إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

لديّ أسئلة حول الإمامة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    روايات من طرق الشيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم تتعارض مع مسألة النص:

    روايات من طرق الشيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم تتعارض مع مسألة النص:
    أول ذلك حديث يوم الدار أو بدء الدعوة، لما نزل قولـه تعالى: ((وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)) [الشعراء:214] حيث روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بني عبد المطلب وهم يومئذٍ أربعون رجلاً، فيهم أعمامه: أبو طالب، وحمزة، والعباس، وأبو لهب، وكان قد أولَم لهم، وبعد أن أكلوا وشربوا، قال: يا بني عبد المطلب، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فمن يجيبني إلى هذا الأمر ويؤازرني يكن أخي ووزيري ووصيي ووارثي وخليفتي من بعدي؟ فأحجم القوم جميعاً إلا علياً قال: أنا يا نبي الله، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برقبته، وقال: هذا أخي ووزيري ووصيي ووارثي وخليفتي من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا.
    وهذا يعني أنه لم يكن وزيره ولا وصيه قبل ذلك
    و الشيعه يقولون ان الامام يولد معصوم و يكون اماما مثل الامام المهدي المزعوم حيث أصبح اماما في عمر خمس سنوات فقط .
    وسنسهب في مناقشة أسانيد هذه القصة ومتونها في حينه، ولكن ما يعنينا من هذه الرواية الآن هو ما نحن بصدده، ولا شك أنه قد تبادر إلى ذهنك شيء وهو: كيف خفي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى علي رضي الله عنه وعلى كل من حضر الوليمة مسألة النص بعد كل ما مر حتى لم نجد أحداً منهم قد استدرك ذلك، لا أقلَّ من علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يجد أن إمامته توشك أن تذهب إلى غيره بعرضها عليهم، أو أبيه الذي انتظر سبتاً ليرى وصي محمد صلى الله عليه وسلم وقد ولد؟
    فإن أبطلنا كل ما مرَّ بك باعتبار هذه الرواية، لا نلبث أن نرى أخرى تسقطها هي أيضاً.. وهكذا، وهذه الأخرى تتمثل في أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخذت الدعوة منحىً عاماً أخذ يعرض نفسه على القبائل، فجاء إلى بني كلاب، فقالوا: نبايعك على أن يكون لنا الأمر بعدك، فقال: الأمر لله، فإن شاء كان فيكم أو في غيركم، فمضوا ولم يبايعوه، وقالوا: لا نضرب لحربك بأسيافنا ثم تحكم علينا غيرنا([1][1]).
    فما الذي اضطره صلى الله عليه وسلم إلى هذا القول مع ما تقدم؟ أليس كان عليه أن يبين أن هذا الأمر قد تم قبل أشهر حين قال لعشيرته وهو ممسك برقبة ابن عمه: هذا أخي ووزيري ووصيي ووارثي وخليفتي من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا، فضلاً عن أن ذلك قد تم منذ مليوني عام قبل الخلق؟
    وقد تكرر منه صلى الله عليه وسلم القول نفسه بعد ذلك بسنين طويلة، وذلك لما جاءه عامر بن الطفيل في وفد بني عامر بن صعصعة في السنة العاشرة من الهجرة، وقال له: ما لي إن أسلمت؟ فقال: لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم، قال: تجعل لي الأمر من بعدك؟ قال: ليس ذلك إليَّ، إنما ذلك إلى الله عز وجل يجعله حيث يشاء([2][2]).
    وهكذا.. يستمر مسلسل خفاء النص عليه صلى الله عليه وسلم، حتى أواخر أيامه بمكة قبل الهجرة، وذلك في ليلة الإسراء والمعراج([3][3])، وقد أعرضنا عن ذكر الكثير من الروايات السابقة لذلك تحاشياً للتكرار، إذ إننا سنورد بعضها في حينها.
    تقول رواية القوم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني لما بلغت بيت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على صخرتها: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أيدته بوزيره ونصرته به، فقلت: يا جبرئيل، ومن وزيري؟ فقال: علي بن أبي طالب([4][4]).
    والطريف أن القوم يروون عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: كنت نائماً بالحجر، إذ أتاني جبرئيل فحركني تحريكاً لطيفاً، ثم قال: عفا الله عنك يا محمد، قم واركب فَفِدْ إلى ربك، فأتاني بالبراق فركبت -ثم ذكر ما لاقاه في مسيره.. -إلى أن قال-: فإذا أنا برجل أبيض الوجه، جعد الشعر، فقال لي: يا محمد، احتفظ بالوصي -ثلاث مرات- علي بن أبي طالب المقرب من ربه، قال: لما جزت الرجل وانتهيت إلى بيت المقدس، إذا أنا برجل أحسن الناس وجهاً، وأتم الناس جسماً، وأحسن الناس بشرةً، فقال: يا محمد، احتفظ بالوصي -ثلاث مرات- علي بن أبي طالب المقرب من ربه، الأمين على حوضك صاحب شفاعة الجنة... ثم ذكر بقية القصة، وفي نهايتها قال لـه جبرئيل: الذين لقيتهما في الطريق وقالا لك: احتفظ بالوصي، كانا عيسى وآدم عليهما السلام([5][5]).
    أي: رغم هذه الوصايا الست منهما عليهما السلام، لم يدرك صلى الله عليه وسلم مَنْ وزيره الذي أيده ونصره به، وافترض أن يكون رجلاً آخر سوى علي رضي الله عنه.
    والطريف -أيضاً- ذكرهم على لسانه صلى الله عليه وسلم عشرات الروايات، يقول له فيها: إنه وزيره، ولعل أقربها إليك ما أوردناه آنفاً عند حديثنا عن بدء الدعوة.
    وعلى أي حال، لنعرج مع القوم إلى السماء، وننظر ماذا حصل هناك.. قالوا: لما صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء، قالت الملائكة: نشهد أنك رسول الله، فما فعل وصيك علي؟ قال: خلفته في أمتي، قالوا: نعم الخليفة خلفت، أما إن الله عز وجل فرض علينا طاعته، ثم صعد إلى السماء الثانية، فقالت الملائكة مثلما قالت ملائكة السماء الدنيا، فلما صعد إلى السماء السابعة لقيه عيسى عليه السلام فسلم عليه، وسأله عن علي، فقال له: خلفته في أمتي، قال: نعم الخليفة خلفت، أما إن الله فرض على الملائكة طاعته، ثم لقيه موسى عليه السلام والنبيون نبياً نبياً، فكلهم يقول مقالة عيسى عليه السلام ([6][6]).
    وفي السماء الرابعة زعم القوم أنه صلى الله عليه وسلم رأى ديكاً بدنه درة بيضاء، وعيناه ياقوتتان حمراوان، ورجلاه من الزبرجد الأخضر، وهو ينادي: لا إله إلا الله محمد رسول الله، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ولي الله، فاطمة وولداها الحسن والحسين صفوة الله، يا غافلين اذكروا الله، على مبغضيهم لعنة الله([7][7]).
    وفي نفس السماء صلَّى بالأنبياء وكانوا مائة وأربعة وعشرين ألف نبي، وسألهم جبريل: بم بعثتم؟ ولم نشرتم الآن يا أنبياء الله؟
    فقالوا بلسان واحد: بعثنا ونشرنا لنقر لك يا محمد بالنبوة، ولعلي بن أبي طالب بالإمامة([8][8]).
    وعندما وصل صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة سأله الله عز وجل: من لأمتك من بعدك؟ فقال: الله أعلم. قال: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد المسلمين([9][9]).
    وكأن القوم أرادوا أن يقولوا: إن صوت مائة وأربعة وعشرين ألف من الأنبياء -ولك أن تتخيل حجمه- وهم يقولون بإمامة علي بن أبي طالب، لم يكن له هذا التأثير؛ حيث إنه صلى الله عليه وسلم لم يتذكر ذلك بعد لحظات لما سأله الله عز وجل: من لأمتك من بعدك؟ ليقول: الله أعلم، ولعلها غفلة استوجبت تحذير ديكهم، ليقول: يا غافلين، فتأمل!
    نبقى مع القوم في السماء السابعة، لنراهم يروون عن الرضا، عن آبائه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما عرج بي إلى السماء نوديت: يا محمد، فقلت: لبيك ربي وسعديك، تباركت وتعاليت، فنوديت: يا محمد، أنت عبدي وأنا ربك، فإياي فاعبد، وعلي فتوكل، فإنك نوري في عبادي، ورسولي إلى خلقي، وحجتي على بريتي، لك ولمن تبعك خلقت جنتي، ولمن خالفك خلقت ناري، ولأوصيائك أوجبت كرامتي، ولشيعتهم أوجبت ثوابي، فقلت: يا رب، ومن أوصيائي؟ فنوديت: يا محمد، أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي، فنظرت وأنا بين يدي ربي جل جلاله إلى ساق العرش، فرأيت اثني عشر نوراً، في كل نور سطر أخضر عليه اسم وصي من أوصيائي، أولهم: علي بن أبي طالب، وآخرهم: مهدي أمتي، فقلت: يا رب، هؤلاء أوصيائي؟ فنوديت: يا محمد، هؤلاء أوليائي، وأحبائي، وأصفيائي، وحججي بعدك([10][10]).
    ويرى القوم أنه بعد قراءته للأسماء نسي -أيضاً- أنهم أوصياؤه، كما أخبره بذلك ربه، فسأله في رواية أخرى للقوم: يا رب، من هؤلاء الذين قرنتهم بي؟ فنودي: يا محمد، هم الأئمة بعدك، والأخيار من ذريتك([11][11]).
    وحين سأله: يا محمد، فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قال: إلهي، لا علم لي، فقال له: يا محمد، هل اتخذت من الآدميين وزيراً أو أخاً ووصياً من بعدك؟ فقال: إلهي، ومن أتخذ تخير لي أنت؟ فأوحى الله إليه: يا محمد، اختر علياً، فقلت: إلهي، ابن عمي؟.. الرواية([12][12]).
    ولكن هل وقف الأمر على هذا؟
    انظر إلى القوم -وبعد كل هذه التأكيدات والمواثيق وفي طريق العودة إلى الأرض وفي السماء الرابعة حيث ديكهم وتنبيهه للغافلين ومنهم واضع هذه الرواية- يروون أنه لما هبط النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء الرابعة ناداه ربه: يا محمد، قال: لبيك ربي، قال: من اخترت من أمتك يكون من بعدك لك خليفة؟ قال: اختر لي ذلك، فتكون أنت المختار لي، فقال: اخترت لك خيرتك علي بن أبي طالب([13][13]).
    وعلى أي حال، حتى لا يطول مكثنا في السماء، نجتزئ بالإيجاز الذي أوردناه، فالروايات الشبيهة الواردة في ليلة الإسراء كثيرة([14][14])، وقد أوردنا شيئاً منها في أول الباب أيضاً، وكل واحدة منها تناقض سابقتها وتسقطها، فضلاً عن إسقاطها للباب بأكمله، وهكذا جميع الروايات الآتية.
    نعود إلى الأرض، وتحديداً إلى مكة؛ حيث لا زلنا مع القوم ورواياتهم قبل الهجرة.
    روى القوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه ليلة الهجرة: أرضيت أن أُطلب فلا أُوجد وتوجد فلعله أن يبادر إليك الجهال فيقتلوك؟ قال: بلى يا رسول الله، رضيت أن تكون روحي لروحك فداء، ونفسي لنفسك فداء([15][15]).
    لا شك أن وجه الدلالة غير خافٍ في الرواية، فافتراض القتل هنا، وفي روايات عدة سنأتي على ذكر بعضها لا يمكن توجيهها باعتبار أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يلي الخلافة بعده صلى الله عليه وسلم، فكيف يفترض أن يقتل أو يموت قبله، والأمر واضح ولا أعتقد أنه يحتاج إلى زيادة تعليق.
    فهذا يدل على خفاء النص على النبي صلى الله عليه وسلم الذي يزعمون أنه نص على إمامة علي رضي الله عنه وهو في مكه قبل الهجرة للمدينة
    ([1][1]) البحار: (23/74)، إثبات الهداة: (1/142)، المناقب: (1/257).
    ([1][2]) إثبات الهداة: (1/141، 142)، وصي الرسول الأعظم: (21)، البحار: (18/75) (21/372).
    ([1][3]) وكان ذلك قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً، وقيل: بسنة وشهرين، وقيل: بسنة، وقيل: بستة أشهر، وقيل: غير ذلك -انظر: البحار: (18/302، 319).
    ([1][4]) سبق تخريجه.
    ([1][5]) كشف اليقين: (83)، البحار: (18/390) (37/314).
    ([1][6]) البحار: (18/303)، المحتضر: (139).
    ([1][7]) اليقين: (141)، البحار: (37/48).
    ([1][8]) البحار: (40/42).
    ([1][9]) الكافي: (1/442، 443)، غيبة الطوسي: (103)، الطرائف: (43)، غيبة النعماني: (45)، البحار: (18/306، 383، 403) (36/262، 280)، إثبات الهداة: (2/12، 134،153).
    ([1][10]) علل الشرايع: (5)، عيون أخبار الرضا: (1/238)، كمال الدين: (254)، البحار: (11/139) (18/345) (26/335) (52/312) (57/58) (60/303)، إثبات الهداة1/482، 584، 585)، منتخب الأثر: (61)، تأويل الآيات: (2/878).
    ([1][11]) كفاية الأثر: (14)، البحار: (36/321).
    ([1][12]) كمال الدين: (238)، إثبات الهداة: (1/500)، البحار: (51/69) (52/276).
    ([1][13]) أمالي الصدوق: (352)، أمالي الطوسي: (218)، البرهان: (4/199)، كشف اليقين: (22)، البحار: (18/341، 371) (36/160) (37/291) (38/108) (40/13)، إثبات الهداة2/70).
    ([1][14]) للمزيد انظر: البحار: (40/13)، كشف اليقين: (22)، أمالي الطوسي: (353، 364)، أمالي الصدوق: (386، 387، 504)، نور الثقلين: (3/99) (4/470)، إثبات الهداة: (1/548)، كفاية الأثر: (15)، البحار: (36/323).
    ([1][15]) إثبات الهداة: (3/596)، مدينة المعاجز: (75)، تفسير العسكري: (466)، البحار: (19/81).
    منقووووووووووووووووووووووووووووول



























































    تعليق


    • #17
      يا مطهري لايفيد النسخ و اللصق
      راجع الموضوع الذي باسمك لكي نعرف كم تحب الصحابة
      و ايضا الاخ مشاكس كلماتك في الدفاع عن الامامة لايغني من الحق شيئا.
      لان الفرقة الاسماعية ايضا باطل .

      تعليق


      • #18
        التكمله انشاء الله

        أما بعد الهجرة، فقد رووا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تبارك وتعالى أوحى إليَّ أنه جاعل لي من أمتي أخاً ووارثاً وخليفةً ووصياً، فقلت: يا رب، من هو؟ فأوحى إليَّ عز وجل: يا محمد، إنه إمام أمتك، وحجتي عليها بعدك، فقلت: يا رب، من هو؟ فأوحى إلي عز وجل: يا محمد، ذاك من أحبه ويحبني، ذاك المجاهد في سبيلي، والمقاتل لناكثي عهدي، والقاسطين في حكمي، والمارقين من ديني، ذاك وليي حقاً، زوج ابنتك، وأبو ولدك علي بن أبي طالب([1][16]).
        لا أقل في تاريخ هذه الرواية من أنه بعد السنة الثالثة للهجرة، بدليل قول الله عز وجل: زوج ابنتك وأبو ولدك، ولا شك -وباعتبار كل ما مرَّ بك في هذا الباب- أنه سيتبادر إلى ذهنك عند قراءتك لبداية الرواية أن المقصود هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
        فواعجباً هل غاب ذلك عمن كان سبباً في النص على إمامة علي رضي الله عنه، بل يستفصل ويسأل حتى يبين الله أوصافه ثم يذكر له اسمه.
        ثم يروي لنا القوم بعد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال يسأل ربه أن يجعل علياً وصيه وخليفته من بعده، وأن يجعل الإمامة في الحسن والحسين([2][17]).
        وحين سأله جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه -بزعمهم- عن وصيه من بعده أمسك عنه عشراً لا يجيبه معتذراً بانتظار وحي السماء، ثم قال له: يا جابر، ألا أخبرك عما سألتني؟ فقلت: بأبي أنت وأمي، والله لقد سكتَّ عني حتى ظننت أنك وجدت عَلَيَّ، فقال: ما وجدت عليك يا جابر، ولكن كنت أنتظر ما يأتيني من السماء، فأتاني جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد، ربك يقول: إن علي بن أبي طالب وصيك، وخليفتك على أهلك وأمتك([3][18]).
        ومثلها عن سلمان الفارسي رضي الله عنه حين سأله: من وصيك من أمتك فإنه لم يُبْعث نبي إلا كان له وصي من أمته؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم يبيَّن لي بعد، فمكثت ما شاء الله أن أمكث، ثم دخلت المسجد فناداني، فقال: يا سلمان، سألتني عن وصيي من أمتي فهل تدري من كان وصي موسى من أمته؟ فقلت: يوشع بن نون فتاه، فقال: هل تدري لِم كان أوصى إليه؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، قال: أوصى إليه لأنه كان أعلم أمته بعده، ووصيي وأعلم أمتي بعدي علي بن أبي طالب([4][19]).
        ولا تحتاج هذه الروايات إلى تعليق، فكيف يستقيم أن يجهل جابر بن عبدالله الأنصاري وسلمان الفارسي رضي الله عنهما([5][20])، مما علم من الدين بالضرورة باعتقاد القوم، حتى سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي غاب عنه هو أيضاً بزعم القوم من قال عنه: إن مدار قبول الأعمال على القول بإمامته، ولولاه لما خلق الله الأكوان... إلى آخر ما مرَّ ذكره، حتى انتظر نزول الوحي به بعد عشر، ولا أدري أهي أيام أو شهور أو سنين، ولكن لا يغب عن بالك أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة كما هو معلوم من علم الأصول.
        وفي يوم الخندق ذكر القوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما انتدب عمروٌ للمبارزة، وجعل يقول: هل من مبارز؟ والمسلمون يتجاوزون عنه، فركز رمحه على خيمة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ابرز يا محمد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يقوم إلى مبارزته فله الإمامة بعدي؟ فنكل الناس عنه، فقال: ادن مني يا علي، فنزع عمامته السحاب من رأسه وعممه بها وأعطاه سيفه، وقال: امض لشأنك، ثم قال: اللهم أعنه. وروي أنه لما قتل عمراً أنشد أبياتاً منها:
        قد قال إذ عممني عمامة أنت الذي بعدي له الإمامة ([6][21])
        فانظر معي إلى هذه الرواية، فرغم أن أحداثها وقعت في السنة الخامسة للهجرة حيث غزوة الخندق، لكن لا زال أعظم أركان الدين عند القوم غير مبيّن، وكنت أنتظر من علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يستدرك الأمر ويخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن أمر الإمامة قد انتهى بتعيينه خليفة له منذ أن نزل قوله عز وجل: ((وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)) [الشعراء:214]، ولكن لم يحصل ذلك، فضلاً عن الروايات التي أوردناها، وفضلاً عن مليوني عام قبل الخلق، ويزيد من حيرتي صمت الصحابة رضوان الله عليهم، وعدم استدراك أحد منهم ذلك، وَلَعَلِّي أجد عند القوم ما يذهب عني حيرتي.
        نعود إلى مسألة الخوف من موت اللاحق قبل السابق، ففي الغزوة نفسها وبعد أن خرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه لمبارزة عمرو، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إنك أخذت مني عبيدة بن الحارث يوم بدر، وحمزة بن عبد المطلب يوم أحد، وهذا أخي علي بن أبي طالب، رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين([7][22]).
        وتتكرر القضية في موطن آخر، فقد روى القوم أن علياً خرج في سرية ثلاثة أيام لا يأتيه جبرئيل بخبره ولا خبر من الأرض، وأقبلت فاطمة بالحسن والحسين تقول: أوشك أن يؤتم هذين الغلامين، فأسبل النبي عينيه يبكي، ثم قال: معاشر الناس، من يأتيني بخبر علي أبشره بالجنة، وافترق الناس في الطلب لعظم ما رأوه بالنبي، وخرج العواتق، فأقبل عامر بن قتادة يبشره بعلي، وهبط جبرئيل عليه السلام على النبي فأخبره بما كان فيه([8][23]).
        ولسائل أن يسأل القوم عن كل هذا الخوف والقلق والاضطراب الذي استدعى إعلان حالة الطوارئ، وتفرق الناس في الأرض، وخروج العواتق، ونزول جبرئيل من أجل الخوف من موت أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وهم يرون أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا زال حياً ماثلاً أمامهم، فكيف يفترض موت الخلف قبل السلف مادام هناك نص على خلافته بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟
        وفي فتح مكة وجد متعلقاً بأستار الكعبة يسأل الله عز وجل العضد، ناسياً كل ما ذكرناه من مقدمة الباب حتى الرواية السابقة، حتى استوجب غضب جبريل عليه السلام بزعم القوم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول: اللهم ابعث إليَّ من بني عمي من يعضدني، فهبط جبرئيل كالمغضب، فقال: يا محمد، أوليس قد أيدك الله بسيف من سيوف الله مجرد على أعداء الله؟ يعني بذلك علي بن أبي طالب([9][24]).
        فلاحظ متى كان فتح مكة!
        ثم نراه في غدير خم وقد هبط عليه جبرئيل عليه السلام بأمر من الله عز وجل بنصب علي رضي الله عنه بزعمهم، متسائلاً عن هذا الولي الذي سيكون من بعده، حيث قالوا: إن جبرئيل عليه السلام نزل يوم غدير خم، فقال: يا محمد، إن الله يأمرك أن تعلم أمتك ولاية من فرضت طاعته ومن يقوم بأمرهم من بعدك، وأكَّد ذلك في كتابه، فقال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)) [النساء:59]، فقال: إي ربي، ومن ولي أمرهم بعدي؟ فقال: من هو لم يشرك بي طرفة عين، ولم يعبد وثناً ولا أقسم بزلم، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين([10][25]).
        ولما قرب أجله، روى القوم أنه صلى الله عليه وسلم قال: ما قبض الله نبياً حتى أمره أن يوصي إلى عشيرته من عصبته، وفي لفظ: إلى أفضل عشيرته من عصبته، وأمرني أن أوصي، فقلت: إلى من يا رب؟ فقال: أوص يا محمد إلى ابن عمك علي بن أبي طالب، فإني قد أثبته في الكتب السالفة، وكتبت فيها أنه وصيك، وعلى ذلك أخذت ميثاق الخلائق ومواثيق أنبيائي ورسلي، وأخذت مواثيقهم لي بالربوبية، ولك يا محمد بالنبوة، ولعلي بن أبي طالب بالولاية([11][26]).
        أقول: لا شك أن ورود إمامته في الكتب السالفة يقتضي ورود ذلك في القرآن من باب أولى، فبذلك يكون جهله صلى الله عليه وسلم ممتنعاً من هذه الجهة، أما خلافه ففيه إسقاط للمعتقد من أصله، وسنأتي على بيان ذلك في حينه([12][27]).
        وأمر آخر في الرواية: وهو أن الله تعالى إن كان قد أخذ المواثيق بإمامته رضي الله عنه على الخلائق بما فيهم الأنبياء والرسل عليهم السلام، فلا شك أن خير البشر صلى الله عليه وسلم على رأسهم، فكيف جهل بهذا الميثاق؟
        ثم يروي لنا القوم أنه صلى الله عليه وسلم بكى عند موته، فجاءه جبرئيل، وقال: لم تبكي؟ قال: لأجل أمتي، من لهم بعدي؟ فرجع، ثم قال: إن الله تعالى يقول: أنا خليفتك في أمتك([13][28]).
        فنِعمَ سببُ البكاء، ونعم الخليفة الله عز وجل الذي لم يشأ أن يجمع هذه الأمة المرحومة على ضلالة، فقد كان صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يخشى على أمر أمته من بعده كما تذكر روايات القوم، وكان يُذَكِّر الوالي بعده، ويقول: أُذَكِّر الله الوالي من بعدي على أمتي إلا ترحّم على جماعة المسلمين، فأجلّ كبيرهم، ورحم ضعيفهم، ووقر عالمهم، ولم يُضرَّ بهم فيذلهم، ولم يفقرهم فيكفرهم، ولم يغلق بابه دونهم فيأكل قويهم ضعيفهم... إلخ، وكان ذلك آخر كلام تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم على منبره، كما ذكر القوم ذلك عن الصادق([14][29]).
        وهذه النصائح إن كانت موجهة إلى الإمام المعصوم فهي عبث لا فائدة منها، إذ إن المعصوم ليس بحاجة إلى توجيه علني على رءوس الملأ كهذا، أما إن كانت النصائح موجهة إلى من سيغتصب الخلافة من الإمام المعصوم -حسب معتقد القوم- فإن عبثيتها ستكون أشد، إذ إن من تجرأ على اغتصاب الخلافة من الإمام المعصوم رغم كل ما مرَّ من نصوص لإثباتها لن يردعه حديث أو حديثان، فما هي الفائدة المرجوة من هذه النصائح؟
        وبهذه الروايات التي لا تخلو من فوائد أخرى لا تخفى على القارئ اللبيب، تسقط جميع الروايات الآنفة الذكر من مليوني سنة قبل الخلق إلى موته صلى الله عليه وسلم في السنة الحادية عشرة للهجرة.
        ونجتزئ بهذا القدر من الروايات في جهل أو غياب النص عنه صلى الله عليه وسلم بزعم القوم([15][30])، لما التزمنا به في المقدمة من الاقتصار على ذكر بعض الأمثلة في كل موضوع لا حصر جميع الروايات، ولما سنورده من روايات أخرى تجدها مبثوثة في طيات هذا الكتاب.
        ([1][16]) أمالي الصدوق: (327)، البحار: (38/107)، إثبات الهداة: (2/67).
        ([1][17]) عيون أخبار الرضا: (220)، الكافي: (8/309)، إثبات الهداة: (2/94، 122، 141) (3/84)، البرهان: (1/279) (2/209) (3/36)، تأويل الآيات: (1/106، 224، 310)، البحار23/221، 145) (36/80، 100، 126، 147) (38/92، 110، 140، 143، 146، 329) (39/290) = = (40/61)،أمالي الصدوق28)، كنز الكراجكي208)، قرب الإسناد14)، المناقب1/550)، نور الثقلين: (3/276).
        ([1][18]) أمالي الطوسي: (193)، أمالي المفيد: (99)، البحار: (38/114)، إثبات الهداة2/96).
        ([1][19]) أمالي الصدوق: (21)، البحار: (38/18)، إثبات الهداة: (2/50).
        ([1][20]) انظر روايات أخرى عنهما: كمال الدين: (246)، منتخب الأثر: (49، 50، 51، 59، 101، 108، 159)، مذهب أهل البيت: (16)، وصي الرسول الأعظم: (33)، إثبات الوصية: (15، 18).
        ([1][21]) البحار: (41/88).
        ([1][22]) البحار: (20/215) (38/300، 309) (39/3)، البرهان: (3/71)، تأويل الآيات: (1/329).
        ([1][23]) الخصال: (95)، أمالي الصدوق: (93)، البحار: (41/74).
        ([1][24]) المناقب: (2/67)، البحار: (41/61).
        ([1][25]) كشف اليقين: (131)، البحار: (37/324).
        ([1][26]) أمالي الطوسي: (102)، البحار: (15/18) (26/272) (38/111)، إثبات الهداة: (2/93)، تأويل الآيات: (2/566)، البرهان: (4/148)، بشارة المصطفى: (39).
        ([1][27]) راجع باب: الإمامة والقرآن من كتابنا هذا.
        ([1][28]) المناقب: (3/268)، البحار: (39/85).
        ([1][29]) الكافي: (1/406)، البحار: (22/495) (27/247) (100/32)، قرب الإسناد: (48).
        ([1][30]) للمزيد انظر: منتخب الأثر: (29، 104، 200)، البحار: (14/207) (16/317) (17/309) (18/97، 205،370)(23/272)(24/181)(36/158، 159)(37/306)(38/157)(40/18) (44/198، 225)، المحتضر107،

        منقوووووووووووووووووول


























































        تعليق


        • #19
          المشاركة الأصلية بواسطة الوسيلة
          نعم الإمامة منصب إلهي وحامله معصوم بصريح الآية الكريمة
          وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ
          المقصود يا عزيزي بالإمامة هنا .. هو الإقتداء واقتفاء الأثر والأسوة .. وليس الإمامة التي تعتقدونها .. فقد قال تعالى :
          ( ووهبنا له إسحق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتينه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) .
          فأين الإمامة في هذه الآية ؟ .. فلو كانت الإمامة المقصودة بالآية هي الإمامة التي تزعمونها .. لكانت الآية : ( وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب والإمامة ) .
          المشاركة الأصلية بواسطة الوسيلة
          تكتم أذا كان هناك مانع شرعي لكتمانها في وقت معين
          ولكن بعد وفاة سيدنا عثمان .. لم يـُـصرّح سيدنا علي بها .. بل أنه قال : ( إن تركتموني فأنا كأحدكم ) .
          فهل هناك مانع شرعي بعد مقتل سيدنا عثمان ؟ .
          المشاركة الأصلية بواسطة الوسيلة
          المعصوم يعمل بأمر الله وهو الحجة وليس قولك وعقلك الناقص, ولك في رسول الله عبره هاجر بعض المسلمين الى الحبشة ولم يهاجر معهم الرسول ص وعندما أشتد حصار كفار قريش على رسول الله ص صبر في شعب أبو طالب ومرة أخرى هاجر ,المعصوم هو الذي يعمل بشرع الله وليس الأنسان الظالم .
          ولكن الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .. لم يوالي المشركين .. ولم يكن عند أحدهم مستشاراً .. ولم يتزوج من سباياهم .. ولم يـُـزوّج بناته منهم .
          بعكس سيدنا عليّ الذي والى المرتدين والمنافقين ( بزعمكم ) .. وبايعهم وصاهرهم وعمل مستشاراً عند أحدهم .
          المشاركة الأصلية بواسطة الوسيلة
          لقد منع كفار قريش دعوة رسول الله طوال 13 عاما فكانت بالسر والخفاء حتى هاجر
          فهل ( باشـَـرَ ) سيدنا عليّ الدعوة بالسرّ والخفاء كما فعل الرسول ؟ .
          وهل هاجر كما هاجر الرسول ؟ .
          وهل حـُـوصـِـر كما حـُـوصـِـر الرسول ؟ .
          وهل اختبأ في مكان ( كالغار ) كما اختبأ الرسول ؟ .
          أم أنه سـَالـَم وبايع ونكح وأنكح وأشار وائتمّ .
          فهل عرفت الفرق ؟ .
          المشاركة الأصلية بواسطة الوسيلة
          لقد تحدث الله تعالى عن الميراث بتفصيل شديد وترك بيان الصلاة ,هل هذا يعني أن الميراث أهم من الصلاة؟ في حال أن المسلم بإمكانه أن يهب ماله قبل أن يتوفى فلا ميراث له أصلا؟
          لقد ذكر الله الولاية بالقرآ ن وذكرها النبي الأعظم ص ويقرها العقل السليم ,لكن على قلوب أقفالها
          أولاً :
          إذا أردت المقارنة .. فلا بدّ أن تأتي بشيئين متشابهين .
          فالنبوة والإمامة كما صرّح علماؤكم أنهما واحدة .. اللهم أن الإمامة بلا وحي .
          فالرسول تمّ ذكر إسمه صراحة بالقرآن 4 مرات .. فلماذا لم يـُـذكر اسم الإمام ؟ .
          والإمامة عندكم أهمّ من الصلاة .. أليس من مات ولم يعرفه إمامه .. مات ميتة جاهلية ؟ .. وفوق هذا أن الإمامة لا تحتاج لتفصيل ولا إلى بيان طويل في القرآن .. فهي كلمتين أو ثلاث فقط .
          وفوق هذا وذاك .. لم يترك الله بيان الصلاة كما ذكرت .. فقد ذكر الله بيانها في آيات عديدة جداً .. منها :
          صلاة المسافر : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناحٌ أن تقصروا من الصلاة ) .
          صلاة الخوف : ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلـّـوا فليصلـّـوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ......... ) .
          كيفية القراءة في الصلاة : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تـُـخافت بها ) .
          ===
          تفصيلات شروط الصلاة ومكملاتها :
          تفصيل الوضوء : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) .
          تفصيل التيمـّـم في حالة إنعدام الماء : ( فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ) .
          إستقبال القبلة عند الصلاة : ( فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولـّـوا وجوهكم شطره ) .
          مواقيت الصلاة : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ) .
          الأماكن التي تقام فيها الصلاة : ( ومن أظلم ممّن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها ) .
          ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخـِـر ) .
          المشاركة الأصلية بواسطة الوسيلة
          لديك خلط بين الإمامة والخلافة الدنيوية,الإمامة أمر تكويني والخلافة أمر تشريعي ,فأفهم
          ولكنّ سيدنا عليّ يقول : ( فإن اجتمعوا على رجل وسمـّـوه إماماً .. كان ذلك لله رضى ) .. لم يقل ( وسمـّـوه خليفة ) .. أليس كذلك يا عزيزي ؟ .
          وقوله أيضاً : ( والله ما كانت عندي للخلافة من رغبة ولا للولاية إربة لولا أن دعوتموني إليها ) .. فهل ربنا نصـّـبه للولاية .. أم أن الناس دعـَوْهُ لها ؟ .
          المشاركة الأصلية بواسطة الوسيلة
          كلام الأمام علي ع كان موجها لمعاوية ليلزم معاوية بما ألزم به نفسه
          ماشي كلامك .. طيب وقوله رضي الله عنه : ( إن تركتموني فأنا كأحدكم ) .. هل هذا الكلام موجـّـه لمعاوية ؟ .
          وقوله : ( دعوني والتمسوا غيري ) .. فهل هذه الكلمات موجهة لمعاوية أيضاً ؟ .
          المشاركة الأصلية بواسطة الوسيلة
          والسيرة كانت سيرة الخلفاء لا سيرة رسول الله
          ولكن يا عزيزي .. الرسول كان مـُـشرّعاً وقائداً للأمـّـة ووليـّـاً للأمر .. فهل انفصلت رسالته للأمـّـة عن قيادته لهم ؟ .
          التعديل الأخير تم بواسطة ابرااهيم; الساعة 09-08-2007, 09:07 AM.

          تعليق


          • #20
            الرجاء من المشرفين منع امثال هولاء من النسخو اللصق و الزامهم بالحوار

            تعليق


            • #21
              بسم الله الرحمن الرحيم

              اللهم صلي على محمد وآل محمد

              الاخ العزيز S-AL AMINI المحترم كتب

              ++++++++++++++++++++++++++++++=


              يا اخي نحن اذا نقول الامامة جعل من الله تعالي لنا الادلة الكثيرة ة اذا نقول الامامة منحصرة في الاثن يعشر لنا الادلة الخاصة.
              راجع الكتب الشيعة الاثني عشرية في العقائد .


              +++++++++++++++++++++++++


              ولماذا أراجع كتب الشيعة .... سماحة المرجعية آية الله محمد حسين فضل الله حفظه الله أجاب انه لا يوجد اي دليل في كتاب الله على أن عدد الإئمة الاطهار اثنا عشر اماماً وأنما يوجد عندكم أحاديث شريفة .


              وكما ذكرت ممكن للأدارة مراسلتي على الخاص لأرسال نص الحوار اليها لتتأكد من سماحته أن الاجابات خاصة به حرفياً قبل الاستشهاد بها هنا .


              مع تحيات المشاكس



              ++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

              تعليق


              • #22
                يا اخي المشاكس:
                اذا نقول راجع كتب الشيعة الاثني عشرية نقصد كتب علماء الربانيين امثال الشيخ الصدوق و الشيخ المفيد و الشيخ الكوسي و السيد المرتضي و علامة الحلي و المجلسي وامثالهم من الاعاظم.
                و اما السيد فضل الله ليس منهم بل لا يعتني بقوله في الاصول و الفروع.
                و مضافا اخي الاسماعيلي المشاكس: اعلم ان معتقداتنا ثابتة علي اساس القران و العترة المعصومين.
                يعني نعتقد ان عدم الضلالة بس بالتمسك بهما لان النبي الكريم امر الامة بالتمسك بهما.
                و لذا يا اخي الاسماعيلي اعتقاد الشيعة الاثني عشرية ثابتة منهما علي اساس التواتر و اليقينيات.
                و اذا قال المعصوم كلام و ثبت سندا و متنا و بدون اي تعارض نحسبه مفسر للقران و مبينا للقرانو لانفرق بين الكلام النبي و القران لان منطق النبي هو منطق الوحي و منطق القران واضح من منطق الوحي.
                لذا في رواتنا التصريح باسماء الائمة الاثني عشرية فنعتبرونها كأن القران نطق.

                تعليق


                • #23
                  الاخ/مشاكس،،،،

                  ممكن رابط المنتدى الاسماعيلى ،،،،،

                  وتسجيل متابعه ،،،،،،

                  تعليق


                  • #24
                    النقاش ما يصير الا بين طرفين مو بين ثلاث اطراف ........والاخوان السلفيه دخلو ذا المنتدى على شان يناقشون الاثناعشريه مو الاسماعيليه

                    أخ اسماعيلي هل صحيح انكم تفصخون سروايلكم وتعلقونها عند باب المسجد قبل الصلاه ؟

                    اذا كان صحيح لماذا ؟

                    عذرا للخروج عن صلب الموضوع لأن الموضوع اصلا احترق لوجود طرف ثالث بأفكار مختلفه عن الاطراف المتخاصمه

                    تعليق


                    • #25
                      بسم الله الرحمن الرحيم

                      اللهم صلي على محمد وآل محمد


                      المهذب المحترم S-ALMINI المثقف صاحب العلم والدين والمتحلي بأخلاق الائمة الاطهار عليهم السلام لا يدير ظهره ويدير ( ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ) على آيات الله التي كتبها المشاكس الأسماعيلي بل يكتب بمنتهى الادب والتهذيب ويجيب ويثبت بآيات الله وآحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكتب مشكوراً


                      ++++++++++++++++++++++++++++++++++=


                      اسماعيلي هل صحيح انكم تفصخون سروايلكم وتعلقونها عند باب المسجد قبل الصلاه ؟

                      اذا كان صحيح لماذا ؟

                      عذرا للخروج عن صلب الموضوع لأن الموضوع اصلا احترق لوجود طرف ثالث بأفكار مختلفه عن الاطراف المتخاصمه



                      ++++++++++++++++++++++++++++++++++++++=


                      ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

                      هاهاهاهاهاهاها


                      غيرو ولكن بعيد عن هذه الثقافة هههههههههههههههههه


                      ههههههههههههههههههههههههههههه


                      مع تحيات المشاكس



                      +++++++++++++++++++++++++++
                      التعديل الأخير تم بواسطة رياض علي زهرة; الساعة 09-08-2007, 11:35 AM.

                      تعليق


                      • #26
                        السلام عليكم و رحمة الله
                        اعداء عدو البشر الجهل و العناد :
                        لذا نضطر الي بيان عقيدة الشيعة الاثني عشرية بنحو المختصر في الامامة :
                        --------------
                        مقدمة إلى الإمامة

                        1-الإمامة هي الامتداد الطبيعي لقيادة النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) فكما أن النبي المرسل هو المجسد لتعاليم الرسالة ومطبقها كذلك الإمام من بعده فلا يمكن أن تبقى الرسالة دون منفذ له صلاحيات تشريعية معينة و(كما نعتقد أنها كالنبوة لطف من الله تعالى فلا بد أن يكون في كل عصر إمام هاد يخلف النبي في وظائفه من هداية البشر وإرشادهم إلى ما فيه الصلاح والسعادة في النشأتين وله ما للنبي من الولاية العامة على الناس لتدبير شؤونهم ومصالحهم وإقامة العدل بينهم ورفع الظلم والعدوان من بينهم وعلى هذا فالإمامة استمرار للنبوة والدليل الذي يوجب إرسال الرسل وبعث الأنبياء هو نفسه يوجب أيضاً نصب الإمام بعد الرسول)(1).

                        وعلى هذا لا يمكن أن نقول أن الرسالة السماوية لوحدها تكفي لهداية الناس وتحصينهم من الانحراف بل لابد من منفذٍ أمين لهذه الرسالة، له الصلاحية التشريعية والتنفيذية وبه أتم الله سبحانه نعمته ولطفه فعين القيادة الشرعية بعد النبي في الأئمة الأطهار من أهل البيت ولم يترك المجتمع الإسلامي دون هذا التوضيح ليتخبط في أهوائه ضمن الفوضى المتوقعة لو تركت المسألة سدى ولا يمكن أن نتصور بأن المسألة تركت دون تشريع وخاصة لو عرفنا أن هذه المسألة وهي خلافة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) من أخطر المسائل في حياة المسلمين فهي السبب الرئيسي في جمع الكلمة أو تفريقها بين المسلمين. ونحن نجد الشريعة الإسلامية في منهجها التفصيلي والشامل ما تركت أبسط الحاجات وأدقها في الحياة إلا وبينته بتوضيح كامل في القوانين الشخصية والاجتماعية والصحية فهكذا شريعة كاملة غير ناقصة لا يمكن أن تسدل الستار على مسألة من أخطر المسائل وأهمها والحال أننا نؤمن بأن الإسلام دين كامل وشامل ودائم والله سبحانه أنزل في يوم عيد الغدير حين أعلن النبي(صلى الله عليه وآله) الإمامة للإمام علي (عليه السلام) قوله تعالى:
                        (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا). [سورة المائدة: الآية 3].
                        فهل يمكن أن تترك مسألة من أعمق المسائل وأحوجها بل أخطرها في حياة المسلمين؟ والحال أن المجتمع الإسلامي بحاجة إلى نظرية قيادية تقوده في كل ظرف وعلى مدى الأزمان لأن عدم وجود هذا التطبيق العملي الصحيح للإسلام مع كل عصر يعد نقصا في المنهج القرآني وحاشاه من النقص. فإذن لا بد من إمام معصوم قائد وخليفة للرسول وكما كان المجتمع والقرآن بحاجة إلى الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) تبقى الحاجة لخلافة النبي أي قيادة الأئمة(عليهم السلام) لتطبيق القرآن واستمرار تنفيذ الأحكام الشرعية على الأرض. قال تعالى:
                        (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد). [سورة الرعد: الآية 7].
                        وقال الإمام الباقر(عليه السلام): (إن الحجة لا تقوم لله عز وجل على خلقه إلا بإمام حي يعرفونه).
                        فلا بد إذن من استمرار قيادة النبي(صلى الله عليه وآله) في الأمة بالخلافة التي تتمتع بصفاته ومؤهلاته(صلى الله عليه وآله) ويقول الإمام الصادق(عليه السلام): (من مات وليس عليه إمام حي ظاهر مات ميتة جاهلية).
                        وحديث الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) يقول فيه: (من مات وهو لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية). وهذه الروايات شاخصة تبين الحقيقة فلا يمكن أن تخلو الأرض من حجة شرعية وقيادة تمثل قيادة النبي(صلى الله عليه وآله) في إدارة الناس وتوضيح واجباتهم وتبيان شؤونهم يقول الإمام الصادق(ما تبقى الأرض يوماً واحداً بغير إمام منا تفزع إليه الأمة) وفي رواية أخرى (لو بقيت الأرض بغير الإمام لساخت) ورواية ثالثة (إن الأرض لا تكون إلا وفيها حجة إنه لا يصلح الناس إلا ذلك ولا يصلح الأرض إلا ذلك).
                        فلذلك نرى أن الحكام الذين تسلطوا على زمام أمور المسلمين بعد النبي الأكرم حاربوا هذه الصفوة المباركة بكل الوسائل – سجناً وتعذيباً ومطاردةً وقتلاً – كما صنع يزيد بن معاوية بالإمام الحسين في واقعة كربلاء، فهو يدري حقاً منزلة الإمام الحقيقية ويعلم يقيناً أن الإمام الحسين هو الامتداد الشرعي الوحيد لقيادة النبي محمد(صلى الله عليه وآله) فهو صاحب الحق بالخلافة لكن يزيد وأمثاله يفكرون بعقلية الحكام والأمراء هدفهم التسلط والتحكم بالناس لا غير، فدفعتهم الدنيا حتى حولوا هاجس الخوف من أئمة الحق إلى صراع دامٍ فلاحقوا أئمة أهل البيت(عليهم السلام) في كل مكان من أول الأئمة حتى أخرهم حيث غيب الله ولي أمره القائم المؤمل وهو الإمام الثاني عشر بعد ما عزم الحكام على قتله فهو غائب عن الأنظار سيظهره الله فيما بعد ليملأ الأرض عدلاً وقسطاً بإذنه تعالى. فرب سائل يسأل عن الروايات الماضية كيف أن الأرض لا تخلو من حجة ولو بقيت بغير إمام لساخت بأهلها فهل يوجد اليوم إمام وخليفة بالمعنى الشرعي للرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)، نعم من المؤكد إنه موجود لكنه غائب مغمور يقول الإمام علي(عليه السلام): (اللهم لابد لك من حجج في أرضك حجة بعد حجة. . . لئلا يتفرق أتباع أوليائك ظاهر غير مطاع أو مكتتم خائف يترقب إن غاب عن الناس شخصهم في حال هدنتهم في دولة الباطل فلن يغيب عنهم علمهم وآدابهم. . . ).
                        ويقول الإمام الباقر(عليه السلام): (لم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور).
                        والآن يمكن أن نتساءل ونحن لا زلنا في مقدمة البحث عن الإمامة هل إن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان يعلم بأهمية الخلافة والقيادة من بعده أم لا؟ وهو الذي لم يترك صغائر الأمور إلا وضحها وشرحها وبينها فهل مسألة الخلافة من بعده كانت بمستوى من عدم الأهمية فلا تستحق البحث أم كيف ذلك ؟ فإن كان(صلى الله عليه وآله) لا يشعر بأهميتها فذلك نقص يأباه العقلاء على أنفسهم أن يتركوا أمراً دون توصية عليه مهما كان تافهاً فكيف بالرسالة والمسؤولية، أو بأنه كان يعرف أهميتها بدقة وبينها بأفضل صورة ولكن النفوس المريضة أزالتهم عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها ألم نقرأ في زيارة الحسين(ولعن الله أمة أزالتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها).
                        فالأحاديث والروايات الماضية تؤكد ضرورة معرفة الإمام وضرورة اتباعه ويحذرنا(صلى الله عليه وآله) من التهاون في أمر الإمامة فالتهاون من الجاهلية، فإذن كان الرسول(صلى الله عليه وآله ) يدرك أهمية الخلافة من بعده ومن المؤكد أنه(صلى الله عليه وآله) استلم أوامر الله عز وجل في تعيين الأئمة من أهل البيت(عليهم السلام) خلفاء من بعده وكانت الخطة الشرعية المباركة لإنهاء الفتنة والتمزق من المجتمع الإسلامي وبالذات في المستقبل بعد رحيله(صلى الله عليه وآله) – كما توقع النبي الأعظم – والآن لنتعرف على الخطة الشرعية – هذه – التي تضمن لنا سلامة المبدأ والمسير، فإذن ما هي هذه الخطة ؟ كيف ترك الرسول (صلى الله عليه وآله) الأمر من بعده ؟ وما هي تنبؤات الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) لمستقبل الأمة حول الخلفاء؟ كل ذلك سنعرفه في بحثنا عن الإمامة وهذه التساؤلات نبحثها في موضوع الحل الجذري لمسألة الخلافة الإسلامية الذي سيأتي ـ بإذنه تعالى ـ.
                        1- عقائد المظفر ص 65 ـ 66.

                        تعليق


                        • #27
                          تتمة

                          2---
                          2-لماذا الإمام؟


                          لدراستنا العقائدية هذه لا بد أن نتساءل حول المسائل الفكرية لنثير دفائن العقول من ناحية ولنعرف أهمية الإيمان بها من ناحية أخرى ولتتوضح بالنتيجة أعمدة العقيدة الإسلامية شرعاً وعقلاً والمرجو ألا تجرنا أحداث التاريخ إلى حالات ردود الفعل السلبية التي تسود المجتمعات المتخلفة بل لا بد من الموضوعية التامة في هذه البحوث لأنها مصيرية تحدد مستقبل الإنسان وحاضره بالقرب والبعد عن الله تعالى فسعياً وراء الحقيقة لابد من عنصر القناعة بالمبدأ لنلتزم عبر القناعة هذه بتلك الحقيقة الإيمانية وموضوع الإمامة لا بد أن ندخله بهذه الروحية الإيجابية فنقول لماذا الإمام ؟ وكيف نفهم دور الإمام؟ وهل للإمامة أدلتها الشرعية والعقلية؟ وما هي فوائد الإمامة في حياة الإنسان المسلم وبالذات في عصرنا الحاضر حيث غياب الإمام الأصل وظهور طبقة الفقهاء المراجع النواب للإمام المعصوم؟ وبالتالي ما هي واجبات الإمام وحقوقه وبالمقابل ما هي واجبات الأمة وحقوقها اتجاه الإمام وهل من الضروري دراسة حياة الأئمة ومعرفة أحداث التاريخ ؟ وهل من المهم استعراض أعمال ومنجزات كل إمام وقد مرت مع التاريخ ؟ وكيف يمكننا أن نتفهم الإمامة بكل أبعادها ؟ والآن يمكننا الدخول في البحث بعد هذه التساؤلات لنحصل على الإجابات المترابطة أحياناً ضمن تسلسل آتي وغير المترابطة أحياناً أخرى ضمن ضرورة نتحسسها ولندخل البحث عبر النقاط التالية:



                          1 – قاعدة اللطف الإلهي:
                          كما قلنا سابقاً إن الله تعالى بلطفه وعطفه وحنانه على الإنسان والمجتمع البشري بعث أنبياءه ورسله وكتبه وهكذا ختم الرسالات برسالة الإسلام المباركة وكما أن القرآن العظيم يحمل ألطاف الله سبحانه في تعاليمه وتشريعاته أنزله لصالح الناس واختار النبي محمد(صلى الله عليه وآله) لتطبيقه، أيضاً من ألطاف الله وهكذا امتداداً لها اللطف الإلهي عين سبحانه القيادة الإسلامية التي تلي الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) ليتم حفظ الإسلام والمسلمين من التيه والضياع، المتوقعين لو ترك الكتاب بعد الرسول(صلى الله عليه وآله) دون إمام مطبق للكتاب بصفته امتداداً طبيعياً وشرعياً للنبي(صلى الله عليه وآله) وبالضبط كان يحدث الضياع أيضاً لو أنزل الله الكتاب على الناس دون نبي يأخذ بأيديهم نحو التطبيق الصحيح.
                          فمن ألطاف الله عز وجل أنه يرعى مصلحة المسلمين بشكل دقيق لذلك سن مشروع الإمامة وعين الأئمة(عليهم السلام) وأمر بأتباعهم، فالإمامة أمر إلهي كالنبوة واللطف الإلهي يتجسد في اختيار النبي كما يتجسد أيضاً في تعيين الأئمة واختيارهم.
                          من هنا قال النبي(صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) (يدعى كل قوم بإمام زمانهم وكتاب الله وسنة نبيهم)، وقال(صلى الله عليه وآله) في حديث آخراسمعوا وأطيعوا لمن ولاه الله الأمر فإنه نظام الإسلام).
                          وحينما سئل الإمام الباقر(عليه السلام) عن علة احتياج الناس إلى النبي والإمام قال (لبقاء العالم على صلاحه وذلك ان الله عز وجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيه نبي أو إمام). وفي الآية المباركة: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي. . ) يقول الإمام الرضا(عليه السلام): (وأمر الإمامة من تمام الدين).
                          وفي الرواية الشريفة عن الإمام زين العابدين(عليه السلام) أنه قال:
                          (اللهم إنك أيدت دينك في كل أوان بإمام أقمته علماً لعبادك ومناراً في بلادك بعد أن وصلت حبله بحبلك وجعلته الذريعة إلى رضوانك).
                          وروايات كثيرة في هذا الصدد فالإمامة إذن أمر من الله وأمر من الرسول وهذا الأمر الإلهي هو جزء من لطف الله كما أن النبوة جزء من لطفه تعالى ولو تأملنا في الآية الكريمة(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي. . ) والإمام الرضا يقول: (الإمامة من تمام الدين). لاحظوا الإتمام في الآية للنعمة الإلهية والنعمة هذه نفهمها بأنها مصحوبة بالعطاء الكبير والحنان واللطف فإذن الإمامة هي تمام الدين وهي النعمة الإلهية فعليه تكون من الألطاف والمنن الربانية، هذا وقد أمر الله بإطاعة الأئمة(عليهم السلام). يقول الإمام الصادق: (نحن قوم فرض الله طاعتنا وأنتم تأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته).

                          2 – خاتمة الرسالات:
                          رسالة الإسلام هي خاتمة الرسالات السماوية فقد قال عز وجل (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين). [سورة آل عمران: الآية 85].
                          فبما أن هذه الرسالة هي الختام فلا بد من قانون يضمن ديمومتها عبر الزمن ونحن نعلم أن الرسالة الإسلامية ليست مقتصرة على زمن البعثة فقط (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) فإذن لا بد من استمرار القيادة الحية إلى جانب الدستور الفكري للمسلمين وهو القرآن الحكيم أي أن وجود الولاية للأئمة(عليهم السلام) هي الضمان الوحيد للبقاء على ديمومة الرسالة الإسلامية ومن هنا جاءت الروايات تؤكد مسألة الولاية تأكيداً كبيراً لأنها مفتاح الشريعة الإسلامية قال الإمام الباقر(عليه السلام): (بني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية). وفي رواية الإمام الصادق: (بني الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية)، قال زراره: (فقلت: وأي شيء من ذلك أفضل؟ فقال: (الولاية أفضل لأنها مفتاحهن والوالي هو الدليل عليهن. . ).
                          فلا يكتب للرسالة الإسلامية بقاءً فعلياً من دون الإمامة المخولة لقيادة الأمة شرعاً، يقول الإمام الرضا(عليه السلام): (إن الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين).
                          بل إن الأئمة هم سبل الله فقال الإمام المهدي في دعاء الندبة (فكانوا هم السبيل إليك والمسلك إلى رضوانك) وبغير هذه السبل لا تقبل العبادات كما يقول الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله): (كل من دان الله عز وجل بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول وهو منال متحير والله شانئ لأعماله ومثله مثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها. . ).
                          فحينما تكون الرسالة الإسلامية خاتمة الرسالات أي لا يظهر نبي بعد النبي محمد(صلى الله عليه وآله) فلا بد إذن من قيادات حية تستمر في وجودها إلى جانب القرآن بعد حياة النبي (صلى الله عليه وآله).

                          3 – الضرورة التشريعية:
                          التشريعات والأحكام الإلهية جاءت مجملة في القرآن الكريم فالنبي(صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام)هم المفصلون لمجمل القرآن والموضحون للمتشابه فيه وخاصة لو عرفنا أن أحاديث الرسول(صلى الله عليه وآله) كثر الوضع فيها وباعتراف الجميع أن كل ما يروى عن الرسول غير صحيح ولو أردنا أن نعتبر كل ما يروى عن الرسول صحيح لأسأنا لشخصية الرسول وللإسلام عموماً ولوقعنا في فخ التناقضات العقلية وطبيعي كان للوضع أهدافه المصلحية من سياسية واجتماعية وهذا بحث يجتاح إلى تفصيل نحيله لوقت آخر.
                          فالمسلمون بحاجة ماسة إلى نبع صاف ليأخذوا منه مباشرة دون تحريف أو وضع أو شك ليتعرفوا على الموقف الإسلامي الصحيح من القرآن والسنة النبوية الشريفة وكذلك يحتاجون إلى النبع الصافي لمعرفة الوقائع المستجدة في حياة المسلمين التي لم تقع في زمن النبي(صلى الله عليه وآله) وبحثت بالرسالة الإسلامية دون تفصيل.
                          فالإمامة بعد النبي هي التي تقوم بهذه المهمة الخطيرة ضمن التشريع الإسلامي يقول الإمام علي (عليه السلام)إن أولى الناس بأمر هذه الأمة قديماً وحديثاً أقربها من الرسول وأعلمها بالكتاب وأفقهها في الدين أولها إسلاماً وأفضلها جهاداً. . . ) هذا الإمام هو الذي يفصل الآيات ويميز الأحاديث الواردة عن النبي(صلى الله عليه وآله) بأمانة وإخلاص وإلا لفسدت الديانة وكثرت التشعبات وفي هذا الصدد يقول الإمام الرضا(عليه السلام): (إنه لو لم يجعل لهم إماماً قيماً أميناً حافظاً مستودعاً لدرست الملة وذهب الدين وغيرت السنة والأحكام ولزاد فيه المبتدعون ونقص منه الملحدون وشبهوا ذلك على المسلمين لأنا قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين مع اختلافهم واختلاف أهوائهم وتشتت أنحائهم فلو لم يجعل لهم قيماً حافظاً لما جاء الرسول لفسدوا على نحو ما بينا وغيرت الشرائع والسنن. . ) وفي رواية الإمام الصادقإن الأرض لا تترك إلا بعالم يحتاج الناس إليه ولا يحتاج إلى الناس يعلم الحلال والحرام. . ).
                          فدور الأئمة(عليهم السلام) هو إبراز الحقائق الشرعية كما يريدها الله تعالى ويريدها الرسول فهم يفصلون المجمل ويزيلون الشوائب التي كثرت بعد وفاته(صلى الله عليه وآله) وهذا ما كان يعرفه النبي الأعظم ويتوقعه لذلك أوصى بوصاياه الخالدة وشدد فيها لكي نلتزم هذا الخط القيادي الذي لا يميل عن الحق أبد فقد قال(صلى الله عليه وآله): (والذي بعثني بالحق نبياً لو أن رجلاً لقي الله بعمل سبعين نبياً ثم لم يأت بولاية ولي الأمر من أهل البيت ما قبل الله منه صرفاً ولا عدلاً)(2).
                          هذا مع علمنا بأن الشريعة الإسلامية تستهدف من العبادة والإطاعة والانضباط أمام القانون الإلهي بناء الحضارة الإنسانية وفق الشريعة الإسلامية فهو هدف حضاري كبير وهو الاستقامة الواقعية على المبدأ وهو تحمل صعاب الإيمان والتقوى لا فقط أنها تهتم بالعبادات الشكلية الظاهرية وتجعلها هدفاً بحد ذاتها وإنما تريدها تعبيراً عن العمق الإيماني والالتزام القلبي ففي كل الظروف تطبق التعاليم الإسلامية ولا يمكن للظروف أن تغير أو تبدل القانون الإسلامي إلا ضمن المرونة المسموح بها شرعاً فحلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة، سئل الإمام الصادق أنه هل تبقى الأرض بلا عالم حي ظاهر يفزع إليه الناس في حلالهم وحرامهم ؟ فقال: (إذا لا يعبد الله).
                          ومثال السارق في عهد المعتصم، كيف أن الإمام الجواد حل نزاع القوم الفقهاء بأدلة شرعية من الكتاب العزيز وسنه النبي في مسألة موضع قطع يد السارق حيث استشهد بقول الرسول (صلى الله عليه وآله) (السجود على سبعة أعضاء الوجه واليدين والركبتين والرجلين فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم تبق له يد يسجد عليها قال الله تعالىوإن المساجد لله).
                          فإجراء الأحكام الجزائية بخصوصيتها وتفصيلاتها من المستصعب أن يدرك ذلك غير الإمام المعصوم وفي مراجعة سريعة لتاريخ العقوبات الجزائية في زمن الخليفة الثاني عمر ندرك عظمة وجود الإمام علي(عليه السلام) لحل الإشكالات الفقهية المعروضة على الخلافة القائمة وورد على لسان عمر ـ أكثر من مرة ـ: لولا علي لهلك عمر، وقال وكذلك: لا خير في معضلة ليس لها أبو الحسن.
                          فإذن الجانب الفقهي التطبيقي في العبادات والمعاملات وإجراء العقوبات وما شابه هذه الأمور التشريعية كان لا بد لها من إمام عالم قدير معصوم يرى في نفسه الأهلية والقابلية على الفتوى وإجراء الأحكام وهذا هو الإمام المعصوم وبالفعل نحن نلاحظ في التاريخ الإسلامي بالرغم من إقصاء الأئمة عن المسرح السياسي لكن دورهم في مجال التشريع والإفتاء وحل المعضلات الفقهية مفروض على الساحة الإسلامية وعلى الخلافة القائمة أيضاً. فهم فقهاء المسلمين وفقهاء دور الخلافة الإسلامية على مر العصور.


                          4 – الضرورة العقائدية:
                          ظهرت مدارس فلسفية كثيرة في عصور ما بعد النبي(صلى الله عليه وآله) متأثرة بالفلسفة اليونانية أحياناً ولتطوير الحياة الفكرية لدى المسلمين أحياناً أخرى. وهذه المدارس الفلسفية كلها محسوبة على الفكر الإسلامي ومستمدة تعاليمها من القرآن الكريم والسنة المحمدية الشريفة ـ كما تدعي ـ فمن يكون الحاسم للنزاع فيما بينها وبمن نلوذ ولمن نعطي القياد العقائدي.
                          فظهرت مدرسة المجسمة لله تعالى مستندة إلى آيات التجسيم مثلاً قوله تعالى:
                          (يد الله فوق أيديهم). [سورة الفتح: الآية 10].
                          و(الرحمن على العرش استوى). [سورة طه: الآية 5].
                          والمدرسة الجبرية استندت على آيات قرآنية تحمل في ظاهرها الجبر مثلاً قوله سبحانه:
                          (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا). [سورة التوبة: الآية 51].
                          (قل إن الأمر كله لله). [سورة آل عمران: الآية 154].
                          هكذا بل في أحاديث النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) ما يمكن حمله على التجسيم والجبر أيضاً لأنه يحمل على وجوه متعددة فأمام هذا التيار الفكري الذي كاد أن يجرف الأمة الإسلامية بل لقد هزها عقائدياً بفضل الحكام المتسلطين فلولا صمام الأمان المتمثل بالقيادة الشرعية (أئمة أهل البيت) لم تبق العقيدة الإسلامية على المستوى المطلوب في الثبات أثناء الصراع الحضاري فكان للأئمة (عليهم السلام) الدور الأكبر في توضيح المتشابهات وتفصيل المجملات في القرآن والسنة الشريفة وتبيين أسرار الكتاب العزيز بالأدلة العقلية والشرعية ففند الأئمة(عليهم السلام) أسس المدرسة الجبرية والمجسمة والذين تأثروا بالأفكار الإغريقية بالمنحى السلبي.
                          فمن هنا نفهم إشارة بعض الروايات الكريمة لهذه المسائل الاعتقادية العميقة فقد ورد عن النبي(صلى الله عليه وآله) في وصف القرآن(ظاهره أنيق وباطنه عميق)(3).
                          ورواية أخرى(أن للقرآن ظهراً وبطناً ولبطنه بطناً إلى سبعة أبطن)(4).
                          فكما أن وجود النبي(صلى الله عليه وآله) ضروري بالنسبة لبيان العقائد الإسلامية فكذلك كان لوجود الإمام وخاصة لو عرفنا أن العصور الإسلامية التي تلت حياة الرسول(صلى الله عليه وآله) قد تعرضت لهجمات فكرية عديدة.


                          5 – القدوة الصالحة والمثل الأعلى:
                          المثل الأعلى والقدوة الصالحة في التطبيق حيث لا يمكن أن ينجح دستور ما لم يطبقه شخص تطبيقاً عملياً دقيقاً والقرآن الكريم كذلك لا بد من شخص مؤهل لهذا التطبيق الدقيق وبما أن القرآن حمال ذو أوجه فلا بد أن يكون هذا الشخص معصوماً لنضمن تطبيقه المشروع للشريعة الإسلامية فمن هنا نلاحظ التأكيد على هذه المسألة من قبل الله تعالى فقد قال:
                          (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر). [سورة الأحزاب: الآية 21].
                          (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). [سورة النساء: الآية 59].
                          كي يتخذ المسلمون تطبيقات المعصوم المنفذ للشرع والمخول بالتفصيلات العملية قدوة صالحة ومثلاً أعلى في الحياة وبما أن القرآن الكريم هو مجموعة وثائق دستورية والمعصوم المطبق هو المسدد من قبل الله تعالى فقد جاء في الحديث الشريف قول النبي(صلى الله عليه وآله): (علي مع الحق والحق مع علي) (علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)(5).
                          وغيرها من الأحاديث والروايات التي ستأتي في حينها، فإذن تكتمل الصورة الصالحة للدستور والصورة التطبيقيه له أمام الناس وبعد ذلك لم تقبل منهم حجة أو تبرير في المخالفة والتباطؤ في تنفيذ الدساتير الشرعية.
                          فالأئمة(عليهم السلام) هم الحماة للقرآن والمطبقون له فمنهم يصدر التفسير والتأويل بل يصدر كل خير منهم يقول الإمام الصادق(عليه السلام): (نحن أصل كل خير ومن فروعنا كل بر فمن البر: التوحيد والصلاة والصيام وكظم الغيظ والعفو عن المسيء ورحمة الفقير وتعهد الجار والإقرار بالفضل لأهله وعدونا أصل كل شر ومن فروعهم كل قبيح وفاحشة فمنهم الكذب والبخل والنميمة والقطيعة وأكل الربا وأكل مال اليتيم بغير حقه وتعدي الحدود التي أمر الله وركوب الفواحش ما ظهر منها وما بطن والزنا والسرقة وكل ما وافق ذلك من القبيح فكذب من زعم أنه معنا وهو متعلق بفروع غيرنا)(6).
                          هذا وقد ورد في تفسير قوله تعالى(وأولي الأمر منكم) عن الباقر والصادق(عليهم السلام): (إن أولي الأمر هم الأئمة من آل محمد، أوجب الله طاعتهم بالإطلاق كما أوجب طاعته وطاعة رسوله)(7).


                          6 – الضرورة الاجتماعية:
                          الإمام(عليه السلام) هو المأوى الطبيعي لحل المعضلات السياسية والاجتماعية والجهادية فكما أن وجود الإمام ضرورة عقائدية وتشريعية كذلك وجوده لضرورات اجتماعية وسياسية وثورية فالإمام يمنح الصفة الشرعية للتحرك والثورة والتضحية والشهادة في سبيل الله وأنه(عليه السلام) يحدد المصلحة الإسلامية في الثورة أو الصلح أو الهدنة فهو ينظر بنور الله وأنه مسدد من قبله تعالى إضافة إلى القضايا الاجتماعية والسياسية فإنه الأجدر في حل معضلات المجتمع في هذه الأطر وخاصة لو عرفنا أن تحديد المصلحة والصفة الشرعية لا يمكن توفير هما بدون الإمام المعصوم وبالذات في الظروف التي يسودها الأمراء والحكام وحواشيهما من وعاظ السلاطين والمبررين للحكام أعمالهم الجائرة والمضللين على الناس بذلك فيكون الناس بهذه الحالة وغيرها في حاجة ماسة إلى الإمام ليبين لهم الحلال والحرام قال الإمام الصادق – كما مر معنا هذا الحديث – ان الأرض لا تترك إلا بعالم يحتاج الناس إليه ولا يحتاج إلى الناس يعلم الحلال والحرام.
                          ورواية الإمام الرضا(عليه السلام) توضح هذه الضرورة كذلك حيث يتساءل (. . فإن قال: فلم جعل أولي الأمر وأمر بطاعتهم؟ قيل لعلل كثيرة: منها أن الخلق لما وقفوا على حد محدود وأمروا أن لا يتعدوا ذلك الحد لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم إلا بأن يجعل عليهم فيه أميناً. . ومنها أنا لا نجد فرقة من الفرق ولا ملة من الملل بقوا وعاشوا إلا بقيم ورئيس لما لا بد لهم منه، لا قوام لهم إلا به. . . ومنها أنه لو لم يجعل لهم إماماً قيماً أميناً حافظاً مستودعاً لدرست الملة وذهب الدين وغيرت السنة. . . ) فلا بد أن يدخل الإمام في الوسط الاجتماعي ليحل المشاكل الاجتماعية ويوجهها الوجهة المقبولة فيكون النبراس الدائم لهذه الناحية إضافة لنواحي الحياة الأخرى.
                          يقول الإمام علي(عليه السلام): (على أئمة الحق أن يتأسوا بأضعف رعيتهم حالاً في الأكل واللباس ولا يتميزون عليهم بشيء لا يقدرون عليه ليراهم الفقير فيرضى عن الله تعالى بما هو فيه ويراهم الغني فيزداد شكراً وتواضعاً).
                          وتتضح هذه الضرورة الاجتماعية – كما أسلفنا – حينما يتسلط رجال الدنيا على الحكم الإسلامي فيريدون من المجتمع أن يذوب في ذواتهم بل يسخروه حتى في الأطر غير الشرعية لإرضاء شهواتهم كما فعل معاوية بن أبي سفيان لابنه يزيد حينما أحب يزيد زوجة عبد الله بن سلام (أرينب) المعروفة بالجمال فدبر حيلة بواسطة وعاظ السلاطين فجلب ابن سلام من المدينة للشام فأغراه بالزواج من أخت يزيد ابنته بشرط الطلاق من أرينب التي كان يحبها كثيراً باعتبارها زوجته وبالفعل كتب الطلاق وأخذ كتاب الطلاق وعاظ السلاطين وانطلقوا نحو أرينب في المدينة وزاروا الإمام الحسين(عليه السلام) وأخبروه بالأمر وهنا تدخل الإمام الحسين(عليه السلام) ليكون هو الخاطب أيضاً منافساً ليزيد في ذلك فبعد أن بلغت بطلاقها حزنت كثيراً واختارت ريحانة رسول الله زوجاً لها وبعد فشل المحاولة عاد ابن سلام حزيناً باكياً لأنه خسر زوجته ورفضته أخت يزيد فعرف المكيدة فجاء للحسين(عليه السلام) فأعادها إليه دون أن يدخل بها فعادت الأسرة سعيدة. . والإمام السجاد كان يرعى الكثير من بيوت المدينة بعد إباحتها لجيش يزيد ثلاثة أيام. . ومن هذه الوقائع الاجتماعية التي تدخل الأئمة(عليهم السلام) لإصلاحها تحفل بها كتب السير والتاريخ. .


                          7 – الضرورة الثورية والجهادية والسياسية:
                          وكما أن وجود الإمام(عليه السلام) لضرورة اجتماعية إصلاحية كذلك وجوده لضرورة سياسية لتبيان الخطوط المنحرفة عن غيرها والضرورة جهادية ثورية أيضاً حيث يستطيع الإمام أن يحدد الثغرات السياسية في الحكم القائم ويضع لها البديل الإسلامي ويحدد أيضاً التوقيت الثوري المناسب في ظل الظالمين بعد أن يرسم خطط العمل وطرق المسيرة الموصلة إلى نقطة الانفجار الثوري أي ساعة الصفر فالإمام الحسن مهد لثورة الإمام الحسين والإمام السجاد أكمل ثورة الإمام الحسين وأشعل الانتفاضة في المدينة المنورة وهكذا. . .
                          فإذن لا ينتهي موضوع الضرورات بالنسبة للإمام المعصوم إلا بشمول الحياة واحتياجاتها من كل النواحي فهو ضروري لكل ناحية من نواحي الحياة الكونية والشرعية والسياسية. . . يقول الإمام الرضا في صفة الإمام. . . (مضطلع بالإمامة، عالم بالسياسة)(8).
                          فالإمام هو الذي يستطيع أن يطبق الشريعة الإسلامية لحل هذه المعضلات ولا يستطيع ذلك إلا المعصوم فيحل الخلافات بالطرق المشروعة فقد ورد في كتب الروايات أن مناظرة حدثت بين أحد طلبة الإمام الصادق وهو هشام بن الحكم مع أحد الشاميين المختلفين بالرأي مع هشام في هذه المسألة وتم ذلك بحضور الإمام، قال الشامي لهشام سلني في إمامة هذا – يعني الصادق – فغضب هشام حتى ارتعد ثم قال للشامي: أربك أنظر لخلقه أم خلقه لأنفسهم فقال الشامي بل ربي انظر لخلقه فقال هشام ففعل بنظره لهم ماذا ؟ قال: أقام لهم حجة ودليلاً كي لا يتشتتوا أو يختلفوا، يتألفهم ويقيم أودهم ويخبرهم بفرض ربهم قال فمن هو ؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال هشام فبعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال الكتاب والسنة قال هشام فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة في رفع الاختلاف عنا قال الشامي نعم قال فلم اختلفنا أنا وأنت وصرت إلينا من الشام لمخالفتنا إياك فسكت الشامي فقال أبو عبد الله(عليه السلام) للشامي: ما لك لا تتكلم ؟ قال الشامي إن قلت لم نختلف كذبت، وإن قلت ان الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت، لأنهما يحتملان الوجوه وإن قلت قد اختلفنا وكل منا يدعي الحق فلم ينفعنا إذن الكتاب والسنة إلا أن لي عليه هذه الحجة فقال(عليه السلام) سله تجده ملياً فقال الشامي يا هذا من أنظر للخلق أربهم أو أنفسهم فقال هشام: ربهم أنظر. . . فقال الشامي فهل أقام لهم من يجمع لهم كلمتهم ويقيم
                          أودهم ويخبرهم بحقهم من باطلهم قال هشام في وقت رسول الله أو الساعة فقال الشامي في وقت رسول الله رسول الله والساعة من، قال هشام: هذا القاعد الذي تشد له الرحال ويخبرنا بأخبار السماء وراثة عن أب عن جد، قال الشامي فكيف لي أن أعلم ذلك قال هشام سله عما بدا لك، قال الشامي: قطعت عذري فعلي السؤال وعند ذاك شرح له الإمام(عليه السلام) كيفية سفره وما صادف فيه من حوادث فأقبل الشامي يقول: صدقت وآمن بإمامته(9).
                          وليس للإمام تحديد ساعة الثورة فقط بل بيان أسلوب التحرك وأساليب الجهاد بل يقود الأمة جهادياً على الأرض ويخطط لها ميدانياً التخطيط العسكري في الهجوم أو الدفاع سواء كانت المواجهة فردية أو جماعية وهكذا النبي(صلى الله عليه وآله) القدوة العظمى حيث قاد المسلمين شخصياً في الميدان وهكذا الإمام علي أيضاً وهكذا الإمام الحسين قاد الثورة بنفسه وأهل بيته وأصحابه البررة.
                          ففي الرواية: (أن الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين، إن الإمام رأس الإسلام النامي وفرعه السامي بالإمام تقام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفيء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ومنع الثغور والأطراف. . ).
                          فإذن وجود الإمام على الساحة ضرورة سياسية وجهادية وثورية فإنه الغطاء الشرعي المتين للتحرك على كافة المستويات وهو الذي يحفظ لثمار هذا التحرك من الضياع ولجهوده من الانحراف.

                          8 – الوقائع المستجدة:
                          الوقائع المستجدة في حياة الأمة على كافة المستويات بحاجة إلى قرار قطعي، ومن دون شك انه لا يستطيع أحد أن يزود الأمة بالقرار القطعي إلا الإمام المعصوم والمدعوم من قبله سبحانه وتعالى يقول الإمام الباقر(عليه السلام):
                          (إنما يعرف الله عز وجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منا أهل البيت)(10).
                          وهذه النقطة من النقاط المهمة التي نرى آثارها جلية أمامنا فالقائد الفعلي والشرعي هو الذي يعطيك القرار الشرعي دون تردد أو احتياط في كل المسائل وبالذات المسائل المصيرية المستجدة فإنه يحملها على مستوى التطبيق والتنفيذ وانه يتحمل مسؤولية القرار وله الصلاحيات القيادية كما كانت للنبي(صلى الله عليه وآله) في زمانه.


                          9 – الحصانة الإيمانية:
                          يقوم الإمام المعصوم بواجبه المقدس ضمن الظروف الموضوعية المناسبة يستهدف حصانة المجتمع إيمانياً ليقيه شر الانحراف والفساد فهو يحدد واجبه المقدس كثورة ثقافية أو أخلاقية أو إصلاحية أو جهادية سعياًَ لأجل الإصلاح والتحصين ففي الحالة الإصلاحية يبين للمجتمع السلوك الأصلح فيكون صورة ناصعة للخلق النبيل فيذكرهم بالآخرة حيث الجنة والنار وهكذا حينما تمد الدنيا مخالب شهواتها إلى عمق الإنسان والمجتمع فيبتعد المجتمع عن الطريق السوي وتجعله من الناسين لذكر الله والآخرة يبرز الإمام بثورته الإصلاحية لينشر القيم الإيجابية ليعيد الناس إلى جادة الصواب والإمام – كما أسلفنا – يحدد نوعية التحرك والثورة إصلاحياً أو ثقافياً أو سياسياً. . . وربما يؤدي كافة الأدوار في آن واحد أو يؤدي كل دور في ظرف معين حسب ما تمليه الشريعة من واجبات مقدسة هدفه الرئيسي منها هو الإسلام وحصانة المسلمين من تيارات الدنيا والشهوات وحب الرئاسة والشيطان قال النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) في أواخر حياته: (والله ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به وما من شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه)(11).
                          والأئمة(عليهم السلام) كل قد أدى دوره الشرعي في الأمة فهذا الإمام الحسين(عليه السلام) أعاد الأمة إلى الوعي والاستقامة بعد أن رأي الشهادة في سبيل الله الطريق الوحيد للإنقاذ حيث كان ضمير الأمة في طريق الموت والانتحار فقال(عليه السلام): (إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما).
                          ولسان حاله: (إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني).
                          المهم أن تبقى رسالة الإسلام في وجدان الناس عن قناعة وإدراك فأساليب الأئمة متعددة كلها تصب في هذه القناة – وسنأتي في حديث مقبل عن حياة الأئمة ونبين على مستوى الإيجاز هذه النقطة من حياة الأئمة(عليهم السلام) فهم يملكون الصلاحية لتطبيق الشريعة ويحددون الواجب الشرعي إزاءها.

                          10 – من سنن الله تعالى:
                          من سنن الله تعالى الخلافة للأنبياء حيث كان هارون وصي موسى كما هو مذكور في القرآن الكريم وما بين نبي ونبي مجموعة من الأوصياء حتى يظهر النبي المرتقب.
                          وأكثر من ذلك أن الإسلام أوجب على المسلم أن يوصي بأموره بعد الموت فقد ورد في الحديث الشريف قوله(صلى الله عليه وآله): (من مات بلا وصية مات ميتة جاهلية)، فرسول الإسلام(صلى الله عليه وآله) مع مهمته الإلهية الكبرى لا يمكن أن يتركها دون وصية وحماية والحال أن الشريعة الإسلامية كما هو معروف اهتمت بدقائق الأمور وجزئياتها في حياة المسلمين فكيف لا تهتم بالخلافة باعتبارها أمر مصيري وخطير !
                          وقد ورد في كتب الروايات لدى كل الفرق الإسلامية أن النبي(صلى الله عليه وآله) أوصى للأئمة من بعده حيث قال(صلى الله عليه وآله): (إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة) وفي رواية (كنز العمال) قال(صلى الله عليه وآله): (إن عدة الخلفاء بعدي عدة نقباء موسى).
                          وفي حديث آخر قال(صلى الله عليه وآله): (لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً. . كلهم من قريش)(12).

                          تعليق


                          • #28
                            تتمة

                            3-



                            3-الحل الجذري لمسألة الخلافة

                            1 – النبي(صلى الله عليه وآله) يتوقع حالة الخلاف

                            2 – حسم النزاع

                            1 – النبي(صلى الله عليه وآله) يتوقع حالة الخلاف:
                            في أكثر من حديث شريف نلاحظ تحذيراً من الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) للحالة الخلافية التي ستظهر من بعده وفي بعضها تصريح واضح بالاختلاف المتوقع والنبي(صلى الله عليه وآله) يضع المعالجة الشرعية لمن يصغي إليه ويطيعه.
                            فقد قال(صلى الله عليه وآله): (ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة ناجية والباقون في النار)، وأحاديث الارتداد كثيرة تبين سبب الارتداد ومعالجته ففي كتاب (الجمع بين الصحيحين) الحديث 267 (إن النبي محمد(صلى الله عليه وآله) يرى يوم القيامة أكثر أمته تدخل النار وحين يسأل عن السبب يقال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى).
                            وقال(صلى الله عليه وآله) في حديث آخر (تفترق أمتي على ثلاث فرق فرقة على الحق لا ينقص الباطل منه شيئاً يحبونني ويحبون أهل بيتي مثلهم مثل الذهب الجيد كلما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلا جودة، وفرقة على الباطل لا ينقص الحق منه شيئاً. . . وفرقه مدهدهة على ملة السامري لا يقولون لا مساس لكنهم يقولون لا قتال !! إمامهم عبد الله بن قيس الأشعري)(13).
                            مما سبق يظهر أن النبي(صلى الله عليه وآله) كان متوقعاً للحالة الخلافية دون أدنى شك مما يدفع تساؤلنا الذي يفرض نفسه هنا: هل أن الرسول فكر في وضع الحلول لهذه الحالة أم تركها لتحل نفسها بنفسها !؟ وهي مسألة مصيرية وجوهرية ولا يمكن أن نختار الرأي الثاني حينما عرفنا أن الإسلام دين الحياة لم يترك صغيرة ولا كبيرة في الحياة إلا وسن لها قانوناً ووضع لها تشريعاً فكيف بالمسألة المصيرية التي من المحتمل أن تهدد وجود الأمة الإسلامية بل وجود الإسلام ككل.
                            فالله سبحانه والنبي الأكرم أحرص منا على الإسلام والمسلمين فلا بد إذن قد وضعت الشريعة الإسلامية حلاً مناسباً لهذه المعضلة المهمة ولا يمكن أن نصدق عدم وجود الحل المشروع لمسألة من أهم مسائل الإسلام خطورة ومن أعقد المسائل الاعتقادية، لأن الإيمان بالإمامة وعدمه سيؤثر على مصير الشريعة الإسلامية من الجانب الفكري والعقائدي من ناحية ومن ناحية أخرى ستتمزق الوحدة الإسلامية بل ستتقاتل الأمة فيما بينها – كما حدث في التاريخ !.
                            ولو فرضنا أن الحل يبقى عائماً دون تحديد اسم معين ليقوم بالمهام الصعبة ستتحول الصلاحية الشرعية للأمة في اختيار القائد ولأهل الحل والعقد وهذا مما لا يوجد نص عليه في آية أو حديث نبوي ولا الدليل العقلي يسنده لأن الأمة قد تخطيء في الاختيار وقد تصيب وأن الأكثرية ليست دليلا على صحة الرأي في مسألة اعتقادية مهمة والمعروف أن الأكثرية مذمومة في القرآن المجيد وقد صرح بعدم جدوائية رأي الأكثرية فقد قال سبحانه:
                            (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله). [سورة الأنعام: الآية 116].
                            وحتى في حياتنا العملية اليوم من الصعوبة أن نؤمن أن الأمة هي التي تحدد التشريع الإلهي الصائب في الحلال والحرام والقيادة والطاعة. . .
                            أمام هذه التساؤلات وأمام عدم الأدلة بشرعية اختيار الأمة نلاحظ النصوص المتواترة في تفسير القرآن الكريم وكذلك وجود أحاديث النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) بأن الإسلام وضع الحل الطبيعي الشرعي لهذه المعضلة فقد نصب – بأمر الله عز وجل – النبي محمد الإمام علياً إماماً ووصياً وخليفة من بعده فمن جملة ما قاله(صلى الله عليه وآله) حينما آخاه بعد الهجرة إلى المدينة المنورة حيث المشروع المتكامل في مؤاخاة المهاجرين والأنصار قال له: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي).
                            وقال(صلى الله عليه وآله): (إن هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم – أو من بعدي على اختلاف النصوص – فاسمعوا له وأطيعوا)(14).
                            فضحك القوم واستهزأوا بهذا القرار وقالوا لأبي طالب قد أمرك أن تسمع وتطيع لهذا الغلام – يعنون ابنه –
                            وحديث الغدير في حجة الوداع لا ينكره أحد على الإطلاق حيث قال(صلى الله عليه وآله) (من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. . ).
                            هذا الإجراء النبوي في حجة الوداع جاء استجابة للنداء الإلهي حينما نزلت الآية المباركة:
                            (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس. . ). [سورة المائدة: الآية 67].
                            وحينما بلغ الرسالة في تعيين الخليفة من بعده وهو الإمام علي(عليه السلام) في ذلك الهجير نزلت الآية المباركة:
                            (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا). [سورة المائدة: الآية 3].
                            وفي رواية يونس بن يعقوب قال كان عند أبي عبد الله الصادق جماعة من أصحابه منهم حمران بن أعين. . وجماعة فيهم هشام بن الحكم وهو شاب فقال أبو عبد الله: (يا هشام ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته. . فأجاب إنه دخل عليه بالبصرة وهو في مجلس كبير فبدأ يسأله بعد أن عرف نفسه بأنه رجل غريب، قلت ألك عين فقال نعم. قلت فما تصنع بها قال أرى بها الألوان والأشخاص. قلت فلك أنف قال نعم قلت فما تصنع به قال أشم به الرائحة قلت فلك فم قال نعم قلت فما تصنع به قال أذوق به الطعم قلت فلك أذن قال نعم قلت فما تصنع بها قال أسمع بها الصوت قلت ألك قلب قال نعم، قلت فما تصنع به قال أميز به كل ما ورد على هذه الجوارح والحواس قلت أو ليس في هذه الجوارح غنى عن القلب قال لا، فقلت وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة قال يا بني إن الجوارح إذا شكت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ردته إلى القلب فتستيقن اليقين ويبطل الشك قال هشام فقلت له فإنما أقام الله القلب لشك الجوارح قال نعم قلت لا بد من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح قال نعم فقلت له يا أبا مروان فالله تبارك وتعالى لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماماً يصحح لها الصحيح وتستيقن به ما شكت فيه ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم إماماً يردون إليه شكهم وحيرتهم ويقيم لك إماماً لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك قال فسكت ولم يقل لي شيئاً. . . )(15).
                            فبالنتيجة إن المتوقع الطبيعي لدى النبي(صلى الله عليه وآله) من بعده سيكون الخلاف فلذلك بينه ووضع له الحل الإلهي قبل أن نأخذ المسألة أبعاداً نفسية وسياسية فلكي نؤمن بأكملية الرسالة الإسلامية وأنها شاملة لكل نواحي الحياة وأنها دائمة حتى تقوم الساعة لا بد إذن من الإيمان القطعي بأن الإسلام قد حسم مسألة الخلافة دون أن يتركها تتفاعل سلبياً داخل الأمة بل حلها حلا جذرياً وواقعياً.

                            2 – حسم النزاع:
                            ـ وكما قلنا – من مصداقية الرسالة الإسلامية بأنها كاملة وشاملة ومستمرة تقتضي الإيمان بأن الإسلام قد حسم النزاع المتوقع ببيان القيادة الشرعية فهي تمثل الخلافة الشرعية للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بالتعيين نصاً وقد سبق أيضاً أن الأمة أو بالتحديد أهل الحل والعقد أو الأكثرية كل ذلك لا يمكن أن نعتبره طرحاً حاسماً للنزاع المتوقع فإن حلا عائماً يصعب أن نلصقه بالشريعة الإسلامية التي لم تعودنا على الحلول العائمة والغامضة ومن العسير أن نربط هذا الحل العائم بالغيب المدبر وهكذا ننتهي بلا بدية التعيين للخلافة كما تم تعيين النبوة نصاً بأمر الله تعالى فالمسألة مرتبطة بالتعيين الإلهي والاختيار الرباني ضمن المشروع المتكامل للرسالة الإسلامية فالله سبحانه هو العارف بمصلحة الرسالة البشرية وتعين النبي والإمام بالنص هو الأنسب للطفه وعنايته – وأمر الإمامة من تمام الدين – كما قال الإمام الرضا(عليه السلام).
                            الهوامش:
                            13- نفس المصدر ج 7 ص 463.
                            14- كما ورد في كنز العمال ج 6 ص 397 وغيره.
                            15- حق اليقين ص 86.

                            تعليق


                            • #29
                              تتمة

                              4-



                              4-شرائط الإمامة
                              التعيين الإلهي.
                              لا لاختيار الناس.
                              العصمة.
                              الأفضلية.
                              السلامة من العيوب.
                              المعاجز والكرامات.
                              للإمامة عدة شرائط حددها التشريع الإسلامي فلا يمكن لشخص أن يخترق صفوف الأمة الإسلامية ويعلن نفسه إماماً ما لم تتوفر فيه هذه المواصفات التي يستحيل تواجدها في شخصية عادية غير مدعمة من الغيب وبذلك تتوفر الحصانة التامة للقيادة الإسلامية الأمينة على مصالح الإسلام والمسلمين من أن يدعيها غير كفوء أو يعتلي منصبها الإلهي شخص منتفع بالإضافة إلى أن هذه الحصانة تحفظ القيادة الإسلامية من الوقوع تحت تأثيرات الدنيا والشهوات وبالتالي تكون قيادة أمينة على الشريعة وحريصة على مصالح الناس في ظل الإسلام ويستحيل عليها الانحراف فلو طالعنا كل شرائط القيادات في العالم لم نجد على الإطلاق مثل شرائط الإمامة عندنا ومن هنا تظهر أسباب الانحراف والتغيير من قائد لآخر على عكس قيادة الإمام بل أكثر من ذلك أن القيادة الإسلامية النائبة عن الإمام المعصوم في زمن غيبته كزماننا الحالي فإنها محصنة بشرائط دقيقة يصعب زحزحتها عن مواقفها المبدئية وأنها لمفخرة خالدة للإسلام أن يسن هذا المشروع القيادي عبر الزمان وهو محصن تحصيناً حديدياً من الاختراق أو الانحراف أو الخروج عن المبدئية وهذا الكلام يأتي في محله.
                              أما أهم تلك الشرائط فهي:


                              1ـ التعيين الإلهي:
                              إن الإمامة منصب إلهي والتصدي له بالمعنى الشرعي الشامل لدينا لم يتحقق إلا بالتعيين الإلهي فالنص الشرعي على الإمامة من أبرز شرائطها، والعناية الإلهية ما تركتنا نتخبط في ظلمات الحياة بل وضحت لنا السبيل الهادي فبعد النبي(صلى الله عليه واله) وهو صاحب الولاية المطلقة يكون منصب الأئمة الاثني عشر(عليهم السلام) هم ولاة أمر المسلمين في أموالهم وأعراضهم ومصيرهم فلو تتبعنا منصب الخلافة في أدوار التاريخ الإسلامي لما وجدنا ممارسة الدور القيادي للحاكمين كما يريده الله ونفهمه نحن من منصب الإمام والحال كان التسلط على إمارة المسلمين هي شارتهم ليحكموا من دون رعاية لتربية المجتمع وتعليم الناس وقيادتهم كيف يفعل الحاكم ذلك وهو يحكم المسلمين بعقلية الأمير المتجبر، فاقد لشرائط التقوى والإيمان والخلافة الشرعية وأدنى مستويات العدالة ولكن ومع وجود الأمارة المتسلطة كانت بؤر النور والهداية تأخذ طريقها في قيادة المجتمع لتملأه عدلاً وخيراً وصلاحاً.
                              فكان يشعر المسلمون بقيادة الأئمة لهم روحياً ونفسياً بالرغم من إبعادهم عن المسرح السياسي هذا الشعور كان ولا يزال في وجدان المسلمين جميعاً.
                              فالقيادة الشاملة والخلافة الصحيحة تتجسد في إمامة المعصومين فهم يرشدون الناس إلى العقل عبر الحجج القرآنية والفطرية ويمنعون الانحراف ويحاربون رأس الفتنة ويضحون من أجل القيم الإسلامية وراية لا إله إلا الله محمد رسول الله فحسب، وهذه الصفات لا نراها في خلفاء العباسيين مثلاً أو أية خلافة أخرى، بينما أئمة أهل البيت(عليهم السلام) بالرغم من عدم الممارسة الشكلية لإدارة المسلمين لكنهم كانوا هم الولاة الشرعيين للمسلمين وتسجل لنا أحداث التاريخ أكثر من موقف مع أكثر من خليفة شكلي كان يتحير في إجابة المسلمين أو الوافدين فكان يحيل الأمر إلى أهله وهم أئمة الهدى(عليهم السلام).
                              عموماً نلاحظ أن هذا المنصب الإلهي المتميز عرف من الشرائط الرئيسية للإمامة عبر النص الشرعي أولاً وعبر التصدي الفعلي لقضايا الإسلام والمسلمين من قبل أئمة الهدى ثانياً.
                              أما النص الشرعي، فقد ورد في القرآن العزيز ذلك والنبي الأكرم وضع الأمر في أحاديثه أيضاً فكثير من الآيات والأحاديث التي تشخص الإمامة بالصفات المطلوبة وتعين الإمامة في أشخاص معنيين بأسمائهم وقد مر في البحوث السابقة قسم منها ونذكر – ههنا – بعضها على مستوى التذكير لا التفصيل:
                              قال تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون). [سورة المائدة: الآية 55].
                              فقد اتفق المفسرون والمحدثون من جميع الفرق الإسلامية أنها نزلت في الإمام علي(عليه السلام) حينما تصدق بخاتمه على المسكين وهو في أثناء الصلاة بحضور ثلة من الصحابة وهو مذكور في الصحاح الستة وروى ذلك السيوطي والرازي والزمخشري وابن عباس وأبو ذر وجابر بن عبد الله الأنصاري. . وأهل اللغة كذلك يتفقون على أن معنى الولي لغة يعني الأولى بالتصرف المرادف للإمام والخليفة.
                              وقال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً). [سورة المائدة: الآية 3].
                              يروي الرواة أنها نزلت في غدير خم بعد تعيين الإمام علي(عليه السلام) خليفة على المسلمين بأمر الله وينص الرسول(صلى الله عليه واله) لما أخذ بضبعي علي(عليه السلام) يوم الغدير لم يتفرق الناس حتى نزلت هذه الآية فقال(صلى الله عليه واله): (الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضاء الرب برسالتي وبالولاية لعلي من بعدي. . ).
                              وقال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) المراد بحبل الله هم أئمة أهل البيت كما ورد في كثير من الأحاديث وفي كتب التفسير أيضاً فالقرآن لا يفترق عنهم ومن تمسك بهم تمسك بالقرآن فهم عدل القرآن وترجمانه.
                              وسيأتي تفصيل بعض الآيات في حديث العصمة للأئمة(عليهم السلام) وهناك آيات كثيرة في هذا الشأن نذكر بعضها.
                              قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) في حديث متواتر وبطرق عديدة: (إني قد تركت فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي وأحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ألا وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض).
                              وفي حديث آخر قال(صلى الله عليه وآله): (يا علي ! بنا ختم الله الدين كما بنا فتحه وبنا يؤلف الله بين قلوبكم بعد العداوة والبغضاء).
                              وقال(صلى الله عليه وآله) في حديث آخر: (إنما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق) وعند ذكر آل النبي(صلى الله عليه وآله) قال الإمام علي(عليه السلام): (هم موضع سره وملجأ أمره وعيبة علمه وموئل حكمه وكهوف كتبه وجبال دينه بهم أقام انحناء ظهره وأذهب ارتعاد فرائصه).
                              وقال الرسول(صلى الله عليه وآله): (ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة في الجنة والباقون في النار).
                              وقال(صلى الله عليه وآله): (لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة).
                              وأما رواية إبراهيم بن محمد الحمريني لحديث الغدير مسنداً من سليم بن قيس في حديث طويل. . يذكر فيه فضائل الإمام علي(عليه السلام) وأهل بيته أرى لزاماً أن أنقل ما يفيدنا منه في هذا المجال ففي غدير خم خطب(صلى الله عليه وآله) فقال:
                              (أيها الناس إن الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أن الناس مكذبي فأوعدني لأبلغها أو يعذبني. . . أيها الناس أتعلمون ان الله عز وجل مولاي وأنا مولى المؤمنين أنا أولى بهم من أنفسهم؟) قالوا بلى يا رسول الله قال (. . . من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) فقام سلمان فقال يا رسول الله ولاء ماذا ؟ فقال: (ولاء كولائي من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه) فأنزل الله (اليوم أكملت لكم. . . ) فكبر رسول الله وقال: (الله أكبر تمام نبوتي وتمام دين الله ولاية علي بعدي) فقام أبو بكر وعمر فقالا: يا رسول الله هذه الآيات خاصة في علي قال(صلى الله عليه وآله): (بلى فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة) قالا: يا رسول الله بينهم لنا قال(صلى الله عليه وآله): (علي أخي ووزيري ووارثي ووصي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن من بعدي ثم ابنه الحسن ثم الحسين ثم تسعة من ولد ابني الحسين واحداً بعد واحد، القرآن معهم وهم مع القرآن لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا علي الحوض).
                              أكتفي بهذا المقتضب من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة في بيان مسألة الإمامة بأنها قضية إلهية محددة من قبل الله سبحانه فالذي يسلك سبيل أئمة أهل البيت إنما يتعبد بالنص الإلهي المقدس وينص الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) في مسألة الخلافة وهذا التعبد هو المطلوب أساساً لأننا توصلنا بالأدلة العقلية والنقلية بعدم إمكانية ترك هذه المسألة الحساسة دون حل ولن نجد حلاً سوى ما رويناه من نصوص مقدسة في تعيين أئمة أهل البيت خلفاء وأمناء على الأمة والرسالة.
                              فإذن التعيين لهذا المنصب الإلهي مخصص لأئمة أهل البيت دون سواهم لأنهم هم المختارون من قبله تعالى لقيادة هذه الأمة الإسلامية.
                              أما ثانياً فنلاحظ مسألة التصدي الحقيقي لمهام الأمة والرسالة تتجسد في أئمة أهل البيت أيضاً فهم تحملوا أعباء الرسالة الفكرية والثقافية والتنفيذية فهم حماة القرآن وحفظة سنة الرسول(صلى الله عليه وآله) إضافة إلى إدارتهم للمجتمع الإدارة الفعلية لحل مشاكلهم وتوجيههم روحياً ونفسياً.
                              قال الإمام علي(عليه السلام): (انظروا أهل بيت نبيكم فالزموا سمتهم واتبعوا أثرهم فلن يخرجوكم من هدى ولن يعيدوكم في ردى فإن لبدوا فالبدوا وإن نهضوا فانهضوا. . . ).
                              وقال كذلك: (إن أولى الناس بأمر هذه الأمة قديماً وحديثاً أقربها من الرسول وأعلمها بالكتاب وأفقهها في الدين أولها إسلاماً وأفضلها جهاداً وأشدها بما تحمله الأئمة من أمر الأمة اضطلاعاً. . (16).
                              فالخلافة السياسية وإن احتل عرشها الحكام ولكن القيادة الإسلامية أي الخلافة الحقيقية كانت متجسدة في أشخاص الأئمة لذلك كانوا يحلون الأزمات الفكرية والثقافية والفلسفية مما يعجز عن حلها الحكام المتسلطون باسم الإسلام.


                              2 – لا لاختيار الناس:
                              منصب الأئمة من أهل البيت تعيين إلهي مباشر بعيداً عن اختيار الناس فقد قال سبحانه وتعالى: (ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم). [سورة الأحزاب: الآية 36].
                              فلا بد من الانصياع التام والتسليم المطلق لقضاء الله وقضاء رسول لأن قضاء الرسول قضاء الله تعالى: (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى). [سورة النجم: الآيتان 3 – 4].
                              فليس للمؤمن أن يختار لنفسه أمراً وفي هذا الأمر قضاء إلهي محتوم فالخلافة منصب إلهي مقرر من قبل الله تعالى حيث اصطفى لهذا المنصب من يرى فيه الأهلية والقدرة على تحمل مسؤوليتها وأمام هذا التشريع لا نخير أنفسنا في اتباع هذا الخليفة باجتهاد أو استحسان بل لا اجتهاد ولا استحسان أمام النص المقدس وقد علمنا قصور عقولنا في الأبحاث السابقة عن كثير من الأمور وقدراتنا محدودة في هكذا تشريعات ولا نحتاج إلى الاستدلال على ذلك لو شاهدنا الانتخابات في العالم كيف يجمع الأكثرية على اختيار رئيس لهم وبعد فترة يعضون أصابع الندم على عدم معرفتهم بنفسية هذا المنتخب المتسلط عليهم.
                              وعلى هذا جاء اللطف الإلهي ليشملنا بعنايته ويحسم هذا الأمر بالتعيين قال تعالى (إني جاعلك للناس إماماً – النبي إبراهيم الخليل ـ قال ـ إبراهيم ـ ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين). [سورة البقرة: الآية 124].
                              فكان لإبراهيم الخليل طموح في أن يتقلد من ذريته هذا المنصب الإلهي المقرر ولكن التشريع الرباني نسف إمامة الظالمين وإن كانوا من ذرية إبراهيم.
                              وفي آية أخرى: (يا داود إنا جعلنناك خليفة في الأرض). [سورة ص: الآية 26].
                              وهكذا فمسألة الخلافة هي اختيار إلهي وليس للمؤمنين أن يتدخلوا في هذا الاختيار بل عليهم التسليم والإطاعة فالله وحده (أعلم حيث يجعل رسالته). [سورة الأنعام: الآية 124].
                              فأئمة المسلمين قد نص الله سبحانه ورسوله على إمامتهم ففي الآيات الكريمة الماضية إشارة إلى الولاية وفي أحاديث كثيرة وردت في هذا الصدد حصرت الخلافة والإمامة في بني هاشم في قريش قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش) رواه مسلم في صحيحة ج 2 ص 191.
                              وقال العلامة الحلي في (شرح التجريد): إن المراد بالـ 12 هم أئمة الشيعة حيث ثبت بالتواتر أن النبي قال للحسين(عليه السلام): (ابني هذا إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائمهم) وروى المحب الطبري الشافعي في كتاب (ذخائر العقبى) أن النبي قال: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوماً واحداً لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من ولدي اسمه كاسمي) فقال سلمان: من أي ولدك يا رسول الله ؟ قال: (إن ولدي هذا) ـ وضرب بيده على الحسين ـ(17).
                              أما لو ترك الخيار للناس فسنحصد التفرقة لعدم اجتماعهم على قائد واحد ـ عادة ـ فتدخل المحسوبيات والمنسوبيات كقضية طبيعية في الأمر وبعد ذلك من هو الضامن لاستقامة هذا القائد واستمراره على الاستقامة بعد انتخابه؟ وكيف يمكنه أن يقنع الجميع برأيه وموقفه؟ وحتى في قناعاته التي يراها صحيحة من يلزم الناس على قبولها في حالة عدم قناعتهم بتلك القرارات وهكذا مجموعة من العقبات التي تحول دون الارتباط القلبي بهذا المنتخب كما هو الحال في القيادات المنتخبة في العالم السياسي اليوم.
                              عن سعد بن عبد الله القمي عن الحجة القائم قلت فأخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار الإمام لأنفسهم؟.
                              قال: مصلح أو مفسد؟ قلت؟ مصلح قال: فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟ قلت بلى قال: فهي العلة وأوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك.
                              ثم قال: أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله عز وجل وأنزل عليهم الكتب وأيدهم بالوحي والعصمة وهم أعلام الأمم أهدى إلى الاختيار منهم مثل موسى وعيسى(عليهم السلام) هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذ هما بالاختيار أن تقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان أنه مؤمن قلت: لا.
                              قال: هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه عز وجل سبعين رجلاً ممن لا يشك في إيمانهم وإخلاصهم فوقع خيرته على المنافقين قال الله عز وجل: (واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا. . ) فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله عز وجل للنبوة واقعاً على الأفسد دون الأصلح وهو يظن أنه الأصلح دون الأفسد علمنا أن الاختيار لا يجوز إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور. . . ).
                              فإذن لا يمكن أن ندع هذه المسألة المصيرية للاختيار وليس المجتمع حقل تجارب يعيث فيه من يشاء من الناس فساداً وانحرافاً أو عدلاً حسب ما يراه لا حسب ما يراه الإسلام فلذلك جعلها الله سبحانه في أهل بيت نبيه الكريم وهم الأئمة الاثنا عشر. قال الإمام علي(عليه السلام): (أنظروا أهل بيت نبيكم فالزموا سمتهم واتبعوا إثرهم فلن يخرجوكم من هدى ولن يعيدوكم في ردى فإن لبدوا فالبدوا وإن نهضوا فانهضوا. . ).
                              وقال (عليه السلام): (ألا إن مثل آل محمد(صلى الله عليه وآله) كمثل نجوم السماء إذا حوى نجم طلع نجم فكأنكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع وأراكم ما كنتم تأملون. . ).
                              وقال (عليه السلام) أيضاً: (نحن شجرة النبوة ومحط الرسالة ومختلف الملائكة ومعادن العلم وينابيع الحكمة. . . ).
                              وقال(عليه السلام) أيضاً: (تالله لقد علّمت تبليغ الرسالات وإتمام العدات وتمام الكلمات وعندنا ـ أهل البيت ـ أبواب الحكم وضياء الأمر. . )(18).
                              وأحاديث وروايات كثيرة في هذا المجال. . المهم عرفنا أن الأئمة هم خلفاء الرسول(صلى الله عليه وآله) بدليل القرآن والسنة الشريفة ففي القرآن آيات مباركة قاطعة بذلك وقد مرت معنا بعضها وفي الكتب المختصة بهذا الجانب يكثر فيها الاستشهاد القطعي أما السنة الشريفة فمليئة بالأقوال القطعية أيضاً ولا يخفى علينا دور السنة المباركة في توضحي مجمل القرآن الكريم وتبيان أسباب النزول. . فقد بينت ذلك بشكل أوسع ومهما كانت اليد الأثيمة ماكرة في تأليف وتحريف بعض الأحاديث والروايات فإنها ما استطاعت أن تتلاعب في هذا البيان الواضح حول خلافة الرسول(صلى الله عليه وآله) كمسألة مصيرية كما كان يحلو لها ذلك بشتى الأساليب والطرق فقد سلمت الأحاديث التي تنص بالخلافة وبأمره تعالى تعييناً دون تدخل الناس في اختيارهم.

                              3 – العصمة:
                              وهي عبارة من القدرة العقلية المتسلطة على جوانب الشهوات النفسية في الإنسان فهي قوة متحكمة وملكة خاصة تمنع من الوقوع في المعاصي والانحراف مع إمكان حدوث المعصية والخطأ على صاحبها.
                              وهي من شرائط الإمامة كما هي من شرائط النبوة (كما وسبق أن تحدثنا عن العصمة في النبوة) وهي ليست كما يفهمها البعض، أن الله تعالى يجبر المعصوم على ترك المعاصي وإتيان الواجبات لا وإنما لا تخفى ألطاف الله سبحانه وتعالى على الجميع وعلى المعصوم بالذات فالمعصوم يكون قادراً بقوة العقل والذكاء والإيمان المنقطع لله تعالى على أن يمتلك هذه الصفة أي العصمة عن الخطأ والزلل قال الشيخ المفيد في كتاب(أوائل المقالات) باب (القول في عصمة الأئمة): إن الأئمة القائمين مقام الأنبياء في تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وحفظ الشرائع وتأديب الأنام معصومون كعصمة الأنبياء لا تجوز عليهم كبيرة ولا صغيرة. . ولا سهو في شيءٍ من الدين ولا ينسون شيئاً من الأحكام. .
                              ويقول الشيخ المظفر: (ونعتقد أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن من سن الطفولة إلى الموت عمداً وسهواً كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والخطأ والنسيان لأن الأئمة حفظة الشرع والقوامون عليه حالهم في ذلك حال النبي(صلى الله عليه وآله).
                              ويقول العلامة الحلي في كتاب(نهج الحق): (. . ولأن الحاجة إلى الإمام إنما هي للانتصاف للمظلوم من الظالم ورفع الفساد وحسم مادة الفتن ولأن الإمام لطف يمنع القاهر من التعدي ويحمل الناس على فعل الطاعات واجتناب المحرمات ويقيم الحدود والفرائض ويؤاخذ الفساق ويعزر من يستحق التعزير فلو جازت عليه المعصية وصدر عنه انتفت هذه الفوائد)(19).
                              والأدلة على عصمة الأئمة يمكن أنا تأتينا من الآيات القرآنية أو السنة الشريفة ونمر على بعضها مروراً عاجلاً ثم نستدل بالدليل العقلي على حكمة العصمة لدى الأئمة(عليهم السلام): قال الله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً). [سورة الأحزاب: الآية 33].
                              وهذه الآية توفر الحماية الإلهية لأهل البيت(عليهم السلام) والروايات الشريفة كثيرة نذكر منها قوله(صلى الله عليه وآله): (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي وإنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض) رواه مسلم في صحيحه والإمام أحمد في مسنده.
                              وقوله(صلى الله عليه وآله): (علي مع الحق والحق مع علي يدور معه كيفما دار) وروى صاحب (كنز العمال): (أن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: من أحب أن يحيا حياتي ويموت موتي ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي فليتول علياً وذريته من بعده فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلاله).
                              وكثيرة الآيات والروايات الدالة على العصمة فأهل البيت هم عدل القرآن وإنهما لم يفترقا على مر الزمن والنبي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى كما وصفه القرآن المجيد يدفعنا للتمسك بالكتاب العزيز والعترة الطاهرة ويضمن عدم الضلال من بعده لو تمسكنا بهما وأن علياً يدور مع الحق كيفما دار وأنه(صلى الله عليه وآله) ينزه الإمام علي(عليه السلام) عن الخروج من باب الهدى والدخول في باب الضلالة فنحن نؤمن بالقرآن العظيم ونستن بسنة الرسول(صلى الله عليه وآله) لذلك نؤمن بعصمة النبي وعصمة خلفائه أئمة أهل البيت يقول الإمام علي(عليه السلام): (والإمام المستحق للإمامة له علامات منها: أن يعلم أنه معصوم من الذنوب كلها صغيرها وكبيرها لا يزل في الفتيا ولا يخطىء في الجواب ولا يسهو ولا ينسى ولا يلهو بشيءٍ من أمر الدنيا. . . الخامس العصمة من جميع الذنوب وبذلك يتميز عن المأمومين الذين هم غير المعصومين لأنه لو لم يكن معصوماً لم يؤمن عليه أن يدخل فيما دخل الناس فيه من موبقات الذنوب المهلكات والشهوات واللذات. . ).
                              وعقلياً نتساءل كيف نضمن الاستقامة في المسيرة لو لم يكن إمامنا وقائدنا معصوماً عن الخطأ، أي إن لم يحصل الاطمئنان بالإمام في تبليغة وتنفيذه للأحكام الإسلامية، ولو جوزنا عليه الانحراف والمعاصي ـ لا سمح الله ـ كيف نطمئن لقيادته لنطيعه.
                              ولو جوزنا الخطأ والنسيان والمعصية على الإمام لنفينا غرضه ولجاز مخالفتهم في القرارات وهذا يخالف أمر الله والرسول بإطاعتهم وأنهم مع الحق دوماً فلا يمكن أن يوصفوا بالخطأ والنسيان إطلاقاً قال الإمام علي(عليه السلام): (كبار حدود ولاية الإمام المفروض الطاعة أن يعلم أنه معصوم من الخطأ والزلل والعمد ومن الذنوب كلها صغيرها وكبيرها لا يزل ولا يخطىء ولا يلهو بشيءٍ من الأمور الموبقة للدين ولا بشيءٍ من الملاهي وأنه أعلم الناس بحلال الله وحرامه وفرائضه وسنته وأحكامه مستغن عن جميع العالم وغيره محتاج إليه)(20).

                              4 – الأفضلية على سائر الناس في صفات الكمال:
                              فالإمام المعصوم هو أفضل الناس علماً وتقوىً وإيماناً وشجاعةً وكرماً وعفةً وزهداً وعدلاً وسياسةً وجهاداً وإدارةً وثورةً وعبادةً. . والأدلة على أفضليتهم هي عينها الدالة على أفضلية النبي(صلى الله عليه وآله) يقول الشيخ المظفرأما علمه فهو يتلقى المعارف والأحكام الإلهية وجميع المعلومات من طريق النبي أو الإمام من قبله وإذا استجد شيء لا بد أن يعلمه من طريق الإلهام بالقوة القدسية التي أودعها الله تعالى فيه فإن توجه إلى شيءٍ وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقي لا يخطىء فيه ولا يشتبه ولا يحتاج في كل ذلك إلى البراهين العقلية ولا إلى تلقينات المعلمين وإن كان علمه قابلاً للزيادة والاشتداد ولذا قال(صلى الله عليه وآله) في دعائهرب زدني علماً). . . فلذلك نقول إن قوة الإلهام عند الإمام التي تسمى بالقوة القدسية تبلغ الكمال في أعلى درجاته فيكون في صفاء نفسه القدسية على استعداد لتلقي المعلومات في كل وقت وفي كل حالة فمتى توجه إلى شيءٍ من الأشياء وأراد معرفته استطاع علمه بتلك القوة القدسية الإلهامية بلا توقف ولا ترتيب مقدمات ولا تلقين معلم. . ويبدوا واضحاً هذا الأمر في تاريخ الأئمة(عليهم السلام) كالنبي محمد(صلى الله عليه وآله) فإنهم لم يتربوا على أحد ولم يتعلموا على يد معلم من عهد طفولتهم إلى سن الرشد حتى القراءة والكتابة ولم يثبت عن أحدهم أنه دخل الكتاتيب أو تتلمذ على يد أستاذ في شيء من الأشياء(21).
                              ليس هذا هو علم الغيب فلا يعلم الغيب إلا الله تعالى وإنما علمهم هذا من علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشبيه لعلمه أيضاً.
                              قال ابن عباس: أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم وأيم الله لقد شاركهم في العشر العاشر وقال ابن عبد البر: ما كان أحد يقول سلوني غير علي، فالإمام(عليه السلام) هو الأفضل علماً وشجاعةً وكرماً وسائر الصفات الحسنة.
                              وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (أعلمكم علي وأقضاكم علي وأعدلكم علي وأفقهكم علي).
                              وقال الإمام علي(عليه السلام): (لا يتحمل هذا الأمر إلا أهل الصبر والبصر والعلم بمواقع الأمر)، وقال أيضاً: (إن أحق الناس بهذا الأمر أٌقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله فيه فإن شغب شاغب أستعتب فإن أبى قوتل) وقال(عليه السلام) في حديث طويل يحدد فيه علامات الإمام يقول فيه. . :
                              (. . والثاني أن يكون أعلم الناس بحلال الله وحرامه وضروب أحكامه وأمره ونهيه جميع ما يحتاج إليه فيحتاج الناس إليه ويستغني عنهم.
                              والثالث: يجب أن يكون أشجع الناس لأنه فئة المؤمنين التي يرجعون إليها إن انهزم من الزحف انهزم الناس لانهزامه. .
                              والرابع: يجب أن يكون أسخى الناس وإن بخل أهل الأرض كلهم لأنه إن استولى الشح عليه شح بما في يديه من أموال الناس).
                              ويقول الإمام السجاد (عليه السلام) في(الصحيفة السجادية): (اللهم إنك أنزلت القرآن على نبيك مجملاً وألهمته علم عجائبه مكملاً وورثتنا علمه مفسراً وفضلتنا على من جهل علمه وقويتنا عليه لترفعنا فوق من لم يطق حمله).
                              ويحدد الإمام الرضا(عليه السلام) هذه العلامات بقوله: (للإمام علامات: يكون أعلم الناس وأحكم الناس وأتقى الناس وأحلم الناس وأشجع الناس وأسخى الناس وأعبد الناس. . ) والإمام الباقر(عليه السلام) يقول: (إن الإمامة لا تصلح إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن المحارم وحلم يملك به غضبه وحسن الخلافة على من ولى حتى يكون له كالوالد الرحيم).
                              وقال الإمام الرضا(عليه السلام): (إن العبد إذا اختاره الله عز وجل لأمور عباده شرح صدره لذلك وأودع قلبه ينابيع الحكمة وألهمه العلم إلهاماً فلم يعي بعده بجواب ولا يحير فيه عن الصواب).
                              وكثيرة هذه الروايات التي تبين صفات الإمام المعصوم على أنها أفضل الصفات كمالاً لذلك يتم اختياره لهذا المنصب من قبله تعالى فلو لم تكن هذه الصفات المتميزة للإمام فبماذا يتميز على الناس وكيف يمكنه أن يديرهم ويقودهم وعلى الناس أن يطيعوه فإنه بهذه الصفات الكريمة يحتل الموقع القيادي الشرعي في قلوب الناس.

                              5 – السلامة من العيوب الوراثية والجسدية والنفسية:
                              فكما أن المعصوم يتصف بأفضل الصفات الكمالية كذلك يتصف بعدم النقص من الوراثة والجسد والنفس أي أنه منزه عن الأمراض النفسية والعيوب الجسدية كالعمى والبرص والجذام والبخل وسوء الخلق ويتصف بطهارة الولادة وحسن المنشأ يقول الإمام الصادق(عليه السلام): (إن الإمام لا يستطيع أحد أن يطعن عليه في فم ولا بطن ولا فرج فيقال كذاب ويأكل أموال الناس وما أشبه هذا. . . ).
                              ويقول الإمام الباقر(عليه السلام) في تبيين علامة الإمام: (طهارة الولادة وحسن المنشأ ولا يلهو ولا يلعب).
                              هذه الحالة التكاملية في شخصية المعصوم جسدياً ونفسياً هي التي تؤهله لقيادة الأمة بالشكل الصحيح البعيد عن النقص والانتقاص يقول الإمام علي(عليه السلام):
                              (وقد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين: البخيل فتكون في أموالهم نهمته ولا الجاهل فيضلهم بجهله ولا الجافي فيقطعهم بجفائه ولا الحائف للدول فيتخذ قوماً دون قوم ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ويقف بها دون المقاطع ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة)(22).

                              6 – المعاجز والكرامات:
                              وهي من شرائط الإمامة فكل إمام من أئمة أهل البيت تظهر له معاجز خارقة تدلل على أنه هو الإمام المعصوم لا غيره وهو خليفة الرسول لا غيره وذلك في المعارف الإسلامية والعلوم الطبيعية أو يأتي بما تخالف العادات والتقاليد وقد يظهر ذلك في العلوم كالمنطق واللغة والطبيعة والكيمياء وقد يظهر في استجابة الدعاء لرفع كربة مظلوم أو للانتقام من الظالمين. . وحياة أئمة أهل البيت(عليهم السلام) مليئة بهذه الكرامات.
                              بل إن هذه الكرامات الإلهية تجري على يد الأئمة الأطهار حتى اليوم حيث الشفاء في تربة الإمام الحسين والدعاء يستجاب تحت قبته وأعسر الطلبات الصحية والأزمات النفسية والاجتماعية نجد حلها عند الأئمة الأطهار بإذن الله سبحانه فهم شفعاؤنا إلى الرب الرحيم وأبواب المراد وما خاب من تمسك بهم ولجأ إليهم في طلب حاجة فإنها تقضى إن كانت المصلحة والحكمة في قضائها والأمثلة في ذلك كثيرة جداً ويتداولها الناس.


                              16- كلها من ميزان الحكمة ج 1 ص 159 وص 191 ـ 197 ـ ص 173 على التوالي.
                              17- نقلاً عن الشيخ مغنية ص 37 العلامة الحلي في شرح التجريد ص 250.
                              18- ميزان الحكمة ج 1 ص 190 ـ 192.
                              19- عقائد المظفر ص 67.
                              20- ميزان الحكمة ج 1 ص 174 ـ 175.
                              21- عقائد المظفر ص 68.
                              22- ميزان الحكمة ج 1 ص 173 ـ 198 (كل الأحاديث والروايات).

                              تعليق


                              • #30
                                تتمة

                                5-

                                الإمام وعلاقته بالأمة

                                لما عرفنا شيئاً من الإمامة وشرائطها وصفاتها ننتقل إلى حقوق الإمام وواجباته والأفضل أن نستمع إليهم(عليهم السلام) ليحددوا ذلك فهم أعرف بحقوقهم وواجباتهم حيث حددها الله سبحانه لهم وهي عين الحقوق والواجبات التي تكتمل بها شخصياتهم القيادية المربية وتكتمل نواقص حياتنا العامة في مختلف الجوانب ومقابل هذه الحقوق والواجبات هنالك واجبات يجب أن نعرفها فإنها ملقاة علينا اتجاه أئمتنا الكرام فلو عرفنا الحقوق المتبادلة بين الطرفين والواجبات كذلك اكتشفنا العلاقة الروحية السليمة التي تربط القيادة الرشيدة بالأمة المسلمة.

                                يقول الإمام علي(عليه السلام): (حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله وأن يؤدي الأمانة فإذا فعل فحق على الناس أن يسمعوا له وأن يطيعوا وأن يجيبوا إذ دعوا).
                                ويقول(عليه السلام): (إن الله فرض على أئمة الحق أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره) ويقول: (على أئمة الحق أن يتأسوا بأضعف رعيتهم حالاً في الأكل واللباس ولا يتميزون عليهم بشيء لا يقدرون عليه ليراهم الفقير فيرضى عن الله تعالى بما هو ويراهم الغني فيزداد شكراً وتواضعاً).
                                ويقول أيضاً: (ليس على الإمام إلا ما حمل من أمر ربه: الإبلاغ في الموعظة والاجتهاد في النصيحة والإحياء للسنة وإقامة الحدود على مستحقيها وإصدار السهمان على أهلها).
                                ويقول(عليه السلام): (لا يحل للخليفة من مال الله إلا قصعتان: قصعة بأكلها هو وأهله وقصعة يطعمها).
                                وقال: (ان حقاًَ على الوالي ألا يغيره على رعيته فضل ناله ولا طول خص به وأن يزيده ما قسم الله له من نعمه دنوا من عباده وعطفاً على إخوانه، ألا وأن لكم عندي ألا احتجز دونكم سراً إلا في حرب ولا أطوي دونكم أمراً إلا في حكم ولا أؤخر لكم حقاً عن محله ولا أقف به دون مقطعه وأن تكونوا عندي في الحق سواء فإذا فعلت ذلك وجبت عليكم النعمة ولي عليكم الطاعة)(23).
                                والحقيقة أن مسؤوليات الإمام تتقاطع مع مسؤوليات الأمة وتشملها فتلتقي ليدفع الإمام الموجه، بالقوى الخيرة نحو البناء والفضيلة وتستجيب الأمة لندائه المقدس. يقول جواد كاظم في كتابه (القيادة الإسلامية)، (ومن هنا فإن الحديث حول مسؤوليات الإمام شامل لمسؤوليات الأمة أيضاً ذلك لأن من الواضح أن الإمام كشخص لا يستطيع القيام بالمسؤوليات الضخمة. . .
                                كالمحافظة على أمن البلاد واستقلالها ونشر العدالة والحرية والخير بين ربوعها، بل إنما يستطيعه كإمام ممثل للأمة وكذلك الحديث حول مسؤوليات الأمة شامل لمسؤوليات الإمام أيضاً لأن الأمة لا يمكن أن تحقق شيئاً دون أن تنظم نفسها داخل قيادة واحدة. . . فما جاءت فيه هذه الكلمة من نصوص شرعية أو تعابير تاريخية كالتي تبين مسؤوليات الإمام أو تحدد صلاحياته فإنما يقصد بها مسؤوليات الأمة أيضاً إذ أنها هي التي تتجسد في شخص الإمام.
                                ولذلك فلا حاجة لنا أن نثبت شرعياً إلا أن على الإمام مسؤوليات محددة كحفظ الأمن والعدل وتوفير مؤهلات العيش الرغيد فيعرف منه أن على الأمة إطاعة الإمام في أداء هذه المسؤوليات باعتبارها من حقوق الجماعة على الأفراد. . .
                                ولقد جاء في الكتاب الكريم ما يبين مسؤولية الأمة. .
                                قال سبحانه: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً).
                                إذا كانت وظيفة الرسول هي الرقابة على تطبيق الدين الإسلامي فإن مسؤولية الأمة مشابهة لذلك إلا في أمر واحد فقط هو أن رقابة الرسول على تطبيق الأمة لمنهاج السماء.
                                ورقابة الأمة إنما هي عليها وعلى الأمم الأخرى إذ ليس أوضح حقيقة من أن الأمة التي وكلت إليها الرقابة على سائر الناس في أمر إقامة الدين فبالأولى يفرض عليها إقامة حكم الله داخل أبنائها إذن فللأمة الإسلامية سمتان اثنتان:
                                - الأولى: إقامة حكم الله في حدودها.
                                - الثانية: إقامة حكم الله في آفاق الأرض.
                                ويقول العلامة جواد كاظم في موقع آخر: (وإذا كانت الرسالة الإسلامية، لا تقف عند حاجز أنى كان شأنه وأنى كلف الأمة، جهوداً وأموالاً وأنفساً. فإن على الإمام، وهو قمة الدولة، وممثل الأمة،أن يستقطب جهود الأمة ويوجه طاقاتها وينظم شؤون دعوتها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ليحقق هدفها الأسمى في الحياة، حمل دعوة الدين، إلى كل أذن واعية وكل قلب سليم. . . وعلى الأمة أن تحافظ على الدين، بعيداً عن البدعة، حصيناً عن الضياع، حتى لا تفوت على الأجيال الصاعدة، فرصة الاستنارة به والاهتداء بتعاليمه. وإمام المسلمين مسؤول عن هذا الواجب فعليه المحافظة على حقائق الدين كلها، نافياً عنها الشبهات، مبعداً عنها البدعة والزيغ)(24).
                                فلقد جاء في الأثر الشريف: (أن الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين، إن الإمامة رأس الإسلام النامي وفرعه السامي، بالإمام تقام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفيء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ومنبع الثغور والأطراف، الإمام يحل حلال الله ويحرم حرام الله ويقيم حدود الله ويذب عن دين الله ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة والحجة البالغة، عالم بالسياسة مفروض الطاعة قائم بأمر الله ناصح لعباد الله حافظ لدين الله).
                                هذه مقاطع من الروايات ومضت مقاطع في بداية الحديث أيضاً أكتفي بها لنتوصل إلى معرفة حجم العلاقة بين القائد والأمة وبين القائد والمبدأ فهو المسؤول عن الصغيرة والكبيرة في حياة الناس وهو يسعى سعياً حثيثاً لتربيتهم التربية الصحيحة ووضعهم على الجادة المستقيمة ليعبدوا ربهم دون خوف من شيطان أو طاغوت، يطعمهم طعم الحرية ويعلمهم التوكل على الله تعالى بدل التواكل ويرشدهم إلى العمل بدل الكسل بتأسى بأضعفهم ليكون القدوة الحسنة للجميع وهو يدير أمور المسلمين يحذر من الهوى ويحذر الناس منه لأنه مصيدة الشياطين حلوة الظاهر قبيحة الباطن وهذه الوصايا بحد ذاتها تعتبر وثائق ملزمة للإمام(عليه السلام) هي نفسها كافية لمعرفة أحقية الأئمة بهذا المنصب الإلهي فهم أحرص منا لأنفسنا وهم كما النبي(صلى الله عليه وآله) يسهرون ويتعبون ويضحون لأجلنا وأجل سعادتنا في الدنيا والآخرة ولقد حذرونا أشد تحذير من الإئتمام بأئمة الجور لأنهم القادة إلى النار وسبيل الشياطين وان أئمة الجور لا يرون إلا أنفسهم ولا يرغبون إلا في حكم الناس والتآمر عليهم ولم يرعوا شؤون الناس إلا من خلال مصالح عروشهم بعيدين عن التربية والعدل والاستقامة فعن الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) قال الله عز وجل: (لأعذبن كل رعية في الإسلام أطاعت إماماً جائراً ليس من الله عز وجل وإن كانت الرعية في أعمالها برة تقية) فهم أئمة جهنم. قال تعالى: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار). [سورة القصص: الآية 41].
                                ويأتي هذا التحذير الشديد في النصوص المباركة لأهمية موقع الإمام في الأمة فبصلاحه تصلح الأمة وبفساده تفسد الأمة وقد قيل قديماً (الناس على دين ملوكهم) فإن كان الملوك من الصالحين كانت الأمة صالحة والعكس صحيح لشدة تأثير هذا الموقع على سلوكيات الناس فلذلك ورد: إذا صلح العالم (بالكسر) صلح العالم (بالفتح)، فالقائد والملك والعالم هذه أسماء تؤدي أدوار الصلاح أو الفساد. . فبالإمام الشرعي تنتشر العدالة ويسود الإيمان وبسيادة إمام الفساد والظلم يسود في الأمة الانحراف والفساد.
                                هذه هي الحالة الاعتيادية السائدة أما القلة النادرة فهي التي تتبع الحق وإن كان إمام الحق في معزل عن الإدارة والحكم.
                                فقد قال الإمام علي(عليه السلام): (نحن الشعار والأصحاب والخزنة والأبواب ولا تؤتى البيوت إلا من أبوابها فمن أتاها من غير أبوابها سمي سارقاً).
                                وقال أيضاً: (نحن أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة وعنصر الرحمة ومعدن العلم والحكمة).
                                وقال (عليه السلام): (فأين يتاه بكم ؟وكيف تعمهون وبينكم عترة نبيكم ؟ وهم أزمة الحق واعلام الدين وألسنة الصدق فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن)(25).
                                23- ميزان الحكمة ج 1 ص176 ـ 178.
                                24- القيادة الإسلامية ـ جواد كاظم ص 81.
                                25- الحجة البيضاء ج 1 ص 5 بالتقدمة.

                                تعليق

                                المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                                حفظ-تلقائي
                                x

                                رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                                صورة التسجيل تحديث الصورة

                                اقرأ في منتديات يا حسين

                                تقليص

                                لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                                يعمل...
                                X