمنين عليه السّلام، وأبي ذرّ وسلمان والمقداد رحمة الله عليهم
وفي ظلّ قول الله جلّ وعلا: إنّ الذينَ آمنوا وعَمِلوا الصالحاتِ كانت لَهُم جَنّاتُ الفِرْدَوسِ نُزُلاً ، قال الإمام الصادق عليه السّلام: هذه نزلت في أبي ذرّ والمقداد وسلمان وعمّار بن ياسر، جعَلَ اللهُ لهم جنّاتِ الفِردَوس نُزُلاً، أي مأوىً ومنزلاً • وفي قوله عزّ من قائل: واصبِرْ نفسَكَ مع الذينَ يَدْعُون ربَّهم بالغَداةِ والعَشيِّ يُريدونَ وَجهَهُ ولا تَعْدُ عَيناكَ عَنهُم تُريدُ زِينَةَ الحياةِ الدنيا .. قال المفسّر القمّيّ: فهذه نزلت في سلمان الفارسي، كان عليه كساء فيه يكون طعامه وهو دِثاره ورداؤه، وكان كساءً من صوف، فدخل عُيَينةُ بن حُصَين على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلمانُ عنده، فتأذى عيينة بريح كساء سلمان، وقد كان عَرَق فيه، وكان يوماً شديدَ الحرّ، فعرق في الكساء، فقال عيينة: يا رسول الله، إذا نحن دَخَلنا عليك فأخرِجْ هذا واصرِفْه مِن عندك، فإذا نحن خرَجْنا فأدخِلْ مَن شئت! فأنزل اللهُ: ولا تُطِعْ مَن أغفَلْنا قَلبَهُ عن ذِكْرِنا وهو عُيينة بن حُصين بن حُذيفة بن بدر الفَزاري .
• وروى الشيخ الكليني بسندٍ إلى الإمام الصادق عليه السّلام أنّه قال في قوله تعالى: وهُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِن القَولِ وهُدوا إلى صِراطِ الحميد : ذاك حمزة وجعفر وعبيدة وسلمان وأبو ذرّ والمقداد بن الأسود وعمّار، هُدُوا إلى أمير المؤمنين عليه السّلام..
وقال العلاّمة الحلّي في قوله تعالى: والسابقونَ الأوّلون : عليّ وسلمان.. ، ورواه الشيخ المجلسي في ( بحار الأنوار 334:35 ) ـ عن المناقب لابن مَردَوَيه، والحاكم الحسكاني في ( شواهد التنزيل 254:1 ) بطُرقٍ وأسانيد، وابن حجر في ( الصواعق المحرقة 74 )، والمحبّ الطبري في ( ذخائر العقبى 58 )، والهيثمي في ( مجمع الزوائد 220:9 )، والشيخ سليمان القندوزي في ( ينابيع المودّة 60 ـ 61 الطبعة القديمة )، والمتّقي الهندي في ( كنز العمّال 152:6 )، وأبو نُعَيم الأصفهاني في ( حلية الأولياء ).. وغيرهم.
قال الميرزا النوري: الأَولى أن يُقال: إنّ سلمان سابقُ مَن أسلم بالمدينة من الأنصار، وعليّ عليه السّلام سابقُ مَن أسلم بمكّة من المهاجرين، فالسابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار أمير المؤمنين عليه السّلام، والسابقون الأوّلون من الأنصار سلمان. أو يُقال: إنّ سلمان ـ وإنْ لَقِيَ النبيَّ صلّى الله عليه وآله بالمدينة وأسلم على يديه ظاهراً ـ إلاّ أنّه آمنَ به قبلَ مبعثه في الباطن، فإنّه عرفه بالصفة والنعت وآمن به قبل أن يظهر صلّى الله عليه وآله أو يُولَد... أو يُقال: إن المراد « السابق » مِن بلدٍ أو قبيلةٍ مخصوصة، كما يُومئ إليه ما رُوي عن أمير المؤمنين عليه السّلام: أنا سابق العرب، وسلمان سابق فارس .
كلمات حكيمة رائقة
• عن أبي عبدالله الصادق عليه السّلام قال: قال سلمان رحمة الله عليه: عَجِبتُ لستّة، ثلاثة أضحكَتْني وثلاثة أبكَتْني؛ فأمّا التي أبكتني: ففراق الأحبّة محمّدٍ وحِزبه، وهَول المُطَّلَع، والوقوف بين يدَي الله عزّوجلّ. وأمّا التي أضحكتني: فطالبُ الدنيا والموتُ يطلبه، وغافلٌ وليس بمغفولٍ عنه، وضاحكٌ مِلْءَ فيه لا يدري أرضيَ اللهُ أم سَخِط! (
• وفي كتاب القرائن من ( المحاسن ) للبرقي مرفوعاً عن سلمان، قال: أضحكَتْني ثلاث، وأبكَتْني ثلاث، فأمّا الثلاث التي أبكتني: ففراق الأحبّة رسول الله صلّى الله عليه وآله وحزبه، والهول عند غمرات الموت، والوقوف بين يدي ربِّ العالمين.. يوم تكون السريرة علانية، لا أدري إلى الجنّة أصير أم إلى النار!..
• عن الحسين بن سعيد الأهوازي في كتابه ( الزهد ) عن حمّاد بن عيسى، عن حسين ابن المختار، رفعه إلى سلمان رضي الله عنه أنّه قال: لولا السجودُ لله، ومجالسةُ قوم يتلفّظون طِيبَ الكلام كما يُتلَفَّظ طِيب التمر.. لَتَمنيتُ الموت .
• وعن أبي عبدالله جعفر الصادق عليه السّلام قال: وقع بين سلمان وبين رجلٍ كلام، فقال له ( أي الرجل ): مَن أنت، وما أنت ؟! فقال سلمان: أمّا أُولايَ وأُولاك فنُطفةٌ قَذِرة، وأمّا أُخرايَ وأُخراك فجِيفةٌ مُنتِنة، فإذا كان يومُ القيامة ونُصِبَت المَوازين، فمَن خَفَّت موازينُه فهو اللئيم، ومَن ثَقُلت موازينُه فهو الكريم .
• ورُوي أنّ عِدّةً من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله جلسوا ينتسبون، وفيهم سلمان، فسأله عمر عن نسبه وأصله، فقال: أنا سلمان بن عبدالله، كنتُ ضالاًّ فهداني اللهُ بمحمّد صلّى الله عليه وآله، وكنتُ عائلاً فأغناني الله بمحمّد صلّى الله عليه وآله، وكنتُ مملوكاً فأعتقني الله بمحمّد صلّى الله عليه وآله.. فهذا حَسَبي ونَسَبي.
ثمّ خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله، فحدّثه سلمان وشكا إليه ما لقيَ من القوم وما قال لهم، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: يا معشرَ قريش! إنّ حَسَبَ الرجل دِينُه، ومُروءتُه خلُقُه، وأصله عقله، قال الله تعالى: إنّا خَلَقْناكُم مِن ذَكَرٍ وأُنثى، وجعَلْناكُم شعوباً وقَبائلَ لِتَعارَفوا، إنّ أكرمَكُم عندَ اللهِ أتْقاكُم . يا سلمان، ليس لأحدٍ مِن هؤلاءِ عليك فضلٌ إلاّ بتقوى الله، وإن كانت التقوى لك عليهم فأنت أفضل .
ولَنِعم ما قال الشاعر:
لَـعَـمْـرُكَ مـا الإنسـانُ إلاّ بدِينِهِ فلا تَترُكِ التقوى اتّكالاً علـى النَسَبْ
لقد رفَعَ الإسـلامُ سلـمـانَ فـارسٍ وقد وضَعَ الشِّـركُ الشريفَ أبا لَهَبْ
• ودعا سلمانُ يوماً أبا ذرّ إلى منزله، فقدّم إليه رغيفَين، فأخذ أبو ذرّ يقلّبهما، فقال له سلمان: يا أبا ذر، لأيّ شيء تقلّب هذين الرغيفين ؟ قال: خفتُ أن لا يكونا نَضيجَين. فغضب سلمان غضباً شديداً من ذلك ثمّ قال له:
ما أجرأَك حيث تقلّب هذينِ الرغيفين! فواللهِ لقد عَمِل في هذا الخبز الماءُ الذي تحت العرش، وعَمِلَت فيه الملائكةُ حتّى ألقَوه إلى الريح، وعملت فيه الريح حتّى ألقَتْه إلى السحاب، وعمل فيه السحاب حتّى أمطره إلى الأرض، وعمل فيه الرعد والبرق والملائكة حتّى وضعوه في مواضعه، وعملت فيه الأرض والخشب والحديد والبهائم والنار والحطب والملح، وما لا أُحصيه أكثر، فكيف لك أن تقوم بهذا الشكر ؟!
فقال أبو ذرّ: إلى الله أتوب، وأستغفر اللهَ ممّا أحدثت، وإليك أعتذر ممّا كَرِهْت
• وسأل رجلٌ سلمانَ قائلاً له: يا أبا عبدالله، إنّي لا أقوى على الصلاة بالليل، فقال له: لا تَعصِ اللهَ في النهار .
• وروى سُلَيم بن قيس قال: سمعتُ سلمانَ يقول: إنّ عليّاً عليه السّلام بابٌ فتَحَه الله، مَن دخَلَه كان مؤمناً، ومَن خرج منه كان كافراً .
• وسأل جابرُ عبدالله الأنصاري سلمان قائلاً: كيف أصبحت ؟
فأجابه: كيف يُصبح مَن كان الموتُ غايتَه، والقبرُ منزلَه، والدِّيدان جواره، وإنْ لم يُغفَرْ له فالنار مسكنه!
• وكتب سلمان يوماً إلى أبي الدرداء: يا أخي، إيّاك أن تجمع من الدنيا ما لا تؤدّي شكره، فإنّي سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: يُجاء بصاحب الدنيا الذي أطاع اللهَ فيها ومالُه بين يديه، كلّما تكفأ به الصراط قال له مالُه: إمضِ فقد أدّيتَ حقَّ الله فيّ. ثمّ يُجاء بصاحب الدنيا الذي لم يُطع اللهَ فيها ومالُه بين كتفَيه، كلّما تكفأ به الصراط قال له مالُه: وَيْلَك! ألا أدّيتَ حقَّ الله فيّ! فما يزال كذلك حتّى يدعوَ بالثبور والويل .
• وكان سلمان إذا رفع يدَه من الطعام قال: اللّهمّ أكثرتَ وأطيبتَ فَزِدْ، وأشبَعتَ وأروَيتَ فهنِّئْه
الرحيل.. وما بعد الرحيل
• رُوي عن جابر الأنصاريّ قال: صلّى بنا أمير المؤمنين عليه السّلام صلاة الصبح ثمّ أقبل علينا فقال: معاشرَ الناس، أعظَمَ اللهُ أجرَكُم في أخيكم سلمان. فقالوا في ذلك، فلبس عمامةَ رسول الله صلّى الله عليه وآله ودُرّاعته، وأخذ قضيبه وسيفه وركب على العَضباء وقال لقنبر: عدَّ عشراً، قال: ففعلت، فإذا نحن على باب سلمان.
قال زاذان: فلمّا أدركَتْ سلمانَ الوفاةُ قلت له: مَن المغسِّل لك ؟ قال: مَن غسّل رسولَ الله صلّى الله عليه وآله، فقلت: إنّك بالمدائن وهو بالمدينة! فقال: يا زاذان، إذا شَدَدتَ لِحْيَيّ تسمع الوَجبة. فلمّا شَدَدتُ لِحْيَيه سمعتُ الوَجبة وأدركتُ الباب فإذا أنا بأمير المؤمنين عليه السّلام، فقال: يا زاذان، قضى أبو عبدالله سلمان ؟ قلت: نعم يا سيّدي. فدخل وكشف الرداء عن وجهه، فتبسّم سلمانُ إلى أمير المؤمنين عليه السّلام، فقال له: مرحباً يا أبا عبدالله، إذا لَقِيتَ رسول الله صلّى الله عليه وآله فقُلْ له ما مرّ على أخيك من قومك. ( ويستمر جابر الأنصاريّ قائلاً: )
ثمّ أخذ في تجهيزه، فلمّا صلّى عليه كنّا نسمع من أمير المؤمنين عليه السّلام تكبيراً شديداً، وكنتُ رأيتُ معه رجلين.. ويُستفاد من بعض الأخبار أنّ وفاة سلمان رضوان الله عليه كانت في عهد خلافة أمير المؤمنين عليٍّ عليه السّلام، فذُكر أنّه تُوفّي سنة 36 هجرية، ودُفن بالمدائن ، وإلى ذلك ذهب ابن حجر ، ومثله ما نقله الشريف المرتضى في ( الشافي ) والسيّد علي خان في ( رياض السالكين 277 ) لدى شرحه لدعاء الرزق من الصحيفة السجّاديّة المباركة، والسيّد نور الله القاضي الشهيد التستري في ( مجالس المؤمنين 208:1 ).
وكان السيّد الشريف الكاظميّ قد نظم قصّة وفاة سلمان ودفنه قائلاً:
وإلى المدائن مَن سرى مِن طِيبةٍ لـيـلاً.. وعاد وصُبحُه لم يُسْفِرِ
طلـباً لـتغسيل الطُّهْرِ سلـمـا نَ التقـيِّ الـطـاهـرِ المتطهّرِ
• قال ابن عبّاس: رأيت سلمان الفارسي في منامي فقلت له: أنت سلمان ؟ قال: نعم، فقلت له: يا سلمان، ألستَ مولى النبي صلّى الله عليه وآله ؟ قال: بلى. فإذا عليه تاجٌ من ياقوت، وعليه حُليّ وحُلَل، فقلت: يا سلمان، هذه منزلةٌ حَسَنة أعطاكها الله تعالى! فقال: نعم، فقلت: فماذا رأيتَ في الجنّة أفضلَ بعد الإيمان بالله ورسوله ؟ فقال: ليس في الجنّة بعد الإيمان بالله ورسوله شيء هو أفضل من حبّ عليّ بن أبي طالب والاقتداء به .
رحم اللهُ تعالى سلمانَ المحمّدي ورضيَ عنه، وجمع اللهُ بيننا وبينَه في مستقَرّ رحمته، إنّه وليٌّ قدير مجيب، وصلّى الله على خيرته من خَلْقه محمّدٍ وآله الطاهرين، وسَلّم تسليماً كثيراً.
تعليق