الحقيقة التي أبحث عنها و أسباب بحثي عنها:
مسلم شيعي أنا حتى النخاع و أعتز بذلك. و كما ذكرت سابقا فإني مارست جميع طقوس الشيعة من حضور (القرايات) المحاضرات الدينية و اللطم على الصدور و ربما شاركت و أنا صغير مرة أو مرتين في ضرب (الزناجير) أي السلاسل على الظهر و كانت والدتي رحمها الله تخيط لي كل عام ثوبا أبيض لصباح اليوم الحادي عشر أو الثالث عشر من محرم (لم أعد أذكر) أي يوم الطبر و كنت آخذ في يدي علبة من (الحلقوم) و هو نوع من أنواع الحلويات المسكرة أي كثيرة السكر و كنت اتخلل بين المطبرين في الصحن الحسيني و خصوصا من بداية دخولهم من باب القبلة و حتى وصولهم إلى بوابة الحرم بجوار (المقتل) أي المكان الذي قتل فيه الحسين عليه السلام حيث يزداد الهياج و القمهم الحلقوم في أفواههم و أحاول جاهدا أن لا أعود إلى والدتي إلا و تسربل ثوبي الناصع البياض بالدماء النازفة من رؤوس المطبرين.
حفظت الكثير من القصائد و اللطميات و شاركت في جميع النشاطات الشيعية و حفظت مقتل أبي مخنف و الزيارات و الأدعية و قرأت الكثير من أحكام الشيعة في ما يخص العبادات و التشريعات و كل ذلك و أنا بعد لم أخرج من عالمي الصغير ، عالم الشيعة في كربلاء. و عندما كبرت و خرجت إلى العالم الواسع و رأيت ما رأيت و سمعت ما سمعت و قرأت ما قرأت لم أجد في نفسي إلا إصرار بالتمسك بمذهبي الذي هو مذهب أهل البيت عليهم السلام و لكني بدأت أفرق بين العبادات و التشريعات من جهة و بين المعتقدات من جهة أخرى.
كثير من هذه المعتقدات و الممارسات شاركت فيها و مارستها و ذلك تقليدا لمن هم أكبر مني و تنفيذا لتعليمهم لي من المهد على أنها من الدين و من الشريعة و من الإسلام و لكني و بعد كل هذا الترحال و التجوال في بلاد الله الواسعة و الإختلاط بالبشر من كل الألوان و الأجناس و المذاهب و النحل و كل هذه القراءات و الدراسة في علوم شتى ، وجدت أن الكثير من هذه المعتقدات و الممارسات لم يعد عقلي يتقبلها رغم الكم الهائل من الضغط الذي مارسته على نفسي لأضل على ما كنت عليه.
و مما زاد الطين بلّة أني و في حكم عملي كنت أصطدم بالكثير من الأخوة المسلمين الذين هم على خلاف مذهبي كنت أجاهد في حواراتنا على شرح المذهب الجعفري كما تعلمته من صغري و كيف أنه المذهب الوحيد الذي لو تتبعنا تسلسل قياداته و علمائه و أئمته لوصلنا إلى الرسول الكريم (ص). و لكني كنت أفاجأ بالكم الهائل من المرويات التي يواجهوني بها و فيها الكثير مما لا يقبله العقل ولا المنطق فكان ردي دائما على أن كل ذلك ليس من مذهبي و لكنه مفترى عليه. و لما كانت مناقشاتنا و تحاججنا بين أصدقاء فلم نكن نلجأ مثلا للبحث في الكتب المشار إليها للبحث في أصول تلك المرويات حتى جاء عصر الأنترنت و أصبحت الكثير من الكتب و المراجع متاحة للقراءة و الدراسة و البحث بدون عناء و لا نصب بل بطريقة مبوبة عصرية. و كذلك كثرت المواقع الدينية لجميع المذاهب كل يحاول خدمة مذهبه و إعلاء شأنه و في نفس الوقت النيل من المذاهب الأخرى و بيان بطلانها.
عندما كنت أعيش في مجتمعي الصغير هناك في كربلاء كانت الأمور تسير على ما يرام و اعتقد بأن جميع المجتمعات الصغيرة المنغلقة يستطيع أفرادها التعايش بمفهوم و فكر واحد ، و لكن متى ما خرجنا من مجتمعنا الصغير إلى المجتمع العالمي الكبير و اضطررنا للعيش فيه بصورة دائمة أصبح من البديهيات أن تتواجه أفكارنا و أفكار الآخرين فإما أن نتوافق أو أن نختلف. فالتوافق بطبيعة الحال يتيح لنا عيشا مشتركا مسالما و لكن الإختلاف حتما سيؤدي بنا إلى الصدام و الصراع.
كان موضوع الولاية و ما يتفرع عنه من فكرة إغتصاب الخلافة من الإمام علي و الإعتداء على زوجته فاطمة الزهراء و ربما تكفير الكثير من الصحابة هي المواد الأولى و الهامة في الصدام و الصراع الحاصل اليوم بين الشيعة و غيرهم من المسلمين. فالمسلمون لا يكفرون من نؤمن بهم و لكننا نكفر من يؤمنون بهم. المسلمون لا يلعنون من نؤمن بهم و لكننا نلعن من يؤمنون بهم. فكيف بالله نستطيع أن نتعايش معا في هذا المجتمع الكبير و الذي نحن محكومون بحكم التطور و بحكم كون العالم اليوم أصبح قرية واحدة؟
يمكن لأهل قم مثلا أو أهل النجف أن يعيشوا بسلام و أمان و بمعتقد واحد، فهم جميعا من الشيعة و لكن كيف لأهل بغداد أو الكويت أو البحرين أو عُمان أو كراتشي أن يعيشوا معا و بينهم كل هذه الإختلافات؟ و لو قرأنا التاريخ الإسلامي منذ قرون و حتى يومنا هذا لوجدنا حروبا طاحنة و ملايين القتلى و أنهارا من الدماء و ركاما من المدن المدمرة بسبب هذه الخلافات الطائفية.
لم تكن هذه الخلافات و الحروب قصرا على معتنقي المذاهب الإسلامية و لكنها كانت أيضا شائعة بين معتنقي الطوائف المسيحية وغيرها من الديانات السماوية و غير السماوية و التي فيما بعد تحولت من صراعات أثنية إلى صراعات عرقية و عقائدية اجتاحت العالم كله. و لكن و بعد أن أصبح العالم قرية و احدة و تلاحمت المصالح و أصبح العيش مشتركا بين الجميع ظهر من ينادي بالتوحد و نبذ الخلافات الأثنية و المذهبية و الطائفية و العرقية و القبلية كي تزول بالتالي الصراعات و الحروب و يستطيع هذا العالم أن يعيش بهدوء و سلام. و كلما استطاعت الشعوب تحقيق شيء من هذه المعادلة كلما زادت فرصها في النجاح و التقدم و الرقي.
فأين نحن المسلمون من هذا كله و نحن لا زلنا و بعد 14 عشر قرنا لا زلنا نتناحر فيما بيننا من كان الأحق بالخلافة : الإمام علي أم من يسمون بمناوئيه؟ و الغريب أنه لا علي و لا مناوئوه تحاربوا و تقاتلوا كما تقاتلنا نحن و آباءنا و أجدادنا على هذه المسألة.
لا أريد أن أطيل عليكم و لكن أليس من واجب هذه الطليعة الخيرة من شباب الشيعة الكرام و(غيرهم من المذاهب الأخرى) والذين و بفضل الله و حمده ملكوا القدرة على إنشاء هذه المنتديات الحوارية الدعوة الجادة إلى تلاحم المذاهب بطريقة عصرية بدل الدخول في نفس الدوامة التي دار فيها أبائنا و أجدادنا منذ قرون دون أن يصلوا إلى نتيجة تذكر؟
إن الأوضاع التي يعيشها الشيعة خارج قم و خارج النجف تختلف كثيرا عن الاوضاع التي يعيشها من في داخل هذه الحوزات و المدن الشيعية الصرفة. أن هؤلاء القوم يعيشون في جزر منعزلة تحكمهم دساتير من وضع البشر يمكن تنفيذها و التقيد بها في جزرهم أما نحن فلا نستطيع العيش تحت مظلة هذه الدساتير بحرفيتها فلنأخذ منها ما ينفعنا في ديننا و دنيانا و ما هو متفق بيننا و بين إخواننا المسلمين و ندع المواضيع الخلافية التاريخية لله يحكم بها رب العزة كيف يشاء و متى يشاء و خصوصا فيمن اغتصب الخلافة و ظلم أهل البيت.
و ربما للحديث بقية
مسلم شيعي أنا حتى النخاع و أعتز بذلك. و كما ذكرت سابقا فإني مارست جميع طقوس الشيعة من حضور (القرايات) المحاضرات الدينية و اللطم على الصدور و ربما شاركت و أنا صغير مرة أو مرتين في ضرب (الزناجير) أي السلاسل على الظهر و كانت والدتي رحمها الله تخيط لي كل عام ثوبا أبيض لصباح اليوم الحادي عشر أو الثالث عشر من محرم (لم أعد أذكر) أي يوم الطبر و كنت آخذ في يدي علبة من (الحلقوم) و هو نوع من أنواع الحلويات المسكرة أي كثيرة السكر و كنت اتخلل بين المطبرين في الصحن الحسيني و خصوصا من بداية دخولهم من باب القبلة و حتى وصولهم إلى بوابة الحرم بجوار (المقتل) أي المكان الذي قتل فيه الحسين عليه السلام حيث يزداد الهياج و القمهم الحلقوم في أفواههم و أحاول جاهدا أن لا أعود إلى والدتي إلا و تسربل ثوبي الناصع البياض بالدماء النازفة من رؤوس المطبرين.
حفظت الكثير من القصائد و اللطميات و شاركت في جميع النشاطات الشيعية و حفظت مقتل أبي مخنف و الزيارات و الأدعية و قرأت الكثير من أحكام الشيعة في ما يخص العبادات و التشريعات و كل ذلك و أنا بعد لم أخرج من عالمي الصغير ، عالم الشيعة في كربلاء. و عندما كبرت و خرجت إلى العالم الواسع و رأيت ما رأيت و سمعت ما سمعت و قرأت ما قرأت لم أجد في نفسي إلا إصرار بالتمسك بمذهبي الذي هو مذهب أهل البيت عليهم السلام و لكني بدأت أفرق بين العبادات و التشريعات من جهة و بين المعتقدات من جهة أخرى.
كثير من هذه المعتقدات و الممارسات شاركت فيها و مارستها و ذلك تقليدا لمن هم أكبر مني و تنفيذا لتعليمهم لي من المهد على أنها من الدين و من الشريعة و من الإسلام و لكني و بعد كل هذا الترحال و التجوال في بلاد الله الواسعة و الإختلاط بالبشر من كل الألوان و الأجناس و المذاهب و النحل و كل هذه القراءات و الدراسة في علوم شتى ، وجدت أن الكثير من هذه المعتقدات و الممارسات لم يعد عقلي يتقبلها رغم الكم الهائل من الضغط الذي مارسته على نفسي لأضل على ما كنت عليه.
و مما زاد الطين بلّة أني و في حكم عملي كنت أصطدم بالكثير من الأخوة المسلمين الذين هم على خلاف مذهبي كنت أجاهد في حواراتنا على شرح المذهب الجعفري كما تعلمته من صغري و كيف أنه المذهب الوحيد الذي لو تتبعنا تسلسل قياداته و علمائه و أئمته لوصلنا إلى الرسول الكريم (ص). و لكني كنت أفاجأ بالكم الهائل من المرويات التي يواجهوني بها و فيها الكثير مما لا يقبله العقل ولا المنطق فكان ردي دائما على أن كل ذلك ليس من مذهبي و لكنه مفترى عليه. و لما كانت مناقشاتنا و تحاججنا بين أصدقاء فلم نكن نلجأ مثلا للبحث في الكتب المشار إليها للبحث في أصول تلك المرويات حتى جاء عصر الأنترنت و أصبحت الكثير من الكتب و المراجع متاحة للقراءة و الدراسة و البحث بدون عناء و لا نصب بل بطريقة مبوبة عصرية. و كذلك كثرت المواقع الدينية لجميع المذاهب كل يحاول خدمة مذهبه و إعلاء شأنه و في نفس الوقت النيل من المذاهب الأخرى و بيان بطلانها.
عندما كنت أعيش في مجتمعي الصغير هناك في كربلاء كانت الأمور تسير على ما يرام و اعتقد بأن جميع المجتمعات الصغيرة المنغلقة يستطيع أفرادها التعايش بمفهوم و فكر واحد ، و لكن متى ما خرجنا من مجتمعنا الصغير إلى المجتمع العالمي الكبير و اضطررنا للعيش فيه بصورة دائمة أصبح من البديهيات أن تتواجه أفكارنا و أفكار الآخرين فإما أن نتوافق أو أن نختلف. فالتوافق بطبيعة الحال يتيح لنا عيشا مشتركا مسالما و لكن الإختلاف حتما سيؤدي بنا إلى الصدام و الصراع.
كان موضوع الولاية و ما يتفرع عنه من فكرة إغتصاب الخلافة من الإمام علي و الإعتداء على زوجته فاطمة الزهراء و ربما تكفير الكثير من الصحابة هي المواد الأولى و الهامة في الصدام و الصراع الحاصل اليوم بين الشيعة و غيرهم من المسلمين. فالمسلمون لا يكفرون من نؤمن بهم و لكننا نكفر من يؤمنون بهم. المسلمون لا يلعنون من نؤمن بهم و لكننا نلعن من يؤمنون بهم. فكيف بالله نستطيع أن نتعايش معا في هذا المجتمع الكبير و الذي نحن محكومون بحكم التطور و بحكم كون العالم اليوم أصبح قرية واحدة؟
يمكن لأهل قم مثلا أو أهل النجف أن يعيشوا بسلام و أمان و بمعتقد واحد، فهم جميعا من الشيعة و لكن كيف لأهل بغداد أو الكويت أو البحرين أو عُمان أو كراتشي أن يعيشوا معا و بينهم كل هذه الإختلافات؟ و لو قرأنا التاريخ الإسلامي منذ قرون و حتى يومنا هذا لوجدنا حروبا طاحنة و ملايين القتلى و أنهارا من الدماء و ركاما من المدن المدمرة بسبب هذه الخلافات الطائفية.
لم تكن هذه الخلافات و الحروب قصرا على معتنقي المذاهب الإسلامية و لكنها كانت أيضا شائعة بين معتنقي الطوائف المسيحية وغيرها من الديانات السماوية و غير السماوية و التي فيما بعد تحولت من صراعات أثنية إلى صراعات عرقية و عقائدية اجتاحت العالم كله. و لكن و بعد أن أصبح العالم قرية و احدة و تلاحمت المصالح و أصبح العيش مشتركا بين الجميع ظهر من ينادي بالتوحد و نبذ الخلافات الأثنية و المذهبية و الطائفية و العرقية و القبلية كي تزول بالتالي الصراعات و الحروب و يستطيع هذا العالم أن يعيش بهدوء و سلام. و كلما استطاعت الشعوب تحقيق شيء من هذه المعادلة كلما زادت فرصها في النجاح و التقدم و الرقي.
فأين نحن المسلمون من هذا كله و نحن لا زلنا و بعد 14 عشر قرنا لا زلنا نتناحر فيما بيننا من كان الأحق بالخلافة : الإمام علي أم من يسمون بمناوئيه؟ و الغريب أنه لا علي و لا مناوئوه تحاربوا و تقاتلوا كما تقاتلنا نحن و آباءنا و أجدادنا على هذه المسألة.
لا أريد أن أطيل عليكم و لكن أليس من واجب هذه الطليعة الخيرة من شباب الشيعة الكرام و(غيرهم من المذاهب الأخرى) والذين و بفضل الله و حمده ملكوا القدرة على إنشاء هذه المنتديات الحوارية الدعوة الجادة إلى تلاحم المذاهب بطريقة عصرية بدل الدخول في نفس الدوامة التي دار فيها أبائنا و أجدادنا منذ قرون دون أن يصلوا إلى نتيجة تذكر؟
إن الأوضاع التي يعيشها الشيعة خارج قم و خارج النجف تختلف كثيرا عن الاوضاع التي يعيشها من في داخل هذه الحوزات و المدن الشيعية الصرفة. أن هؤلاء القوم يعيشون في جزر منعزلة تحكمهم دساتير من وضع البشر يمكن تنفيذها و التقيد بها في جزرهم أما نحن فلا نستطيع العيش تحت مظلة هذه الدساتير بحرفيتها فلنأخذ منها ما ينفعنا في ديننا و دنيانا و ما هو متفق بيننا و بين إخواننا المسلمين و ندع المواضيع الخلافية التاريخية لله يحكم بها رب العزة كيف يشاء و متى يشاء و خصوصا فيمن اغتصب الخلافة و ظلم أهل البيت.
و ربما للحديث بقية
تعليق