اليك ايها الغد
عرفت اني فكرت ليلة امس فيما اكتب اليوم وعرفت أني آخذ الساعة بقلمي بين أناملي وان بين يدي صحيفه بيضاء تسود قليلا ... قليلا كلما اجريت القلم فيها ! ولكني لااعلم هل يبلغ القلم مداه أو يكبو دون غايته ؟
وهل استطيع ان اتمم رسالتي هذه أو يعترض عارض من عوارض الدهر سبيلها ؟
لأني لااعرف من شؤون الغد شيئاً ... ولأن المستقبل بيد الله سبحانه وتعالى .
عرفت انني لبست أثوابي في الصباح واني لاازال البسها حتى الان .
ولكني لااعرف هل اخلعها بيدي او تخلعها يد الغاسل !!
الغد .. شبح مبهم يتراءى للناظر من بعيد ... فلربما كان ملكاً رحيماً وربما كان شيطاناً رجيماً .. بل ربما كان سحابه سوداء اذا هبت عليها ريح باردة حللت اجزاءها وبعثرت ذراتها فكأنما اصبحت عدما من الأعدام التي لايسبقها وجود .
الغد .. بحر زاخر يعب عبابه وتصطخب امواجه فما يدريك إن كان يحمل في جوفه الدر والجوهر او ... الموت الاحمر !! لقد اختبأ الغد عن العقول ودق شخصه عن الانظار حتى لو ان انسانا رفع قدمه في خروجه من باب ( قصره ) لايدري أيضعها على عتبة القصر أم على حافة القبر .
الغد .. هو صدر ُ مملؤ بالاسرار الغزار تحوم حوله البصائر وتسقطه العقول وتستدرجه الانظار .. فلا يبوح بسر من أسراره إلا إذا جاءت الصخرة بالماء الزلال !! كأني بالغد وهو في مكمنه ومجتمعه محتجب خلف أزراره ينظر الى آمالنا وأمانينا نظرات الهزء والسخريه ويبتسم ابتسامات الاستخفاف والازدراء ...
يقول في نفسه .. لو علم هذا الجامع انه يجمع للوارث وهذا الباني انما يبني للخراب وهذا الوالد انما يلد للموت .. لما جمع الجامع ولابنى الباني ولاولد الوالد !!!
ايها الشبح الملثم بلثام الغيب هل لك ان ترفع عن وجهك هذا اللثام قليلا ؟ لنرى صفحه واحده من صفحات وجهك المقنع اولا ً .. فاقترب منا قليلا علنا نستشف صورتك من وراء هذا اللثام المسبل دوننا فقد طارت قلوبنا شوقا اليك وذابت اكبادنا وجدا عليك ايها الغد .. ان لنا آمالاً كباراً وصغاراً واماني حسان فحدثنا عن آمالنا اين مكانها منك ؟
واخبرنا ماذا صنعت بها ؟ أأذللتها واحتقرتها ام كنت لها من المكرمين ؟!
لا... لا... فلتصن سرك في صدرك وابق لثامك على وجهك ولاتحدثنا عن آمالنا وأمانينا حتى لاتفجعنا بأزواجنا ونفوسنا , فإنما نحن أحياء بالآمال وإن كانت باطله وسعداء بالأماني وان كانت كاذبه .. وليست حياة المرء إلا اماني إذا هي ضاعت فالحياة في الأثر .
دمتم بحفظ الله