السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز رسالة من الله شكراً جزيلاً لك على مشاركتك وفي الحقيقة إنّ ما ذكرتَه من قوله تعالى(( وما يعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم)) يشير إلى قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)((إني تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)) واسمح لي بأنّ أقدّم هذا البحث المتواضع للآية الكريمة :
طبعاً أنا هنا أحب أن أشير إلى مسألتين هامتين :
1ـ أنّ التأويل يختلف عن التفسير فالتفسير يرتبط بعالم الألفاظ والمفاهيم وأما التأويل فهو مأخوذ ٌ مما يأول إليه الشيء أي ما ينتهي إليه وبعبارةٍ أخرى التأويل يرتبط بالحقائق التي تتجسّد خارجياً على أرض الواقع واسمح لي أخي العزيز أن أضرب لك مثالاً للتفسير ومثالاً للتأويل فتارة ً تكون معرفتي بالجنة والنار عن طريق الوصف بالألفاظ والعبارات وهذا هو التفسير وتارةً تكون معرفتي بالجنة والنار هي ليست فقط معرفة ألفاظ ومفاهيم وإنما هي معرفة حضورٍ وشهود وهذا هو التأويل قال تعالى(( كلا لو تعلمون علم اليقين لترونّ الجحيم))
2ـ أنّ فقهائنا أيضاً منقسمون في قراءة هذا المقطع من الآية فمنهم من يفصل بين ((وما يعلم تأويله إلاّ الله)) وبين(( والراسخون في العلم)) ومنهم من يربط بينهما
وفي الحقيقة حتى إذا ما فصلنا بينهما فإنّ ذلك لا يعني بالضرورة أنّ الراسخين في العلم لا يعلمون تأويل القرآن وإنما أرادت الآية أن تقول بأنّ العلم الإبتدائي والذاتي لتأويل القرآن تحديداً هو محصورٌ في الله سبحانه
إذاً حتى عندما نقول بالفصل بين المقطعين من الآية فإنّ الآية لاتنفي العلم بالتأويل عن الراسخين في العلم مطلقاً وإنما تنفي عنهم العلم الإبتدائي والذاتي بالتأويل فقط وأما علم الراسخين في العلم بتأويل القرآن ولكن بتعليم ٍ من الله سبحانه فهي لا تنفيه تماماً كمسألة الغيب فإنّ الله يحصر علم الغيب به وحده ولكنه في موضعٍ آخر يخبرنا بأنه قد يطلع بعض عباده على ذلك الغيب قال تعالى((عالم الغيب فلا يُظهر على غيبه أحداّ * إلاّ من ارتضى من رسول...)) وما يؤكد ذلك هو وجود آياتٌ أخرى تثبت العلم بالتأويل لغير الله سبحانه وهم الذين طهّرهم الله
أخي العزيز رسالة من الله شكراً جزيلاً لك على مشاركتك وفي الحقيقة إنّ ما ذكرتَه من قوله تعالى(( وما يعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم)) يشير إلى قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)((إني تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)) واسمح لي بأنّ أقدّم هذا البحث المتواضع للآية الكريمة :
قال تعالى(( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب وُأخَرُ متشابهاتٌ فأما الذين في قلوبهم زيغٌ فيتـّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا ّ الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عند ربنا وما يذكـّر إلا ّ أولوا الألباب)). سورة آل عمران آية 7
تشير هذه الآية إلى حقيقةٍ قرآنيةٍ هامةٍ وهي أنّ الآيات القرآنية تنقسم إلى قسمين آياتٌ محكماتٌ وآياتٌ متشابهاتٌ فالمحكمات من الآيات هي التي لا تحتمل إلا ّ معنىً واحدا ً وأما المتشابهات منها فهي التي تحتمل أكثر من معنى. كما أنّ الآية تشير إلى أنّ مَنْ يكتفي بالمتشابهات من الآيات دون ردّها إلى المحكمات فقد انحرف عن المعنى الحقيقي المراد منها فضلّ وأضلّ وفي مقابل هؤلاء يقف الراسخون في العلم الذين لهم علمٌ بالله وبآياته لا يشوبه شكٌ ولا ريبٌ فما حصل لهم من العلم بالمحكمات ثابتٌ لا يتزلزل فهم يؤمنون بها ويعملون بها وإذا ما ورَدَتْ عليهم آية ٌ متشابهة ٌ لم يُوجبْ تشابهها اضطراب قلوبهم فيما عندهم من العلم الراسخ بل إنهم يؤمنون بها ولا يردّونها لأنها من عند الله وإنما يتـّبعون من معانيها ما يوافق معنى المحكم وهؤلاء هم محمدٌ وآل محمدٍ(ص) وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
1ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى(( والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عند ربنا...)) قال(( الراسخون في العلم هم آل محمد)). تفسير العياشي ج1 ص162
2ـ عن الصادق(ع) في قوله تعالى(( والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عند ربنا...)) قال(( نحن الراسخون في العلم)). بحار الأنوار ج23 ص198
3ـ عن علي(ع) قال(( أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا كذبا ً وبغيا ًعلينا وحسدا ً لنا أن رفعنا الله سبحانه ووضعهم وأعطانا وحرمهم وأدخلنا وأخرجهم بنا يُستعطى الهدى ويُستجلى العمى لا بهم )). بحار الأنوار ج23 ص205
طبعاً أنا هنا أحب أن أشير إلى مسألتين هامتين :
1ـ أنّ التأويل يختلف عن التفسير فالتفسير يرتبط بعالم الألفاظ والمفاهيم وأما التأويل فهو مأخوذ ٌ مما يأول إليه الشيء أي ما ينتهي إليه وبعبارةٍ أخرى التأويل يرتبط بالحقائق التي تتجسّد خارجياً على أرض الواقع واسمح لي أخي العزيز أن أضرب لك مثالاً للتفسير ومثالاً للتأويل فتارة ً تكون معرفتي بالجنة والنار عن طريق الوصف بالألفاظ والعبارات وهذا هو التفسير وتارةً تكون معرفتي بالجنة والنار هي ليست فقط معرفة ألفاظ ومفاهيم وإنما هي معرفة حضورٍ وشهود وهذا هو التأويل قال تعالى(( كلا لو تعلمون علم اليقين لترونّ الجحيم))
2ـ أنّ فقهائنا أيضاً منقسمون في قراءة هذا المقطع من الآية فمنهم من يفصل بين ((وما يعلم تأويله إلاّ الله)) وبين(( والراسخون في العلم)) ومنهم من يربط بينهما
وفي الحقيقة حتى إذا ما فصلنا بينهما فإنّ ذلك لا يعني بالضرورة أنّ الراسخين في العلم لا يعلمون تأويل القرآن وإنما أرادت الآية أن تقول بأنّ العلم الإبتدائي والذاتي لتأويل القرآن تحديداً هو محصورٌ في الله سبحانه
إذاً حتى عندما نقول بالفصل بين المقطعين من الآية فإنّ الآية لاتنفي العلم بالتأويل عن الراسخين في العلم مطلقاً وإنما تنفي عنهم العلم الإبتدائي والذاتي بالتأويل فقط وأما علم الراسخين في العلم بتأويل القرآن ولكن بتعليم ٍ من الله سبحانه فهي لا تنفيه تماماً كمسألة الغيب فإنّ الله يحصر علم الغيب به وحده ولكنه في موضعٍ آخر يخبرنا بأنه قد يطلع بعض عباده على ذلك الغيب قال تعالى((عالم الغيب فلا يُظهر على غيبه أحداّ * إلاّ من ارتضى من رسول...)) وما يؤكد ذلك هو وجود آياتٌ أخرى تثبت العلم بالتأويل لغير الله سبحانه وهم الذين طهّرهم الله
قال تعالى(( وإنه لقرآنٌ كريم* في كتابٍ مكنون* لا يمسّه إلا ّ المطهّرون)). سورة الواقعة آية 77 > 79
إنّ هذه الآيات تشير إلى مرتبةٍ من مراتب القرآن الكريم وهي مرتبته في الكتاب المكنون حيث أنّ للقرآن الكريم مرتبتين على الأقل وهذا ما نجده في قوله تعالى((إنا جعلناه قرآنا ً عربيا ً لعلـكم تعقلون* وإنه في أم الكتاب لدينا لعليٌ حكيم)) سورة الزخرف آية 3>4. فالمرتبة الأولى هي مرتبة التنزيل وهي مرتبطة ٌ بعالم الألفاظ والمفاهيم والتي أشير إليها في قوله تعالى(( إنا جعلناه قرآنا ًعربيا ً لعلكم تعقلون)) أي جعلنا القرآن عبارة ًعن ألفاظٍ ومفاهيم لتتمكنوا من الوقوف عليها من خلال التعقــّـل. وأما المرتبة الثانية فهي مرتبة التأويل ِوالتأويلُ مأخوذ ٌمما يؤول إليه الشيء أي ما ينتهي إليه بتحقــّـُـقِـه على أرض الواقع قال تعالى((ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا ً وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا ً تأكل الطير منه نبّئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين)) إلى قوله تعالى ((يا صاحبَي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا ً وأما الآخر فيُصلب فتأكل الطير من رأسه ُقضيَ الأمر الذي فيه تستفتيان)) سورة يوسف آية 36>41. إذا ً مرتبة التأويل مرتبطة ٌ بالحقيقة الخارجية لتلك الألفاظ والمفاهيم والتي أشير إليها في قوله تعالى(( وإنه في أم الكتاب لدينا لعليٌ حكيم)) أي أنّ مرتبة القرآن الكريم في أم الكتاب عالية ٌعن أن تدركها الأفهام والعقول. وهذه المرتبة هي نفسها مرتبة القرآن الكريم في الكتاب المكنون والتي أشير إليها في قوله تعالى(( وإنه لقرآنٌ كريم* في كتابٍ مكنون)). كما أنه لا سبيل للوقوف على هذه المرتبة من القرآن إلا ّ بالطهارة وهذا ما نجده في قوله تعالى(( لا يمسّه إلا ّ المطهّرون)) والمسّ في اللغة هو الوصول إلى العمق فالمراد بالآية أنه لا يقف على الحقيقة الخارجية لتلك المفاهيم القرآنية إلا ّ المطهرون فهؤلاء مَعرفتـُهم بحقائق القرآن معرفة ُحضور ٍوشهودٍ لا معرفة ألفاظٍ ومفاهيمَ فقط. وهنا لابدّ لنا من الوقوف على معنى الطهارة في الآية حيث أنّ الطهارة على نوعين طهارة ٌمادية ٌ وهي طهارة الجسد من الخبث أو الحدث وطهارة ٌ معنوية ٌ وهي طهارة القلب من التعلّق بغير الله بحجبه عن المعاصي والذنوب وهذا النوع من الطهارة هو ما سنقف عليه في بحثنا. إذا ً فالمطهرون هم الذين لم تتعلّق قلوبهم إلاّ بالله وحده بحجبها عن المعاصي والذنوب إلاّ أنّ كلمة المطهَّرين جاءت هنا بصيغة اسم مفعول ٍ في إشارة ٍ إلى أنّ الله استخلصهم واصطفاهم لنفسه وهؤلاء هم محمدٌ وآل محمدٍ(ص) وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة:
1ـ عن علي(ع) في قوله تعالى( لا يمسه إلا المطهرون) قال((...يعني لا يناله إلا ّ المطهرون إيّـانا عنى نحن الذين أذهب الله عنا الرجس وطهّرنا تطهيرا ً...)). كتاب سليم بن قيس ص847
2ـ عن الصادق(ع) قال((الله أجلّ وأكرم وأرأف بعباده وأرحم من أن يفرض طاعة عبدٍ ثم يكتمه خبر السماء صباحا ً ومساءً قال ثم طلع أبو الحسن موسى(ع)....فقال(ع) هذا صاحبُ كتابِ علي ٍالكتابِ المكنون الذي قال الله عزّ وجلّ(لا يمسّه إلا ّ المطهرون) )). بحار الأنوار ج48 ص22
تعليق