إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

سيرة بعض المراجع العظام .

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سيرة بعض المراجع العظام .

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله و سلم



    آيه الله العظمى المجاهد السيد علي الحسيني الخامنئي دام ظله الوارث.

    وُلد سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي عام 1939م في مدينة مشهد المقدسة في كنف أسرة اشتهرت بالعلم والاجتهاد. والده المرحوم آية الله الحاج السيد جواد الخامنئي (قدّس سره) أحد العلماء الزاهدين في تلك المدينة، وقد نهل خلال دراسته الحوزوية من علوم أساتذة وعلماء عظام من أمثال السيد أبو الحسن الاصفهاني والميرزا النائيني والحاج آقا حسين قمّي والمرحوم آقا زاهد خراساني.

    كانت حياة السيد القائد تجسيداً حياً للقيم الحوزوية، وقد جبلت أسرته منذ البداية على المعاني الحقيقية للزهد والقناعة فأضحت جزءاً منها، وهكذا نشأ قائد الثورة وسط أسرة تعيش الحياة البسيطة لكنها أسرة دينية ومنجبة لعلماء الدين. في سن الرابعة من عمره تعلّم في الكتّاب مع شقيقه الأكبر، ثم أتمّ دراسته الإبتدائية في مدرسة «دار التعليم الديني».

    بعد إتمامه الدراسة الإبتدائية دخل مدرسة «سليمان خان» ثم مدرسة «نواب» لتلقي دروس آداب اللغة العربية والمنطق والفقه والأصول والفلسفة وذلك على يد أشهر المدرسين والعلماء في مدينة مشهد في تلك الفترة من أمثال المرحوم الحاج الشيخ هاشم قزويني والمرحوم الحاج ميرزا جواد آقا طهراني والمرحوم الحاج ميرزا أحمد مدرس يزدي.
    في سنّ الـ16، أي بعد إتمامه مرحلة السطح، بدأ بتلقي دروس الخارج(المرحلة العليا) لدى المرجع الكبير المرحوم آية الله العظمى الميلاني، حيث شدّ نبوغه العلمي بعد مدة وجيزة اهتمام المرحوم الميلاني.
    استغرقت دراسته هذه سنتين، حيث عزم بعدها على زيارة العتبات المقدسة في العراق، وأتاحت له تلك الرحلة فرصة حضور دروس معظم جهابذة علماء النجف، حيث ملكت دروس بعضهم لبه مما حدا به إلى البقاء لولا ان اصطدم ذلك بمعارضة والده فرجع إلى إيران.


    في عام 1958م قدِم إلى مدينة قم المقدسة ودخل حوزتها العلمية لإكمال دراسته الدينية العالية في الفقه والأصول من خلال حضوره دروس كبار الأساتذة فيها من قبيل المرحوم آية الله العظمى البروجردي والإمام الخميني والحاج آقا مرتضى الحائري والعلامة الطباطبائي، وقد قضى أثناء ذلك مرحلة دراسية مفعمة بالنشاط العلمي والفكري. وفي أوج كفاحه ضد نظام الشاه ضمن الطليعة الامامية للمجاهدين، وما تبع ذلك من أحداث اعتقال الإمام ونفيه، ألمت بوالده علة في عينه، وضعته على مفترق طرق، واضطرته إلى مراجعة حساباته فيما يتعلق ببقائه في قم على الرغم من تعلقه الشديد بهذه المدينة، وقررالالتحاق بأسرته وذلك بسبب حاجة والديه إليه، وليكون في خدمة والده المريض. ورغم أسف بعض أساتذته ومعارفه لرجوعه، أثبتت الأحداث بوضوح أن الإرادة الإلهية هيأت له من خلال اجتيازه هذا الاختبار الصّعب وضعاً أفضل بكثير، وهو ما أشار إليه سماحته بعد ذلك من أنّ برّه بوالديه كان وراء كلّ ما حققه من نجاح على الصعيد العلمي والجهادي. وفي نفس الوقت الذي كان يبرّ فيه والديه، واصل سماحته الدراسة بعد رجوعه إلى مدينة مشهد عام 1964م ، حيث حضر دروس المرحوم آية الله ميلاني بعد بضع سنوات من ذلك، كما قام سماحته بتدريس الفقه والأصول لطلبة العلوم الدينية، وعمد في نفس الوقت إلى إقامة اجتماعات متعددة وذلك تزامناً مع اشتعال جذوة النضال الإسلامي وحاجة المجتمع الماسة آنذاك إلى استقاء المعارف والعلوم الإسلامية، وكانت تلك الاجتماعات تعج بطبقات الشعب المختلفة وخصوصاً الشباب والجامعيين، وقد اكتسبت شهرة واسعة بين أوساط المجاهدين في أنحاء البلاد.

    انطلقت الشرارة الأولى لكفاحه السياسي المعادي لنظام الشاه من خلال دوره النضالي في حركة المجاهد الكبير وشهيد المبادئ الإسلامية المرحوم «نواب صفوي»، وكذلك بعد رحلة الأخير إلى مشهد عام 1952 وإلقائه الخطابات الثورية الملهبة للمشاعر هناك. وجاء استشهاد «نواب صفوي» بعد ذلك ليضع تأثيره العميق في نفسية سماحة آية الله الخامنئي. ومع بدء نهضة الإمام الخميني دخل سماحة السيد الخامنئي ساحة النضال من أوسع أبوابها باعتباره أحد أقرب الموالين للإمام، وكان رائداً في مجال إرساء القواعد الفكرية وبيان المفاهيم الإسلامية والثورية السامية وكذلك في مجال النضال العملي. استمر نضاله طيلة 16عاما وقد تخللتها صعوبات جمة من سجن وتعذيب، ولم يأبه خلال هذه المسيرة للأخطار. في محرم عام 1383هـ وتمثيلاً لأمر الإمام الخميني، حمل سماحة آية الله العظمى الخامنئي رسالة من الإمام إلى آية الله العظمى الميلاني وباقي علماء خراسان يدعوهم فيها إلى ضرورة فضح ممارسات نظام الشاه خلال شهر محرّم الحرام. وبعد إنجاز سماحته لتلك المهمة، واستكمالاً لتنفيذ أمر الإمام الخميني غادر إلى مدينة «بيرجند» للدعوة هناك، وكشف حقيقة نظام الشاه، حيث أثارت خطاباته الحماسية التي ألقاها في مسجد «بيرجند» حول أحداث الـرابع من حزيران 1963م مشاعر سكان المدينة المذكورة وهزّت معقل عَلم «رئيس الوزراء». إلا أنّه تعرض للاعتقال بسببها، وتبع ذلك اعتصام الشعب، بعدها تم نقله إلى مدينة مشهد، إلى أن أطلق سراحه من المعتقل العسكري بعد عشرة أيام من اعتقاله.


  • #2
    عزم سماحة آية الله العظمى الخامنئي في رمضان عام 1383هـ (كانون الثاني عام 1963م) على الرحيل إلى جنوب البلاد برفقة عدد من طلبة العلوم الدينية المجاهدين من مدينة قم، وذلك حسب خطة مدروسة، وكانت مدينة «زاهدان» هي محطتهم، حيث ألقى فيها خطباً حماسية فضح فيها أساليب نظام الشاه والذي تزامن مع الذكرى السنوية للإستفتاء الزائف الذي أجري في 25 كانون الثاني، وقد أدى ذلك إلى اعتقاله من قِبل عملاء الشرطة السرّية (السافاك) في 15 رمضان (ذكرى ولادة الإمام الحسن المجتبى-عليه السلام-)، وتمّ نقله جواً إلى العاصمة طهران برفقة اثنين من أفراد الشرطة، حيث قضى شهرين في سجن «قزل قلعه». أقبل الشباب الثوري المتحمس في مدينتي مشهد وطهران بشكل ملفت على حضور دروس سماحة آية الله العظمى الخامنئي في التفسير والحديث والفكر الإسلامي، الأمر الذي أثار حنق جهاز الشرطة السرية(السافاك) وقام بملاحقته، مما اضطره إلى العيش في طهران متوارياً وذلك في عام 1966م، لكنه اعتقل من قبل السافاك بعد عام واحد أي في عام 1967م.

    وأدت نشاطاته العلمية وحلقات الدرس والتنوير الهادف والإصلاحي إلى اعتقاله من قبل جهاز السافاك المرعب في نظام الشاه في عام 1970م. في عام 1969م ارتسمت ملامح الحركة المسلحة في إيران بجلاء، وتوصل النظام الديكتاتوري آنذاك إلى قرائن تشير إلى ارتباط شخصيات من أمثال سماحته بمثل هذه الحركة، ممّا دعا النظام المذكور وأجهزته الأمنية إلى التركيز على سماحته وتضييق الخناق عليه وبالتالي اعتقاله للمرة الخامسة عام 1971م. وقد دلت بوضوح ممارسات جهاز السافاك الوحشية في السجون على مدى القلق الذي كان يشعر به بسبب انضواء الحركات المسلحة تحت مظلة التيارات الفكرية الإسلامية، ولم يكن السافاك ليفصل بين نشاطات سماحته الفكرية والدعوية في مشهد وطهران وبين تلك التيارات. وبعد إطلاق سراحه، بدأت حلقة دروسه السرية العامة في التفسير والدروس العقائدية تتسع وتكبر كان سماحة آية الله العظمى الخامنئي يُلقي دروسه في التفسير والعقائد في مسجدي «الإمام الحسن ـ عليه السلامـ» و«كرامت» وكذلك في مدرسة «ميرزا جعفر» في مدينة مشهد المقدسة، وذلك بين عامي 1971 و 1974م، مما جعل هذه الأماكن مراكز استقطاب للجماهير المتعطشة خصوصاً الشباب الواعي والمثقف والجامعيين وطلاب العلوم الدينية الثوريين، حيث كانوا ينهلون الفكر الإسلامي الأصيل. وعند منبر سماحته تعلم طلبة العلوم الدينية درس الحقيقة والنضال، وقاموا بنشر تلك الأفكار النيرة بين أوساط الجماهير خلال زياراتهم للمدن المختلفة لأغراض الدعوة، مما مهّد الطريق لتفجير الثورة الإسلامية العظيمة. دفعت تلك النشاطات جهاز السافاك إلى شن هجوم وحشي على منزل سماحته، وذلك في عام 1974م وتم اعتقاله ومصادرة أوراقه وكتاباته. كانت تلك هي المرة السادسة لاعتقاله والأشدّ والأصعب، حيث بقي في الحبس الانفرادي في سجن اللجنة المشتركة للشرطة العامة الرهيب حتى خريف عام 1975م. إن معاناة سماحته في هذا المعتقل لا يتصورها إلا من عايش لحظاتها. بعد إطلاق سراحه عاد سماحته إلى مدينة مشهد وعاود مزاولة نشاطاته العلمية والثورية، طبعاً مع حرمانه من عقد حلقات تدريس المعارف وأخيراً لاح فجر النصر وهوت أركان نظام بهلوي البغيض بفضل القيادة الحكيمة للإمام الخميني ونضال المخلصين وتضحيات الشعب، وانتصبت أعمدة الثورة الإسلامية، وقطف سماحة آية الله العظمى الخامنئي ثمار الانتفاضة والاستبسال والنضال المتمثلة في انتصار الثورة الإسلامية، وذلك بعد 15 سنة من الكفاح والجهاد والمقاومة في سبيل الله، وتحمّله المشاق الجسيمة، وشهد لحظات السقوط المذل لنظام بهلوي المستبد والشرير وبزوغ شمس الإسلام على ربوع إيران. وبعد الانتصار تابع سماحته نفس النشاط والحماس على طريق تحقيق أهداف الثورة الإسلامية، وهي في جميعها نشاطات فريدة وحيوية. تتلخص أهم اقداماته في إنشاء الحزب الجمهوري الإسلامي بالتعاون مع نخبة من رجال الدين المجاهدين ورفاق دربه من أمثال الشهيد بهشتي والشهيد باهنر والشيخ هاشمي رفسنجاني والسيد موسوي أردبيلي في آذار من عام 1978م، هذا الإقدام الذي هيأ الفرصة لحضور فعال وتنظيمي للقوى الحليفة للنظام في مواجهةالجماعات المعادية والملحدة. وفيما يلي بعض المناصب التنفيذية وغير التنفيذية التي شغلها سماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي في السنين الأولى لانتصار الثورة الإسلامية:

    1- نائب وزير الدفاع (1979م).

    2- مسؤول قوات حرس الثورة الإسلامية (1979م).

    3- إمام جمعة طهران (1979م).

    4- ممثل الإمام الخميني في مجلس الدفاع الأعلى (1980م).

    5- ممثل الإمام لحلّ المعضلات السياسية وغيرها في محافظة سيستان وبلوجستان (آذار عام 1979م).


    6- ممثل مدينة طهران في مجلس الشورى الإسلامي (1979م).



    7- عند اندلاع الحرب المفروضة عام 1980م حصل سماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي على إذن من الإمام الخميني (قدّس سره) للحضور في جبهات القتال الجنوبية، رغم المسؤوليات الجسام والمهام الكثيرة التي كان يمارسها، وقد تكررت زياراته إلى جبهات الحق ضد الباطل حيث كان حضوره يضفي حيوية ونشاطاًً على المقاتلين.

    8- تعرض في 26 حزيران عام 1981م إلى محاولة اغتيال دنيئة في مسجد «أبي ذر» بمدينة طهران قام بها جماعة المنافقين الضالة، نقل على أثرها إلى مستشفى الأمراض القلبية، وسط أمواج الحزن والذهول التي عمّت الناس والمسؤولين على السواء، وظل راقداً في المستشفى بسبب شدة جراحه إلى حين انتخابه لمنصب رئيس الجمهورية.

    9- منصب رئيس الجمهورية: بعد استشهاد السيد رجائي (ثاني رئيس للجمهورية الإسلامية في إيران) رشحت القوى الثورية سماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي لخوض معركة رئاسة الجمهورية، وبالفعل فقد حصل على أكثر من 16 مليوناً صوتاً من مجموع 17 مليوناً، وأصبح في عام 1981م ثالث رئيس للجمهورية الإسلامية في إيران وذلك بعد مصادقة الإمام الخميني على مرسوم تنصيبه، وأعيد انتخابه لفترة رئاسية ثانية من 1985م – 1989م. واقترنت فترتا رئاسة سماحته بأهمية خاصة وذلك لأنها سجلت تقلبات مرحلة حساسة وهي الحرب المفروضة، والتحديات الكبيرة التي كانت تواجهها البلاد آنذاك، وبدء عملية الإعمار بعد الحرب، وكثير من الأحداث الخطيرة الأخرى مما جعلها فترة حساسة في تاريخ الثورة الإسلامية حاضراً ومستقبلاً. كما شغل سماحة آية الله العظمى الخامنئي وبأوامر منفصلة من قبل الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) عدة مناصب، منها:

    10- رئيس المجلس الأعلى للثورة الثقافية عام 1981م.

    11- رئيس مجلس سياسات البلاد العليا عام 1987م.


    تحياتي الحسسن .

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله و سلم


      آيه الله العظمى ميرزا جواد التبريزي .

      لا يخفى على المتتبع لتاريخ الطائفة الإمامية أن الله عز وجل قد أنعم عليها طيلة عصر الغيبة بالعلماء الداعين إليه والدالين عليه والذابين عن دينه والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك ابليس ومردته، ومن فخاخ النواصب الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما تمسك السفينة سكانها، كما ذكره الإمام الهادي عليه السلام في روايته المعروفة.
      ونحن في هذه السطور نحب أن نرسم ملامح أحد هؤلاء الذين نذروا أنفسهم لخدمة الدين الحنيف، مثابرون ومجاهدون في إيصال أحكام الله تعالى لخليقته وفي إنقاذ ضعفاء عباد الله من شباك ابليس ومردته، ومن فخاخ النواصب، ألا: وهو شيخنا الاستاذ المرجع الكبير آية الله العظمى الشيخ الميرزا جواد التبريزي دام ظله العالي.
      فإنّ من المفروض علينا أن نعرف للعالم وللمؤمنين وأهل العلم بالخصوص سيرة علمائنا الأعاظم والصالحين من سلفنا لتكون نبراساً ومنهاجاً لرواد العلم وعشاق الحقيقة، ومن أجل أن يعرف الجميع كم عانى علماؤنا الصالحون في حياتهم حتى تشرفوا بالنيابة عن ولي الله الأعظم عجل الله تعالى فرجه الشريف، وما توفيقنا إلا بالله عليه نتوكل وإليه ننيب.

      مولده :

      ولد شيخنا الاستاذ الأعظم بسنة (1345 هـ.ق ) في مدينة تبريز وفي نفس مركزها وهي من المدن المهمة في إيران، وقد برز منها الكثير من علمائنا الأبرار قدس الله أنفس الماضين وحفظ الباقين منهم، في اُسرةٍ كريمة عُرفت بالولاء لمحمدٍ وآله عليه وعليهم الصلاة والسلام، وكان والده الحاج علي من التجار في مدينة تبريز ومن المعروفين بالصلاح والتقوى.
      فنشأ الاستاذ في رعاية والديه العطوفين، حتى بلغ سن السادسة من عمره الشريف، فدخل المدرسة الأكاديمية رغم صعوبة وتكلفة الدخول في المدارس الحديثة في ذلك الوقت، ولكن ولشدة اهتمام والده به أدخله فيها مما ساعده على نمو فكره واطلاعه على بعض العلوم الحديثة كالرياضيات والهندسة وغيرها.
      ثم انه وبعد إكماله مرحلة الابتدائية والثانوية فيها ونظراً لعشقه لطلب العلم وطموحه إلى المعالي أخذ يقرأ بعض المتون في الصرف والنحو والمنطق والبلاغة، تارةً عند أحد المشايخ، وأخرى يقرأ هو بنفسه، وقد فاتح أباه في أن يأذن له بالالتحاق بركب الحوزة، ولكن لصعوبة الظرف المعاشي والسياسي لأهل العلم إبان الحرب العالمية الثانية، لم يأذن له والده في ذلك إشفاقاً منه عليه، فإنّ ما اختاره طريق مليء بالأشواك.
      وقد عرض عليه والده أن يشركه معه في تجارته، ولكنه رفض ذلك رفضاً قاطعاً مما جعل الأب العطوف يذعن إلى طلب ولده فأذن له في ذلك فكانت فرحةً عظيمة لهذا الفتى الذي قُدر له أن يكون من أساطين الحوزة وفحول العلماء وكبار المراجع.

      فالتحق بالحوزة العلمية في تبريز وكانت حوزةً عامرة آنذاك، وأخذ حجرة في مدرسة الطالبية وكان معه في الحجرة المرحوم العلامة الشيخ محمد تقي الجعفري والذي كان يكبره بأربع سنين تقريباً وشرع في قراءة الشرائع واللمعة والمعالم والقوانين والمطول وأتمّ السطوح عند علماء وفضلاء تبريز.
      وكان عفيف النفس شريفها، فلم يكن يظهر ما به من عوز واحتياج إلى أحد وإن كان أقرب الناس إليه، حتى والديه، معتمداً في ذلك على الله سبحانه وتعالى، وربما طوى ليله بنهاره لم يذق فيهما طعاماً، وهو في ريعان شبابه، وقد حدثني مرة حيث كان في بعض الأوقات يحدث بعض تلامذته وخواصه بمثل هذه الامور حينما يراهم منزعجين من امور الدنيا.
      وقال: إنه مر علي يومان أنا والشيخ الجعفري لم نذق فيهما طعاماً حتى ضعفنا من الجوع، ولما جاء يوم الجمعة وبعد الظهر جاء أحد التجار إلى المدرسة وأعطى للطلبة مالاً لصلاة الوحشة، يقول فأخذت شيئاً من ذلك المال وذهبت إلى السوق فوجدته مقفلاً، وبعد فحصٍ عثرت على طعامٍ بائت فاشتريته وأعددته بنفسي وأكلنا.

      الهجرة إلى النجف الأشرف :

      وفي يوم من الأيام، كما حكى الاستاذ دام ظله، قال : كنت جالساً في ساحة المدرسة اُفكر في كيفية الذهاب إلى النجف، وإذا برجل على رأسي وقد بان عليه أنه من التجار، وكان يأتي في السابق إلى المدرسة حباً منه لأهل العلم، والظاهر أنه كان يتابع نشاطي العلمي ويسأل عني من دون وجود علاقة بيننا.
      جاء هذا الرجل وسلّم وقال: ما لك متفكراً؟ وجلس إلى جنبه، فقلت له: أفكر في الذهاب إلى النجف، فقال: وما يمنعك من الذهاب؟ فأجبته: يمنعني أن السفر ممنوع وخصوصاً للشباب، وكان ذلك إبان رجوع الشاه بعد سقوط حكومة مصدق، فقال الرجل : لا عليك، أعطني صورك وبعض المعلومات واترك الأمر لي، فعجب الشيخ من ذلك، لكن الله إذا أراد شيئاً هيأ أسبابه، فأعطاه ما يحتاجه وذهب الرجل، فما مضى يوم واحد حتى عاد ومعه جواز سفر إيراني رسمي قد هيأه عن طريق بعض أصدقائه وعلاقاته، ولعله دفع مالاً لأجل ذلك. وقال له: هذا جوازك، فهيئ نفسك غداً للسفر إلى العراق.
      وفي الصباح جاء إليه وذهبا معاً إلى قريب من مدرسة الحجتية اليوم، وكانت تعتبر آخر قم في ذلك الوقت، وقريب منها يوجد موقف للسيارات التي تذهب إلى العراق، فاستأجر له كرسياً في سيارة صغيرة مع ثلاثة أشخاص، وأعطاه متاعاً للسفر وودعه، فشكر له الشيخ جميله ودعا له كثيراً.

      وتحركت سيارتهم، فلما وصلت إلى قريب الحدود جاء سيل اضطرهم إلى المكث يومين، وبعدها واصلوا المسير إلى بغداد، وتوقفت السيارة بهم في الكاظمية، فذهب الشيخ إلى زيارة الكاظمين عليهما السلام، وبعد فترة توجه إلى كربلاء وتشرف بزيارة سيد الشهداء، ثم توجه صوب النجف حيث الأمل، والشوق الشديد للحوزة العلمية فيها.
      وبعد الوصول، توجه فوراً إلى زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام، ثم نزل ضيفاً على صديقه المرحوم الشهيد آية الله الشيخ ميرزا علي الغروي التبريزي قدس الله نفسه الطاهرة، ولعن قاتليه، الذي كان قد سبقه بثلاث سنين في الهجرة إلى النجف، فنزل عليه ضيفاً في غرفته بمدرسة الخليلي، ثم تهيأت له غرفة في مدرسة القوام الواقعة خلف مسجد الطوسي، وكانت هجرته من قم إلى النجف في حدود سنة 1371هـ.ق.
      يقول الاستاذ، إنه وبعد وصوله ذهب إلى درس السيد الخوئي قدس الله نفسه، وكان السيد يلقي بحثاً في الاُصول بعد صلاة المغرب والعشاء في مسجده الذي يقيم فيه صلاة الجماعة، والمعروف بمسجد الخضراء، وكان البحث في تلك الجلسة حول أنه هل يجب الفحص في الشبهات الموضوعية أم لا، وقد اختار السيد ما هو المعروف من عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية.

      إلا أن السيد تمسك لعدم وجوب الفحص ـ إضافةً لأدلة أخرى ـ بصحيحة زرارة، والمعروفة بمضمرة زرارة في الاستصحاب، والتي لا يضرها الاضمار لما ذكر الاستاذ من أنه يفهم من خلال تفريعاتها ومتنها وتدقيق زرارة في السؤال واهتمامه به وكذلك دقة الأجوبة أن المخاطب بقوله (قلت له) هو الإمام، والظاهر أنه الباقر عليه السلام، يقول (قلت له: أصاب ثوبي دم رعاف... إلى أن يقول: قلت: فهل علي إن شككت أنه أصابه شيء أن أنظر فيه قال لا) الحديث.
      فالسيد استدل بهذه الرواية على عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية، وبالفقرة الأخيرة (قوله : علي أن أنظر فيه قال : لا). وفي اليوم التالي ذهب الاستاذ إلى بيت السيد الخوئي ودخل عليه، يقول فوجدته جالساً ومعه أحد السادة من أهل العلم العرب، فسلمت وجلست، وقلت له: سيدنا إن ما تفظلتم به البارحة من أنه لا يجب الفحص في الشبهات الموضوعية صحيح، ولكن استدلالكم بصحيحة زرارة غير تام، وذلك لأن النجاسة في الثوب على فرض ثبوتها مانع علمي لا واقعي، فمتى علم بنجاسته لا يجوز الصلاة فيه مثلاً، ولذا أجاب الإمام زرارة عند سؤاله عن الفحص في الثوب (هل يجب قال لا) إذ لا يجب تحصيل العلم المحقق للمانعية، وكلامنا ـ والحديث للاستاذ دام ظله ـ إنما هو في الشبهات الموضوعية الواقعية، علمت أم لم تعلم، وأنه هل يجب الفحص فيها أم لا؟ يقول: فلما سمع مني السيد ذلك قبل، وقال لي: أحسنت، الحق معك.
      يقول الاستاذ: وحيث كان حديثي ومناقشتي له إما باللغة التركية أو الفارسية، رأيت أن السيد الجالس معه متحير يريد فهم المناقشة، بعد أن رأى السيد الخوئي قد قبل ما قلته له، فسأل السيد ماذا يقول هذا الشيخ، فترجم له المناقشة، فقبل هو أيضاً، ثم بعد مدة عرفت أن هذا السيد الذي كان جالساً اسمه السيد محمد باقر الصدر رحمه الله، ويتابع الاستاذ نقل ما حصل بعد ذلك.
      وفي اليوم الآخر حيث كان السيد الخوئي جالساً بالمسجد متكئاً على المنبر ووجهه قبالة الباب ينتظر ساعة ابتداء الدرس ليشرع وكان إلى جنبه الشيخ محمد علي التوحيدي التبريزي صاحب مصباح الفقاهة رحمه الله، دخل الاستاذ دام ظله ورآه السيد الخوئي ومن ثم شرع في درسه، وبعد انتهاء الدرس جاءه التوحيدي وقال له : إنه وحين دخولك المسجد سألني عنك السيد الخوئي فقلت له: إنه من أهل تبريز، كان يدرس في قم وجاء تواً إلى النجف. يقول التوحيدي: إن السيد الخوئي قال عندها: سيكون لهذا الرجل شأن ومستقبل زاهر.
      وهكذا حتى مضى له في النجف سبعة أشهر أو ثمانية وفي ذات يوم في عصر الجمعة كان ذاهباً إلى مقبرة وادي السلام فلم يشعر إلا وسيارةً تمر من أمامه مسرعة فذهبت مسافة ورجعت إليه، وفُتح بابها وخرج منها شخص وأقبل نحو الشيخ فنظر إليه وإذا هو رفيقه الذي ساعده في السفر إلى النجف وهيأ له الجواز، ففرح بلقائه وجاء به إلى غرفته وكان قد جاء إلى الزيارة، وبعد فترة استراحته، قال له التاجر: إنه آن الأوان أن تتزوج وتستقر، وفعلاً تم الزواج من امرأة صالحة بتبرع هذا التاجر بمصاريف الزواج، واستقر الاستاذ في دارٍ استأجرها مع زوجته التي هي مصداق للمقالة المعروفة: وراء كل عظيم امرأة عظيمة، وكان ثمرة هذا الزواج المبارك ثلاثة ذكور وأربع بنات.
      ثم إن الاستاذ بقي مواصلاً للبحث في النجف وأخذ اسمه يزداد شهرةً بالفضل، وأخذت حلقة درسه تتسع وهو مع ذلك ملازم لدرس السيد الخوئي فقهاً واُصولاً حتى طلب السيد منه حضور جلسة الاستفتاء التي لا يحضرها أحد إلا بإذن خاص من السيد، وكان من المشتركين بالجلسة إضافةً إلى الاستاذ التبريزي السيد محمد باقر الصدر، الشيخ مجتبى اللنكراني، الشيخ صدرا البادكوبي، والشيخ الوحيد الخراساني، والسيد السيستاني، والشيخ علي أصغر الأحمدي الشاهرودي.
      فكان له الحظ الأوفر من البحث والمناقشة، وقد أطلق عليه السيد الخوئي لقب الميرزا، وهو في عرف الترك يطلق على الرجل الكثير العلم، فاشتهر به. وقد ولازم درس السيد الخوئي تسع سنين ومجلس استفتائه أكثر من عشرين سنة، ولما توفي السيد الإمام الحكيم وأراد السيد الخوئي أن يطبع حاشيته على رسالة السيد الحكيم (المنهاج)، دفع الحاشية لفضلاء تلاميذه ومنهم الميرزا لمطالعتها ومعرفة أنها موافقة لمباني السيد أم لا.
      وكان السيد الخوئي رحمه الله مهتماً بحضور الميرزا لمجلس استفتائه وبقائه في النجف، وذكر الاستاذ دام ظله أنه في سنة من سنين وجوده في النجف جاءته رسالة من أبيه في تبريز يقول له فيها إلى متى تبقى بعيداً عني، فعد إلى وطنك وأهلك في تبريز.
      يقول الاستاذ: تحيرت كثيراً ودخلني حزن، لأنني وجدت ضالتي في النجف، فكيف يمكن أن أتركها، ومن جانب لا يمكن أن أعصي والدي، فشكوت همي لاُستاذي الخوئي، فأجاب السيد: لا تهتم سوف أكتب كتاباً إلى عالم تبريز أطلب منه أن يذهب إلى والدك ويقنعه ببقائك بالنجف، وفعلاً كتب السيد ذلك وذهب العالم إلى والد الشيخ وعرض عليه رسالة السيد الخوئي، فقبل والد الشيخ على الفور.
      ثم إن الاستاذ بقي في النجف مواصلاً لتدريسه واشتغاله العلمي حتى انتقل بدرسه إلى مسجد الخضراء، فكان يرقى منبر استاذه الخوئي ويلقي درسه بالكفاية وغيره من السطح على ما يقارب المائتين طالب، وهذا الرقم في النجف لدرس الخارج كثير، فضلاً عن السطوح.
      وبعد وفاة السيد الحكيم بعام شرع الاستاذ في تدريس الخارج فقهاً على مكاسب الشيخ، والاصول من أول الدورة، وقد بارك له استاذه السيد الخوئي ذلك، وقد حدثني المرحوم الشيخ المشكيني ابن آية الله أبو القاسم المشكيني، وقد كان وقتها في النجف أنه سأل السيد الخوئي عن الميرزا جواد التبريزي فقال له كما نقل لي: إنه فاضل مجتهد مطلق.
      وهكذا، حتى سنة 1393هـ فقرر الاستاذ العودة إلى إيران، وذلك للمضايقات من قبل حكومة العراق لأهل العلم، وقد طلب منه بعض علماء النجف المعروفين البقاء وعدم الذهاب من النجف بمن فيهم السيد الخوئي، ولكنه قد ضاق صدره بما يراه من منكراتٍ وظلمٍ للمؤمنين على يد الظلمة في العراق، فودع النجف مأسوفاً عليه، ونزل قم المقدسة واحتف به طلابها.
      فشرع في درسه خارج المكاسب والاصول في بيته، ومن ثم في مسجد (عشق علي)، ولما كثر تلاميذه انتقل إلى حسينية ارك القريبة من داره إلى أن كثر حضار الدرس كثرةً لا يسعهم المكان فانتقل وقبل أكثر من عشر سنين بدرس الفقه إلى المسجد الأعظم بالحرم المطهر، حتى أصبح أستاذ الحوزة العلمية، فبلغ تلاميذه ألف وأكثر في الفقه.
      ومن حضر بحثه وجده مشتملاً على مطالب عميقة وشواهد كثيرة وكليات عريضة يطبقها على صغرياتها باستدلالٍ رصين وشاهدٍ متين وجمعٍ عرفي للروايات واطلاع واسع وتحقيق دقيق في علم الرجال وحال الرواة .
      وأما الاصول فهو مشغول في الدورة الرابعة له، وقد كان له درس في الرجال في العطل ودرساً فقهياً آخر بعد درسه الصباحي إلا أنه عطلهما لكثرة المشاغل وعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه، نظراً لمرجعيته المترامية الأطراف والمتسعة في الآفاق، فأسس لذلك مجلس استفتاء يجيب على الأسئلة التي ترد عليه من مختلف الأقطار، والذي يحضره عدة من الفضلاء لتحرير الفتاوى وضبط مداركها ومبانيها.

      تعليق


      • #4
        الهجرة إلى قم المقدسة :

        وبعد أن أكمل السطح بجد وتفهم رأى أن الحوزة الموجودة في تبريز لا تروي عطشه للعلم، فتاقت نفسه للرحيل إلى قم المقدسة والتي كانت تحتظن عدة من الفحول وعلى رأسهم مؤسس الحوزة الثاني الإمام البروجردي الذي كان قد نزلها قبل وقت قصير، وبعد عامٍ على التحديد. خرج الاستاذ من تبريز بعدما ودع الأحبة متوكلاً على الله وكله شوق للبحث والتحصيل العلمي، مجسداً معنى الحديث: «إني وضعت العلم في الجوع والغربة»، فوصل إلى قم وهو غريب لا يعرف بها أحداً، إلا بعض الأصدقاء الذين قد تعرف عليهم في تبريز، وأخذ حجرة في مدرسة الفيضية، والتي تعتبر مركز الدراسة في الحوزة في ذلك الوقت، ولازالت.
        وكان وصوله إلى قم في أوائل سنة 1364 هـ.ق وكان عمره الشريف وقتها 19 سنة، ولما استقر به المقام، شرع في مواصلة تحصيله العلمي، فحضر أولاً عند ا ية الله العظمى المرحوم السيد محمد الحجة الكوه كمري فقهاً واُصولاً، ولمدة أربع سنين، وحضر عند الفقيه آية الله آغا رضي الزنوزي التبريزي أربع سنين أيضاً، في الفقه الذي كان من تلامذة المرحوم الخراساني (قده )، وأيضاً لازم من حين وصوله إلى قم درس المرجع الكبير الإمام البروجردي فقهاً واُصولاً ولمدة سبع سنين، وهي مدة إقامته في قم المقدسة. وبدأ خلال هذه المدة بتدريس المقدمات وكتاب اللمعة والمعالم والقوانين، وقد ذكر لي دام ظله أنه كان يدرس المعالم في مقبرة شيخان القريبة من الحرم الشريف، وقد حضر عنده الكثير من الفضلاء في تلك المرحلة. واستمر على هذا المنوال إلى أن شرع في تدريس الرسائل للشيخ الأعظم (قده) وقد نقل لي أحد الفضلاء الثقاة أن الاستاذ التبريزي كان يعد في تلك الفترة من أساتذة السطوح في الحوزة، ولأنه لم يكن قد تزوج بعد، فقد كان مقيماً معنا في المدرسة، وكنا نتمنى مكالمته لكي نستفيد منه، وكنت أجلس قريباً من حجرته عله يخرج فأسأله عن مسألة في النحو أو الفقه أو غير ذلك، وكنت إذا سألته يجيبني ويشرح لي بترحاب صدر وتبسم، وكنت أرى نور حجرته مضيئاً إلى ساعات متأخرة من الليل، مشغولاً فيها بالمطالعة والكتابة، فيزيدني ذلك همةً ونشاطاً، انتهى.

        وعلى أي حال، انقضت سبع سنين، والميرزا على هذا النهج حتى شرّفه الله تعالى بتلك النفحة القدسية والجنبة الروحية، فصار مجتهداً قادراً على استنباط الأحكام الشرعية، هذا وهو في العقد الثالث من عمره الشريف، إذ كان عمره آنذاك ستة وعشرين سنة، إلا أنه كان يتطلع للأرقى ويطلب المزيد، فهو مصداق طالب العلم الذي لا يمل ولا يكل، فكانت تسيطر عليه الرغبة في الهجرة إلى النجف الأشرف، ولكن ونظراً إلى الظرف المادي والسياسي حيث كان ذلك إبان سقوط ثورة مصدق وقد أغلقت الحدود ومنع السفر من إيران وخصوصاً للشباب. ظل الاستاذ شديد الشوق دائم التفكير في الوصول للنجف.


        مرجعيته :

        لقد تصدّى شيخنا الاستاذ للمرجعية بعد وفاة أستاذه الإمام الخوئي بعد طلب جمع من العلماء والفضلاء الذين رأوا فيه الجدارة والكفاءة العلمية والعملية لمنصب المرجعية وأشاد بفضله الكثير من أساتذة الحوزة وفضلائها كما أعلنت جماعة المدرسين عن ترشيحها لسبعةٍ من العلماء للمرجعية، كان شيخنا الاستاذ آية الله العظمى الميرزا جواد التبريزي دام ظله من ضمنهم.
        وكذلك أصدرت جماعة روحاني مبارز طهران عن طرحها لثلاثةٍ من العلماء وكان الاستاذ من ضمنهم، وأخذت مرجعيته ترتقي وتتسع شيئاً فشيئاً في إيران وخارجها، كالكويت والسعودية والقطيف وقطر والبحرين ولبنان وسوريا والعراق، وكذلك في البلدان الاوروبية واستراليا وأفريقيا.

        شخصيته :

        إن الحديث عن شخصية الاستاذ من جانبين:

        1 ـ الجانب السلوكي.
        2 ـ الجانب العلمي.

        أما الجانب السلوكي: فإن الاستاذ قوي الشخصية، متين في جريه، حذر فطن، ذو رقة ورحمة لا يعرفها كل أحد، مواظب على صلاة الليل، بكّاء، وخصوصاً في عزاء سيدالشهداء، ترابي المنهج في الحياة، زاهد في الدنيا بعيد عن كل تكلفات الحياة، ذو همة عالية، دائم التفكير في مطالبه العلمية، قلما تجده فارغاً.
        وقد قال يوماً: إني ما عرفت التعطيل أربعين سنة، ليلاً نهاراً، وكثيراً ما يقول : إنني طلبة.
        كثير التفكير بالموت، يقرأ وصيته دائماً، لم تتغير حالته بعد أن أصبح مرجعاً، فكثيراً ما تراه وحده، وقد رأيته يوماً بعد أن خرج من درس الفقه فتتبعته علّي أستـفيد شيئاً منه من مطلبٍ علمي أو عبرةٍ أعتبرها، فرأيت عليه عباءةً ممزقة قد مزقت مزقاً بقدر الكف أو أكبر.
        فقلت له: شيخنا، إن عبائتك ممزوقة، وكنت أظنه لا يعلم بذلك، فقال لي: أعلم، وعندي عباءة جديدة، ولكن هذه أحب إلى قلبي، قلت: ولماذا؟ قال : لعل هناك طالب علم عباءته ممزقة ويستحي أن يخرج بها، فإذا رآني تشجع وخرج.
        فهو دائم التفكير في رقي حال الطلاب وتحسين أوضاعهم، فإضافةً إلى دفعه رواتب شهرية إلى طلاب الحوزة العلمية وعلى نحو العموم، أسس مستوصفاً خيرياً وبنصف قيمة للطلبة بالخصوص من دون مطالبتهم بإثبات هويتهم، وهو مجهز بكافة الأجهزة والأدوية مع وجود كادر طبي متخصص.
        وهو شجاع القلب، شديد لا تأخذه في الله لومة لائم، وخير دليل على ذلك وقوفه بوجه المنحرفين عن خط أهل البيت عليهم السلام وتصديه ورفعه لعلم الولاء رغم خطورة الموقف، وقد حذّره بعض المحبين بأن تصديكم لهكذا أشخاص ليس في صالح مرجعيتكم!!
        فقال : لتذهب مرجعيتي وأولادي ونفسي فداءً لأهل البيت عليهم السلام.

        فأعلن رأيه وفتواه صريحاً في الذين يصطادون في الماء العكر، ويحاولون تشكيك الناس وتسخيف عقائد الشيعة، فأفتى بضلالتهم ووجوب مقاطعتهم وحرمة إعانتهم.
        وقد أوذي كثيراً جراء هذا الموقف لكنه صبر ومازال صابراً محتسباً، كما أنه انطلاقاً من وعيه للأخطار الثقافية المحدقة بالمسلمين فقد أسّس داراً للنشر تعرف بـ(دار الصدّيقة الشهيدة) هدفها نشر البحوث العقائدية وترويج الفكر الصحيح حتى من خلال شبكة الانترنت.
        زاد الله في العلماء العاملين أمثاله، وأطال عمره الشريف لخدمة الدين والمذهب.

        أما الجانب العلمي: إن شيخنا الاستاذ فقيه متضلع وأصولي بارع ورجالي خبير. أمّا تضلّعه في الفقه فيتجلّى للمتأمل في سلامة ذوقه وحسن سليقته، فاستظهاراته للروايات وجمعه بين المتعارضات منها بأجود الوجوه العرفية مما يجري على لسانه من دون مؤونة ولا تكلّف، كما يبرز ذلك أيضاً في سيطرته على صناعة الاستنباط والتطبيق، فهو مستحضر لمتون الكبريات الفقهية والأصولية بشكل متميز دقيق في تطبيقها على صغرياتها سريع الالتفات لخصائص الفروع المختلفة عند المقايسة بينها، فتراه في مجلس الاستفتاء يومياً يتناول المسائل الفقهية من باب الطهارة وحتى باب الديات بنفس علمي واحد وقوة فريدة، حاضر النكتة قوي الحجة.
        وأما براعته في الأصول، فتتبين في طريقة تناوله لمادة الأصول، فهو لا يعتني باستعراض جميع الآراء في المبحث مع مناقشة كل واحد منها بما يوجب اضطراب المطلب في ذهن الطالب وعدم سيطرته على محور البحث وإنما يبذل جهده في توضيح محور النزاع مع بيان مختاره فيه بنحو تندفع به كثير من الشبهات المطروحة في الكلمات، وإذا تصدى لمناقشة الآراء كانت مناقشته لها منصبة على بيان بعدها عن نكتة البحث، فمنهجه في الأصول كمنهجه في الفقه أفضل منهج، يربي الطالب على التركيز على النكات المهمة المؤثرة في قبول المطالب ورفضها من دون حشو البحث بتوضيح المصطلحات أو شرح الأفكار الهامشية على أساس البحث.

        وأما خبرته في الرجال والحديث، فيظهر لك عند سؤاله ومناقشته حيث تجد عنده كثيراً من النكات والتنبهات الطريفة الناتجة عن طول ممارسته للرجال والحديث ما يربو على أربعين سنة. هذا كله بالإضافة لبحثه.
        وأما بالنسبة لعلاقته بطلابه فهو المربي العظيم والاستاذ المحب لتلميذه، فتراه حريصاً على تربية تلامذته وتنمية مستوياتهم، يستقبل نقاشهم ويبدؤهم بالسؤال ويلاحظ أفكارهم شفاهاً وكتابةً، ويعطيهم بحوثه وآرائه لمعرفة مقدار ورودهم في المطالب العلمية.
        وبعبارة مختصرة جامعة: إن شيخنا الاستاذ صورة حية عن استاذه الخوئي فكراً وقوةً ومتناةً وأسلوباً.

        مؤلفاته :


        أ ـ الفقه:
        1 ـ رسالة توضيح المسائل
        2 ـ المسائل المنتخبة (العبادات والمعاملات)
        3 ـ صراط النجاة (6 مجلدات)
        4 ـ منهاج الصالحين (2 مجلدات):
        الجزء الأول: العبادات
        الجزء الثاني: المعاملات
        5 ـ مناسك الحج
        6 ـ استفتاءات في مسائل الحج
        7 ـ أحكام النساء في الحج والعمرة
        8 ـ التهذيب في مناسك الحج والعمرة (2 مجلدات)
        9 ـ كتاب القصاص
        10 ـ أسس القضاء والشهادة
        11 ـ أسس الحدود والتعزيرات
        12 ـ طبقات الرجال، بحث وسيع في الرجال
        13 ـ حاشية على العروة الوثقى

        ب ـ الاُصول :

        1 ـ إرشاد الطالب في شرح المكاسب، أربع مجلدات (مطبوع ).
        2 ـ دروس في مسائل علم الاُصول:
        الجزء الأول: مباحث الألفاظ
        الجزء الثاني: مباحث الألفاظ
        الجزء الثالث: الأمارات والاُصول العملية
        الجزء الرابع: مباحث الاستصحاب
        الجزء الخامس: التعادل والتراجيح ـ الاجتهاد والتقليد

        ج ـ العقائد:

        1 ـ اعتقاداتنا
        2 ـ الأنوار الالهية في المسائل العقائدية
        3 ـ فدك
        4 ـ نفي السهو عن النبي (صلى الله عليه وآله)
        5 ـ رسالة مختصرة في النصوص الصحيحة على امامة الأئمة الإثني عشر (عليهم السلام)
        6 ـ رسالة مختصرة في لبس السواد
        7 ـ ظلامات فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)
        8 ـ عبقات ولائية
        9 ـ تنزيه الأنبياء
        10 ـ الشعائر الحسينية



        تحياتي الحسسن .

        تعليق


        • #5
          آية الله العظمى المكارم الشيرازي
          ولد آية الله العظمى المكارم الشيرازي سنة 1345هـ، ق بمدينة شيراز في أسرة دينية اشتهرت بالفضائل النفسية ومكارم الأخلاق.
          أكمل حضرته دراسته الابتدائية والثانوية في شيراز وقد أهلته كفاءته العالية ومواهبه الفذة إلى أن يحتل مقدمة الطلبة المتفوقين حتى كان يطوي المرحلتين في سنة دراسية واحدة.
          كانت الظّروف حينئذ تحتم أن يأخذ النّبوغ بيد هذا الفتى الموهوب إلى الدراسة الجامعية فيوظف ملكاته العلمية والرياضية لنيل المراتب الظاهرية، إلاّ ان يد القدر والعنايات الإلهية والميول الداخلية له نحو سبر أغوار العلوم والمعارف الإسلامية صححت مسيره بهذا الاتجاه ـ خاصة وقد تغيرت الظروف بعد (شهريور سنة 1320 ـ اغسطس ـ تشرين 1942) فازدهرت المدارس والمعارف الإسلامية من جديد.

          حياته العلمية :

          بدأ حضرته الدروس الدينية بشكل رسمي في سن الرابعة عشر تقريباً وذلك في «مدرسة آقا بابا خان شيراز»، ولم يلبث أن أمّن احتياجاته من الصرف

          والنحو والمنطق والمعاني والبيان والبديع، ثم عكف على الفقه والأصول فتمكن بفضل نبوغه المتميز أن ينهي جميع دروس المقدمات والسطح المتوسط والعالي في أقل من أربع سنوات، كان خلالها كذلك يفيض بعلومه بتدريس جماعة من طلبة الحوزة العلمية بشيراز. وتأكد مستقبله العلمي المشرق من خلال انتقاداته وملاحظاته القيّمة من موقع التدريس والافاضة والتي شملت النصوص العلمية للحوزات، فكان حديث عبقريته ودقة وعمق تفكيره يدور في المحافل العلمية والروحانية لتلك الديار حتى لم يبق منكر لهذه الموهبة الإلهية.
          لم يكن هذا النجم اللامع، قد تجاوز الثامنة عشر من العمر حين كتب حاشية على «كفاية الأصول» تنم عن الفكر النافذ والقلم المبدع الذي سلط الضوء على ما أبهم من الكتاب. وفي سن الثامنة عشر دخل الحوزة العلمية بقم، وتتلمذ لمدة خمس سنوات تقريباً على أساتذتها الكبار أمثال آية الله العظمى البروجردي والآيات العظام الأُخر ـ رضوان الله عليهم ـ ينهل من معارفهم.

          ولكي يوسع حضرته من دائرة معرفته العلمية انضم سنة 1319هـ، ق إلى الحوزة العلمية بالنجف الأشرف وحضر دروس أساتذتها العظام أمثال: السيد الحكيم والسيد الخوئي والسيد عبدالهادي الشيرازي وأساتذة بارزين أُخر ـ قدس الله أسرارهم.
          في سن الرابعة والعشرين حاز حضرته على إجازة الاجتهاد المطلق من اثنين من كبار آيات الله العظام في النجف، كما سجّل آية الله العظمى السيد الحكيم تقريظاً قصيراً ذا مضمون ثر على تقريرات حضرته لدرس الفقه (أبواب الطهارة) رفيعة المستوى.
          استمر اقتباسه واستفاضته من الفيوض العلمية لدروس أساتذة النجف حتى شهر شعبان 1370هـ . ق (1330 شمسية) حين أجبرته قلّة الامكانيات المتاحة على العودة إلى ايران والنزول بمدينة قم التي كانت تفتح ذراعيها بشوق إلى رجال العلم، وانضم إلى جماعة سجّل لها التاريخ فيما بعد آثاراً عظيمة. بعد عودته إلى ايران، عكف آية الله العظمى مكارم الشيرازي على تدريس السطوح العالية ثم خارج «الأصول» و «الفقه» ومنذ 33 سنة تقريباً والطلبة والفضلاء يرتادون بحرارة حوزة درسه الخارج، حتى درس أربع دورات كاملة لخارج الأصول وألف الكثير من الكتب الفقهية الهامة بعد تدريسها، واليوم، تعد حوزة درسه الخارج إحدى أكثر الحوزات العلمية الشيعية ازدحاماً حيث ينهل من نبع علمه الدفّاق قرابة ألفي طالب وفاضل رفيع الشأن. لقد عمل منذ بداية شبابه على التأليف في مختلف ميادين العقائد والمعارف الإسلامية وموضوع الولاية ثم التفسير والفقه والأصول، ويعتبر الآن أحد المؤلفين الكبار في العالم الإسلامي.

          لقد كان لحضرته دور فعّال في الثورة الإسلامية، الأمر الذي كلّفه الاعتقال في سجون الطاغوت والنفي إلى (جابهار) و (مهاباد) و (انارك) كما كانت له مشاركة مؤثرة مع الخبراء الأوائل في تدوين القانون الأساسي.


          أ ـ منشور علمي للمركز الشيعي الكبير :

          كان هناك شعور مؤكد منذ مدة طويلة بأن الحوزة العلمية بقم بحاجة إلى نشرة عامة تمكنها من التصدي للمنشورات المضلّلة التي لم تكن قليلة لسوء الحظ. إضافة إلى ذلك فان المسلمين كانوا دائماً يتوقعون مثل هذا الشيء من هذه الجامعة الإسلامية الكبيرة بل ان الطبقات المختلفة لمراجع الحوزة الكبار قد تقدموا بمثل هذا الطلب، وكان من المؤكد ان إصدار مجلة تتصدى للإشكالات الدينية للشباب وتقف بوجه المنشورات المضلّلة يواجه صعوبات يجب عليه أن يتخطاها. ولما كانت بعض الأفكار السائدة وقتئذ غير مستعدة لتقبّل مثل هذه النشرات، فقد تطلّب الأمر مفكرين حازمين ومبدعين يحملون على عاتقهم هذه المهمة الصعبة بعزم راسخ.
          وهكذا قام حضرته مع جماعة من العلماء بوضع أساس مجلة شهرية إسمها «مدرسة الإسلام» بمساعدة زعماء الحوزة العلمية بقم وبدعم مادي من جماعة من المحسنين.
          كانت هذه المجلة بادرة فريدة في عالم التشيع، بل ربما كانت من الأوائل ـ بين المجلات العلمية والدينية ـ في عموم العالم الإسلامي من حيث حجم الانتشار. لقد فتحت هذه المجلة طريقاً جديدة أمام الفضلاء وعلماء الحوزة الشباب. وإذ لم يمض على بدء تأسيسها (1336 شمسية) أكثر من 43 سنة فانها قدمت للإسلام والتشيع خدمات جليلة واتخذت لها منزلة سامية في قلوب الشباب والطلبة الجامعيين والأساتذة والفضلاء، وشع من مقرها نور التشيع حتى أضاء العالم بأسره.

          ب ـ نقطة تحوّل في أفكار الطلاب والجامعيين :

          لاقى اعلام «الماديين» رواجاً واسعاً في البلاد بين السنوات 1952 ـ 1954 فتملّك كبار رجال الدين والشخصيات العلمية في الحوزة احساس بأن الشباب مهددون بخطر هجوم المذاهب الباطلة عبر منشوراتهم المضلّة المتزايدة التي توضع في أيديهم.
          في هذه الفترة نهض رجال المذهب وأساتذة الفلسفة والعقائد بالمسؤولية، فعقدوا جلسات وندوات لتعريف الشباب بأساليب المجابهة المنطقية لهذه المدارس الفكرية، وكان حضرته أحد مؤسسي رواد هذه الجلسات، فقد عقد بمساعدة مجموعة من العلماء اجتماعاً للبحث العلمي والفلسفي طرحت فيه جميع الأصول الفلسفية للمذاهب المادية. وأدى هذا الاجتماع بحضرته إلى أن يسبر بعمق غور هذه الأبحاث وأن يراجع ويفحص رسائلهم وكتاباتهم.
          وكان من نتائج هذا النشاط إبداع علمي فريد من نوعه اسمه «المتفلسفون». قوبل هذا الكتاب بترحيب عظيم وحار من قبل الشباب وطبقة المثقفين حتى أن جماعة من الضالّين استطاعوا أن يخرجوا من ظلمات المادّية والماديين مستنيرين بنوره.
          لقد طبع هذا الكتاب أكثر من ثلاثين مرّة، ويؤيد أهل الفن ان من النادر تأليف مثل هذا الكتاب الجامع في تحليل الأصول الفلسفية للماركسيين. وبالرغم من مضي عشرات السنوات على تأليفه إلاّ انه لا زال يحافظ على بريقه الابداعي في الميادين العلمية. ولما هاجم الشيوعيون ـ أخيراً ـ البلد الجار والمسلم (افغانستان) بوحشية واحتلوها فترة من الزمن، وصلت أنباء كثيرة تفيد بأن دوراً فعالا لعبه هذا الكتاب في إبطال مفعول إعلامهم، وتوجيه الناس الوجهة الصحيحة.
          هذا الفصل، في الحقيقة، كان أول نقطة تحول فكري في الحوزة العلمية بقم، ومنذ ذلك الوقت وحضرته يخصص بعض وقته لمطالعة الكتب الفلسفية والكلامية وآراء شعوب العالم ومعتقداتها، حتى تمكن في أقل من ستة عشر عاماً من الوقوف على آراء ومعتقدات الفرق الإسلامية وغير الإسلامية المختلفة وتأليف كتب في مواضيعها.


          ج ـ تشكيل حلقات دراسية في العقائد والمذاهب :

          أدرك حضرته ان الكتب المؤلفة في ميدان العقائد الإسلامية لم تعد تستطيع أن تلبي احتياجات هذا العصر جميعها، لأنها كتبت في قرون لم يكن فيها حضور
          للاشكالات التي يطرحها الماديون اليوم، كما لم تكن أيادي الاستعمار فعّالة كما هي اليوم. إضافة إلى ذلك فهي تتضمن مواضيع مثل نزاع الأشاعرة والمعتزلة وأمثالها والتي أقصيت في الوقت الحاضر عن ساحة مباحث العقائد واتخذت لون البحوث الموسمية. واستناداً الى هذه الملاحظات طرح حضرته مواضيع العقيدة الإسلامية والأصول الخمسة بأسلوب لم يسبق إليه أعانه عليه ذوقه الرفيع وموهبته الممتازة التي انفرد بها. وبتشكيل حلقة درس العقائد عرّف المئات من الناس على هذه المواضيع كما ألّف كتباً تتضمن تدوينات مكثفة لتلك الندوات العلمية.

          د ـ المجمع العلمي لانقاذ الجيل الجديد :

          بموازاة حلقات دروس العقائد، أقام حضرته حلقة أخرى لتدريب أفراد على ثمانية فروع من المذاهب الموجودة في العالم يكون بمقدورهم مواجهة إعلام المذاهب المختلفة بالبحوث والتحقيقات والمناظرات وتأليف الكتب، والرد على حججهم. ونجحت هذه الحلقة في وقت قياسي في أن تخرج فضلاء تمكّنوا من اكتساب التخصص الكافي كل في فرعه، بل ان عدداً من صفوة الكتّاب الشباب في الحوزة العلمية هم حصيلة تلك الحلقة. كما قام حضرته أيضاً وبالتعاون مع جماعة آخرين بتأسيس «المجمع العلمي لانقاذ الجيل الجديد» لغرض تخليص الشباب من براثن أقطاب الفساد. وكان من نتائج هذا المجمع توفير المنشورات والمجلات الجذّابة التي شغلت حيزاً مرموقاً بين الشباب في وقت قصير .

          هـ ـ مكافحة الالتقاطيين :

          في إحدى أسفاره إلى شيراز واجه حضرته السوق الرائجة للتصوف. فطلب منه جماعة أن يحرر بقلمه المبدع كتاباً حول أصول التصوف ـ يراعي فيه الاتقان والأدب ـ، فانطلق حضرته بمناقشة معتقدات هذه الفئة وتوجيه الانتقاد العلمي إليها مستنداً بذلك إلى الوثائق المتوفرة، بأسلوب يفيض أدباً واحتراماً كما هو ديدنه في تأليفاته، وكان نتيجة جهوده ظهور كتابه «مظهر الحق» الذي نشر سنة 1952، والذي لفت انتباه آية الله العظمى البروجردي (رحمه الله) بأسلوبه الشيّق فاستدعاه للقائه. وحين تم اللقاء أعرب عن تقديره لخدماته القيّمة وأثنى عليه بكلام كان منه: «لقد قرأت هذا الكتاب في ساعات فراغي ولم أجد فيه نقطة ضعف واحدة شكر الله مساعيك».

          و ـ تشكيل مؤسسات ومراكز علمية :

          ان حضرته عازم ـ في هذا المجال ـ على تأسيس مدارس ومراكز علمية بعدد المعصومين (عليهم السلام) وقد وفق حتى الآن ـ والحمد لله ـ إلى تأسيس ثلاث مدارس مهمة في الحوزة العلمية بقم ومؤسسة (رفاهي) لطلبة الحوزات العلمية في مشهد.

          مجموعة مؤلّفاته وآثاره :

          طبع لسماحته حتى الآن أكثر من مائة كتاب أعيد طبع بعضها حوالي ثلاثين مرة وترجم بعضها إلى أكثر من عشر لغات حيّة ونشرت في بلدان العالم المختلفة.


          تحياتي الحسسن .

          تعليق


          • #6
            بسم الله الرحمن الرحيم
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله و سلم


            آيه الله العظمى السيّد كاظم بن السيّد علي بن السيّد جليل بن السيّد إبراهيم الحسينيّ الحائريّ.

            ولد في العاشر من شعبان عام (1357 ﻫ. ق) في كربلاء المقدّسة.

            وله خمسة أشقّاء توفّي اثنان منهم في سنّ الطفولة، واستشهد واحد منهم في سجون النظام البعثيّ البائد تحت التعذيب، وهو الشهيد سماحة آية الله السيّد محمّد علي الحسينيّ الحائريّ ، والباقي اثنان، وهما : سماحة حجّة الإسلام والمسلمين السيّد محمّدحسين الحسينيّ الحائريّ. وسماحة آية الله السيّد علي أكبر الحسينيّ الحائريّ حفظهما الله.

            والده :

            كان والده سماحة آية الله السيّد عليّ الحسينيّ الحائريّ من مواليد كربلاء المقدّسة، وفي هذه المدينة دخل في سلك الحوزة العلميّة، ثُمّ هاجر إلى النجف الأشرف لتكميل الدراسة، فأصبح من علمائها وأساتذة العلم فيها. وهو عديل المرحوم سماحة آية الله العظمى السيّد محمود الحسينيّ الشاهروديّ تغمّده الله برحمته.

            توفّي عام ( 1398 ﻫ )، ودفن إلى جنب عديله في مقبرة المرحوم الشيخ جعفر التُستريّ الكائنة في جهة الرأس من الصحن الحيدريّ الشريف.

            والدته :

            كانت ـ رحمها الله ـ من ذوات الفضل والعلم، وهي كريمة سماحة آية الله الشيخ محمّدرضا الفاضل .

            اللقب :

            تلقّب سماحة السيّد بالحسينيّ الحائريّ، فأمّا الحسينيّ فنسبة إلى نَسبه الشريف الذي ينتهي إلى أشرف الأنساب، وهو: الإمام زين العابدين، ثُمّ الإمام الحسين، ثُمّ أمير المؤمنين والزهراء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

            وأمّا الحائريّ فنسبة إلى أنّ ولادته وولادة أبيه من قبله في كربلاء المقدّسة المشتملة على الحائر الحسيني، وسُمّيت تلك البقعة بذلك للكرامة التي ظهرت للروضة الشريفة عندما أمر المتوكّل العبّاسيّ ـ لعنه الله ـ بشقّ نهر من الفرات يمرّ بالروضة المطهّرة يريد بذلك محو أثرها، فكان الماء يطوف حول الروضة المطهّرة وينصرف، فسمّيت بالحائر; لأنّ الماء كان يحور حول الروضة الطاهرة.

            حياته الشخصيّة :

            هاجر مع والده إلى النجف الأشرف وهو مازال رضيعاً...، ولمّا بلغ الثانية والعشرين من عمره الشريف تزوّج ابنة عمّه، فأنجبت له أربعة بنين:

            أوّلاً: الشهيد السعيد السيّد جواد . ولد في النجف الأشرف. ورافق أباه في الهجرة إلى إيران. وحينما شنّ النظام الصدّامي الحرب العدوانيّة على الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران شارك في الحرب مدافعاً عنها حتّى بلغ مرتبة الشهادة وله من العمر ثمان عشرة سنة.

            ثانياً : الحاجّ السيّد صادق حفظه الله. وكانت ولادته في النجف الأشرف أيضاً.

            ثالثاً : ثقة الإسلام السيّد علي حفظه الله. وكانت ولادته بعد الهجرة إلى قم المقدّسة.

            رابعاً : السيّد محمّدرضا. وكانت ولادته بعد الهجرة إلى قم المقدّسة أيضاً
            .

            دراسته :

            بدأ دراسته في السنة الخامسة من عمره الشريف على يد والدته الفاضلة، فتعلّم القراءة والكتابة، والقرآن الكريم، والأدعية والزيارات، وعدداً من الرسائل العمليّة، وعدداً من كتب الحديث الشريف ككتاب (عين الحياة) للمرحوم المجلسيّ .

            ثُمّ تتلمذ على يد والده ،فبدأ بعلوم اللغة العربيّة، وانتهى بكتاب (المكاسب) للشيخ الأنصاريّ ، وكتاب (الكفاية) للشيخ الآخوند الخراسانيّ ، ودرس بعض المقاطع من السطح على يد آخرين.

            نبوغه :

            كان من نبوغه ـ حفظه الله ـ أنّ المرحوم والده لم يكن يُدرّسه بالطريقة المألوفة، وإنّما بطريقة خاصّة; إذ جعل له درساً خاصّاً به فقط، وقلب طريقة التدريس، فكان يأمر ولده بمطالعة الدرس جيّداً، ثُمّ يأتي فيلقي التلميذ الدرس على اُستاذه، فإذا أخطأ في مورد ـ وقلّما يحصل ـ يصحّح له الاُستاذ.

            ولم يكن قد أكمل السابعة عشرة من عمره إلاّ وقد أكمل السطح العالي، ودخل درس المرحوم سماحة آية الله العظمى السيّد محمود الشاهروديّ ، فشارك في خارج الفقه والاُصول معاً.

            فكان البعض يتضايق من حضوره لصغر سنّه، ويطلب من أبيه أن لا يحضر في مثل هكذا درس ضخم، وكان والده يقول لهم: امتحنوه، فإنّه أهل للحضور.

            تدرّجه العلميّ :

            درس على يد المرحوم سماحة آية الله العظمى السيّد محمود الشاهروديّ أكثر من دورة كاملة في اُصول الفقه، مضافاً إلى عدّة أبواب من الفقه طيلة تتلمذه لديه، و كان كثير السؤال والإشكال في الدرس، ويشهد بذلك كلّ من حضر معه.

            واستمرّ في ملازمة السيّد الشاهروديّ سنين طويلة، ولـمّا غزر علمه أحال السيّد الشاهروديّ عليه بعض الاستفتاءات، وكانت مدّة تتلمذه على يد السيّد الشاهروديّ ما يقارب أربع عشرة سنة.

            ولمّا تعرّف باُستاذه الثاني سماحة آية الله العظمى السيّد الشهيد محمّدباقر الصدر ، حدثت له نقلة في حياته العلميّة، فأخذ بملازمة السيّد الشهيد ردحاً طويلاً من الزمن درس عليه الفقه والاُصول، والفلسفة والاقتصاد.

            وكان يساعد اُستاذه علميّاً في تأليف كتاب (الاُسس المنطقيّة للاستقراء) الذي يمثّل القمّة في البناء الهرميّ لفكر اُستاذه الشهيد .

            وكانت مدّة تتلمذه عند اُستاذه السيّد الشهيد الصدر اثنتي عشرة سنة.

            وعيه :

            كان من الرعيل الأوّل الذين اعتقدوا أنّ فلسفة وجودهم هو السعي إلى إقامة حكم الله في الأرض، فسعى إلى ذلك بكلّ ما اُوتي من قوّة بحيث سمعناه يقول: إنّ آمالي جميعها كانت معقودة على مرجعيّة الشهيد الصدر ، وكنت أعتقد أنّها هي المشروع الصحيح الحقيقيّ لإنقاذ الاُمّة وحلّ مشاكلها.

            وكان قد كتب قبل الثورة الإسلاميّة المباركة في إيران كتابه المسمّى بـ (أساس الحكومة الإسلاميّة)، وتبعه كتابه الآخر (الكفاح المسلّح في الإسلام)، وقبل سنوات أصدر كتاباً آخر في ضرورة إقامة حكومة العدل في الأرض على يد الفقيه الجامع للشرائط، وسمّـاه بـ (ولاية الأمر في عصر الغيبة).


            يتبع <<<

            تعليق


            • #7
              تواضعه :

              يشهد كلّ من عرف سماحته عن قرب بتواضعه الاجتماعيّ والعلميّ، وقد صادف ذات يوم أن طلب منه أحد حُضّار درسه تعريفاً إلى الحوزة وكان سماحة السيّد على علم من أنّ هذا الطالب يحضر الدرس بعض الوقت ولايحضر ما يزيد على نصف الوقت من الشهر فخاطب الطالب قائلاً: "كيف أكتب لك؟ أنت لاتحضر كلّ الوقت فهل أكتب أنّك تحضر نصف الوقت؟"، قال الطالب: إبْكَيْفَك (يعني الأمر إليك).

              فقال سماحة السيّد أكتب: "كذا ..."، فأجاب الطالب بنفس الجواب. وهكذا إلى ثلاث مرّات، ففهم سماحته أنّ الطالب يقصد أنَّ الأمرَ كيفيٌ ولايخضع للموازين، فانزعج من ذاك الطالب وعاتبه عتاباً شديداً إلاّ أنّ ردّ الطالب كان لطيفاً وأطلعنا على أ نّه كان يقصد من تعبيره ذاك أنّ الأمر إليك، وبعد صلاة المغرب والعشاء بيّنا مقصود الطالب لسماحة السيّد وطلبنا منه أن يأذن لنا فنزور ذاك الطالب ونعتذر منه فأبى وقال أنا أعتذر، وكلّما طلبنا منه أن لايفعل لم يقبل وفي اليوم التالي وبعد ما أتَمَّ سماحته إلقاء درسه طلب من حضّار الدرس أن لايتفرّقوا حتّى يعتذر للطالب الذي عاتبه نتيجة أنّ عبارة الطالب كانت موهمة، وذكر: إنّ الروايات تُصَرّح بأنَّ من كسر مؤمناً فعليه جَبره ولقد كسرت بالأمس فلاناً واليوم أعتذر لعلَّ اعتذاري يكونُ جبراً.

              هذا النوع من التواضع لم يُؤلَف ورأيناه من سماحة السيّد .

              ومن تواضعه أنّه كان يباشر أحياناً قضاء حوائج البعض بنفسه عندما كان قادراً على تلبيتها.

              وقد رأيناه مرّات عديدة يأتي بالطعام لضيوفه أو بعض مَن يعمل له بيديه على الرغم من وجود من يفعل ذلك.

              كما رأيناه يستجيب لدعوة كلّ من يدعوه إلى بيته حتّى إذا كان من أبسط الناس، والشواهد على ذلك كثيرة لا مجال لذكرها في هذا المختصر، ويشهد بها كلّ من عاشره عن قرب.

              ومن تواضعه أنّه كان يقبل الكلام المنطقيّ والفكرة العلميّة الصحيحة حتّى إذا جاءت من أصغر طلبة العلم.

              ومن تواضعه أنّه كان يرفض التصديّ للمرجعيّة على الرغم من كثرة مقلّديه، وكان يكتفي بالإجابة عن الاستفتاءات التي كانت تصل إليه من شتّى أنحاء العالم، ولم يوافق على طبع فتاويه على الرغم من إصرار بعض محبّيه ومريديه، إلاّ بعد ما أحسّ بالوظيفة الشرعيّة تجاه ذلك; ولهذا نجد أنّ رسالته العمليّة لم تطبع إلاّ بعد مضي أكثر من عشرين سنة على تدريسه لأبحاث الخارج.

              والجدير بالذكر هو أنّ هذه الحالات من التواضع ليس فيها أيّ تكلّف أو افتعال، بل هي حالة طبيعيّة وعفويّة تعيش في أعماق نفسه .


              جهاده :

              إنّ لسماحته مواقف تضحويّة كثيرة في دفاعه عن الإسلام العزيز لا تسمح هذه الوريقات بسردها، وكفاه أنّه كان خروجه من النجف الأشرف نتيجة مواقفه الجهاديّة النبيلة التي اضطرّته إلى الخروج والهجرة.

              ومن المهجر واصل عمله الجهادي وبطريقة أكثر حرّية وأخذ يتابع وضع العمل الجهادي في العراق من خلال تواصله مع اُستاذه سماحة السيّد الشهيد محمّدباقر الصدر عن طريق المراسلات التي كانت بينهما.

              وبعد استشهاد اُستاذه السيّد الشهيد رضوان الله عليه واكب سماحته أيضاً الحركة الإسلاميّة العراقيّة بما يخدم مصلحة الوعي الإسلاميّ الحركيّ في العراق، وبذل جهده في دعم حركة الشعب العراقيّ ومجاهديه الأبرار بتوجيهاته وفتاويه الرشيدة، وليس كتابه القيّم (دليل المجاهد) الذي صدر في أيّام النظام البعثي الفاسد، وكان ينير الدرب للمجاهدين في داخل العراق إلاّ شاهداً حيّاً على المعنى المذكور.

              وبعد استشهاد المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد محمّد محمّدصادق الصدر تصدّى وبشكل أكبر وأوسع لرعاية المدّ الإسلامي الثوري داخل العراق.

              وقُبيل سقوط النظام البعثيّ الغاشم واحتلال العراق وبعده أيضاً واصل سماحته إرشاداته بإصدار بيانات هامّة متناسبة مع الأحداث، ومن جملتها بيانه المعروف في إهدار دم رموز البعثيّين في العراق(1)، وقد عالج بذلك المشكلة الشرعيّة التي واجهها المجاهدون في قتل البعثيّين الذين تلوّثت أيديهم بالدماء الطاهرة لأبناء شعبنا العراقيّ الأبيّ، ومن جملتها بيانه الذي رفض فيه شرعيّة الدستور المؤقّت للعراق، وذكر فيه: "إنّ هذا الدستور بحذافيره دستور غير شرعي، وليس ملزماً لأحد من المسلمين"(2)، وقد أمر مكتبه من ذي قبل بإعداد دستور دائم للبلاد، فتمّ إعداده في ثلاثة عشر فصلاً، ويختصّ الفصل الأوّل منه بالمرحلة الانتقاليّة، وقد طبع ونشر باسم (لبنة أوّليّة مقترحة لدستور الجمهوريّة الإسلاميّة في العراق).

              وقد استنكر في بياناته دخول قوّات التحالف في العراق، وأكّد أنّها قوّات احتلال، وليست قوّات تحرير، كما أكّد في كثير من بياناته لزوم التوحّد والتآزر والتكاتف بين أبناء الشعب، واحترام المراجع وعلماء الدين.

              هجرته :

              هاجر من النجف الأشرف سنة (1394 ﻫ ق)، ونزل في الحوزة العلميّة المباركة في قم المقدّسة، وبدأ نشاطه العلميّ بتدريس السطح العالي فترة وجيزة، ثُمّ شرع بتدريس الخارج فقهاً واُصولاً، فكان درسه الشريف لا يحضره إلاّ الذين يبحثون عن التبحّر والغور العميق حتّى إنّ عدداً من أفاضل العلماء الإيرانيّين يحضر درسه على الرغم من كونه باللّغة العربيّة; طلباً للتحقيق والفائدة.

              نشاطه في داخل الحوزة :

              منذ أن وطأت قدماه أرض قم المقدّسة أوقف نفسه للعلم وطلاّبه، فدرّس في بعض السنين أربعة دروس لخارج الفقه والاُصول يوميّاً، مضافاً إلى انشغاله في الأجوبة عن الاستفتاءات التي كانت ولاتزال ترد عليه من شتّى أنحاء العالم; إذ رجع إليه الكثيرون من مقلّدي سماحة السيّد الشهيد الصدر في التقليد وفي إدارة شؤونهم السياسيّة.

              وقد درّس دورة اُصوليّة كاملة بتحقيق عميق ودقيق، ثمّ شرع في الدورة الاُصوليّة الثانية، كما درّس كثيراً من أبواب الفقه على مستوى الدراسات العليا (أبحاث الخارج)، وقد درّس بعض أبواب الفقه دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والفقه الوضعي كالقضاء وولاية الأمر في عصر الغيبة وفقه العقود، وهو مستمرّ الآن في تدريس أبحاث الخارج فقهاً واُصولاً، ودام تدريسه هذا ما يقارب ثلاثين سنة.

              وقد أخذ العراق منه جلّ اهتمامه، فبادر إلى تأسيس مدرسة علميّة في سنة (1401 ﻫ ق ) تهتمّ بتربية الشباب العراقيّين علميّاً وروحيّاً; ليكونوا علماء العراق مستقبلاً، وأفلح والحمد لله في ذلك، فخرّجت المدرسة إلى هذا اليوم أفواجاً من العلماء والأساتذة وكثيراً من المبلّغين الواعين ولايقلّ عددهم عن ألفي طالب، وتفتخر المدرسة بثلّة من خرّيجيها المجاهدين الذين حملوا السلاح في وجه طاغية العراق، واستشهدوا على أرضه دفاعاً عن الإسلام، فطوبى لهم وحسن مآب.

              وسمّى سماحته المدرسة باسم اُستاذه آية الله العظمى الشهيد السيّد محمّدباقر الصدر ; لتكون حاملةً لأفكاره، ومواصلةً لنهجه، وكانت المدرسة الوحيدة في ذلك التأريخ التي تدرّس علوم أهل البيت باللغة العربيّة في حوزة قم المقدّسة، وهي أوّل مدرسة ـ أيضاً ـ تبنّت منهج الشهيد الصدر الأوّل في دراسة اُصول الفقه(3).

              ثُمّ عمد من خلال مكتبه في قم المقدّسة إلى تأسيس مؤسّسة تهتمّ بإرسال العلماء إلى مناطق تبليغيّة، وتسهيل مهمّتهم ومتابعتهم، وسمّـاها ـ أيضاً ـ باسم اُستاذه الشهيد .


              ومارس التربية بنفسه ، فأخذ يلقي كلّ ليلة جمعة من أيّام الدراسة محاضرة في التزكية، أو العقائد على رغم انشغاله طوال الاُسبوع، وله برامج طوال في شهر رمضان المبارك، وتكون له في كلّ ليلة منه محاضرة يقصدها طلاّب العلم والمعرفة.

              ويسجّل كلّ حديث يلقيه سماحته في شريط التسجيل، ويوضع في المكتبة الصوتيّة المعدّة ـ في مكتب سماحته ـ لإعادة أنواع الدروس الحوزويّه إعانةً لطالب العلم ومساعدةً له.

              وقد أسّس سماحته مدرسة اُخرى باسم اُستاذه الشهيد الصدر رضوان الله عليه في النجف الأشرف بعد سقوط النظام البعثي الكافر، وهي تتبع المنهج نفسه.

              وكان ينقل مراراً عن اُستاذه الشهيد أنّه كان يقول: يجب أن نهتمّ بالتربية العلميّة للطلاّب الكفوئين الواعين; كي يكون الأعلم دائماً منهم.

              وتراه يبذل في هذا السبيل ما بوسعه لتحقيق هذا الهدف الساميّ الذي يحمي الاُمّة، ويصونها عن كلّ شرّ وسوء. وفّقه الله لما يحبّ ويرضى.

              حبّه لاُستاذه الشهيد الصدر :

              إنّ حبّه لاُستاذه الشهيد لا يوصف; إذ فجع بنبأ شهادته ، فجلس أيّاماً لايخرج من البيت; لأنّه لايصبر عن البكاء لا ليلاً ولا نهاراً.

              سألناه يوماً عن سوء صحّته بالشكل الذي لا يناسبه عمره الشريف، فأجابنا قائلاً: "اُصبتُ بمصيبتين عظيمتين هدّتا قواي:

              الاُولى : فراق الاُستاذ الشهيد الصدر ، وأخذت هذه المصيبة منّي مأخذاً كبيراً حيث اضطررت إلى فراقه والهجرة من النجف الأشرف.

              والثانية : شهادته أجهزت عليّ وأنهكتني".

              وسمعناه يقول: "لو أنّ أولادي ذبحوا بأجمعهم أمامي، لما اُوذيت كما اُوذيت بشهادة اُستاذي".

              وكتب بخطّه الشريف في مقدّمته للجزء الأوّل من الفتاوى الواضحة الذي علّق عليه: "والله يعلم كم يعصر قلبي حينما أراني اُعلّق على هذا الكتاب المبارك في حين أنّني لست إلاّ تلميذاً صغيراً وحقيراً لهذا الاُستاذ الكبير الذي عقمت الاُمّهات أن يلدن مثله"(4).

              ما ورد عن اُستاذه في حقّه :

              إنّ للشهيد الصدر الأوّل مواقف وكلمات تدلّ على عنايته الفائقة وأمله العريض بتلميذه الأوّل وحامل علمه الكبير سيدنا الحائريّ .

              وقد عبّر عن ذلك مراراً شفهاً وتحريراً إلى أن حال القدر بينهما...

              وبعد هجرته أخذت رسائله تترى، وتحمل ودّه ومحبّته وعطفه وتقديره.

              وكان يصدّر كلّ رسالة من رسائله بعبائر حافلة بالودّ والحنان اللذين قلّما يستطيع أب أن يفصح عنه لولده، فمثلاً كتب في صدر رسالة يقول:

              «ولدي العزيز أبا جواد، لا عُدمتك ولا حُرمتك سنداً وعضداً»(5)

              فبعدما يغمره بحنانه يشهد له بأنّه سند وعضد له.

              وفي رسالة اُخرى يكتب له عن عواطفه وتقديره فيقول:

              «عزيزي المعظّم أبا جواد، لا عُدمتك ولا حُرمتك، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

              فقد تسلّمت بقلب يرتعش شوقاً وحنيناً، وينزف ألماً سطوركم الحبيبة، وقرأتها مراراً ومراراً»(6).

              عجيبة هذه المشاعر الجيّاشة، والأعجب منها حاملها، فقلّما يجتمع علم غزير كأنّ صاحبه في علمه عقل محض، بهكذا عواطف دونها عواطف الأب الرحيم، وما ذاك إلاّ دليل على أنّ الصدر العظيم مليء حناناً بقدر ما هو مليء علماً.

              وكتب لتلميذه يشهد له بمقامه العلميّ العظيم، ويندب حظّه لبعده عنه، فيقول:

              «قد ربّيتك يا أباجواد من الناحية العلميّة، وكنت آمل أن أستعين بك في هذه المرحلة حينما تتراكم الاستفتاءات ووقتي محدّد، وفيه ما فيه من أشغال ومواجهات، وهموم، وآمال...»(7).

              فما أوفى الصدر العظيم ، وما أخلصه، وما أرقّه وأرأفه، يربّي ويُنشئ ويُكبر.

              ولا يجتمع ما ذكر إلاّ فيمن تذوّق طعم ذلك البرّ، والمتغذي على تلك المائدة، ألا وهو تلميذه وحامل أفكاره وعلمه والطالب بثأره سيدنا المبجّل . ونسأل الله تعالى أن يحقّق أهداف اُستاذه العظيم على يديه.


              يتبع<<<<<<<

              تعليق


              • #8
                موقف السيّد الشهيد الصدر الثاني منه :

                كان يشير إلى مقام السيّد العلميّ بمختلف الأساليب، فمرّة عندما يطلب منه فضلاء الحوزة تقريراته لبحوث اُستاذه الصدر الأوّل يجيب: «عليكم بما قرّره السيّد الحائريّ لبحوث اُستاذنا».

                وشهدنا له رسائل شفهيّة من سماحته إلى اُستاذنا المفدّى يذكر فيها أطواراً من الثناء، ويطلب في واحدة منها الدعاء له بالشهادة.

                وقال في لقاء مسجّل بــ (الفيديو): «أنا أعتقد أنّ الأعلم على الإطلاق بعد زوالي من الساحة جناب آية الله العظمى السيّد كاظم الحائريّ».

                واستمرّ ـ رضوان اللّه تعالى عليه ـ في توجيه الاُمّة إلى البقاء في أحضان آية الله العظمى الشهيد السيّد محمّدباقر الصدر ، وتحت لواء مدرسته; لتبقى الاُمّة صدراً بين الاُمم، ولا ترجع ذَ نَباً...

                فكتب في جواب مَن سأله عن ذكره لسماحة السيّد ولعالم آخر: «إنّما يتعيّن الرجوع إلى جناب السيّد الحائريّ في التقليد».

                وبهذه العمليّة ضمن للمسيرة الجهاديّة مسيرها الصحيح. فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد، وسلام عليه وهو حي عند ربّه (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون)(8)

                مؤلّفاته :

                خطّ قلمه الشريف عديداً من الكتب في شتّى الموضوعات التي أثرى بها المكتبة الإسلاميّة في الاُصول والفقه وغيرهما ممّا هو مطبوع أو غير مطبوع، وفيما يلي نذكر أهمّها :

                1 ـ مباحث الاُصول :

                وهي من تقريرات سماحة السيّد لبحث اُستاذه الشهيد الصدر مع تعليقاته عليه.

                طبع منها خمسة أجزاء، وذلك في القسم الثاني من الاُصول ابتداءً من بحث حجّيّة القطع إلى آخر بحث التعادل والتراجيح، وعدّة أجزاء منها في القسم الأوّل، ولم تطبع بعد.

                2 ـ أساس الحكومة الإسلاميّة :

                دراسة استدلاليّة مقارنة بين الديمقراطيّة، والشورى، وولاية الفقيه. صدر عام (1399 هـ ).

                وهو أوّل كتاب ألّفه سماحته وقد تغيّرت بعض آرائه بعد تأليفه لهذا الكتاب وانعكست عمدة آرائه الجديدة في كتابه ولاية الأمر في عصر الغيبة.

                3 ـ الكفاح المسلّح في الإسلام :

                تحدّث فيه سماحة السيّد عن الجهاد في عصر الغيبة. صدر عام (1402 هـ).

                4 ـ ولاية الأمر في عصر الغيبة :

                بحث فقهيّ استدلاليّ يتناول أهمّ الأسئلة التي تثار على ولاية الأمر في عصر غيبة الإمام المنتظر عجّل الله فرجه. صدر عام (1414 هـ).

                5 ـ دليل المجاهد :

                وهي مجموعة من الفتاوى في الأسئلة التي وردت على سماحته فيما يرتبط بعمل المجاهدين ضد الحكومة البعثيّة المجرمة في داخل العراق. صدر عام (1414 هـ).

                6 ـ القضاء في الفقه الإسلاميّ :

                دراسة استدلاليّة تتناول أهمّ مباحث القضاء في الفقه الإسلاميّ مقارناً في جملة منها بالفقه الوضعي. صدر عام (1415 هـ ) .

                7 ـ الإمامة وقيادة المجتمع :

                وهو يمثّل مجموعة من محاضرات سماحته في إحدى السنين ألقاها في شهر رمضان المبارك على عامّة الناس، تحدّث فيها سماحة السيّد عن منصب الإمامة للأئمّة المعصومين وعن قيادتهم للاُمّة. صدر عام (1415 هـ).

                8 ـ الفتاوى المنتخبة :

                وهي رسالة عمليّة على شكل استفتاءات وردت على سماحة السيّد . وقد طبعت في جزءين عام (1417 ـ وعام 1423 ﻫ ) ، واُعيد طبعهما عدّة مرّات.

                9 ـ المرجعيّة والقيادة :

                تحدّث فيه سماحة السيّد عن المرجعيّة، وعن مدى ارتباطها بالقيادة، وهو يمثّل مجموعة من محاضراته . صدر عام (1418 هـ ) .

                10 ـ دليل المسلم المغترب :

                وهي مجموعة من الفتاوى في الأسئلة التي وردت على سماحة السيّد فيما يرتبط بالمسلمين في البلاد الغربيّة. صدر عام (1418 هـ ).

                11 ـ تزكية النفس :

                وهو كتاب يتحدّث عن تزكية النفس في أربع حلقات، تشتمل الحلقة الاُولى على البحث العلميّ عن تزكية النفس، وتشتمل الحلقة الثانية على مدخل البحث العلميّ لتزكية النفس، وتشتمل الحلقة الثالثة على البحث العمليّ عن تزكية النفس، وتشتمل الحلقة الرابعة على بحث المثبّطات عن تزكية النفس والمحفّزات إليها. صدر عام (1421 هـ ) .

                12 ـ فقه العقود :

                دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والفقه الوضعي. صدر عام (1421 ﻫ ) ، وقد طبعت بعض المقاطع من أبحاث هذا الكتاب قبل صدوره في بعض المجلاّت، وهي:

                أ ـ الرهن مع الإيجار:

                طبع في العدد (10) من مجلّة الفكر الإسلاميّ.

                ب ـ حقّ الابتكار:

                طبع في العدد (12) من المجلّة نفسها.

                ج ـ تصوّرات عامّة عن الملك:

                طبع في العدد (21 ـ 22) من المجلّة نفسها.

                د ـ ملكية الأعيان والجهات:

                طبع في العدد (23) من المجلّة نفسها.

                13 ـ تعليقة فقهيّة على (موجز أحكام الحج) لاُستاذه الشهيد الصدر : صدر عام (1421 هـ ) .

                14 ـ تعليقة فقهيّة على الجزء الأوّل من (الفتاوى الواضحة):

                وهي الرسالة العمليّة للسيّد الشهيد الصدر الأوّل . صدر عام (1423 هـ ) . والجزء الثاني من هذا الكتاب في دور التأليف، ولم يكتمل بعد.

                15 ـ اُصول الدين :

                وهو يتحدّث بشكل مختصر عن اُصول الدين في خمسة فصول، يشتمل الفصل الأوّل على البحث عن إثبات الصانع والتوحيد وصفات الله تعالى، ويشتمل الفصل الثاني على البحث عن النبوّة العامّة والنبوّة الخاصّة، ويشتمل الفصل الثالث على البحث عن الإمامة، وخصّص الفصل الرابع للبحث عن البرزخ; وذلك لأنّ البرزخ ـ وإن لم يكن أصلاً من اُصول الدين ـ مقدّمة هامّة لأصل من هذه الاُصول، ألا وهو المعاد الذي يبحث عنه في الفصل الخامس. صدر عام (1424 هـ ) .

                16 ـ ترجمة حياة اُستاذه الشهيد الصدر :

                طبعت ابتداءً كمقدّمة للجزء الأوّل من القسم الثاني من مباحث الاُصول، ثُمّ طبعت مستقلاًّ تحت عنوان: (الشهيد الصدر سموّ الذات وسموّ الموقف).

                17 ـ بحث في اللقطة : غير مطبوع.

                18 ـ كتاب في الخمس والزكاة: غير مطبوع.

                19 ـ فتاوى في الأموال العامّة : مطبوع.

                20 ـ مناسك الحج: مطبوع.

                21 ـ كتاب في الاجتهاد والتقليد :

                وهي تعليقة استدلاليّة على متن العروة. غير مطبوع.

                22 ـ كتاب في الإجارة :

                وله أبحاث مختصرة ومقالات قيّمة مطبوعة أو غير مطبوعة نذكر بعضها :

                1 ـ أدوار التأريخ في القرآن الكريم:

                وهو تفسير موضوعيّ للقرآن الكريم، ويعتبر إدامة لما أفاده اُستاذه الشهيد الصدر على شكل محاضرات، والتي طبعت فيما بعد تحت عنوان (المدرسة القرآنيّة).

                وقد طبع هذا البحث في مجلّة الحوار الفكريّ والسياسيّ في أربعة أقسام عام (1405 ﻫ ) إلى عام (1407 هـ ) . (الأعداد 30 ـ 34 ) . وتعرّض في القسمين الأوّل والثاني لأدوار التأريخ البشريّ في القرآن الكريم، وتعرّض في القسم الثالث لأدوار التأريخ في الحياة الاُخرى، وتعرّض في القسم الرابع لدور القضاء والقدر.

                2 ـ نظرة الإسلام إلى الحقوق الزوجية:

                مقالة أفادها سماحته في المؤتمر السادس للفكر الإسلاميّ، وقد طبعت ونشرت فيه بتأريخ جمادى الآخرة عام (1408 هـ ).

                3 ـ أبحاث في بعض مسائل وفروع النكاح والطلاق أو الفسخ، وهي كالتالي:

                أـ حقّ الطلاق أو الفسخ في غير العيوب المعروفة.

                ب ـ العيوب التي يفسخ بها النكاح.

                طبع في مجلّة فقه أهل البيت العدد(9) عام (1419 هـ ) .

                ج ـ بحث في أنّه إذا فسخت المرأة بالعيب قبل الدخول، فهل لها نصف المهر أوْ لا؟

                د ـ بحث في أنّه إذا زوّجت الصغيرة بولاية الأبّ أو الجدّ ثُمّ بلغت، فهل لها الخيار أوْ لا؟

                ﻫ ـ بحث في أنّ (القرن) هل يوجب الخيار للزوج فيما لو كان قابلاً للعلاج، واستعدّت المرأة له؟

                و ـ بحث في الزواج الدائم من الكتابيّة. طبع في مجلّة فقه أهل البيت العدد(39) عام (1426 هـ ) .

                ز ـ بحث في أنّه إذا أسلمت الكتابيّة وزوجها يهودي أو مسيحي، فهل تبين عنه من حين الإسلام، أو بعد العدّة، أو لا تبين؟

                4 ـ بحث في أنّ مقياس المسافة الشرعيّة مكانيّ أو زمانيّ : غير مطبوع.

                5 ـ محل الذبح في الحجّ :

                طبع في مجلّة فقه أهل البيت العدد (28) عام (1423 هـ ) .

                6 ـ الإرهاب أو المحاربة أو الإفساد:

                مقالة طبعت في مجلّة الآفاق العدد (1) عام (1423 هـ ) .

                7 ـ بحث في حكم صلاة الجمعة عند عدم وجود الحاكم العادل : غير مطبوع.

                8 ـ مغزى البيعة مع المعصومين .

                9 ـ إجابة عن أسئلة فارسيّة وجّهت إليه من قِبل إحدى الجامعات في إيران حول الاقتصاد الإسلامي، فأجاب عنها بالفارسيّة أيضاً.

                10 ـ بحث في التعزير : غير مطبوع.

                11 ـ الولاية والحكومة في الإسلام :


                حوار بالفارسي طبع في مجلّة (علوم سياسي) عام (1418 ﻫ ) ، وقد ترجم إلى العربيّة، ووضع على بعض المواقع في الانترنيت.

                12 ـ بيانات :

                وهي مجموعة من البيانات التي أصدرها سماحته بشأن عراقنا الحبيب قبل سقوط النظام البعثيّ الكافر إلى ما بعد سقوطه، وتناولت آخر إرشاداته وتوجيهاته إلى الشعب العراقيّ الأبيّ، وبيّن فيها مواقفه النبيلة تجاه قوّات الاحتلال الغاشمة، وكيفيّة التعامل مع الحكومة الانتقاليّة في العراق. صدرت عام (1424 هـ ) .

                13 ـ بحث في بيع سهام الشركات وشرائها: غير مطبوع.

                14 ـ بحث في الغناء والموسيقا :

                طبع في مجلّة فقه أهل البيت العدد (40) عام (1426 هـ ) .

                15 ـ بحث في المزامير والطبول : غير مطبوع.

                16 ـ بحث في الاستنساخ البشري :

                طبع في مجلّة فقه أهل البيت العدد (38) عام (1426 هـ ) .

                17 ـ الوطن الشرعيّ ومقياس تعدّد الوطن :

                تلامذته :

                تتلمذ على سماحته جمع غفير من طلبة الحوزة العلميّة في النجف الأشرف وقم المقدّسة، ورشفوا من منهل درسه الشريف حتّى بلغوا درجات سامية في مقامات العلم والفضل، ويشغل بعضهم في الوقت الحاضر مراكز سياسيّة وتربويّة ودينيّة حسّاسة في داخل الجمهوريّة الإسلاميّة وخارجها، وبعضهم الآن من أساتذة الحوزات العلميّة في إيران والعراق وغيرهما، وبعضهم من مدرّسي أبحاث الخارج.



                تحياتي الحسسن .

                تعليق


                • #9
                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله و سلم




                  آيه الله العظمى محمد الحكيم .

                  ولد في مدينة النجف الأشرف، في الثامن من شهر ذي القعدة الحرام عام 1354هـ الموافق 1934م.

                  لقد حظي منذ نعومة أظفاره برعاية والده (دام ظله) رعاية واهتماماً بالغين، وذلك لما وجده في ولده الأكبر من الاستعداد والقابلية على تلقي العلم والتعمق و التنظير لمباحثه ، فوجهه والده المعظم (دام ظله) نحو ذلك، وهو بعد لم يتجاوز العقد الأول من عمره، وزرع في نفسه من سجايا الخلق المرضي والشمائل النبيلة ما انعقدت عليها سريرته وبدت بارزة في شخصيته.

                  وذلك لأن المربي الأول قد اشتهر بصفات رفيعة، وآيات سامية، فهو على جلالة قدره، وطول باعه العلمي واجتهاده، كثير التواضع والمروءة، مؤثر على نفسه، متورع مخلص لربه، وقد أورث هذه السمات نجله الكريم حيث نشأ سيدنا المترجَم له برعاية خاصة من لدن والده الذي باشر تدريسه من أول المقدمات لعلوم الشريعة وأحكامها، ـ رغم انشغاله بتدريس السطوح العالية آنذاك ـ وأنهى على يديه جلّ دراسة السطوح العالية.

                  وقد كان لتأثير أستاذه الأول هذا المدى البالغ في حسن توجهه العلمي، ولاسيما ان هذه التلمذة كانت تقارنها صحبة وملازمة وثيقة الصلة بالمباحث الدراسية، منذ المراحل الأولى لحياته العلمية، فيما كانت حينها نوادي العلم ومجالس الفضيلة تغمر أفق مدينة النجف الأشرف، وتنعقد للمذاكرات العلمية، والمناقشات في شؤون المعرفة فقهاً وأصولاً، وما يتعلق بعلوم القرآن، والحديث الشريف، والتراجم والسير والرجال، والأدب الإسلامي الهادف، فضلاً عن العطاء الروحي الذي تسكبه في نفوس الحاضرين من مصاحبة الأخيار في سلوكهم، وما تستلهمه النفوس من تجسيد المعاني الخيرة، وتربية النفس، وتهذيبها على أسس راسخة من الإيمان والورع والتقوى والزهد والصبر وغير ذلك من الفضائل وكرائم الأخلاق وما تحكيه من الدروس العملية في الخير والفضيلة والسلوك.

                  وكان مما امتازت به مراحل الشباب عند السيد الحكيم صحبة الأفذاذ من الشخصيات العلمية ممن كان والده يعاشرهم ويجالسهم أمثال الأستاذ الكبير آية الله العظمى الشيخ حسين الحلي(1) (قدس الله نفسه الزكية)، الذي كان له أستاذا وأباً روحياً، وخاله الورع آية الله السيد يوسف الطباطبائي الحكيم(قدس سره)(2) ، وآية الله الحجة الشيخ محمد طاهر الشيخ راضي(قدس سره)(3) ، وأمثالهم من أعيان العلماء الذين كانت بيوتهم أندية علمية، كما في مجالس آية الله المرحوم السيد سعيد الحكيم(رحمه الله) (4) ، والحجة المجاهد السيد علي بحر العلوم(رحمه الله)(5) ، وآية الله الشيخ صادق القاموسي(رحمه الله)(6) ، والحجة السيد محمد صادق

                  الحكيمS والحجة الشيخ هادي القرشي(رحمه الله)(7) ، والحجة الشيخ عبد الهادي حموزي(رحمه الله) (8) ، وغيرها من مجالس النجف العلمية.

                  ولم يكن اللقاء في هذا المنتديات مجرد صحبة عادية، بل كانت تفيض بالدروس التربوية والعطاء العلمي الثرّ، وقد عرف عن سيدنا المترجم له مشاركته الأفذاذ من الأعلام فيما يعين من مسائل،وما يطرح من أفكار، وقد أهّله نبوغه المبكر للمشاركة في البحوث العميقة والمتنوعة، فملامح العبقرية بدأت تظهر بوضوح من خلال الاحترام والإجلال لمكانته في نفوس الأعلام، الذين كانوا يرقبون فيه المستقبل العلمي الزاهر، كما صدرت من بعضهم آيات الثناء والإطراء بحقه ومكانته العلمية (دام ظله ) .

                  وقد أدرك السيد الجليل من خلال تجربته الاجتماعية القاسية ما حلّ بالنجف الأشرف وحوزتها العلمية من التحديات والمصاعب، والفقر الشديد(9) ، ووعى المسؤوليات التي ينبغي تحملها لصد الهجمات العنيفة التي وجهها الاستعمار الحديث وفي طليعته الاحتلال البريطاني، ومن يتعامل معه من الحكومات التي كانت تحكم العراق يومذاك، وأذنابهم واتباعهم الذين جاءوا بالمفاهيم المستوردة وكانت غايتهم إلغاء الدين ومحاربة القيم العليا والمقدسات.

                  وفيما كانت الحوزة العلمية في النجف تعيش المعاناة والاضطهاد فقد وجدنا سيدنا المرجع الحكيم (حفظه الله) قد نذر نفسه ليخطو في مسيرة قاسية، يذلل فيها الصعاب لخدمة مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، وهو في أشواط حياته محاط بحصانة من الإيمان وتحمّل الشدائد وقناعة راسخة بنهج آل البيت(عليه السلام) و الحرص على التزود بعلومهم و التمعن فيها ونشرها، فكان لا يكتفي بتلقي المادة العلمية واستيعابها بل يهتم بالنقد والتمحيص وتكوين رؤية مستقلة ، ولذا عرف في الأوساط العلمية في النجف بمناقشاته الجادة وآرائه ومبانيه المستقلة من دون أن يكون ظلاً وتابعاً لقناعات أساتذته ونظرياتهم ،الأمر الذي جعله متميزاً بين أقرانه، بسبب استحكام أسس البناء العلمي الرصين الذي هيأ له المكانة السامية التي بلغها بجدارة وكفاءة.

                  حياته العلمية

                  ومن حيث تعرفنا على النشأة العالية التي تمتع بها سيدنا المترجم له، والرعاية المتميزة من قبل والده الكريم، وما أحاطه الإمام الراحل السيد المحسن الحكيم (قدس سره) من الاهتمام بسبطه الأكبر سيدنا (دام ظله)، حيث أدرك فيه النبوغ المبكر، والاستعداد الذهني، وما صدرت من آيات الثناء في حقه، تعبيراً عما يعقد عليه من آمال ، وبما يحقق نبوءته في شخصيته العلمية، وبلوغه مراقي الكمال والنشاط العلمي، ولذلك فقد عهد إليه مراجعة مسودّات موسوعته الفقهية (مستمسك العروة الوثقى) استعداداً لطباعته، فقام بذلك خير قيام، وكان يراجعه في بعض المطالب فيجري بينهما التباحث والمناقشة، الأمر الذي اكتشف فيه الإمام الراحل السيد الحكيم (قدس سره) ما عليه سبطه من تفوق علمي فطلب منه مراجعة بعض الأجزاء المطبوعة منها.

                  وقد كان لتلمذته على الإمام الحكيم (قدس سره) وأُستاذه الجليل آية الله العظمى الشيخ حسين الحلي (قدس سره) أبلغ الأثر في التربية والسلوك، حيث أنه كان يتلقى مع دروسه العلمية دروساً عملية في السلوك والتقوى والورع والزهد والصلاح، هذه المثل العليا، والقيم الروحية التي يجب أن يتحلى بها أعلام الدين وعلماء الأمة.

                  إلاّ أن الأمر البارز في حياته العلمية ضمن هذا الدور أنه واصل مع أستاذه الشيخ الحلي (قدس سره) ولازمه في جلساته العلمية العامة التي كانت تزخر بها النجف الأشرف آنذاك كذلك جلساته الخاصة التي كان يخصصها الاستاذ لتلميذه المثابر .

                  وقد كان السيد الحكيم ينوّه بقيمة تلك المصاحبة العلمية، حتى قال : ان استفادتي من مجالسة الشيخ الحلي أكثر من استفادتي من حضوري في درسه، من دون أن يعني ذلك التقليل من أهمية درسه(قدس سره) ، وانما لبيان مدى الفائدة في تلك المداولات العلمية المستمرة مع الشيخ الحلي (قدس سره) وملازمته له
                  .

                  وكان الشيخ الحلي بدوره يشيد كثيراً بالعمق والمستوى العلمي المتميز للسيد الحكيم (دام ظله) ويعقد عليه آماله ويصرّح بذلك ، ويعطيه حصة وافرة للمناقشة في مجلس درسه العامر بالأفاضل والعلماء.

                  يقول آية الله السيد مفتي الشيعة ـ من تلاميذ الشيخ الحلي ـ كان السيد الحكيم أصغرنا سنّـاً في درس الشيخ، ولكنّه كان المبادر والأكثر مناقشة له، فكنّا نتعجّب من سرعة استيعاب مطلب الاستاذ وقيامه بمناقشته.

                  أساتذته :

                  ومن هذا المنطلق يمكننا أن نعد أساتذته ـ الأساسيين ـ بالترتيب التالي:

                  1 ـ والده المعظم سماحة آية الله السيد محمد علي الطباطبائي الحكيم (دامت بركاته)، حيث باشر تدريسه من أول المقدمات في اللغة والنحو والمنطق والبلاغة والاصول والفقه حتى أنهى على يديه جلّ دراسة السطوح العالية.

                  2 ـ جده مرجع الطائفة الأكبر الإمام السيد محسن الطباطبائي الحكيم (قدس سره)، حيث حضر لديه جملة وافرة من أبواب الفقه، وكتب من ذلك ما يأتي في تعداد مؤلفاته.

                  3 ـ أستاذ الفقهاء والمجتهدين آية الله العظمى الشيخ حسين الحلي (قدس سره)، حيث حضر لديه في علمي الفقه والأصول، (كما تقدم وكتب تقريرات درسه).

                  4 ـ مرجع الطائفة الراحل آية الله العظمى المحقق السيد الخوئي(قدس سره)، حيث حضر لديه في علم الأصول لمدة سنتين، وكتب من ذلك ما يأتي عند الحديث عن مؤلفاته.

                  تدريسه وتلامذته :

                  بعد أن أتم (مد ظله) عدة دورات في تدريس السطوح العالية للدراسة الحوزوية شرع في عام 1388هـ بتدريس البحث الخارج على كفاية الأصول حيث أتم الجزء الأول منه عام 1392هـ ثم وفي نفس السنة بدأ البحث من مباحث (القطع) بمنهجية مستقلة عن كتاب الكفاية حتى أتم دورته الأصولية الأولى عام 1399هـ، ثم بدأ دورة أصولية ثانية وقد واصل التدريس والتأليف رغم ظروف الإعتقال القاسية التي مرّت به منذ عام 1403هـ لحين عام 1411هـ، ومن ذلك ابتداؤه بدورة في علم الأصول ـ بتهذيب ـ خلال هذه الفترة.

                  وأما الفقه فقد بدأ تدريس البحث الخارج على كتاب مكاسب الشيخ الأنصاري (قدس سره) في عام 1390هـ ثم في سنة 1392هـ بدأ بتدريس الفقه الاستدلالي على كتاب منهاج الصالحين للمرحوم السيد الحكيم (قدس سره) وما زال على تدريسه إلى اليوم رغم الظروف العصيبة التي مرّت به خلال سنوات عديدة ، وقد تخرج على يديه نخبة من أفاضل الأعلام الأجلاء في الحوزة العلمية وهم اليوم من أعيان الأساتذة في الحوزات العلمية في حواضرها العلمية النجف الأشرف وقم المقدسة وغيرها.

                  مؤلفاته :

                  إضافة لما تميزت به بعض كتاباته أثناء دراسته السطوح العالية من تحقيقات ونكات علمية دقيقة فقد ظهرت له مجموعة مؤلفات منها:

                  1ـ المحكم في اصول الفقه ، وهو دورة في علم الأصول كاملة وموسعة، تشتمل على ستة مجلدات، اثنان منها في مباحث الألفاظ والملازمات العقلية، ومجلدان في مباحث القطع والأمارات والبراءة والاحتياط، ومجلدان في الاستصحاب والتعارض والاجتهاد والتقليد.

                  2ـ مصباح المنهاج وهو فقه استدلالي موسع على كتاب (منهاج الصالحين)، وقد أكمل منه إلى الآن خمسة عشر مجلداً، في الاجتهاد والتقليد، وكتاب الطهارة، وكتاب الصوم، وكتاب الخمس ـ كتبه في فترة الإعتقال القاصية ـ وكتاب المكاسب المحرمة.

                  3 ـ الكافي في اصول الفقه: دورة في تهذيب علم الأصول، بدأ بها في فترة الإعتقال، اقتصر فيها على البحوث المهمة في علم الأصول، طبع في مجلدين.

                  4 ـ كتاب في الأصول العملية، كتبه اعتماداً على ذاكرته في فترة الإعتقال لم يكن بين يديه أي مصدر، ودرّس الكتاب نفسه آنذاك، ولكنه ـ وللأسف ـ أتلف في فترة الإعتقال للخشية في العثور عليه حيث تسربت أخبار بوجود حملة تفتيش وكان العثور عليه قد يؤدي إلى الإعدام.

                  5 ـ حاشية موسعة على رسائل الشيخ الأنصاري (قدس سره) مهيئة للطبع في ستة مجلدات.

                  6 ـ حاشية موسعة على كفاية الأصول، كتبها أثناء تدريسه الخارج على الكفاية في خمسة أجزاء.

                  7 ـ حاشية موسعة على المكاسب، كتبها أثناء تدريسه خارج المكاسب، تقع في مجلدين، إلى مباحث العقد الفضولي.

                  8 ـ تقريرات درس الإمام السيد الحكيم (قدس سره) في كتب: النكاح، والمزارعة، والوصية، والضمان، والمضاربة، والشركة.

                  9ـ تقريرات بحث أستاذه الشيخ الحلي (قدس سره) في علم الأصول.

                  10ـ تقريرات بحث أستاذه الشيخ الحلي أيضاً، في الفقه.

                  11 ـ تقريرات بعض ما حضره عند آية الله العظمى السيد الخوئي (قدس سره).

                  12 ـ كتابة مستقلة في خارج المعاملات ، كان سيدنا المترجم له (دام ظله) ينوي إكماله عندما تسنح له الفرصة.

                  13 ـ رسالة عملية في فتاواه، في العبادات والمعاملات وفي ثلاثة أجزاء بعنوان (منهاج الصالحين).

                  14 ـ مناسك الحج والعمرة.

                  15 ـ رسالة موجهة للمغتربين.

                  16 ـ رسالة موجهة للمبلغين وطلاب الحوزة العلمية وقد ترجمت إلى اللغة الفارسية والأردو.

                  17 ـ حوار اجري مع سماحته حول المرجعية الدينية في حلقتين.

                  18 ـ مرشد المغترب، يتضمن توجيهات، وفتاوى تهم المغتربين.

                  19 ـ فقه القضاء، بحوث استدلالية في مسائل مستجدة في القضاء.

                  20 ـ في رحاب العقيدة وهو حوار مفصل ـ في ثلاثة أجزاءـ مع أحد الشخصيات الاردنية حول الكثير من مسائل العقيدة.

                  21 ـ فقه الكومبيوتر والانترنت.

                  22 ـ فقه الاستنساخ البشري.

                  23 ـ الأحكام الفقهية: وهي رسالة عملية أيضاً، ترجمت الى اللغتين الفارسية والاردو.

                  24 ـ الفتاوى: وهي أجوبة استفتاءات كانت ترد على سماحته في مختلف الموضوعات،ترجمت أيضاً إلى اللغة الفارسية ، صدر منها القسم الأول.

                  25ـ رسالة توجيهية إلى المؤمنين في جمهورية آذربايجان والقفقاس، ترجمت كذلك إلى اللغة الآذرية.

                  26 ـ رسالة توجيهية إلى حجاج بيت الله الحرام.

                  27 ـ رسالة في الاصولية والاخبارية.

                  28 ـ رسالة توجيهية للمؤمنين في گلگيت ونگر .

                  تعليق


                  • #10
                    الإعتقال :

                    25 رجب 1403 هـ ـ 18 /ذي القعدة/ 1411هـ

                    9/ 5 / 1983 م ـ 7 /6 /1991م

                    منذ أن انتمى سماحة السيد الحكيم(دام ظله) في بداية سني حياته للحوزة العلمية عايش التحديات التي تواجهها الأمة الإسلامية ووعى مسؤولية علماء الدين وتصديّهم للتيارات المنحرفة الوافدة والأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة. فبدأ بتحمّل تلك المسؤولية من خلال الجلسات والحوارات المستمرة في الأندية العلمية النجفية التي كانت تزخر بها النجف الأشرف آنذاك حيث كان يطرح الرؤى الأصيلة الواعية، وأبان المدّ الشيوعي العارم في العراق المدعوم من جانب الاتحاد السوفيتي السابق تعاون سماحته مع (جماعة العلماء) التي كان يرعاها جدّه مرجع الطائفة الراحل السيد محسن الحكيمSفكانوا يستعينون بسماحته لنشر البيانات الصادرة منهم، لمِا عُرف عنه من شجاعة وإقدام.

                    وبعد استيلاء الدكتاتور عبد السلام عارف على الحكم في العراق عام 1963م ومحاولته فرض القوانين الاشتراكية تصدت مرجعية المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم(رضوان الله عليه) والحوزة العلمية بعلمائها وفضلائها لمحاولة السلطة الغاشمة، وكان سماحة سيدنا المترجم له من جملة الموقّعين على الرسالة الاستنكارية الرافضة لفرض الاشتراكية وقوانينها على العراق والموجهة إلى الدكتاتور عبد السلام عارف.

                    وبعد استيلاء عصابة البعث في العراق والبدء بعمليات الاعتقال والقتل والإعدام بحجج واهية وكاذبة بهدف ترويع المواطنين والسيطرة على مقدّرات الامة، وفي وقت لم يستوعب الكثيرون نوايا الطغمة الحاكمة وخططهم كان سماحته يحذر من البداية من خلال الجلسات والحوارات من الانجراف والتأثر بإعلامهم ودعاياتهم ويحّذر منهم ومن مخططاتهم. وقد أشاد ـ فيما بعد ـ العديد من فضلاء الحوزة العلمية والمثقفين بموقف السيد الحكيم (مد ظله) وتحذيراته في تلك الفترة ودقة تحليله.

                    ومن هنا نجد أن حكومة البعث فرضت منع السفر على سماحته منذ أوائل تسلطها على العراق عام 1968م. وقد استمر منع السفر سارياً ولم يرفع إلاّ بحدود عام 1974م حيث سمح له بالسفر لحج بيت الله الحرام، وبعد فترة عاود قرار منع السفر والمراقبة الشديدة ليستمر إلى باقي سنوات حكمهم العجاف.

                    وفي أحداث شهر صفر عام 1977م بسبب قرار سلطة (البعث) الغاشمة بمنع المشي لزيارة الإمام الحسين(عليه السلام) ـ وهو ما اعتاد عليه شيعة آل البيت e في العراق ـ ومواجهتهم للمشاة الزائرين من المدن العراقية المختلفة بقوات الجيش من الطائرات والدبابات والمدّرعات وغيرها، أصرّ سماحة سيدنا المترجم له مع ثلّة من فضلاء الأسرة وشبابها ـ والذي استشهد بعضهم فيما بعد ـ على مواصلة المسير حتى وصلوا كربلاء وحرم الإمام الحسين(عليه السلام) متجاوزين سيطرات النظام وجيشه المكثفة، وبعد عمليات القتل والاعتقال الجماعي في صفوف المؤمنين المشاة أُخبر سماحة السيد الحكيم (مد ظله) من قِبَل بعض الوجهاء ـ الذي تسربت إليه قرارات النظام من بعض أعوانه ـ أن اسم سماحته ضمن المطلوبين للنظام، مما اضطره أن يغادر بيته مع أبنائه للاختفاء في إحدى البيوت المهجورة لفترة حيث لم يكن يعلم بمكان الأختفاء سوى العلوية حليلته التي كانت تتردّّد خفية ومن دون أن ينتبه أزلام النظام وعيونه المنتشرة في كل مكان، واستمر اختفاء سماحة السيد الحكيم وابنائه إلى ما بعد صدور احكام الاعدام والسجن المؤبد الجائرة في حق مجموعة من المعتقلين والمشاة إلى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) والى ما بعد غلق ملف القضية من جانب السلطة.

                    وبعد استيلاء الدكتاتور المتوحش صدام التكريتي على السلطة وازاحته لسلفه احمد حسن البكر في 17/ تموز/ 1979م بايعاز من قوى الكفر العالمي وأذنابهم ليؤدي ما عجز عنه سلفه من أدوار ومهمّات اجرامية بشعة، اشتدت الضغوط وقساوة النظام على العراقيين، خاصة الحوزة العلمية في النجف الأشرف بعلمائها وفضلائها، وقد آثر سماحته البقاء في الحوزة العلمية وعدم مغادرة العراق متحمّلاً تلك الضغوط والمخاطر في سبيل المساهمة في الابقاء على هذا الكيان العلمي والثقافي العريق وعدم تحقيق إماني السلطة الغاشمة في تفريغه من العلماء والأفاضل والسيطرة عليه.

                    وكان سماحته يواجه بصلابة ضغوط النظام آنذاك على العلماء والأفاضل لإظهار تأييد الحوزة العلمية له، بل كان سماحته يشجع على مواجهة تلك الممارسات الاجرامية مهما كلف من ثمن.

                    وقد بلغت الضغوط قمّتها أبان الحرب العراقية الايرانية، خاصة بعد أن فشلت خطة صدام في اسقاط الثورة الإسلامية الفتية في ايران بحرب خاطفة، وعندما تصاعدات الهجمات العسكرية الايرانية في جبهات القتال دعا المجرم صدام إلى عقد مؤتمر لـ (علماء المسلمين) في بغداد على أساس أن يحضره علماء المسلمين من داخل العراق وخارجه سماه (المؤتمر الإسلامي الشعبي) ، في عملية دعائية مفضوحة، لإظهار دعم علماء المسلمين له من جهة، وليكون ذريعة لتجنيد المزيد من العراقيين إلى جبهات القتال تحت مسميات الجيش الشعبي والمتطوعين، بذريعة فتوى العلماء بالجهاد ضد (البغاة الايرانيين) ـ كما أسماهم ـ.

                    وكان من الطبيعي أن يضغط على العلماء في الحوزة العلمية بالمشاركة في هذا المؤتمر، وانصبَّ اهتمامه على اسرة آل الحكيم، لما لها من مكانة علمية وجماهيرية داخل العراق وخارجه، ولإظهار مخالفة الأُسرة لموقف آية الله السيد محمد باقر الحكيم في معارضته للنظام وقد تسربّت أنباء عن عزمه على اناطة رئاسة المؤتمر إلى إحد العلماء من السادة آل الحكيم، وعلى ضمهم إلى الوفود التي ارسلها المؤتمر ـ فيما بعد ـ إلى الدول الإسلامية لحشد التأييد لصدام ونظامه.

                    وقد اشتدّت ضغوط النظام على آل الحكيم للمشاركة في المؤتمر المذكور بمختلف أساليب التهديد والترهيب، بعد ان أرسل عدة دعوات إليهم تتضمن الدعوة للاشتراك في المؤتمر المذكور.

                    وعندما لم يجد النظام اذناً صاغية من الأسرة للاشتراك في المؤتمر أرسل إلى بيت الشهيد حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد رضا نجل مرجع الطائفة السيد الحكيم S مدير أمن النجف (المعروف بأبي مخلص) ـ وهو من تكريت ـ وشخصاً آخر أرفع منه لم يعّرف نفسه إلاّ انه مبعوث صدام ـ وهذا من أساليب إدخال الرعب ـ وقد أبلغه الوفد أن صداماً يصرّ على مشاركة الأسرة في المؤتمر، وانه سوف يعتبر الأُسرة معادية إذا رفضت الحضور، وانه لا يقبل أي عذر للرفض، إلاّ انّ السيد محمد رضا الحكيم ـ والذي كان معروفاً بالشجاعة والجرأة ـ أبلغه برفض الأُسرة الحضور مهما كانت الظروف والضغوط، وقد احتدم النقاش بين الطرفين بسبب اصرار الوفد وتهديده ورفض السيد، حتى قال له الشهيد السيد محمد رضا «أبو مخلص أنت تطبخ حصو» وهو مثل شعبي معروف في العراق كتعبير عن عدم جدوى الإصرار والتهديد. فخرج الوفد غاضباً وخائباً ليبلّغ سيّده الطاغية بفشل المهمة التي أُرسل من أجلها.

                    بعد حوالي اسبوعين من انعقاد ذلك المؤتمر الذي شعر النظام بفشله بسبب تغيّب السادة من آل الحكيم، أصدر صدام أمراً باعتقال الأُسرة انتقاماً منهم بسبب موقفهم المشرّف والذي صار معلماً في تاريخ العراق الحديث، خصوصاً انه لم يكن في تلك الفترة كيان علمي ديني واضح للحوزة العربية في العراق مثل ما كان لآل الحكيم بسبب انخراط العديد من رجال الأُسرة وشبابها في الحوزة العلمية، وهو ما كان يُغيظ النظام كثيراً.

                    وقد كان سيدنا المترجم له ووالده آية الله السيد محمد علي الحكيم (مد ظله) واخوانه وأولاده من جملة المعتقلين(10) ، وتمّ التركيز في التحقيق الذي واجهه السادة آل الحكيم في معتقل مديرية الأمن العامة سيء الصيت على مجموعة بشكل خاص منهم سماحة السيد نفسه، إلاّ ان الله تعالى بلطفه دفع عنه شرّ الظالمين(11) .

                    ومنذ الفترة الأولى من انتهاء التحقيق في مديرية الأمن العامة في بغداد تكيّف سماحته مع جوّ الاعتقال، وكان يؤكد على باقي المعتقلين باستمرار على أهمية التسليم لله تعالى وإيكال الأمر إليه وتقوية العزيمة والصبر، رافضاً كل فكرة للمساومة والتنازل للسلطة، كما بدأ بدرس في تفسير القرآن

                    الكريم ـ رغم عدم وجود أي مصدر سوى مصحف صغير متآكل ـ إلاّ أن عملاء السلطة احسّوا بالدرس وفتحوا تحقيقاً حول الموضوع علماً أن التثقيف الديني داخل السجن حُكمه الإعدام لدى نظام الطاغية صدام، فاضطرّ لترك الدرس المذكور، إلاّ ان مجالس المناقشة العلمية ـ السّرية طبعاً ـ بقيت كما تصدى سماحته لإحياء المناسبات الدينية من خلال المحاضرات، وتحفيظ بعض شباب الأُسرة القصائد الدينية التي كان يحفظها في ذاكرته ليلقوها ـ بسّرية ـ في تلك المجالس التي كانت تقام بسرّية تامة بعيداً عن مراقبة أعوان السلطة.

                    ====

                    (1) الشيخ حسين الحلي (1309 ـ 1394 هـ) فقيه فاضل مجتهد متضلّع ، من أساتذة الفقه والأصول تخرّج على الميرزا النائيني(قدس سره) ، ونبغ نبوغاً باهراً ، وعُرف بدقة النظر والتحقيق والتبحر والورع والصلاح والعفة والتواضع وشرف النفس وحسن الأخلاق، تخرج عليه نفر من الأعلام والأفاضل ، كما ان مجالسه تعتبر مدرسة سيارة فهو دائم المذاكرة .

                    من مؤلفاته : أخذ الأجرة على الواجب ، معاملة الدينار بأزيد منه، كتب بعض تلامذته تقريرات دروسه في الفقه والأصول ، طبع منها دليل العروة الوثقى ، بحوث فقهية.

                    (2) عالم فقيه مقدس (1327ـ 1411هـ) النجل الأكبر لمرجع الطائفة الإمام الحكيم (قدس سره) كان له الدور الكبير في تلك المرجعية، من أساتذة البحث الخارج في النجف الاشرف، اشتهر بالزهد والتقوى. وقد عرضت عليه المرجعية فرفضها أشد الرفض.

                    (3) الشيخ محمد طاهر الشيخ عبد الله آل راضي (1322 ـ 1400 هـ)، من مجتهدي الحوزة العلمية في النجف الاشرف، متكلم، وشاعر وأديب.

                    (4)السيد سعيد بن السيد حسين الحكيم (1302 ـ 1395هـ) فقيه أصولي مجتهد عالم فاضل صالح ورع تقي ، كان مجلسه في داره عامراً بالفضلاء والعلماء خلال النهار في كل يوم من أول السنة إلى نهايتها.

                    أولاده : السيد محمد حسين ، السيد محمد تقي (صاحب كتاب الأصول العامة للفقه المقارن)، والشهيد السيد علي.

                    من مؤلفاته : كتابات في الفقه والأصول.

                    (5) السيد علي بن السيد هادي بحر العلوم (1314 ـ 1380هـ) عالم جليل وفاضل متواضع ، من أعلام النجف المبرزين وأعيانها المحترمين له شهرة واسعة ومنزلة سامية عند كل الطبقات وكان مجلسه مجمع العلماء والادباء والافاضل..
                    توفي في محرم 1380 هـ .

                    أولاده: الدكتور السيد محمد، الشهيد السيد علاء الدين، الشهيد السيد عز الدين، السيد مهدي.

                    من مؤلفاته : اللؤلؤ المنظوم في أحوال السيد بحر العلوم

                    (6) من العلماء الافاضل عرف بالورع والتقوى وحسن الخلق. شاعر مبدع. له تعليقات وحواشي على الكتب الفقهية والاصولية، وديوان شعر توفي في مدينة قم في شهر رمضان عام 1423هـ

                    (7) الشيخ هادي القرشي ولد في عام (1343 هـ) عالم جليل من أهل الفضيلة والورع والتقوى والصلاح وعلى جانب من الاستقامة ودماثة الخلق .

                    تتلمذ على السيد الحكيم والسيد عبد الكريم علي خان والسيد الخوئي والسيد محمد تقي بحر العلوم وغيرهم.

                    من مؤلفاته: تقريرات وتعليقات وكتابات في الفقه والاصول.

                    (8) الشيخ عبد الهادي حموزي عالم فاضل من أساتذة كلية الفقه عُرفَ بفضله وأدبه الوافرين.كان بيته مجمعاً للعلماء والادباء ومن أبرز أندية النجف الأشرف.

                    (9) وقد أدى ذلك إلى ترك الكثير من الطلبة للحوزة العلمية واتجهوا للانتساب إلى دوائر، خاصة في مجال التعليم ، وارتقى بعضهم إلى مناصب عليا في الدولة، ومنهم العديد من تلامذة آية الله السيد محمد علي الحكيم وأقران سيدنا المترجم له، ولم يبق في الحوزة إلاّ العدد القليل الذين صمموا على مواصلة تحمل المسؤولية إيماناً منهم بأهمية وقدسية الهدف الذى من أجله انتسبوا لهذا الكيان العلمي العريق، وكثيراً ما كان آية الله السيد محمد علي الحكيم يتحدث عن المصاعب والشدائد التي كانت تواجه طلبة وأساتذة الحوزة ومنهم السادة آل الحكيم.

                    (10) حيث اعتقلوا ليلة 26/رجب/1403هـ الموافق لـ10/5/1983م، بهجوم واسع شنته قوات الاقتحام.

                    (11) ولعل أهم العوامل الطبيعية التي ساهمت في انقاذ السيد الحكيم من الإعدام أنه بعد أن اشتدت الضغوط على السادة آل الحكيم من جانب النظام للمشاركة في المؤتمر الإسلامي الشعبي ارتأى بعض السادة عقد جلسة للأسرة لمناقشة الموضوع وطلبوا من سماحة السيد أن يحضر تلك الجلسة، لكنه رفض الحضور، وقال بأَنه من الناحية الشرعية مقتنع تماماً بعدم المشاركة في المؤتمر ومع هذه القناعة لا يجد داعياً لمناقشة الموضوع، خاصة أنه يتوقع أن تكون الأُسرة تحت الرقابة الأمنية المشدّدة وقد ترصد عيونهم المنتشرة هذا الاجتماع فتشتد نقمتهم على الأُسرة، وبالفعل تحقق ما توقعه سماحته حيث كان البيت الذي تم فيه الاجتماع مراقباً فرصدوا الحاضرين، واثناء التحقيق في مديرية الأمن العامة مع سماحة السيد الحكيم (مد ظله) تخيّل الضابط المحقق في البداية ان سماحته كان ضمن الحضور، ولكنه أمام صمود سماحة السيد اكتشف أنه لم يكن حاضراً في اجتماع الأُسرة والطريف في الأمر ان السلطة الغاشمة تخيلت أن سماحته لم يكن مدعّواً من قِبل الأسرة لأنه ليس ضمن مصدر القرار في الأُسرة، ولذلك نجا سماحته من قرار الإعدام، ولم يعلموا أنه كان أشد إصراراً في رفض المشاركة في المؤتمر وان عدم حضوره في جلسة الأسرة لوضوح الأمر عنده حتى بات غير محتاج للنقاش والتداول .


                    تحياتي الحسسن .

                    تعليق


                    • #11
                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      مشكور وجزاك الله الخير
                      ونحن بإنتظار أن تتكلم عن :
                      حجة الإسلام والمسلمين أية الله العظمى المفدى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله المبارك )
                      والسلام عليكم

                      تعليق


                      • #12
                        حجة الإسلام والمسلمين أية الله العظمى المفدى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله )

                        ولادته ونشأته

                        ولد سماحته في التاسع من شهر ربيع الاول عام (1349 هـ . ق) في المشهد الرضوي الشريف، وسماه والده علي تيمناً باسم جده الآتي ذكره .
                        والده هو المقدس المرحوم السيد محمد باقر ، وأما جده الادنی فهو العلم الجليل (السيد علي) الذي ترجم له العلامة الشيخ أغا بزرك الطهراني في طبقات أعلام الشيعة (القسم الرابع ص 1432) وذكر انه كان في النجف الاشرف من تلامذة الحجة المؤسس المولی علي النهاوندي وفي سامراء من تلامذة المجدد الشيرازي، ثم اختص بالحجة السيد اسماعيل الصدر، وفي حدود سنة (1308 هـ) عاد الی مشهد الرضا (عليه السلام) واستقر فيه وقد حاز مكانة سامية مع ما كان له من حظ وافر في العلم مع تقی وصلاح، ومن تلامذته المعروفين الفقيه الكبير الشيخ محمد رضا آل ياسين (قدس سره).
                        ثم انتقل إلی الحوزة العلمية الدينية في قم المقدسة علی عهد المرجع الكبير السيد حسين البروجردي (قدس سره) في عام (1368هـ،) وحضر بحوث علماء وفضلاء الحوزة آنذاك، منهم السيد البروجردي (قدس سره) في الفقه والأُصول، وقد أخذ الكثير من خبرته الفقهية ونظرياته في علم الرجال والحديث، كما حضر درس الفقيه العالم الفاضل السيد الحجة الكوهكمري (قدس سره) وبقية الأفاضل في حينه.
                        كانت أسرته (وهي من الاسر العلوية الحسينية) تسكن في اصفهان علی عهد السلاطين الصفويين وقد عين جده الاعلی (السيد محمد) في منصب شيخ الاسلام في سيستان في زمن السلطان حسين الصفوي فانتقل اليها وسكنها هو وذريته من بعده.
                        وأول من هاجر من أحفاده الی مشهد الرضا (عليه السلام) هو المرحوم (السيد علي) المار ذكره حيث استقر فيه برهة من الزمن في مدرسة المرحوم الملا محمد باقر السبزواري ومن ثم هاجر الی النجف الاشرف لاكمال دراسته.
                        نشأ سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) في أُسرة علمية دينية ملتزمة، وقد درس العلوم الابتدائية والمقدمات والسطوح، وأعقبها بدراسة العلوم العقلية والمعارف الإلهية لدی جملة من أعلامها ومدرسيها حتی أتقنها.
                        بدأ سماحة السيد (دام ظله) وهو في الخامسة من عمره بتعلم القرآن الكريم ثم دخل مدرسة دار التعليم الديني لتعلم القراءة والكتابة ونحوها، فتخرج من هذه المدرسة وقد تعلم أثناء ذلك فن الخط من استاذه (الميرزا علي آقا)
                        في أوائل عام (1360 هـ.ق) بدأ بتوجيه من والده بقراءة مقدمات العلوم الحوزوية، فأتم قراءة جملة من الكتب الادبية كشرح الألفية للسيوطي والمغني لابن هشام والمطول للتفتازاني ومقامات الحريري وشرح النظام عند المرحوم الاديب النيشابوري وغيره من أساتذة الفن، وقرأ شرح اللمعة والقوانين عند المرحوم السيد احمد اليزدي وقرأ جملة السطوح العالية كالمكاسب والرسائل والكفاية عند العالم الجليل الشيخ هاشم القزويني، وقرأ جملة من الكتب الفلسفية كشرح منظومة السبزواري وشرح الاشراق والاسفار عند المرحوم الآيسي، وقرأ شوارق الالهام عند المرحوم الشيخ مجتبی القزويني، وحضر في المعارف الالهية دروس العلامة المرحوم الميرزا مهدي الاصفهاني المتوفی أواخر سنة (1365 هـ.ق) كما حضر بحوث الخارج للمرحوم الميرزا مهدي الآشتياني والمرحوم الميرزا هاشم القزويني (قدس سرهما).
                        وفي أواخر عام (1368 هـ.ق) هاجر الی قم المقدسة لاكمال دراسته فحضر عند العلمين الشهيرين السيد حسين الطباطبائي البروجردي والسيد محمد الحجة الكوهكمري، وكان حضوره عند الاول في الفقه والاصول وعند الثاني في الفقه فقط.
                        وخلال فترة اقامته في قم راسل العلامة المرحوم السيد علي البهبهاني (عالم الاهواز الشهير ومن اتباع مدرسة المحقق الشيخ هادي الطهراني) وكان موضوع المراسلات بعض مسائل القبلة حيث ناقش سماحة السيد (دام ظله) بعض نظريات المحقق الطهراني ووقف السيد البهبهاني موقف المدافع عنها وبعد تبادل عدة رسائل كتب المرحوم البهبهاني لسماحة السيد رسالة تقدير وثناء بالغين موكلاً تكميل البحث الی حين اللقاء به عند تشرفهما بزيارة الامام الرضا (عليه السلام).
                        وفي أوائل عام (1371 هـ.ق) هاجر من مدينة قم الی النجف الاشرف، فوصل كربلاء المقدسة في ذكری أربعين الامام الحسين (عليه السلام) ثم نزل النجف فسكن مدرسة البخارائي العلمية وحضر بحوث العلمين الشهيرين آية الله العظمی السيد أبو القاسم الخوئي والعلامة الشيخ حسين الحلي (قدس سرهما) في الفقه والاصول ولازمهما مدة طويلة، وحضر خلال ذلك أيضاً بحوث بعض الاعلام الآخرين منهم الامام الحكيم والسيد الشاهرودي (قدس سرهما).
                        وفي أواخر عام (1380 هـ.ق) عزم علی السفر الی موطنه (مشهد الرضا عليه السلام) وكان يحتمل استقراره فيه فكتب له استاذه آية الله العظمی السيد الخوئي واستاذه العلامة الشيخ الحلي (قدس سرهما) شهادتين ببلوغه درجة الاجتهاد، كما كتب شيخ محدثي عصره الشيخ أغا بزرك الطهراني صاحب الذريعة شهادة اخری يطري فيها علی مهارته في علمي الحديث والرجال.
                        وعندما رجع الی النجف الاشرف في أوائل عام (1381 هـ.ق) ابتدأ بالقاء محاضراته (الدرس الخارج) في الفقه في ضوء مكاسب الشيخ الانصاري واعقبه بشرح العروة الوثقی فتم له منه شرح كتاب الطهارة وأكثر كتاب الصلاة وبعض كتاب الخمس وفي عام (1418 هـ.ق) بدأ بشرح كتاب الاعتكاف بعد ان انتهی من شرح كتاب الصوم منذ فترة غير بعيدة ويواصل في هذه الايام (شعبان 1423 هـ.ق) تدريس كتاب الزكاة من شرح العروة.
                        وقد كانت له محاضرات فقهية أخری خلال هذه السنوات تناولت كتاب القضاء وأبحاث الربا وقاعدة الالزام وقاعدة التقية وغيرهما من القواعد الفقهية . كما كانت له محاضرات رجالية شملت حجية مراسيل ابن ابي عمير وشرح مشيخة التهذيبين وغيرهما.
                        وابتدأ (دام ظله) بالقاء محاضراته في علم الاصول في شعبان عام (1384 هـ.ق) وقد أكمل دورته الثالثة في شعبان عام (1411 هـ.ق) ويوجد تسجيل صوتي لجميع محاضراته الفقهية والاصولية من عام (1397 هـ.ق) .
                        اشتغل سيدنا الأُستاذ بالبحث والتدريس بإلقاء محاضراته (البحث الخارج) (1381 هـ.ق) في الفقه علی ضوء مكاسب الشيخ الأعظم الأنصاري (قدس سره) وأعقبه بشرح كتاب العروة الوثقی للسيد الفقيه الطباطبائي (قدس سره)، فتم له من ذلك شرح كتاب الطهارة وأكثر فروع كتاب الصلاة وبعض كتاب الخمس. كما ابتدأ بإلقاء محاضراته (البحث الخارج) في الأُصول في شهر شعبان المعظم (1384 هـ.ق) وقد أكمل دورته الثالثة منها في شعبان المعظم سنة (1411 هـ) وقد سجل محاضراته الفقهية والأُصولية في تقريرات غير واحد من تلامذته.


                        نبوغه العلمي

                        لقد برز سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) في بحوث أساتذته بتفوق بالغ علی أقرانه وذلك في قوة الإشكال، وسرعة البديهة، وكثرة التحقيق والتتبع في الفقه والرجال، ومواصلة النشاط العلمي، وإلمامه بكثير من النظريات في مختلف الحقول العلمية الحوزوية. ومما يشهد علی ذلك شهادة خطية من الإمام الخوئي (رضوان الله تعالی عليه) وشهادة أُخری من العلامة الشيخ حسين الحلي (قدس سره)، وقد شهدا ببلوغه درجة الاجتهاد في شهادتين مؤرختين في عام (1380 هـ.ق) مغمورتين بالثناء الكبير علی فضله وعلمه، علی أن المعروف عن الإمام الخوئي (قدس سره) أنه لايشهد لأحد من تلامذته بالاجتهاد شهادة خطية، إلا لسيدنا الأُستاذ وآية الله الشيخ علي الفلسفي من مشاهير علماء مشهد المقدسة.
                        كما كتب له شيخ محدثي عصره العلامة الشيخ أغا بزرك الطهراني (قدس سره) شهادة مؤرخة في عام (1380 هـ) أيضاً يطري فيها علی مهارته في علمي الرجال والحديث. أي أن سيدنا الاستاذ قد حاز علی هذه المرتبة العظيمة بشهادة العظماء من العلماء وهو في الحادية والثلاثين من عمره.


                        منهجه في البحث والتدريس

                        وهو منهج متميز علی مناهج كثير من أساتذة الحوزة وأرباب البحث الخارج، فعلی صعيد الأُصول يتجلی منهجه بعدة خصائص:
                        أ ـ التحدث عن تاريخ البحث ومعرفة جذوره التي ربما تكون فلسفية، كمسألة بساطة المشتق وتركيبه، أو عقائدية وسياسية كبحث التعادل والتراجيح الذي أوضح فيه أن قضية اختلاف الأحاديث فرضتها الصراعات الفكرية العقائدية آنذاك والظروف السياسية، التي أحاطت بالأئمة (عليهم السلام) ومن الواضح أن الاطلاع علی تاريخ البحث يكشف عن زوايا المسألة ويوصلنا إلی واقع الآراء المطروحة فيها.
                        ب ـ الربط بين الفكر الحوزوي والثقافات المعاصرة. ففي بحثه حول المعنی الحرفي في بيان الفارق بينه وبين المعنی الاسمي، وهل هو فارق ذاتي أم لحاظي؟ اختار اتجاه صاحب الكفاية في أن الفرق باللحاظ، لكن بناه علی النظرية الفلسفية الحديثة، وهي نظرية التكثر الإدراكي في فعالية الذهن البشري وخلاقيته، فيمكن للذهن تصور مطلب واحد بصورتين، تارة بصورة الاستقلال والوضوح فيعبر عنه بـ (الاسم)، وتارة بالانقباض والانكماش ويعبر عنه بـ (الحرف) .
                        وعندما دخل في بحث المشتق في النزاع الدائر بين العلماء حول اسم الزمان، تحدث عن الزمان بنظرة فلسفية جديدة في الغرب، وهي انتزاع الزمان من المكان بلحاظ تعاقب النور والظلام، وفي بحثه حول مدلول صيغة الأمر ومادته وبحثه في التجري فقد طرح نظرية بعض علماء الاجتماع من أن تقسيم الطلب لأمر والتماس وسؤال نتيجة تدخل صفة الطالب في حقيقة طلبه من كونه عالياً أو مساوياً أو سافلاً.
                        وكذلك جعل ضابط استحقاق العقوبة عنوان تمرد العبد وطغيانه علی المولی وأن ذلك مبني علی التقسيم الطبقي للمجتمعات البشرية القديمة من وجود موالٍ وعبيد، وعالٍ وسافل، وما أشبه ذلك، فهذه النظرية من رواسب الثقافات السالفة التي تتحدث باللغة الطبقية، لا باللغة القانونية المبنية علی المصالح الإنسانية العامة.
                        ج ـ الاهتمام بالاُصول المرتبطة بالفقه، وأن الطالب الحوزوي يلاحظ في كثير من العلماء إغراقهم وإسهابهم في بحوث أُصولية، لايُعد الإسهاب فيها إلا ترفاً فكرياً، لاينتج ثمرة عملية للفقيه في مسيرته الفقهية، كبحثهم في الوضع وكونه أمراً اعتبارياً أو تكوينياً، وأنه تعهد أو تخصيص، وبحثهم في بيان موضوع العلم وبعض العوارض الذاتية في تعريف الفلاسفة لموضوع العلم، وما شاكل ذلك.
                        ولكن الملاحظ في دروس سيدنا الأُستاذ هو الإغراق وبذل الجهد الشاق في الخروج بمبنی علمي رصين في البحوث الأُصولية المرتبطة بعملية الاستنباط، كمباحث الأُصول العملية، والتعادل والتراجيح، والعام والخاص، وأما البحوث الأُخری التي أشرنا لبعض مسمياتها، فبحثه فيها بمقدار الثمرة العلمية في بحوث أُخری أو الثمرة العملية في الفقه.
                        د ـ الإبداع والتجديد: هناك كثير من الأساتذة الماهرين في الحوزة من لا يملك روح التجديد، بل يصب اهتمامه علی التعليق فقط والتركيز علی جماليات البحث لا علی جوهره، فيطرح الآراء الموجودة، ويعلق علی بعضها، ويختار الأقوی في نظره، ويشغل نفسه بتحليل عبارات من قبيل: فتأمل أو فافهم، ويجري في البحث علی أن في الإشكال إشكالين، وفي الإشكالين تأملاً، وفي التأمل توقف.
                        هـ ـالمامه بمقتضيات عصره:كجواز نكاح أهل الشرك و قاعدة التزاحم التي يطرحها الفقهاء والأُصوليون، كقاعدة عقلية أو عقلائية صرفة، فيدخلها السيد الأُستاذ تحت قاعدة الاضطرار التي هي قاعدة شرعية أشارت لها النصوص، نحو (ما من شيء حرمه الله إلا وقد أحله لمن اضطر إليه)، فإن مؤدی قاعدة الاضطرار هو مؤدی قاعدة التزاحم بضميمة فهم الجعل التطبيقي.
                        وأحياناً قد يقوم بتوسعة القاعدة كما في قاعدة (لا تُعاد) حيث خصها الفقهاء بالصلاة، لورود النص في ذلك. بينما سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) جعل صدر الرواية المتضمن لقوله لا تُعاد الصلاة إلا من خمسة مصداقاً لكبری أُخری تعم الصلاة وغيرها من الواجبات، وهذه الكبری موجودة في ذيل النص ولا تنقض السنة الفريضة. فالمناط هو تقديم الفريضة علی السنة في الصلاة وغيرها، ومن مصاديق هذا التقديم هو تقديم الوقت والقبلة... الخ علی غيرها من أجزاء الصلاة وشرائطها؛ لأن الوقت والقبلة من الفرائض لا من السنن.
                        و ـ النظرة الاجتماعية للنص: إن من الفقهاء من هو حر في الفهم بمعنی أنه جامد علی حدود حروف النص من دون محاولة التصرف في سعة دلالات النص، وهناك من الفقهاء من يقرأ أجواء النص والظروف المحيطة به ليتعرف مع سائر الملابسات التي تؤثر علی دلالته.
                        فمثلاً ماورد من أن رسول (الله صلی الله عليه وآله وسلم) حرم أكل لحم الحُمُر الأهلية يوم خيبر، فلو أخذنا بالفهم الحرفي لقلنا بالحرمة أو الكراهة لأكل لحم الحمر الأهلية، ولو اتبعنا الفهم الاجتماعي لرأينا أن النص ناظر لظرف حرج، وهو ظرف الحرب مع اليهود في خيبر، والحرب تحتاج لنقل السلاح والمؤنة، ولم تكن هناك وسائل نقل إلا الدواب ومنها الحمير، فالنهي في الواقع نهي إداري لمصلحة موضوعية اقتضتها الظروف آنذاك، ولا يُستفاد منه تشريع الحرمة ولا الكراهة. وسيدنا الأُستاذ هو من النمط الثاني من العلماء في التعامل مع النص.
                        ز ـ توفير الخبرة بمواد الاستنباط: إن سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) يركز دائماً علی أن الفقيه لايكون فقيهاً بالمعنی الأتم حتی تتوفر لديه خبرة وافية بكلام العرب وخطبهم وأشعارهم ومجازاتهم، كي يكون قادراً علی تشخيص ظهور النص تشخيصاً موضوعياً لا ذاتياً، وأن يكون علی اطلاع تام بكتب اللغة وأحوال مؤلفيها ومناهج الكتابة فيها، فإن ذلك دخيل في الاعتماد علی قول اللغوي أو عدم الاعتماد عليه، وأن يكون علی احاطة بأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) ورواتها بالتفصيل، فإن علم الرجال فن ضروري للمجتهد لتحصيل الوثوق الموضوعي التام بصلاحية المدرك.
                        وله آراء خاصة يخالف بها المشهور مثلاً ما اشتهر من عدم الاعتماد بقدح ابن الغضائري، أما لكثرة قدحه أو لعدم ثبوت نسبة الكتاب إليه. فإن سيدنا الأُستاذ لايرتضي ذلك، بل يری ثبوت الكتاب، وإن ابن الغضائري هو المعتمد في مقام الجرح والتعديل أكثر من النجاشي والشيخ وأمثالهما، ويری الاعتماد علی منهج الطبقات في تعيين الراوي وتوثيقه، ومعرفة كون الحديث مُسنداً أو مُرسلاً علی ما قرره السيد البروجردي (قدس سره).
                        ويری أيضاً ضرورة الإلمام بكتب الحديث، واختلاف النسخ، ومعرفة حال المؤلف، من حيث الضبط والتثبت ومنهج التأليف، وما يشاع في هذا المجال من كون الصدوق أضبط من الشيخ فلا يرتضيه، بل يری الشيخ ناقلاً أميناً لما وجده من الكتب الحاضرة عنده بقرائن يستند إليها.
                        فهذه الجهات الخبرية قد لايعتمد عليها كثير من الفقهاء في مقام الاستنباط، بل يكتفي بعضهم بالظهور الشخصي من دون أن يجمع القرائن المختلفة لتحقيق الظهور الموضوعي، بل قد يعتمد علی كلام بعض اللغويين بدون التحقيق في المؤلف، ومنهج التأليف وقد لايكون لبعض آخر أي رصيد في علم الرجال والخبرة بكتب الحديث.
                        إلا أن سيدنا الأُستاذ والسيد الشهيد الصدر (قدس سره) يختلفان في هذا المنهج، فيحاول كل منهما محاولة الإبداع والتجديد. أما في صياغة المطلب بصياغة جديدة تتناسب مع الحاجة للبحث، كما صنع سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) عندما دخل في بحث استعمال اللفظ في عدة معان، حيث بحثه الأُصوليون من زاوية الإمكان والاستحالة، كبحث عقلي فلسفي لاثمرة عملية تترتب عليه، وبحثه سيدنا الأُستاذ من حيث الوقوع وعدمه، لأنه أقوی دليل علی الإمكان، وبحثه كذلك من حيث الاستظهار وعدمه.
                        وعندما دخل في بحث التعادل والتراجيح رأی أن سر البحث يكمن في علة اختلاف الأحاديث، فإذا بحثنا وحددنا أسباب اختلاف النصوص الشرعية انحلت المشكلة العويصة التي تعترض الفقيه والباحث والمستفيد من نصوص أهل البيت (عليهم السلام)، وذلك يغنينا عن روايات الترجيح والتغيير، كما حملها صاحب الكفاية علی الاستحباب. وهذا البحث تناوله غيره كالسيد الصدر (قدس سره) ولكنه تناوله بشكل عقلي صرف، أما السيد الأُستاذ فإنه حشد فيه الشواهد التاريخية والحديثية، وخرج منه بقواعد مهمة لحل الاختلاف، وقام بتطبيقها في دروسه الفقهية أيضاً.
                        هـ ـ المقارنة بين المدارس المختلفة: إن المعروف عن كثير من الأساتذة حصر البحث في مدرسة معينة أو اتجاه خاص، ولكن سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) يقارن بحثه بين فكر مدرسة مشهد وفكر مدرسة قم وفكر مدرسة النجف، فهو يطرح آراء الميرزا مهدي الإصفهاني (قدس سره) من علماء مشهد، وآراء السيد البروجردي (قدس سره) كتعبير عن فكر مدرسة قم، وآراء المحققين الثلاثة والسيد الخوئي (قدس سره) والشيخ حسين الحلي (قدس سره) كمثال لمدرسة النجف، وتعدد الاتجاهات هذه يوسع أمامنا زوايا البحث والرؤية الواضحة لواقع المطلب العلمي.
                        وأما منهجه الفقهي فله فيه منهج خاص يتميز في تدريس الفقه وطرحه، ولهذا المنهج عدة ملامح وهي:
                        أ ـ المقارنة بين فقه الشيعة وفقه غيرهم من المذاهب الإسلامية الأُخری، فإن الإطلاع علی الفكر الفقهي السني المعاصر لزمان النص كالاطلاع علی موطأ مالك وخراج أبي يوسف وأمثالهم، يوضح أمامنا مقاصد الأئمة (عليهم السلام) ونظرهم حين طرح النصوص.
                        ب ـ الاستفادة من علم القانون الحديث في بعض المواضع الفقهية، كمراجعته للقانون العراقي والمصري والفرنسي عند بحثه في كتاب البيع والخيارات، والإحاطة بالفكر القانوني المعاصر تزود ألإنسان خبرة قانونية يستعين بها علی تحليل القواعد الفقهية وتوسعة مداركها وموارد تطبيقها.
                        ج ـ التجديد في الأُطروحة: إن معظم علمائنا الأعلام يتلقون بعض القواعد الفقهية بنفس الصياغة التي طرحها السابقون، ولا يزيدون في البحث فيها إلا عن صلاحية المدرك لها أو عدمه، ووجود مدرك آخر وعدمه، أما سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) فإنه يحاول الاهتمام في بعض القواعد الفقهية بتغير الصياغة، مثلاً بالنسبة لقاعدة الإلزام التي يفهمها بعض الفقهاء من الزاوية المصلحية بمعنی أن للمسلم المؤمن الاستفادة في تحقيق بعض رغباته الشخصية من بعض القوانين للمذاهب الأُخری، وإن كان مذهبه لايقرها، بينما يطرحه سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) علی أساس الاحترام، ويسميها بقاعدة الاحترام، أي احترام آراء الآخرين وقوانينهم، وانطلاقه من حرية الرأي وهي علی سياق ـ لكل قوم نكاح ـ .


                        معالم شخصيته

                        من يعاشر سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) ويتصل به يری فيه شخصية فذة تتمتع بالخصائص الروحية والمثالية التي حث عليها أهل البيت (عليهم السلام)، والتي تجعل منه ومن أمثاله من العلماء المخلصين مظهراً جلياً لكلمة عالم رباني. ومن أجل وضع النقاط علی الحروف؛ نطرح بعض المعالم الفاضلة التي رآها أحد تلامذته عند اتصاله به درساً ومعاشرة:
                        أ ـ الإنصاف واحترام الرأي: إن سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) انطلاقاً من عشقه العلم والمعرفة ورغبة في الوصول للحقيقة، وتقديساً لحرية الرأي والكلمة البناءة، تجده كثير القراءة والتتبع للكتب والبحوث، ومعرفة الآراء حتی آراء زملائه وأقرانه أو آراء بعض المغمورين في خضم الحوزة العلمية، فتراه بعض الأحيان يشير في بحثه لرأي لطيف لأحد الأفاضل مع أنه ليس من أساتذته، فطرح هذه ومناقشتها مع أنها لم تصدر من أساطين أساتذته يمثل لنا صورة حية من صور الإنصاف واحترام آراء الآخرين.
                        ب ـ الأدب في الحوار: إن بحوث النجف معروفة بالحوار الساخن بين الزملاء أو الأُستاذ وتلميذه، وذلك مما يصقل ثقافة الطالب وقوته العلمية، وأحياناً قد يكون الحوار جدلاً فارغاً لايوصل لهدف علمي، بل مضمونه إبراز العضلات في الجدل وقوة المعارضة، وذلك مما يستهلك وقت الطالب الطموح، ويبعده عن الجو الروحي للعلم والمذاكرة، ويتركه يحوم في حلقة عقيمة دون الوصول للهدف.
                        أما بحث سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) فإنه بعيد كل البعد عن الجدل وأساليب الإسكات والتوهين، فهو في نقاشه آراء الآخرين أو مع أساتذته يستخدم الكلمات المؤدبة التي تحفظ مقام العلماء وعظمتهم حتی ولو كان الرأي المطروح واضح الضعف والاندفاع، وفي إجابته لاستفهامات الطالب يتحدث بانفتاح وبروح الإرشاد والتوجيه، ولو صرف التلميذ الحوار الهادف إلی الجدل الفارغ عن المحتوی فإن سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) يحاول تكرار الجواب بصورة علمية، ومع إصرار الطالب فإن السيد الأُستاذ حينئذ يفضل السكوت علی الكلام.
                        ج ـ خلق التربية: التدريس ليس وظيفة رسمية أو روتينية يمارسها الأُستاذ في مقابل مقدار من المال، فإن هذه النظرة تبعد المدرس عن تقويم التلميذ والعناية بتربيته والصعود بمستواه العلمي للتفوق والظهور، كما أن التدريس لايقتصر علی التربية العلمية من محاولة الترشيد التربوي لمسيرة الطالب، بل التدريس رسالة خطيرة تحتاج مزاولتها لروح الحب والإشفاق علی الطالب، وحثه نحو العلم وآدابه ، وإذا كان يحصل في الحوزة أو غيرها أحياناً رجال لايخلصون لمسؤولية التدريس والتعليم، فإن في الحوزات أساتذة مخلصين يرون التدريس رسالة سماوية، لابد من مزاولتها، بروح المحبة والعناية التامة بمسيرة التلميذ العلمية والعملية .
                        وقد كان الإمام الحكيم (قدس سره) مضرب المثل في خلقه التربوي لتلامذته وطلابه، وكذلك كانت علاقة الإمام الخوئي (قدس سره) بتلامذته، فلقد رأيتُ هذا الخلق متجسداً في شخصية سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) فهو يحث دائماً بعد الدرس علی سؤاله ونقاشه فيقول: إسألوا ولو علی رقم الصفحة، لبحث معين أو اسم كتاب معين حتی تعتادوا علی حوار الأُستاذ والصلة العلمية به، وكان يدفعنا لمقارنة بحثه مع البحوث المطبوعة، والوقوف عند نقاط الضعف والقوة. وكان يؤكد دائماً علی احترام العلماء والالتزام بالأدب في نقاش أقوالهم، ويتحدث عن أساتذته وروحياتهم العالية، وأمثال ذلك من شواهد الخلق الرفيع.
                        د ـ الورع: إن بحوث النجف ظاهرة جلية في كثير من العلماء والأعاظم، وهي ظاهرة البعد عن مواقع الضوضاء والفتن، وربما يعتبر هذا البعد عند بعضهم موقفاً سلبياً لأنه هروب من مواجهة الواقع وتسجيل الموقف الصريح المرضي للشرع المقدس، ولكنه عند التأمل يظهر بأنه موقف إيجابي وضروري أحياناً للمصلحة العامة ومواجهة الواقع، وتسجيل الموقف الشرعي يحتاج لظروف موضوعية وأرضية صالحة تتفاعل مع هذا الموقف .
                        فلو وقعت في الساحة الإسلامية أو المجتمع الحوزوي إثارات وملابسات، بحيث تؤدي لطمس بعض المفاهيم الأساسية في الشريعة الإسلامية وجب علی العلماء بالدرجة الأُولی التصدي لإزالة الشبهات وإبراز الحقائق الناصعة، فإذا ظهرت البدع وجب علی العالم أن يظهر علمه فإن لم يفعل سلب منه نور الإيمان، كما جاء في الحديث، ولكن لو كان مسار الفتنة مساراً شخصياً وجواً مفعماً بالمزايدات والتعصبات العرقية والشخصية لمرجع معين أو خط معين، أو كانت الأجواء تعيش حرباً دعائية مؤججة بنار الحقد والحسد المتبادل، فإن علماء الحوزة منهم سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) يلتزمون دوماً الصمت والوقار والبعد عن هذه الضوضاء الصاخبة، كما حدث بعد وفاة السيد البروجردي (قدس سره) ووفاة السيد الحكيم (قدس سره)، وما يحدث غالباً من التنافس علی الألقاب والمناصب والاختلافات الجزئية. كما هو الحال في يومنا الحاضر، مضافاً لزهده المتمثل في لباسه المتواضع ومسكنه الصغير الذي لايملكه وأثاثه البسيط.
                        هـ ـ الإنتاج الفكري: سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) ليس فقيهاً فقط، بل هو رجل مثقف مطلع علی الثقافات المعاصرة، ومتفتح علی الأفكار الحضارية المختلفة، ويمتلك الرؤية الثاقبة في المسيرة العالمية في المجال الاقتصادي والسياسي، وعنده نظرات ادارية جيدة وأفكار اجتماعية مواكبة للتطور الملحوظ، واستيعاب للأوضاع المعاصرة، بحيث تكون الفتوی، في نظره طريقاً صالحاً للخير في المجتمع المسلم.

                        تعليق


                        • #13
                          التأكيد على ما قاله أبو ميثم!

                          المشاركة الأصلية بواسطة أبوميثم
                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          مشكور وجزاك الله الخير
                          ونحن بإنتظار أن تتكلم عن :
                          حجة الإسلام والمسلمين أية الله العظمى المفدى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله المبارك )
                          والسلام عليكم

                          تعليق


                          • #14
                            مرجعيته

                            نقل بعض أساتذة النجف الأشرف أنه بعد وفاة آية الله السيد نصر الله المستنبط (قدس سره) اقترح مجموعة من الفضلاء علی الإمام الخوئي (قدس سره) إعداد الأرضية لشخص يُشار إليه بالبنان، مؤهل للمحافظة علی المرجعية والحوزة العلمية في النجف الأشرف، فكان اختيار سماحة آية الله العظمی السيد السيستاني (دام ظله) لفضله العلمي، وصفاء سلوكه وخطه.
                            ويذكر أنه كان في عيادة استاذه المرحوم آية الله العظمی السيد الخوئي (قدس سره) في 29 ربيع الثاني (1409 هـ.ق) لوكعة صحية المّت به فطلب منه ان يقيم صلاة الجماعة في مكانه في جامع الخضراء، فلم يوافق علی ذلك في البداية فألح عليه في الطلب وقال له: (لو كنت احكم كما كان يفعل ذلك المرحوم الحاج آقا حسين القمي (قدس سره) لحكمت عليكم بلزوم القبول) فاستمهله بضعة ايام ونهاية الامر استجاب لطلبه وأمّ المصلين من يوم الجمعة 5 جمادی الاولی (1409 هـ.ق) الی الجمعة الاخيرة من شهر ذي الحجة عام (1414 هـ.ق) حيث أغلق الجامع.
                            وبعد وفاة الإمام الخوئي (قدس سره) كان من الستة المشيعين لجنازته ليلاً، وهو الذي صلّی علی جثمانه الطاهر، وقد تصدی بعدها للتقليد وشؤون المرجعية وزعامة الحوزة العلمية، بإرسال الإجازات، وتوزيع الحقوق، والتدريس علی منبر الإمام الخوئي (قدس سره) في مسجد الخضراء .
                            وبدأ ينتشر تقليده وبشكل سريع في العراق والخليج ومناطق أُخری، كالهند وأفريقيا وغيرها، وخصوصاً بين الأفاضل في الحوزات العلمية، وبين الطبقات المثقفة والشابة، لما يعرف عنه من أفكار حضارية متطورة، وهو (دام ظله) من القلة المعدودين من أعاظم الفقهاء الذين تدور حولهم الأعلمية بشهادة غير واحد من أهل الخبرة وأساتيذ الحوزات العلمية في النجف الأشرف وقم المقدسة، فأدام الله ظله الوارف علی رؤوس الأنام وجعله لنا ذخراً وملاذاً.
                            وكما يذكر أنه تشرف بزيارة بيت الله الحرام لأداء الحج مرة في عام (1386 هـ.ق) ومرتين متتاليتين في عامي (1405 هـ) و (1406 هـ.ق) .

                            مؤلفاته

                            منذ كان عمره الشريف 34 سنة ، بدأ يدرس البحث الخارج فقهاً وأُصولاً ورجالاً، ويقدم نتاجه وعطاءه الوافر، وقد باحث المكاسب والطهارة والصلاة والقضاء والخمس، وبعض القواعد الفقهية كالربا وقاعدة التقية وقاعدة الإلزام. ودرس الأُصول ثلاث دورات وبعض هذه البحوث جاهز للطبع كبحوثه في الأُصول العلمية والتعادل والتراجيح، مع بعض المباحث الفقهية وبعض أبواب الصلاة وقاعدة التقية والإلزام.
                            وقد أخرج بحثه عدة من الفضلاء البارزين، وبعضهم علی مستوی تدريس البحث الخارج، كالعلامة الشيخ مهدي مرواريد والعلامة السيد مرتضی المهري والعلامة السيد حبيب حسينيان، والعلامة السيد مرتضی الإصفهاني، والعلامة السيد أحمد المددي، والعلامة الشيخ باقر الإيرواني، وغيرهم ممن هم من أفاضل أساتذة الحوزات العلمية. وضمن انشغال سماحته في الدرس والبحث خلال هذه المدة كان (دام ظله) مهتماً بتأليف كتب مهمة وجملة من الرسائل لرفد المكتبة العلمية الدينية بمجموعة مؤلفات قيمة، مضافاً إلی ماكتبه من تقريرات بحوث أساتذته فقهاً وأُصولاً.


                            مسيرته الجهادية

                            كان النظام البعثي يسعی بكل وسيلة للقضاء علی الحوزة العلمية في النجف الأشرف منذ السنين الأولی من تسلمه للسلطة في العراق ، وقد قام بعمليات تسفير واسعة للعلماء والفضلاء وسائر الطلاب الاجانب ، ولاقی سيدنا الاستاذ (دام ظله) عناءاً بالغاً من جراء ذلك وكاد ان يسفّر عدة مرات وتم تسفير مجاميع من تلامذته وطلاب مجلس درسه في فترات متقاربة ، ثم كانت الظروف القاسية جداً ايام الحرب العراقية الايرانية ، ولكن علی الرغم من ذلك فقد اصرّ دام ظله علی البقاء في النجف الأشرف وواصل التدريس في حوزته العلمية المقدسة ايماناً منه بلزوم استمرار المسار الحوزوي المستقل عن الحكومات تفادياً للسلبيات التي تنجم عن تغيير هذا المسار .
                            وفي عام 1411هـ عندما قضی النظام علی الانتفاضة الشعبانية اعتقل سيدنا الاستاذ (دام ظله) ومعه مجموعة من العلماء كالشهيد الشيخ مرتضی البروجردي والشهيد الميرزا علي الغروي وقد تعرضوا للضرب والاستجواب القاسي في فندق السلام وفي معسكر الرزازة وفي معتقل الرضوانية إلی ان فرّج الله عنهم ببركة اهل البيت (ع) .
                            وفي عام 1413هـ عندما توفي الامام السيد الخوئي رضوان الله عليه وتصدی سيدنا الاستاذ (دام ظله) للمرجعية حاولت سلطات النظام السابق تغيير مسار المرجعية الدينية في النجف الأشرف وبذلت ما في وسعها في الحطّ من موقع السيد الاستاذ (دام ظله) ومكانته المتميزة بين المراجع وسعت إلی تفرق المؤمنين عنه بأساليب متعددة منها اغلاق جامع الخضراء في أواخر ذي الحجة عام 1414هـ كما تقدم .
                            وعندما وجد النظام ان محاولاته قد باءت جميعاً بالفشل خطط لاغتيال سيدنا الاستاذ وتصفيته وقد كشفت وثائق جهاز المخابرات عن عدد من هذه المخططات ولكن مكروا ومكر الله والله خير الماكرين .
                            وهكذا بقي سيدنا الاستاذ (دام ظله) رهين داره منذ أواخر عام 1418هـ حتی انه لم يتشرّف بزيارة جده الامام أمير المؤمنين (ع) طوال هذه الفترة .



                            تحياتي الحسسن

                            تعليق


                            • #15
                              بارك الله فيك يا أخي الحسسن على الموضوع القيم
                              ووفقك الله في مواضيعك

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X