بسم الله الرحمن الرحيم
لحق الرسول الاعظم (ص) بالرفيق الاعلى مخلّفا من الورثة بنته الوحيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، وزوجات عدّة .
وكانت فدك ممّا أفاء الله به على رسوله ـ عام خيبر ـ نحلها الرسول ابنته الزهراء، وكانت يدها على فدك يوم وفاة الرسول أبيها .
ولمّا استولى أبو بكر على أريكة الخلافة ، ابتزّ فدكا من فاطمة (عليها السلام) واستولى عليها .
فادّعت فاطمة على ابي بكر ، وطالبت نحلة أبيها لها ـ لكون هذه الأرض ممّا لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، فكان ملكا خاصا لرسول الله (ص) ـ واشهدت زوجها أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) ، وابنيها الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، وأمّ أيمن زوجة رسول الله على أن أباها نحلها فدكا . فردّ أبو بكر دعواها ، وردّ شهاداتهم لها، فوجدت فاطمة على أبي بكر ، فهجرته فلم تكلّمه حتى توفيت .
هذا ما نقلته الاخبار في كتب الفريقين ، فمن كتب أبناء العامة :
1 ـ صحيح البخاري : 5 / 177 كتاب فضائل اصحاب النبي ـ باب غزوة خيبر .
2 ـ صحيح مسلم : 3 / 1381 كتاب الجهاد والسير باب (16) باب قول النبي : لا نورث ح54 .
3 ـ الصواعق المحرقة : 31 .
4 ـ الدر المنثور : 4 / 177 .
فالاخبار صريحة في ذلك فتكون دليلا على غصبها
إنّ العلماء ورثة الأنبياء ، (وذاك) أنّ الأنبياء لم يورّثوا درهماً ولا ديناراً ، وإنّما أورثوا أحاديث من أحاديثهم (ولكن ورّثوا العلم) ، فمن أخذ بشيءٍ منها (منه) فقد أخذ حظّاً وافراً " (في مصادرنا الخاصّة) [ أصول الكافي 1/ ب صفة العلم ح2 و ب ثواب العالم ح1 ـ أمالي الصدوق ـ ثواب الأعمال للصدوق ـ بصائر الدرجات ، وعن الموارد الثلاثة الأخيرة في البحار 1/164 ] ، وأيضاً " العلم ميراث الأنبياء " [ البحار 1/185 ] .
وأمّا معنى هذا الحديث فهو أنّ الأنبياء "عليهم السلام" لم يخلّفوا بالنسبة للأمّة شيئاً من الأموال ، بل أنّهم ورّثوهم العلم والأحاديث . ويظهر من هذا المعنى ، أنّ كلمة (الإرث) في هذه الروايات قد استعملت في معناها العرفي واللغوي لا معناها الاصطلاحي والفقهي ، ويدلّ على هذا التخريج عدّة وجوه :
منها : إنّ الحمل على المعنى الفقهي من الإرث يتعارض مع ظهور الآيات كما ذكرته الزهراء "عليها السلام" في خطبتها المعروفة ردّاً على غاصبي فدك ، إذ فيها ما يدلّ على أنّ التوريث المصطلح كان ساري المفعول حتّى عند الأنبياء ، ولم تكن أموالهم بحيث يكون الناس فيها شرع سواء [ مريم : 6 ـ النمل 16 ] .
منها : أنّ القرائن الموجودة في تلك الروايات فيها دلالة واضحة إلى أنّ المراد هو المعنى اللغوي ـ لا الفقهي ـ فمثلاً هل في الواقع الخارجي لم يبقون الأنبياء "عليهم السلام" حتى درهماً واحداً من الأموال لتركتهم ؟!!! وهذا ما ينفيه التاريخ والنقل .
منها : أنّ عبارة "إنّما أورثوا أحاديث" أو "ورّثوا العلم" تدلّ على ما ذكرنا من أنّ النفي في صدر الروايات يكون بالنظر إلى الأمّة لا إلى الورثة العاديين ؛ إذ هل يعقل أن تكون الأحاديث النبويّة حصص إرثيه ؟!!!
منها : وأيضاً عبارة " من أخذ بشيءٍ ... " تدلّ على إطلاق الآخذ أيّاً من كان ؛ وهذا أيضاً يدلّ على أنّ التوريث المستعمل في هذه الروايات ليس من باب الوراثة المصطلحة الفقهيّة ، وإلاّ فهل يعقل عدم تعيين الوارث في ارثٍ ما ، وتعليقه على نحو البدليّة بعبارة "من أخذ" ؟!!!
وأخيراً فانّ الرواية المزعومة عند المخالفين تشتمل على تتمّة وهي "ما تركناه صدقة" ، وأنت ترى أنّ الروايات الشيعية بأكملها خالية عن هذه العبارة ، بل وفيما تحتويها من ذكر الأحاديث والعلم كميراث للنبوّة ، متعارضة مع ما ادعّوه ، إذ من البديهي إنّ الأحاديث والعلم ليست صدقة . وعليه فالعبارة المذكورة واضحة البطلان ، ومن ثمّ فاستدلال القوم دفاعاً عن غصب حق الزهراء "عليها السلام" مردود ، إذ أنّ مجهودهم العلمي يبتني على ورود هذه العبارة في الروايات وهو منتفٍ قطعاً كما ذكرنا .
ثم أنّ المطالبة بفدك في فكرتها الأساسية هي للإشارة إلى غصب حقوق أهل البيت "عليهم السلام" على وجه العموم ، وليس فقط فيها مطالبات ماليّة حتى ترتفع بردّها إلى أهلها .
فالزهراء "عليها السلام" والأئمة "عليهم السلام" عندما كانوا يشيرون إلى مسألة فدك ، كانوا يريدون التصريح والتلويح بالمظالم التي أوردتها الزمرة الغاصبة في سبيل الحصول على الحكم . ويدلّ على ما قلنا إنّ أمير المؤمنين "عليه السلام" صرّح في أيام خلافته بأنّ الجانب الاقتصادي من فدك ليس بحدٍّ أن يكون حافزاً وباعثاً لاعتراض أهل البيت "عليهم السلام" في مطالبته : "وما أصنع بفدكٍ وغير فدك" [نهج البلاغة : الرسائل / 45] .
و ورد في بعض الروايات بأنّ سيرة أهل البيت "عليهم السلام" هي أن لا يسترجعوا ما أخذ منهم غصباً وعدواناً [ البحار 29/395 ] فنرى أنّ فيها إشارة واضحة لإبقاء صوت مظلوميتهم على طول التاريخ وحقانيتهم في الإمامة وزعامة الدين والدنيا كما هو الحال في اختفاء مرقد الزهراء "عليها السلام" واختلاف تاريخ استشهادها
لحق الرسول الاعظم (ص) بالرفيق الاعلى مخلّفا من الورثة بنته الوحيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، وزوجات عدّة .
وكانت فدك ممّا أفاء الله به على رسوله ـ عام خيبر ـ نحلها الرسول ابنته الزهراء، وكانت يدها على فدك يوم وفاة الرسول أبيها .
ولمّا استولى أبو بكر على أريكة الخلافة ، ابتزّ فدكا من فاطمة (عليها السلام) واستولى عليها .
فادّعت فاطمة على ابي بكر ، وطالبت نحلة أبيها لها ـ لكون هذه الأرض ممّا لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، فكان ملكا خاصا لرسول الله (ص) ـ واشهدت زوجها أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) ، وابنيها الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، وأمّ أيمن زوجة رسول الله على أن أباها نحلها فدكا . فردّ أبو بكر دعواها ، وردّ شهاداتهم لها، فوجدت فاطمة على أبي بكر ، فهجرته فلم تكلّمه حتى توفيت .
هذا ما نقلته الاخبار في كتب الفريقين ، فمن كتب أبناء العامة :
1 ـ صحيح البخاري : 5 / 177 كتاب فضائل اصحاب النبي ـ باب غزوة خيبر .
2 ـ صحيح مسلم : 3 / 1381 كتاب الجهاد والسير باب (16) باب قول النبي : لا نورث ح54 .
3 ـ الصواعق المحرقة : 31 .
4 ـ الدر المنثور : 4 / 177 .
فالاخبار صريحة في ذلك فتكون دليلا على غصبها
إنّ العلماء ورثة الأنبياء ، (وذاك) أنّ الأنبياء لم يورّثوا درهماً ولا ديناراً ، وإنّما أورثوا أحاديث من أحاديثهم (ولكن ورّثوا العلم) ، فمن أخذ بشيءٍ منها (منه) فقد أخذ حظّاً وافراً " (في مصادرنا الخاصّة) [ أصول الكافي 1/ ب صفة العلم ح2 و ب ثواب العالم ح1 ـ أمالي الصدوق ـ ثواب الأعمال للصدوق ـ بصائر الدرجات ، وعن الموارد الثلاثة الأخيرة في البحار 1/164 ] ، وأيضاً " العلم ميراث الأنبياء " [ البحار 1/185 ] .
وأمّا معنى هذا الحديث فهو أنّ الأنبياء "عليهم السلام" لم يخلّفوا بالنسبة للأمّة شيئاً من الأموال ، بل أنّهم ورّثوهم العلم والأحاديث . ويظهر من هذا المعنى ، أنّ كلمة (الإرث) في هذه الروايات قد استعملت في معناها العرفي واللغوي لا معناها الاصطلاحي والفقهي ، ويدلّ على هذا التخريج عدّة وجوه :
منها : إنّ الحمل على المعنى الفقهي من الإرث يتعارض مع ظهور الآيات كما ذكرته الزهراء "عليها السلام" في خطبتها المعروفة ردّاً على غاصبي فدك ، إذ فيها ما يدلّ على أنّ التوريث المصطلح كان ساري المفعول حتّى عند الأنبياء ، ولم تكن أموالهم بحيث يكون الناس فيها شرع سواء [ مريم : 6 ـ النمل 16 ] .
منها : أنّ القرائن الموجودة في تلك الروايات فيها دلالة واضحة إلى أنّ المراد هو المعنى اللغوي ـ لا الفقهي ـ فمثلاً هل في الواقع الخارجي لم يبقون الأنبياء "عليهم السلام" حتى درهماً واحداً من الأموال لتركتهم ؟!!! وهذا ما ينفيه التاريخ والنقل .
منها : أنّ عبارة "إنّما أورثوا أحاديث" أو "ورّثوا العلم" تدلّ على ما ذكرنا من أنّ النفي في صدر الروايات يكون بالنظر إلى الأمّة لا إلى الورثة العاديين ؛ إذ هل يعقل أن تكون الأحاديث النبويّة حصص إرثيه ؟!!!
منها : وأيضاً عبارة " من أخذ بشيءٍ ... " تدلّ على إطلاق الآخذ أيّاً من كان ؛ وهذا أيضاً يدلّ على أنّ التوريث المستعمل في هذه الروايات ليس من باب الوراثة المصطلحة الفقهيّة ، وإلاّ فهل يعقل عدم تعيين الوارث في ارثٍ ما ، وتعليقه على نحو البدليّة بعبارة "من أخذ" ؟!!!
وأخيراً فانّ الرواية المزعومة عند المخالفين تشتمل على تتمّة وهي "ما تركناه صدقة" ، وأنت ترى أنّ الروايات الشيعية بأكملها خالية عن هذه العبارة ، بل وفيما تحتويها من ذكر الأحاديث والعلم كميراث للنبوّة ، متعارضة مع ما ادعّوه ، إذ من البديهي إنّ الأحاديث والعلم ليست صدقة . وعليه فالعبارة المذكورة واضحة البطلان ، ومن ثمّ فاستدلال القوم دفاعاً عن غصب حق الزهراء "عليها السلام" مردود ، إذ أنّ مجهودهم العلمي يبتني على ورود هذه العبارة في الروايات وهو منتفٍ قطعاً كما ذكرنا .
ثم أنّ المطالبة بفدك في فكرتها الأساسية هي للإشارة إلى غصب حقوق أهل البيت "عليهم السلام" على وجه العموم ، وليس فقط فيها مطالبات ماليّة حتى ترتفع بردّها إلى أهلها .
فالزهراء "عليها السلام" والأئمة "عليهم السلام" عندما كانوا يشيرون إلى مسألة فدك ، كانوا يريدون التصريح والتلويح بالمظالم التي أوردتها الزمرة الغاصبة في سبيل الحصول على الحكم . ويدلّ على ما قلنا إنّ أمير المؤمنين "عليه السلام" صرّح في أيام خلافته بأنّ الجانب الاقتصادي من فدك ليس بحدٍّ أن يكون حافزاً وباعثاً لاعتراض أهل البيت "عليهم السلام" في مطالبته : "وما أصنع بفدكٍ وغير فدك" [نهج البلاغة : الرسائل / 45] .
و ورد في بعض الروايات بأنّ سيرة أهل البيت "عليهم السلام" هي أن لا يسترجعوا ما أخذ منهم غصباً وعدواناً [ البحار 29/395 ] فنرى أنّ فيها إشارة واضحة لإبقاء صوت مظلوميتهم على طول التاريخ وحقانيتهم في الإمامة وزعامة الدين والدنيا كما هو الحال في اختفاء مرقد الزهراء "عليها السلام" واختلاف تاريخ استشهادها
تعليق