إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الحرية عند الإمام علي (ع)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحرية عند الإمام علي (ع)

    من نور ربيب "سيد الإنسانية ــ ص ــ" الإمام علي بن أبي طالب (ع):
    الأحرار هم الذين يؤمنون فيعملون بوحي ما يؤمنون به، لا تظاهُر هناك ولا مواربة! لا خشية من عقاب ولا طمع في ثواب!
    لفظة "الأحرار" تعني أصحاب الحق في القول الحر والعمل الحر، والحرية عمل وجداني خالص، ملازم للحياة الداخلية التي ترسم بذاتها الخطوطَ والحدودَ والمعاني فلا تُقسِر عليها، لأنها نابعة من الذات لا تلقائية ولا خارجية.
    حرية وأحرار تُناط قضاياهم بالطبيعة الإنسانية نفسها، وهي طبيعة حرة بأصولها وينابيعها. فالحرية إذن مطلقة وحدودها الرفض والقبول ضمن نطاق الحياة الداخلية والوجدان، والأحرار مخيَّرون يقبلون ويرفضون عن اقتناع وعن إيجابية.






    قال علي بن أبي طالب:
    لا تكن عبد غيرك وقد جعلك اللهُ حراً.
    وقال:
    وقد أذنتُ لك أن تكون من أمرك على ما بدا لك.

    ***

    بسم الله الرحمن الرحيم


    قال جورج جرداق في موسوعته المميزة "علي صوت العدالة الإنسانية"، جزء: "علي وحقوق الإنسان":
    أما تقواه (تقوى الإمام علي) فما كانت إلا تقوى الأحرار، يؤمنون فيعملون بوحي ما يؤمنون به لا تظاهر هناك ولا مواربة! لا خشية من عقاب ولا طمع في ثواب!
    أما ضمان الحرية للناس، فيقوم في الدرجة الأولى على العمل. وقد أنزل الإمامُ الجسدَ العامل من الأرض منزلة القلب الكريم من الجنة فقال في الطيبين: "قلوبهم في الجنان وأجسادهم في العمل". ويقوم نفع العمل بإثابة العامل بما يعمل.
    وإعلاءً منه لشأن الحرية، والعمل الحر، اشترط ألا يُجبَر عاملٌ على عمل. فالعمل الذي لا يواكبه الرضا الوجداني العميق، فيه إساءة إلى الحرية ثم إلى العمل ذاته. يقول:
    "ولستُ أرى أن أجبر أحداً على عملٍ يكرهه".
    ويكتفي للحث على العمل الذي يفيد الجماعة، وللمحافظة على الحرية الفردية في وقت واحد، بأن يجعل نتيجة العمل من حق العامل وحده، وبأن يحرم مَن كرهه لغير مبرر مقبول: "والنهرُ لمن عمل دون من كرِهَه".
    وهنا لا بد من الإشارة إلى أمرٍ ذي خطر في نطاق هذا البحث. فلو استعرض المرء لفظة الحرية في ذلك العصر لما وجد لها مدلولها الواسع العام إلا في نهج الإمام علي. فإن كلمة الحرية ومشتقاتها جميعاً، لم يكن لها من المدلول في عصر الإمام إلا ما يقوم منها في معارضة الرق! فالحرية ضد العبودية، والحر ضد العبد أو الرقيق.
    فلو نظرنا في المدلول الصحيح لكلمة عمر بن الخطاب المشهورة: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً" لرأينا أن صيغة هذه العبارة، والظرف الذي قيلتْ فيه، والدوافع التي أهابت بابن الخطاب إلى قولها، تتفق جميعاً على أن عمر لا يعني بالأحرار إلا أولئك الذين ليسوا عبيداً يباعون ويُشترون.
    أما لفظة "الأحرار" التي تعني أصحاب الحق في القول الحر والعمل الحر، فليست تلك التي يوردها ابن الخطاب في عبارته هذه. نضيف إلى ذلك دليلاً آخر، هو أن عمر توجَّه بقوله هذا إلى الذين يستعبدون الناس فيأمرهم بألا يسترقُّوا من ولدتهم أمهاتهم أحراراً. وهو لم يتوجَّه بقوله هذا إلى الأرقاء أنفسهم فيأمرهم بأن يثوروا على مستعبديهم شراء وبيعاً. إذن، فالأمر منوط بإرادة الأسياد في كلمة عمر، والنصيحة موجَّهة إليهم وحدهم، والأفضل ألا يسترقُّوا المستضعفين من الناس.
    أما عند علي بن أبي طالب فالأمر غير ذلك. ومفهوم الحرية أوسع وأعم. نستدل على ذلك بنص صريح له، أولاً، ثم بما نستنبطه من دستوره العام الذي نرى منه وجوهاً في معظم أقواله وعهوده ووصاياه. فإزاء كلمة عمر التي أشرنا إليها، يقول علي نصاً: "لا تكن عبد غيرك وقد جعلكَ اللهُ حراً".
    فانظر كيف توجَّه علي بقوله إلى مَن يريده أن يثق بنفسه ويستشعر روح الحرية ومعناها، فألقى في نفسه ما يوقظه على أصلٍ من أصول وجوده، وهو أن طبيعة الكون جعلته حراً لا يتمرَّد ولا يُطيع ولا يعمل ولا يقول إلا على أساسٍ من هذا الحق الطبيعي. وهو بذلك إنما يلقي في نفسه بذور الثورة على كل ما من شأنه أن يضيّق عليه ويسلبه حقه في أن يكون حراً.
    ولا يظنن القارئ أن الفرق بسيط بين كلمة عمر بن الخطاب إذ يتوجَّه إلى الأسياد فيأمرهم بألا يستعبدوا أحداً، وبين كلمة علي بن أبي طالب إذ يتوجَّه إلى الكافة فيخبرهم بأنهم أحرار، ويجعل الأمر مرهوناً بإرادتهم هم، لا بإرادة الأسياد إذا شاؤوا استعبدوا وإذا شاؤوا أعتقوا. فالفرق في نظرنا شاسع عظيم، وهو فرق يتناول الأصول لا الفروع، ويشير إلى عمق نظرة الإمام إلى مفهوم الحرية. فالحرية، في نصه هذا، نابعة من أصولها الطبيعية: من الناس الذين لهم وحدهم الحق في أن يقرروا مصيرهم استناداً إلى أنهم أحرار حقاً لا رأي في ذلك لمَن يريد أن يسلبهم هذه الحرية أو "يمنحهم" إياها.
    ومن عمق هذه النظرة العلوية إلى الحرية، أن علياً يقرر بقوله هذا، أن الحرية عمل وجداني خالص، ملازم للحياة الداخلية التي ترسم بذاتها الخطوطَ والحدودَ والمعاني فلا تُقسِر عليها، لأنها نابعة من الذات لا تلقائية ولا خارجية. وهي إذا كانت كذلك فليس لأحدٍ أن يُكره الآخَر أو يجبره في هذا النطاق، لأن عمله هذا يأتي فارغاً من أي معنى، خالصاً من أيّ أثر.
    إذن، فالفرق بين كلمتي عمر وعلي فرقٌ جذري لا فرعي: هناك حرية وأحرار تُناط قضاياهم بإرادة مَن يبيعون ويشترون، فهي حرية معلَّقة وهم أحرارٌ مسيرون. وهي حرية شكلية لا تنبع بحدودها ومعانيها من مَعينها الطبيعي بل تُرسَم خطوطها خارج الذات وخارج الوجدان. وهم أحرار أُقصوا عن وجداناتهم وارتبطوا باتفاقات ومعاهدات. وهنا حرية وأحرار تُناط قضاياهم بالطبيعة الإنسانية نفسها، وهي طبيعة حرة بأصولها وينابيعها. فالحرية إذن مطلقة وحدودها الرفض والقبول ضمن نطاق الحياة الداخلية والوجدان، والأحرار مخيَّرون يقبلون ويرفضون عن اقتناع وعن إيجابية. والحرية بمفهومها العلوي هذا، هي التي تخلق الثورات وتنشئ الحضارات وتقيم علاقات الناس على أُسس التعاون الخيّر، وتربط الأفراد والجماعات بما يشدهم إلى الخير لأن الارتباط حين يكون طرفاه الاقتناع والقبول هو وحده الطبيعي بين الارتباطات.
    ولما كان مفهوم الحرية عند علي هو هذا المفهوم الدقيق العميق، كان لا بد لمعناها من أن يكون هو المعنى الذي يُنظر على أساسه إلى الأحوال الخاصة والعامة. إلى كل ما يرتبط بوجدانات الناس ونزعاتهم وحياتهم الداخلية، وإلى كل ما يتصل بالعلاقات العامة، وكان لا بد أن تُبنى عليه حقوق الإنسان.
    ولما كانت شخصية علي بن أبي طالب من التماسك الشديد بحيث تتساوق منبثقاتها جميعاً وتتعاون، وبحيث تتحد في أصلها الأصيل وغايتها الأخيرة، فإنك لا شك واجدٌ هذا المفهوم للحرية أنى اتجهتَ معه وأيَّان سرتَ. أما إذا فاتك أن تلحظ الصلة الوثيقة بين معنى من معانيه، أو عمل من أعماله، وبين هذا المفهوم للحرية، فما عليك إلا أن تعيد نظرك من جديد في ما أنت بصدده فإذا أنت أمام هذه الصلة الوثيقة وجهاً لوجه.
    فعلي بن أبي طالب من تماسك الشخصية بحيث لا يتناقض أبداً. وهو من سلامة الطبع وأصالة الفكر بحيث لا يتعارض. [1] ....[2]

    إعداد وتقديم
    الفقير لله تعالى
    سام محمد الحامد علي
    www.safwaweb.com
    www.freemoslem.com
    www.alaweenonline.com


    [1] موسوعة الإمام علي صوت العدالة الإنسانية: كتاب علي وحقوق الإنسان، جورج جرداق، تقديم ميخائيل نعيمة؛ طبعة دار صعصعة ــ البحرين، ط1، مج1، ص163 وما بعد.

    [2]لا يُغني مقطع عن كتاب كما لا تغني قطرة عن شربة من الماء!

  • #2
    السلام عليك يا أمير المؤمنين يا علي ابن ابي طالب
    آجركم الله و جعلكم من شيعته المخلصين عليه سلام الله

    تعليق


    • #3
      تقدير

      آمين، مع كل الشكر والتقدير..

      المخلص
      أبو النور

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

      يعمل...
      X