إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام

    شهيد المحراب




    قلة أولئك الرجال الذين هم على نسج عليِّ بن أبي طالب... تنهد بهم الحياة، موزعين على مفارق الأجيال كالمصابيح، تمتص حشاشاتها لتفنيها هدياً على مسالك العابرين، وهم على قلتهم، كالأعمدة تنفرج فيما بينها فسحات الهياكل، وترسو على كواهلها أثقال المداميك، لتومض من فرق مشارفها قبب المنائر.

    <B><SPAN lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: Arial"><FONT color=#000000>وإنهم في كل ذلك كالرَّواسي، تتقبل هوج الأعاصير وزمجرة السُّحب لتعكسها من مصافيها على السفوح خيرات رقيقة، رفيقة عذبة المدافق.
    التعديل الأخير تم بواسطة ملينيوم; الساعة 13-10-2006, 09:52 AM.

  • #2
    نسبه

    هو علي بن أبي طالب (واسمه عمران وقيل: عبد مناف) بن عبد المطلّب (واسمه شيبة الحمد) بن هاشم (واسمه عمرو) بن عبد مناف (واسمه المغيرة) بن قصي، بن كلاب، بن مرّة، بن لؤي، ابن غالب، بن فهر بن مالك، بن النضر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن الياس، بن مضر، بن نزار بن معدّ بن عدنان.

    أورد النقدي عن الأصبغ بن نباتة، قال: (سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: والله ما عبد أبي ولا جدّي عبد المطلب ولا هاشم، ولا عبد مناف صنماً قطّ! قيل: فما كانوا يعبدون؟ قال: كانوا يصلّون إلى البيت على دين إبراهيم متمسكين به)(3).
    جده

    عبد المطلب شيبة الحمد وكنيته أبو الحرث وعنده يجتمع نسبه بنسب النبي (صلى الله عليه وآله) وكان مؤمناً بالله تعالى، ويعلم بأنّ محمداً سيكون نبياً.

    روى محمد بن سعد الواقدي بأسناده: (قال عبد المطلب لأمّ أيمن (بنت أبي طالب) وكانت تحضن رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بركة لا تغفلي عن ابني، فإني وجدته مع غلمان قريباً من السّدرة وانّ أهل الكتاب يزعمون انّ ابني هذا نبي هذه الأمة وكان عبد المطلّب لا يأكل طعاماً إلا قال عليّ بابني، فيؤتى به إليه، فلّما حضرت عبد المطلّب الوفاة أوصى أبا طالب بحفظ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحياطته...
    مات عبد المطلب فدفن بالحجون قالت أم أيمن رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يومئذٍ يبكي خلف سرير عبد المطلب)(4).
    قال ابن أبي الحديد: (وقد نقل النّاس كافة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انّه قال: نقلنا من الإصلاب الطاهرة إلى الأرحام الزكية)(5).
    والده

    عبد مناف، وقيل: عمران، وقيل: شيبة، وكنيته أبو طالب فهو ابن عبد المطلّب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي القرشي، ولد أبو طالب بمكة قبل ولادة النبي (صلى الله عليه وآله) بخمس وثلاثين سنة وكان شريك والده عبد المطلب في كفالة النبي (صلى الله عليه وآله) وانتهت إليه بعد أبيه عبد المطلب الزعامة المطلقة وكان يروي الماء وفود مكة كافة لأن السقاية كانت له ورفض عبادة الأصنام فوحد الله سبحانه ومنع نكاح المحارم وقتل الموؤدة والزنا وشرب الخمر وطواف العراة في بيت الله الحرام ونزل بأكثرها القرآن وجاءت السنّة بها قال البلاذري: (فكان منيعاً عزيزاً في قريش... وكانت قريش تطعم فإذا اطعم أبو طالب لم يطعم يومئذٍ أحد غيره)(6).
    قال محمد بن سعد: (لمّا توفيّ عبد المطلب قبض أبو طالب رسول الله (ص) إليه فكان يكون معه وكان أبو طالب لا مال له وكان يحبّه حبّاً شديداً لا يحبّه ولده وكان لا ينام إلاّ إلى جنبه ويخرج فيخرج معه وصبّ به أبو طالب صبابةً لم يصبّ مثلها شيء قطّ وكان يخصه بالطعام وكان إذا أكل عيال أبي طالب جميعاً أو فرادى لم يشبعوا وإذا أكل معهم رسول الله (ص) شبعوا، فكان إذا أراد أن يغذيهم قال كما أنتم حتّى يحضر ابني فيأتي رسول الله (ص) فيأكل معهم فكانوا يفضلون من طعامه وان لم يكن معهم لم يشبعوا فيقول أبو طالب انك لمبارك وكان الصبيان يصبحون رمضا شعثاً ويصبح رسول الله (ص) دهيناً كحيلاً.. وروي ان أبا طالب دعا بني عبد المطلب فقال لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمّد وما اتبعتم أمره فاتبعوه واعينوه ترشدوا… وما زالوا كافين عنه حتّى مات أبو طالب (يعني قريشاً عن النبي (ص)) … وكان أبو طالب يحفظه ويحوطه ويعضده وينصره إلى أن مات)(7).
    روى ابن الأثير عن ابن عباس: (لما نزلت (وانذر عشيرتك الأقربين) خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصعد على الصفا فهتف يا صباحاه، فاجتمعوا إليه فقال: يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد المطلب، يا بني عبد مناف فاجتمعوا إليه فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم ان خيلاً تخرج بسفح الجبل أكنتم مصدّقي؟ قالوا: نعم ما جرّبنا عليك كذباً، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب تباً لك! أما جمعتنا إلاّ لهذا ثم قام، فنزلت (تبّت يدا أبي لهب) السورة...
    فقال أبو طالب لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ما أحبّ إلينا معاونتك وأقبلنا لنصيحتك وأشدّ تصديقنا لحديثك، وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون، وإنّما أنا أحدهم، غير إنّي أسرعهم إلى ما تحبّ فامض لما أمرت به فوالله لا ازال أحوطك وأمنعك... الحديث، وقال:
    حتـــى أوســد في التراب دفينا
    فكفى بـــنا ديـــنا لديـــك وديـنا
    فلقد صدقت وكنــــت قـبل أمينا
    من خير أديان البرية دينا(8)

    والله لن يصلوا إلــــيك بجمعهم
    فانفذ لأمرك ما عـليك غضاضة
    ودعوتني وزعــمت انك ناصح
    وعـــرضت ديـناً قد علمت بأنه
    فقال أبو لهب: هذه والله السوأة، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم، فقال أبو طالب والله لنمنعه ما بقينا)(9).
    أمّه

    قال المفيد: (فاطمة بنت أسد بن هاشم ـ رضي الله عنها ـ، وكانت كالأم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) رُبيّ في حجرها، وكان (صلى الله عليه وآله) شاكراً لبرّها وآمنت به في الأولين وهاجرت معه في جملة المهاجرين، ولمّا قبضها الله تعالى إليه كفنها النبي (صلى الله عليه وآله) بقميصه ليدرأ به عنها هوامّ الأرض وتوسّد في قبرها لتأمن بذلك من ضغطة القبر، ولقنها الإقرار بولاية إبنها أمير المؤمنين (عليه السلام) لتجيب به عند المساءلة بعد الدفن فخصّها بهذا الفضل العظيم لمنزلتها من الله عزّ وجل(10)... وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وإخوته أول من ولده هاشم مرّتين، وحاز بذلك مع النشوء في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) والتأدب به الشرفين)(11).

    قال عبد الله بن عباس: (أقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) ذات يوم إلى النبي (ص) باكياً وهو يقول: إنّا لله وإنا إليه راجعون، فقال له رسول الله: مه يا علي، فقال علي: يا رسول الله ماتت أمي فاطمة بنت أسد.
    قال: فبكى النبي ثم قال: رحم الله أمك يا علي أما أنها كانت لي أماً، خذ عمامتي هذه وخذ ثوبي هذين وكفّنها فيهما ومُر النساء فليحسنّ غسلها ولا تخرجها حتى أجيء فألي أمرها، قال: وأقبل النبي (ص) بعد ساعة وأخرجت فاطمة أم علي، فصلى عليها النبي (ص) صلاة لم يصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة ثم كبّر عليها أربعين تكبيرة، ثم دخل القبر فتمدد فيه فلم يسمع له أنين ولا حركة، ثم قال: يا علي أدخل يا حسن أدخل فدخلا القبر فلما فرغ مما احتاج إليه قال: يا علي أخرج يا حسن أخرج فخرجا، ثم زحف النبي (ص) حتى صار عند رأسها، ثم قال: يا فاطمة أنا محمد سيّد ولد آدم ولا فخر فإن أتاك منكر ونكير فسألاك من ربك؟ فقولي: الله ربّي، ومحمد نبيي، والإسلام ديني، والقرآن كتابي، وإبني وليي، ثم قال: اللهم ثّبت فاطمة بالقول الثابت، ثم خرج وحثا عليها حثيات، ثم ضرب بيده اليمنى على اليسرى فنفضهما، ثم قال: والذي نفس محمد بيده لقد سمعت فاطمة تصفيق يميني على شمالي.
    فقام إليه عمار بن ياسر فقال: فداك أبي وأمي يا رسول الله لقد صليت عليها صلاة لم تصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة؟ قال: يا أبا اليقظان وهل ذلك هي منّي لقد كان لها من أبي طالب ولد كثير ولقد كان خيرهم كثيراً وخيرنا قليلاً، فكانت تشبعني وتجيعهم، وتكسوني وتعريهم، وتدهنني وتشعثهم، قال: فلِمَ كبّرت عليها أربعين تكبيرة يا رسول الله؟ قال: نعم يا عمار التفتّ إلى يميني ونظرت إلى أربعين صفاً من الملائكة فكبرت لكل صف تكبيرة، قال: فتمددت في القبر ولم يسمع لك أنين ولا حركة؟ قال: أن الناس يحشرون يوم القيامة عراة فلم أزل أطلب إلى ربّي عزّ وجلّ أن يبعثها ستيرة، والذي نفس محمد بيده ما خرجت من قبرها حتى رأيت مصباحين من نور عند رأسها ومصباحين من نور عند رجليها، وملكيها الموكلين بقبرها يستغفران لها إلى أن تقوم الساعة)(12).
    أم الإمام علي (عليه السلام)
    السيدة فاطمة بنت أسد أم الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
    نسبها

    ذكر الشيخ المجلسي في البحار نقلاً عن ابن أبي الحديد أنه قال:

    فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ابن قُصي، أول هاشمية ولدت لهاشمي، وكان علي أصغر بنيها، وجعفر أسن منه بعشر سنين، وعقيل أسن من جعفر بعشر سنين، وطالب أسن من عقيل بعشر سنين، وفاطمة بنت أسد أمهم جميعاً، وأم فاطمة بنت أسد، فاطمة بنت هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شهاب بن مهارب بن فهر(13)، وأمها عاتكة بنت أبي همهمة واسمه عبد العزى ابن عامر بن عمرو بن وديعة بن الحارث بن فهر؛ أسلمت بعد عشرة من المسلمين، فكانت الحادي عشر؛ وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكرمها ويعظمها ويدعوها (أمي) وأوصت إليه حين الوفاة، فقبل وصيتها، وصلى عليها، ونزل في لحدها، واضطجع معها فيه، بعد أن ألبسها قميصه.
    وفاطمة أول امرأة بايعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) من النساء. وأم أبي طالب بن عبد المطلب: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، وهي أم عبد الله والد سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأم الزبير بن عبد المطلب وسائر ولد عبد المطلب بعد لأمهات شتّى(14).
    فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف (المغيرة) بن قُصي (زيد) بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة (عمرو) بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
    هنا وإلى ذكر عدنان يتوقف الباحثون، من سرد بقية أسماء الآباء الأشاوس المنتهية إلى آدم (عليه السلام) امتثالاً لقول النبي (صلى الله عليه وآله): (إذا بلغ نسبي إلى عدنان فأمسكوا)(15).
    أبوها

    جاء في كتاب (فاطمة بنت أسد): أنّ أباها كان رجلاً شاعراً مثابراً ذكياً فطناً، طيب القلب عذب الحديث، تحفّه رعاية والده هاشم وعنايته الفائقة الوافرة أكثر بكثير من بقية أخوته وأخواته، لشدة حبّ هاشم له وتعلقه به، وكان هاشم يكنى باسم ولده أسد، مع وجود أخوة له يتقدمونه في العمر، وبعد والده تقلد الزعامة في قومه، وكانت أمه قيلة، وتلقب الجزور بنت عامر بن مالك بن جذيمة وهو المصطلق من خزاعة/ وتزوج بفاطمة (حبى) بنت هزم بن رواحة بن الحجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي، وأمها حربة (حدية) بنت وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر.

    ويبدو أن بيت فاطمة وعائلة هاشم كانت تتسم بالسيادة والزعامة والأدب، فالغالب على أفرادها الشعر، فقد جمعوا بين السيف والشعر، ولكل واحد في معاجم الأدب نماذج حية من شعره(16).
    في زواجها

    يحدثنا التاريخ فيقول: إن أبا طالب (عبد مناف) رقد في الحجر حول البيت، فرأى في منامه كأن باباً انفتح عليه من السماء، فنزل منه نور شمله، فانتبه لذلك فأتى راهب الجحفة، فقص عليه، فأنشأ الراهب يقول:

    بــالــولـــد الـحــلاحــل النــبـيـــــــل
    هــذان نـــوران عــلــى الـســـبيـــل

    أبشــــر أبــا طـــالب عــن قــلــــيل
    يــا آل قــريــش فــاسـمعوا تأويلي
    كمثل موسى وأخيه السؤول
    • فرجع أبو طالب فرحاً، وطاف بالكعبة وهو يقول:
    أدعـــوك بــالــرغبة محــيـي الميت
    أغــر نــوراً يـــا عــظــيــم الصوت
    وكــل مــن دان بــيـــوم الــســــبت

    أطـــــوف لــلإله حـــول الــبــيـــت
    بـأن تــرينــي الســبــط قبل الموت
    منــصــلتاً يــقــتل أهـــل الجــبــــت
    ثم عاد إلى الحجر فرقد فيه ثانية، فرأى في منامه كأنه ألبس إكليلاً من ياقوت وسربالاً من عبقر، وكأن قائلاً يقول له: يا أبا طالب قرت عيناك وظفرت يداك وحسنت رؤياك فإني لك بالولد ومالك البلد وعظيم التلد على رغم الحسد، فانتبه فرحاً فطاف حول الكعبة قائلاً:
    والــولـــــد المــحبـــو بــالعــفـــاف
    دعــاء عــبــد بــــالــذنـــــوب واف

    أدعــوك يا ربّ البيــت والطـــواف
    تــعــيـــنني بــالــمـنـن الــلـــطــاف
    وســـيد الــــــسادات والأشـــــراف
    • ثم عاد إلى الحجر فرقد، فرأى في منامه عبد مناف يقول: ما يبطئك عن بنت أسد؟ في كلام له، فلما انتبه تزوج بها، وطاف بالكعبة قائلاً:
    ولســـت بـــالــمرتاب فـــي الأمور
    دعـــــاء عــبــد مــخـــلــص فقـيــر
    بـــالـــولد الحـــلاحل الـــمـــذكــــور
    يا لهــمــا يـــا لهــــما مــــن نـــور
    فــــي فلــــك عــــال مـــن البـحـور
    طحـــن الــرحــى للحــب بالتــدوير
    منـــهـــوكة بــالــغـــي والثــبــــور
    مــن ســيــفــه المنتــقــم المبـــــير
    حسـامـه المنـتـــقــم لـلكـفور(17)

    قـــد صــدقــت رؤيـــاك بــالــتـعبير
    أدعـــوك ربَّ البــيــت والــنــــذور
    فــأعطــنــي يــا خــالــقي سروري
    يــكــون لــلـمـبعـوث كـــالــوزيــــر
    قــد طــلــعــا مــن هــاشـــم البـدور
    فــيــطــحن الأرض عــلــى الكـرور
    إن قــريــشـاً بــاتـــت بــالــتـكبـــير
    ومــــا لـــهـا مــوئـل مــجــــــيـــــر
    وصفـــوة الــنــامــوس في السفير
    تقدم أبو طالب إلى أسد بن هاشم وخطب ابنته العقيلة فاطمة، وحين حضرت الوفود الدعوة لخطبة الزواج والاحتفال بالعروسين، قام أبو طالب وقال:
    (الحمد لله رب العالمين، رب العرش العظيم، والمقام الكريم، والمشعر والحطيم، الذي اصطفانا أعلاماً، وسدنة، وعرفاء، وخلصاء، وحجبة بهاليل، أطهاراً من الخنى والريب والأذى والعيب، وأقام لنا المشاعر، وفضلنا على العشائر، نخب آل إبراهيم وصفوته وزرع إسماعيل... ثم قال: تزوجت فاطمة بنت أسد وسقت المهر ونفذت الأمر، فاسألوه واشهدوا، فقال أبوها أسد: زوجناك ورضينا بك...
    ثم أطعم الناس، فقال أمية بن عبد الله بن الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي المتوفى 5هـ وكان حاضراً:
    فكــــان عـــرساً لــيــن الحــالــــب
    مــــن راجـــل خف ومـــن راكـــب
    أيــامـــها لـلــرجـل الحـاسـب(18)

    أغــمــرنــا عــرس أبــي طـــــالـب
    اقـــرأوه الـبــــدو بــــأقــــــطــــاره
    فـــنــازلـــوه ســـبــعــة أحــصيــت
    انتقلت فاطمة بنت أسد إلى بيت أبي طالب، ذلك العملاق المؤمن الموحد، الذي أقام للشريعة الحنفية أساسها، وركز للقرآن الكريم دعائمه، وفدى بنفسه تجاه حياة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وأباد بحسامه ونضاله وثباته وسيفه وأولاده قواعد الكفر والشرك، وأذناب الشيطان...
    عاشت أم المؤمنين فاطمة... حياتها الكريمة إلى جانب أبي طالب، وقامت بأعباء المسؤولية في إدارة بيته وتدبير شؤون منزله، بصبر وصدق وإخلاص، وطهارة وصفاء ومحبة وإيمان وطيب، وأنجبت له أولاداً بين ذكور وإناث هم:
    طالب، عقيل، جعفر، علي، أم هانئ، أسماء، جمانة، ريطة.
    عن بريد بن قعنب، وجابر الأنصاري، أنه كان راهب يقال له المثرم بن دعيب قد عبد الله مائة وتسعين سنة ولم يسأله حاجة، فسأل ربه أن يريه ولياً له، فبعث الله بأبي طالب إليه فسأله عن مكانه وقبيلته، فلما أجابه وثب إليه وقبّل رأسه وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني وليه... ثم قال: أبشر يا هذا إن الله ألهمني أن ولداً يخرج من صلبك وهو ولي الله اسمه عليّ... فإن أدركته فاقرأه مني السلام... فقال: ما برهانه؟ قال: ما تريد؟ قال: طعام من الجنة في وقتي هذا، فدعا الراهب بذلك فما استتم كلامه، حتى أتى بطبق عليه من فاكهة الجنة، رطب وعنب ورمان، فتناول رمانة فتحولت ماءً في صلبه فجامع فاطمة فحملت بعليّ، وارتجت الأرض وزلزلت بهم أياماً، وعلت قريش الأصنام إلى ذروة أبي قبيس، فجعل يرتج ارتجاجاً حتى تدكدكت بهم صم الصخور، وتناثرت وتساقطت الآلهة على وجوهها، فصعد أبو طالب الجبل وقال: أيها الناس إن الله قد أحدث في هذه الليلة حادثة وخلق فيها خلقاً إن لم تطيعوه وتقروا بولايته وتشهدوا بإمامته لم يسكن ما بكم... فأقروا به فرفع يده وقال: إلهي وسيدي... أسألك بالمحمدية المحمودة وبالعلوية العالية، وبالفاطمية البيضاء، إلاّ تفضلت على تهامة بالرأفة والرحمة.
    فكانت العرب تدعوا بها في شدائدها في الجاهلية وهي لا تعلمها، فلما قرت ولادته أتت فاطمة بنت أسد إلى بيت الله وقالت: (ربِّ إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب، مصدقة بكلام جدي إبراهيم، فبحق الذي بنى هذا البيت، وبحق المولود الذي في بطني لما يسرت عليَّ ولادتي...).
    فانفتح الباب ودخلت فيه، فإذا هي بحواء ومريم وآسية وأم موسى وغيرهن، فصنعن مثلما صنعن برسول الله (صلى الله عليه وآله) وقت ولادته، فلما ولد سجد على الأرض يقول:
    (أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أن محمداً رسول الله وأشهد أن علياً وصي رسول الله، بمحمد يختم الله النبوة، وبي يختم الوصية, وأنا أمير المؤمنين).
    ثم سلّم على النساء، وسأل عن أحوالهن، وأشرقت السماء بضيائه، فخرج أبو طالب يقول:
    (أبشروا فقد ظهر وليُّ الله، يختم به الوصيين وهو وصي نبيّ ربِّ العالمين).
    ثم أخذ علياً فسلّم عليٌّ عليه، فسأله عن النسوة، فذكر له ثم قال: فالحق بالمثرم وخبره بما رأيت فإنه في كهف كذا من جبل أكام، فخرج حتى أتاه فوجده ميتاً جسداً ملفوفاً في مدرعة مسجى، فإذا هناك حيّتان، فلما بصرتا به غربتا في الكهف، ودخل أبو طالب، فقال: السلام عليك يا وليَّ الله ورحمة الله وبركاته... فأحيى الله المثرم فقام يمسح على وجهه ويقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأن علياً ولي الله والإمام بعد نبي الله.
    فقال أبو طالب: أبشر فإن علياً قد طلع إلى الأرض، فسأل عن ولادته فقصّ عليه القصة، فبكى المثرم ثم سجد شكراً لله، ثم تمطى فقال: غطني بمدرعتي فغطاه، فإذا هو ميت كما كان، فأقام أبو طالب ثلاثاً وخرجت الحيّتان، وقالتا: السلام عليك يا أبا طالب، إلحق بولي الله فإنك أحق بصيانته وحفظه من غيرك، فقال: من أنتما؟ قالتا: نحن عمله نذبُّ عنه الأذى إلى أن تقوم الساعة، فحينئذ يكون أحدنا سائقه والآخر قائده إلى الجنة، فانصرف أبو طالب.
    وفي رواية شعبة، عن قتادة، عن أنس، عن العباس بن عبد المطلب، وفي رواية الحسن بن محبوب، عن الصادق (عليه السلام)، والحديث مختصر، أنه انفتح البيت من ظهره، ودخلت فاطمة فيه، ثم عادت الفتحة والتصقت، وبقيت فيه ثلاثة أيام فأكلت من ثمار الجنة، فلما خرجت قال علي (عليه السلام): السلام عليك يا أبت ورحمة الله وبركاته... ثم تنحنح وقال: بسم الله الرحمن الرحيم، قد أفلح المؤمنون... فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قد أفلحوا بك أنت والله أميرهم، تميرهم من علمك فيمتارون، أنت والله دليلهم، وبك والله يهتدون.
    ووضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) لسانه في فيه فانفجرت اثنتا عشرة عيناً، قال: فسمي ذلك اليوم يوم التروية، فلما كان من غده وبصر عليّ برسول الله سلّم عليه وضحك في وجهه وجعل يشير إليه فأخذه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالت فاطمة: عرفه، فسمي ذلك اليوم عرفة.
    فلما كان اليوم الثالث أذّن أبو طالب في الناس أذاناً جامعاً، وقال: هلموا إلى وليمة ابني عليّ، ونحر ثلاثمائة من الإبل، وألف رأس من البقر والغنم، واتخذوا وليمة، وقال: هلموا وطوفوا بالبيت سبعاً، وادخلوا على عليّ ولدي، ففعل الناس من ذلك، وجرت به السنة.
    ووضعته أمه بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله) ففتح فاه بلسانه وحنّكه وأذّن في أذنه اليمنى، وأقام في أذُنه اليسرى، فعرف الشهادتين، وولد على الفطرة.
    وقال أبو علي الهمام، بسنده، أنه لما ولد عليّ (عليه السلام)، أخذ أبو طالب بيد فاطمة، وعليٌّ على صدره وخرج إلى الأبطح ونادى:
    والقـــمــــر الــمــنــبــلج المُـــضـيّ
    مـــاذا تـــرى فـــــي اسم ذا الصبيّ

    يـــا ربِّ يـــا ذا الغـــسـق الـــدجيّ
    بيّــن لنـــا مـــن حُــكمك المقــضيّ
    قال: فجاء شيء يدبّ على الأرض كالسحاب، حتى حصل صدر أبي طالب، فلما أصبح إذا هو بلوح أخضر فيه مكتوب:
    والطاهـــر المـنـــتجب الـــرضــــيّ
    عـــليٌّ اشــتــــق مــــن العـــلـــــيّ

    خصـــصتــما بــالــولــد الــزكـــــيّ
    فــاســـمه مـــن شــــامــخ عـــــليّ
    قال: فعلقوا اللوح في الكعبة، وما زال هناك حتى أخذه هشام بن عبد الملك، فاجمع أهل البيت أنه في الزاوية اليمنى من ناحية البيت. فالولد الطاهر من النسل الطاهر، ولد في الموضع الطاهر، فأين توجد هذه الكرامة لغيره؟ فأشرف البقاع الحرم، وأشرف الحرم المسجد، وأشرف بقاع المسجد الكعبة، ولم يولد فيه مولود سواه... فالمولود فيه يكون في غاية الشرف، فليس مولودٌ في سيد الأيام يوم الجمعة في الشهر الحرام، في البيت الحرام، سوى أمير المؤمنين (عليه السلام).
    وفي خبر آخر عن يزيد بن قعنب، قال: كنت جالساً مع العباس بن عبد المطلب وفريق من عبد العزى بإزاء بيت الله الحرام، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانت حاملاً به لتسعة أشهر، وقد أخذها الطلق، فقالت: ربِّ إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب، وإني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل (عليه السلام) وأنه بنى البيت العتيق، فبحقِّ الذي بنى هذا البيت، وبحق المولود في بطني لما يسرت عليَّ ولادتي...
    قال زيد بن قعنب: فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره، ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا، والتصق الحائط، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح، فعلمنا أن في ذلك أمر من الله عز وجل. ثم خرجت بعد الرابع وبيدها أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم قالت: إني فُضلت على من تقدمني من النساء، لأن آسية بنت مزاحم عبدت الله عز وجل سراً في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلاّ اضطراراً، وأن مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطباً جنياً، وإني دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنة وأوراقها فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة سمّيه علياً، فهو عليٌّ والله ا لعلي الأعلى، يقول: (إني شققت اسمه من اسمي، وأدبته بأدبي، ووقفته على غوامض علمي، وهو الذي يكسّر الأصنام في بيتي، وهو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي، ويقدسني ويمجدني، فطوبى لمن أحبه وأطاعه، وويل لمن أبغضه وعصاه).
    قالت: فولدت علياً، ولرسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثون سنة، فأحبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حباً شديداً، وقال لها: اجعلي مهده بقرب فراشي، وكان (صلى الله عليه وآله) يلي تربيته، وكان يطهر علياً وقت غسله، ويوجره اللبن عند شربه، ويحرك مهده عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويحمله على صدره ورقبته، ويقول: هذا أخي ووليّي وناصري وصفيّي وذخري وكهفي وصهري ووصيّي وزوج كريمتي وأميني على وصيتي وخليفتي.
    وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحمله دائماً ويطوف به جبال مكة وشعابها وأوديتها وفجاجها صلى الله على الحامل والمحمول.
    وفي رواية أخرى، قال جابر بن عبد الله الأنصاري: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ميلاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: آه آه لقد سألتني عن خير مولود، ولد بعدي على سُنة المسيح (عليه السلام)، إن الله تبارك وتعالى، خلقني وعلياً من نور واحد قبل أن يخلق الخلق بخمسمائة ألف عام، فكنا نُسبّح الله ونقدسه، فلما خلق الله تعالى آدم قذف بنا في صلبه، واستقررت أنا في جنبه الأيمن وعليٌّ في الأيسر، ثم نقلنا من صلبه في الأصلاب الطاهرات إلى الأرحام الطيبات، فلم نزل كذلك حتى أطلعني الله تعالى من ظهر طاهر، وهو عبد الله بن عبد المطلب، فاستودعني خير رحم وهي آمنة، ثم أطلع الله تبارك وتعالى علياً من ظهر طاهر وهو أبو طالب، واستودعه خير رحم وهي فاطمة بنت أسد.
    ثم قال: يا جابر ومن قبل أن يقع عليٌّ في بطن أمه، كان في زمانه رجل عابد راهب، يُقال له: المثرم بن رعيب بن الشيقنام، وكان مذكوراً في العبادة، قد عبد الله مائة وتسعين سنة، ولم يسأل حاجة، فسأل ربه أن يريه ولياً له فبعث الله تبارك وتعالى بأبي طالب إليه، فلما أن أبصر به المثرم قام إليه فقبّل رأسه وأجلسه بين يديه، فقال: من أنت يرحمك الله؟ قال: رجل من تهامة، فقال: من أي تهامة؟ قال: من مكة، قال: ممن؟ قال: من عبد مناف، قال: من أي عبد مناف؟ قال: من بني هاشم، فوثب إليه الراهب فقبّل رأسه ثانياً، وقال: الحمد لله الذي أعطاني مسألتي، فلم يمتني حتى أراني وليّه، ثم قال له: أبشر يا هذا، فإنَّ العلي الأعلى قد ألهمني إلهاماً فيه بشارتك، قال أبو طالب: وما هو؟ قال: ولد يخرج من صلبك وهو ولي الله تبارك وتعالى، وهو إمام المتقين، ووصي رسول الله، فإن أدركت ذلك الولد فاقرأه مني السلام، وقل له: إنّ المثرم يُقرئك السلام، وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وان محمداً عبده ورسوله، وأنّك وصيّه حقاً، بمحمد تتم النبوة، وبك تتم الوصية.
    قال: فبكى أبو طالب، وقال له: ما اسم هذا المولود؟ قال: اسمه عليّ، فقال أبو طالب: إني لا أعلم حقيقة ما تقول إلاّ ببرهان بيّن ودلالة واضحة، قال المثرم: فما تريد أن أسأل الله لك أن يعطيك في مكانك ما يكون دلالة لك؟ قال أبو طالب: أريد طعاماً من الجنة في وقتي هذا، فدعا الراهب بذلك، فما استتم دعاءه حتى أوتي بطبق عليه من فواكه الجنة، رطب وعنب ورمان، فتناول أبو طالب منه رمانة ونهض فرحاً من ساعته، حتى رجع إلى منزله فأكلها، فتحولت ماءً في صلبه، فجامع فاطمة بنت أسد، فحملت بعليّ، وارتجت الأرض وزلزلت بهم أياماً حتى لقيت قريش من ذلك شدة، وفزعوا، وقالوا: قوموا بآلهتكم إلى ذروة أبي قبيس حتى نسألهم أن يسكنوا ما نزل بساحتكم، فلما اجتمعوا على ذروة جبل أبي قبيس، فجعل يرتج ارتجاجاً حتى تدكدكت بهمُّ الصخور، وتناثرت وتساقطت الآلهة على وجهها، فلما أبصروا بذلك قالوا: لا طاقة لنا بما حلّ بنا.
    فصعد أبو طالب الجبل وهو غير مكترث بما هم فيه، فقال: يا أيها الناس إن الله تبارك وتعالى قد أحدث في هذه الليلة حادثة، وخلق فيها خلقاً إن لم تطيعوه ولم تقروا بولايته وتشهدوا بإمامته لم يسكن ما بكم، ولا يكون لكم بتهامة مسكن، فقالوا: يا أبا طالب إنا نقول بمقالتك، فبكى أبو طالب ورفع يديه وقال:
    (إلهي وسيدي أسألك بالمحمدية المحمودة، وبالعلوية العالية، وبالفاطمية البيضاء، إلاّ تفضلت على تهامة بالرأفة والرحمة).
    فو الذي فلق الحبة و برأ النسمة، لقد كانت العرب تكتب هذه الكلمات فتدعوا بها عند شدائدها في الجاهلية وهي لا تعلمها ولا تعرف حقيقتها، فلما كانت الليلة التي ولد فيها أمير المؤمنين (عليه السلام) أشرقت السماء بضيائها، وتضاعف نور نجومها، وأبصرت من ذلك قريش عجباً، فهاج بعضها في بعض، وقالوا: قد حدث في السماء حادثة، وخرج أبو طالب يتخلل سكك مكة وأسواقها ويقول: يا أيها الناس تمت حجة الله، وأقبل الناس يسألونه عن علة ما يرونه من إشراق السماء وتضاعف نور النجوم، فقال لهم: أبشروا فقد ظهر في هذه الليلة وليّ من أولياء الله، يكمل الله فيه خصال الخير، ويختم به الوصيين، وهو إمام المتقين، وناصر الدين، وقامع المشركين، وغيظ المنافقين، وزين العابدين، ووصيّ رسول رب العالمين، إمام هدى ونجم علا ومصباح دجى ومبيد الشرك والشبهات، وهو نفس اليقين، ورأس الدين، فلم يزل يُكرر هذه الكلمات والألفاظ إلى أن أصبح، فلما أصبح غاب عن قومه أربعين صباحاً.
    قال جابر: فقلت: يا رسول الله إلى أين غاب؟ قال: إنه مضى يطلب المثرم، وقد مات في جبل اللكام، فاكتم يا جابر، فإنه من أسرار الله المكنونة، وعلومه المخزونة، وأن المثرم كان وصف لأبي طالب كهفاً في جبل اللكام، وقال له: إنك تجدني هناك حياً أو ميتاً، فلما مضى أبو طالب إلى ذلك الكهف ودخل إليه، وجد المثرم ميتاً جسداً، ملفوفاً في مدرعة، مسجى بها إلى قبلته، فإذا هناك حيّتان، إحداهما بيضاء والأخرى سوداء، وهما يدفعان عنه الأذى، فلما بصرا بأبي طالب غربتا في الكهف، ودخل أبو طالب إليه فقال: السلام عليك يا وليّ الله ورحمة الله وبركاته، فأحيا الله تعالى بقدرته المثرم، فقام قائماً يمسح وجهه ويقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن علياً ولي الله والإمام بعد نبي الله.
    فقال أبو طالب: ابشر فإن علياً قد طلع إلى الأرض، فسأل عن ولادته فقص عليه القصة، فبكى المثرم ثم سجد شكراً لله، ثم تمطى، فقال: غطني بمدرعتي، فغطيته فإذا أنا به ميت كما كان، فأقمت ثلاثاً أكلم فلا أجاب، فاستوحشت لذلك، وخرجت الحيّتان فقالتا لي: السلام عليك يا أبا طالب فأجبتهما، ثم قالتا لي: إلحق بوليّ الله فإنك أحق بصيانته وحفظه من غيرك، فقلت لهما: من أنتما؟ قالتا: نحن عمله الصالح، خلقنا الله من خيرات عمله، فنحن نذبّ عنه الأذى إلى أن تقوم الساعة، فإذا قامت القيامة كان أحدنا قائده والآخر سائقه ودليله إلى الجنة، ثم انصرف أبو طالب (رضي الله عنه) إلى مكة.
    قال جابر: فقلت: يا رسول الله، أكثر الناس يقولون أن أبا طالب مات كافراً، قال يا جابر: ربك أعلم بالغيب، إنه لما كانت الليلة التي أسري بي فيها إلى السماء، انتهيت إلى العرش فرأيت أربعة أنوار، فقلت إلهي: ما هذه الأنوار؟ فقال: يا محمد، هذا عبد المطلب، وهذا عمك أبو طالب، وهذا أبوك عبد الله، وهذا أخوك طالب، فقلت: إلهي وسيدي فبماذا نالوا هذه الدرجة؟ قال: بكتمانهم الإيمان وإظهارهم الكفر، وصبرهم على ذلك حتى ماتوا عليه. سلام الله عليهم أجمعين(19).

    تعليق


    • #3
      نسبه مختصراً

      اسمه: علي
      أبوه: أبو طالب (عبد مناف)
      أمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم
      جده: عبد المطلب بن هاشم
      إخوته: طالب، عقيل، جعفر
      أخواته: أم هاني، جمانة.
      ولادته: ولد (عليه السلام) يوم الجمعة في الثالث من شهر رجب في الكعبة المكرمة بعد مولد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بثلاثين سنة.
      صفته:
      كان( عليه السلام) ربع القامة، أزج الحاجبين، أدعج العينين أنجل، حسن الوجه كأن وجهه القمر ليلة البدر حسناً، ويميل إلى السمرة، أصلع له حفاف من خلفه كأنه إكليل، اغيد كأن، عنقه إبريق فضة، وهو ارقب، ضخم البطن، أقرى الظهر، عريض الصدر، محض المتن، شثن الكفين، ضخم الكسور، لا يبين عضده من ساعده قد أدمجت إدماجا، عبل الذراعين، عريض المنكبين، عظيم المشاشين كمشاش السبع الضاري، له لحية قد زانت صدره، غليظ العضلات، خمش الساقين(1).
      إسلامه: هو أول من أسلم.
      أشهر زوجاته: فاطمة الزهراء (عليها السلام)، حولة بنت جعفر بن قيس الخثعمية، أم حبيب بنت ربيعة، أم البنين بنت حزام بن خالد بن دارم، ليلى بنت مسعود الدارمية، أسماء بنت عميس الخثعمية، أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي.
      أولاده: الحسن (عليه السلام)، الحسين (عليه السلام)، محمد (المكنى بأبي القاسم)، رملة، نفيسة، زينب الصغرى، رقية الصغرى، أم هاني، أم الكرام جمانة (المكناة أم جعفر) امامة، أم سلمة، ميمونة، خديجة، فاطمة(2).
      كُناه: أبو الحسن، أبو الحسين، أبو السبطين، أبو الريحانتين، أبو تراب (كناه بها رسول الله (صلى الله عليه وآله).
      ألقابه: أمير المؤمنين، المرتضى، الوصي، حيدرة، يعسوب المؤمنين، يعسوب الدين.
      خصائصه:
      أ - ولد في الكعبة ولم يولد بها أحد قبله ولا بعده.
      ب ـ آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينه وبين علي لما آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينه وبين علي لما آخى بين المسلمين.
      ج - حامل لواء الرسول (صلى الله عليه وآله).
      د - أمره الرسول (صلى الله عليه وآله).
      في بعض سراياه ولم يجعل علياً أميراً.
      هـ ـ بلغ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سورة براءة.
      بيعته: بويع له بالخلافة في الثامن عشر من ذي الحجة في السنة العاشرة من الهجرة في غدير خم بأمر الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، واستلم الحكم في ذي الحجة في السنة الخامسة والثالثين من الهجرة.
      عاصمته: الكوفة
      شاعره: النجاشي، الأعور الشني
      نقش خاتمه: الله الملك وعلي عبده
      حروبه: الجمل، صفين، النهروان
      رايته: راية رسول لله (صلى الله عليه وآله)
      آثاره: نهج البلاغة
      بوابه: سلمان الفارسي
      كاتبه: عبد الله بن أبي رافع
      شهادته: ضربه عبد الرحمن بن ملجم المرادي الخارجي في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة أثناء اشتغاله بصلاة الفجر في مسجد الكوفة، وتوفي في ليلة إحدى وعشرين من الشهر المذكور.
      قبره: دفنه الحسن (عليه السلام) في الغري، واخفى قبره مخافة الخوارج ومعاوية، وهو اليوم ينافس السماء سمواً ورفعةً، وعلى أعتابه يتكدس الذهب، ويتنافس المسلمون في زيارته من جميع العالم الإسلامي.

      تعليق


      • #4
        استشهاده
        علي (عليه السلام) ينعى نفسه

        بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمد لله حمد الشاكرين على المصيبة وصلى الله على محمد وآله المظلومين.
        قال الله تعالى: (من المؤمنين رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)(1).

        نبدأ حديثنا حول شهادة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلقد سبق أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أخبر علياً بأنه يفوز بالشهادة في سبيل الله، ففي يوم أحد تأسف الإمام أمير المؤمنين على حرمانه الشهادة في ذلك اليوم فقال له النبي: إنها من ورائك.
        ويوم الخندق لما ضربه عمرو بن عبدود على رأسه كانت الدماء تسيل على وجهه الشريف فقام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يشد جرحه ويقول له: أين أنا يوم ضربك أشقى الآخرين على رأسك ويخضب لحيتك من دم رأسك؟؟
        وخطب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في آخر جمعة من شهر شعبان وذكر ما يتعلق بشهر رمضان، فقام علي (عليه السلام) وقال: ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال: يا أبا الحسن أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل، ثم بكى النبي فقال (عليه السلام): ما يبكيك؟ فقال: يا علي أبكي لما يستحل منك في هذا الشهر! كأني بك وأنت تصلي لربك وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود، فضربك ضربة على قرنك فخضب منها لحيتك، قال الإمام: وذلك في سلامة من ديني؟ فقال: في سلامة من دينك... الخ.
        وكان الإمام (عليه السلام) كثيراً ما يخبر الناس بشهادته واختضاب لحيته الكريمة بدم رأسه، وحينما أتاه عبد الرحمن بن ملجم ليبايعه نظر علي في وجه طويلاً، ثم قال: أرأيتك إن سألتك عن شيء وعندك منه علم هل أنت مخبر عنه؟ قال: نعم، وحلفه عليه فقال: أكنت تواضع الغلمان وتقوم عليهم وكنت إذا جئت فرأوك من بعيد قالوا: قد جاءنا ابن راعية الكلاب؟؟ فقال: الهم نعم.
        فقال له: مررت برجل وقد أيفعت (صرت يافعاً) فنظر إليك نظراً حاداً فقال: أشقى من عاقر ناقة ثمود؟ قال: نعم قال: قد أخبرتك أمك أنها حملت بك في بعض حيضها؟ فتعتع هنيئة ثم قال: نعم.
        فقال الإمام: قم فقام، قال (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: (قاتلك شبه اليهودي بل هو اليهودي).
        وقد تكرر منه (عليه السلام) أن رأى ابن ملجم فقال: أريد حياته ويريد قتلي، وفي تلك السنة الأخيرة من حياته والشهر الأخير من حياته كان يخبر الناس بشهادته فيقول: ألا وإنكم حاجوا العام صفاً واحداً، وآية (علامة) ذلك أني لست فيكم.
        فعلم الناس أنه ينعى نفسه، ولم يكتفِ (عليه السلام) بذلك بل كان يدعو على نفسه ويسأل من الله تعالى تعجيل الوفاة، وتارة كان يكشف عن رأسه وينشر المصحف على رأسه ويرفع يديه للدعاء قائلاً: اللهم إني قد سئمتهم وسئموني ومللتهم وملوني، أما أن تخضب هذه من هذا ـ ويشير إلى هامته ولحيته.
        وقبل الواقعة أخبر (عليه السلام) أبنته أم كلثوم بأنه رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يمسح الغبار عن وجهه ويقول: يا علي لا عليك، قضيت ما عليك.
        وكان الإمام قد بلغ من العمر ثلاثاً وستين سنة، وفي شهر رمضان من تلك السنة كان الإمام يفطر ليلة عند ولده الحسن وليلة عند ولده الحسين وليلة عند ابنته زينب الكبرى زوجة عبد الله بن جعفر وليلة عند أبنته زينب الصغرى المكناة بأم كلثوم.
        وفي الليلة التاسعة عشر كان الإمام (عليه السلام) في دار ابنته أم كلثوم فقدمت له فطوره في طبق فيه: قرصان من خبز الشعير، وقصعة فيها لبن حامض، فأمر الإمام ابنته أن ترفع اللبن، وأفطر بالخبز والملح، ولم يشرب من اللبن شيئاً لأن في الملح كفاية، وأكل قرصاً واحداً، ثم حمد الله وأثنى عليه، و قام إلى الصلاة، ولم يزل راكعاً وساجداً ومبتهلاً ومتضرعاً إلى الله تعالى، وكان يكثر الدخول والخروج وينظر إلى السماء ويقول: هي، هي والله الليلة التي وعدنيها حبيبي رسول الله.
        ثم رقد هنيئة وانتبه مرعوباً وجعل يمسح وجهه بثوبه، ونهض قائماً على قدميه وهو يقول: اللهم بارك لنا في لقائك.
        ويكثر من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) ثم صلى حتى ذهب بعض الليل، ثم جلس للتعقيب، ثم نامت عيناه وهو جالس، ثم انتبه من نومته مرعوباً، وقالت أم كلثوم: قال لأولاده: إني رأيت في هذه الليلة رؤيا هالتني وأريد أن أقصها عليكم قالوا: وما هي؟ قال: إني رأيت الساعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في منامي وهو يقول لي: يا أبا الحسن إنك قادم إلينا عن قريب، يجيء إليك أشقاها فيخضب شيبتك من دم رأسك، وأنا والله مشتاق إليك، وإنك عندنا في العشر الآخر من شهر رمضان، فهلم إلينا فما عندنا خير لك وأبقى.
        قال: فلما سمعوا كلامه ضجوا بالبكاء والنحيب وأبدوا العويل، فأقسم عليهم بالسكوت فسكتوا، ثم أقبل عليهم يوصيهم ويأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر قالت أم كلثوم: لم يزل أبي تلك الليلة قائماً وقاعداً وراكعاً وساجداً ثم يخرج ساعة بعد ساعة يقلب طرفه في السماء وينظر في الكواكب وهو يقول: والله ما كذبت ولا كذبت، وإنها الليلة التي وعدت بها، ثم يعود إلى مصلاه ويقول: اللهم بارك لي في الموت.
        ويكثر من قول: (أنا لله وأنا إليه راجعون) ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ويصلى على النبي (صلّى الله عليه وآله) ويستغفر الله كثيراً قالت أم كلثوم فلما رأيته في تلك الليلة قلقاً متململاً كثير الذكر والاستغفار أرقت معه ليلتي وقلت: يا أبتاه ما لي أراك هذه الليلة لا تذوق طعم الرقاد؟ قال: يا بنية إن أباك قتل الأبطال وخاض الأهوال وما دخل الخوف له جوفاً، وما دخل في قلبي رعب أكثر مما دخل في هذه الليلة ثم قال: (أنا لله وأنا إليه راجعون).
        فقلت يا أبا ما لك تنعى نفسك منذ الليلة؟ قال: بنية قد قرب الأجل وانقطع الأمل قالت أم كلثوم: فبكيت فقال لي يا بنية لا تبكي فإني لم أقل ذلك إلا بما عهد إلي النبي (صلّى الله عليه وآله) ثم إنه نعس وطوى ساعة ثم استيقظ من نومه، وقال: يا بنية إذا قرب الأذان فأعلميني.
        ثم رجع إلى ما كان عليه أول الليل من الصلاة والدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى قالت أم كلثوم: فجعلت أرقب الأذان فلما لاح الوقت أتيته ومعي إناء فيه ماء، ثم أيقظته فأسبغ الوضوء، وقام ولبس ثيابه وفتح بابه ثم نزل إلى الدار وكان في الدار إوز قد أهدي إلى أخي الحسين (عليه السلام) فلما نزل خرجن وراءه ورفرفن، وصحن في وجهه.
        وكان قبل تلك الليلة لم يصحن فقال (عليه السلام): لا إله إلا الله، صوائح تتبعها نوائح، وفي غداة غد يظهر القضاء.
        فقلت: يا أبتاه هكذا تتطير؟ فقال: بنية ما منا أهل البيت من يتطير ولا يتطير به.
        ولكن قول جرى على لساني ثم قال: يا بنية بحقي عليك إلا ما أطلقتيه، وقد حبست ما ليس له لسان، ولا يقدر على الكلام إذا جاع أو عطش فأطعميه واسقيه وإلا خلي سبيله يأكل من حشائش الأرض.
        فلما وصل إلى الباب فعالجه ليفتحه فتعلق الباب بمئزره فانحل مئزره حتى سقط فأخذه وشده وهو يقول:
        فإن الموت لاقيكــــــا
        إذا حــل بناديكــــــا
        كذاك الدهر يبكـــيكا

        أشدد حيازيمك للموت
        ولا تجزع من المــوت
        كما أضحك الدهـــــــر
        ثم قال: اللهم بارك لنا في الموت اللهم بارك لنا في لقائك قالت أم كلثوم: وكنت أمشي خلفه فلما سمعته يقول ذلك قلت: واغوثاه يا أبتاه أراك تنعى نفسك منذ الليلة قال: يا بنية ما هو بنعاء ولكنها دلالات وعلامات للموت يتبع بعضها بعضاً، فامسكي عن الجواب، ثم فتح الباب وخرج قالت أم كلثوم: فجئت إلى أخي الحسن (عليه السلام) فقلت: يا أخي قد كان من أمر أبيك الليلة كذا وكذا وهو قد خرج في هذا الليل الغلس فالحقه فقام الحسن بن علي (عليه السلام) وتبعه فلحق به قبل أن يدخل الجامع فأمره الإمام بالرجوع فرجع.
        وأما عدو الله: عبد الرحمن بن ملجم فكان على رأي الخوارج وكانت بينه وبين قطام حب وغرام، وقطام قد قتل أبوها وأخوها وزوجها في النهروان، وقد امتلأ قلبها غيظاً وعداءً لأمير المؤمنين وأراد ابن ملجم أن يتزوجها فاشترطت عليه أن يقتل أمير المؤمنين (عليه السلام) فاستعظم هذا الأمر وطلبت منه ثلاثة آلاف دينار وعبداً وقينة (جارية) وينسب إليه هذه الأبيات:
        كمهر قطام من فصيح وأعجم
        وضرب علي بالحسام المصمم

        فلم أر مهراً ساقه ذو سماحة
        ثلاثة آلاف وعبد وقيـــنــــــة
        وقيل إنه تعاهد هو ورجلين على قتل معاوية وعمرو بن العاص واختار الثالث قتل معاوية، فقصد البرك بن عبد الله التميمي مصر ليقتل ابن العاص، ولم يخرج ابن العاص تلك الصبيحة فأرسل رجلاً يقال له: خارجة بن تميم، فلما وقف في المحراب صربه البرك ظناً منه أنه ابن العاص فمات خارجة من تلك الضربة.
        وأما الآخر ويقال له: العنبري فإنه قصد الشام يقصد قتل معاوية وتعرف بمعاوية وجعل يدخل عليه ويلاطف له في الكلام وينشده الأشعار حتى صارت صبيحة يوم التاسع عشر من شهر رمضان وجاء معاوية للصلاة وثار إليه العنبري ورفع السيف ليضرب عنقه فأخطأ الضربة فوقع السيف على إلية معاوية، ولم يقتل من ضربته بل جرح جرحاً برء بالمعالجة.
        وأما عبد الرحمن بن ملجم فقد جاء تلك الليلة وبات في المسجد ينتظر طلوع الفجر ومجيء الإمام للصلاة وهو يفكر حول الجريمة العظمى التي قصد ارتكابها ومعه رجلان: شبيب بن بحرة ووردان بن مجالد يساعدانه على قتل الإمام.
        وسار الإمام إلى المسجد فصلى في المسجد، ثم صعد المأذنة ووضع سبابته في أذنيه وتنحنح، ثم أذن، فلم يبق في الكوفة بيت إلا اخترقه صوته، ثم نزل عن المأذنة وهو يسبح الله ويقدسه ويكبره، ويكثر من الصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله)، وكان يتفقد النائمين في المسجد ويقول للنائم: الصلاة، يرحمك الله، قم إلى الصلاة المكتوبة ثم يتلو: (إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر).
        لم يزل الإمام يفعل ذلك حتى وصل إلى ابن ملجم وهو نائم على وجهه وقد أخفى سيفه تحت إزاره فقال له الإمام: يا هذا قم من نومك هذا فإنها نومة يمقتها الله، وهي نومة الشيطان، ونومة أهل النار بل نم على يمينك فإنها نومة العلماء، أو على يسارك فإنها نومة الحكماء، أو نم على ظهرك فإنها نومة الأنبياء.
        نعم، الشمس تشرق على البر والفاجر والكلب والخنزير وكل رجس وقذر، والإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يفيض من علومه على الأخيار والأشرار وينصح السعداء والأشقياء ولا يبخل عن الخير حتى لأشقى الأشقياء، ويرشد كل أحد حتى قاتله!! ثم قال له الإمام: لقد هممت بشيء تكاد السماوات أن يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً، ولو شئت لأنبأتك بما تحت ثيابك ثم تركه، واتجه إلى المحراب، وقام قائماً يصلي، وكان (عليه السلام) يطيل الركوع والسجود في صلاته، فقام المجرم الشقي لإنجاز أكبر جريمة في تاريخ الكون!! وأقبل مسرعاً يمشي حتى وقف بازاء الاسطوانة التي كان الإمام يصلي عليها، فأمهله حتى صلى الركعة الأولى وسجد السجدة الأولى ورفع رأسه منها فتقدم اللعين وأخذ السيف وهزه ثم ضربه على رأسه الشريف فوقعت الضربة على مكان الضربة التي ضربه عمر بن عبدود العامري.
        فوقع الإمام على وجهه قائلاً: بسم الله وعلى ملة رسول الله ثم صاح الإمام: قتلني ابن ملجم قتلني ابن اليهودية، أيها الناس لا يفوتكم ابن ملجم.
        أخبر الإمام عن قاتله كيلا يشتبه الناس بغيره فيقتلون البريء، كما قتل في حادثة قتل عمر بن الخطاب جماعة من الأبرياء المساكين الذين هجم عليهم عبيد الله بن عمر وقتلهم.
        حتى في تلك اللحظة يحافظ الإمام على النظام وعلى حياة الناس، نبع الدم العبيط من هامة الإمام وسال على وجهه المنير، وخضب لحيته الكريمة وصدق كلام الرسول ووقع ما أخبر به، لم يفقد الإمام وعيه وما انهارت أعصابه بالرغم من وصول الضربة إلى جبهته وبين حاجبيه، فجعل يشد الضربة بمئزره ويضع عليها التراب، ولم يمهله الدم فقد سال على صدره وأزياقه، وعوضاً من التأوه والتألم والتوجع كان يقول (صلوات الله عليه): فزت ورب الكعبة! هذا ما وعد الله ورسوله! وصدق الله ورسوله! استولت الدهشة والذهول على الناس، وخاصة على المصلين في المسجد، وفي تلك اللحظة هتف جبرائيل بذلك الهتاف السماوي.
        لم نسمع في تاريخ الأنبياء أن جبرائيل هتف يوم وفاة نبي من الأنبياء أو وصي من الأوصياء، ولكنه هتف ذلك الهتاف لما وصل السيف إلى هامة الإمام وهو بعد حي، هتف بشهادته كما هتف يوم أحد بفتوته وشهامته يوم قال: لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار.
        فاصطفت أبواب الجامع وضجت الملائكة في السماء بالدعاء وهبت ريح عاصف سوداء مظلمة ونادى جبرائيل بين السماء والأرض بصوت يسمعه كل مستيقظ: تهدمت والله أركان الهدى وانطمست والله نجوم السماء وأعلام التقى وانفصمت والله العروة الوثقى قتل ابن عم محمد المصطفى (صلّى الله عليه وآله) قتل الوصي المجتبى قتل علي المرتضى، قتل والله سيد الأوصياء، قتله أشقى الأشقياء.
        فلما سمعت أم كلثوم نعي جبرائيل لطمت على وجهها، وخدها وشقت جيبها وصاحت: واأبتاه واعلياه وامحمداه واسيداه.
        وخرج الحسن والحسين فإذا الناس ينوحون وينادون: واإماماه واأمير المؤمنيناه، قتل والله إمام عابد مجاهد لم يسجد لصنم قط وكان أشبه الناس برسول الله.
        فلما سمع الحسن والحسين (عليهما السلام) صرخات الناس ناديا: واأبتاه واعلياه ليت الموت أعدمنا الحياة، فلما وصلا إلى الجامع ودخلا وجدا أبا جعدة بن هبيرة ومعه جماعة من الناس وهم يجتهدون أن يقيموا الإمام في المحراب ليصلي بالناس.
        فلم يطق على النهوض، وتأخر عن الصف وتقدم الحسن (عليه السلام) فصلى بالناس، وأمير المؤمنين (عليه السلام) صلى إيماء من جلوس وهو يمسح الدم عن وجهه وكريمته يميل تارة ويسكن أخرى والحسن (عليه السلام) ينادي: واانقطاع ظهراه! يعز ـ والله ـ علي أن أراك هكذا ـ ففتح الإمام (عليه السلام) عينه.
        وقال: يا بني لا جزع على أبيك بعد اليوم! هذا جدك محمد المصطفى وجدتك خديجة الكبرى وأمك فاطمة الزهراء والحور العين محدقون فينتظرون قدوم أبيك، فطب نفساً وقر عيناً وكف عن البكاء، فإن الملائكة قد ارتفعت أصواتهم إلى السماء.
        ثم إن الخبر شاع في جوانب الكوفة وانحشر الناس حتى المخدرات خرجن من خدرهن إلى الجامع ينظرون إلى الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فدخل الناس الجامع فوجدوا الحسن (عليه السلام) ورأس أبيه في حجره وقد غسل الدم عنه، وشد الضربة وهي بعدها تشخب دماً ووجهه قد زاد بياضاً بصفرة وهو يرمق السماء بطرفه، ولسانه يسبح الله ويوحده، وهو يقول أسألك يا رب الرفيع الأعلى.
        فأخذ الحسن (عليه السلام) رأسه في حجره فوجده مغشياً عليه فعندها بكى بكاء شديداً وجعل يقبل وجه أبيه وما بين عينيه وموضع سجوده فسقط من دموعه قطرات على وجه أمير المؤمنين (عليه السلام) ففتح عينيه فرآه باكياً.
        فقال له الإمام (عليه السلام): يا بني يا حسن ما هذا البكاء؟ يا بني لا روع على أبيك بعد اليوم! يا بني أتجزع على أبيك وغداً تقتل بعدي مسموماً مظلوماً؟ ويقتل أخوك بالسيف هكذا؟ وتلحقان بجدكما وأبيكما وأمكما؟ فقال له الحسن (عليه السلام): يا أبتاه ما تعرفنا من قتلك؟ ومن فعل بك هذا؟ قال (عليه السلام): قتلني ابن اليهودية: عبد الرحمن بن ملجم المرادي فقال: يا أباه من أي طريق مضى؟ قا لا يمضي أحد في طلبه فإنه سيطلع عليكم من هذا الباب.
        وأشار بيده الشريفة إلى باب كنده.
        ولم يزل السم يسري في رأسه وبدنه ثم أغمي عليه ساعة والناس ينتظرون قدوم الملعون من باب كنده، فاشتغل الناس بالنظر إلى الباب ويرتقبون قدوم الملعون وقد غص المسجد بالعالم ما بين باكٍ ومحزون فما كان إلا ساعة وإذا بالصيحة قد ارتفعت، من الناس وقد جاءوا بعدو الله ابن ملجم مكتوفاً هذا يلعنه وهذا يضربه.
        فوقع الناس بعضهم على بعض ينظرون إليه فأقبلوا باللعين مكتوفاً وهم ينهشون لحمه بأسنانهم، ويقولون له: يا عدو الله ما فعلت؟ أهلكت أمة محمد (صلّى الله عليه وآله) وقتلت خير الناس.
        وإنه لصامت وبين يديه رجل يقال له حذيفة النخعي بيده سيف مشهور وهو يرد الناس عن قتله وهو يقول هذا قاتل الإمام علي (عليه السلام) حتى أدخلوه إلى المسجد.
        وكانت عيناه قد طارتا في أم رأسه كأنهما قطعتا علق وقد وقعت في وحهه ضربة قد هشمت وجهه وأنفه والدم يسيل على لحيته وعلى صدره، وهو ينظر يميناً وشمالاً وعيناه قد طارتا في أم رأسه وهو أسمر اللون وكان على رأسه شعر أسود منشوراً على وجهه كأنه الشيطان الرجيم.
        فلما جاءوا به أوقفوه بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) فلما نظر إليه الحسن (عليه السلام): قال له: يا ويلك يا لعين! يا عدو الله! أنت قاتل أمير المؤمنين ومثكلنا بإمام المسلمين؟ هذا جزاؤه منك حيث آواك وقربك وأدناك وآثرك على غيرك؟ وهل كان بئس الإمام لك حتى جازيته هذا الجزاء يا شقي؟؟ فلم يتكلم بل دمعت عيناه.
        فقال له الملعون: يا أبا محمد أفأنت تنقذ من في النار؟ فعند ذاك ضج الناس بالبكاء والنحيب.
        فأمر الحسن (عليه السلام) بالسكوت ثم التفت الحسن (عليه السلام) إلى الذي جاء به حذيفة فقال له: كيف ظفرت بعدو الله وأين لقيته؟ فقال: يا مولاي كنت نائماً في داري إذ سمعت زوجتي الزعقة، وناعياً ينعي أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يقول: تهدمت والله أركان الهدى وانطمست والله أعلام التقى قتل ابن عم محمد المصطفى قتل علي المرتضى قتله أشقى الأشقياء.
        فأيقظتني وقالت لي: أنت نائم؟ وقد قتل إمامك علي بن أبي طالب.
        فانتبهت من كلامها فزعاً مرعوباً وقلت لها: يا ويلك ما هذا الكلام؟ رض الله فاك! لعل الشيطان قد ألقى في سمعك هذا أن أمير المؤمنين ليس لأحد من خلق الله تعالى قبله تبعه ولا ظلامة، فمن ذا الذي يقدر على قتل أمير المؤمنين؟ وهو الأسد الضرغام والبطل الهمام والفارس القمقام فأكثرت علي وقالت: إني سمعت ما لم تسمع وعلمت ما لم تعلم، فقلت لها: وما سمعت فأخبرتي بالصوت.
        ثم قالت: ما أظن أن بيتاً في الكوفة إلا وقد دخله هذا الصوت.
        قال: وبينما أنا وهي في مراجعة الكلام وإذا بصيحة عظيمة وجلبة وقائل يقول: قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) فحس قلبي بالشر فمددت يدي إلى سيفي وسللته من غمده، وأخذته ونزلت مسرعاً، وفتحت باب داري وخرجت، فلما صرت في وسط الجادة نظرت يميناً وشمالاً فإذا بعدو الله يجول فيها، يطلب مهرباً فلم يجد، وإذا قد انسدت الطرقات في وجهه، فلما نظرت إليه وهو كذلك رابني أمره فناديته: من أنت وما تريد؟ لا أم لك! في وسط هذا الدرب؟ فتسمى بغير اسمه، وانتمى إلى غير كنيته فقلت له: من أين أقبلت؟ قال: من منزلي قلت: وإلى أين تريد لأن تمضي في هذا الوقت؟ قال إلى الحيرة، فقلت: ولم لا تقعد حتى تصلي مع أمير المؤمنين (عليه السلام) صلاة الغدة وتمضي في حاجتك؟ فقال: أخشى أن أقعد للصلاة فتفوتني حاجتي.
        فقلت: يا ويلك إني سمعت صيحة وقائلاً يقول قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) فهل عندك من ذلك خبر؟ قال: لا علم لي بذلك.
        فقلت له: ولم لا تمضي معي حتى تحقق الخبر وتمضي في حاجتك؟ فقال: أنا ماض في حاجتي وهي أهم من ذلك.
        فلما قال لي مثل ذلك القول قلت: يا لكع الرجال حاجتك أحب إليك من الجسس لأمير المؤمنين وإمام المسلمين؟ وإذا والله يا لكع ما لك عند الله من خلاق.
        وحملت عليه بسيفي وهممت أن أعلو به، فراغ عني فبينما أنا أخاطبه وهو يخاطبني إذ هبت ريح فكشفت إزاره وإذا بسيفه يلمع تحت الإزار وكأنه مرآة مصقولة.
        فلما رأيت بريقه تحت ثيابه قلت: يا ويلك ما هذا السيف المشهور تحت ثيابك؟ لعلك أنت قاتل أمير المؤمنين فأراد أن يقول: لا.
        فأنطق الله لسانه بالحق فقال: نعم، فرفعت سيفي وضربته فرفع هو سيفه وهم أن يعلوني به فانحرفت عنه فضربته على ساقيه فأوقعته ووقع لجينه ووقعت عليه وصرخت صرخة شديدة وأردت أخذ سيفه فمانعني عنه، فخرج أهل الحيرة فأعانوني عليه حتى أوثقته وجئتك به، فهو بين يديك جعلني الله فداك فاصنع به ما شئت.
        فقال الحسن (عليه السلام): الحمد لله الذي نصر وليه وخذل عدوه ثم انكب الحسن (عليه السلام) على أبيه يقبله وقال: يا أباه هذا عدو الله وعدوك قد أمكن الله منه.
        ففتح عينيه (عليه السلام) وهو يقول: أرفقوا بي يا ملائكة ربي.
        فقال له الحسن (عليه السلام): هذا عدو الله وعدوك ابن ملجم قد أمكن الله منه وقد حضر بين يديك.
        ففتح أمير المؤمنين (عليه السلام) عينيه ونظر إليه وهو مكتوف وسيفه معلق في عنقه.
        فقال له بضعف وانكسار صوت ورأفة ورحمة: يا هذا لقد جئت عظيماً، وارتكبت أمراً عظيماً، وخطباً جسيماً، أبئس الإمام كنت لك حتى جازيتني بهذا الجزاء؟ ألم أكن شفيقاً عليك وآثرتك على غيرك وأحسنت إليك وزدت في عطائك؟ ألم أكن يقال لي فيك كذا وكذا، فخليت لك السبيل ومنحتك عطائي؟ وقد كنت أعلم أنك قاتلي لا محالة ولكن رجوت بذلك الاستظهار من الله تعالى عليك يا لكع فغلبت عليك الشقاوة فقتلتني يا شقي الأشقياء؟ فدمعت عينا ابن ملجم وقال يا أمير المؤمنين: أفأنت تنقذ من في النار.
        قال له: صدقت ثم التفت (عليه السلام) إلى ولده الحسن (عليه السلام) وقال له: إرفق يا ولدي بأسيرك.
        وارحمه وأحسن إليه واشفق عليه، ألا ترى إلى عينيه قد طارتا في أم رأسه وقلبه يرجف خوفاً وفزعاً؟؟ فقال له الحسن (عليه السلام) يا أباه قد قتلك هذا اللعين الفاجر وأفجعنا فيك وأنت تأمرنا بالرفق به؟ فقال: نعم يا بني نحن أهل بيت لا نزداد على الذنب إلينا إلا كرماً وعفواً! والرحمة والشفقة من شيمتنا! بحقي عليك فاطعمه يا بني مما تأكله! واسقه مما تشرب! ولا تقيد له قدماً ولا تغل له يداً! فإن أنتا مت فاقتص منه بأن تقتله وتضربه ضربة واحدة ولا تحرقه بالنار ولا تمثل بالرجل فإني سمعت جدك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور، وإن أنا عشت فأنا أولى به بالعفو عنه وأنا أعلم بما أفعل به.
        ولقد أحسن وأجاد المرحوم السيد جعفر الحلي (ره):
        يوم أردى المرتضى سيف المرادي
        غلب الغي على أمر الرشــــــــــــاد
        وغدت ترفع أعلام الفســـــــــــــــاد
        حجة الله على كل العبــــــــــــــــــاد
        ساجداً ينشج من خوف المعــــــــاد
        ســـــــــــور الذكر على أكرم هادي
        آية في فضلها الذكر ينــــــــــــــادي
        طاوي الأحشاء عن مـــــــــاء وزاد
        عن بكا أو ذاقتا طعم الرقـــــــــــاد؟
        ليلة مضطجعاً فوق الوســـــــــــاد؟
        ملّ من نوح مـذيب للجمــــــــــــاد؟
        ليس بالأشقى مـن الرجس المـرادي
        عمّ خلق الله طراً بالأيـــــــــــــــادي
        وطيور الجـــــــومع وحش البوادي
        وغدى جبريل بالويل ينـــــــــــــادي
        حيث لا من منــذر فينا وهـــــــــادي


        لبس الإسلام أبراد الســــــواد
        ليلة ما أصبحت إلا وقـــــــــد
        والصلاح انخفضت أعلامـــه
        ما رعى الغادر شهر الله فـي
        وببيت الله قـــد جدّ لـــــــــــه
        يا ليال أنـــزل الله بهــــــــــــا
        مُحيت فيك على رغم العـــــلى
        قتلوه وهــو في محرابـــــــه
        سل بعينيه الدجى هـــل جفتـا
        وسل الأنجم هــل أبصرنـــــه
        وسل الصبح هــل صادفـــــه
        عاقر الناقة مع شقـــوتــــــه
        فـلقــد عمم بالسيف فـتــــــى
        فبكتــــه الأنس والجن معـــــاً
        وبكاه الملأ الأعلى دمـــــــــــاً
        هـــدمت والله أركان الهــدى

        تعليق


        • #5
          مشكور الاخ ملينيوم
          وعظم الله اجرك باستشهاد الفاروق والصديق الامام علي عليه السلام

          تعليق


          • #6
            سلام الله عليك يا أباا لحسن ويا أمير المؤمنين وقائد البررة وإمام المتقين

            تعليق


            • #7
              بسم الله الرحمن الرحيم

              اللهم صل على محمد و آل محمد

              السلام عليك يا أميرالمؤمنين
              السلام عليك يا أبا اليتامى و المساكين

              الرجال الذين هم مثل أميرالمؤمنين ليسوا قله ..... إنما لا يوجد رجل في هذه الارض كأميرالمؤمنين غير أخيه رسول الله محمد صل الله عليه و آله وسلم

              عظم الله أجورنا و أجوركم بمصاب أبي تراب

              والله الموفق

              تعليق


              • #8
                اعظم الله اجوركم

                السلام عليك ياسيدي ياامير المؤمنين


                السلام عليك وعلى الصفوة من ذريتك


                السلام عليك ياصاحب الزمان


                عظم الله لك الاجر بمصاب جدك المرتضى

                تعليق


                • #9
                  عظم اجوركم احبتي ....!

                  والعفو يازميتا

                  ------------------------

                  لبس الإسلام أبراد الســــــواد
                  ليلة ما أصبحت إلا وقـــــــــد
                  والصلاح انخفضت أعلامـــه
                  ما رعى الغادر شهر الله فـي
                  وببيت الله قـــد جدّ لـــــــــــه
                  يا ليال أنـــزل الله بهــــــــــــا
                  مُحيت فيك على رغم العـــــلى
                  قتلوه وهــو في محرابـــــــه
                  سل بعينيه الدجى هـــل جفتـا
                  وسل الأنجم هــل أبصرنـــــه
                  وسل الصبح هــل صادفـــــه
                  عاقر الناقة مع شقـــوتــــــه
                  فـلقــد عمم بالسيف فـتــــــى
                  فبكتــــه الأنس والجن معـــــاً
                  وبكاه الملأ الأعلى دمـــــــــــاً
                  هـــدمت والله أركان الهــدى

                  تعليق

                  المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                  حفظ-تلقائي
                  x

                  رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                  صورة التسجيل تحديث الصورة

                  اقرأ في منتديات يا حسين

                  تقليص

                  لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                  يعمل...
                  X