(( دراسة استشراف اخرى للعمل الانساني الاسلامي الشيعي في التاريخ وحتى اليوم ))
(( وحرف من ضمن الحروف التي كتبت كرد للمعروف لحالة التشيّع التي ولدت داخل احضانها الدافئة ))
__________________________________________ المرحلة الاولى _____________________________
آ : الدفاع عن الحق الديني ، الامامة والنص
ب : حقوق ال البيت ع والنظال من أجل عودة الخلافة لهم .
________________________________________ المرحلة الثانية ________________________________
آ : مرحلة مابعد النص والامامة (( الغيبة صغرى وكبرى ))
ب : نائب الامام الفقيه وتطور الفكر الفقهي .
________________________________________ المرحلة الثالثة ________________________________
آ : مرحلة التنظير الفقهي وكيفية التطبيق .
ب : مرحلة التطبيق النظري على يد الفقيه (( ولاية الفقيه ))
________________________________________ المرحلة الرابعة _______________________________
آ : من المذهب الى رحابة الاسلام
ب : من الامامة الى الوجود .
ج : توسيع الاهداف والمبادئ
________________________________________ المرحلة الخامسة ______________________________
آ : من الدفاع عن علي ع الى الدفاع عن مبادئ علي ع
ب : دفاع غير منفصل المحاور في المبادئ والاهداف .
************************************************** ************************************************** ************************************************** ******************************(( توطئة ))
كثيرا ما تدل مفردة (( مذكرات )) على المضمون التأريخي ، وبماهو خزّان طبيعي لاحداث بشرية رافقت حياة صاحب المذكرات هذه ، سواء كانت هذه الشخصية علمية او سياسية او دينية او أجتماعية ، وعندما يحاول اي انسان ان يدّون طرقات من حياته (( العقائدية او السياسية او الاقتصادية داخل اطارها الاجتماعي )) هنا وهناك ، فأنه وبلا شعور متعمد او مقصود سوف يجد نفسه وجه لوجه مع التدوين التاريخي كحالة طبيعية وربما تستدعي التساؤل بلماذا ؟.
الجواب بسيط وطبيعي ، ليس فقط لأنّ مفردة (( مذكرات )) تعني الذاكرة او التذكير او ماشاكل ذالك من معاني متقاربة لمفردة التاريخ والتورخة فحسب ، وانما هناك الجانب الاعمق للمسألة الا وهو كون اي ظاهرة في الحياة الانسانية سواء كانت شخصية او اجتماعية فهي وبلا ريب وليدة عدة عوامل زمنية ومكانية كوّنت من هذه الظاهرة لتكون فيما بعد هي التأريخ الطبيعي لتكوين ونمو ومسيرة هذه الظاهرة ؟!.
وعليه يكون التأريخ والتورخة هو الجزء الاهم في معرفة بناء اي ظاهرة انسانية يراد لها ان تكون صاحبة مذكرات تذكر وتكتب ويكون لها هوية وشخصية تاريخية ، ومن هنا كانت للتورخة حيوتها باعتبار انها النافذة الطبيعية للمعرفة الانسانية والتي تضع انامل الباحثين والدارسين على الملامح والجذور الاولية والاسس الواقعية التي انبنت عليها كيانية هذه الظاهرة الشخصية الانسانية او الاجتماعية !.
كما وان للتورخة عدة محاور أخرى غير المعرفة التاريخية لماضي الانسان الفرد او الامة او الاجتماع الانساني او الطبيعي او الكوني ، فهناك استخلاص القوانين (( السنن )) التاريخية من خلال تتبعنا لسير الحركة الاجتماعية ، وذالك من خلال الملاحظة الدقيقة للظواهر الاجتماعية التاريخية الممتلكة قابلية التبلور والتكرار في النمطية السيرية للحركة الاجتماعية ، والتي تتصاعد وتيرتها حتى الوصول الى كونها قانون اجتماعي يوازي من هنا وهناك بفارق قليل بالقوة والضعف قوة وصرامة القوانين الفيزيائية او الطبيعية او اي قانون طبيعي يمتلك بعدي المقدمات والنتائج الحتمية التلازم هذا !.
ولكن وعلى رغم كل ماذكر من فوائد حقيقية تساهم فيها عملية التورخة والتاريخ من معرفة فكرية وسياسية واجتماعية واقتصادية تلعب دورا اساسيا في كتابة (( المذكرات )) الانسانية ، فهناك البعد الاخر لعملية التورخة والتاريخ ، والذي ربما لم يلتفت الى دوره ومضامينه الكبيرة في عملية قراءة التاريخ هذه ، الا وهو

والبعد المستقبلي هو عبارة عن الزاوية الغير مكتوبة من التاريخ بعد ، او البعد الذي سوف يكون في عملية التراكم التاريخية ، فمن خلال الملاحظة والقراءة التاريخية لسير حياة الشعوب والامم والاشخاص الاسطوريين اصحاب النفوذ القوي في حركة التاريخ ، سنلاحظ كقرّاء لتاريخ الشعوب والامم أنّ هناك مراحلا من الحركة + والتطور + والنمو في هذه العملية التاريخية تمر بها الشعوب والامم صعودا ونزولا في سلم الرقي او الانحطاط التاريخي ، فهي عملية اشبه بصعود وسقوط الامم في التاريخ ، وليس من الصعب دراسة العوامل المؤثرة والمؤسسة لهذا التطور الصاعد او الهبوط النازل في حياة الامم التاريخية فهذه العملية من ضمن معرفة القوانين التاريخية المذكورة انفا ، لكن الشيئ الصعب في كل هذه العملية هو استشراف الجزء المتعلق بالمستقبل كحركة اجتماعية ينبغي الوصول لها من خلال تهيئة الظروف الموضوعية لهذه القفزة التاريخية من حياة الامة او المجتمع او الشعب او الشخصية ، ومثل هذه العملية هي مانطلق عليها مفردة (( البعد الناقص )) من العملية التاريخية ؟.
ان البعد الناقص المذكور انفا لايكتب في كشكول المذكرات لاي امة او شعب او انسان ، وانما هو يقرأ - فكريا - فحسب ، ومن خلال التاريخ بالامكان معرفة المستقبل او الخطوة القادمة التي ستؤسس لمستقبل هذه الامة او هذا الفرد المعبر عن حركة الامة ، وكثيرا وخاصة في هذه الايام ما نسمع ونقرأ عن ظاهرة (( الانسان الشيعي )) الذي برز كمخلوق من كوكب آخر هبط وبالصدفة ليملئ فراغا حاضرا في تاريخ المستقبل ، او هو كشخصية اسطورية غريبة عجيبة استطاع وبدون اي مقدمات او مذكرات او تاريخ ...، من ان يغير المسار التاريخي للحاضر المعاش ، فهو وبهذه المواصفات الغريبة الملامح صالح لأن يكون ك (( انموذج )) لتدوين مذكراته من جديد ؟.
************************************************** ******
************************************************** ********************(( مصطلح التشيّع ))*************************
تطلق مفردة (( شيعي )) لغويا على من انتصر وتحزب لأمر ما انسانيا كان او فكريا او سياسيا او عقائديا او اجتماعيا ، فهو بهذا المعنى انسان (متشيّع) لهذا المبدأ او تلك الشخصية !.
وعليه جاء في اللغة

وجاء في المصطلح القرءاني والاسلامي


ومن هنا يحق لنا القول ان اي منتصر لفكرة عقائدية او شخصية قيادية فهو (( متشيع )) بمعنى انه منتصر ومتحزب ، الا ان كل هذه المعاني لاتفي حق مفردة ( شيعي ) حقها باعتبار ان التشيّع يحمل في مضامينه معنى : الانتماء ، والاتباع ، والانتصار ، مضافا الى ذالك كله الحب ، فشيعة الفكرة او الرجل هم المنتمون له والتابعون لنهجه والمنتصرون لفكرته والمحبون له او لطريقته ، فالتشيع هنا يخرج من الاطار الضيق الذي اراد البعض تأطير المفهوم العام للتشيع بصورة مختصرة ليجعله في حيز العامل السياسي لهذه الشخصية او تلك الفكرة ، ليكون تشيعا سياسيا فحسب ، او تشيعا دينيا عقائديا فحسب او تشيّعا قبليا اجتماعيا فحسب ....الخ !.
لا بل التشيع المقصود اسلاميا هو كل تلك المفاهيم الانسانية ، والعقائدية ، والسياسية ، والأجتماعية مضافا لها العامل الوجداني في الحب والانقياد العاطفي ، ليكمل التشيّع كل ملامحه الطبيعية للعملية التشيعية هذه ؟.
فالتشيع وبصورة مختصرة عبارة عن : العقد المبرم بين طرفين يكون الولاء والانتماء والانتصار والاتباع والحب والاستمرار ...، شرط هذا العقد واساسه بين شخصين الاول صاحب الفكرة والقائد والمنقذ ، والاخر صاحب الانتماء والباحث وطالب النجاة !.
ان هذه الصورة الواقعية او اللوحة الانسانية لمفهوم (( التشيع )) تضعنا قبالة المبدأ العام الذي انبنى عليه التشيّع الخاص لاتباع اهل البيت في العصر القديم و الحديث ، فليس الامر بهذه الصورة المختصرة انذاك ، وكما طرحه المفهوم القرءاني الاسلامي في ابّان البواكير الاولية للانطلاقة الاسلامية الرسالية ، فأن مفهوم التشيّع كان حاضرا وبقوة في زمن الرسول الاعظم محمد ص باعتبار ان المصطلح القرءاني المستخدم (( ان من شيعته لابراهيم ، هذا من شيعته وهذا من عدوه )) كان يضفي البعد العالمي والتاريخي لمفهوم (( التشيّع )) انذاك - في زمن الرسالة أقصد - فهو هنا طريق انساني يمارسه ابراهيم الخليل ع ومارسه الكثير من الشخصيات التاريخية العظيمة والصغيرة باعتباره المنهج المرادف للتسليم في المفاهيم القرانية ، فعبارة (( من اسلم وجهه لله وهو مؤمن ..)) وجه آخر لمفهوم (( ان من شيعته لابراهيم )) الا ان الاول لله سبحانه وتعالى والاخر مضافا للتسليم هو يمثل الانتصار والانتماء والدفاه بصورتها الانسانية ، او هو - التشيّع - وبصورة مطابقة هو مثال (( صراط الذين انعمت عليهم ..)) ليكون التشيّع اتباع وهداية ودفاع وانقياد وحب هذا !.
وعليه يكون مبدأ التشيع من المبادئ الاسلامية الاصيلة وعلى امتداد البعد التاريخي ، ليشكل بعد ذالك العنوان للسلسة التاريخية الصاعدة والنازلة والمتبلورة بصورتها الانسانية بين كل صاحب رسالة الاهية ، وبين كل انصار ومنتمين واتباع ومحبين في هذه الانسانية لتلك الرسالة الالهية ومن جاء بها وبشر وانذر وهيئ ودافع عنها ؟.
نعم محمد رسول الله ص وبهذه المواصفات الاسلامية سيكون حتما المنقذ والمرشد والرسول والقائد الذي جاء بالفكرة ، ليكوّن من بعد ذالك شيعة له ولمبدأه الاسلامي وليكون علي بن ابي طالب ع اول شيعي اسلامي لمحمد الرسول ص ، ومن ثم لتمثل الصديقة الطاهرة خديجة الكبرى الشيعية الاولى لوحي السماء الرسالي وصاحب هذا المشروع الالهي العظيم ، وبعد ذالك تتوالى المتشيعة لتكون نواة الصحابة رضي الله عنهم كشيعة ومنتمون لهذه الفكرة ومناصرون لهذه الشخصية الالهية المحمدية العظيمة ، فالتشيع هنا هو اعمق معنا واوضح فكرة من (( الصحبة )) للرسول الاعظم محمد ص ، باعتبار ان التشيع يحمل كل ماذكرناه من معاني كبيرة كالانتماء والنصرة والحب والاتباع والانقياد وباقي معاني ومفاهيم التشيع ، بعكس الصحبة كمصطلح لغوي يراد بهم الرفقة فانها لاتدل دلالة واضحة على باقي المعاني المذكورة للتشيع ، ومن هنا ورد عن الرسول الاعظم محمد ص قوله المروي والمشهور لعلي بن ابي طالب

نستخلص من هذه المقدمة الموجزة الاتي : ان التشيّع وبأعلى درجاته الفكرية هو : الاهتداء بالشخصية المتشيع لها والاقتداء بها والتعنصر لمشروعها الديني والفكري والسياسي والاجتماعي ، والذوبان والحب والعشق الروحي لكل ما اتت به هذه الشخصية من فكر وتأمل ، كما هو الاستعداد للفداء والتضحية والشهادة على الناس (( لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا )) .
************************************************** ******************
(( المرحلة الاولى ))
أ -: الدفاع عن الحق الديني ، الامامة والنص .
ب -: حقوق ال البيت ع والنضال من اجل عودة الخلافة لهم .
تميزت المراحل الاولى للانسان الشيعي ، وهو يخطو خطوته الصغيرة على وفي ونحو مشروع الرسالة الاسلامية بوعي عام لهذه الرسالة الجديدة للبشرية عامة ، وسرعان ما وجد نفسه ، وكخطوة اولى لمشروع التشيّع الاسلامي امام مفصل الرحيل الطبيعي لمنقذ البشرية وصاحب الرسالة السماوية العظيم محمد ص ، ليتساءل وبشكل بشري وطبيعي عن (( الوصية )) التي اوصى بها الرسول الاعظم محمد ص من بعده في شأن الامة باعتبارها المشروع الاهم الذي كان محمد ص منشغل تماما ببنائه واعداده وانشاءه واخراجها للوجود ، كمكون اجتماعي حديث الولادة ، والحقيقة ان هذا التساؤل حول (( وصية )) العظيم محمد ص بشأن الامة ومصير قيادتها وكيفية ادارة مشروعها الحديث لم يكن تساؤلا مختصا بطائفة معينة او بمجموعة منفصلة عن الاخرين ، وانما كان هاجسا راود جميع اصحاب محمد ص وشيعته المخلصين له ولدعوته ، فهنا كانت المهاجرة من قريش تدعي ان محمدا ص (( اوصى )) وكذالك تحتج بمقولته الشريفة ووصيته العظيمة في الانصار خيرا ، ليستدل من ثم القرشيون بهذه الوصية المحمدية بأن خلافته في غيرهم لذالك هو اوصى بالانصار خيرا ؟.
وكذالك عندما اشتغل الانصار بهذا الشأن وكانت بعض المخاوف الطبيعية تراود مخيلة الانصار من اهل يثرب تتنازعها افكار ماهية خليفة العظيم محمد ص وهل سيكون بنفس الرفعة والعدالة والرحمة التي تميز بها محمد العظيم ص ام سيأتي من بعده من لم يتميز بالكفاءة المميزة لاقامة قسطاط العدل بين الناس ؟.
فكان للانصار من اتباع وانصار محمد العظيم ص بعض المخاوف بهذا الصدد ، وكان التساؤل عن (( وصية )) محمد رسول الله ص شيئا واردا في فكر هذه الشريحة من المؤمنين برسالة الرسول الاعظم محمد ص ،!.
وعليه لم يكن سؤال (( من هو وصي محمد )) من الاسئلة التي تختص بشريحة دون اخرى من الاجتماع الاسلامي بل هي صيغة عامة ، بل وشأن من اهم الشؤون الاسلامية الاجتماعية التي (( يجب )) السؤال عنها لمعرفة الخطوة القادمة مابعد رحيل الرسول الاكرم محمد ص للاجتماع الاسلامي الحديث الحركة ؟.
ومن هنا كان الاجتماع الاسلامي قد انقسم ثلاث شرائح اجتماعية في هذه الموضوعة الحيوية لمستقبل الحركة الرسالية السماوية :
الاولى : ادعت ان الامر قد حسم من قبل محمد رسول الله ص نفسه عندما اوصى بالخلافة من بعده لعلي بن ابي طالب ، واقاموا الادلة الكثيرة من القرءان الكريم كنص اشار بداخله لموضوعة خلافة الرسول ص ، والحال التي ينبغي ان تكون عليه الامة بعد رحيل الرسول الاعظم من هذه الدنيا وكيفية مسير الامة بعده ، ومن مقالات الرسول الاعظم ووصاياه الدينية التي تشير الى ان

الثانية : واما الشريحة الثانية فادعت ان : لانص من قبل الرسول يشير من قريب او بعيد على ان الرسول محمدا العظيم ص قد اوصى بالخلافة من بعده ، وانما هو امر تركه لاصحابه ليتخذوا اللازم من الامر
الثالثة : واما الشريحة الثالثة (( من الانصار )) فكانت هواجسهم مختلفة فليس المهم لدى هذه الشريحة هي الوصية المحمدية بقدر ماكان المهم هو المستقبل الاتي ، فكانت الاطروحة اليثربية - لاهل يثرب المدينة فيما بعد - للانصار هي

وبين هذه الشعب الثلاث وجد الانسان الشيعي نفسه مضطرا للانخراط في طريق من هذه الطرق الثلاثة ، وما هي الا ساعة حتى قرر الانسان المتشيع مصيره ومستقبله ليكون مع (( علي بن ابي طالب )) كوصي وخليفة وأمام وقائد للمسيرة الاسلامية مابعد محمد رسول الله ص ، فكانت المرحلة الاولى لحركته وانتقاله من النظرية الشيعية التي اسس لها محمد رسول الله ب (( ياعلي انت وشيعتك في الجنة )) الى التطبيق العملي في نصرة الخليفة الشرعي ، ومنذ البدء وضع الخليفة القائد علي بن ابي طالب ع لشيعته محورين اساسيين للمعركة القادمة على مستوى النضال الشيعي والثوري داخل الاطار والجامعة الاسلامية العامة وهما :
اولا : محور النضال من اجل نزع الشرعية من السلطان القائم واعتباره حاكما مغتصبا للخلافة من اهلها الشرعيين الذي نص عليهم الرسول الاعظم محمد ص ، وبلور علي بن ابي طالب ذالك بنفسه ليعتزل عن بيعة الحاكم الاول ابي بكر فترة طويلة ولم يبايع على الخلافة الا تحت ضغط الارهاب المباشر له ولعائلته ، وبعد ذالك رؤيته ان الاسلام كله قد يتهدد لو لم يتخذ موقفا ايجابيا من سلطة هذا الحكم القائمة فلذالك قرر الدخول القسري للبيعة ، ليس باعتبارها نصا شرعيا لوجود السلطة القائمة بقدر قناعته انه يدفع ضررا سيلحق بالاسلام كله كفكرة ان لم يفعل ذالك !.
ثانيا : محور التنظير العقائدي الديني وانشاء مدرسة فكرية او فصل مستقل لفلسفة (( النص والامامة وحق اهل البيت )) في الخلافة ، وفي هذا المفصل كان اهل البيت من المنظرين العقائديين الذين لايشق لهم غبار في هذا الجانب حيث كرّس علي بن ابي طالب وبعده ابناءه من أئمة الهدى كل حياتهم في هذا السبيل التنظيري والفلسفي لحقوق اهل البيت ع في الخلافة وادارة شؤون الامة الاسلامية الفكرية والاجتماعية والسياسية ، فكانوا حقا اهلا لذالك ، فاسقطوا من خلال هذه الحركة الفكرية كل الشبهات التي وردت على مفهومة الامامة والنص ، بل وربما تطورت بعض المواقف لترتقي الى مستويات عالية من الحركة والمطالبة بهذا الحق الشرعي لاهل البيت كما حصل في ثورة الامام الحسين ع على السلطان القائم لبني امية ، واسقاط اساطير وعاظ السلاطين من تقديس السلطان المزيف وحرمة الخروج على ظلمه !.
وهكذا مثل هذان المحوران اساس الحركة العملية والفكرية فيما بعد للانسان المتشيّع لمدرسة اهل البيت ع ، فهو من جانب يحمل فكرة (( الامامة والنص )) في فكره وعقله كسلاح فكري وفلسفي يدافع به عن اطروحته في التشيّع الاسلامي لاهل بيت رسول الله ص باعتبارهم الامتداد الشرعي والاسلامي للثورة والرسالة الاسلامية المحمدية ، وفي عمله يحمل بذور التمرد والثورة على الوضع والسلطان القائم باعتبارها سلطة اغتصاب وظلم وطاغوت ودنيوية فحسب ، فكان وما زال الثمن الذي يدفعه الانسان الشيعي باهظا لهذه الفكرة وتلك البذرة ، حيث كانت ولم تزل السلط الظالمة القائمة تتوجس خيفة من اهل البيت الكرام في حياتهم ع ، وتتوجس خيفة وتبطش بقوة بالانسان الشيعي لمعرفتها بافكار وتوجهات وميول الانسان الشيعي الفكرية والعقائدية والسياسية المناهضة للسلطان الغير شرعي هذا!.
************************************************** ***************************
(( المرحلة الثانية ))
آ : مرحلة مابعد النص والامامة (( الغيبة صغرى وكبرى ))
ب : نائب الامام الفقيه وتطور الفكر الفقهي .
في خضم معركة الانسان الشيعي ونضاله القاسي مع السلطة القائمة انذاك ، ودفاعه المستميت من اجل تشيّعه لال البيت ع ، ومطالبته الاسطورية في اعادة حق الخلافة لهم ، ليتمتع هو وغيره من الاجتماع الاسلامي برحابة العدل المفقودة ...، انتقلت كيانيته الشيعية وبنقلة نوعية كبيرة بعد حدث (( الغيبة الصغرى ومن بعدها غيبة الامام المهدي الكبرى ، والتي بدأت في 329 هجرية )) حيث وجد الانسان الشيعي نفسه بلا امام حاضر ليدعو له ويطالب بالخلافة لشخصه ، ومن ثم ترتبت على هذه الغيبة تطورات فكرية وعملية مفصلية في حياة الانسان الشيعي ومشروعه الضخم للتشيع ، فهو وفي هذه الحالة قد تساءل مع نفسه عن الامور التالية :
ماهي الخطوة القادمة لاتباع المدرسة الشيعية الاسلامية ؟.
وكيف ينبغي الحفاظ على الشخصية الشيعية بهذا الاطار الاسلامي والذي بنيت معالمه على ايدي أئمة اهل البيت ع ؟.
وماذا عن الحقوق الاقتصادية المالية التي كانت المتشيعة تخرجها من اموالها الخاصة باسم الخمس والزكاة والصدقات والنذور لتدفع للامام المفترض الطاعة ، فماذا بعد غيبته ، وهل ستستمر هذه الفعاليات الاقتصادية كما لو ان الامام موجودا ام ستتوقف ؟.
وهل سوف يسدّ نائب الامام ووكيله الذي انتدبه الامام ليقوم ببعض شؤونه الاجتماعية او الفكرية او الاقتصادية او السياسية ...، مسدّ فراغ الامام الفعلي بغيبته ؟. ام ان النائب ليس من حقه ممارسة وظائف الامام المعصوم الفعلية ؟.
كل هذه الاسئلة وغيرها الكثير ، قد ولدت من رحم غيبة الامام المهدي ع ، وهي كما ترى شكلت ضغطا متصاعدا على الانسان الشيعي المنخرط في دائرة يعتقد هو ومن كل صميمه انها الدائرة الاسلامية الوحيدة التي تحمل تراث اهل البيت ووصية محمد رسول الله ص ، وعليه وتحت هذا الضغط الكبير والطبيعي تبلور فكر الانسان الشيعي ليخطو خطوة حتمية نحو مرحلة جديدة في العمل الشيعي لينتقل من


والحقيقة ان هذه المرحلة من مراحل تحرك الانسان الشيعي الفكرية والعملية لم تكن من المراحل السلسة الحركة والمنتظمة الرؤية كما كان تحركها ابان وجود الامام ع ، بل كانت مرحلة مابعد غيبة الامام المعصوم مرحلة عسر وتعثر في سير حركة الانسان الشيعي ، وبالخصوص في الشأن المتعلق بنائب الامام او الفقيه ، باعتبار المنزلة الكبيرة التي تفصل بين الامام في علمه وفضله وتقواه ومنزلته ...، وبين النائب كأنسان متجرد من كل القاب الامامة والعصمة ، فهل والحال هذه ستكون الحقوق المنادى بها للامام هي نفس الحقوق التي سينادى بها للنائب ؟.
بمعنى اخر : هل الخلافة وحق ممارسة السلطة وباقي الامور الاقتصادية والفكرية والاجتماعية التي كانت من حق الامام المعصوم ممارستها هي نفسها ستهبط للنائب او الفقيه ليمارسها وبدون اي حرج يذكر ؟.
أم ان الاشياء التي هي من حق المعصوم من الصعب افتراضها او افتراض ممارستها لشخص اخر غير المعصوم ؟.,
هنا وفي هذا المفصل اكتفى الانسان الشيعي (( الانسان الشيعي باعتباره الممثل للوجود الاجتماعي الشيعي التاريخي )) بأن يرفع (( حق الخلافة والسلطة السياسية )) من قاموس الفقيه او النائب ليكتفي بمحوري :
الاول : ممارسة التنظير العقائدي والفكري لمدرسة اهل البيت وحقهم التاريخي في الخلافة والامامة باعتبار ان المدرسة الشيعية قامت وتأسست على هذا المبدأ المقدس الذي ستنتهي الدنيا عند اعتابه ، ونقل تراثهم الفقهي لاحكام الاسلام .
ثانيا : ممارسة كل الشؤون الامامية للامام من الحفاظ على المذهب كمدرسة قائمة الى التواصل مع المتشيعة والحفاظ على بيضتهم وادامة حركتهم ورعاية سيرهم ، وتقسيم الخمس على محتاجهم وانشاء المدارس لهم .....الخ ، باستثناء ممارسة حق السلطة العليا باعتبارها من شؤون الامام المعصوم ع ؟.
وعليه برزت وفي هذه الاجواء التاريخية الجديدة على وجود الانسان الشيعي فكرة (( الانتظار )) بدلا من فكرة المطالبة المباشرة لارجاع الخلافة للامام الحاضر ، اما وبعد الغيبة فان المفهوم الطبيعي المقابل للغيبة هو (( انتظار )) الامام او رجوع الامام للواقع ليمارس دوره الطبيعي في قيادة الامة من جديد ، وهنا كانت من الاوليات الوظيفية التي انيطت مجددا بعاتق النائب او الفقيه هي : تهيئت الارضية الفكرية المناسبة لمشروع الانتظار للامام القادم ، مع ممارسته الصلاحيات التي ذكرناها سابقا لوظيفة نائب الامام او الفقيه المختص بالشؤون الدينية الاسلامية .
************************************************** *****************
(( المرحلة الثالثة ))
آ : مرحلة التنظير الفقهي وكيفية التطبيق .
ب : مرحلة التطبيق النظري على يد الفقيه (( ولاية الفقيه ))
في مرحلة الغيبة برزت على السطح الفكري الشيعي عدة اشكاليات فقهية تختص بالاحكام الاسلامية ، وكيفية استنباطها وتناول مضامينها الفكرية ، كما وكان هناك اشكالية ممارسة السلطة قد طرحت نفسها على الكيانية الشيعية بكل قوة لاسيما ان التطورات السياسية التي نشأت بعد فترة غيبة الامام (( قيام الدولة البويهية الشيعية جنوب ايران / 334 هجرية )) دفعت الكيانية الشيعية وبالقوة الى الساحة السياسية ، ليجد نفسه الانسان الشيعي في هذه المرحلة من الزمن أمام مفصلين غاية في الاهمية :
الاول : المفصل السياسي الضاغط
الثاني : المفصل الفقهي المتحول من النقل الى الاجتهاد
كان للمفصل السياسي المتحول انذاك تأثيرا غاية في الاهمية على الذهنية الشيعية الاسلامية بعد الغيبة ، حيث كانت فكرة (( الانتظار )) للامام في مرحلة التبلور والتكوين فقد تفاجأة هذه الفكرة وبشكل دراماتيكي بموضوعة (( السلطة او الدولة )) الشيعية لتطرح اشكالية جديدة على الوعي الشيعي لتقول : هل فلسفة الانتظار الشيعية ينبغي ان تكون سلبية على الاطلاق ، بمعنى العزوف التام عن ممارسة السلطة السياسية ؟.
ام ان الانتظار يجب ان يكون ايجابيا بتهيئة الارضية السياسية المناسبة حتى عودة الامام الغائب ؟.
هنا كانت حركة الامة الشيعية السياسية اكثر تطورا مع الاحداث السياسية منها من حركة النائب او الفقيه التنظيرية للمسألة السياسية ، فما هي الا لحظة حتى وجد النائب او الفقيه نفسه أمام وجود سياسي شيعي قائم وقوي سياسيا ، مما دفع الفقيه لاعادة النظر في القضية السياسية ، واختصاص الامام بممارستها ، لاسيما ان النائب او الفقيه سرعان ماوجد ان هذا الوجود السياسي الشيعي الذي ولد بعد غيبة الامام قد هيئ كل الظروف الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية الممتازة لنمو ظاهرة التشيع الاسلامية على ارض الواقع

نعم (( ولاية الفقيه )) او قيام الدولة على يد النائب او الامام او الامة الشيعية لم تكن فكرة وليدة العصر الحديث تماما ، كما انها فكرة قد تداولت فيها الافكار منذ غياب الامام الثاني عشر للشيعة الامامية ، الا انها خضعت لمعالجة عسرة نوعا ما في كيفية الولادة ، وحتى على المستوى الفكري والتاريخي فقد طرحت موضوعة

أما المحور الثاني الذي رافق هذه المرحلة الشيعية من غيبة الامام ع ، فكانت تتمحور حول تطور الفكر الفقهي الشيعي ، وتحوله الطبيعي من النقل عن الائمة الى الى التطور نحو الاستنباط واعمال العقل الانساني في الاحكام ، وقد كانت هذه النقلة صعبة ايضا بصعوبة النقلة الفكرية السياسية لفكر الانسان الشيعي ، ولكن ضغط التطور الانساني يفرض نفسه في نهاية المطاف على حركة الاجتماع الانساني بصورة عامة ، فكان لهذه الحركة الطبيعية المتطورة ردة فعل طبيعية على مستوى الاجتماع الانساني الشيعي ، فكانت جبهة من الاجتماع الانساني الشيعي قد اتخذت الموقف السلبي تجاه اي عملية تطور طبيعية للفكر الفقهي الشيعي ، وذالك بأعتبار ان ليس للعقل الانساني اي سلطة شرعية لتوليد الحكم الاسلامي الشرعي من خلال الاصول التي يضعها لنفسه ، بل السلطة الشرعية الوحيدة المحددة للنص الشرعي الاسلامي يجب ان تكون للروايات المنقولة عن النبي محمد ص وائمة اهل البيت المعصومين ع !.
وهذا الاتجاه الاسلامي هو ما سمي ب (( الاخباريين )) في التاريخ الانساني الشيعي ، حيث يعتمد هذا التيار والخط الشيعي على ماورد خبرا عن أئمة اهل البيت ع في الاحكام الاسلامية الشرعية ، وترفض اي دعوة للتطور الفكري او التغير التاريخي الذي يفرض على النص حالة تدخل العقل الانساني في استنباط الاحكام الاسلامية ؟!.
اما الاتجاه الاخر والاكثر استجابة لتطورات الحياة الانسانية وضغط متطلباتها الطبيعية ، فقد تبلور في اسمّية (( الاصوليين )) من فقهاء ومجتهدين يرون ضرورة ان يدعم المدرسة الفقهية الاسلامية العقل البشري في عملية الاجتهاد الاسلامية لسدّ المتغيرات والمستجدات الفقهية في الحياة الانسانية ؟!.
وهكذا اصطبغت هذه المرحلة من مراحل الحركة الشيعية بالكثير من المفارقات الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ..، انعكست وبصورة مباشرة على مرحلة (( التنظير )) ومرحلة (( التطبيق )) في الفكر الشيعي العام الفقهي وغير الفقهي ، مع بقاء الاصول المذهبية لفكر الانسان الشيعي محورا اساسيا لحركته التاريخية والاجتماعية والمتمثلة في حق اهل البيت ع القيادي للحياة الاسلامية ووجوب الرجوع لهديهم الفقهي والاخلاقي والعقائدي في هذا المضمار .
************************************************** *************
(( المرحلة الرابعة ))
آ : من المذهب الى رحابة الاسلام
ب : من الامامة الى الوجود .
ج : توسيع الاهداف والمبادئ
لم ينسى ولا يوما من الايام الانسان الشيعي انه جزء من المنظومة الاسلامية ، وعلى طول الخط التاريخي ورغم كل الاشكاليات المذهبية مع الاخر الاسلامي ، الا ان هذا الانسان بقي على موقفه الثابت من الجماعة والجامعة الاسلامية ، بل ويعتبر كيانيته الاسلامية كيانية اصيلة في هذا التجمع البشري المسمى

ولكن وعلى مدى مراحل نضاله التاريخي الطويل من اجل الدفاع والحفاظ على خطه المتشيع لاهل البيت ع ، كان ولم يزل يرنو الى رحابة الاسلام الواسعة ، لاسيما ان فكره الذي يحمله بين جنباته هو فكر يميل نحو الانفتاح والعالمية الواسعة من خلال فكرة (( المهدي المخلص )) للعالم باوسعه ، ومن هنا تميزت حركة الانسان الشيعي بنزعتين او بدافعين او بمناخين او .....، على المستوى التاريخي والمعاصر وهما :
الاولى : نزعة او دافع بناء وتقوية القاعدة المذهبية داخل الدائرة الشيعية ، والمتمثلة بأدامة الصلة وتقويتها مع مدرسة اهل البيت ع .
الثانية : دافع او نزعة الانطلاق والانفتاح على العالم ، وتهيئة المناخات الكبرى للثورة العالمية المستقبلية للاسلام ؟.
وهاتان النزعتان هما قبتا الميزان للانسان الشيعي في هذا العالم الاسلامي ومن ثم الانساني ، فمرحلة ما تجد الانسان الشيعي منغلقا على ذاته ناظرا بين رجليه ، متقوقعا على كيانه ، منشغلا بنفسه ، متمذهبا الى حد النخاع والعظم ؟!.
وتارة اخرى تجد انسانا شيعيا منفتحا منطلقا متألقا اسلاميا عالميا كبيرا الى حدّ المهدي المنتظر في اطروحته الكونية !؟.
فهو اذا انسان متحرك بين حيزين حيز القاعدة (( الشيعية )) وادامة السلامة الدورية لها ، وحيز الانطلاق والمرونة والاسلاموية والانسانية الكبيره ، ولاتناقض - حقيقة - بين التحركين او الحيزين لهذا الانسان الغريب والعجيب الذي بامكانه ان يجمع المتناقضين في ذاته ؟.
نعم هو انسان وبكل ماتعنيه هذه الكلمة من تفاعل طبيعي مع المتغير العالمي ، بحاجة الى وقت يهيئ له اسباب التحرك وبحجم تطلعاته العالمية الكبيرة ، وبحاجة الى تقدير لحجم الخطوة التي ينبغي ان يخطوها في حاضره الآني وبدون ان يزعزع اي من ثوابته التي تستند عليها قواعد وجوده الانساني والاسلامي والشيعي ؟.
نعم وفي ظل مثل هذه النزعات والتجاذبات الطبيعية بين الانفتاح والانغلاق ، والمرونة والتصلب ، والتراجع والتقدم ....، طرحت المتغيرات التاريخية والعالمية ظروفها الموضوعية على الانسان الشيعي في العصر الحديث ، ومن ثم ليدفع دفعا الى التفكير الجدي في توسيع خطوته الفكرية والتي هي خطوة يمتلك بعديها الواسع في الاسلامية الانسانية ، والضيق في تشيعها وتمذهبها الامامي ، في اطروحته العامة للحياة والانسان ، ومن ثمّ ليجد نفسه أمام ضرورة الانطلاق من المفاهيم الضيقة لمبادئه الاسلامية الشيعية الى ضرورة الانفتاح على مفاهيمه الشيعية الاسلامية ، لتكون معادلة الحركة بالاتجاه المعاكس فكريا ؟.
على مدى قرون طويلة الامد كان السير المنتظم للفكر الشيعي سائرا كصيرورة طبيعية لبداية الحركة الشيعية باتجاهاتها الشبه مذهبية ، لتكون خطواتها من الاسلام نحو التشيع !.
بمعنى : كان الفكر الشيعي منشغلا وحتى اليوم في التأسيس النظري لفكر التشيّع الاسلامي لاهل البيت ع ، وكان الممون الشرعي لهذا الفكر هو المصادر الاسلامية الاصيلة من الكتاب (( القرءان المقدس )) والسنة النبوية المطهرة لمحمد رسول الله ص والغرض من هذه المسيرة الفكرية التنظيرية هو تثبيت القواعد الاسلامية الاصيلة للمذهب الشيعي ، فهي عملية تأصيل ضرورية لتاكيد أصالة الفكر الشيعي الاسلامي وربطه مصيريا بالاسلام باعتباره النواة الشرعية لشجرة الرسالة الاسلامية ؟.
ومع ذالك كله وجدنا ان هناك مبررات مقنعة جدا لهذا الاتجاه الفكري الشيعي ، باعتبار ان اعداء التشيع وممتهني السياسة والسلطان الطاغوتي وعلى مدى وحقب التاريخ الطويلة ، كانوا وما زالوا يمتهنون لعبة الضرب بالعقيدة عندما يحاولون التخلص من بؤر التوتر السياسي لديهم ، فكان للانسان الشيعة بعقيدته الاسلامية المتشيعة نصيبه الوافر من هذه المحاولات الطاغوتية السلطانية السياسية ، وارادة هذه السياسات الطاغوتية اخراج التشيع من الدائرة الاسلامية كي يتسنى لها فيما بعد الغائه وضربه وفنائه من الوجود الواقعي والاسلامي والانساني ، ولذالك كان اهتمام الفكر الشيعي منشغلا بقوة لتاكيد اتصاله الحتمي بالاسلام كمدرسة أمّ لبذرة التشيع الاسلامي ، فكان المسير مبررا من الاسلام كداعم الى المذهب الشيعي كمتلقي وقابل ومنتمي ؟.
امّا وتحت بعض الظروف التاريخية ، وحتى متطلبات الحاضر المعاصر وفي زمن الانتعاش والقوة الفعلية لروح وفكر ووجود الانسان الشيعي في الواقع الانساني ، فاننا وبلا ريب نتلمس ونشعر ان حركة هذا الفكر الاسلامي الشيعي هي تميل لتغيير معادلة السير الفكرية تلك بعد ان يشعر بأطمأنان ما على سير حركته الاولى التي استنفدت كل اغراضها الشرعية من تثبيت هوية التشيع الاسلامية الاصيلة ، وعندئذ يبدأ التفكير والعمل بجد بتغيير مسار البوصلة لتكون من التشيّع النواة الى الشجرة الام الاسلام ، بعدما كانت من الاسلام الى التشيع ؟.
ان الجدلية القائمة بين التشيع والاسلام ككل ، هي جدلية من نوع العطاء المتبادل وليس هي جدلية من نوع النفي ونفي النفي حسب المصطلحات الفلسفية الحديثة ، اي ان التشيّع الاسلامي وبمايملكه من رؤية تمتد لاهل بيت الرسول الاعظم محمد ص حول الاسلام والوجود والانسان سيمثل حتما رافدا فكريا عميقا لباقي المسلمين كممون فكري وايدلوجي لفهم اسلامي عميق نحو الحياة والانسان والوجود ، ومن ثم يكون التشيع وبهذه اللغة والمضمون مبينا استراتيجيا للفكر الاسلامي العام !.
وفي مثل هذه الخطوة الضرورية للفكر الشيعي الاسلامي ، لابد له من ترحيل بعض القضايا التي كانت تستغل كل اهتمامه الايدلوجي لتحل محلها اهداف ومبادئ اوسع مما كانت عليه في السابق كخطوة ضرورية للتوافق مع المتطلبات الجديدة في العالم المعاصر ، او لنقل ليتمكن العقل الشيعي الاسلامي من استيعاب المرحلة الجديدة عليه ان يفكر وبجدية للخروج من بوتقه المذهب الضيقة والتي تأسست بشكل لاخوف عليها مطلقا ، الى التأسيس الحقيقي لمرحلة العالمية التي يؤمن بها هذا الفكر الخلاّق اسلاميا ، ومن ثم لنجد الاتي :
ان بين المذهب الشيعي والاسلام طريق متصل وغير منفصل على الاطلاق ، ولكنه بحاجة الى الخطوة الحقيقية التي تنقل الذهن الشيعي من مرحلة التمذهب والتشيع الى مرحلة التأسلم والانسان (( بغض النظر عن العوائق الموجودة داخل الاطار الاسلامي نفسه على التشيع ان يسير مهما كانت الموانع )) ، لتتهيئ الارضية الواقعية لحركة المستقبل الكبيرة للانسان الشيعي الاسلامي ؟.
وأن بين الامامة والوجود مشترك فكري كبير يتسع للوجود كوجود كبير ، ليتحول الوجود نفسه رهينة واقعية لوجود الامام بفكره الذي يعطي مبادئا اوسع واهداف اعمق لهذا الوجود العالمي ؟!.
************************************************** *************
(( المرحلة الخامسة والاخيرة ))
آ : من الدفاع عن علي ع الى الدفاع عن مبادئ علي ع
ب : دفاع غير منفصل المحاور في المبادئ والاهداف
هناك كلمة لامير المؤمنين وسيد العلماء والعابدين علي بن ابي طالب عليه السلام (( وعلى استاذه وحبيبه ورسول رب العالمين محمد بن عبد الله الصلاة والتسليم )) تقول

ان موضوعتي (( الحق واهله )) موضوعتان متلاصقتان تماما ، بل هما وجهان لعملة واحدة ، فعندما تعرف الحق والحقيقة ، فانك وبلا شعور مفتعل ستمتلك الميزان والقسطاط الفكري المستقيم الذي سيوجه فكرك وكل كيانك الى اهل الحق وحماته والرافعين لرايته في هذه الحياة وهذا هو المضمون العميق لفكرة علي ع في مقولة

نعم عندما تأمل الانسان الشيعي وبفكر ثاقب وتنويري لموضوعة الحق والعدالة والمساواة والاسلام .... وباقي عناوين الحق ، وادرك المضامين العالية لمبادئ ومفاهيم الحق والحقيقة وجد نفسه معانقا لاهل الحق تماما والذين تمثلوا لديه بأهل بيت الرسالة والنبوة ع فتشيّع لهم وناصرهم وانتمى لمبادئهم وناضل من اجل استمرار تراثهم في هذا الوجود ايمانا منه بأنه يدافع عن اهل الحق والحقيقة الذي عرفها وادركها اولا ؟.
ولكن لماذا لانعرف (( الاهل )) اولا قبل الحق ؟.
هنا علي بن ابي طالب ع يضع الفلسفة والميزان والقاعدة الفكرية ، وهنا هو يشير الى اهل التمييز والنظر والادراك ....، ولم يشر الى اهل الانبهار وعبادة الشخصية الانسانية ، والخاضعين للمؤثرات العاطفية ...، بل هو عليه السلام يصنع طريقا وينشأ مبدأ ويقوّم مسيرة تقول : ان اردت الطريق الى الحقيقة فاعرف الحق تعرف الانسان ؟.
العجيب ان علي ع ومع انه المعروف بشخصه الكريم والنزيه والكبير ، لم يشأ ان يكون هو بذاته ممثل للحق والحقيقة ، وانما استهدف ان تكون الحقيقة هي التي تمثل شخصية الانسان المنتمي لها والمدافع عنها ورافع لواء عزتها فلماذا ؟.
يبدو ان علي ع اراد وبفكره التنويري ان يطوي المسافات الزمنية والمكانية الانية والمستقبلية ، ليضع حجر الاساس للفكر الانساني في كيفية معرفة الحق واهله ، وكأنما كان علي ع يخشى من كثرة الدعاة والمفترين على الحقيقة ، وكل انسان يدعي انه يمتلك الحقيقة عندما ترتبط مصالحه برونق وذيل الحقيقة ، لذالك ومن منطلق المسؤولية الكونية والاسلامية لعلي بن ابي طالب ع اراد وبكل قوة وضع الحجر الاساس لمعرفة الصادق من الكاذب في دعوى اهل الحق او امتلاك الحقيقة ؟.
نعم وبهذه المضامين كان علي ع محقا عندما أسس لمفهومة

والحقيقة ان الانسان الشيعي التقط هذا المفهوم الفكري الراقي لعلي بن ابي طالب ع ، ليوازن ويبحث ويتأمل في فلسفة الحقيقة وخاصة الاسلامية ليتوصل الى (( اهل الحق )) ولكنه وعند منعطف الوصول هذه بدلا من ان يستمر بالتبشير لمعرفة قوانين الحقيقة ومداخل ومخارج اسراها العجيبة ، قفز وفجأة الى التبشير الاعزل (( لأهل الحق )) ونسي او تناسى او انشغل او ذهل عن السر الذي اوصله لأهل الحق هذا ، لتكون اشكاليته التاريخية والحالية هي هذه القفزة الغير مبررة بين اهل الحق وقوانين الحقيقة ؟.
لماذا وماهو السبب او الدافع الذي املى على الانسان الشيعي ممارسة هذا الفصل النكد بين الحقيقة واهلها ؟.
واذا كانت قوانين الحق والحقيقة هي التي اهلت النموذج الانساني الشيعي للوصول الى اهل الحقيقة في الاسلام ((أهل البيت ع )) فماهو المبرر الذي سمح له بأن يترك الوسيلة التي اوصلته لاهل البيت ليمارس فقط التبشير لشخصية اهل البيت ع ؟.
هنا اشكالية حقيقية وقع فيها الانسان الشيعي في العصر الحديث وهي : انه فعلا يدعوا لاهل الحق من اهل البيت ، ولكنه ومع كل اخلاصه المنقطع النظير ، لايكاد يجني ثمارا واقعية لهذا التبشير الشيعي او هذه الدعوة الاسلامية لاهل البيت فلماذا ؟.
بل وربما اختلطت الاوراق الاسلامية ليكون اهل الحق والدعاة لهم في معرض التهمة بالفساد والزندقة والفتنة والضلال ... ومن ثم ليجد الانسان الشيعي نفسه داخل معادلة محيرة تقول : بينما انا ادعو لاهل الحق والحقيقة اجابه بكل عنف وصدّ وابتعاد عن دعوتي الطبيعية الاسلامية فما هو الخطأ ؟.
الحقيقة ان الخطأ واضح في مثل هذه الحركة الاسلامية للانسان الشيعي نفسه ، فهو ومع كل الالم أختار الطريق السهل وغير ذات الشوكة (( بالمعنى الفكري للجهد )) فهو اكتفى بالدعوة للشخصية الانسانية من أهل الحق وترك الدعوة الحقيقية لمبادئ الحقيقة وفن الحصول عليها ، لذالك هو يقدم ما نهى او حذر منه علي بن ابي طالب ع نفسه عندما رسم الطريق ومنذ البداية ليؤكد

ويبدو ان الانسان الشيعي الان مدعو وبشكل مباشر الى اعادة المسير في الطريق المستقيم الذي وضع اسسه علي بن ابي طالب ع ، ليتأهل من جديد فكريا وثقافيا وادراكيا ليتمكن من معرفة ادوات الحقيقة ماهي وكيفية الدعوة للحق اولا ومن بعد ذالك يترك الانسان الشيعي الخيار للانسان الاخر في معرفة (( أهل الحق )) !.
ان الاشكالية الواقعية والخطيرة لسير فكر الانسان الشيعي اليوم هي

نعم هنا مشكلة : كيفية اقناع الانسان الشيعي بمقولة ان دفاعك يجب ان يكون عن المبادئ المحمدية والعلوية في الحقيقة ، وشرحك ينبغي ان يكون لاصول الحق وفن الحقيقة ، وهذا يكفي كتبليغ اديت واجبك نحوه ، ومن ثم وبدون ان حالة ضجيج مفتعل ستوصل مبادئك تلك ودفاعك ذاك عن الحقيقة الانسان الاخر لمحمد وعلي واهل البيت عليهم السلام جميعا باعتبار ان اهل البيت والحق وجهان لعملة واحدة ؟.
ان هذا التبشير بالحق والحقيقة وهذه الدعوة الحسنة لفهم الحق والحقيقة ، لاينبغي مطلقا ان يفهم على اساس انه فصل بين الحق واهله ، وانما ينبغي ان يفهم على ان هناك تراتبية في العمل الفكري للانسان الشيعي تبدأ بالمبادئ الفكرية للحق والحقيقة من مثل

ولكن هل حركة الانسان الشيعي مستعدة في هذه اللحظة فكريا وثقافيا لمثل هذا الطرح للمبادئ والمفاهيم الاسلامية العالية ، والتي بأمكانها ان تطرح الفكرة (( فكرة الحق والحقيقة فقط مجردة عن الاهل )) كمرحلة اولى تهيئ من الارضية للخطوة القادمة ؟.
هذا سؤال لايمتلك اجابته الا المسؤلين مباشرة عن توجيه الحركة الشيعية الفكرية والسلوكية في عالم اليوم ، اما ان ارادو ان تصاب هذه الحركة الصاعدة بنكسه قوية فعليهم ان يتنازلوا عن مسؤولياتهم التوجيهية والتنظيمية والادارية ، ليجد نفسه الانسان الشيعي ومن جديد في دوامة الرجوع والتمترس داخل اطر التقية المميتة لحركة وابداع هذا الانسان المظلوم ؟.
ان الانسان الشيعي انسان - وحقا - مبدع وكبير ومتحرك وصانع حياة ، كما انه - وحقا - انسان اسلامي ومنفتح ومتألق ورؤوف ورحيم ومفكر وعالمي ، الا انه ومع كل الاسف لم يمنح الفرصة الخلاّقة لاثبات وجوده الفعلي على المستوى العالمي ، وربما اتت الفرص الكثيرة اضاعها ذاك القابع في غيبوبته التاريخية في احد زوايا بيته المخنوق ، او ذالك الذي لم يدرك حتى اللحظة انه المقدمة والخطوة الاولى لصناعة العالم من جديد فهو لذالك غارق في أنيته وغارق في لحظته الغير قيمة بالنسبة للتشيع الاسلامي والعالمي الكبير !؟.
__________________________________________________ _____________
al_shaker@maktoob.com