في زمن جفت فيه ينابيع الوفاء .. ونأى الجميع بنفسه خوفا وطمعا ......كان للشيخ اليعقوبي وقفة وفاء في يوم الرحيل . سيدي الصدر المقدس .. أيها الجبل الأشم. ما استهدفوك بغدرهم لكنما، استهدفوا الحق والإسلام والقرآنا.. قتلوك ظلما سيدي.. وتناوشت أوصالك الغربانا .. فرصاص غدرهم لم ينل من شخصكم.. لكنما نال القلوب العامرات بحبكم إيمانا . قد لايختلف اثنان بان الثالث من ذي القـعدة من عام 1419 هجرية يوم شـؤم ونذير شـؤم على العراقييـن جميعا ففـي هذا اليوم أقـدم النظام العفلقـي على اكبر جـريمة في التاريخ الحديث باغتياله زعيم ألحوزة ألناطقة والمرجع الكبير السيد الشهيد محمد صادق الصدر(قدس سره الشريف ) ونجليه.. وهَـدمَ للإسلام ركناً وللدين بنياناً.. وواد الحق واغتال الحقيقة.. وطُعِنَ الإسلام في الصميم، في جريمة نكراء يندى لها جبين البشرية والإنسانية ويترفع عن فعلها أبا جـهل ومن يسـجد للنار والصنم..ألا تبت يدا أبي لهب وتب.. ففي ليلـة غابـت سعود نجومها وغاب عنها القمـر خجـلا وحزنا وأسـفا ..هتف هاتف في السماء.. تهدمـت والله أركان الهدى وانفصمت العـروة الوثقـى للحوزة الناطقة .. قتل من كان ناطـقا ..قتل من كان للدين حافظا.. قتل من كان للهدى مرشدا .. قتل من كان للتقـى علما.. قتل من كان للمستضعفين أبا .. قتل زعيم ألحوزة الناطقة.. ياإلـهي... أكاد أُجَـن ولا اصـدق كيف ياقبـر تحتـوي من كان للردى مرعبا .... كيف ياالهي هكـذا يتهاوى الشموخ ويهوي الجبلا .. قلوب ألملايين وجلا وتنتظر خبرا .. خبر تسـرب من المدينة المدججة بالسلاح والممتلئة بجند الشر وعساكر يزيد.. خبر تسـرب وأذهل العقول ..واحرق القلوب.. وقرح العيـون.. خبر تسـرب من المدينة الملتهبة والمقيدة من ألرأس إلى القدم. والتي منـع من مغادرتها الطير والريح وحبات المطر .. تسـرب الخبر.. وبسـرعة انتشر.. كالنار في الهشيم انتشر.. وعجزت غربان الشـر من احتواء الخبر.. وعندما انتشر.. ماجت الأرض بأهلها وصعق البشر .. وصل الخبر بأن حسين العصر قد إنغدر..واسدل الستار على رحلة النضـال.. ووقفة الشموخ بوجه الطغاة .. ووقفة الليث بوجه العصاة.. ووقفة الطهر بوجه الزناة.. ووقفة الفكر بوجه الرعاة.. لكنه أنتصر..رغم انكسار الجميع هو أنتصر..ولااريد هنا أن اوءبن صاحب الذكرى وأنَـى لـي ذلك وهـو حـي عند ربه يرزق .. وحظـي بفخر الدنيا وعزتها وبكرامة الآخرة وجنانها .. ولااريد أن استعرض المواقف العدائية والغير مبررة واللامنطقية للذين وقفوا في الخندق المعادي والمناهض لسـياسيته الإصـلاحية والفكرية يومـذاك.. من الذين أدموا قلبه وملئوه قيحاً .. وعجلوا بمصيـره المحتوم.. وانئـى بنفسي ترفعا عن ذكرهم وعن نـك الجرح الذي إلى الآن لم يندمل ومن اتسـاع الهوة وفجوة الخلاف .. ولكنني وددت أن أسلط الضوء على موقف مغاير لمواقف الانهزاميين والمتنصلين موقف يقر العين يوم شبحت العيون وزاغت الأبصار وبكت بدموع التماسيح.. ويثلج القلب في لهيب المواقف المخزية والمتخاذلة.. ويرفع الرأس يوم انحنت الرؤوس ذلا وخنوعا.. ذلك هو موقف ألشيخ ألمبارك.. ففي ذلك اليـوم الذي هوى فيه صرح الحوزة الناطقة وتصدعت جدرانها كانت قوات الأمن الصدامية تطبق قبضتها الحديدية على المـدينة المقدسة بالكامل مما حـال دون وصـول طلبة الحوزة الشريفة إلى مستشفى النجف العام . الذي نقل إليه السيد الشهيد ونجليه مما فرض الموقف عليهم اللجوء إلى السادة المراجع وفضلاء الحوزة العلمية والاستنجاد بهم وطرق أبوابهم الواحد تلو الآخر والباب تلو الباب وكان الجواب أعذار واهية هي في حقيقة الأمر أوهى مـن بيت العنكبوت.. ولااجد عزاءاً لهم ولنفسي... ألا في ذلك ألموقف ألمشرف لسماحة المرجع الديني الكبير آية ألله ألعظمى الشيخ محمد اليعقوبي – دام ظله الوارف - الذي ضمر به الجميل ورفقة السنين والدين الذي في عنقه لاستاذه الشهيد .. انه موقف الوفاء ورد الجميل .. ولايعتقد من يعتقد بان هذا الموقف اعتياديا وطبيعيا في ظرف غير اعتيادي .. بل على العكس بدليل إن الجميع نأى بحمله بعيدا خوفا وطمعاً ..وكان موقفا محفوفا بالمخاطر.. وامتحانا للمبادئ.. وصدق النوايا والمعدن الأصيل .. ووحدة الهدف .. فكان أهلاً لذلك.. وكان - سماحته - أول من دخل إلى مستشفى ألنجف ألمحاصر بقوات ألحرس ألخاص وكان يقف في صالة الانتظار يترقب، وقد أخذت منه المصيبة مأخذها وكأنه يحمل جبلا من الهم والحزن وينتظر حتمية القدر وجريان القضاء ولحظة المعراج وساعة ألوداع ألأبدية بوجه شاحب وبأنفاس تصاعدت آهاتها وبقلب تعالت دقاته وبأسف مرير على فقدان الحبيب.. وكان يسال كل من يدخل ويخرج من صالة الطوارئ التي احكموا إغلاقها وكان الجواب دائما لاجواب.. صمت رهيب يهيمن على المكان ويكاد يطبق على المدينة بأسرها.. إلا من جعجعة لسلاح هنا أو لهرولة عساكر الحماية هناك .. والشيخ ما بين الألم الذي يعتصر قلبه وبين صلافة العسكر يصبر نفسه تارةً ويصبر إخوانه( من القلائل الذين استطاعوا الوصول والدخول إلى المستشفى ) الذين انهار صبرهم جزعا من عظم المصيبة تارة أخرى .. ويبث حزنه وألمه إلى الله ويوطن نفسه لتحمل الفاجعة بصبر جميل وتحمل المسؤولية الأخلاقية اتجاه السيد الأستاذ ونجليه الشهيدين من تغسيل وتكفين ودفن .. والمسؤولية الشرعية اتجاه طلبة السيد الشهيد الذين أمسوا بلا مأوى ولا سـند ولاركن شـديد يأوون إليه ولاملجأ يلجؤون أليه إلا صدره الرحب .. فكان كمن بكر عليه الهـم والحزن والألـم وتحمل أعباء المسؤولية الكبرى دون سابق إنذار.. فبعد أن أصر على توليه ومن معه مهام مراسيم الدفن والتشييع ،، ووافق المسئولين ألصداميين آنذاك على مضض ، وانتزع منهم ألأجساد ألطاهرة إنتزاعا .. حملوا الشهداء على الأكتاف وجددوا بهم عهدا مع أمير المؤمنين – عليه السلام – وصلى عليهم الشيخ المبارك صلاة حبيب مودع لحبيب على أمل اللقاء، عند جنة المأوى هناك عند جدهم – صلى الله عليه وآله – يسقيه شربة لايظمئ بعدها أبدا جزاءا ووفاءا لوقفته الشريفة التي تكفيه عزا وفخرا في الدنيا والآخرة.. وعند المثوى الأخير انهار صبره وضعف تجلده وانهمرت دموعه لتلامس الثرى وابيضت عيناه من الحزن وهو كظيم قبل أن يهيل التراب على الأجساد الطاهرة..وهو يقول معلمي أيها ألصدر ألعظيم.. إني على ألعهد .. وسأمضي كما علمتني وعهدتني إبنا باراً لأبيه.. فنم قرير ألعين سيدي في جنان الخلود.. فالراية لن تنكس والنور لن ينطفئ والحرارة لن تبرد في الصدور حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين .. ليختم بذلك رحلة علم وأبوة معطرة بعبق الحب والوفاء والجد والاجتهاد... وعاد ألشيخ المبارك محدودب الظهر يحمل أحزان كل الكون ويحمل هموم امةٍٍ تداركها ألله .. ليجلس في ذلك المكان الذي كان يشع علما ونورا وشموخا وحياة .. ليكمل المسيرة ويحمل الشعلة التي أوقدها السيد الشهيد في نفوس العراقيين وليحافظ على ارث السيد الشهيد العلمي والفكري ولينطلق من حيث انتهى معلمه الكبير كي لايجف نهر العطاء ولا يخبوا شعاع العلم ويحفظ الوديعة ويصون الأمانة ويستمر الدرس وتستمر الفتوى ويحمل باستحقاق راية الحوزة الناطقة .. فلله درك أيها الشيخ المبارك.. كنت معه عندما كان وحيدا ..وكنت معه عندما أصبح امة.. وكنت معه عندما رحل إلى جوار ربه .. وكنت الوحيد الذي وقف معه أيام محنته وتقيته المكثفة.. وكنت المودع الوحيد عند تلبيته نداء ربه .. وهكذا تكون قد أبرات ذمتك اتجاه أستاذك العظيم الذي أعطاك الراية وأولاك الرعاية وأبدى الاهتمام وبادلك الاحترام .. في حين إن الكل بقيت ذمتهم مشــكولة إلى يوم قفوهم إنهم مســوؤلون ... فهكذا هكذا وإلا فلا لا ... ليس كل الرجال تدعى رجالا .
X
اقرأ في منتديات يا حسين
تقليص
المواضيع | إحصائيات | آخر مشاركة | ||
---|---|---|---|---|
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
|
استجابة 1
10 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة ibrahim aly awaly
يوم أمس, 09:48 PM
|
||
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
|
ردود 2
12 مشاهدات
0 معجبون
|
آخر مشاركة
بواسطة ibrahim aly awaly
يوم أمس, 07:23 AM
|