إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

مواقف مشرفة من حياة الامام جعفر الصادق سلام الله عليه

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مواقف مشرفة من حياة الامام جعفر الصادق سلام الله عليه

    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

    مواقف مشرقه من حياة الامام جعفر الصادق سلام الله عليه :


    عـرض موجـز للأحــداث :

    بنو أمية عشيرة تنتسب إلى قريش عن طريق أمية بن حرب ، وكانت تناوئ بني هاشم في الجاهلية ، حتى جاء الرسول محمد (ص) وجاءت معه الدعوة الإسلامية فعارضتها هذه العشيرة أشد معارضة حتى فشلت أمام قوتها واستسلمت إلى حين .

    ومات النبي (ص) وجرت أحداث التاريخ هائجة طائشة ، ولم يكن عند بني أمية أمل العودة إلى المسرح السياسي حتى حلت الخلافة في بيت عثمان ، فوجدت بصيصاً من الأمل فراحت تتبعه .

    وشاء القدر أن يقتل عثمان ، كما شاء التاريخ أن يقوم بنو عمه بطلب ثأره . من هنا بدأ تاريخ بني أمية ظاهراً في الحكومة الإسلامية .

    حارب معاوية علياً (ع) الخليفة الشرعي للأمة بحجة طلب الثأر لعثمان ، فلما وجد أنصاراً كثيرين نصب نفسه على الناس ، ثم تطور وقال : إني وبنيِّ الملوك ، والناس عبيد صاغرون لنا .

    وانحدرت سلسلة بني أمية تحكم الناس على أنها المالكة لأمرهم وهم المطيعون ، وإلاّ فالسيف وكل أنواع الفتك والتعذيب مآلهم .

    وانفجرت من الناس ثورات تعارض الوضع بكل صراحة ومع أنها فشلت آخر الأمر ، لكنها أبقت ضمائرها لتحيا ذات مرة وتقود المسير .

    وكانـت الثـورات قـد اتخـذت طابعـاً واحـداً - تقريباً - هو الأخذ بثأر الإمام الحسين (ع) ابن بنت رسول الأمة الذي جاهد الباطل للحق فقتل أفظع ما تكون قتلة في التاريخ .

    أما بنو العباس فهي فرقة تنتمي إلى عم الرسول ، كانت لها سوابق لا بأس بها في تاريخ المعارضة السياسيـة لدولة بني أمية ، أكسبتها مزيداً من الكرامة والاعتبار بين الشعب الساخط على سياسة الأموييـن .

    وجاءت سنة الثورة وأرسلت الثورات مبعوثها إلى خراسان - آخر نقطة تقريباً من البلاد الإسلامية - حيث يتواجد أنصار الدعوة ، لتعلن الثورة في الوقت المعلوم .

    وكان أبو مسلم الخراساني فردا مؤمنا بضرورة قلب الأوضاع مهما يكن من أمر ، ولم يكن يؤمن بغير ذلك أبداً . وهذا الإيمان في الواقع أصمّه وأعماه ، وعدم إيمانه بغيرها هو الذي سبب نجاح بني العباس في ثورتهم دون غيرهم ممن خرجوا على الدولة ، حيث أن الثائرين على الأغلب كانوا يتورعون من ارتكاب المحرمات ولو ضمنت نجاحهم الدائم ، في نفس الوقت الذي لم يكن أنصار بني أمية محجمون عن أي عمل يدعم سلطانهم أو يفني عدوهم ، فإذا حاربهم من كان مثلهم في هذه التبعية تساوى احتمال نجاح الطرفين .

    لم يكن أبو مسلم فريداً بين المنتمين إلى الدعوة العباسية الجديدة ، بل إن الأكثرية الغالبة من قادتها كانوا من هذا الطراز ، فلم يروا عائقا يمنعهم عن السيادة والاستئثار بالحكم إلاّ اعتبروا العمل لإزالته ، عملاً حسناً بأي صورة كانت .


    لقد استلم أبو مسلم من مركز القيادة - الكوفة - واصدر أوامر كانت هذه بعض فقراتها:

    “ إنك رجل منا - أهل البيت - إحفظ وصيتي ، أنظر هذا الحي من اليمن فالزمهم واسكن من أظهرهم ، واتّـهم ربيعة في أمرهم ، وأما مضر فإنهم العدو القريب الدار واقتل من شككت فيه ، وإن استطعت ألا تدع بخراسان من يتكلم بالعربية فافعل ، وأيما غلام بلغ خمسة أشبار تتهمه فاقتله ولا تخالف هذا الشيخ سليمان بن كيد ولا تعصه ، وإذا أشكل عليك الأمر فاكتف به مني والسلام “ .

    وهو بالذات لا يحتاج إلى مثل هذه الأوامر لأنه - كما سبق - كان رجلاً سفاكاً إلى أبعد الحدود ، فكم غدر بالقادة المعارضين له بعدما استضافهم في بيته ، وكم أعطى الأمان لرجال صالحين ثم نكّل بهم وقتّلهم تقتيلاً ، وكم قتل الأبرياء بغير جريمة ، وكم هتك الحرمات بغير مبرر ، وكم وكم ..

    أمــا القادة في الكوفة فلم يكونوا بأقل إجراماً منه ، فقد بايعوا رجلاً من بني هاشم هو محمد بن عبد اللــه (1) ، وحينما وجدوا فرصة سرقوا الثورة واستأثروا بخيراتها وأنزلوا العذاب بمن ناصرهم في الأمس بل بالمؤسس للفكرة وبالذي بايعوه عن قريب فقد أخذوه وقتلوه غدراً .

    وهذا أبو مسلم الذي كان المؤسس للدولة قد غدر به المنصور فقتله شر قتله ، وغدر بعيسى بن موسى وعزله عن ولاية العهد بعدما جعلها له إكراماً لما قدمه إليه من خدمات جليلة .

    كمــا غـدر بنو العباس بكل مـن أبي سلمـة الخلال ، ويعقوب بن داود ، وفضل بن سهل ، وجعفر البرمكي ، ويحيى الحسني ، وغيرهم ... ممن أسدوا إليهم خدمات كانت جديرة بأن تشكر وتجزى خير جــزاء .



    مــــــــــــــــــــــــوقف الامـــــــــــــــــــــــام عليه السلام:



    يعتقد البعض أن عصر الإمام الصادق (ع) كان يمكن أن يكون من أنسب العصور وأخصبها لو كان الإمام يشتغل للثورة الحقة التي ترجع الخلافة إلى المؤهل لها من عند اللـه عزّ وجلّ ومن لدن رسوله (ص) ، لكونه عصر تطور - بالغ الخطورة - في التاريخ الإسلامي ، حيث أزاح الستار عما كان الزمن قد ستره من الحقائق الدينية ، ولكن الواقع ينبئ بغير هذا الزعم وهو أن الإمام الصادق (ع) لم يكن يستطيع النهوض بإظهار الدعوة على المسرح السياسي في يوم من الأيام ، فأما في عصر الأمويين فلما سبق من أنهم لم يكونوا يتورعون من أي جريمة يرتكبونها في سبيل إخماد ثورة ضدهم ، مع أن الإمام (ع) لم يلجأ إلى الباطل في طريق الحق ولم يستعن بالظلم لتطبيق العدل ، وأما بنو العباس فلم يكونوا بأحسن أعمالاً من إخوانهم بني أمية ولا بأورع عن الفتك والمكر في سبيل توطيد ملكهم ، ولذلك استطاعوا أن ينسفوا عرش بني أمية نسفا - وهكذا ضرب الباطل بالباطل وكان بينهما تبديلاً - .

    كما استغل العباسيون كل نشاط لدعوة بني هاشم ، واستفادوا من الاستياء العام الذي صنعه الطالبيون - ولا زال الناس يلقون بآمالهم الكبيرة عليهم - لذلك لم يمكن النهوض بعبأ الثورة الشيعية لاسيما تلك التي يتورع فيها عن أي سفك للدماء البريئة وأي هتك للحرمات المقدسة .

    ويدلنـــا على عدم وجود مؤهلات النهوض في عصر العباسيين أن طائفة من بني عمومـــــة الإمـــام ثـــاروا - سواء في عصر الإمام (ع) أو بعده - فلم يفلحوا وكان مصيرهم نفس المصير الذي لقيه أباؤهم في عصر الأمويين أبداً .

    ومع ذلك كله فإن الإمام (ع) كان يدعم أسس الثورة الفكرية الجامحة التي تؤدي إلى الثورة السياسية أيضاً ، وذلك بنشر الحقائق الدينية والتاريخية بصراحة وبدون غموض ، مما أدى إلى تهيئة جوّ صالح لغرس نواة الانقلاب الفكري السياسي ، حتى أنه قرر أن يكون الإمام موسى بن جعفر الكاظم - نجل الصادق (ع) - قائم آل محمد (ص) الذي كان تعبيراً عن رجوع الدولة المغتصبة والحق المضيع إليهم، حيث أن الشيعة لمسوا فيه رعايات واسعة لها تاثيرها في تحويل الوضع السياسي ، ولكن أتباع الدعوة الشيعية خانوها بإفشاء سر النهج والطريق المرسوم ، وكانت النتيجة أن ألقي القبض على الإمام الكاظم (ع) وسجن سنوات طويلة وأنزل على الشيعة الويل والعذاب بشتى الصور .
    ولكن روح الثورة التي خلقها الإمام الصادق (ع) ظلت متوثبة - حتى - بعد موت هارون الرشيد في زمان الإمام الرضا (ع) حفيد الإمام ، وانتهت بإعـلان ولاية العهد الذي كان سبيلاً مباشراً لرجوع الخلافة إلى أبناء علي (ع) ولكن شاء القدر باستشهاد الإمام الرضا (ع) قبل موت المأمون .

    وعلى أي حال فإن الإمام الصادق (ع) خلق جوأً صالحاً للثورة في هذه السنوات التي تولى فيها إمامة المسلمين بعد أبيه (ع) .

    ومن الطبيعي أن لا تتركه السلطات هادئاً يمشي في طريقه المرسوم وإن كان لا يعارضهم معارضة مباشرة ، لأن مقاطعته للعباسيين كانت لهم نذير سوء ، ومثيرة لسخطهم البالغ عليه وعنفهم الشديد له .

    فقد دعاه المنصور ليسير في ركابه كما سار غيره من أئمة الجور . حيث أرسل إليه يقول : ألا تغشانا كما يغشانا الناس ؟

    فإجابه الإمام (ع) : “ ليس لنا ما نخافك من أجله ، ولا عندك ما نرجوك له ، ولا أنت في نعمة فنهنيك ولا نراك في نقمة فنعزيك بها . فما نصنع عندك “ ؟

    فكتب إليه المنصور : تصحبنا لتنصحنا .

    فأجابه (ع) : “ من أراد الدنيا لا ينصحك ، ومن أراد الآخرة لا يصحبك “ .

    فقال المنصور واللـه لقد ميز عندي منازل الناس من يريد الدنيا ممن يريد الآخرة .

    والآن حيث انتهيت من وضع الخطوط العريضة لسياسة الإمام الصادق (ع) مع السلطات المعاصرة ينبغي لي أن أشير إلى بعض الأحداث التي جرت على الإمام (ع) أو على بعض مواليه من المحن التي لاقوها من السلطة لا لشيء إلاّ لأنهم أرادوا الحق ودعوا إليه ، تاركاً البحث حولها إلى مجال آخر .

    أشخص السفاح الإمام الصادق (ع) من المدينة إلى الحيرة ليفتك به ، ولكن كفاه اللـه من ذلك .

    وجاء دور المنصور فتعاهد الإمام بالأذى اثنتي عشرة سنة ، وأشخصه سبع مرات في المدينة والربذة والكوفة وبغداد ، وفي كل مرة يستدعيه المنصور ، فإذا جاء إليه أنذر وأعذر وذهب بالذل ، ورجع الإمام بالخير والمعروف


    وإني إذ أنقل إليك أخي القارئ تفصيل هذا الاستحضار في أوائل خلافة المنصور وأواخرها ابتغاءً لبيان حدة الخلاف ونوعيته بين المنصور وبينه (ع) .

    1 - روى السيد ابن طاوس نقلاً عن الربيع حاجب المنصور أنه قال : لما حج المنصور - ربما يكون في سنة 140 أو 144 هجرية - وصار بالمدينة سهر ليلة فدعاني فقال : يا ربيع انطلق في وقتك هذا على أخفض جناح وألين مسير ، وإن استطعت أن تكون وحدك فافعل حتى تاتي أبا عبد اللـه جعفر بن محمد (ع) فقل له هذا ابن عمك يقرأ عليك السلام ويقول لك :

    “ إن الدار وإن نأت ، والحال وإن اختلفت ، فإنا نرجع إلى رحم أمس من يمين بشمال ونعل بقبال ، وهـو يسألك المصير إليه في وقتك هذا ، فإن سمح بالمصير معك فأوطئه خدّك ، وإن امتنع بعذر أو غيره فأردد الأمر إليه في ذلك ، وإن أمرك بالمصير إليه في تأن فيسر ولا تعسر ، واقبل العفو ولا تعنف في قول ولا فعل “ .

    قال الربيع : فصرت إلى بابه فوجدته في دار خلوته ، فدخلت عليه من غير استئذان فوجدته معفراً خديه مبتهلاً بظهر كفيه قد أثر التراب في وجهه وخديه .

    فأكبرت أن أقول شيئا حتى فرغ من صلاته ودعائه ثم انصرف بوجهه . فقلت : السلام عليك يا أبا عبد اللـه .

    فقال : وعليك السلام يا أخي ، ما جاء بك ؟

    فقلت : ابن عمك يقرأ عليك السلام .. حتى بلغت آخر الكلام .

    فقال : ويحك يا ربيع ! { أَلَــمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللـه وَمَـــا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلاَ يَكُونُـــــوا كَالَّذِينَ اُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الاَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ } (الحديد/16 )

    { أَفَاَمِنَ أَهْلُ الْقُـرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَاَمِنُوا مَكْرَ اللـه فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللـه إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } (الاعراف/97-99)

    قرأت على أمير المؤمنين السلام ورحمة اللـه وبركاته .

    ثـم أقبـل على الصلاة وانصرف إلى توجهه ، فقلت هل بعد السلام من مستعتب أو إجابة ؟

    فقال : نعم قل له :

    { أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيــــمَ الَّذِي وَفَّى أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُـرَى } (النجم/33-40)

    وإنا واللـه يا أمير المؤمنين قد خفناك وخافت بخوفنا النسوة اللاّتي أنت أعلم بهن ، لابدّ لنا من الايضاح به ، فإن كففت وإلاّ أجرينا اسمك على اللـه عز وجل في كل يوم خمس مرات ( أي دعونا عليك مع كل صلاة دعاء لا يرد لأنه مع إخلاص ) .

    وأنت حدثتنا عن أبيك عن جدك أن رسول اللـه (ص) قال أربع دعوات لا يحجبن عن اللـه تعالى ، دعاء الوالد لولده والأخ لأخيه بظهر الغيب والمخلص .

    قال الربيع : فما استتم الكلام حتى أتت رسل المنصور تقفوا اثري وتعلم خبري ، فرجعت فأخبرته بما كان فبكى ، ثم قال : إرجع إليه وقل له الأمر في لقائك إليك والجلوس عنا ، وأما النسوة اللاّتي ذكرتهن فعليهن السلام فقد أمّن اللـه روعتهن وجلا همهن .

    قال : فرجعت إليه فأخبرته بما قال المنصور ، فقال : قل له وصلت رحماً وجزيت خيراً ثم اغرورقت عيناه حتى قطر من الدموع في حجره قطرات .

    2 - وعن محمد بن عبد اللـه الاسكندري كان من ندماء المنصور وخواصه ، أنه قال : دخلت على المنصور يوماً فرأيته مغتماً وهو يتنفس نفساً بارداً فقلت ما هذه الفكرة يا أمير المؤمنين !

    فقال لي : يا محمد لقد هلك من أولاد فاطمة مائة أو يزيدون وقد بقي سيدهم وإمامهم .

    فقلت له : من ذلك ؟

    قال : جعفر بن محمد الصادق .

    فقلت يا أمير المؤمنين : إنه رجل قد انَحَلته العبادة واشتغل باللـه عن طلب الملك والخلافة .

    فقال : يا محمد لقد علمت أنك تقول به وبإمامته ولكن الملك عقيم وقد آليت على نفسي الاَّ أمسي عشيتي هذه أو أفرغ منه .

    قال محمد : واللـه لقد ضاقت عليَّ الأرض برحبها ، ثم دعا سيافاً وقال له : إذا أنا أحضرت أبا عبد اللـه الصادق وشغلته بالحديث ووضعت قلنسوتي عن رأسي فهي العلامة بيني وبينك فاضرب عنقه .

    ثم احضر أبا عبد اللـه (ع) في تلك الساعة ولحقته في الدار وهو يحرك شفتيه فلم أدر ما الذي قرأ ، فرأيت القصر يموج كأنه سفينة في لجج البحار ورأيت أبا جعفر المنصور وهو يمشي بين يديه حافي القدمين مكشوف الرأس قد اصطكت أسنانه وارتعدت فرائصه يحمر ساعة ويصفر أخرى ، واخذ بعضد أبي عبد اللـه وأجلسه على سرير ملكه وجثا بين يديه كما يجثوا العبد بين يدي مولاه ، ثم قال : يا أبن رسول اللـه (ص) ما الذي جاء بك في هذه الساعة ؟

    قال : جئتك طاعة لله ولرسوله ولأمير المؤمنين أدام اللـه عزه .

    قال : ما دعوتك والغلط من الرسول . ثم قال : سل حاجتك ؟

    فقال : أسألك الا تدعوني لغير شغل .

    قال : لك ذلك وغير ذلك . ثم انصرف أبو عبد اللـه (ع) سريعاً وحمد اللـه عزّ وجلّ كثيراً .

    ودعا أبو جعفر المنصور بالدواويج - أي الألحفة والأغطية - ونام ولم ينتبه إلاّ في نصف الليل ، فلما انتبه كنت عند رأسه فترة ذلك ، وقال : لا تخرج حتى أقضي ما فاتني من صلاتي فأحدثك بحديث ، فلما قضى صلاته أقبل على محمد وحدَّثه بما شاهده من الأهوال التي أفزعته عند مجيء الصادق (ع) ، وكان ذلك سبباً لانصرافه عن قتله وداعياً لاحترامه والإحسان إليه .

    يقول محمد قلت له : ليس هذا بعجيب - يا أمير المؤمنين - فإن أبا عبد اللـه وارث علم النبي (ص) وجده أمير المؤمنين (ع) ، وعنده من الأسماء وسائر الدعوات التي لو قرأها على الليل لأنار ولو قرأها على النهار لأظلم ولو قرأها على الأمواج في البحور لسكنت .

    وهكذا استمر المنصور يدعو الإمام مرة بعد أخرى حتى دس إليه السم فقتله .

    ولم تقتصر مواقف الإمام المشرفة في التي وقفها مع المنصور فقط ، بل ، إن له مواقف مشابهة مع ولاة المنصور من ذلك ما يلي :

    1 - ذات مرة كان الصادق (ع) عند زياد بن عبد اللـه فقال الرجل : يابني فاطمة ما فضلكم على النــاس ؟ ( فسكت كل من كان في المجلس من الفاطميين خوفاً على أنفسهم من قتل الرجل ) .

    فقال الإمام : “ إن من فضْلنا على الناس أنا لا نحب أن نكون من أحد سوانا ، وليس أحد من الناس لا يحب أن يكون منا “ .

    2 - وكان داود بن علي والياً على المدينـة فأمـر مديـر الشرطة بإعدام ( معلى بن خنيس ) وهو من زعماء الشيعة البارزين ومن أصحاب الإمام الصادق (ع) المفوهين ، فنفذ مدير الشرطة أمر الرئيس .

    فلما قتل ( معلى ) جاء الإمام وقد اشتد غضبه على الحكم إلى الوالي يقول له : قتلت مولاي وأخذت مالي !! أما علمت أن الرجل ينام على الثكل ولا ينام على الحرب .

    فاعتذر الوالي بانه لم يكن القاتل المباشر .

    فذهب إلى مدير الشرطة فاعترف بالجرم فأمر بضرب عنقه فقتله جزاءً على قتله وقوراً .




    (1) لقد بايع الهاشميون على الأغلب وفيهم السفاح والمنصور هذا الرجل الذي رشحته كفاءاته الكثيرة للقيادة فنصب نفسه لها وأعانه عليه أقرباؤه جميعاً . كل ذلك في محل بين المدينة ومكة يسمى بـ (الأبواء) .

  • #2
    فقال الإمام : “ إن من فضْلنا على الناس أنا لا نحب أن نكون من أحد سوانا ، وليس أحد من الناس لا يحب أن يكون منا “ .


    احسنت اخي العزيز وبارك الله بكم

    تعليق


    • #3
      سلام الله على مؤسس المذهب الجعفري الإمام الصادق

      تعليق


      • #4
        السلام على صادق آل محمد

        جزاكم الله كل خير

        وموفقين أنشاء الله

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        x

        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

        صورة التسجيل تحديث الصورة

        اقرأ في منتديات يا حسين

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 07:21 AM
        ردود 2
        17 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة ibrahim aly awaly
        بواسطة ibrahim aly awaly
         
        أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
        استجابة 1
        12 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة ibrahim aly awaly
        بواسطة ibrahim aly awaly
         
        يعمل...
        X