اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام: (( ان الامور اذا اشتبهت, اعتبر آخرها بأولها )). نهج البلاغة.
يمكن القول بتصحيف رواية السيد نعمة الله الجزائري بعدة ادلة منها:
الدليل الاول: من سياق الرواية فالثلاث التي اعطيت لعلي ولم تعطى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (حسب مضمون الرواية): فالثانية منها , هي زوجة علي افضل من زوجات النبي محمد (صلى الله عليه وآله) والثالثة , هي ان ابناء علي (بالولادة) الحسن والحسين , بينما لم يكن للرسول صلى الله عليه وآله ابناء (بالابوة المباشرة) كالحسن والحسين....
لاحظوا:الثانية والثالثة, تتكلم عن موضوع واحد وهو (القرابة),بقسم الزوجية وقسم الابوة فهذه الميزتين لا تكاد تعدوا موضوع القرابة........
وحينما نأتي الى الميزة الاولى , (وحسب السياق العام للحديث) لابد ايضا ان لا تخرج عن موضوع (القرابة) فعبارة (اعطي شجاعة ولم اعط مثله) , فالشجاعة في باب (الصفات) وليست في القرابة وهي بعيدة كل البعد عن باب وموضوع (القرابة). ووجود هذه العبارة السابقة في الرواية , يربك سياقها العام , كانها شيء مغاير لما بعدها من ميزتين. لذا وحسب السياق فلا يصح الا ان تكون الميزة الاولى هي من باب القرابات ايضا.... وهي كما وردت في المصادر الباقية (اعطيت صهرا ولم اعط مثله) , او كما وردت بألفاظ مشابه اخرى (لأختلاف وقائعها) والتي تندرج في باب القرابات.
الدليل الثاني: من بقية الروايات ورد في كتاب بحار الانوار للعلامة المجلسي ثلاث روايات : روايتان تقول (صهرا) والثالثة تقول (ابن عم)...
ووجود رواية (اعطي حموا مثلي) في كتاب الفضائل لشاذان بن جبرائيل.... وشاذان بن جبرائيل يتقدم زمانه على السيد الجزائري..... وكثير من الروايات يتقدم زمن اصحابها على زمان السيد الجزائري.....
فلم يبق لنا الا القول بوقوع التصحيف في نسخة اليسد الجزائري رحمه الله تعالى ,لوجود من روى قبله غير روايته.
الدليل الثالث: من متن الرواية الرواية المصحفة هي في كتاب الأنوار النعمانيه للعلامة نعمة الله الجزائري الجزء الأول ص16 (( روي الصدوق طاب ثراه عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال
: أعطيت ثلاثا وعلي مشاركي فيها , وأعطي علي ثلاثا ولم أشاركه فيها
فقيل يا رسول الله وما الثلاثة التي شاركك فيها علي ,قال: لواءا لحمد وعلي حامله ,والكوثر لي وعلي ساقيه ,والجنة والنار لي وعلي قسيمهما
وأما الثلاث التي أعطي علي ولم أشاركه فيها فإنه أعطي شجاعه ولم أعط مثله وأعطي فاطمه ,زوجة ولم أعط مثلها وأعطي الحسن والحسين ولم أعط مثلهما)). انتهت الرواية
وحول موضوع الاعطاء........ نلاحظ الامور الثلاث التي شارك النبي محمد صلى الله عليه وآله فيها وهي لواء الحمد والكوثر و(الجنة والنار) التي هي امور مكتسبة من الله على سبيل التكريم والهبة, فهي ليست صفات..... بل هي ممكنات موجودة وتتحقق معظم مضامينها وتظهر للعيان في يوم القيامة
والامور التي اعطيت لعلي ولم تعطى للرسول صلى الله عليه وآله فهي الصهر(او ابن العم ونحوه كما في الروايات) والزوجة والولدان (بالابوة المباشرة) والتي هي ايضا امور ممكنة وحادثة , من الله تعالى وهبها له على سبيل التكريم والعطية, فهي ايضا ليست صفات... وقد ظهرت لنا وشاهدناها للعيان(كمسلمين عموما) , في الحياة الدنيا.....
اما وجود عبارة (اعطي شجاعة) , فالشجاعة في باب الصفات المتأصلة في الانسان فالله سبحانه وتعالى قد اكرم جميع خلقه بالصفات والخلال الحسنة , كالشجاعة وغيرها فهو جل جلاله مطلق العدل, فلا نقول انه خلق فردا شجاعا وخلق آخر جبانا.... بل ان الشجاعة موجودة , والفرد هو الذي ينميها ويربي نفسه عليها , بعد التوفيق من الله تعالى.
لذا فان وجود الشجاعة (وهي صفة في ذات الانسان) مع بقية الاعطاءات في الرواية (والتي هي ممكنات حادثة) لا يستقيم معنى الرواية ايضا , وتعتبر الشجاعة (باب الصفات) هنا دخيلة على بقية الاعطاءات (باب الممكنات الحادثة). يعني بالجملة: ان الاعطاءات للنبي وابن عمه عليهم الصلاة والسلام , هي من قبيل المكافأة اما اعطاء الشجاعة , فهو متكافىء , لعدالة الله تعالى بين عباده جميعا, والذي يرجح الشجاعة على الجبن هو استعدادات الفرد النفسية ووجود الملكات الذاتية فيه.
وعليه لا يصح اصلا وجود عبارة الشجاعة في الرواية الكريمة كون الشجاعة تندرج فيباب الصفات الثابتة في الانسانوبقية الاعطاءات تندرج في باب المكافآت الممكنة
تعليق