إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

العراق رواندا جديدة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العراق رواندا جديدة

    ان مشروع الشحن الطائفي الذي يجري في العراق بتغذية متعمدة من أطراف محددة ومعروفة أنتج وباءً تاريخياً لا يمكننا تخيل أبعاده أبداً، والمشكلة ان كل الأطراف لم يعترف كل واحد بنصيبه من إشعال الفتن وارتكاب الأخطاء.. وإنها لم تتراجع عن كل ما اقترفته من خطايا قادت إلى المأساة.

    ان التفكير بالإبادة الجماعية قائم لدى بعض العراقيين أحدهم تجاه الآخر، بل وسمعناه من أكثر من زعيم عراقي سابق! ناهيكم عن بعضهم سمعته يقول: لولا الأميركان لاستطعنا ان نسحقهم جميعاً! أما الطرف الآخر، فيقول لولا الأميركان لاكتسحنا هذا الإقليم! ويعلق آخرون انه لولا العمل بالفتاوى لقضينا على هذه الطائفة تماماً!

    ان مشروع الإبادة الجماعية يبدو انه كامن في عقلية البعض ممن يغرق في تعصباته تجاه طائفته أو فصيلته أو قوميته أو حزبيته.. وهذا كما يبدو اليوم يترسخ شيئاً فشيئاً في شرائح معينة من مجتمعاتنا في الشرق الأوسط خصوصاً!

    ان الإبادة الجماعية كما عرفتها اتفاقية جريمة الإبادة والمعاقبة لسنة 1948، انها تتكون من أفعال معينة ارتكبت بقصد التدمير الكامل لجماعة قومية أو عرقية أو جنسية أو دينية، جزئياً أو كلياً، باعتبارها كذلك..

    وان ثالث إبادة حدثت في القرن العشرين هي التي جرت في رواندا عام 1994.. إذ قتل ما بين نصف مليون ومليون إنسان توتسي وهوتي معتدل بعد انقسام سياسي واجتماعي مرير!

    فهل يمضي العراق إلى الكارثة أيضاً ان لم يحدث تغيير جذري في الأسس المبدئية والسياسية المعتمدة في العراق الجديد، وان لم يجر أي تأسيس جديد يقوم على أساس الاعتراف بكل الأخطاء، فسوف نبقى ننتظر ولادة عراق حضاري مثالي وهذا لن يحصل لسنوات قادمة بفعل الإخفاقات المتتالية التي منيت بها كل الجهود.

    لقد كانت الأمم المتحدة ممثلة المجتمع الدولي برمته تدرك تماماً ان جريمة كبرى ستقع في رواندا، وان تشبث الحكومة الرواندية بالحكم وخططها التي تقضي بالاعتماد على طرف دون آخر، فقاد ذلك إلى مذابح جماعية مروعة للتوتسيين في شمال البلاد بين 1993 و1994 بعد حرب أهلية انقسامية قاسية استمرت لأربع سنوات.. وكان مصرع رئيس رواندا ذريعة لتنفيذ الإبادة..

    واشترك الإعلام بإطلاق تعليمات إلى فرق الموت التي تدعى انتراهاموي (المقاتلون معاً) وبلغت حدة التصعيد على المذابح، ودعمت القوات الرواندية المسلحة تلك الفرق ضد المدنيين التوتسيين والتجمعات المنعزلة.. ان ما يحدث في العراق يكاد يشابه إلى حد كبير حالات الانقسام في رواندا وسيناريو التمزق الذي أعدّ من أطراف عدة لصراع أهلي دام أربع سنوات.

    ان الانقسامات التي يعيشها العراقيون اليوم وهم يعانون من الصراعات الأهلية ستؤدي بهم إلى مجازر وتصفيات للأقليات السكانية، وخصوصاً في المناطق والبيئات المختلطة. وان مذابح الروانديين كانت على مشهد من العالم كله إعلامياً، بل مع وجود قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة على الأرض الرواندية..

    وقد وقف كل أفرادها جانباً وهم يراقبون الفيلم المرعب حقيقة.. ان الموقف العربي لم يزل صامتاً ومحتاراً ولا يعرف ما الذي يفعله إزاء الصراع في العراق، فاللعبة الدولية لم تكتف في ان تقف جانباً، بل انها تدرك حجم التدخلات الإقليمية في العراق، كما وتدرك ان الأثمان التي يدفعها العراقيون غالية جداً وإننا نخشى ان تنتهي بمجازر وحروب إبادة ما دام الصراع الداخلي قد انتقل إلى مراحل متدنية جداً.. وهي وصمة عار وصفحة مخزية من التاريخ.

    ان ما حدث ويحدث في العراق من مذابح وتهجير واختطافات وتفجيرات وتفخيخات.. يفوق كثيراً في صوره المرعبة ما جرى في رواندا.. وكنا وما زلنا نجد المجتمع الدولي يقف عاجزاً عن تقديم أي حلول ومعالجات عملية وجذرية..

    وتكاد تكون الصورة مشابهة تماماً كما أتذكرها كتلك التي جرت في رواندا التي أفرشت الجثث المتعفنة ترابها. ان الاستئصال السكاني لهذا الطرف أو ذاك من العراقيين لا يمكن ان نرجعه إلى «الإرهاب» فقط.. صحيح ان منظمة القاعدة كانت ولم تزل لها جرائمها القاتلة بحق العراقيين، ولكن ثمة تعقيدات لا يمكن حلها بسهولة.

    علينا ان نوفّر أية علاجات لإيقاف الكارثة الزاحفة، وان نخضع العراق كله إلى إنعاش وعناية مركزة.. وعلى العراقيين ان يجتثوا بأنفسهم كل عوامل الصراع الذي تغذيه أطراف متنوعة وتتوزع جيوبه وميليشياته وحواضنه في داخل العراق سواء تلك المعلنة التي تعمل نهاراً.. أو تلك التي تعمل تحت الأرض ليلاً. وكما حدث من تعتيم إعلامي كامل في رواندا، فثمة تعتيم إعلامي أو إعلام مضلل يجري في العراق اليوم الذي تؤهله إلى حيث الإبادة والتهجير.

    إننا لا نريد ان يمّر العراق بتجربة رواندا في الإبادة.. وعلى المجتمع الدولي ان يساهم في إيقاف هذا النزيف.. ان عمليات التهجير والقتل نتاج فعلي لحرب أهلية لا يمكنها ان تبقى أبداً كي تصل مرحلة الإبادة.. وعلى العراقيين ان يعالجوا مسيرتهم كلهم، ويفكروا بالتنازلات أحدهم للآخر.

    وان يدرك الحكام الجدد بأن السلطة لا تحتكر، وعلى المعارضة ان تدرك بأن الوطنية لا تحتكر هي الأخرى. وليدرك العراقيون ان تجربة الاختلاط والزيجات بين التوتسيين وبين الهوتيين تشبه إلى حد كبير تجربة زواج السنة والشيعة أو العرب والأكراد.. ومع ذلك، فقد كانت هناك إبادات بشعة واستئصال مرعب.

    وأخيراً أقول: ان إبادة الروانديين كان يمكن منعها لو أن العالم الخارجي امتلك الإرادة لفعل ذلك. كانت الحقائق بيّنة. وكانت أسس التدخل القانوني موجودة، وما كان مفقوداً ليس إلا الشجاعة. فهل يمكن للعراقيين استيعاب هذا الدرس البليغ؟
    http://www.shabab4u.com/Articles.aspx?id_Article=4548
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
استجابة 1
10 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
ردود 2
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X