الولادة و التسمية
1ـكلمة في ولادته في جوف الكعبة.
ولد علي (عليه السلام) في اليوم الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل في جوف الكعبة شرفها الله زائريها و لم يولد قبله و لا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه كرم الله وجهه عن السجود لأصنامها فكانما كان ميلاده ثمة ايذانا بعهد جديد للكعبة و للعبادة فيها و كاد علي أن يولد مسلما،بل و قد ولد مسلما تحقيقا،و بعد خروجه عن البيت لم يفتح عينيه إلا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قرأ من سورة المؤمنون: (بسم الله الرحمن الرحيم قد أفلح المؤمنون الذينهم في صلاتهم خاشعون) (1) الآية،و حمله النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) إلي منزل امه و سماه أبو طالب عليا و اسمه مشتق من إسم الله العلي الأعلى كي يدوم له عز العلو و فخر العز أدومه (2) .
2ـتفصيل الواقعة في الحديث.
في كشف الغمة عن بشائر المصطفى،و في البحار عن غيبة النعمانى،و معاني الأخبار،و علل الشرائع،عن سعيد بن جبير،قال:يزيد بن قعيب:كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب و فريق من بنى عبد العزى بإزاء بيت اللهالحرام،إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) و كانت حاملة به لتسعة أشهر و قد أخذها الطلق،فقالت:يا رب،إنى مؤمنة بك و بما جاء من عندك من رسل و كتب،و إني مصدقة بكلام جدى إبراهيم الخليل (عليه السلام) و إنه بنى البيت العتيق،فبحق الذي بنى هذا البيت،و بحق المولود الذي في بطني إلا ما يسرت علي ولادتي.
قال يزيد بن قعيب:فرأيت البيت قد انشق عن ظهره،و دخلت فاطمة فيه،و غابت عن أبصارنا و عاد إلى حاله و التزق الحائط فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب (3) فلم ينفتح،فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله عز و جل،ثم خرجت في اليوم الرابع و على يدها أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) ،ثم قالت:إني فضلت على من تقدمني من النساء،لان آسية بنت مزاحم عبدت الله عز و جل سرا في موضع لا يحب الله أن يعبد فيه إلا اضطرارا و أن مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطبا جنيا،و أنى دخلت بيت الله الحرامـفأكلت من ثمار الجنة و أرزاقها (أرواقها) فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف :يا فاطمة،سميه عليا (4) ،فهو علي و الله العلي الأعلى يقول:إنى شققت اسمه من اسمي و أدبته بأدبي،و اوقفته على غامض علمي،و هو الذي يكسر الأصنام في بيتي،و هو الذي يوذن فوق ظهر بيتي و يقدسني و يمجدني،فطوبى لمن أحبه و اطاعه،و ويل لمن أبغضه و عصاه.
قالت:فولدت عليا و لرسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ثلاثون سنة،و احبه رسول الله حبا شديدا،و قال لها:إجعلي مهده بقرب فراشي و كان يلي أكثر تربيته،و كان يطهر عليا في وقت غسله،و يوجره اللبن عند شربه،و يحرك مهده عند نومه،و يناغيه في يقظته،و يحمله على صدره و رقبته،و يقول:«هذا أخي و ولييو ناصري و صفيي و ذخري و كهفي و صهري و وصيي و زوج كريمتي و أميني على وصيتي و خليفتي،و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) يحمله دائما و يطوف به جبال مكة و شعابها و أوديتها و فجاجها صلى الله على الحامل و المحمول (5) ».
فلما كان من غده و بصر علي (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) سلم عليه و ضحك في وجهه،و جعل يشير إليه،فأخذه رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فقالت فاطمة:عرفه فسمي ذلك اليوم عرفة،فلما كان اليوم الثالث و كان يوم العاشر من ذي الحجة،أذن أبو طالب في الناس أذانا جامعا،و قال:هلموا إلى وليمة ابني علي (عليه السلام) و نحر ثلاثمائة من الإبل و ألف رأس من البقر و الغنم و اتخذوا وليمة،و قال:هلموا و طوفوا بالبيت سبعا و ادخلوا على علي (عليه السلام) ولدى ففعل الناس من ذلك و جرت به السنة و وضعته امه بين يدي النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) ففتح فاه بلسانه و حنكه و أذن في اذنه اليمنى و أقام في اذنه اليسرى،فعرف الشهادتين و ولد على الفطرة (6) .و انشأ الحميرى:
ولدته في حرم الله و أمنه
و البيت حيث فناؤه و المسجد
بيضاء طاهرة الثياب كريمة
طابت و طاب وليدها و المولد
في ليلة غابت نحوس نجومها
و بدت مع القمر المنير الأسعد
ما لف في خرق القوابل مثله
إلا ابن امنة النبي محمد (7)
3ـما قاله رسول الله (ص) في ولادة علي (ع)
قال الحافظ الكنجى الشافعي،عن جابر بن عبد الله،قال:سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) عن ميلاد علي بن أبي طالب.فقال:لقد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح (عليه السلام) ،إن الله تبارك و تعالى خلق عليا من نوري و خلقني من نوره و كلانا من نور واحد،ثم إن الله عز و جل نقلنا من صلب آدم، (عليه السلام) في أصلاب طاهرة إلى أرحام زكية فما نقلت من صلب إلا و نقل علي معي،فلم نزل كذلك حتى استودعني خير رحم و هي آمنة،و استودع عليا خير رحم و هي فاطمة بنت أسد.و كان في زماننا رجل زاهد عابد يقال له المبرم ابن دعيب بن الشقبان قد عبد الله تعالى مائتين و سبعين سنة لم يسأل الله حاجة فبعث الله إليه أبا طالب،فلما أبصره المبرم قام إليه،و قبل رأسه و أجلسه بين يديه ثم قال له:من أنت؟فقال:رجل من تهامة،فقال:من أى تهامة؟فقال:من بني هاشم،فوثب العابد فقبل رأسه ثانية،ثم قال:يا هذا،إن العلي الأعلى ألهمني إلهاما،قال أبو طالب:و ما هو؟قال:ولد يولد من ظهرك و هو ولى الله عز و جل،فلما كانت الليلة التي ولد فيها علي أشرقت الأرض،فخرج أبو طالب،و هويقول:أيها الناس ولد في الكعبة ولي الله عز و جل فلما أصبح دخل الكعبة و هو يقول:
يا رب هذا العسق الدجى
و القمر المبتلج المضى
بين لنا امرك الخفى
ماذا ترى فى اسم ذا الصبى
قال فسمع صوت هاتف يقول:
يا اهل بيت المصطفى النبى
خصصتم بالولد الزكي
إن اسمه من شامخ العلى
على اشتق من العلى (8)
4ـما قاله علي بن الحسين في ولادته عن زبدة بنت العجلان
و في الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي من كتاب المناقب لابي العالى الفقيه المالكي روى خبرا يرفعه إلى علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال:كنا عند الحسين عليه السلام في بعض الايام و اذا بنسوة مجتمعين،فاقبلت امرأة منهن علينا فقلت لها:من أنت يرحمك الله .
قالت:أنا زبدة ابنة العجلان من بني ساعدة.
فقلت لها:هل عندك من شيء تحدثينا به.
قالت:إي و الله حدثتني ام عمارة بنت عبادة من فضلة بن هالك بن عجلان الساعدي،أنها كانت ذات يوم في نساء من العرب إذ أقبل أبو طالب كئيبا حزينا،فقلت له:ما شأنك؟قال:إن فاطمة بنت أسد في شدة من الطلق.
ثم أنه أخذ بيدها و جاء بها الي الكعبة فدخل بها،و قال:اجلسي على اسم الله،فطلقت طلقة واحدة فولدت غلاما نظيفا منظفا لم أر أحسن وجها منه،فسماهأبو طالب عليا.
و قال شعرا:
سميته بعلي كي يدوم له
عز العلو و فخر العز أدومه
و جاء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) فحمله معه إلى منزل امه.
قال علي بن الحسين (عليه السلام) :«فو الله ما سمعت بشيء حسن قط إلا و هذا من أحسنه»الى آخره (9)
و روى ابن المغازلى الشافعى فى المناقب عن على بن الحسين عليه السلام نحوه. (10)
5ـما قاله جعفر بن محمد الصادق (ع) في ولادته
في الكافى الشريف عن محمد بن عبد الله ابن مسكان،عن أبيه قال:قال أبو عبد الله (عليه السلام) :«إن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبى طالب لتبشره بمولد النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) فقال أبو طالب:اصبرى سبتا ابشرك بمثله إلا النبوة،و قال:السبت (11) ثلاثون سنة و كان بين رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) و أميرالمؤمنين (عليه السلام) ثلاثون سنة» (12) .
6ـأن عليا (ع) ارتزق من لسان النبي (ص)
عن السيد احمد زينى دحلان الشافعى،عن فاطمة بنت اسد ام علي (عليه السلام) أنها قالت :لما ولدته سماه (صلى الله عليه و آله و سلم) عليا و بصق في فيه،ثم أنه القمه لسانه فما زال يمصه حتى نام.
قالت:فلما كان من الغد طلبنا له مرضعة فلم يقبل ثدي أحد،فدعونا له محمدا (صلى الله عليه و آله و سلم) فالقمه لسانه فنام،فكان كذلك ما شاء الله تعالى (13) .
7ـتسميته عليا (ع) كانت من عند الله
روى الحافظ القندوزى الحنفي عن عباس بن عبد المطلب،قال:لما ولدت فاطمة بنت أسد عليا،سمته باسم ابيها أسد،و لم يرض أبو طالب بهذا الاسم فقال:هلم حتى نعلوا أبا قبيس ليلا،و ندعوا خالق الخضراء فلعله أن ينبئنا في اسمه،فلما أمسيا خرجا و صعدا أبا قبيس و دعيا الله تعالى،فانشأ أبو طالب شعرا:
يا رب هذا الغسق الدجى
و الفلق المبتلج المضى
بين لنا عن امرك المقضى
لما نسمى ذلك الصبى
فاذا خشخشة من السماء فرفع أبو طالب طرفه فإذا لوح مثل زبرجد أخضر فيه أربعة أسطر فاخذه بكلتا يديه و ضمه إلى صدره ضما شديدا فاذا مكتوب:
خصصتما بالولد الزكي
و الطاهر المنتجب الرضي
و اسمه من قاهر العلى
علي اشتق من العلي
فسر أبو طالب (عليه السلام) سرورا عظيما،و خر ساجدا لله تبارك و تعالى و عق بعشرة من الإبل و كان اللوح معلقا في البيت الحرام يفتخر به بنو هاشم على قريش حتى غاب زمان قتال الحجاج ابن الزبير. (14)
انشد الشاعر الدكتور باهر القمى:
مشتق شده از نام خدا نام على
پر شد ز محبت خدا جام على
با مهر على مرا سرشتند وجود
آزاد كسى كه رفت در دام على
8ـنبذة مما يتعلق بميلاده (ع) و ان ولادته كانت في جوف الكعبه
من كان في حرم الرحمان مولده
و حاطه الله من بأس و عدوان (15)
قصة ولادته (عليه السلام) في الكعبة المكرمة أمر مشهور بين الأمة حتى ألف شيخنا الأوردبادي في الموضوع كتابا فخما (16) .
و مجمل القصة ان جدار البيت قد انشق لامه فاطمة بنت أسد،فدخلته،ثم التأمتالفتحة،فلم تزل في البيت العتيق حتى ولدت وليد البيت تلك الولادة المباركة و أكلت من ثمار الجنة،و لم ينفلق صدف الكعبة عن دره الدرى إلا و أضاء الكون بنوره محياه الأبلج،وفاح في الأجواء شذى عنصره الأقدس.
و هذه حقيقة ناصعة أصفق على إثباتها الفريقان،و تضافرت بها الأحاديث،و طفحت بها الكتب،فلا نعبأ بجلبة رماة القول على عواهنه بعد نص جمع من أعلام الفريقين على تواتر حديث هذه الأثارة (17)
الحديث:
(1) قال الحاكم النيشابوري في المستدرك:و قد تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في جوف الكعبة (18) .
(2) و قال العلامة الكنجي الشافعي:ولد امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بمكة في بيت الله الحرام ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل،و لم يولد قبله و لا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه إكراما له بذلك و إجلالا له لمحله في التعظيم (19) .
(3) و تبعه أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي الشهير بشاه ولي الله والد عبد العزيز الدهلوي (مصنف التحفة الإثنى عشرية في الرد على الشيعة) فقال في كتاب[إزالة الخفاء]،:تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين (عليه السلام) عليا في جوف الكعبة فإنه ولد في يوم الجمعة ثالث عشر من شهررجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة في الكعبة و لم يولد فيها أحد سواه قبله و لا بعده (20) .
*************************
منقول
1ـكلمة في ولادته في جوف الكعبة.
ولد علي (عليه السلام) في اليوم الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل في جوف الكعبة شرفها الله زائريها و لم يولد قبله و لا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه كرم الله وجهه عن السجود لأصنامها فكانما كان ميلاده ثمة ايذانا بعهد جديد للكعبة و للعبادة فيها و كاد علي أن يولد مسلما،بل و قد ولد مسلما تحقيقا،و بعد خروجه عن البيت لم يفتح عينيه إلا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قرأ من سورة المؤمنون: (بسم الله الرحمن الرحيم قد أفلح المؤمنون الذينهم في صلاتهم خاشعون) (1) الآية،و حمله النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) إلي منزل امه و سماه أبو طالب عليا و اسمه مشتق من إسم الله العلي الأعلى كي يدوم له عز العلو و فخر العز أدومه (2) .
2ـتفصيل الواقعة في الحديث.
في كشف الغمة عن بشائر المصطفى،و في البحار عن غيبة النعمانى،و معاني الأخبار،و علل الشرائع،عن سعيد بن جبير،قال:يزيد بن قعيب:كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب و فريق من بنى عبد العزى بإزاء بيت اللهالحرام،إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) و كانت حاملة به لتسعة أشهر و قد أخذها الطلق،فقالت:يا رب،إنى مؤمنة بك و بما جاء من عندك من رسل و كتب،و إني مصدقة بكلام جدى إبراهيم الخليل (عليه السلام) و إنه بنى البيت العتيق،فبحق الذي بنى هذا البيت،و بحق المولود الذي في بطني إلا ما يسرت علي ولادتي.
قال يزيد بن قعيب:فرأيت البيت قد انشق عن ظهره،و دخلت فاطمة فيه،و غابت عن أبصارنا و عاد إلى حاله و التزق الحائط فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب (3) فلم ينفتح،فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله عز و جل،ثم خرجت في اليوم الرابع و على يدها أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) ،ثم قالت:إني فضلت على من تقدمني من النساء،لان آسية بنت مزاحم عبدت الله عز و جل سرا في موضع لا يحب الله أن يعبد فيه إلا اضطرارا و أن مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطبا جنيا،و أنى دخلت بيت الله الحرامـفأكلت من ثمار الجنة و أرزاقها (أرواقها) فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف :يا فاطمة،سميه عليا (4) ،فهو علي و الله العلي الأعلى يقول:إنى شققت اسمه من اسمي و أدبته بأدبي،و اوقفته على غامض علمي،و هو الذي يكسر الأصنام في بيتي،و هو الذي يوذن فوق ظهر بيتي و يقدسني و يمجدني،فطوبى لمن أحبه و اطاعه،و ويل لمن أبغضه و عصاه.
قالت:فولدت عليا و لرسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ثلاثون سنة،و احبه رسول الله حبا شديدا،و قال لها:إجعلي مهده بقرب فراشي و كان يلي أكثر تربيته،و كان يطهر عليا في وقت غسله،و يوجره اللبن عند شربه،و يحرك مهده عند نومه،و يناغيه في يقظته،و يحمله على صدره و رقبته،و يقول:«هذا أخي و ولييو ناصري و صفيي و ذخري و كهفي و صهري و وصيي و زوج كريمتي و أميني على وصيتي و خليفتي،و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) يحمله دائما و يطوف به جبال مكة و شعابها و أوديتها و فجاجها صلى الله على الحامل و المحمول (5) ».
فلما كان من غده و بصر علي (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) سلم عليه و ضحك في وجهه،و جعل يشير إليه،فأخذه رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فقالت فاطمة:عرفه فسمي ذلك اليوم عرفة،فلما كان اليوم الثالث و كان يوم العاشر من ذي الحجة،أذن أبو طالب في الناس أذانا جامعا،و قال:هلموا إلى وليمة ابني علي (عليه السلام) و نحر ثلاثمائة من الإبل و ألف رأس من البقر و الغنم و اتخذوا وليمة،و قال:هلموا و طوفوا بالبيت سبعا و ادخلوا على علي (عليه السلام) ولدى ففعل الناس من ذلك و جرت به السنة و وضعته امه بين يدي النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) ففتح فاه بلسانه و حنكه و أذن في اذنه اليمنى و أقام في اذنه اليسرى،فعرف الشهادتين و ولد على الفطرة (6) .و انشأ الحميرى:
ولدته في حرم الله و أمنه
و البيت حيث فناؤه و المسجد
بيضاء طاهرة الثياب كريمة
طابت و طاب وليدها و المولد
في ليلة غابت نحوس نجومها
و بدت مع القمر المنير الأسعد
ما لف في خرق القوابل مثله
إلا ابن امنة النبي محمد (7)
3ـما قاله رسول الله (ص) في ولادة علي (ع)
قال الحافظ الكنجى الشافعي،عن جابر بن عبد الله،قال:سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) عن ميلاد علي بن أبي طالب.فقال:لقد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح (عليه السلام) ،إن الله تبارك و تعالى خلق عليا من نوري و خلقني من نوره و كلانا من نور واحد،ثم إن الله عز و جل نقلنا من صلب آدم، (عليه السلام) في أصلاب طاهرة إلى أرحام زكية فما نقلت من صلب إلا و نقل علي معي،فلم نزل كذلك حتى استودعني خير رحم و هي آمنة،و استودع عليا خير رحم و هي فاطمة بنت أسد.و كان في زماننا رجل زاهد عابد يقال له المبرم ابن دعيب بن الشقبان قد عبد الله تعالى مائتين و سبعين سنة لم يسأل الله حاجة فبعث الله إليه أبا طالب،فلما أبصره المبرم قام إليه،و قبل رأسه و أجلسه بين يديه ثم قال له:من أنت؟فقال:رجل من تهامة،فقال:من أى تهامة؟فقال:من بني هاشم،فوثب العابد فقبل رأسه ثانية،ثم قال:يا هذا،إن العلي الأعلى ألهمني إلهاما،قال أبو طالب:و ما هو؟قال:ولد يولد من ظهرك و هو ولى الله عز و جل،فلما كانت الليلة التي ولد فيها علي أشرقت الأرض،فخرج أبو طالب،و هويقول:أيها الناس ولد في الكعبة ولي الله عز و جل فلما أصبح دخل الكعبة و هو يقول:
يا رب هذا العسق الدجى
و القمر المبتلج المضى
بين لنا امرك الخفى
ماذا ترى فى اسم ذا الصبى
قال فسمع صوت هاتف يقول:
يا اهل بيت المصطفى النبى
خصصتم بالولد الزكي
إن اسمه من شامخ العلى
على اشتق من العلى (8)
4ـما قاله علي بن الحسين في ولادته عن زبدة بنت العجلان
و في الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي من كتاب المناقب لابي العالى الفقيه المالكي روى خبرا يرفعه إلى علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال:كنا عند الحسين عليه السلام في بعض الايام و اذا بنسوة مجتمعين،فاقبلت امرأة منهن علينا فقلت لها:من أنت يرحمك الله .
قالت:أنا زبدة ابنة العجلان من بني ساعدة.
فقلت لها:هل عندك من شيء تحدثينا به.
قالت:إي و الله حدثتني ام عمارة بنت عبادة من فضلة بن هالك بن عجلان الساعدي،أنها كانت ذات يوم في نساء من العرب إذ أقبل أبو طالب كئيبا حزينا،فقلت له:ما شأنك؟قال:إن فاطمة بنت أسد في شدة من الطلق.
ثم أنه أخذ بيدها و جاء بها الي الكعبة فدخل بها،و قال:اجلسي على اسم الله،فطلقت طلقة واحدة فولدت غلاما نظيفا منظفا لم أر أحسن وجها منه،فسماهأبو طالب عليا.
و قال شعرا:
سميته بعلي كي يدوم له
عز العلو و فخر العز أدومه
و جاء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) فحمله معه إلى منزل امه.
قال علي بن الحسين (عليه السلام) :«فو الله ما سمعت بشيء حسن قط إلا و هذا من أحسنه»الى آخره (9)
و روى ابن المغازلى الشافعى فى المناقب عن على بن الحسين عليه السلام نحوه. (10)
5ـما قاله جعفر بن محمد الصادق (ع) في ولادته
في الكافى الشريف عن محمد بن عبد الله ابن مسكان،عن أبيه قال:قال أبو عبد الله (عليه السلام) :«إن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبى طالب لتبشره بمولد النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) فقال أبو طالب:اصبرى سبتا ابشرك بمثله إلا النبوة،و قال:السبت (11) ثلاثون سنة و كان بين رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) و أميرالمؤمنين (عليه السلام) ثلاثون سنة» (12) .
6ـأن عليا (ع) ارتزق من لسان النبي (ص)
عن السيد احمد زينى دحلان الشافعى،عن فاطمة بنت اسد ام علي (عليه السلام) أنها قالت :لما ولدته سماه (صلى الله عليه و آله و سلم) عليا و بصق في فيه،ثم أنه القمه لسانه فما زال يمصه حتى نام.
قالت:فلما كان من الغد طلبنا له مرضعة فلم يقبل ثدي أحد،فدعونا له محمدا (صلى الله عليه و آله و سلم) فالقمه لسانه فنام،فكان كذلك ما شاء الله تعالى (13) .
7ـتسميته عليا (ع) كانت من عند الله
روى الحافظ القندوزى الحنفي عن عباس بن عبد المطلب،قال:لما ولدت فاطمة بنت أسد عليا،سمته باسم ابيها أسد،و لم يرض أبو طالب بهذا الاسم فقال:هلم حتى نعلوا أبا قبيس ليلا،و ندعوا خالق الخضراء فلعله أن ينبئنا في اسمه،فلما أمسيا خرجا و صعدا أبا قبيس و دعيا الله تعالى،فانشأ أبو طالب شعرا:
يا رب هذا الغسق الدجى
و الفلق المبتلج المضى
بين لنا عن امرك المقضى
لما نسمى ذلك الصبى
فاذا خشخشة من السماء فرفع أبو طالب طرفه فإذا لوح مثل زبرجد أخضر فيه أربعة أسطر فاخذه بكلتا يديه و ضمه إلى صدره ضما شديدا فاذا مكتوب:
خصصتما بالولد الزكي
و الطاهر المنتجب الرضي
و اسمه من قاهر العلى
علي اشتق من العلي
فسر أبو طالب (عليه السلام) سرورا عظيما،و خر ساجدا لله تبارك و تعالى و عق بعشرة من الإبل و كان اللوح معلقا في البيت الحرام يفتخر به بنو هاشم على قريش حتى غاب زمان قتال الحجاج ابن الزبير. (14)
انشد الشاعر الدكتور باهر القمى:
مشتق شده از نام خدا نام على
پر شد ز محبت خدا جام على
با مهر على مرا سرشتند وجود
آزاد كسى كه رفت در دام على
8ـنبذة مما يتعلق بميلاده (ع) و ان ولادته كانت في جوف الكعبه
من كان في حرم الرحمان مولده
و حاطه الله من بأس و عدوان (15)
قصة ولادته (عليه السلام) في الكعبة المكرمة أمر مشهور بين الأمة حتى ألف شيخنا الأوردبادي في الموضوع كتابا فخما (16) .
و مجمل القصة ان جدار البيت قد انشق لامه فاطمة بنت أسد،فدخلته،ثم التأمتالفتحة،فلم تزل في البيت العتيق حتى ولدت وليد البيت تلك الولادة المباركة و أكلت من ثمار الجنة،و لم ينفلق صدف الكعبة عن دره الدرى إلا و أضاء الكون بنوره محياه الأبلج،وفاح في الأجواء شذى عنصره الأقدس.
و هذه حقيقة ناصعة أصفق على إثباتها الفريقان،و تضافرت بها الأحاديث،و طفحت بها الكتب،فلا نعبأ بجلبة رماة القول على عواهنه بعد نص جمع من أعلام الفريقين على تواتر حديث هذه الأثارة (17)
الحديث:
(1) قال الحاكم النيشابوري في المستدرك:و قد تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في جوف الكعبة (18) .
(2) و قال العلامة الكنجي الشافعي:ولد امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بمكة في بيت الله الحرام ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل،و لم يولد قبله و لا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه إكراما له بذلك و إجلالا له لمحله في التعظيم (19) .
(3) و تبعه أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي الشهير بشاه ولي الله والد عبد العزيز الدهلوي (مصنف التحفة الإثنى عشرية في الرد على الشيعة) فقال في كتاب[إزالة الخفاء]،:تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين (عليه السلام) عليا في جوف الكعبة فإنه ولد في يوم الجمعة ثالث عشر من شهررجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة في الكعبة و لم يولد فيها أحد سواه قبله و لا بعده (20) .
*************************
منقول

تعليق