بسم الله الرحمن الرحيم
مقام النبي شيث عليه السلام
يعود حضور هذا المقام الشريف في التاريخ لمئات السنين، وتُظهر ( الوقفية ) وجوده قبل أكثر من 900 سنة، حيث تنص على أن "الخواجة محمد العصي" قد أوقف أراضيه لمقام النبي شيث عليه السلام بتاريخ السادس عشر من ذي القعدة من عام 518 هجرية، وجعل عائداتها لبنائه وخدمته.

وقد أعيد تشييد المقام منذ أكثر من 400 سنة، وتم تسجيل هذا الحدث على حجارة لا تزال موجودة حتى اليوم، حيث حُفر عليها: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر}

ولما كانت سنة اثنتا عشرة بعد الألف من شهر ربيع الأول شيد مقام النبي شيث عليه السلام "محسنة ابنة الدين" غفر الله لها ولوالديها. ومحسنة هذه على ما يظهر اسم مستعار لسيدة لم تشأ أن تذكر اسمها إخلاصاً لله في العمل.

ثم أنجز تأهيله وتوسيعه على يد "الحاج حسن الهمداني" من حوالي 200 سنة وذلك بتكليف ومدد من النبي شيث عليه السلام بعد رؤيته له في المنام على رواية متواترة بين الناس.

ولقد كان هذا التكليف من قبل النبي شيث عليه السلام مستلزماً إقامة الحاج حسن وأولاده قرب المقام المبارك، وتباعاً بعد عمارته أصبح محفزاً لمجيء العائلات لتسكن في حماه ومحيطه، مما أدى مع مرور الزمن إلى تكوين بلدة سُميت باسم مسبب نشوئها "النبي شيث" وهي لا تزال تنعم بألطاف عنايته ورعايته من دفع بلاء وإغداق نعم.

وقد أعيد بناء المقام مؤخراً على يد المحسنين من أبناء البلدة ابتداءً من 1995/4/5 ميلادية. والنبي شيث عليه السلام هو ابن لآدم من رحم حواء عليهما السلام وهبه الله لهما بعد قتل قابيل لأخيه هابيل، فكان وصي أبيه وخليفته ووارث علمه، وقد قام في ولد أبيه وولده بطاعة الله وبما أنزل الله عليه من صحف.

ويكفي للدلالة على علو شأنه ورفيع مقامه سلام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه عليه المذكور في زيارة الناحية المقدسة: {السلام على شيث ولي الله وخيرته} .

ويلاحظ الزائر الكريم عند دخوله المقام طول القبر الشريف البالغ 30 متراً، ومردّ ذلك على الأرجح تحير القدماء في تحديد موضع القبر بدقة، فقاموا بإحاطة وتصوين البقعة المحتمل فيها وجود القبر بالكامل، حيث بقي على هذه الحال حتى اليوم.

وقد حدثت في هذه الحضرة المباركة كرامات عديدة تثبت وجود قبر النبي شيث عليه السلام فيها، وتنبّه إلى عظيم منزلته. سنذكر بعضها لاحقاً إن شاء الله تعالى.
تعليق