في تعريف الأخلاق
الخُلق بالضم وبضمتين : السَجيَّة والطبع والمروءة والدين (قاموس).
وفي التعريفات : الخُلق هو عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية,
فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة عقلاً وشرعاً بسهولة سُمِِّيَت الهيئة (خلقاً حسناً) ,
وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة سُمّيَت الهيئة التي هي المصدر (خلقاً سيئاً) (1) .
فتقرر من هذا التعريف أن الخُلق يُقسم إلى نوعين (سيء) و (حسن) كما سيأتي تفصيلها .
وقال بعض الحكماء :
الخُلق ملكة راسخة في نفس الإنسان تبعثه عليها عوامل مزاجه وأحوالٌ أخرى فيميل إلى التشبث بها بلا دافع خارجي فيكون غضوباً أو حليماً أو بخيلاً أو كريماً لمجرد طبع في نفسه تقوّيه أو تضعفه عوامل التربية والمزاج والإقتداء.
فالخلق متأصّل في النفس من الفطرة, وحَسن الخُلق قد يكون سهل العريكة ليّن الجانب طليق الوجه قليل اللغو رطب الكلمة.
وقد أوضح رسول الله (ص) هذه الأوصاف فقال :
أهل الجنة كل هيّن ليّن سهل طليق .
وقال بعض البلغاء :
الحسن الخُلق من نفسه في راحة والناس منه في سلامة,
والسيء الخُلق الناس منه في بلاء وهو من نفسه في عناء,
فإذا حسُنت أخلاق الإنسان كَثُرَ مصافوه وقلّ معادوه فتسهّلت عليه الأمور الصِعاب ولانت له القلوب الغِضاب.
وقد رُوِيَ عن النبي (ص) أنه قال :
حُسنُ الخُلق وحُسنُ الجوار يعمّران الديار ويزيدان في الأعمار .
وقال بعض الحكماء :
من سِعة الأخلاق كنوز الأرزاق.
وقال النبي (ص) :
إنّ الله اختار لكم الإسلام ديناً فأكرموه بحسن الخلق والسخاء فإنه لا يكمل إلا بهما .
وقال (ص) :
أحبكم إليَّ أحسنكم أخلاقاً الموطئون أكتافاً الذين يألفون ويؤلفون .
وقال الأحنف بن قيس :
ألا أخبركم بأدوى الداء ؟ قالوا : بلى .
قال : الخُلق الدنيء واللسان البذيء .
قال : الخُلق الدنيء واللسان البذيء .
وقال بعض الحكماء :
من ساء خلقه ضاق رزقه.
وعلّة هذا القول ظاهرة ولما كان لمحاسن الأخلاق حدود مقدّرة ومواضع مستحقة كان من تجاوز بها الحد تصير ملقاً وإن عدل بها عن مواضعها تصير نفاقاً والملق ذل والنفاق لؤم .ورُويَ عن جابر بن عبد الله عن النبي (ص) أنه قال:
أشهر الناس ذو الوجهين الذي لا يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه.
وقال عليه السلام :
لا ينبغي أن يكون لدى الوجهين وجه عند الله تعالى .
وقال ابراهيم بن محمد بذلك :
وكم من صديقٍ ودّهُ بلسانهِ == خؤونٌ بظهرِ الغيبِ لا يتذممُ
يُضاحكني عجباً إذا ما لقيتهُ == وترشقني منهُ إذا غبتُ أسهمُ
كذلك ذو الوجهين يَرضيك شاهداً == وفي غيبةٍ إن غاب صابٌ وعلقمُ
يُضاحكني عجباً إذا ما لقيتهُ == وترشقني منهُ إذا غبتُ أسهمُ
كذلك ذو الوجهين يَرضيك شاهداً == وفي غيبةٍ إن غاب صابٌ وعلقمُ
__________________________________________________ _____
(1) - قلنا أنه هيئة راسخة لأن من يصدُر منهُ بذلُ المالِ على الندور بحالة عارضة لا يُقال خُلقه السخاء ما لم يثبت ذلك في نفسِه, وكذلك من يكلف السكوت عند الغضب بجهد أو روية لا يُقال خُلقهُ الحِلم.
وليس الخلق عبارة عن الفعل فرُبّ شخصٍ خُلقهُ السخاء ولم يبذلْ إما لفقد مال أو لمانعٍ, وربما يكون خُلقه البُخل وهو يبذل لباعثٍ أو رياء.
تعليق