إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

طائفه منصوره ... و فرقه ناجيه

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • طائفه منصوره ... و فرقه ناجيه

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله، والصلاة على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
    منذ فترة كنت أجول في معرض للكتاب ، دخلت جناحاً لدورٍ تنتمي إلى بلد عربي واحد، وكانت الكتب في معظمها إسلامية، نظراً للصحوة الفكرية الإسلامية التي يعيشها الوطن العربي كما يقال.
    مكتبتان متقابلتان تنتميان إلى مذهبين مختلفين إحداهما سنية و الأخرى شيعية ، مررت بالمكتبتين لأجد كتابين مختلفين بعنوان واحد "معالم الطائفة المنصورة".
    كلا الكتابين كان يتحدث عن الموضوع ذاته و لكن النتائج متغايرة...الأول كان يرى أن الطائفة المنصورة هم أهل السنة لا ريب ، والآخر كان يجزم أن الشيعة – ويستند كسابقه إلى الدلائل و البراهين- هي الطائفة المنصورة والناجية لا محالة.
    غريب أمر هذه الأمة فكلما اشتدت المحنة تتلمس طريقاً إلى الخلاف بدل أن تسعى إلى الوحدة ،وكأن حالة الضعف اليأس تجعل الجسد الإسلامي - في هذه الأيام - ينقلب على نفسه جلدا للذات وتمزيقا للممزق و تحطيماً للمحطم.
    لا شك أن جزءاً كبيراً من موضوع الفُرقة والخلاف مرتبط بحديث من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ورد في أكثر من صيغة عن الطائفة المنصورة أو الفرقة الناجية في أحاديث أخرى.
    تعالوا لنسأل معاً وبشكل علمي موضوعي برؤية إسلامية من هي الطائفة المنصورة ومن هي الطائفة الناجية؟
    الطائفة الناجية ورد ذكرها صراحة في القران الكريم في قوله تعالى "أَلا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ ،الَّذِينَ آمَنُوا وكَانُوا يَتَّقُونَ".
    هذا هو الاسم العام والسمة العامة للطائفة الناجية ، وأي حديث لرسول الله عليه الصلاة والسلام ينبغي أن يأتي في ظل هذا السياق لأن السُنّة وظيفتها الأولى أن تبين القرآن الكريم.
    ومن غير المعقول فهم هذا الحديث على أنه دعوى لتفريق الأمة وتقسيم الأمة إلى مذاهب عقائدية أو فقهية أو سياسية أو أي شئ ثاني وأنه مجموعة محصورة بحدود في اجتهاد فقهي معين أو في اجتهاد عقائدي معين أو في اجتهاد سياسي معين.
    ففي كل مرة يتعرض المسلمون فيها إلى تحدٍ كبير، فيتنادون إلى القيام بواجبهم ويأخذون بأسباب النصر ينصرهم الله ، ففي أيام المعتصم تعرضت الأمة لمحنة وصاحت تلك المرأة "وامعتصماه" ، عندئذ قام المعتصم بالواجب :جمّع الجيوش فاجتمعت و رتل الأرتال فرتبت ،و قام بها للجهاد في سبيل الله فانتصر المسلمون ....هل سألنا يوماً ما هي الهوية الثقافية للمعتصم ؟ ما هو مذهبه في العقيدة؟ ما هو مذهبه في الفقه؟ لا يشك أحدٌ بأن المعتصم قد انتصر وأن المسلمين في زمان المعتصم قد نُصروا، رغم أنه معروف بالانتماء إلى المعتزلة.
    ثم جاء عصر الإمارات المستقلة ، وعلا الحمدانيون على حلب ، وغزا أميرهم سيف الدولة على الروم أربعين غزوة انتصر فيها جميعاً،و أسر قسطنطين بن الدمستق ثم بنى قلعة الحدث في بلاد الروم التي غزاها الروم لاستردادها فنكبهم ، وانتصر نصراً عظيماً تغنى به شعراء زمانه ، فهل تذكر الأمة أن سيف الدولة كان شيعياً؟ وهل يحسب هذا للشيعة أم للمسلمين أجمعين؟
    صلاح الدين الأيوبي حقق انتصار عظيما تفخر به الأمة ....ولا يُشك أيضا أن صلاح الدين الأيوبي كان ينتمي إلى المدرسة الأشعرية بل إن المقريزي يقول إن مذهب الأشاعرة قد انتشر أيام صلاح الدين الأيوبي لأنه انتصر و لأأن الناس قد تأثروا بنصره دخلوا في مذهبه .
    ثم جاءت محنة التتار فجاء الملك المظفر قطز ثم الظاهر بيبرس ووقف العلماء مع الجيوش المصرية والشامية في تلك المحنة وكان العز بن عبد السلام وكان شيخ الإسلام ابن تيمية ودخلوا في المعركة وكتب الله على أيديهم النصر ولم يفكر الناس إن هل هذا النصر كان بسبب شيخ الإسلام ابن تيمية الذي ينتمي إلى مدرسة معينة أو ببركة العز بن عبد السلام الذي كان ينتمي إلى مدرسة ثانية أم الملك المظفر الذي كان ينتمي إلى توجه ثالث.
    ثم جاء محمد الفاتح وحقق الله على يده النصر الذي لم يتحقق حتى في زمن الصحابة ، لقد تحقق على يديه وعد المصطفى عليه وعلى آله السلام " لتفتحن القسطنطينية فلنعم الجيش جيشها ولنعم الأمير أميرها" ومحمد الفاتح ينتمي إلى مدرسة الصوفية التي تبناها العثمانيون كما هو معروف.
    للمعتصم مدرسة، ولصلاح الدين مدرسة، ، ولقظر تيار تربوي ، لابن تيمية تيار آخر ، لسيف الدولة مذهب، وللإمام العز مذهب آخر ،وللعثمانيين منهج فكري مختلف عن كل هؤلاء ...وجميع هؤلاء نصرهم الله على عدوهم فأيهم الطائفة المنصورة؟
    إن المسلمين يتلاحمون في المعركة ...فالقائد معتزلي -كما حصل أيام المعتصم- لكن الجيش ينتمي إلى مدارس كثيرة.
    الباحثون في الغرف الأكاديمية ،في النقاش العلمي البحت ؛ يبحثون موضوع الفرق ومميزات هذه الفرق فيسمون الأشياء بأسمائها.
    لكن عندما نتكلم عن تاريخ ،نتكلم عن الصراع بين الحق و الباطل فمن الخطأ أن نمنح صفة الاعتزال لمعركة المعتصم لمعركة عمورية ، أو معركة الأشاعرة مثلا لفتوحات صلاح الدين الأيوبي وتحريره لبيت المقدس ،فالتلاحم العظيم الذي تبديه الأمة في أيام المحن هو ما يستنزل النصر من الله تبارك وتعالى.
    لا يمكن تقسيم الأمة الإسلامية إلى فرق فرقة تستنزل النصر وفرقة مخذولة خاسرة غير ناجية ، هذا وليد التعصب والتطرف.
    إن من المعيب أن نجر الآيات والأحاديث -التي هي مبشرات بنصر الأمة- إلى منهج للاستدلال على قضايا جزئية فقهية أو فكرية أو في تفسير بعض النصوص المتعلقة بالغيب .
    كثيرون يفاخرون بمعركة عمورية والمعتصم ، كثيرون يفاخرون بحطين ومازلنا نستنهض صلاح الدين صباح مساء... كيف نفاخر بهذين النصرين دون أن نتوقف لحظة لنقول أن المذهب العقائدي الذي انتمى إليه الرجلان لا علاقة له بطبيعة المعركة .
    ربما يقول قائل: قد لا ينصر الله طرفاً بسبب التقوى والورع لكن ْ لأنه كان يمتلك القوة والمنعة، يعني كفرقتين ضالتين ، والأقوى سينتصر.
    يحق لنا أن نتساءل ولكن ماذا عن موقف علماء الأمة من هذه المعارك :
    الحجاج بن يوسف الثقفي -على ظلمه وكثرة الأخطاء التي وقعت في زمنه- على يديه كان ينتصر في الفتوحات، و لما دعا إلى الجهاد كان سعيد بن جبير وهو من هو علماً وفقهاً وورعاً ،وكان مطلوبا من قبل الحجاج وكان رجال الحجاج يبحثون عنه ... لكن لما سمع سعيد بن جبير بأن الحجاج يدعو الناس إلى الجهاد في سبيل الله خرج من مخبئه والتحق بجيش الحجاج .
    إن المسلمين بالأمس كانوا يتلاحمون أيام الصراع: النكبات تجمعهم، والنصر يلمهم ، والله لن ينسى التاريخ للإمام أحمد ما فعل ؛ فبعدما عذبه المعتصم- وأخوه المأمون من قبل- في السجن سنوات طوال ، علم أن المعتصم خرج ليحارب الروم فانتصر وفتح عمورية، ففرح الإمام أحمد رضوان الله عليه ثم قال: "عفا الله عنه بما جاهد في سبيله"
    أما اليوم فالأزمات والانتصارات تفرق المثقفين والمتثاقفين من المسلمين ، ففي قمة الجهاد في أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي كان يصنف قادة الجهاد أنه هذا أشعري هذا سلفي وهذا كذا وكذا ....
    لماذا لم يتنبن مؤرخونا هذا المنهج التقسيمي؟ولماذا عندما نفاخر بهؤلاء لا نتوقف لحظة لنقول أنهم كانوا على غير مذاهبنا التي نتبناها ، أو على غير مدارسنا التي نتحارب في سبيلها؟
    قبل سنوات انتصر حزب الله على الإسرائيليين بانتصار مدوٍ حققه الشعب اللبناني بجهاده ، فلماذا يُنسب النصر إلى الشيعة ،هل فلسفة الجهاد فلسفة شيعية أم سنية؟ أم هي فلسفة إسلامية خالصة لا يتفرق حولها مسلمان.
    إن النبي لما تكلم عن الطائفة المنصورة قال:" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" و زاد في مسلم : "...لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك" وروي في مستدرك الحاكم بلفظ ٍ قريب، والحديث متواتر كما قال الشيخ الكتاني سرد له ستة عشر راوياً من الصحابة رضي الله عنهم.
    و رواه ابن جرير و الإمام أحمد بسند صحيح: لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك قالوا: يا رسول الله وأين هم قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس.‏
    و قال علماء أن الطائفة المنصورة هم أهل العلم و آخرون قالوا أنهم أهل الجهاد، وكان عبد الله بن مبارك إذا تكلم عن اختلاف الناس وتفرقهم قال : إذا اختلف الناس فعليك بأصحاب الثغور المجاهدين فإن الله قال "والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا"
    و جمع الإمام النووي الاختلاف فقال: يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين ما بين شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومحدث ومفسر وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزاهد وعابد ولا يلزم اجتماعهم ببلد واحد بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد وتفرقهم في الأقطار ويجوز تفرقهم في بلد وأن يكونوا في بعض دون بعض ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم أولاً فأولاً إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة ببلد واحد فإذا انقرضوا أتى أمر الله.
    وواضح -كما بدأنا- أن هذا كله مستقىً من قوله تعالى "أَلا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ ،الَّذِينَ آمَنُوا وكَانُوا يَتَّقُونَ".
    الإمام ابن تميمة في مجموع الفتاوى وهو يسرد عن صلاح الدين الأيوبي يروي كيف نصر الله صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين وفتح على يديه مصداقا لقول الرسول عليه الصلاة والسلام "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" ، مع أن شيخ الإسلام يعلم أن صلاح الدين الأيوبي أشعري ، وهو حينما يتناقش علميا مع الأشاعرة يخطئهم في الكثير من المسائل لكن لما تكلم عن معنى "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" لم يبعد صلاح الدين الأيوبي من هذا الشرف العظيم .
    أما اليوم فقد أصيبت الأمة بمرحلة من مراحل التخلف ،وابتعدت عن الفهم الدقيق للإيمان وللإسلام ؛فأصبح هنالك نوع من الحدية ،فالعوام يميلون إلى الأسود والأبيض ؛فالطائفة الناجية محصورة بعلامات محددة ،بسور محدد ، فما داخل هذا السور منصور من الله ومؤيد ، وما عداه مطرود مخذول لا خلاق الله في الدنيا و لا نصيب له في الآخرة كما يزعمون.
    و الحق " لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا ، وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا"
    و عندما سئل ابن تيمية عن عن مجموعة من الناس يسمون بالصوفية -ومعروف خلاف الآن السلفية والصوفية - يقول شيخ الإسلام : هذا المصطلح –الصوفية- مشتمل على الممدوح والمذموم.
    لم يقل هذا المصطلح أو هؤلاء الصوفية هم في النار ، ونحن الفرقة الناجية في الجنة وإنما مال إلى التفصيل،لا إلى الأسود والأبيض، وهذا هو شأن أهل العلم .
    وتابع فقال :وإن المذموم منه قد يكون اجتهاديا وقد لا يكون، وإنهم في ذلك بمنزلة الفقهاء في الرأي ، وفي الصوفية من أولياء الله وصفوته وخيار عباده ما لا يحصى عده .
    لكن حينما نقول اليوم هنالك فرقة اسمها الصوفية وهنالك فرقة اسمها السلفية وواحدة في الجنة والثانية في النار، فهذه مشكلة كبيرة،وابن تيمية منها براء.
    و يتغنى البض بفتوى ابن تيمية ضد الرافضة ـ والتي تضم العديد من فرق الشيعة ـ ويحاولون سحب هذه الفتوى على الشيعة الإمامية الاثني عشرية ،ولقد وقع هؤلاء في عدة أخطاء هامة:
    - لم يتساءلوا لماذا لم يجدوا في تاريخ الإسلام قبل ابن تيمية مثل هذه الفتوى رغم أن ابن تيمية جاء في القرن السابع الهجري .. أي بعد أكثر من ستة قرون لظهور الشيعة.
    - لم يستوعبوا ابن تيمية والتناقضات التي واجهها المجتمع المسلم وهو يواجه الغزو الخارجي، وكانت فرقة الحشاشين من الإسماعيلية تعمل لدى أعداء الأمة طابوراً خامساً و تسوم المخلصين من الأمة سوء العذاب.
    - لم يحاولوا تقصي إذا ما كانت كلمة (الرافضة) التي ذكرها ابن تيمية تنسحب على الشيعة الإمامية الإثني عشرية
    أم لا ؟ :
    يقول الأستاذ أنور الجندي في كتابه الإسلام وحركة التاريخ ص422 (والرافضة غير السنة والشيعة).
    ويستعرض الإمام محمد أبو زهرة في كتابه (ابن تيمية) بعض فرق الشيعة من الزيدية والإثنى عشرية دون أن يشير إلى أي موقف سلبي لابن تيمية منها ولكنه عند ذكر الإسماعيلية يقول ص 170 (وهذه الفرقة هي التي كان لابن تيمية منها مواقف ضد بعض المنتمين إليها.. فقد حاربهم بعلمه ولسانه وسيفه…)ولهذا نجد الإمام أبو زهرة يسهب في دراسة هذه الفرقة بسبب موقف ابن تيمية منها كما يقول.
    لكن الإنسان الضعيف أو الذي يشعر بالضعف يبدأ بالتقوقع على نفسه ؛يخاف من الآخرين فيبدأ يشكل نوعاً من الولاء الصغير القاصر في نواة صلبة تتبنى شعائر معينة تتبنى طقوس معينة رموزاً معينة من أجل المحافظة على الذات ، ولذلك انظر كل المذاهب الصغيرة أو الفرق الصغيرة تراها تركّز على الشعائر وعلى العلامات أكثر مما تركز على المبادئ العامة للإسلام العظيم.

    و حديث آخر تفرقت الأمة في فهمه وتمزقت شر ممزق : قوله عليه الصلاة والسلام: " تَفَرَّقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً. وَالنَّصَارَى مِثْلَ ذَلِكَ. وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً" والحديث متواتر كما قال السيوطي، وهو إلى هنا مروي بألفاظ عديدة تتفق بالمعنى و هو تفرق الأمة و هذا ما نشاهده اليوم و شاهده أجدادنا من قبل.
    أما زيادة الحديث فمنهم من رواها ومنهم من لم يروها وقد جاءت على وجوه كثيرة فمنهم من روى:" كلهم في النار إلا ملة واحدة ما أنا عليه وأصحابي" و نحو هذا ، ومنهم من روى:" وكل فرقة منها في النار إلا واحدة وهي الجماعة" ونحو هذا ...، ومما روي:" " كلها في النار إلا واحدة :ما أنا عليه وأهل بيتي" وفي رواية: "ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فرقة قومٌ يقيسون الأمور برأيهم، فيحرمون الحلال ويحللون الحرام" و بعضهم نسب حديثاً على علي رضي الله عنه يقول:" "تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، شرها فرقة تنتحل حبنا وتفارق أمرنا" (وهذا الحديث معلول) و روي أيضاً:" كلها في الجنة إلا واحدة وهي الزنادقة"و هذا الحديث موضوع .
    أنا أعلم أن بعض العلماء صححوا زيادة " ما أنا عليه وأصحابي " و بعضهم صحح زيادة "الجماعة" ولكن الإمام ابن حزم قال بضعفها تلك الزيادة ،وقال العلامة ابن الوزير بوضعها فقال :" إياك والزيادة فإنها باطلة من وضع الزنادقة ".
    و زيادة " ما عليه أنا وأصحابي " أو "ما أنا عليه و أهل بيتي " سواء إن صحت أو لم تصح ؛فهي من حيث المعنى مقطوع بصحتها لأن الحق هو ما كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام وصحبه لكن في فهمنا لما كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه قد نختلف أما إذا ثبت عند المسلمين أن هذا هو الذي كان عليه رسول الله وأصحابه الكرام رضي الله عنهم ،فهذه القضية مقطوع ومحسومة . إذ لا خير في سنة و لا شيعة-كما يقول ابن تيمية- إلا وقد جاءنا من خلال صحابة رسول الله وما نقلوه لنا من الكتاب و السنة" مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" ولا شك أن من اتبعهم له كذلك أجر عظيم.
    و ما كان عليه آل بيت النبي هو الحق أيضاً ، لا شك في ذلك" إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" و لكن المشكلة هي الفهم الضيق لما كان عليه الصحابة وما كان عليه أهل البيت ...إذ بدلاً أن يكون ذلك دافعاً للعمل
    يصبح دليلاً على التشرنق ضمن الطائفة التي أنتمي إليها.
    العجيب أن هذا الحديث هو حديث خبري ليس حديثاً تشريعي ، ونحن مأمورون بتطبيق الشرع فالله سبحانه تعالى قال "واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا" و هذ أمر تشريعي ،والرسول عليه الصلاة والسلام قال "ستفترق أمتي إلى ثلاثة وسبعين فرقة" وهذا خبر...
    أنا يوم القيامة أحاسب على تنفيذ الأمر ولا أحاسب على أن الخبر تحقق أم لم يتحقق، ونحن نعلم أنه قد تحقق ،فرب العالمين يوم القيامة سيحاسبنا يقول لماذا تفرقتم وأنا قلت لكم "ولا تَفَرَّقُوا" ولا يقول لنا لماذا لم تتفرقوا والرسول قال ستفترق أمتي ، نحن نحاسب يوم القيامة على الأمر أوامر الله سبحانه وتعالى لنا صريحة.
    التفرق حرام بالنص "واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا" فنحن مأمورون بتنفيذ الأمر وليس بتنفيذ وعد الخبر.
    ثم إن الله سمانا باسم عظيم فعلام نبتغي غيره "هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ" هذا هو الاسم وأي اسم ثاني يفرق الأمة ....لا أهل السنة و لا شيعة أهل البيت ولا أشاعرة ولا صوفية ولا سلفية ولا و لا... نحن مسلمون ومهما ابتغينا العزة بغير هذا الانتماء أذلنا الله.
    " بلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ، فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ، مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاة وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ".
    منقول

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلي على محمد وآلاه و من والآه
    الملفات المرفقة

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

    صورة التسجيل تحديث الصورة

    اقرأ في منتديات يا حسين

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
    استجابة 1
    10 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة ibrahim aly awaly
    بواسطة ibrahim aly awaly
     
    أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
    ردود 2
    12 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة ibrahim aly awaly
    بواسطة ibrahim aly awaly
     
    يعمل...
    X