الحديث عن العظماء والمفكرين لا يمكن ان يوجز بهذه الأسطر القليلة او حتى الصفحات والمجلدات ، فكيف إذا كان الحديث حول شخص مفجر النهضة الإسلامية في العراق الشهيد السعيد محمد الصدر (قدس سره) والذي عجزت النساء بعد الأئمة الأطهار ان يلدن مثله نموذجاً في الفكر المتجدد والشجاعة والحكمة والعلمية الغزيرة، فبعد آن غابت الحوزة عن الجماهير لقرون عديدة جاء محمد الصدر (قدس سره) ليكون بين المجتمع العراقي بروحه وأنفاسه وفكره وشجاعته ، لم يقتصر هذا الاتصال مع الجماهير على طبقة معينة من المجتمع وانما كانت جميع شرائحه وأطيافه هي المحور الأساسي لبناء محمد الصدر(قدس سره). كان تصدي السيد الشهيد للمرجعية والنهوض بأعباء الشأن العراقي في التسعينات من القرن العشرين يمثل صفقة شبه شاسرة لما كان يكتنف الشارع العراقي من فساد وانحراف نتج عن السياسات والمخططات الإمبريالية والتي نفذت على أيدي العفالقة في العراق وتقاعس وانزواء الحوزة العلمية في برج عاجي بعيداً عن المجتمع وشجونه ، فالمساجد مهجورة سوى من بعض كبار السن الذين لا يتصور اغلبهم العبادة سوى عبارة عن صوم وصلاة وإلا فان النسبة العالية من الشباب كانت تعيش حياة عبثية صاخبة لا تخرج عن محوري الطرب وكرة القدم وكان هذان الوبائين متفشيان في المجتمع بحيث يستحيل استئصالهما. في ذلك الجو من الغارق في المعصية والانحراف تصدى سماحة السيد الشهيد وبعد آن وجد الوقت مناسباً من ناحية الفراغ المرجعي تصدى رضوان الله عليه لشؤون المرجعية بعد التوكل على الله وعلى الرغم من قلة الناصر والاتباع حيث كان السيد يعيش في انعزال كامل عن الحوزة التي كان الإعلام فيها يتحاشى اسم الصدر لما يحمله هذا الاسم من مفاخر ، بدء الشهيد نهضته بتوفيق الهي مخترقاً المنهج التقليدي الحوزوي ضاربا به عرض الحائط مؤسساً لصرح حوزوي كبير (الحوزة الناطقة) وكان ان بدء سيل الحملات المسعورة ضد السيد الشهيد (رض) تشن قاصدة تشويه السمعة وتسقيط الشخصية ، هذه الحملة الظالمة لم تنهي حتى بعد الاستشهاد. ان الحديث عن الثورة الصدرية في مجال الفقه الاجتماعي متشعب ولا يمكن الالمام به ، ولعل السر في أحجام المجتمع في بداية النهضة الحوزوية المباركة راجع إلى التقليد الذي سير عليه المجتمع لفترة طويلة ، ومن مميزات النهضة الصدرية هي توجه السيد الشهيد(رض) لاعداد البديل المناسب لقيادة المجتمع من بعده ، ورسم سماحته الخطوط والمواصفات التي ينبغي ان يتمتع بها القائد والمرجع الحوزوي ، واستطاع ان يتوج هذا المشروع قبل استشهاده المبارك وهكذا وحتى بعد الشهادة لم يترك الامة سدى ولم يتركها تتخبط كما كانت فهو القائل لقد حررتكم فلا يستعبدكم أحد من بعدي لذلك لم يعين شخصا تعينا وانما وضع الضوابط الواضحة وجعل الاعلمية هي الحد الفاصل وهي ميزان التفاضل وحتى الخطوط العامة لم يتركها سدى فقد جعل أصول أبو جعفر قدس سره هي المقياس العام والأعلم فيها هو الاحق بالأتباع .
X
اقرأ في منتديات يا حسين
تقليص
لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.
تعليق