د. خالد بن عبدالله المنيع
الحصبة مرض هام من أمراض الطفولة كان منتشراً في الماضي إلا أنه نادر جداً حاليا. وهي التهاب فيروسي حاد يتميز في مرحلته النهائية بطفح ينتشر بشكل تدريجي على العنق والوجه، الجسم، الذراعين الساقين، ويترافق مع حرارة عالية.وقد نشرت منظمة الصحة العالمية على موقعها ان جهود التطعيم العالمية تمكنت بفضل الله من تخفيض وفيات الحصبة بنسبة تقارب النصف بين عامي 1999و2004م

المسببات:
فيروس الحصبة هو العامل المسبب، لم يعرف له إلا نوع واحد. يمكن العثور على فيروس الحصبة خلال المرحلة الاولية للمرض . والمدة قصيرة بعد ظهور الطفح في افرازات الأنف والبلعوم والدم والبول. ويمكن أن يبقى فعالاً لمدة 34ساعة على الأقل في درجة حرارة الغرفة. في الماضي كانت الأوبئة تميل للحدوث بشكل غير منتظم، كان تظهر في الربيع في المدن بفواصل 24سنوات عندما تتعرض مجموعات جديدة من الأطفال المصابين. وقبل استخدام لقاح الحصبة كانت ذروة الحدوث في سن 519سنة.

الانتقال:
الحصبة مرض معد بشدة. إذ يصاب حوالي 90% من أفراد العائلة المصابين الملاصقين للشخص المريض. ويحدث الانتشار للفيروس بواسطة رذاذ
المصاب وغالباً يحدث الانتقال إلى الآخرين قبل تشخيص الحالة الأصلية.
لا يمتلك أطفال الأمهات المصابات للحصبة أي مناعة ضد الحصبة وقد يصابوا بالحصبة مع الأم قبل أو بعد الولادة.

الاعراض السريرية:
للحصبة ثلاث مراحل سريرية. فترة الحضانة، المرحلة الأولية مع طفح في الأغشية المخاطية وأعراض خفيفة، وطور نهائي مع طفح مترافق مع حرارة عالية، تدوم فترة الحضانة 1012أيام تقريباً حتى بداية الأعراض الأولية و 24أيام أخرى حتى ظهور الطفح. وقد تكون فترة الحضانة قصيرة في حالات نادرة حيث تمتد 610أيام. قد يحدث ارتفاع حرارة خفيف في اليوم 910من تاريخ الالتهاب تخمد بعدها لمدة 24ساعة تقريباً. قد ينقل المريض الفيروس في اليوم التاسع أو العاشر بعد التعرض وفي بعض الحالات منذ اليوم السابع قبل أن يكون تشخيص المرض ممكناً.
يدوم الطور الاولي عادة 35أيام ويتميز بحمى منخفضة إلى متوسطة الدرجة وسعال جاف وزكام والتهاب ملتحمة العين، وهذه الأعراض تسبق دائماً تقريباً ظهور بقع كوبليك (العلامة الواسمة للحصبة) ب 23أيام وبقع كوبليك هي بقع رمادية بيضاء صغيرة عادة كحبات الرمل مع هالة حمراء خفيفة حولها. تميل بقع كوبليك للظهور مقابل اضراس الرحى السفلية إلا أنها قد تنتشر بشكل غير منتظم على بقية الغشاء المخاطي في تجويف الفم . ونادراً ما تتواجد على القسم المتوسط للشفة السفلية أو على الحنك.
ترتفع درجة الحرارة فجأة عند ظهور الطفح وتصل غالباً إلى 40درجة مئوية أو أكثر . عند وصول الطفح إلى الساقين والقدمين تختفي الأعراض بسرعة خلال يومين عادة مع انخفاض مفاجئ في درجة الحرارة إلى الحرارة الطبيعية.
يبدأ الطفح عادة بشكل لطخات بسيطة على القسم العلوي للعنق وخلف الأذنين وعلى الأجزاء الخلفية للوجنتين، ثم يصبح الطفح بازدياد انتشاره على كامل الوجه والعنق وأعلى الذراعين والجزء العلوي للصدر خلال اليوم الأول عادة، وخلال ال 24ساعة التالية ينتشر على الظهر والبطن والفخذين وكامل الذراعين. وحالما يصل في النهاية إلى القدمين في اليوم الثاني أو الثالث يبدأ بالزوال من الوجه ويتقدم اختفاء الطفح نحو الأسفل بنفس تعاقب ظهوره، وتتناسب شدة المرض طرداً مع شدة وامتداد وغزارة الطفح.
وفي الحالات الشديدة قد تظهر كدمات شديدة وتكون الحكة خفيفة عادة. وحالماً يتحلل الطفح يحدث توسف وتغير لون الطفح الجلدي مائل للبني يزول خلال 710أيام.
قد يختلف مظهر الطفح بشكل واضح، ففي حالات نادرة قد يظهر طفح خفيف حاك قليلاً، إن الغياب التام للطفح نادر لدى المرضى الذين اعطوا الاجسام المضادة المناعية خلال فترة الحضانة، ولدى بعض مرضى الايدز، وأحياناً لدى الرضع دون عمر 9أشهر في النوع الذي يترافق مع نزيف (الحصبة السوداء حيث قد يحدث النزيف من الأنف أو الفم أو الأمعاء )، وفي الحالات الخفيفة قد لا يكون الشكل للطفح واضحاً تماماً.
التشخيص
يكون التشخيص واضحاً عادة من الكشف السريري للمريض، ونادراً ما نحتاج للاثباتات المخبرية، خلال المرحلة الاولية تصبح علامات الحصبة من الاجسام المضادة في الدم قابلة للكشف عندما يظهر الطفح.
يميل تعداد الكريات الدم البيض للأنخفاض يبدي عادة السائل الدماغي الشوكي لدى المرضى المصابين بالتهاب الدماغ بسبب الحصبة ارتفاعاً في البروتين.
يجب تفريق طفح الحصبة عن طفح الحصبة الألمانية والالتهابات الناجمة عن فيروسات اخرى.

المعالجة:
لا توجد معالجة نوعية مضادة للفيروس، فالمعالجة عبارة عن معالجة للاعراض فقط. حيث تستعمل خافضات الحرارة، لمعالجة الحمى إضافة إلى الراحة في السرير والمحافظة على وارد كاف من السوائل، ومن الأفضل حفظ الغرفة في جو دافئ بشكل معتدل بدلا من تبريدها ومن الواجب حماية المرضى المصابين بالخوف من الضوء من الاضاءة القوية. تحتاج التهاب الأذن الوسطى وذات الرئة للمعالجة المناسبة بمضادات حيوية. يجب تقييم التهاب الدماغ في حالة الشك في وجوده .
الأكاديمية الأمريكية للأطفال تنصح بتزويد الفيتامين A للأطفال الذين يتراوح عمرهم بين 6أشهر وسنتين والذين قبلوا في المستشفى بسبب الحصبة وكذلك للأطفال الذين يتجاوز عمرهم 6أشهر وأصيبوا بالحصبة مع : نقص مناعة، دلائل عينية على نقص الفيتامين A (مثال العشى الليلي، أو دلائل على جفاف العين). حيث ان هناك علاقة عكسية واضحة بين تركيز فيتامين A وشدة الحصبة.
المضاعفات الرئيسية للحصبة هي التهاب الأذن الوسطى وذات الرئة والتهاب الدماغ، قد تنجم ذات الرئة عن فيروس الحصبة خاصة عند المصابين بالإيدز والتي قد تكون خطيرة غالباً.
تقدر نسبة حدوث التهاب الدماغ ب 121000حالة حصبة ولا توجد علاقة بين شدة الحصبة وشدة اصابة الاعصاب، ونادرا ما تظهر إصابة الدماغ في الفترة السابقة للطفح، إذ غالبا ما تحدث البداية بعد 25أيام من ظهور الطفح . وما يزال سبب التهاب الدماغ بسبب الحصبة موضع جدل. ومن المقترح أنه عندما يحدث التهاب الدماغ مبكرا في سير المرض فإن غزو الفيروس يلعب الدور الكبير مع أنه نادراً ما تم عزل فيروس الحصبة من نسيج الدماغ.

الوقاية
يجب المحافظة على احتياطات العزل (وخاصة في المستشفيات والمراكز الأخرى )، منذ اليوم السابع بعد التعرض وحتى اليوم الخامس بعد ظهور الطفح.

اللقاح:
يعطى التطعيم الأولى للحصبة (عادة ضمن اللقاح الثلاثي الحصبة - النكاف - الحصبة الألمانية (MMR) في الشهر 1215من العمر، إلا أنه قد يعطى من أجل الحصبة بعد التعرض أو للوقاية أثناء الجائحات منذ الشهر السادس من العمر. وتعطي جرعة ثانية، أيضا على شكل ثلاثي (MMR) روتينيا بعمر 46سنوات إلا أنها قد تعطى في أي وقت أثناء فترة الطفولة بعد مرور 4أسابيع على الأقل على إعطاء الجرعة المبدئية.
إن الاستجابة للقاح الحصبة الحي قد تلغى إذا كان البروتين المناعي قد أعطي حديثا.
لا ينصح بإعطاء تطعيم الحصبة للنساء الحوامل والأطفال المصابين بنقص المناعة أو مرضى الدرن أو السرطان أو نقل الأعضاء أو الذين يتلقون معالجة طويلة مثبطة للمناعة أوالاطفال مرضى الايدز.

الوقاية بعد التعرض:
إن اعطاء البروتين المناعي المباشر (ليست كاللقاح حيث تعطي هذه الطريقة مناعة اسرع ولكن لفترة اقصرمن المناعة عن طريق اللقاح) فعالة في الوقاية وإضعاف الحصبة إذا أعطيت خلال 6أيام من التعرض . في المستشفى والذين يقل عمرهم عن 12سنة أو الحوامل يجب أن يتلقوا البروتين المناعي عضليا حال إمكانية ذلك ولكن خلال خمسة أيام، يجب أن يتلقى الأشخاص ناقصي المناعة البروتين المناعي عضليا بغض النظر عن الحالة المناعية لهم. يجب أن يتلقى الرضع الذين يعادل أو يقل عمرهم عن 6أشهر والمولودين من أمهات غير ممنعات البروتين المناعي ويجب أن تتلقى النساء الحوامل والأشخاص ناقصي المناعة البروتين المناعي فقط دون إعطاء التطعيم.


منقووووووووووووووول من جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/2007/03/23/article235239.html