بينما يتدفق النفط بأمان تهدم الجرافات مسجدا شيعيا
حسن عبد الكريم آل مرهون - القطيف
العوامية مدينة صغيرة تُقدّر مساحتها بـ 18 كم2 وسكانها من الشيعة البالغ عددهم تقريبا 27 ألف نسمة. والمدينة ساحلية على الخليج العربي وإحدى مدن المنطقة الشرقية التي يمثل الشيعة فيها السكان الأصليون الذين تتراوح نسبتهم فيها بين 52 – 54 % من إجمالي سكان هذه المنطقة. إلا أن الحكومة السعودية بدأت منذ 30 عاماً بالإخلال بالتركيبة السكانية باستجلاب المزيد من السنة القبليين من مناطق سعودية أخرى بهدف الحد من تأثير الشيعة في أية قرارات مستقبلية تتخذ من الاقتراع أو الاستفتاء وسيلة لتحديد وضع المنطقة الشرقية.
عُرفت العوامية بتاريخ من معارضة نظام الحكم في السعودية. فقد سقط للعواميين كما سقط لغيرهم شهداء خلال مظاهرات محرم 1400هـ / نوفمبر 1979م التي اندلعت في جميع المدن والقرى الشيعية مطالبة بالمساواة والعدل في الثروة وانهاء التمييز الطائفي. كما اندلعت في مايو 1996م مظاهرات ضد الحكومة السعودية بسبب تجريف مزارع الفقراء في أرض يطلق عليها العواميون الرامس ( 8 ملايين و400 ألف متر مربع ) الذي يعتبرنه وقفا شيعيا قبل قيام الدولة السعودية 1932م. وتعود فوائد هذا الأرض لفقرائهم الذين يستصلحونها بزراعتها. إلا أن الحكومة السعودية لم تعوض المزارعين الفقراء عن تدميرها لمزارعهم بالجرافات بل تم اعتقالهم لاجبارهم على التوقيع على تعهدات بعدم زراعة أراضيهم مرة أخرى . علما بأن شركة أرامكو النفطية أقامت على هذه الأرض بعد ذلك بئر نفط ( الصورة في الأسفل) بدون أية تعويضات. وان الجزء الساحلي من الرامس ( يمين الصورة ) مع مسافة ممتدة لكيلومترين داخل البحر اغتصبها الأمير سلطان بن عبد العزيز ( ولي العهد الحالي المستفيد الأول من فساد صفقة اليمامة المشهورة ) لتصبح بعد ذلك منطقة مملوكة للأمير وفق أوراق رُتبت في
محاكم سعودية التي عادة ما تكون غير مستقلة عن نفوذ آل سعود . ثم باع الأمير بعد ذلك كامل المساحة لرجل أعمال ومستثمر عقاري يدعى عبد العزيز الموسى.
علماء الدين الشيعة بين رفض وقبول سياسة الأمر الواقع
يُعد الشيخ نمر النمر عالم دين شيعي من مدينة العوامية . جده آية الله الشيخ محمد بن نمر مرجع شيعي توفي عام 1929م. وكان آية الله بن نمر معارضا لهيمنة الملك عبد العزيز على القطيف. وها هو اليوم الحفيد الشيخ نمر قد سار على خُطى جده معارضا لسياسة الحكم السعودي الحالي ومجاهرا بنفس الوقت بالمطالبة بحقوق الطائفة الشيعية سواء الحقوق القضائية او التعليمية او المذهبية في المنطقة . وفي يوم 12 / 5 / 2006م اعتقل عند نقطة جمارك جسر الملك فهد أثناء عودته من البحرين اثر ذلك اندلعت مظاهرات في العوامية طالبت بإطلاق سراحه فأفرج عنه بعد ذلك بأيام قليلة.
في الوقت الذي يتجنب فيه علماء الدين الشيعة الحديث العلني عن أوضاعهم السياسية والتمييز الطائفي الممارس ضد الشيعة خشية اعتقالهم، تقتصر أحاديثهم وكتاباتهم العلنية فقط على الوعظ والإرشاد الديني وعلى القضايا الاجتماعية البعيدة عن نقد سياسة الحكم السعودي وعن التمييز الطائفي. وبذلك يكون الشيخ النمر قد سلك طريقا معاكسا لنظرائه بمن فيهم المعارض السابق الشيخ حسن الصفار الذي عاد من منفاه الاختياري في منتصف التسعينيات مرتئيا التواصل مع الحكومة السعودية ، والاهتمام حاليا بمؤتمرات التقريب بين المذاهب والحوار مع الوهابيين والظهور الإعلامي.
إلا أن هناك منْ يرى أن الشيخ حسن الصفار ترك قضية حقوق الطائفة جانبا ليتفرغ لحواراته مع الوهابيين ومشاركاته في مؤتمرات التقريب بين المذاهب التي لم تحقق للطائفة أية حقوق ولم ترفع عنها التمييز الذي عانى منه الشيعة في السعودية عشرات السنين. بل على العكس من ذلك هناك المزيد من التمييز الطائفي وضياع الحقوق بسبب اصرار الحكومة السعودية على الاستمرار في سياستها الطائفية ضد الشيعة. فاستمرار الشيخ حسن على هذا المواقف التي يعتبرونها هزيلة تعمل – للأسف الشديد - على صناعة دور جديد له ولكنه دور غير مجدٍ في دفع الحكومة السعودية للاعتراف بحقوق الشيعة في السعودية. إلا أن أحد المؤيدين للشيخ حسن يقول: " سماحة الشيخ حسن الصفار بذل ويبذل جهدا كبيرا من أجلنا نحن الشيعة ولكن بعضنا للأسف يسيء فهم مواقف الشيخ وتحركاته. لابد لنا التحلي بالصبر وعدم التسرع في إصدار الأحكام ولندع الزمن يثبت ما يرمي إليه الشيخ من تحركات. "
أحد المهتمين بالشأن الاجتماعي اسمه جهاد قال لي ذات مرة : " اعتقد انه كلما استمرت الحكومة في تجاهل مطالب الشيعة وحقوقهم وزادت معاناتهم بسبب التمييز الطائفي المستمر في كافة المجالات، تضاعف عدد منتقدي الشيخ حسن الصفار واتسع صدى معارضيه الذين يزيدون كلما استمر الاضطهاد الطائفي للشيعة. وهنا يبرز الشيخ نمر النمر كأحد المنتقدين لمواقف الشيخ حسن الصفار نحو أساليب تحقيق حقوق الشيعة في السعودية. في اعتقادي – والكلام لجهاد - أن الشيخ نمر الذي ينتقد علناً تجاهل الحكومة لحقوق الشيعة في المنطقة سيجد نقده هذا الذي يتحفظ عليه الشيخ حسن صدى لدى أولئك المخيَّبة أمالهم الذين يودون البوح بما يعانوه من تمييز طائفي مستمر ضدهم. "
شيعة المنطقة الشرقية والنفط
من غير شك أن المدن والقرى الشيعية تعوم على مخازن نفطية هائلة. والعوامية إحدى هذه المدن التي تجاورها أنابيب النفط وعدد من آباره من الشمال والغرب . وزادت أهمية العوامية كباقي مدن وقرى القطيف بعد اكتشاف حقل القطيف الضخم ( 300 كم2 ) الذي ينتج 500 ألف برميل يوميا إضافة إلى ما يصدره من كميات كبيرة من الغاز. فحقل القطيف وحده يقدم لخزينة الدولة ما يقارب 14 مليار دولار سنويا بافتراض أن سعر برميل النفط هو 50 دولار. هذا فضلا عن عوائد انتاج الغاز من هذا الحقل الذي لا تقل عوائده عن عوائد النفط منه . ومع ذلك لا تقدم الحكومة السعودية للشيعة إلا فتات الفتات من دخل النفط والغاز.
إن نصيب الشيعة من التنمية في مدنهم وقراهم كان ولا يزال في مستويات متدنية جدا مقارنة بتنمية المدن والقرى السنية المجاورة للشيعة. فقد نشرت صحيفة الحياة الصادرة في 12 أبريل 2007 تقريرا يستند لآراء مهندسين وضحوا بطريقة يمكن الاستنتاج منها أن الموازنات المالية المخصصة لتنمية المناطق الشيعية والسنية جاءت منحازة لصالح المناطق السنية. وهذا يبرهن على أن الحكومة السعودية ممثلة في الأمير محمد بن فهد في إمارة المنطقة الشرقية تتعمد إساءة توزيع الثروة بين الشيعة والسنة في المنطقة الشرقية. فبالنسبة لموازنة المشاريع يذكر التقرير انها لا تتناسب مع الكتلة العمرانية والحجم السكاني في المدن والقرى الشيعية. وهذا تأكيد وإن كان بطريقة غير مباشرة على أن الحكومة السعودية التي تقدم الموازنات لمدن الشيعة وقراهم تتجاهل الزيادة في الكتلة العمرانية وحجم السكان في هذه المدن والقرى مقارنة بما يُخصص للمدن والقرى السنية الواردة في الجدول أدناه.
المحافظة
الكتلة العمرانية
الكثافة السكانية
القطيف
4800 هكتارا
500 ألف
الجبيل
700 هكتار
85 ألفاً
رأس تنورة
645 هكتارا
43 ألفاً
النعيرية
587 هكتارا
44 ألفاً
الخفجي
3200 هكتار
65 ألفاً
فاشار التقرير إلى ان موازنة بلديات محافظة القطيف المقدمة من أمانة الدمام لا تحظى بنصيب يتناسب مع الكثافة السكانية للمحافظة وهي 15 في المئة بدلاً من 35 في المئة. علما بأن أمين أمانة المنطقة الشرقية ضيف الله بن عايش العتيبي كان المسئول الأول السابق لقسم الأمن بأرامكو والذي وقف وقفة عنصرية ضد الشيعة العاملين في مجال الأمن بأرامكو . فكان قد أشرف بنفسه بتوجيهات من الأمير محمد بن فهد على إزاحة هؤلاء العاملين من وظائفهم بطرق تعسفية. كما تولى العتيبي الدور العنصري ذاته من الشيعة الموظفين بالأمانة حيث غير وأزاح جميع المهندسين الشيعة ليحل بدلا عنهم مهندسين سنة.
وكسائر المدن والقرى الشيعية الأخرى في شرق السعودية ، لا تحظى العوامية باهتمام الحكومة السعودية نظراً لما يدخل على موازنة الدولة السعودية كل عام من مليارات الدولارات كعوائد النفط وغاز الذي يُستخرج من مناطق الشيعة بكميات كبيرة جدا. فمنازل الصفيح يمكن مشاهدتها والمساكن المتآكلة آخذة في الاتساع بسبب انخفاض الدخل . كما لا توجد في العوامية أو في غيرها من المدن والقرى الشيعية مشاريع مميزة ولا خدمات صحية تأخذ في اعتبارها الأمراض الناشئة عن التلوث البيئي الناتج عن استخراج النفط. وتصر الحكومة السعودية على تجاهل تنمية البنية التحتية للمناطق الشيعية بما فيها مدينة العوامية. يقول أحد العواميين وهو في عقده السادس: " سرق أمراء آل سعود ثروتنا في المنطقة ليزيدوا ثرواتهم الشخصية ويشيدوا المشاريع تلو المشاريع في المناطق الوهابية مثل الرياض التي يضطر أبناؤنا وبناتنا إلى الدراسة فيها ونحن محرومون حتى من جامعة تشيدها الحكومة لنا في القطيف التي من نفطها شيدوا الرياض والقصيم ووسعوها". لقد ذهب الملك عبد الله لعدد من المناطق فخصص مليارات الريالات لإقامة المشاريع الضخمة وبناء الجامعات ولكنه تجاهل
حقوقنا نحن الشيعة في ثروتنا النفطية التي يوزّعها الملك على مناطق لم تعرف يوما ما هو النفط. فهل هذه هي العدالة والمساواة بين المواطنين التي كثيرا ما يتبجح بها الملك على وسائل الإعلام ؟! "
تكرس الحكومة السعودية واقع الفقر بين صفوف الشباب القادرين على العمل. فهي تحرمهم من فرص الدخول في شركة أرامكو التي ساهم أجدادهم وآباؤهم بشكل أساسي في صناعة النفط في السعودية. كما تمارس ضدهم التمييز في التوظيف في شركات أخرى مثل سكيكو ( شركة الكهرباء الموحدة ) وغيرها. إن قواعد التمييز الطائفي فرضتها الحكومة السعودية عبر تجاهلها للتعصب القبلي والمذهبي الذي أتاح الفرصة للمتعصبين قبليا ومذهبيا ليصبحوا قادة إداريين في الشركات الكبيرة كما هو حاصل الآن في شركة أرامكو ليصبح العمال والموظفين الشيعة الضحية. هذه القواعد تتيح الفرصة للمنتمين لقبائلهم ( كالعتوب والقحطانيين والغُمّد والشهارين والدواسر ) تحديد مصير العاملين الشيعة في أرامكو أو في غيرها وذلك بإبدالهم بآخرين من قبائلهم أو عدم السماح للشيعة الأكفاء بتقلّد مناصب قيادية في الأقسام الإدارية. الشيعة ضحايا أيضا لمثل هذه القواعد الطائفية والقبلية العنصرية في مجال الترقيات المخصصة للمناصب الرفيعة في مؤسسات الدولة كالوزارات. فليس للشيعة حتى الآن مثلا أي وزير في الحكومات السعودية المتعاقبة ولم يُقلد أي منهم مديرا أو كيلاً في الجامعات
السعودية منذ نشأتها.
هدم مصلى كربلاء شاهد آخر على التمييز الطائفي الوهابي
ساحة كربلاء اسم أطلقه العواميون على قطعة أرض وقف تيمنّا بأرض كربلاء في العراق التي قتل فيها الأمويون الإمام الحسين بن علي ( الإمام الثالث عند الشيعة الاثنى عشرية ). وتبلغ مساحة أرض كربلاء العوامية 900 مترا مربعاً تقريبا . وتبعد عن أنابيب النفط حوالي 1800 مترا. وقد خصّصت لإقامة المناسبات الشيعية المختلفة لا سيما مناسبة عاشوراء . وهي الساحة التي تتحول إلى مسرح في الهواء الطلق في يوم العاشر من المحرم كل عام إذ يحيي خلاله العواميون ذكرى عاشوراء عبر تمثيل واقعة كربلاء التي استشهد فيها الحسين بن علي عام 61هـ/ 680م . وبسبب تزايد عدد المتفرجين كل عام، تم نقل مكان إحياء هذه الذكرى إلى مكان آخر أكثر اتساعاً . فحولت الساحة إلى مصلى تُقام فيه صلوات الأعياد السنوية إضافة للمناسبات الشيعية.
ولكن في صباح يوم السبت 28/4/2007م فوجئ الناس باغلاق الطرقات المؤدية إلى ساحة كربلاء ، وحضور مجموعات من الشرطة وقوات الشغب والخاصة تزيد عن 200 عسكري يحملون اسلحتهم الرشاشة ومصطحبين معهم رشاش عيار 50 ملم محمول على سيارة اضافة إلى 3 جرافات. ثم بدأت أعمال هدم المصلى الذي أخذت أحجاره تتهاوى لتنتشلها الجرافات وترمي بها في صناديق شاحنات جلبت خصيصا لنقل الأنقاض لمكان ما خارج العوامية . وانتهت عملية الهدم عند الساعة الحادية عشر والنصف ظهرا.
أرض ساحة كربلاء بعد ان ساوت الجرافات المصلى فيها بالأرض
أحدث هدم المصلى بكربلاء ردود فعل غاضبة على نطاق واسع بين الشيعة في العوامية وفي بقية المناطق الشيعية الأخرى. ولم تمنع نقاط التفتيش التي أُقيمت في أكثر من موقع بالعوامية والتواجد المسلح للشرطة فيها لم تمنع العواميين من الإعداد لاعتصامات وتنفيذها عند موقع هدم المصلى بساحة كربلاء رافعين شعارات تندد بانتهاكات الحكومة السعودية لحقوق الشيعة الدينية والمطالبة بالعدالة. إلا أن وسائل الاعلام الرسمية السعودية تجاهلت عمدا نشر أية أخبار عن اقتحام الشرطة السعودية للمصلى بساحة كربلاء وهدمه بالجرافات كما لم تجرِ استطلاعا لآراء المواطنين الشيعة في هدم مصلاهم الذي يعتبرونه وبقية الشيعة في المنطقة الشرقية موقعا رمزيا لواقعة الطّف بكربلاء. وتسيطر وزارة الداخلية السعودية على وسائل الإعلام السعودية بشكل شمولي.
يبدو واضحا أن الشيعة بشكل عام والشيعة في السعودية بشكل خاص صاروا مستهدفين من قبل الدولة السعودية الوهابية التي تبذل أموال النفط المستخرج من مناطق الشيعة للفتك بهم. فالتقارير الصحفية تؤكد ضلوع الامير بندر بن سلطان في إشاعة الفتن بين الشيعة والسنة في أرجاء العالم الإسلامي بداء من العراق ولبنان . ولذلك تم تخصيص ميزانية بمليارات الدولارات السعودية والتنسيق مع المحافظين الجدد في الحكومة الأمريكية لتحقيق أهداف استراتيجية أمريكية في المنطقة.
وهابيون في زي شرطة
هناك الكثير ممّن يعملون في سلك الشرطة في المناطق الشيعية متعصبين مذهبيا ويتبنون مواقف عدائية ضد الشيعة في الوقت الذي يتعاطفون فيه مع تنظيم القاعدة الإرهابي. فقد ذكر موقع راصد ( موقع شيعي محجوب من قبل الحكومة السعودية ) أن أحد العسكريين العاملين بقسم الشئون الدينية بالسجن العام بالإحساء يدعى (ج. س) أحضر على نفقته الخاصة أكثر من مائة نسخة من كتاب مسيء للشيعة بعنوان "ربحت الصحابة ولم أخسر آل البيت" ووزعها بين السجناء. ولم تتخذ إدارة السجن أية إجراءات رادعة.
ان معظم أفراد شرطة محافظة القطيف ومراكز الشرطة الموجودة في المناطق الشيعية وجميع المراتب العسكرية العليا في الشرطة وفي تلك المراكز قد استجلبتهم الحكومة السعودية للمنطقة الشرقية من مناطق سنية وقبائل سعودية في جنوب السعودية وشمالها ووسطها إضافة إلى بعض المنتسبين إلى قبيلتي الدواسر والخوالد في المنطقة الشرقية. بينما لا تتيح الحكومة للشيعة بتقلد مناصب رفيعة في سلك الشرطة او العسكرية إلا نادراً في مناطق غير شيعية. إلا ان المناصب للشيعة معدومة في المؤسسات العسكرية في المناطق الشيعية . وتقدّر أوساط شيعية مختلفة: أن الشيعة لا يمثلون 4 % من العدد الإجمالي لأفراد الشرطة في المناطق الشيعية. كما يمثلون 0% في المراكز العسكرية العليا في الشرطة سواء في شرطة محافظة القطيف أو مراكز الشرطة المختلفة في في الإحساء والقطيف التي تقطنها غالبية شيعية. وهناك شبه اتفاق في القطيف على ان الفساد ينخر شرطة القطيف حتى أذنيها. وذُكر أن الأمير محمد بن فهد لاهٍ في تجارته وهو متحيز ضد شيعة المنطقة وغير قادر على السيطرة على ما يجري من فساد على مستوى الدوائر الحكومية في المنطقة الشرقية بما فيها شرطة محافظة
القطيف ومراكز الشرطة الأخرى. فذُكر أن محمد حسن الشهري ( من جنوب السعودية ) الذي تقاعد كان ضمن فريق التحقيق الجنائي في شرطة القطيف مارس التعذيب ضد المحقَّق معهم. بل كان يستغل منصبه في التحقيق الجنائي من اجل أغراض جنسية سواء كان المُحَقق معهم صبيان أو نساء. وفي الوقت الحاضر هناك مجموعة من ضباط شرطة القطيف مثل ظافر الشهري ( من جنوب السعودية ) ضالعين في قضايا متعلقة بالرشاوى والفساد والاستغلال الجنسي وترويج السلاح والمخدرات. ومع ذلك تتكتم الدوائر الرسمية سواء في محافظة القطيف أو إمارة المنطقة الشرقية على كل هذا الفساد في شرطة القطيف أو مراكز الشرطة الأخرى. وفي حالات أخرى يتعمد أفراد الشرطة بطريقة تعسفية عند نقاط التفتيش التي تُقام في العوامية أو في مناطق شيعية أخرى إيقاف الصبية والمراهقين للتحقق من هوياتهم أو رخص السير وامتلاك السيارات ومن ثم مساومة بعض منْ لا تكون بحوزته لحظتها هوية أو رخصة قيادة أو امتلاك سيارة مساومتهم على أمور جنسية.
يبدو أن الموقف الحكومي السعودي غير مبال بأوضاع الشيعة في مدنهم وقراهم ، ومتجاهلا التجاوزات المتكررة والقائمة على خلفيات طائفية سواء في مجال التنمية أو التعليم أو الحقوق الاقتصادية والسياسية. بل يجري التغاضي عن تجاوزات الجهات العسكرية التي تستغل مواقعها الوظيفية لممارسة الفساد عبر المتاجرة بالسلاح والمخدرات وتعاطيه والاستغلال الجنسي في المناطق الشيعية. إن هذه المواقف الحكومية المنتهكة لحقوق الشيعة قد تشعل يوما العنف بدون أن تتمكن السلطة السعودية الحاكمة من السيطرة عليه في منطقة يتطلع العالم كله إلى نفطها الذي يجب أن يتدفق ويصل بأمان إلى كافة المستهلكين في العالم.
حسن عبد الكريم آل مرهون - القطيف
العوامية مدينة صغيرة تُقدّر مساحتها بـ 18 كم2 وسكانها من الشيعة البالغ عددهم تقريبا 27 ألف نسمة. والمدينة ساحلية على الخليج العربي وإحدى مدن المنطقة الشرقية التي يمثل الشيعة فيها السكان الأصليون الذين تتراوح نسبتهم فيها بين 52 – 54 % من إجمالي سكان هذه المنطقة. إلا أن الحكومة السعودية بدأت منذ 30 عاماً بالإخلال بالتركيبة السكانية باستجلاب المزيد من السنة القبليين من مناطق سعودية أخرى بهدف الحد من تأثير الشيعة في أية قرارات مستقبلية تتخذ من الاقتراع أو الاستفتاء وسيلة لتحديد وضع المنطقة الشرقية.
عُرفت العوامية بتاريخ من معارضة نظام الحكم في السعودية. فقد سقط للعواميين كما سقط لغيرهم شهداء خلال مظاهرات محرم 1400هـ / نوفمبر 1979م التي اندلعت في جميع المدن والقرى الشيعية مطالبة بالمساواة والعدل في الثروة وانهاء التمييز الطائفي. كما اندلعت في مايو 1996م مظاهرات ضد الحكومة السعودية بسبب تجريف مزارع الفقراء في أرض يطلق عليها العواميون الرامس ( 8 ملايين و400 ألف متر مربع ) الذي يعتبرنه وقفا شيعيا قبل قيام الدولة السعودية 1932م. وتعود فوائد هذا الأرض لفقرائهم الذين يستصلحونها بزراعتها. إلا أن الحكومة السعودية لم تعوض المزارعين الفقراء عن تدميرها لمزارعهم بالجرافات بل تم اعتقالهم لاجبارهم على التوقيع على تعهدات بعدم زراعة أراضيهم مرة أخرى . علما بأن شركة أرامكو النفطية أقامت على هذه الأرض بعد ذلك بئر نفط ( الصورة في الأسفل) بدون أية تعويضات. وان الجزء الساحلي من الرامس ( يمين الصورة ) مع مسافة ممتدة لكيلومترين داخل البحر اغتصبها الأمير سلطان بن عبد العزيز ( ولي العهد الحالي المستفيد الأول من فساد صفقة اليمامة المشهورة ) لتصبح بعد ذلك منطقة مملوكة للأمير وفق أوراق رُتبت في
محاكم سعودية التي عادة ما تكون غير مستقلة عن نفوذ آل سعود . ثم باع الأمير بعد ذلك كامل المساحة لرجل أعمال ومستثمر عقاري يدعى عبد العزيز الموسى.
علماء الدين الشيعة بين رفض وقبول سياسة الأمر الواقع
يُعد الشيخ نمر النمر عالم دين شيعي من مدينة العوامية . جده آية الله الشيخ محمد بن نمر مرجع شيعي توفي عام 1929م. وكان آية الله بن نمر معارضا لهيمنة الملك عبد العزيز على القطيف. وها هو اليوم الحفيد الشيخ نمر قد سار على خُطى جده معارضا لسياسة الحكم السعودي الحالي ومجاهرا بنفس الوقت بالمطالبة بحقوق الطائفة الشيعية سواء الحقوق القضائية او التعليمية او المذهبية في المنطقة . وفي يوم 12 / 5 / 2006م اعتقل عند نقطة جمارك جسر الملك فهد أثناء عودته من البحرين اثر ذلك اندلعت مظاهرات في العوامية طالبت بإطلاق سراحه فأفرج عنه بعد ذلك بأيام قليلة.
في الوقت الذي يتجنب فيه علماء الدين الشيعة الحديث العلني عن أوضاعهم السياسية والتمييز الطائفي الممارس ضد الشيعة خشية اعتقالهم، تقتصر أحاديثهم وكتاباتهم العلنية فقط على الوعظ والإرشاد الديني وعلى القضايا الاجتماعية البعيدة عن نقد سياسة الحكم السعودي وعن التمييز الطائفي. وبذلك يكون الشيخ النمر قد سلك طريقا معاكسا لنظرائه بمن فيهم المعارض السابق الشيخ حسن الصفار الذي عاد من منفاه الاختياري في منتصف التسعينيات مرتئيا التواصل مع الحكومة السعودية ، والاهتمام حاليا بمؤتمرات التقريب بين المذاهب والحوار مع الوهابيين والظهور الإعلامي.
إلا أن هناك منْ يرى أن الشيخ حسن الصفار ترك قضية حقوق الطائفة جانبا ليتفرغ لحواراته مع الوهابيين ومشاركاته في مؤتمرات التقريب بين المذاهب التي لم تحقق للطائفة أية حقوق ولم ترفع عنها التمييز الذي عانى منه الشيعة في السعودية عشرات السنين. بل على العكس من ذلك هناك المزيد من التمييز الطائفي وضياع الحقوق بسبب اصرار الحكومة السعودية على الاستمرار في سياستها الطائفية ضد الشيعة. فاستمرار الشيخ حسن على هذا المواقف التي يعتبرونها هزيلة تعمل – للأسف الشديد - على صناعة دور جديد له ولكنه دور غير مجدٍ في دفع الحكومة السعودية للاعتراف بحقوق الشيعة في السعودية. إلا أن أحد المؤيدين للشيخ حسن يقول: " سماحة الشيخ حسن الصفار بذل ويبذل جهدا كبيرا من أجلنا نحن الشيعة ولكن بعضنا للأسف يسيء فهم مواقف الشيخ وتحركاته. لابد لنا التحلي بالصبر وعدم التسرع في إصدار الأحكام ولندع الزمن يثبت ما يرمي إليه الشيخ من تحركات. "
أحد المهتمين بالشأن الاجتماعي اسمه جهاد قال لي ذات مرة : " اعتقد انه كلما استمرت الحكومة في تجاهل مطالب الشيعة وحقوقهم وزادت معاناتهم بسبب التمييز الطائفي المستمر في كافة المجالات، تضاعف عدد منتقدي الشيخ حسن الصفار واتسع صدى معارضيه الذين يزيدون كلما استمر الاضطهاد الطائفي للشيعة. وهنا يبرز الشيخ نمر النمر كأحد المنتقدين لمواقف الشيخ حسن الصفار نحو أساليب تحقيق حقوق الشيعة في السعودية. في اعتقادي – والكلام لجهاد - أن الشيخ نمر الذي ينتقد علناً تجاهل الحكومة لحقوق الشيعة في المنطقة سيجد نقده هذا الذي يتحفظ عليه الشيخ حسن صدى لدى أولئك المخيَّبة أمالهم الذين يودون البوح بما يعانوه من تمييز طائفي مستمر ضدهم. "
شيعة المنطقة الشرقية والنفط
من غير شك أن المدن والقرى الشيعية تعوم على مخازن نفطية هائلة. والعوامية إحدى هذه المدن التي تجاورها أنابيب النفط وعدد من آباره من الشمال والغرب . وزادت أهمية العوامية كباقي مدن وقرى القطيف بعد اكتشاف حقل القطيف الضخم ( 300 كم2 ) الذي ينتج 500 ألف برميل يوميا إضافة إلى ما يصدره من كميات كبيرة من الغاز. فحقل القطيف وحده يقدم لخزينة الدولة ما يقارب 14 مليار دولار سنويا بافتراض أن سعر برميل النفط هو 50 دولار. هذا فضلا عن عوائد انتاج الغاز من هذا الحقل الذي لا تقل عوائده عن عوائد النفط منه . ومع ذلك لا تقدم الحكومة السعودية للشيعة إلا فتات الفتات من دخل النفط والغاز.
إن نصيب الشيعة من التنمية في مدنهم وقراهم كان ولا يزال في مستويات متدنية جدا مقارنة بتنمية المدن والقرى السنية المجاورة للشيعة. فقد نشرت صحيفة الحياة الصادرة في 12 أبريل 2007 تقريرا يستند لآراء مهندسين وضحوا بطريقة يمكن الاستنتاج منها أن الموازنات المالية المخصصة لتنمية المناطق الشيعية والسنية جاءت منحازة لصالح المناطق السنية. وهذا يبرهن على أن الحكومة السعودية ممثلة في الأمير محمد بن فهد في إمارة المنطقة الشرقية تتعمد إساءة توزيع الثروة بين الشيعة والسنة في المنطقة الشرقية. فبالنسبة لموازنة المشاريع يذكر التقرير انها لا تتناسب مع الكتلة العمرانية والحجم السكاني في المدن والقرى الشيعية. وهذا تأكيد وإن كان بطريقة غير مباشرة على أن الحكومة السعودية التي تقدم الموازنات لمدن الشيعة وقراهم تتجاهل الزيادة في الكتلة العمرانية وحجم السكان في هذه المدن والقرى مقارنة بما يُخصص للمدن والقرى السنية الواردة في الجدول أدناه.
المحافظة
الكتلة العمرانية
الكثافة السكانية
القطيف
4800 هكتارا
500 ألف
الجبيل
700 هكتار
85 ألفاً
رأس تنورة
645 هكتارا
43 ألفاً
النعيرية
587 هكتارا
44 ألفاً
الخفجي
3200 هكتار
65 ألفاً
فاشار التقرير إلى ان موازنة بلديات محافظة القطيف المقدمة من أمانة الدمام لا تحظى بنصيب يتناسب مع الكثافة السكانية للمحافظة وهي 15 في المئة بدلاً من 35 في المئة. علما بأن أمين أمانة المنطقة الشرقية ضيف الله بن عايش العتيبي كان المسئول الأول السابق لقسم الأمن بأرامكو والذي وقف وقفة عنصرية ضد الشيعة العاملين في مجال الأمن بأرامكو . فكان قد أشرف بنفسه بتوجيهات من الأمير محمد بن فهد على إزاحة هؤلاء العاملين من وظائفهم بطرق تعسفية. كما تولى العتيبي الدور العنصري ذاته من الشيعة الموظفين بالأمانة حيث غير وأزاح جميع المهندسين الشيعة ليحل بدلا عنهم مهندسين سنة.
وكسائر المدن والقرى الشيعية الأخرى في شرق السعودية ، لا تحظى العوامية باهتمام الحكومة السعودية نظراً لما يدخل على موازنة الدولة السعودية كل عام من مليارات الدولارات كعوائد النفط وغاز الذي يُستخرج من مناطق الشيعة بكميات كبيرة جدا. فمنازل الصفيح يمكن مشاهدتها والمساكن المتآكلة آخذة في الاتساع بسبب انخفاض الدخل . كما لا توجد في العوامية أو في غيرها من المدن والقرى الشيعية مشاريع مميزة ولا خدمات صحية تأخذ في اعتبارها الأمراض الناشئة عن التلوث البيئي الناتج عن استخراج النفط. وتصر الحكومة السعودية على تجاهل تنمية البنية التحتية للمناطق الشيعية بما فيها مدينة العوامية. يقول أحد العواميين وهو في عقده السادس: " سرق أمراء آل سعود ثروتنا في المنطقة ليزيدوا ثرواتهم الشخصية ويشيدوا المشاريع تلو المشاريع في المناطق الوهابية مثل الرياض التي يضطر أبناؤنا وبناتنا إلى الدراسة فيها ونحن محرومون حتى من جامعة تشيدها الحكومة لنا في القطيف التي من نفطها شيدوا الرياض والقصيم ووسعوها". لقد ذهب الملك عبد الله لعدد من المناطق فخصص مليارات الريالات لإقامة المشاريع الضخمة وبناء الجامعات ولكنه تجاهل
حقوقنا نحن الشيعة في ثروتنا النفطية التي يوزّعها الملك على مناطق لم تعرف يوما ما هو النفط. فهل هذه هي العدالة والمساواة بين المواطنين التي كثيرا ما يتبجح بها الملك على وسائل الإعلام ؟! "
تكرس الحكومة السعودية واقع الفقر بين صفوف الشباب القادرين على العمل. فهي تحرمهم من فرص الدخول في شركة أرامكو التي ساهم أجدادهم وآباؤهم بشكل أساسي في صناعة النفط في السعودية. كما تمارس ضدهم التمييز في التوظيف في شركات أخرى مثل سكيكو ( شركة الكهرباء الموحدة ) وغيرها. إن قواعد التمييز الطائفي فرضتها الحكومة السعودية عبر تجاهلها للتعصب القبلي والمذهبي الذي أتاح الفرصة للمتعصبين قبليا ومذهبيا ليصبحوا قادة إداريين في الشركات الكبيرة كما هو حاصل الآن في شركة أرامكو ليصبح العمال والموظفين الشيعة الضحية. هذه القواعد تتيح الفرصة للمنتمين لقبائلهم ( كالعتوب والقحطانيين والغُمّد والشهارين والدواسر ) تحديد مصير العاملين الشيعة في أرامكو أو في غيرها وذلك بإبدالهم بآخرين من قبائلهم أو عدم السماح للشيعة الأكفاء بتقلّد مناصب قيادية في الأقسام الإدارية. الشيعة ضحايا أيضا لمثل هذه القواعد الطائفية والقبلية العنصرية في مجال الترقيات المخصصة للمناصب الرفيعة في مؤسسات الدولة كالوزارات. فليس للشيعة حتى الآن مثلا أي وزير في الحكومات السعودية المتعاقبة ولم يُقلد أي منهم مديرا أو كيلاً في الجامعات
السعودية منذ نشأتها.
هدم مصلى كربلاء شاهد آخر على التمييز الطائفي الوهابي
ساحة كربلاء اسم أطلقه العواميون على قطعة أرض وقف تيمنّا بأرض كربلاء في العراق التي قتل فيها الأمويون الإمام الحسين بن علي ( الإمام الثالث عند الشيعة الاثنى عشرية ). وتبلغ مساحة أرض كربلاء العوامية 900 مترا مربعاً تقريبا . وتبعد عن أنابيب النفط حوالي 1800 مترا. وقد خصّصت لإقامة المناسبات الشيعية المختلفة لا سيما مناسبة عاشوراء . وهي الساحة التي تتحول إلى مسرح في الهواء الطلق في يوم العاشر من المحرم كل عام إذ يحيي خلاله العواميون ذكرى عاشوراء عبر تمثيل واقعة كربلاء التي استشهد فيها الحسين بن علي عام 61هـ/ 680م . وبسبب تزايد عدد المتفرجين كل عام، تم نقل مكان إحياء هذه الذكرى إلى مكان آخر أكثر اتساعاً . فحولت الساحة إلى مصلى تُقام فيه صلوات الأعياد السنوية إضافة للمناسبات الشيعية.
ولكن في صباح يوم السبت 28/4/2007م فوجئ الناس باغلاق الطرقات المؤدية إلى ساحة كربلاء ، وحضور مجموعات من الشرطة وقوات الشغب والخاصة تزيد عن 200 عسكري يحملون اسلحتهم الرشاشة ومصطحبين معهم رشاش عيار 50 ملم محمول على سيارة اضافة إلى 3 جرافات. ثم بدأت أعمال هدم المصلى الذي أخذت أحجاره تتهاوى لتنتشلها الجرافات وترمي بها في صناديق شاحنات جلبت خصيصا لنقل الأنقاض لمكان ما خارج العوامية . وانتهت عملية الهدم عند الساعة الحادية عشر والنصف ظهرا.
أرض ساحة كربلاء بعد ان ساوت الجرافات المصلى فيها بالأرض
أحدث هدم المصلى بكربلاء ردود فعل غاضبة على نطاق واسع بين الشيعة في العوامية وفي بقية المناطق الشيعية الأخرى. ولم تمنع نقاط التفتيش التي أُقيمت في أكثر من موقع بالعوامية والتواجد المسلح للشرطة فيها لم تمنع العواميين من الإعداد لاعتصامات وتنفيذها عند موقع هدم المصلى بساحة كربلاء رافعين شعارات تندد بانتهاكات الحكومة السعودية لحقوق الشيعة الدينية والمطالبة بالعدالة. إلا أن وسائل الاعلام الرسمية السعودية تجاهلت عمدا نشر أية أخبار عن اقتحام الشرطة السعودية للمصلى بساحة كربلاء وهدمه بالجرافات كما لم تجرِ استطلاعا لآراء المواطنين الشيعة في هدم مصلاهم الذي يعتبرونه وبقية الشيعة في المنطقة الشرقية موقعا رمزيا لواقعة الطّف بكربلاء. وتسيطر وزارة الداخلية السعودية على وسائل الإعلام السعودية بشكل شمولي.
يبدو واضحا أن الشيعة بشكل عام والشيعة في السعودية بشكل خاص صاروا مستهدفين من قبل الدولة السعودية الوهابية التي تبذل أموال النفط المستخرج من مناطق الشيعة للفتك بهم. فالتقارير الصحفية تؤكد ضلوع الامير بندر بن سلطان في إشاعة الفتن بين الشيعة والسنة في أرجاء العالم الإسلامي بداء من العراق ولبنان . ولذلك تم تخصيص ميزانية بمليارات الدولارات السعودية والتنسيق مع المحافظين الجدد في الحكومة الأمريكية لتحقيق أهداف استراتيجية أمريكية في المنطقة.
وهابيون في زي شرطة
هناك الكثير ممّن يعملون في سلك الشرطة في المناطق الشيعية متعصبين مذهبيا ويتبنون مواقف عدائية ضد الشيعة في الوقت الذي يتعاطفون فيه مع تنظيم القاعدة الإرهابي. فقد ذكر موقع راصد ( موقع شيعي محجوب من قبل الحكومة السعودية ) أن أحد العسكريين العاملين بقسم الشئون الدينية بالسجن العام بالإحساء يدعى (ج. س) أحضر على نفقته الخاصة أكثر من مائة نسخة من كتاب مسيء للشيعة بعنوان "ربحت الصحابة ولم أخسر آل البيت" ووزعها بين السجناء. ولم تتخذ إدارة السجن أية إجراءات رادعة.
ان معظم أفراد شرطة محافظة القطيف ومراكز الشرطة الموجودة في المناطق الشيعية وجميع المراتب العسكرية العليا في الشرطة وفي تلك المراكز قد استجلبتهم الحكومة السعودية للمنطقة الشرقية من مناطق سنية وقبائل سعودية في جنوب السعودية وشمالها ووسطها إضافة إلى بعض المنتسبين إلى قبيلتي الدواسر والخوالد في المنطقة الشرقية. بينما لا تتيح الحكومة للشيعة بتقلد مناصب رفيعة في سلك الشرطة او العسكرية إلا نادراً في مناطق غير شيعية. إلا ان المناصب للشيعة معدومة في المؤسسات العسكرية في المناطق الشيعية . وتقدّر أوساط شيعية مختلفة: أن الشيعة لا يمثلون 4 % من العدد الإجمالي لأفراد الشرطة في المناطق الشيعية. كما يمثلون 0% في المراكز العسكرية العليا في الشرطة سواء في شرطة محافظة القطيف أو مراكز الشرطة المختلفة في في الإحساء والقطيف التي تقطنها غالبية شيعية. وهناك شبه اتفاق في القطيف على ان الفساد ينخر شرطة القطيف حتى أذنيها. وذُكر أن الأمير محمد بن فهد لاهٍ في تجارته وهو متحيز ضد شيعة المنطقة وغير قادر على السيطرة على ما يجري من فساد على مستوى الدوائر الحكومية في المنطقة الشرقية بما فيها شرطة محافظة
القطيف ومراكز الشرطة الأخرى. فذُكر أن محمد حسن الشهري ( من جنوب السعودية ) الذي تقاعد كان ضمن فريق التحقيق الجنائي في شرطة القطيف مارس التعذيب ضد المحقَّق معهم. بل كان يستغل منصبه في التحقيق الجنائي من اجل أغراض جنسية سواء كان المُحَقق معهم صبيان أو نساء. وفي الوقت الحاضر هناك مجموعة من ضباط شرطة القطيف مثل ظافر الشهري ( من جنوب السعودية ) ضالعين في قضايا متعلقة بالرشاوى والفساد والاستغلال الجنسي وترويج السلاح والمخدرات. ومع ذلك تتكتم الدوائر الرسمية سواء في محافظة القطيف أو إمارة المنطقة الشرقية على كل هذا الفساد في شرطة القطيف أو مراكز الشرطة الأخرى. وفي حالات أخرى يتعمد أفراد الشرطة بطريقة تعسفية عند نقاط التفتيش التي تُقام في العوامية أو في مناطق شيعية أخرى إيقاف الصبية والمراهقين للتحقق من هوياتهم أو رخص السير وامتلاك السيارات ومن ثم مساومة بعض منْ لا تكون بحوزته لحظتها هوية أو رخصة قيادة أو امتلاك سيارة مساومتهم على أمور جنسية.
يبدو أن الموقف الحكومي السعودي غير مبال بأوضاع الشيعة في مدنهم وقراهم ، ومتجاهلا التجاوزات المتكررة والقائمة على خلفيات طائفية سواء في مجال التنمية أو التعليم أو الحقوق الاقتصادية والسياسية. بل يجري التغاضي عن تجاوزات الجهات العسكرية التي تستغل مواقعها الوظيفية لممارسة الفساد عبر المتاجرة بالسلاح والمخدرات وتعاطيه والاستغلال الجنسي في المناطق الشيعية. إن هذه المواقف الحكومية المنتهكة لحقوق الشيعة قد تشعل يوما العنف بدون أن تتمكن السلطة السعودية الحاكمة من السيطرة عليه في منطقة يتطلع العالم كله إلى نفطها الذي يجب أن يتدفق ويصل بأمان إلى كافة المستهلكين في العالم.
تعليق