أخي الكريم أميري حسين
طلبت منك مسبقا أن ندع الروايات جانبا , فالذي أعرفه أنكم لا تعترفون بالروايات الموجودة في كتبنا , و كذلك الحال بالنسبة إلينا فيما يخص كتبكم , زد على ذلك أنني لست على دراية تامة بتلك المرويات , و لذلك سننحي هذا الأمر , و نتفرغ لنعيش مع القرآن , و ما يقوله عن تلك العصبة الطاهرة ؟قبل هذا خذ هذه القاعدة مني :
لو جاءنا القرآن بحكم
ثم جاءت رواية عند البخاري , ظاهرها يعارض القرآن
فهذه الرواية إما أن نجد لها تخريجا و تأويلا
و إما أن نحكم بضعفها و نضرب بها عرض الحائط
و لا يفهم من كلامي أنني أطعن في البخاري و صحيحه , فمن يكون هذا العبد الضعيف أمام ذلك الجبل الشاهق الذي أفنى عمره في خدمة هذا الدين , رحم الله البخاري رحمة واسعة , فلا زلنا عالة على صحيحه .
و بالنسبة لطلبي فواضح أنني أريد معرفة رأيك في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : هل هي مؤمنة أم مسلمة أم كافرة أم منافقة ؟ و ما هي المآخذ التي تراها عليها ؟ و ماذا تنقم منها ؟
لأنطلق بعدها من خلال تلك التوجهات , و أقوم بالرد عليها .
أخي العزيز ...
بالنسبة للرواية المذكورة عن السيدة عائشة , و مناقضتها لرواية زينب بنت جحش , فلا أرى ذلك الإشكال الكبير الذي يسوغ لنا من خلاله أن نحكم على الصديقة بأنها كاذبة
إذ إن الرواية ربما تكون ضعيفة , هذا أولا
ثانيا : لو تأملنا جيدا في الروايتين , لما وجدنا التناقض بينهما :
فرواية عائشة تقول : لقد نزل جبريل عليه السلام بصورتي في راحته حين أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يتزوجني .
و رواية زينب بنت جحش تقول : كانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه و سلم تقول : زوجكن أهاليكن , و زوجني الله من فوق سبع سماوات .
ألا تجد أخي العزيز فرقا بين الروايتين , فزينب بنت جحش رضي الله عنها لم ينزل جبريل بصورتها في راحته عندما أراد الرسول صلى الله عليه و سلم الزواج بها , بل جاء أمر تزويجها من فوق سبع سماوات , لا مناما كما هو حال عائشة .
و لذا فلا يمكن أن نضع العراقيل أمام فضائل عائشة لانتقاصها , و أن نحط من شأنها , جراء روايات موهمة , ملبسة , دون أن نتحقق من صحتها .
و أعود مرة أخرى فأقول : إن كان فضل عائشة قد ثبت في القرآن , فإن بقيت الروايات لا تسمن و لا تغني من جوع , و لا تغير من الواقع شيئا , و إن رابك في الأمر ريب , فاستمسك بما هو محكم , و دع عنك ما لفه الغموض , و اكتنفه الإبهام .
و لذا فإن السبب الذي جعلني أطلب منك الجلوس مع القرآن فحسب , حتى لا نشتت أفكارنا مع الروايات و اختلافها , خاصة إذا ما علمنا أنها قابلة للطعن و الرفض , بخلاف كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه , تنزيل من حكيم حميد , زد على ذلك أننا نتحدث عن امرأة ارتضاها رسولنا الكريم أن تكون زوجة له , و هل يمكن لهذا النبي الكريم أن يرضى بما هو خبيث و عفن ؟ خاصة أنه عند زواجه منها كان قد نزل عليه الوحي , و كلف ببعض الشرائع , لذا فإن تلك الحقائق تقف أمام أعيننا بارزة , لنتأمل القضية من جميع جوانبها .
أحسب أنني أطلت , إلا أنني أشعر أن ردي لم يأت بما تشتهيه نفسي , و ما ذاك إلا لأن بضاعتي مزجاة في هذا الباب , لكن لا ضير إن كان الهدف هو الوصول إلى الحق .
ختاما أخي العزيز ... أرجو أن توضح لي الطريقة المثلى للحوار , حيث إنني لم أسمع رأيك في هذا الموضوع حتى نبدأ على بركة الله عزوجل .
تعليق