مكانة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقرابته عند الصحابة
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عند الصحابة وشدة محبتهم له:روى الحسن العسكري عليه السلام واقعة الهجرة عن الإمام علي عليه السلام: «...وذلك بعد أن طلب منه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن ينام في فراشه، ثم قال لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: أرضيت أن تكون معي يا أبا بكر! تطلب كما أطلب، وتعرف بأنك أنت الذي تحملني على ما أدعيه، فتحمل عني أنواع العذاب ؟
قال أبو بكر: يا رسول الله! أما أنا فلو عشت الدنيا أعذب في جميعها أشد العذاب، لا ينزل عليّ موت ضريح ولا أفرح، وكان ذلك في محبتك؛ لكان ذلك أحب إليّ من أن أتنعم فيها، وأنا مالك لجميع مماليك ملوكها في مخالفتك، وهل أنا ومالي وولدي إلا فداءك؟! فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: لا جرم أن اطّلع الله على قلبك ووجده موافقاً لما جرى على لسانك؛ جعلك مني بمنزلة السمع والبصر، والرأس من الجسد، والروح من البدن»([1]).
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله! فداك آباؤنا وأمهاتنا، إن أهل المعروف في الدنيا عرفوا بمعروفهم، فبم يعرفون في الآخرة ؟ فقال: «إن الله عز وجل إذا أدخل أهل الجنة الجنة أمر ريحاً عبقة فلصقت بأهل المعروف، فلا يمر أحد منهم بملأ أهل الجنة إلا وجدوا ريحه، فقالوا: هذا من أهل المعروف»([2]).
الإمام علي بن أبي طالب (ع) عند الصحابة:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطبنا عمر رضي الله عنه فقال: «علي أقضانا وأُبي أقرأنا»([3]).
وعن سعيد بن المسيب قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول: «اللهم! لا تبقني لمعضلة ليس لها علي بن أبي طالب حياً»([4]).
وقالت عائشة أم المؤمنين زوج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم، و رضي الله عنها-: «علي أعلم الناس بالسنة»([5]).
ومما يدل على تعظيم الصحابة لفقه الإمام علي (ع) وعلمه، ما قاله أبو الدرداء رضي الله عنه قال: «العلماء ثلاثة: رجل بالشام -يعني نفسه رضي الله عنه- ورجل بالكوفة -يعني عبد الله بن مسعود رضي الله عنه- ورجل بالمدينة -يعني علياً رضي الله عنه- فالذي بالشام يسأل الذي بالكوفة، والذي بالكوفة يسأل الذي بالمدينة، والذي بالمدينة لا يسأل أحداً»([6]).
وعندما قتل أمير المؤمنين علي (ع) قرأ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قوله تعالى: ((أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا))[الرعد:41] قال: «اليوم نقص علم الإسلام». وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما: «هذا نقص الفقه والعلم من أرض المدينة»([7]).
وذهب الإمام علي (ع) لبيع درعه ليتزوج بفاطمة (ع) قال: «فانطلقت وبعته بأربعمائة درهم سود هجرية من عثمان بن عفان رضي الله عنه، فلما قبضت الدراهم منه وقبض الدرع مني، قال عثمان رضي الله عنه: يا علي! ألست أولى بالدرع منك، وأنت أولى بالدراهم مني؟ فقلت: بلى، قال: فإن الدرع هدية مني إليك، فأخذت الدرع والدراهم، وأقبلت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فطرحت الدرع والدراهم بين يديه، وأخبرته بما كان من أمر عثمان فدعا له بخير»([8]).
في هذا الأثر دلالة واضحة على محبة عثمان رضي الله عنه، حيث أهدى الدرع للإمام علي (ع) بعد أن صار ملكاً له.
قال نافع بن الأزرق لعبد الله بن عمر: إني أبغض علياً، فقال رضي الله عنه: «أبغضك الله! أتبغض رجلاً سابقة سوابقه خير من الدنيا وما فيها»([9]).
فاطمة الزهراء (ع) عند الصحابة:
تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لفاطمة (ع): ألا أبشرك؟! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «سيدات نساء أهل الجنة أربع: مريم بنت عمران، وفاطمة بنت محمد، وخديجة بنت خويلد، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون»([10]).
ويقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما لأبي جعفر محمد الباقر (ع): «...وجدتك سيدة نساء العالمين»([11]).
وعن عائشة رضي الله عنها -أيضًا- قالت: «ما رأيت أحداً قط أصدق من فاطمة غير أبيها»([12]).
وعنها رضي الله عنها، وهي تحكي صفة مشية فاطمة (ع)، وهي تشبه مشية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت: أقبلت فاطمة عليها السلام تمشي؛ كأن مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مرحبًا! بابنتي فأجلسها عن يمينه»([13]).
الحسن (ع) والحسين (ع) عند الصحابة:
أبو بكر الصديق رضي الله عنه ينقل لنا مكانة الحسن والحسين عليهما السلام عند الله فيقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة»([14]).
وهذا ابن عمر رضي الله عنهما يروي لنا مكانة الحسن والحسين عليهما السلام عند جدهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك عندما سأله رجل عن دم البعوض، فقال: «انظروا إلى هذا سألني عن دم البعوض! وقد قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!» وسمعته يقول: «الحسن والحسين هما ريحانتاي في الدنيا»([15]).
وعن عقبة بن الحارث قال: خرجت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بليال، وعلي عليه السلام يمشي إلى جنبه، فمر بالحسن بن علي يلعب مع غلمان، فاحتمله على رقبته وهو يقول:
بأبـــي شبيـــه بالنبـــي ليـــس شبيهـــا بعــــلـي
قال: «وعلي عليه السلام يضحك»([16]).عن نعيم قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: ما رأيت الحسن عليه السلام قط إلا فاضت عيناي دموعاً، وذلك أنه أتى يوماً يشتد حتى قعد في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفتح فمه ثم يدخل فمه في فمه، ويقول: «اللهم إني أحبه فأحبه، وأحب من يحبه» يقولها ثلاث مرات ([17]).
وروي مرفوعاً إلى أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة ويقول: «إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين». رواه الجنابذي ([18]).
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «لم يكن أحد أشبه برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الحسن بن علي عليهما السلام»([19]).
علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام:
تروي لنا عائشة رضي الله عنها مكانة الإمام علي وزوجته وولديهما عليهم السلام حيث تقول: «إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله، ثم فاطمة، ثم علي، ثم قال: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً))[الأحزاب:33] ([20]).
([1]) تفسير الحسن العسكري: (ص:164، 165)، نقلاً عن الأدلة الباهرة على نفي البغضاء بين الصحابة والعنزة الطاهرة للدكتور: عمر عبد الله كامل.
([2]) وسائل الشيعة (15/304).
([3]) كشف الغمة (1/115).
([4]) كشف الغمة (1/116)، مناقب آل أبي طالب: (2/31).
([5]) كشف الغمة (1/115).
([6]) كشف الغمة (1/116).
([7]) مناقب آل أبي طالب (3/308).
([8]) كشف الغمة (1/368-369).
(6) مناقب آل أبي طالب (2/3).
([10]) كشف الغمة (2/77).
([11]) كشف الغمة (2/332).
([12]) مناقب آل أبي طالب (3/341).
([13]) مناقب آل أبي طالب (3/362).
([14]) كشف الغمة (2/173).
([15]) مناقب آل أبي طالب (4/76).
([16]) كشف الغمة (2/173).
([17]) كشف الغمة (2/188)
([18]) كشف الغمة (2/142).
([19]) كشف الغمة (2/139).
([20]) كشف الغمة (1/235).
تعليق