يقول حفيد الحسن....
((أن عمر اتهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يهجر كذب لم يصدر عن عمر، وذلك أن هذه اللفظة "أهجر"؟ لاتثبت عن عمر- رضي الله عنه- أصلا وإنما قالها بعض من حضر الحادثة من غير أن تعين الروايات الواردة في صحيحين- والتي احتج المؤلف بها- قائلها، وإنما الثابت فيها "فقالوا ما شأنه أهجر" ، هكذا بصيغة الجمع دون الإفراد، ولهذا أنكر بعض العلماء أن تكون هذه اللفظة من كلام عمر.))
في النهاية في غريب الحديث ج5 - ابن الاثير:
يقال: أهجر في منطقة يهجر إهجاراً ، إذا أفحش ، وكذلك إذا أكثر الكلام فيما لا ينبغي. والاسم: الهجر ، بالضم ، وهجر يهجر هجرا بالفتح إذا خلط في كلامه وإذا هذى.
ومنه حديث مرض النبي صلى الله عليه وسلم " قالوا: ما شأنه؟ أهجر؟ أي اختلف كلامه بسبب المرض ، على سبيل الإستفهام. أي هل تغير كلامه واختلط لأجل ما به من المرض؟ وهذا أحسن ما يقال فيه ، ولا يجعل إخبارا ، فيكون إما من الفحش أو الهذيان. والقائل كان عمر ، ولا يظن به ذلك.
والهجر أيضاً: الهذيان ، وقد هجر المريض يهجر هجرا ، فهو هاجر والكلام مهجور ، فهو هاجر والكلام مهجور. قال أبو عبيد: يروى عن إبراهيم ما ثبت هذا القول في قوله تعالى: (إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) قال: قالوا فيه غير الحق. ألم تر إلى المريض إذا هجري قال غير الحق. قال وعن مجاهد نحوه ، والهجر بالضم: الاسم من الاهجار وهو الإفحاش في المنطق ، والخنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انتهى
وفي لسان العرب ج5 - ابن منظور:
وهجر الرجل هجرا إذا تباعد ونأى.
والهجر: القبيح من الكلام ، وقد أهجر في منطقة إهجارا وهجرا ، عن كراع واللحياني ، والصحيح أن الهجر ، بالضم ، الاسم من الإهجار وأن الإهجار المصدر وأهجر به إهجاراً: استهزأ به وقال فيه قولا قبيحا.
وقولك هجر الرجل في منامه إذا هذى ، أي أنكم تقولون فيه ما ليس فيه وما لا يضره فهو كالهذيان.
وروي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه كان يقول لبنيه: إذا طفتم بالبيت فلا تلغوا ولا تهجروا ، يروى بالضم والفتح ، من الهجر الفحش والتخليط ، قال أبو عبيد: معناه ولا تهذوا ، وهو مثل كلام المحموم والمبرسم ، يقال: هجر يهجر هجراً ، والكلام مهجور ، وقد هجر المريض.
وروي عن إبراهيم أنه قال في قوله عز وجل: {إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} قال: قالوا فيه غير الحق ، ألم تر إلى المريض إذا هجر قال غير الحق؟
هجر يهجر هجراً بالفتح إذا خلط في كلامه وإذا هذى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انتهى.
وفي تاج العروس ج3 - الزبيدي:
(وأهجر في منطقه اهجارا وهجرا) بالضم عن كراع واللحياني والصحيح ان الهجر بالضم الاسم من الاهجار وان الاهجار المصدر (و) أهجر (به) اهجاراً (استهزأ) به وقال فيه قولا قبيحا وقال هجرا وبجرا وهجرا وبجرا إذا فتح فهو المصدر وإذا ضم فهو الاسم (وتكلم بالمهاجر أي الهجر).
والهجر أيضاً الهذيان واكثار الكلام فيما لا ينبغي يقال (هجر في نومه ومرضه) يهجر (هجرا بالضم وهجيري واهجيري) كلاهما بالكسر (هذي) قال سيبويه الهجيري كثرة الكلام والقول السيء وقال الليث الهجيري اسم من هجرا إذا هذى وهجر المريض هجراً فهو هاجر وهجر به في النوم هجرا حام وهذى ، وفي التنزيل {مستكبرين به سامرا تهجرون} قال الأزهري قرأ ابن عباس تهجرون من أهجرت من الهجر وهو الافحاش وقال الفراء وان قرئ تهجرون جعل من قولك هجر الرجل في منامه إذا هذى.
وقال أبو عبيد هو مثل كلام المحموم والمبرسم والكلام مهجور وقد هجر المريض.
وروى عن ابراهيم في قوله عز وجل {ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} قال قالوا فيه غير الحق ألم تر إلى المريض إذا هجر قال غير الحق وعن مجاهد نحوه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انتهى.
فكلمة (أهجر) أو (يهجر) فكلاهما كلمة سيئة قيلة لرسول الله صلى الله عليه وآله كما يتضح من المعنى الذي أوردناه.
وأما قولك بأنه ليس عمر الذي قال تلك الكملة...
فلاحظ في النهاية قوله (وهذا أحسن ما يقال فيه ، ولا يجعل إخبارا فيكون إما من الفحش أو الهذيان والقائل كان عمر ، ولا يظن به ذلك)
إذا فإدعائك بأن الكلمة منسوبة إلى عمر هي كذب ، هو كذب واضح منك لأن الثابت هو خلاف ما تدعي وهو أن عمر هو صاحب الكلمة.
ولكن العجب أن يقول صاحب الكتاب (ولا يجعل اخبارا) لماذا؟ من أجل عمر أو لأن قائلها هو عمر فقط حيث يقول (والقائل هو عمر ولا يظن به ذلك) فما هو إلا دفاع عن ساحة عمر والحفاظ على قدسيته عن طريق تأويل الأحاديث والمواقف ، فإذا عجزوا عن صرفه عنه أولوها إلى غير معناها.!!!!
وكيف لا يظن به ذلك وهو المشهور عنه بالقسوة والغلظة والفضاضة...
وأما قولك...
(فإن دل هذا على شيء فإنه يدل على أن الأمر ليس للوجوب فتركه)
وهذا تأويل لصرف القدح في عمر ، وإلا فإن رسول الله صلى الله عليه اهتم بأمر الإمامة منذ بداية الدعوة كما جاء عنه في (حديث الدار) إلى (يوم الغدير) وما تخلله بينهما من (حديث الثقلين) و (المنزلة) و(السفينة)... الخ ، إلى حين مرضه ودنو أجله صلى الله عليه وآله..
فما أراده رسول الله صلى الله عليه وآله ليس أمرا جديداً ، بل هو التأكيد على ما سبق أن نوه عنه وشدد عليه ولذلك فهم هذا المعنى عمر عندما قال رسول الله صلى الله عليه وآله (أكتب لكم كتابا لن تضلوا من بعدي) وقد سبق من رسول الله صلى الله عليه وآله قوله في حديث الثقلين (تركت فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي.. الخ) فمن سياق كلام رسول الله صلى الله عليه وآله عرف عمر مراده صلى الله عليه وآله ولذلك قام بمنعه والطعن فيه قبل كتابته.
ويتبين هذا بعد أن رأى رسول الله صلى الله عليه وآله من عينهم في جيش أسامة وأمرهم بالمسير موجودين عنده ، فأراد صلى الله عليه وآله أن يكون كتاباً مكتوبا في التمسك بمن لا يضل من تمسك بهم ، إلا أن عمر حال بينه وبين ذلك الكتاب وهو الذي ترك جيش أسامة من أجل هذا الأمر (أي أمر الخلافة).
وأما قولك:
((ولنا أيضا أن نسأل الشيعة سؤالا ثانيا وهو: أين علي بن أبي طالب من هذه الحادثة، هل كان موجودا أو لم يكن موجودا؟))
علي عليه السلام كان ملازما لرسول الله صلى الله عليه وآله ولا يتركه لحظة واحدة فهو معه كالظل ، ففي حديث عائشة: (ان النبي خرج يمشي بين رجلين من أهله أحدهما الفضل بن عباس ورجل آخر..) قال ابن عباس للراوي هل تدري من الرجل الآخر؟ قال: لا ، قال: علي بن أبي طالب ولكنها لا تقدر على أن تذكره بخير وهي تستطيع..!!! الطبري ج1 .
فعلي عليه السلام مشغولا برسول الله صلى الله عليه وآله.
وأما قولك:
((أن هذه اللفظة صدرت بحضور رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم وكبار أصحابه، فلم ينكروا على قائلها، ولم يؤثموه، فدل على أنه معذور على كل حال. ))
يا سبحان الله ، كيف تقول لم ينكروا على قائلها والبخاري يذكر في روايته:
(واختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ومنهم من يقول غير ذلك فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا قال عبيد الله فكان يقول ابن عباس إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم)
يقول (اختصموا) فهل اختصموا عندك يعني اتفقوا.!!!! (منهم من يقول.. ومنهم من يقول) هل هذا معناه اتفاق على القول أم رد هذا القول واستنكاره!!! (فاكثروا اللغو والاختلاف) لغو ، واختلاف ، وكل ذلك لا يعد استنكارا ولا مواجهة مع صاحب الكلمة وهو عمر ، وتجعل حضور رسول الله صلى الله عليه وآله دليلا على موافقته لرأي المتكلم بأنه يهجر وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (قوموا) فما أدري ماذا تعني عندك كلمة (قوموا) هل تعني التبجيل والتكريم ، أم كما نعتبرها نحن وهي طردهم من حضرة رسول الله صلى الله عليه وآله...
وأما قولك:
(غضب النبي صلى الله عليه وسلم هذا يشبه قوله لعلي في الحديبية امح فرفض أمر النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكتاب من علي، ومحاه بيده الشريفة.)
فها أنت تعترف بأن رسول الله صلى الله عليه وآله قد غضب عليهم في الوقت الذي تقول بأنه لم يكن هناك اعتراض من الصحابة ومع وجود رسول الله صلى الله عليه وآله.
ومن جهة أخرى الفرق واسع بين الأمرين ، فعمر واجه رسول الله صلى الله عليه وآله في أمره وخالفه في قوله حتى غضب رسول الله صلى الله عليه وآله وطرده من مجلسه..
والإمام علي عليه السلام لم يواجه رسول الله صلى الله عليه وآله في أمره ولم يخالفه في قوله ، وإنما هو عدم استطاعته لمحو كلمة (النبوة) عن رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا من إيمانه وذوابنه في الإسلام وفي رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يغضب عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ، فهذا مقام مدح للإمام علي عليه السلام ومقام عمر مقام غضب رسول الله صلى الله عليه وآله.
وشتان بين الإمام علي عليه السلام الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وآله (الحق علي مع الحق والحق مع علي) وبين عمر الذي كذب قوله رسول الله صلى الله عليه وآله حين قال لأهل الحبشة: نحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم.....
من لفظ مسلم (....فدخلت أسماء بنت عميس وهي ممن قدم معنا على حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم زائرة وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر إليه ، فدخلا عمر على حفصة - وأسماء عندها - فقال عمر حين رأى أسماء: من هذه؟ قالت: أسماء بنت عميس ، قال عمر: الحبشية هذه؟ البحرية هذه؟ فقالت أسماء: نعم ، فقال عمر: سبقناكم بالهجرة ، فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم. فغضبت وقالت كلمة: كذبت يا عمر ، كلا والله كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائكم ويعظ جاهلكم وكنا في دار - أو في أرض - البعداء البغضاء في الحبشة ، وذلك في الله وفي رسول الله ، وأيم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أذكر ما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن كنا نوذى ونخاف ، وسأذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأسأله ، والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد على ذلك ، قال: فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا نبي الله: ان عمر قال كذا وكذا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة ولكم - أنتم أهل السفينة - هجرتان)....
صحيح مسلم ج7 ، صحيح البخاري ج5 ، ذخائر العقبى ، فضائل الصحابة ، أحمد بن حنبل ، السنن الكبرى ج5 ، مسند أبي يعلى ج13 ، تاريخ مدينة دمشق ج32 ، البداية والنهاية ج4 ، السيرة النبوية ج3 ، عمر ابن الخطاب - عبدالرحمن البكري.
((أن عمر اتهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يهجر كذب لم يصدر عن عمر، وذلك أن هذه اللفظة "أهجر"؟ لاتثبت عن عمر- رضي الله عنه- أصلا وإنما قالها بعض من حضر الحادثة من غير أن تعين الروايات الواردة في صحيحين- والتي احتج المؤلف بها- قائلها، وإنما الثابت فيها "فقالوا ما شأنه أهجر" ، هكذا بصيغة الجمع دون الإفراد، ولهذا أنكر بعض العلماء أن تكون هذه اللفظة من كلام عمر.))
في النهاية في غريب الحديث ج5 - ابن الاثير:
يقال: أهجر في منطقة يهجر إهجاراً ، إذا أفحش ، وكذلك إذا أكثر الكلام فيما لا ينبغي. والاسم: الهجر ، بالضم ، وهجر يهجر هجرا بالفتح إذا خلط في كلامه وإذا هذى.
ومنه حديث مرض النبي صلى الله عليه وسلم " قالوا: ما شأنه؟ أهجر؟ أي اختلف كلامه بسبب المرض ، على سبيل الإستفهام. أي هل تغير كلامه واختلط لأجل ما به من المرض؟ وهذا أحسن ما يقال فيه ، ولا يجعل إخبارا ، فيكون إما من الفحش أو الهذيان. والقائل كان عمر ، ولا يظن به ذلك.
والهجر أيضاً: الهذيان ، وقد هجر المريض يهجر هجرا ، فهو هاجر والكلام مهجور ، فهو هاجر والكلام مهجور. قال أبو عبيد: يروى عن إبراهيم ما ثبت هذا القول في قوله تعالى: (إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) قال: قالوا فيه غير الحق. ألم تر إلى المريض إذا هجري قال غير الحق. قال وعن مجاهد نحوه ، والهجر بالضم: الاسم من الاهجار وهو الإفحاش في المنطق ، والخنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انتهى
وفي لسان العرب ج5 - ابن منظور:
وهجر الرجل هجرا إذا تباعد ونأى.
والهجر: القبيح من الكلام ، وقد أهجر في منطقة إهجارا وهجرا ، عن كراع واللحياني ، والصحيح أن الهجر ، بالضم ، الاسم من الإهجار وأن الإهجار المصدر وأهجر به إهجاراً: استهزأ به وقال فيه قولا قبيحا.
وقولك هجر الرجل في منامه إذا هذى ، أي أنكم تقولون فيه ما ليس فيه وما لا يضره فهو كالهذيان.
وروي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه كان يقول لبنيه: إذا طفتم بالبيت فلا تلغوا ولا تهجروا ، يروى بالضم والفتح ، من الهجر الفحش والتخليط ، قال أبو عبيد: معناه ولا تهذوا ، وهو مثل كلام المحموم والمبرسم ، يقال: هجر يهجر هجراً ، والكلام مهجور ، وقد هجر المريض.
وروي عن إبراهيم أنه قال في قوله عز وجل: {إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} قال: قالوا فيه غير الحق ، ألم تر إلى المريض إذا هجر قال غير الحق؟
هجر يهجر هجراً بالفتح إذا خلط في كلامه وإذا هذى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انتهى.
وفي تاج العروس ج3 - الزبيدي:
(وأهجر في منطقه اهجارا وهجرا) بالضم عن كراع واللحياني والصحيح ان الهجر بالضم الاسم من الاهجار وان الاهجار المصدر (و) أهجر (به) اهجاراً (استهزأ) به وقال فيه قولا قبيحا وقال هجرا وبجرا وهجرا وبجرا إذا فتح فهو المصدر وإذا ضم فهو الاسم (وتكلم بالمهاجر أي الهجر).
والهجر أيضاً الهذيان واكثار الكلام فيما لا ينبغي يقال (هجر في نومه ومرضه) يهجر (هجرا بالضم وهجيري واهجيري) كلاهما بالكسر (هذي) قال سيبويه الهجيري كثرة الكلام والقول السيء وقال الليث الهجيري اسم من هجرا إذا هذى وهجر المريض هجراً فهو هاجر وهجر به في النوم هجرا حام وهذى ، وفي التنزيل {مستكبرين به سامرا تهجرون} قال الأزهري قرأ ابن عباس تهجرون من أهجرت من الهجر وهو الافحاش وقال الفراء وان قرئ تهجرون جعل من قولك هجر الرجل في منامه إذا هذى.
وقال أبو عبيد هو مثل كلام المحموم والمبرسم والكلام مهجور وقد هجر المريض.
وروى عن ابراهيم في قوله عز وجل {ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} قال قالوا فيه غير الحق ألم تر إلى المريض إذا هجر قال غير الحق وعن مجاهد نحوه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انتهى.
فكلمة (أهجر) أو (يهجر) فكلاهما كلمة سيئة قيلة لرسول الله صلى الله عليه وآله كما يتضح من المعنى الذي أوردناه.
وأما قولك بأنه ليس عمر الذي قال تلك الكملة...
فلاحظ في النهاية قوله (وهذا أحسن ما يقال فيه ، ولا يجعل إخبارا فيكون إما من الفحش أو الهذيان والقائل كان عمر ، ولا يظن به ذلك)
إذا فإدعائك بأن الكلمة منسوبة إلى عمر هي كذب ، هو كذب واضح منك لأن الثابت هو خلاف ما تدعي وهو أن عمر هو صاحب الكلمة.
ولكن العجب أن يقول صاحب الكتاب (ولا يجعل اخبارا) لماذا؟ من أجل عمر أو لأن قائلها هو عمر فقط حيث يقول (والقائل هو عمر ولا يظن به ذلك) فما هو إلا دفاع عن ساحة عمر والحفاظ على قدسيته عن طريق تأويل الأحاديث والمواقف ، فإذا عجزوا عن صرفه عنه أولوها إلى غير معناها.!!!!
وكيف لا يظن به ذلك وهو المشهور عنه بالقسوة والغلظة والفضاضة...
وأما قولك...
(فإن دل هذا على شيء فإنه يدل على أن الأمر ليس للوجوب فتركه)
وهذا تأويل لصرف القدح في عمر ، وإلا فإن رسول الله صلى الله عليه اهتم بأمر الإمامة منذ بداية الدعوة كما جاء عنه في (حديث الدار) إلى (يوم الغدير) وما تخلله بينهما من (حديث الثقلين) و (المنزلة) و(السفينة)... الخ ، إلى حين مرضه ودنو أجله صلى الله عليه وآله..
فما أراده رسول الله صلى الله عليه وآله ليس أمرا جديداً ، بل هو التأكيد على ما سبق أن نوه عنه وشدد عليه ولذلك فهم هذا المعنى عمر عندما قال رسول الله صلى الله عليه وآله (أكتب لكم كتابا لن تضلوا من بعدي) وقد سبق من رسول الله صلى الله عليه وآله قوله في حديث الثقلين (تركت فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي.. الخ) فمن سياق كلام رسول الله صلى الله عليه وآله عرف عمر مراده صلى الله عليه وآله ولذلك قام بمنعه والطعن فيه قبل كتابته.
ويتبين هذا بعد أن رأى رسول الله صلى الله عليه وآله من عينهم في جيش أسامة وأمرهم بالمسير موجودين عنده ، فأراد صلى الله عليه وآله أن يكون كتاباً مكتوبا في التمسك بمن لا يضل من تمسك بهم ، إلا أن عمر حال بينه وبين ذلك الكتاب وهو الذي ترك جيش أسامة من أجل هذا الأمر (أي أمر الخلافة).
وأما قولك:
((ولنا أيضا أن نسأل الشيعة سؤالا ثانيا وهو: أين علي بن أبي طالب من هذه الحادثة، هل كان موجودا أو لم يكن موجودا؟))
علي عليه السلام كان ملازما لرسول الله صلى الله عليه وآله ولا يتركه لحظة واحدة فهو معه كالظل ، ففي حديث عائشة: (ان النبي خرج يمشي بين رجلين من أهله أحدهما الفضل بن عباس ورجل آخر..) قال ابن عباس للراوي هل تدري من الرجل الآخر؟ قال: لا ، قال: علي بن أبي طالب ولكنها لا تقدر على أن تذكره بخير وهي تستطيع..!!! الطبري ج1 .
فعلي عليه السلام مشغولا برسول الله صلى الله عليه وآله.
وأما قولك:
((أن هذه اللفظة صدرت بحضور رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم وكبار أصحابه، فلم ينكروا على قائلها، ولم يؤثموه، فدل على أنه معذور على كل حال. ))
يا سبحان الله ، كيف تقول لم ينكروا على قائلها والبخاري يذكر في روايته:
(واختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ومنهم من يقول غير ذلك فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا قال عبيد الله فكان يقول ابن عباس إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم)
يقول (اختصموا) فهل اختصموا عندك يعني اتفقوا.!!!! (منهم من يقول.. ومنهم من يقول) هل هذا معناه اتفاق على القول أم رد هذا القول واستنكاره!!! (فاكثروا اللغو والاختلاف) لغو ، واختلاف ، وكل ذلك لا يعد استنكارا ولا مواجهة مع صاحب الكلمة وهو عمر ، وتجعل حضور رسول الله صلى الله عليه وآله دليلا على موافقته لرأي المتكلم بأنه يهجر وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (قوموا) فما أدري ماذا تعني عندك كلمة (قوموا) هل تعني التبجيل والتكريم ، أم كما نعتبرها نحن وهي طردهم من حضرة رسول الله صلى الله عليه وآله...
وأما قولك:
(غضب النبي صلى الله عليه وسلم هذا يشبه قوله لعلي في الحديبية امح فرفض أمر النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكتاب من علي، ومحاه بيده الشريفة.)
فها أنت تعترف بأن رسول الله صلى الله عليه وآله قد غضب عليهم في الوقت الذي تقول بأنه لم يكن هناك اعتراض من الصحابة ومع وجود رسول الله صلى الله عليه وآله.
ومن جهة أخرى الفرق واسع بين الأمرين ، فعمر واجه رسول الله صلى الله عليه وآله في أمره وخالفه في قوله حتى غضب رسول الله صلى الله عليه وآله وطرده من مجلسه..
والإمام علي عليه السلام لم يواجه رسول الله صلى الله عليه وآله في أمره ولم يخالفه في قوله ، وإنما هو عدم استطاعته لمحو كلمة (النبوة) عن رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا من إيمانه وذوابنه في الإسلام وفي رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يغضب عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ، فهذا مقام مدح للإمام علي عليه السلام ومقام عمر مقام غضب رسول الله صلى الله عليه وآله.
وشتان بين الإمام علي عليه السلام الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وآله (الحق علي مع الحق والحق مع علي) وبين عمر الذي كذب قوله رسول الله صلى الله عليه وآله حين قال لأهل الحبشة: نحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم.....
من لفظ مسلم (....فدخلت أسماء بنت عميس وهي ممن قدم معنا على حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم زائرة وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر إليه ، فدخلا عمر على حفصة - وأسماء عندها - فقال عمر حين رأى أسماء: من هذه؟ قالت: أسماء بنت عميس ، قال عمر: الحبشية هذه؟ البحرية هذه؟ فقالت أسماء: نعم ، فقال عمر: سبقناكم بالهجرة ، فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم. فغضبت وقالت كلمة: كذبت يا عمر ، كلا والله كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائكم ويعظ جاهلكم وكنا في دار - أو في أرض - البعداء البغضاء في الحبشة ، وذلك في الله وفي رسول الله ، وأيم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أذكر ما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن كنا نوذى ونخاف ، وسأذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأسأله ، والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد على ذلك ، قال: فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا نبي الله: ان عمر قال كذا وكذا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة ولكم - أنتم أهل السفينة - هجرتان)....
صحيح مسلم ج7 ، صحيح البخاري ج5 ، ذخائر العقبى ، فضائل الصحابة ، أحمد بن حنبل ، السنن الكبرى ج5 ، مسند أبي يعلى ج13 ، تاريخ مدينة دمشق ج32 ، البداية والنهاية ج4 ، السيرة النبوية ج3 ، عمر ابن الخطاب - عبدالرحمن البكري.
تعليق