بسم الله الرحمن الرحيم
تأملات في موضوع السيد فضل الله ، ما له وما عليه(1)
مقدمة :
لا شك أن الآراء في الوسط الشيعي قد انقسمت بالنسبة للسيد محمد حسين فضل الله الى عدة أقسام ، ولم يعد خافيا على أحد أن آراء السيد فضل الله قد خلقت حالة من التوتر في الوسط الشيعي لما تناولته من ملامسة لعدد مما يعتبر من المسلمات العقائدية لدى المسلمين الشيعة .
إن الاختلاف في الاحكام الفقهية بين المراجع والعلماء أمر طبيعي ، ومهما كانت تلك الاختلافات ، فإن دائرة البحث والنقاش فيها تبقى منحصرة بين تلك الطبقة المتخصصة في العلوم الشرعية ، أعني المراجع والمجتهدين ولا ينتقل البحث فيها الى عامة المقلدين إذ يكتفي المقلد بالالتزام بفتوى مرجعه بعد اعتقاده ببراءة ذمته نتيجة لذاك الالتزام والعمل .
ولكن إذا تعدى الاختلاف دائرة البحث الفقهي ، ووصل الى الامور العقائدية فإن المسألة حينئذ تختلف اختلافا جذريا ولا تبقى في دائرة تلك الطبقة المتخصصة ، أعني المراجع والمجتهدين . بل تصبح حينئذ موردا للاخذ والرد بين عامة المسلمين ، وذلك لعدم شمول التقليد للمسائل العقائدية ، خاصة وأن المذهب الشيعي الجعفري يرتكز في عصر غيبة الامام المعصوم عليه السلام على وجوب تقليد المرجع الاعلم ، ولكن في دائرة الفقه ، يعني العبادات والمعاملات الشرعية . أو ما يعبر عنه بفروع الدين .
وأما فيما يتعلق بأصول الدين فليس في المسألة تقليد ، بل إنه غير جائز ، إذ يجب على كل مكلف تحصيل مسائل الاعتقاد وأركانه بنفسه . ولا يكون أخذه بآراء الاخرين من باب التقليد بل من باب الاستدلال على الاصول العقائدية التي يؤمن بها .
إن طروحات السيد فضل الله لمجموعة من الأفكار ذات البعد العقائدي من خلال محاضراته أو كتاباته المتنوعة لم يكن ليثير هذه العاصفة من الجدل لو كان المتكلم إنسانا عاديا ، أو شخصا محدود التأثير إذ أن الرد عليه يكون حينئذ بمستوى حجمه وتأثيره ، و لا يتعدى هذا الاطار .
ولكن ما جعل طروحات وأفكار السيد فضل الله تأخذ هذا البعد الحاد في التعاطي معها - مع أنها جميعها ليست وليدة الساعة بل أنها كانت متناثرة منذ سنوات ضمن كتاباته وتسجيلاته - أنها برزت في مرحلة طرح فيها نفسه للمرجعية .
المرجعية عند الشيعة : والمرجعية حسب الفكر الشيعي هي أعلى منصب بعد الامام المعصوم ، وما يميز المرجعية عند الشيعة هي أنها منصب يأتي نحو شخص أو أشخاص يمتازون بالكثير من الصفات العالية علما وتقوى وورعا .. الخ
وهم نتيجة لتلك الصفات يصبحون ملجأ للامة في الرجوع اليهم فتزحف المرجعية نحوهم ، أي يأتي المنصب نحوهم ،لا أنهم ممن يركض وراءها ويسعى لنيلها .
والمرجع عندما يقبل التصدي لأعباء المرجعية فهو يرى نفسه حينئذ يقوم بواجب تعييني بعد أن تحققت فيه الصفات المطلوبة والتي منها الاعلمية ، ويلتمس منه أهل الاختصاص القيام بهذه المسؤولية لما يرونه فيه من مؤهلات ، فلا يستطيع حينئذ التخلف عن القيام بهذا الواجب .
وليست المرجعية بجوهرها الحقيقي ادعاء ممن لا يملك كل تلك المؤهلات ، أو دعاية انتخابية يقوم بها البعض لتعميمهما ، او نتيجة لتصويت يجري وتحسب فيه أصوات المقترعين ، بل هي حالة تفاعلية تكاملية لسعي المكلفين من خلال العلماء الموثوقين لتحصيل المؤمن الشرعي في تكاليفهم وأعمالهم اليومية من خلال اللجوء الى من تتوفر فيه الصفات العالية للقيام بمهمة المرجعية .
والتي قد يبرز فيها شخص مميز في فترة زمنية وقد يتعدد الاشخاص الذين ينطبق عليهم مصداق كلام صاحب الامر عجل الله تعالى فرجه ( وهم حجة الله عليكم ) .
وما نجده في سيرة أغلب علمائنا ومراجعنا هو محاولة العزوف من قبلهم عن التصدي لهذه المسؤولية ، ولا يقبلون بها إلا حين لا يجدون مفرا من ذلك .
هذا التصدي لمنصب المرجعية من قبل السيد فضل الله - وبغض النظر عن ظروفه الموضوعية ، وكونه حصل ضمن الظروف الطبيعية لطرح المرجعية وتحقق شرائطه أم لا ، بغض النظر عن كل هذا - جعل أفكار السيد العقائدية تبرز الى مستوى النقاش على الساحة الشيعية .
وكان اللافت للنظر صدور مواقف من عدد من مراجع الطائفة تتخذ موقفا سلبيا من طروحات السيد وهو ما أعطى القضية بعدا دقيقا إذ أن المراجع لا يتحركون في دائرة الامور الشخصية بل أن وظيفتهم وعملهم هو أهم من ذلك بكثير .
وهو ما يدل على أن المسألة ليست مسألة اختلاف فقهي في مسألة أو مسائل ، وليست أمرا شخصيا من ذا أو ذاك ، بل هي مسألة تتناول جوانب أساسية من عقائد المسلمين الشيعة ، والتي لا تنحصر دائرة البحث فيها عند المجتهدين والمراجع ، بل تتناول جميع افراد المجتمع الشيعي .
( يتبع - بيان الانقسامات الحاصلة )
تأملات في موضوع السيد فضل الله ، ما له وما عليه(1)
مقدمة :
لا شك أن الآراء في الوسط الشيعي قد انقسمت بالنسبة للسيد محمد حسين فضل الله الى عدة أقسام ، ولم يعد خافيا على أحد أن آراء السيد فضل الله قد خلقت حالة من التوتر في الوسط الشيعي لما تناولته من ملامسة لعدد مما يعتبر من المسلمات العقائدية لدى المسلمين الشيعة .
إن الاختلاف في الاحكام الفقهية بين المراجع والعلماء أمر طبيعي ، ومهما كانت تلك الاختلافات ، فإن دائرة البحث والنقاش فيها تبقى منحصرة بين تلك الطبقة المتخصصة في العلوم الشرعية ، أعني المراجع والمجتهدين ولا ينتقل البحث فيها الى عامة المقلدين إذ يكتفي المقلد بالالتزام بفتوى مرجعه بعد اعتقاده ببراءة ذمته نتيجة لذاك الالتزام والعمل .
ولكن إذا تعدى الاختلاف دائرة البحث الفقهي ، ووصل الى الامور العقائدية فإن المسألة حينئذ تختلف اختلافا جذريا ولا تبقى في دائرة تلك الطبقة المتخصصة ، أعني المراجع والمجتهدين . بل تصبح حينئذ موردا للاخذ والرد بين عامة المسلمين ، وذلك لعدم شمول التقليد للمسائل العقائدية ، خاصة وأن المذهب الشيعي الجعفري يرتكز في عصر غيبة الامام المعصوم عليه السلام على وجوب تقليد المرجع الاعلم ، ولكن في دائرة الفقه ، يعني العبادات والمعاملات الشرعية . أو ما يعبر عنه بفروع الدين .
وأما فيما يتعلق بأصول الدين فليس في المسألة تقليد ، بل إنه غير جائز ، إذ يجب على كل مكلف تحصيل مسائل الاعتقاد وأركانه بنفسه . ولا يكون أخذه بآراء الاخرين من باب التقليد بل من باب الاستدلال على الاصول العقائدية التي يؤمن بها .
إن طروحات السيد فضل الله لمجموعة من الأفكار ذات البعد العقائدي من خلال محاضراته أو كتاباته المتنوعة لم يكن ليثير هذه العاصفة من الجدل لو كان المتكلم إنسانا عاديا ، أو شخصا محدود التأثير إذ أن الرد عليه يكون حينئذ بمستوى حجمه وتأثيره ، و لا يتعدى هذا الاطار .
ولكن ما جعل طروحات وأفكار السيد فضل الله تأخذ هذا البعد الحاد في التعاطي معها - مع أنها جميعها ليست وليدة الساعة بل أنها كانت متناثرة منذ سنوات ضمن كتاباته وتسجيلاته - أنها برزت في مرحلة طرح فيها نفسه للمرجعية .
المرجعية عند الشيعة : والمرجعية حسب الفكر الشيعي هي أعلى منصب بعد الامام المعصوم ، وما يميز المرجعية عند الشيعة هي أنها منصب يأتي نحو شخص أو أشخاص يمتازون بالكثير من الصفات العالية علما وتقوى وورعا .. الخ
وهم نتيجة لتلك الصفات يصبحون ملجأ للامة في الرجوع اليهم فتزحف المرجعية نحوهم ، أي يأتي المنصب نحوهم ،لا أنهم ممن يركض وراءها ويسعى لنيلها .
والمرجع عندما يقبل التصدي لأعباء المرجعية فهو يرى نفسه حينئذ يقوم بواجب تعييني بعد أن تحققت فيه الصفات المطلوبة والتي منها الاعلمية ، ويلتمس منه أهل الاختصاص القيام بهذه المسؤولية لما يرونه فيه من مؤهلات ، فلا يستطيع حينئذ التخلف عن القيام بهذا الواجب .
وليست المرجعية بجوهرها الحقيقي ادعاء ممن لا يملك كل تلك المؤهلات ، أو دعاية انتخابية يقوم بها البعض لتعميمهما ، او نتيجة لتصويت يجري وتحسب فيه أصوات المقترعين ، بل هي حالة تفاعلية تكاملية لسعي المكلفين من خلال العلماء الموثوقين لتحصيل المؤمن الشرعي في تكاليفهم وأعمالهم اليومية من خلال اللجوء الى من تتوفر فيه الصفات العالية للقيام بمهمة المرجعية .
والتي قد يبرز فيها شخص مميز في فترة زمنية وقد يتعدد الاشخاص الذين ينطبق عليهم مصداق كلام صاحب الامر عجل الله تعالى فرجه ( وهم حجة الله عليكم ) .
وما نجده في سيرة أغلب علمائنا ومراجعنا هو محاولة العزوف من قبلهم عن التصدي لهذه المسؤولية ، ولا يقبلون بها إلا حين لا يجدون مفرا من ذلك .
هذا التصدي لمنصب المرجعية من قبل السيد فضل الله - وبغض النظر عن ظروفه الموضوعية ، وكونه حصل ضمن الظروف الطبيعية لطرح المرجعية وتحقق شرائطه أم لا ، بغض النظر عن كل هذا - جعل أفكار السيد العقائدية تبرز الى مستوى النقاش على الساحة الشيعية .
وكان اللافت للنظر صدور مواقف من عدد من مراجع الطائفة تتخذ موقفا سلبيا من طروحات السيد وهو ما أعطى القضية بعدا دقيقا إذ أن المراجع لا يتحركون في دائرة الامور الشخصية بل أن وظيفتهم وعملهم هو أهم من ذلك بكثير .
وهو ما يدل على أن المسألة ليست مسألة اختلاف فقهي في مسألة أو مسائل ، وليست أمرا شخصيا من ذا أو ذاك ، بل هي مسألة تتناول جوانب أساسية من عقائد المسلمين الشيعة ، والتي لا تنحصر دائرة البحث فيها عند المجتهدين والمراجع ، بل تتناول جميع افراد المجتمع الشيعي .
( يتبع - بيان الانقسامات الحاصلة )
تعليق