من المصائب الدائمة التي نتلقاها في الحوارات و المناظرات مع أعضاء المنتديات فيما يرتبط بأمر الشعائر الحسينية هو جهلهم بالمفردات العلمية و معظم هؤلاء هم من مقلدي خامنئي و فضل الله.
و كنموذج نرى أن المعارضين للتطبير غالبا من حيث لا يشعرون يزعمون حرمة التطبير و يأتون بإستدلالات مضحكة و موهنة –أوهن من بيت العنكبوت- على ذلك، و مما يقولون أن التطبير موهن للمذهب لذا فإنه حرام. من هنا أرى من الضروري أن أتطرق إلى هذا الأمر، لأن الكثير من الأشخاص سواءا من معارضي التطبير أو مدافعيه غافلون عن هذا الأمر و من حيث لا يشعرون يخطِّئون بعضهم البعض.
لا يختلف إثنان في أن العمل المباح الذي يوجب وهن المذهب يكون محرما بعنوان ثانوي و لا كلام على ذلك، لكن الأمر هو في تشخيص الموضوع و مصداقيته، و هذا من إختصاص المكلفين بأنفسهم، مثلا يقول معارضوا التطبير في إستدلالاتهم المضحكة:
كل عمل يوجب وهن المذهب حرام.
التطبير أيضا يوجب وهن المذهب.
إذن التطبير حرام.
أو:
كل عمل يؤدي إلى الضرر حرام.
التطبير يؤدي إلى ضرر في البدن!!
إذن التطبير حرام.
هذه مزاعم تضحك حتى الثكالى، لأنها تكشف عن جهل أشخاص لا يميزون بين المفهوم و المصداقية و الحكم و الموضوع، و مع ذلك يدعون العلم و الدراية!
إتهم يأخذون صغرى القياس كحكم و الذي يتغير حسب حالات الموضوع (الأحكام تابعة للموضوعات)، و يأخذون كبراها ايضا بناءا على أهوائهم و رغباتهم و يفرضون تشخيصهم هذا على الآخرين، و يرون النتيجة مطابقة لأهوائهم! فضلّوا و أضلّوا!
و إذا كان المبنى هذا فالمدافعين عن التطبير أيضا يستطيعون القول:
إن إقامة الشعائر الحسينية يعتبر واجب كفائي.
و التطبير من الشعائر الحسينية.
إذن التطبير واجب كفائي!
في حين أن هل كون التطبير شعيرة أم لا، أو هل هو موهن للمذهب أم لا، أو هل يضر أم لا يضر، كلها تدخل في خانة المواضيع التي على المكلف بنفسه أن يشخصها ، و هذا التشخيص يكون بناءا على الحالة التي هو فيها و يمكن أن يكون لكل فرد حكم مختلف عن حكم الشخص الآخر، كما أن الصوم يمكن أن يكون مضر لشخص ما فسيكون محرم عليه، أما حكم وجوبه يبقى في محله بالنسبة لسائر الأشخاص. فهل يمكن أن نقول بما أن الصوم مضر لذلك الشخص فإنه إذن حرام على الجميع؟ ما لكم كيف تحكمون؟
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو أن المعارضين للتطبير الذين لا يستطيعون تمييز فرق الموضوع و الحكم كيف يسمحون لأنفسهم أن يناقشوا في هذا الأمر؟ في البداية إذهبوا و تعلّموا و ادرسوا و افهموا ثم تعالوا و أفضحوا أنفسكم و افضحوا مرجعكم الضال المضل!
من هنا فإن الذي يرى أن التطبير موهن للمذهب، فإن عدم جواز هذا العمل يكون له حصريا فقط بإعتباره حكم ثانوي و لا لغيره و لا يستطيع أن يلزم الآخرين به، و إذا كان شخص يرى التطبير فخر للمذهب فسيكون مستحبا أن يعمل بتشخيصه بل يوجب عليه ذلك بالواجب الكفائي، أي إن تشخيص كل شخص يرتبط بنفسه فقط، و لا يحق لأحد أن يفرض تشخيصه على غيره في الموضوعات.
أسأل الله تعالى أن يوفقنا لإقامة الشعائر الحسينية بجميع أشكالها و أقسامها و أن يرزقنا فخر المواساة مع سيدالشهداء صلوات الله و سلامه عليه، و ما ذلك على الله بعزيز.
تعليق